Ads by Google X

رواية الانسة ميم كاملة بقلم منى الفولي (من الفصل الأول للأخير)

رواية الانسة ميم كاملة جميع الفصول من الفصل الأول إلى الأخير بقلم الكاتبة منى الفولي عبر دليل الروايات (deliil.com)

رواية الانسة ميم الفصل الأول

أصدر هاتفه ذلك التنبيه المشير لتلقي إشعارا من أحد مواقع التواصل الاجتماعي، مد يده ملتقطا هاتفه بتكاسل، ناظرا لذلك الموقع بأعين نصف مفتوحة، لتتسع حدقتيه بعدم تصديق وهو ينتفض من فوق فراشه، معيدا قراءة ذلك الإشعار الذي يعلن قبولها لطلب صداقته المعلق منذ شهور، ليفتح حسابها متلهفا مرسلا لأول رسالة ترحيب بصداقتهما، محتارا كيف يكون محتواها، ليستقر أخيرا ليخط تلك الكلمات وهو يتلوها بصوت مرتفع: أزيك يا آنسة مرام، مش مصدق أنك أخيرا قبلتي طلبي.
انتظر ردها على أحر من جمر، ليأتيه ردها مطفأ حماسه محبطا لأماله التي تنامت سريعا لمجرد قبولها لطلب صداقته، ليردد بخيبة أمل: أنت مين؟
زفر محاولا نفض ذلك اليأس مرددا لنفسه بأنه قد أحرز هدف بصداقتهما الحديثة، فعليه بالصبر وتثبيت اقدامه بحياتها وستتوالى الأهداف حتى تختم المباراة لصالحه، انتشت روحه بالفكرة ليستعيد حماسه وهو يرسل معرفا نفسه ومذكرا إياها بلقائهما الأخير: أنا فادي مصلحي، مدير مكتب شركتكم بدبي، كنا اتقابلنا في الإيفنت اللي فات من تسع شهور.
لم يسمح لروتينية ردها بالنيل من حماسه هذه المرة: فرصة سعيدة
ليبتسم بسعادة وهو يخط: أنا أسعد، الحقيقة إني بعت طلب الصداقة من ساعتها وحاليا مش مصدق أن حضرتك قبلتيه أخيرا
ليصله ردها المكتوب الذي لا يوشي بانفعالات كاتبه: أسفة أنا في العادة مبقبلش الصداقات على الأكونت ده لأنه أكونت العيلة وكل اصدقائي على أكوانتي التاني بس النهاردة كان اكسبشن وقبلت كل طلبات الصداقة بدون تمييز، عشان كده مركزتش في اسم حضرتك.
زفر مراوغا متمنيا إحراز هدفا ثان: للأسف أنا معرفش الأكونت التاني ولو أنه يشرفني أني انضم ليه وأكون من أصدقاء حضرتك.
لتصد هدفه بذلك الرد المقتضب: أكيد.
قرر أن يكون هجومه مباشرا: طيب ممكن اللينك بتاعه.
ليصله ردها الذي أشعل نيران حماسه من جديد: أوك، مفيش مشكلة هابعته لحضرتك.
ولكن اخمدت نيران حماسه بذلك الملل بعدما طال انتظاره ليزفر بضيق وهو يتخيل بأن موافقتها ما هي إلا مجاملة اجتماعية، ومجرد وعد لأنهاء المحادثة بشكل مناسب.
زفر بضيق وهو يقذف بهاتفه فوق فراشه متأففا ليتجه لمنشفته ساحبا إياها متوجها للحمام، ولكن بمجرد أن خرج من باب غرفته أصدر هاتفه ذلك التنبيه المنتظر، ليهرول متخبطا وقد ارتسمت ابتسامة منتشية على وجهه سرعان ما اختفت ليحل محلها ذلك الضيق عند مطالعته للحساب المرسل ليزداد ضيقه اطرادا مع زيادة عدد الرسائل الواردة، بينما يرتفع رنين معلنا وجود مهاتفة صوتية لنفس الحساب، نفخ بضيق مع تكرار الرنين بإلحاح مقيت، ليستسلم متقبلا المهاتفة أخيرا وهو يهدر بغضب: أيه يا مروة، عايزة أيه زن زن مش خلصنا خلاص.
ارتفع صوت بكاء هستيري يتخلله تلك الحروف المبعثرة بصوتها المختنق قهرا: الحقني يا فادي أبوس أيدك أستر علي أهلي لو عرفوا هيقتلوني.
ليصرخ منفسا بها عن خيبة أمله: ومفكرتيش فأهلك ليه قبل ما تعملي عملتك.
تعالى نحيبها وهي تغمغم بقهر:عاملتي، دلوقتي بقيت عاملتي لوحدي.
ليؤكد بصفاقة: أنا راجل ومفيش حاجة تعيبني، لكن أنت يا متربية يا بنت الأصول تعملي كده ليه؟
نهنهت وهي تشهق بينما تتقطع حروف كلماتها: وث..قت في..ك.
هدر صوته الغاضب يجلدها بسوط لسانه: بس أنا عمري ما هاعرف أثق فيكي، أثق أزاي في اللي خانت ثقة أبوها وأخوها، [زاجرا بعنف] ده أنتي قرطستي أبوك وجدك وفهمتي كل واحد فيهم أنك بايتة عند التاني وأنت بايتة في حضني، وأنا راجل متغرب ولازم أكون مطمن أني سايب ورايا ست بميت راجل.
