Ads by Google X

رواية نزيف الجدران الفصل التاسع 9 بقلم سيد داود المطعنى

الصفحة الرئيسية

   رواية نزيف الجدران الفصل التاسع  بقلم سيد داود المطعنى


رواية نزيف الجدران الفصل التاسع 

خرجت راندا من الجامعة و هي تبحث عن زياد لتخبره رأي والدها بعد الفضفضة فرأته قادم من بعيد ناحيتها, يبحث عنها هو الآخر
ـــ زياد عايز أقولك علي حاجة
ــ و أنا عايز أقولك علي حاجة كمان
ــ بس أنا عايزة أقولك حاجة مهمة جدا يا زياد
ــ أنا جايب لك خبر هايل, ولازم أقوله لك 
ــ خبر ايه ده يا زياد؟!
ــ أنا امبارح حكيت لبابا عن موضوعنا, و سألني هي بنت مين, قلت له انك بنت المحامي الكبير سعد الباهي, را ح فرح جدا وأخدني بالحضن و قال لي ده محامي العيلة من زمان.
 كادت راندا أن تطير من السعادة وهي تسمع منه تلك الكلمات, وكأن العقبات قد أزيلت من أمامها, وأن ما خاف منه والدها قد ذاب مع فضفضة زياد لوالده
ــ و قلت له ايه بعدها يا زياد؟
ــ قلت له عايز أخطبها في أقرب وقت, و بعد التخرج نتجوز
ــ ووافق؟
ــ ده رحب جدا بالموضوع, و قال لي أكيد سعد هيفرح جدا جدا بالموضوع ده
ــ أنا حكيت لبابا امبارح عنك, بس معرفتش أقول له مين أو ابن مين
ــ بابا هيكلمه  وهتشوفي وهنيجي نزوركم ان شاء الله
ــ أحلي خبر سمعته في حياتي, ده أنا كنت مترددة موت أكلمك في الموضوع ده ازاي
_ واضح اننا مكتوب لنا نمشي في طريق سهل مفيهوش كلاكيع من بتاعت السينما
  ضحكت راندا حتى بدت نواجزها، وابتسم قلبها قبل أن تنفرج الابتسامة على شفتيها.
راندا هي زوجة سعد وأخته وابنته وصاحبته التي كبرت فجأة لتحمل عنه كل همومه.
هي تلك القطعة التي يخشى عليها غبار الحياة، يحبها لأسباب لا حصر لها، ولأنه رجل ذو خبرة بالحياة، يعرف جيدا أنها رومانسية بالفطرة، تخضع لعاطفتها حتى ترفض السير وراء عقلها.
فاتفق معها على إخباره بحالتها العاطفية مرارا وتكرارا، ولأنها لم تكن أسيرة الحب وقتها، كانت تخاطب أبيها بقوة عقلها وهي تنفي وجود العشق في حياتها.
وعندما شعرت بمتابعة زياد لها، لم تكن تحبه، ولا حاجة لأن تخبر بأبيها بأمر عابر مثل تلك المتابعة من شاب ذو خلق رفيع من بين شباب دفعتها.
وعندما اقترب منها سعد يعرض عليها المساعدة، لم تكن في حاجة لأن تخبر أبيها بأن زميلا لها ساعدها في أمر ما.
وعندما تطور الأمر ليصبح صداقة وطيدة، لم ترَ أن الصداقة شيئا يخيف والدها فتخبره به.
حتى أشار لها بالحب، وأخبرها بوضع أسرته المالي، وعمله معهم وقدرته على الزواج بعد التخرج، ووجدت نفسها تستجيب لذلك الحب، بل تبادله نفس الشعور، لم تجد أنه من الأهمية بمكان أن تخبر والدها بما آلت إليه حياتها وقد سقطت في الحب دون أن تدري.
لم تكن تعلم راندا أن أبيها يهتم بأدق التفاصيل في حياتها، حتى لو كانت تحمل بداخلها شعورا لزياد من طرفها فقط، دون أن يدري هو الآخر بما تكن له.
ولولا خبرة أبيها وفراسته، لما قرأ في عينيها ذلك التغير العاطفي الذي طرأ عليها.
راندا التي كانت تظن أنها لن تحب رجلا في حياتها كما تحب أبيها، وجدت نفسها تخفي عن أبيها أن شابا تربع في قلبها على حين غفلة من عقلها، فملك عليها روحها ونفسها، وأضحى الضيف الدائم على أحلامها.