برغم قسوة كلماته إلا أنها استماتت مدافعة عن أي فرصة لها بالنجاة: طيب أستر علي بس عشان اللي في بطني، وبعدين كل واحد يروح لحاله.
هدر بسوقية قاطعا أي أمل لها وهو يقطع محادثتهما بعدها: على بلاطة عشان تبطلي زن ومتوجعيش دماغي، أنا عمري ما أفكر أني اتجوزك واللي شرب اللبن ببلاش عمره ماهيشتري البقرة.
كاد أن يرمي هاتفه مجددا، وهو يزفر بضيق لتلك الرسالة الجديدة ظنا أنها إحدى توسلاتها بالرد عليها مجددا، لينهت بسعادة، وهو يرى أنها من مرام وقد صدقت وعدها، بل أنها هي من أرسلت له طلب الإضافة، لترتجف شفتيه وهو يعيد قراءتها ثانية: بعت لك طلب الصداقة.
ـ حسابي أسمه ميرو دي أنا.
ـ بصراحة مبحبش أسم مرام، بيفكرني بالرسميات والشركة وكل المسئوليات اللي على كتافي، لو عايزنا نبقى اصحاب بجد، يبقى ميرو وبس زي كل أصحابي.
زادت ابتسامته لتباسطها معه على هذا النحو ليأخذ زمام الأمر متوجسا: أحلى ميرو في الدنيا [قلوب حمراء]
ـ قبلت طلب الصداقة طبعا.
ـ ممكن نتكلم دلوقتي لو فاضية، احنا النهاردة اجازة [كفان ملتصقان برجاء].
جاءه ردها المخالف لرجائه: لا حاليا مش فاضية.
ـ وجوه تعبيرية تفكر.
ـ ممكن أكلمك بعد ساعتين ثلاثة.
ابتسم لإبقاء الباب مواربا وقبولها لحديثهما ولو بعد حين: هستناكي على نار.
ـ أوعي تنسي، عشان عايز أسألك على حاجة مهمة.
أجابته باختصار مغيظ: أوك، باي.
رد بإشارة وداع وعدد كبير من القلوب الحمراء.
انتهت المحادثة ولكنه لم ينتهي بعد من قراءتها لعدد مرات لا يعرفها، لا يصدق بأنه قد صار على تواصل معها، وقد تباسطت معه، بل هو على وعد منها بمحادثة قادمة.
انتزعه من شروده صوت ذلك الشاب: صباح الخير يا فادي، لما صحيت أصلي، كان نور أوضتك منور، أنت كنت صاحي.
ليغمغم بلامبالاة: صباح الخير يا شادي، أه كنت قلقان شوية.
سأله شادي باهتمام: المهم قررت أيه في موضوع البنت اللي أسمها مروة.
لينهره فادي معنفا: مش معنى أني فوت لك أنك اتصنت علي، يبقى من حقك تتدخل في حياتي.
صاح شادي مدافعا: أنا متصنتش، أنت اللي كان صوتك عالي.
صاح بضيق: معلش لسه متعودش أن في حد قاعد معايا، بعد كده هبقى أخد بالي.
أجابه شادي محاولا إنهاء الحوار الفرعي والعودة للأهم: حقك عليا يا سيدي، بعد كده هاقفل باب أوضتي، وهابقى اتنحنح قبل ما اتحرك المهم دلوقتي هتعمل أيه مع الغلبانة دي.
ضحك مستهزئا: والله ما في غلبان غيرك، أهي شغالة زن و مش راضية تحل عن دماغي.
صاح شادي مستنكرا: وأنت عايزها تسكت وهي في مصيبة زي ديه.
هدر فادي غاضبا: دي بتستعبط، ده أنا راجع من الإجازة دي من تلات اسابيع بس.
واجهه شادي مذاكرا بما يتجاهله عمدا: مش هي قالت لك إن اليوم إياه كان فاضل يومين على الظروف بتاعتها، ولما اتأخرت عليها قلقت وعملت اختبار دم؛ وعرفت أنها حامل في اسبوعين، وأهي بقالها اسبوع بتتصل تترجاك تستر عليها وتتجوزها وتعترف بابنك.
صاح بمكابرة محاولا التنصل من تبعات جريمته: وأنا ايش ضمني ما يمكن هي كانت حامل أصلا، وراحت معايا عشان تلبسني الليلة.
زفر شادي مستغفرا بضيق: اتقي الله يا فادي ده انت بنفسك قولت أنها كانت صاغ سليم، وكان واضح قوي أنها خام وعبيطة جدا، ده غير أنها بعتت لك صورة من التحليل وحلفت أنها مستعدة تعمل أي فحص تطلبه، يعني أنت متأكد أنها لو حامل هيبقى منك؟.
ضحك متهكما مقلدا أحد فناني الكوميديا: حصل بس هانكر.
صدم شادي لا يستوعب أن يستخف شقيقه بأمر كهذا: أنت بتهرج، البنت في مصيبة فعلا.
ليرفع كتفيه بلامبالاة: أهو نصيبها بقى، والله أنا نفسي معرفش أيه اللي جابها عندي في اقتراحات الصداقة، مع أن مكنش بينا أي أصدقاء مشتركين.
حاول شادي ترهيبه لعله يتراجع: بس ممكن تعملك مشاكل وتشوشر عليك، أو حتى ترفع قضية نسب.
أومأ نفيا بثقة: لا متقلقش هي متقدرش تفتح بوقها.
تعجب شادي من ثقته: وأنت واثق قوي كده ليه.
أجابه فادي بتقرير وثقة: أصلها من الصعيد واهلها صعبين جدا عندها أخ مطلع عينيها، الست شهور اللي اتكلمنا فيهم مبطلتش كلام على أخوها وقسوته اللي بتخليها تمشي تتلفت حوالين نفسها، ده حتى كان رافض أنها تتعلم، بس جدها هو اللي مدلعها وصمم ،نها تكمل تعليمها، خصوصا أنه بيشتغل في القاهرة وحكم رأيه تقعد عنده في الدراسة، وأخوها مقدرش يكسر كلمته.
زاد تعاطف شادي لم عرفه عن صعوبة وضعها وتعقيده: بس حكاية أنهم صعايدة وشداد دي مطمنش، خصوصا أنها ممكن متعرفش تتصرف وأهلها يعرفوا.
أجابه بنبرة هادئة، وهو يلقى المسئولية كاملة على ضحيته كعهد كل المجرمين: محدش بيغلب وكويس أنها عرفت الموضوع في أوله، بكرة واحدة صحبتها تدردحها وتعرفها تتصرف أزاي، وبعدين محدش ضربها على أيدها، هي اللي عبيطة وبتدوب من أي كلمتين حلوين تسمعهم، وأن مكنش أنا، كان هيبقى واحد غيري، تحمد ربنا يمكن كان يبقى واد ابن حرام يصورها ويفضحها، أصل اللي ترخص نفسها محدش يغليها.
ضاق صدره وهو يتخيل شقيقته بوضعا كهذا، ليهدر بشقيقه غاضبا: أيه يا أخي أنت شيطان، بقى المفروض تحمد ربنا أنه مكنش ابن حرام، ده على أساس أنك باللي عملته ده ابن حلال.
صدم للحظات غير مصدق لتجرأ أخيه عليه للمرة الأولى: أنت بتزعقلي، كبرت وتخرجت وواقف تناطحني وتحكم علي.
تنحنح شادي معتذرا: أسف والله ماقصدت، ده أنت اللي مربيني يا فادي، ولو اتخرجت زي ما بتقول فكله من شقاك، بس أنا صعبان علي البنت، لدرجة أني لو أعرف هي مين كنت رحت أنا اتقدمتلها.
صاح ثائرا من سذاجة شقيقه: ميصعبش عليك غالي، أصلك لسه شبل، لكن أخوك لعيب كبير، انسى موضوع البنت دي خالص، ماتش وانتهى، ولو كان ينفع الأول فبعد اللي حصل الصبح بقى مستحيل.
صعق من منطق أخيه وتشبيهاته المختلة: ماتش أيه ولعيب أيه، بنات الناس مش لعبة.
انفعل فادي هادرا: لا لعبة، الدنيا نفسها لعبة، ماتش كورة كبير مبيكسبش فيه غير الحريفة والطيبين اللي زيك هما اللي بيتشاطوا، وأنا خلاص عرفت طريقي، وقدامي فرصة العب ماتش العمر كله، اللعبة اللي لو عرفت ألعبها صح هابقى فوزت بكاس العالم بجد.
تمتم شادي مندهشا: للدرجة دي.
أومأ مؤكدا بحماس: وأكتر من الدرجة دي بكتير، دي مرام الديب يابني.
شهق شادي مصدوما: الأستاذ مرام اللي ماسكة فرع الشركة الرئيسي بمصر.
ابتسم منتشيا: مرام الديب، حفيدة صفوان باشا الديب.
صاح شادي مستنكرا: أنت اتجننت أنت مش عارف مين هو صفوان الديب.
غمغم ببطء مقصود: الديب العجوز.
صاح شادي مغتاظا: أديك عارف، أنت متخيل الرجل ده ممكن يعمل فيك أيه لو عرف أنك بتلعب بحفيدته، وفاكرها ماتش من بتوعك.
ابتسم مشاكسا: وأيه المشكلة لو الماتش مسجل رسميا وعلى سنة الله ورسوله.
فغر فاهه بصدمة: تتجوزها، [صائحا باستنكار بعدما تجاوز صدمته] وأنت فاكر أنه واحد زيه هيرضى يجوزها لواحد بيشتغل عنده.
ابتسم بخيلاء متحدثا بتعالي مصطنع: مشكلة الهواة اللي زيك، أنهم ميعرفوش قواعد المحترفين واللي أهمها دراسة خصمك وأنك تبقى عارف كل ردود أفعاله المتوقعة بناء على تاريخه السابق.
شادي ببلاهة: مش فاهم!
أردف بثقة: يعني أنا كمحترف درست خصمي كويس، باقولك أن صفوان باشا هيوافق وهيساعدنا كمان.
صاح شادي مستنكرا: اشمعنا.
عدل من هندامه وهو يبتسم بثقة: صفوان باشا مخلفش غير ولد وبنت، زياد ونادين الله يرحمها، دكتور زياد طول عمره بيكره البيزنس وكل اهتمامه كان بالأبحاث والدراسات العليا، لكن نادين كانت أيد أبوها اليمين بالشركة وهناك حبت حتة محاسب بيشتغل عند أبوها، ده أيام ما كان ماسك السوق بأيد من حديد، وقتها بهدل الدنيا وودا الشاب ده ورا الشمس فعليا، لكن نادين عيت وقتها جدا ووالدها اضطر يخرج الشاب ويوافق على جوازهم، بس بشرط أنه يخدها بعيد ويقطع علاقته بيهم، والشاب اثبت أنه مش طمعان وخد مراته وبعد عن العيلة والشركة وكل حاجة، بس بعد عشر سنين نادين ماتت ودي الصدمة اللي صفوان مستحملهاش، وانجلط وانشل فيها.