وها هي الآن تعد الساعات المتبقية على انتهاء دراستها في الجامعة، كي ترتبط بالشاب الذي اختاره القلب، ورضي عنه العقل، ولن يرفضه أبوها بعد ما يعرف من هو ومن أسرته.
طارت سعد عائدة إلى البيت لتزف لأبيها البشرى التي أثلجت صدرها بعد أن وقعت على مسامعها، وتبين لها أن زياد صادقا فيما يقول وقد أخبر والده قبل أن تطلب منه راندا. 
                            هواجس على أرض الواقع                               
دخل عصام البيت و استقبله سعد بالأحضان فرحا وسرورا بعودته, لا يعلم أنه قادم لإعداد نفسه للذهاب إلي هناك, إلي رفح, إلي مسرح الأحداث, إلي ما يترقبه سعد خائفا, إلي مواجهة الإرهاب.
سعد الذي عاش السنين الماضية سعيدا فخورا بالتحاق ولده بالكلية الحربية، وعمله ضابطا بالجيش المصري، بل يسعد بنجاحاته المتكررة ويحتفل بكل ترقية يحصل عليها من قياداتها.
لم يكن سعد ليخشى على عصام الذي أثبت جدارته في منطقة التل الكبير بالاسماعيلية، وأصبح قريبا من القاهرة حيث أبيه وأشقائه.
سعد الذي ينتظر منذ سنين أن يعلن له عصام عن نيته بإتمام الزفاف من خطيبته، كي يرى بعينيه أحفاده من ولده الأكبر.
سعد الذي يخطط لمستقبل عصام، يرسم السبل إلى تأمينه ليرقى رقيا ليس لها مكان إلى في خيال أبيه.
سعد ينتظر الآن الخبر الذي لم يكن يتوقعه في حياته أبدا، ومتى يتلقى ذلك الخبر المقلق؟ بعد ما رأى رؤيته بهلاك أحد أبنائه.
ــ حمد لله ع السلامة يا عصام يا بني نورت البيت
ــ الله يسلمك يا بابا
ــ ايه الاجازة المفاجأة دي؟
ــ دي مش اجازة يا بابا
ــ أومال ايه؟ زيارة و لا مأمورية؟!
ــ أنا نزلت يومين كده قبل ما اسافر رفح
ــ رفح !! انت رايح سيناء يا عصام؟
ــ في اشارة جات من القيادة العامة بترشيح عدد من الظباط للالتحاق بعمليات مكافحة الارهاب في رفح, فترة مؤقتة كده  وهنرجع
ــ و انت وافقت؟
ــ مفيش حاجة اسمها وافقت يا بابا, دي أوامر لازم تتنفذ, وفي واجب لازم نقوم بيه
ــ بس أنا مش موافق علي نقلك رفح يا عصام
ــ مش موافق ازاي يا بابا؟ ده مش بإرادتنا
ــ لو هيجبروك علي السفر لرفح يا عصام قدم استقالتك, وأنا أجيب لك شغل في أفخم مكان
_ أستقيل؟ أستقيل ازاي يا بابا؟ وليه؟
_ علشان تبقى في الأمان .. انت مش عارف هيحصل لك ايه لو سافرت هناك؟
_ بس أنا عارف إني هتعرض لأي حادث في أي لحظة من يوم ما دخلت الجيش، وحضرتك عارف كده.
_ يبقى تسيب الجيش وانا هتصرف لك في الشغل ومتقلقش.
ــ مش حكاية شغل يا بابا, بس أنا مش هسامح نفسي طول حياتي لو هربت من المسئولية في وقت عصيب زي ده.
ــ ده ما اسموش هروب من المسئولية يا عصام, ده حفاظا علي الحياة, انت متعرفش ايه اللي مستخبي لك في رفح, الناس بتتهاجم في الأكمنة, و في الوحدات.
ــ علشان كده لازم نروح نساند زمايلنا في تطهير سيناء من العناصر المجرمة دي يا بابا
ــ و أنا قلت مش هتسافر رفح يا عصام
   نهض سعد من مكانه و هو يتقد شررا, و ترك عصام حائرا لا يعرف كيف يرضي والده ويدخل الطمأنينة إلي قلبه, دون أن يتخلي عن شرف مهنته, دون أن يهرب من المسئولية التي ألقيت علي عاتقه, دون أن يترك واجبه المنوط.

يتبع الفصل العاشر اضغط هنا
google-playkhamsatmostaqltradent