تسأل شادي بحيرة: وأيه علاقة القصة دي بيك أنت ومرام.
مط فادي شفتيه بيأس كمعلم خاب أمله بتلميذه: كل القريبين من صفوان باشا بيقولوا أنه ندمان جدا، وأن أكتر حاجة كسرته أن نادين ماتت وهي نفسها تشوفه بس هو كان مصمم على عقابها، ده غير أنه أتاكد أن جوزها كان راجل بجد ومكنش طمعان فيها، بالعكس ده بعد موتها رفض تماما ياخد مبلغ كبير جدا عرضه عليه الباشا كحق لنادين في ثروته، [مردفا بلهجة خبيثة] تفتكر بقى واحد زي صفوان عنده استعداد يعيد موقفه تاني مع حفيدته الوحيدة.
صاح شادي مستنكرا: بس الوضع مختلف، مرام مبتحبكش.
لمعت عينيه بعبث: ماهو ده ماتش العمر اللي بقولك عليه، الأول ماتش ذهاب وده هيبقى معها هي هاخترق كل دفعاتها وهاهاجم وارقص مشاعرها وأشوط، وأول متبقى زي الخاتم في صباعي، [ارتعش صوته لمعرفته بمكانة خصمه وقوته] هيبقى ماتش العودة مع صفوان باشا شخصيا بس هبقى على أرضي وجمهوري حفيدته حبيبة القلب.
صمت شادي للحظات ليستوعب ما سمعه قبل أن يغمغم بازدراء: أنا مش مصدق أن فادي أخويا اللي أتربيت على أيده، هو نفسه اللي بيلعب بالبنات ويستغلهم، طيب أفتكر حتى أن لينا أخت.
زفر متآففا: باقولك هاتجوزها أيه الحرام في كده، لو عشان الفلوس فهي عندها ملهاش قيمة، لكن أنا محتاجها، وكل الشباب دلوقتي بيختاروا الموظفة اللي تساعدهم، أ نا بقى كفرت وناسي أختي عشان طموحي أكبر من مجرد مرتب.
بادله شادي الصياح: واللي عملته مع مروة.
تلاشت ثورته فجأة وهو يبتسم متهكما: ماتش واتنهى، هي اللي مصرة تحسب علي النتيجة، رغم أن الكل عارف أن الجون التسلل مابيتحسبش.
هم شادي بالاعتراض ثانية، ليمنعه فادي ساحبا منشفته متجها لخارج الغرفة، منهيا الحوار باستياء: فكك من الحوار الفاكس ده، أنا عارف باعمل أيه، أهم حاجة استعد لماتش العمر.
**********
فرغ يوم إجازته بالكامل في انتظار وعدها بالتواصل معه ثانية، وطال انتظاره وهو يتفحص هاتفه عشرات المرات يتأكد من نسبة شحنه وارتفاع صوت رنينه، حتى نال ثمرة صبره وهو يرى رسالتها التي رقص لها قلبه على الرغم من أنها لم تكن تحوي أكثر من كلمة واحدة، {هاي}.
ترددت أصابعه وهو يخط رسالته خوفا من أن يكن تعجله خطأ يرجعه لنقطة الصفر، ولكن حزم أمره وهو يضغط زر إرسالها بتوتر بالغ {ممكن نتكلم أحسن من الشات}، ليتبعها سريعا برسالة أخرى {لو مش حابة ممكن فويس، لأني بازهق من الكتابة}.
احتبس انفاسه مترقبا ردها، لينتفض بنشوة وهو يستمع لرنين هاتفه معلنا وصول اتصالها الأول به، ليسرع بالرد متلهفا: مساء الخير يا ميرو.
ضغط على كنيتها تأكيدا على رفع الكلفة السابق بينهما، وتأكيدا على تذكره لكل ما تتفوه به بعدما أخبرته بتفضيلها لهذا الاسم، وتيقن من اتباعه للأسلوب الأمثل وهو يسمع ردها الهادئ: مساء الخير يا فادي، آسفة لو مركزتش ومقبلتش الأد من بدري.
ابتسم بثقة اكتسبها من لطفها معه: ولا يهمك، بس أنا أكيد محظوظ النهاردة أنك قبلتيه، ولو أني مستغرب الصراحة اشمعنا النهاردة غيرتي نظامك وقبلتي كل الأد.
زفرت بحزن وهي تغمغم بضيق: ممكن مجاوبش على السؤال ده.
حاول أن يبدو صوته هادئ وهو يجيبها برقي مفتعل: أكيد.
زفرت براحة وهي تغمغم: شكرا، المهم كنت قولت لي أنك عايز تسألني على حاجة مهمة، هو في أي مشكلة عندك في الفرع.
ضحك بمكر: بصراحة مش هينفع أسأل، لأنه نفس السؤال اللي رفضتي تجاوبيه من شوية.
وصلته تنهيدتها الحارة، لتصمت بعدها لدقائق ندم خلالها على إلحاحه، قبل أن تفاجئه وهي تجيبه بشرود: ممكن تقول لحظة تمرد أو صرخة استغاثة.
لم يخفي لهفته لمعرفة ما يدور بذهنها: مش فاهم ممكن توضحي لو مش هاضايقك.
اجابته بنفس الشرود وكأنها تحدث نفسها: يعنى لما يكون واحد فارض نفسه عليك، رغم أنه عارف أنك رافض وجوده في حياتك، ويجي بمنتهى البساطة يقول ملاحظة على أصدقاء عندك وكأنه صاحب حق، ورأيك في علاقتكم مش فارق معه، تعمل أيه.
اجابها بعزم موحيا بأنه يفهم دواخل نفسها: أقبل كل الأد المتعلق، عشان أنا كمان اوصله أنه ولا حاجة، ، وأن رأيه في تصرفاتي مش فارق معايا.
ضحكت بسعادة: برافو عليك، وقد كان.
ضحك لضحكها وهو يتسائل بخبث: طيب ممكن أعرف مين عم اللطيف ده ولا ده كمان سؤال متحبيش تجاوبي عليه.
صمتت للحظات انتظر ردها بها وقد أيقن من أن الحظ خدمه فمن الواضح أنها بحاجة للحديث: وائل السلاموني ، وطبعا أنت زيهم كلهم، وشايف أن اللي ترفض وائل السلاموني تبقى مجنونة.
حاول التمسك بهدوءه فأين هو من ذلك الشاب المعروف ابن شريك والدها، ولكن رفضها له أثلج صدره، ليردف ببساطة: لا شايفك إنسانة، من حقها ترفض اللي روحك متقبلتهوش مهما كانت مزاياه وإمكانياته، أنت مش روبوت تديله معطيات فيخرج بنتيجة ثابتة.
زفرت بارتياح: أخيرا حد فهمني.
ابتسم بسعادة وقد أمسك بخيوط شخصيتها: مش مهم أي حد يفهمك، كفاية أنت تكوني فاهمة نفسك وعارفة أنت عايزة أيه.
عاد الحزن لصوتها: وتفتكر حد هيسمحلي أعمل اللي أنا عايزه.
أردف بعزم: مش من حق حد يسمح أو مايسمحش، دي حياتك أنت والمفروض تعيشيها بالطريقة اللي تريحك.
زفرت بحرارة وهي تردف بحزن: محدش حاسس بي ولا يهمه بافكر في أيه ولا عايزة أيه كل اللي يهمهم اللي هما عايزينه مني، الابتسامة الدبلوماسية واللبس الفورمل وترس بيدور في ماكنة عيلة الديب، أتجوز ابن شريكنا والشراكة تتوثق تاني بس المرة دي على أيد المأذون، وطبعا أجيب الوريث اللي يشيل أسم العيلتين ويكمل المسيرة.
اندفع صائحا: منتيش مضطرة لده، عيشي حياتك وأعملي اللي حابة تعمليه مش اللي هما عايزينه.
صمتت للحظات قبل أن تتنهد بحرارة: أسفة صدعتك، بجد مش عارفة أزاي فتحت لك قلبي بالشكل ده.
همس بحنان وتفهم مبالغ بهما: بالعكس أنا سعيد جدا أننا اتكلمنا سوا، واتمنى أنك تعتبريني صديق حقيقي تقدري تتكلمي معه، وأنت متأكدة أنه يهمه مصلحتك وعمره ما يخذلك.
أكدت على كلامه بقوة: أكيد، طيب وأنت مش هتتكلم عن نفسك.
تنحنح متوترا، يخشى أن تكن ظروفه عائق في طريقه إليها، ليخرج صوته مهتزا رغما عنه: أنا يعني من عيلة متوسطة والدي، متوفي وعندي أخ وأخت، أنا المسئول عنهم لأني الكبير.
هتفت بحماس: برافو عليك، أنا باحترم جدا الشباب اللي زيك، اللي معتمد على نفسه مش اسم عيلته أو فلوسها.
ضحك بسعادة وقد بثه حماسها الثقة: أنا بنيت نفسي بنفسي، وكنت باشتغل من وأنا في أولى ثانوى، عمري ما اعتمدت على حد، بالعكس عيلتي هي اللي بتعتمد علي.
اجابته بود: ربنا يباركلك فيهم، طول عمري كان نفسي يبقى عندي أخوات.
ضحك بمرح: اتفضليهم.
بادلته الضحك، وهي تشاكسه بمرح: وأنا موافقة، هما اسمهم أيه، وعندهم كام سنة.
اجابها منتشيا بحميمية الحوار: شيرين في تانية أداب، وشادي لسه متخرج من كلية زراعة السنادي طازة وجه يشتغل معايا هنا في دبي.
صاحت مندهشة: أيه ده أنت أخوك شغال معنا هو كمان.
تنحنح يخفي حرجه بتصنع المرح: لا احنا مبنشغلش الأشكال دي، شادي أخويا، بيشتغل هنا في دبي، بي مش في الشركة بيشتغل في سوبر ماركت.
غمغمت بحيرة: طيب وليه مشغلتوش معاك في فرع دبي.
صاح مستنكرا: باقولك خريج زراعة، أيه علاقته هو بشغلنا.
لتغمغم شرود: أوك، [مغيرة مجرى الحديث] المهم أنت هواياتك أيه بقى.
استمر الحديث بينهم لمدة طويلة وانتهى بوعد بحديث أخر، وتكررت الوعود والأحاديث حتى صار كلا منهما جزءا من يوم الأخر حيث يبدأ وينتهي بمحادثة تزيد من التقارب بينهما على نحو سريع لم يتخيله أيا منهما.
انتفض فادي من فوق فراشه بمجرد أن صدر عن هاتفه تلك النغمة المخصصة لمهاتفتها، ليختطف هاتفة بلهفة ليجيبها بصوت لم يتخلص بعد من أثار النوم: صباح الخير يا ميرو.
وصله صوتها المرح الذي اعتاد الاستيقاظ على نغمته مؤخرا: صباح الخير يا كسلان، لسه نايم عايز الموظف الجديد يبصلك ويقلدك من أولها.
ذكره حديثها بتلك المفاجأة التي علمها بالأمس، ليعاتبها مصطنع التذمر: صحيح، كده يا ميرو، معقول اللي عملتيه امبارح ده.
ضحكت بمشاكسة: وهو معقول أنك تكون مدير مكتبنا، وأخوك يشتغل في سوبر ماركت.
غمرته السعادة رغم رد فعل أخيه الرافض ولكن يكفيه تجاوزها كل الضوابط إكراما له: بس أيه علاقة مؤهله بالعلاقات العامة، عشان يبقى رئيس قسم مرة واحدة.
اجابته بعفوية زلزلت كيانه: هو فيه مؤهل أهم من أنه أخوك.
زفر يلتقط أنفاسه خوفا أن يتهور بينما هي تعتبره مجرد صديق، لذل اكتفى أن يعترض بتعفف كاذب: وبعدين معقول المرتب ده كله ده قرب على مرتبي مينفعش كده.
ضحكت عابثة: يبقى نزود مرتبك.
تراقص قلبه فرخا بينما حاول أن تبدو نبرته جادة رافضة: ميرو أنا مبحبش الوسايط، وبعدين محبش حد من التيم يفتكر اني استغليت إدارتي للمكتب لتشغيل أخويا.
أجبته بثقة وخيلاء: قرار التعيين ممضي من صفوان الديب شخصيا، واعتقد محدش ممكن يعلق على أمضة صفوان الديب.
الح متشبثا بشبهة كرامة لا يملك منها شيئا: لو متكلموش في وشي هيتكلموا من ورايا، أنا مش همشي شادي من الشغل، بس ممكن اغير المسمى الوظيفي والمرتب.
لتطرب أذنيه بما تمنى سمعه وهي تخبره بحزم: التيم كله يتغير وشادي المصلحي لا.
لم يستطع التصنع أكثر من هذا وهو يضحك منتشيا: بصراحة أنت مشكلة، دي أول مرة من سنين ورقة تتمضي من صفوان باشا نفسه، كل الورق بيمضيه مستشار المجموعة بالتوكيل اللي معه، وكلنا عارفين أنه دراع الباشا اليمين، أزاي قدرتي تخليه يتخطاه ويعمل اللي أنت عايزه.
لتجيبه بدلال: هو دراعه لكن أنا قلبه.
روح اللاعب به آبت أن تفلت تلك الفرصة دون مراوغة، ليندفع بتسديد هدفه نحو قلبها: وقلبي أنا كمان يا ميرو.

رواية الانسة ميم الفصل الثاني

لم يستطع التصنع أكثر من هذا وهو يضحك منتشيا: بصراحة أنت مشكلة، دي أول مرة من سنين ورقة تتمضي من صفوان باشا نفسه، كل الورق بيمضيه مستشار المجموعة بالتوكيل اللي معه، وكلنا عارفين أنه دراع الباشا اليمين، أزاي قدرتي تخليه يتخطاه ويعمل اللي أنت عايزه.
لتجيبه بدلال: هو دراعه لكن أنا قلبه.
روح اللاعب به آبت أن تفلت تلك الفرصة دون مراوغة، ليندفع بتسديد هدفه نحو قلبها: وقلبي أنا كمان يا ميرو.
كانت اجابتها الصمت فاندفع يحاصر مشاعرها خوفا من فقدان حلمه بعدما اقترب منه بهذا الشكل: أنا عارف طبعا أنك أكيد بتقولي أن التلات أسابيع اللي عرفنا فيهم بعض أقل من أن تتولد فيهم مشاعر زي دي، بس من امتى الحب بيعترف بالزمن، و ممكن كمان تكوني شايفة أني اتجاوزت حدودي عشان الفرق اللي مابينا لكن مشاعرنا مش بإيدينا، أنا مخترتش أحبك، ومش مستني منك حاجة، وحاولت كتير أني امنع نفسي أني اصارحك بحبي، بس حب كبير زي حبي، صعب أن اداريه أكتر من كده.
استمر صمتها لعدة دقائق أخرى، قبل أن تسعل وهي تنهي المكالمة بصوت متحشرج ونبرة غريبة لم يستشف منها موقفها مما قاله: فادي أنا مضطرة أقفل دلوقتي، وكمان أنت كده أتاخرت على شغلك، نكمل كلامنا بليل، باي.
صاح يستوقفها ولكنها كانت الأسرع بإنهاء المحادثة، ليقذف هاتفه أرضا وهو يردف بندم: غبي، غبي، أديك بسربعتك ضيعت كل حاجة من أيدك.
حاول التمسك بالأمل وهو يمني نفسه بأنه لم يخسر كل شيئ بعد، فقد اخبرته بأنها ستهاتفه مساءا كعادتهما، فلتتصل وسيحاول أن يصلح ما أفسده، المهم أن تتصل.
**********
ها هو عاد لنقطة الصفر، مر بيوم عمل عصيب، أثر توتره على أداءه به، تفرغ منذ عودته لمراقبة الهاتف انتظارا لوعدها بالاتصال مساءا، ليعاود كل خمس دقائق تفحص الهاتف تأكدا من نسبة شحنه وارتفاع صوت رنينه، بينما شادي يحاول استغلال الوضع لرده عن غيه: أحمد ربنا انها جت لحد كده، يمكن ربنا حب ينبهك عشان ترجع عن اللي أنت فيه.، وتساعد مروة الغلبانة.
أشاح فادي بيده غاضبا: أنت غبي، هنخسر كل حاجة وأولهم وظيفتك، وأنت كل اللي في دماغك الزفتة دي.
صاح شادي بقهر: مش عايزها، قولتلك من ساعة ما قولت لي امبارح أني مش هاشتغل في وظيفة جاية من لعبة زي دي، أنا خلاص اتفقت مع صاحب السوبر ماركت أني أشتغل في فرع عجمان وهو هيوفر لي السكن، وأنت الله يعينك على نفسك، وتفوق قبل ما تضيع وتضيعنا.
انتفض فادي يلكزه بعصبية صارخا: أخرس، ما أسمعش صوتك يا ...
بتلك اللحظة ارتفع هاتفه بتلك النغمة المخصصة لمهاتفتها، ليدفع شادي بعيدا ويختطف هاتفة بلهفة وهو يجيبها بصوت لاهث: كده أهون عليكي يا ميرو..
لتموت الحروف على شفتيه وترتعد أوصاله وهو يستمع للصوت على الجهة الأخرى، الذي لم يكن أبدا صوتها، فقد كان صوت ذكوري أجش، يحمل نبرة قوية آمرة بطبعها: أيوه يا فادي معك صفوان الديب.
ازدرد لعابه بصعوبة وهو يتمتم بصوت أجش مرتعب: أهلا صفوان باشا.
أردف صفوان بنفس النبرة القوية الآمرة: سؤال واحد تجاوب عليه من غير لف ودوران، أنت عايز أيه من ميرو.
تشتت أفكاره لا يعلم بما يجيب، ولكن من الواضح أن حفيدته أخبرته باعترافه بحبه لها، لذا فالأنكار لن يفيده، فليغامر أذن ولن يخسر أكثر مما خسر، ليحاول التماسك قدر استطاعته وهو يردف بشجاعة زائفة: أنا بحبها يا صفوان باشا، بحبها وأنا عارف الفرق اللي مابينا، ومش مستني أي حاجة من ورا الحب ده.
هدر صوت صفوان الثائر: كويس أنك عارف حقيقة وضعك، بس ياريت كنت عرفته قبل ما تتورط وتورطها معك في مشاعر زي دي.
ارتعدت أوصاله من لهجة صفوان الغاضبة ولكن كلماته عن تورط مرام معه، نبهت كل حواسه، فهي تعني أنها تحبه كذلك بل أنها قد صرحت بمشاعرها لجدها، وهذا سبب غضبه الأن، لا تطاوله عليها كما ظن، أعطته تلك الخاطرة القوة لتخرج كلماته متماسكة رغم خفوتها: صفوان باشا مشاعرنا مش بإيدينا، عشان نقرر نحب ده أو منحبوش مهما كنا مدركين للفروق اللي مابينا، يمكن حضرتك متعرفنيش لكن أنا مش الشاب الوصولي اللي حضرتك متصوره، ومعنديش اثبات على ده غير أن بكره الصبح استقالتي هتوصل لحضرتك، وده كل اللي أقدر عليه، لكن للأسف مش هاقدر أوعد حضرتك أني ابطل أحبها.
أجابه صفوان بتعالي: أنا مش هاعرفك النهاردة يا فادي، صحيح أنا قاعد في البيت من سنين، وصحيح عمرنا ما اتقابلنا من يوم تعيينك، بس أنا مفيش نملة بتعدي مكان يخصني من غير ما يكون تاريخها كامل عندي.
احتبست انفاسه وهو يتخيل أن تكون وصلته أي أخبار عن مباراياته السرية، ليخرج صوته مرتعشا متشنجا: صفوان باشا أنا عند كلمتي، وبكرة الصبح استقالتي هتوصل لحضرتك.
استطرد صفوان بحديثه كأنما لم يسمعه: ومبنكرش أني أعجبت برجولتك وتحملك لمسئولية عيلتك في أول شبابك، بس أسمحلي ده برضو ميخلكش جدير بمنافسة واحد زي وائل السلاموني.
تنفس الصعداء لكلمات صفوان التي تنفي انكشاف أمره، بل لقد مدحه كذلك، ولكن طعنته تلك المقارنة رغم معرفته بتلك النتيجة مقدما، ليجيبه بخزي: حضرتك أنا مش في منافسة مع حد، وزي ما قولت لحضرتك، أنا مش مستني أي حاجة من ورا الحب ده.
أجابه صفوان بصراحة مؤلمة: وأنا كمان مش هاكدب عليك ولا هاجاملك واقولك أني شايفك مناسب لميرو، بالعكس أنا شايف أن في فرق كبير في المستوى مبينكم سواء المادي أو الاجتماعي، والحقيقة أني كمان شايف ان ارتباطها بوائل السلاموني أنسب وأفضل من كل الاتجاهات [ليلين صوته فجأة] لكن المشكلة الحقيقية في ميرو.
رغم قسوة كلماته الأولى، لكن ذلك اللين بصوته لمجرد ذكرها، أحيا الأمل لديه، ليهمس متسائلا: مشكلة أيه؟
زفر بحنان يتنافى مع شخصية الديب العجوز: الشهر اللي فات ميرو كانت مضغوطة ونفسيتها سيئة جدا، بس فجأة رجعت لها ضحكتها ولمعة عينيها، ولما سألتها قالت أنها اتعرفت على صديق جديد وبترتاح في الكلام معه، ورغم أني حسيت من كلامها أن الموضوع أكبر من مجرد صداقة، لكن سعادتها بالنسبة لي كانت الأهم، خصوصا أننا أصحاب وعمرها مخبت علي حاجة، لكن لما جات تتوسط في موضوع أخوك أنا أتأكدت وحاصرتها لغاية ما صارحتني بمشاعرها ناحيتك وساعتها هي كانت مقتنعة أن قصتكم منتهية من قبل بدايتها لأنك بتعتبرها مجرد صديقة [لتتغير لهجته وهو يزجره بغضب] لكن بعد مصارحة حضرتك ليها امبارح البنت انهارت، صدمتها في أنك بتحبها زي ما بتحبك ومع ذلك محكوم على قصتكم بالفشل، استنفذ أخر طاقتها، وبسببك شوفتها في حالة معنديش القدرة أن استحملها ولا أشوفها بتتكرر قدامي تاني.
التقط أنفاسه غير مصدق لما يسمع، أيعقل أنه أمتلك مشاعرها على هذا النحو بتلك الفترة القصيرة، ولكن أيكفي هذا لإرضاخ رجل بمكانة صفوان، ليغمغم بتوجس: أنا أسف أكيد لو كنت متخيل أن كلامي ممكن يعمل فيها كده، مكنتش أتكلمت أبدا، ولو اللي يريحها أني أنسحب من حياتها فانا هانسحب حتى لو قلبي أنا اللي هينجرح، المهم سعادتها هي.
صاح صفوان بغضب هادر: كنت عملت خير لو انسحبت من الأول واحتفظت بمشاعرك لنفسك، مكناش في موقف زي ده حاليا.
لم يبالي بغضبه هذه المرة، فخطته تسير على أكمل وجه، وصفوان وأن تظاهر بالقوة فحبه لحفيدته هو نقطة ضعفه الوحيدة: مكنش بإيدي [مذكرا إياه بأن حفيدته شريكته بالأمر] احنا انجذبنا لبعض من غير حساب للناس والفروق، لأن القلوب ليها حسابات تانية.
زفر صفوان بضيق، ليصمت لثوان قبل أن يردف بصوت جامد: أنت عندك استعداد تتجوزها.
نجح في تمالك تلك الصرخة الفرحة وهو يغمغم بهدوء: أكيد ده حلم مكنتش أتجرأ أحلمه لكن أكيد لو ربنا حققهولي، هاعيش طول العمر أحمده على نعمته وأحطها في عينيا.
أجابه بصراحة مهينة: ولا أنا بصراحة كنت أحلم ولا اتمنى أكون في وضع زي ده، [لان صوته بحنان يختصها به] لكن زي مأنت قولت، أهم حاجة سعادة ميرو.
صاح بلهفة وسعادة: وأنا بوعد حضرتك أني هاعيش بس عشان أسعدها.
هدر صفوان بغلظة: مش مستني وعدك، أنا اللي بوعدك أنك لو أذيت حفيدتي تاني، ووصلتها للحالة دي، هتتمنى أنك تكون مت قبل ما تتعرض لحد يخصني.
ارتعدت أوصاله لهذا التهديد الصريح، ولكن لما الخوف فهو أكثر الناس حرصا على سعادتها معه، فكلما أسعدها كلما ثبتت أقدامه بعالمها، لذا نفض خوفه وهو يتمتم بصدق ليس من خصاله: من غير تهديد أنا ميهمنيش غير سعادتها.
زفر صفوان وهو يتحدث بعملية رجل أعمال أرغم على عقد ما صفقة ولكن يديرها بحنكة بحكم التعود: طيب حاليا المشكلة الكبيرة في زياد ابني، هو صحيح ملوش في عالم البيزنس بس هو متشدد قوي في جزئية التكافؤ، ده غير أن وائل ابن صديق عمره، وبيعتبر أن جوازه بميرو من المسلمات، لكن متقلقش، أنا هتصرف معه، بس لازم نفاجأه ونخلص كل حاجة بسرعة قبل ما يفوق ويخرج عن السيطرة.
غمغم بخضوع: اللي تشوفه حضرتك هاعمله.
أجابه بنفس اللهجة الآمرة: في خلال يومين تبعت والدتك واهلك يطلبوا أيدها، وخلال أسبوع هتتخطبوا ونكتب الكتاب عشان نبقى حطناه قدام الأمر الواقع لكن الزفاف هيكون السنة الجاية لما تخلص دراستها.
صاح بسعادة ولهفة لم يستطع إخفاءها: اللي تؤمر بيه حضرتك، وأنا هاحاول ألاقي حجز بأي طريقة قبل ميعاد الخطوبة، حتى لو عن طريق الترانزيت.
أجابه بتعالي: لا أنت متنزليش ابعت توكيل جواز لعمك أو لأي حد من طرفك.
صاح مستنكرا: ليه حضرتك.
أجابه بدهاء: مش من مصلحتك تحتك بزياد في التوقيت ده، أديله فرصة يهدى ويتقبلك، وكمان أنت راجع من اجازتك من أقل من شهرين، مش عايزين نبدتيها باستغلال وواسطة.
أجابه بخضوع: اللي تشوفه حضرتك.
استطرد متسائلا: أه صحيح وبخصوص الواسطة أخوك ليه مرحش النهارده مع أنه أول يوم له بالشغل.
رغم سخطه على موقف أخيه، لكن استغله لصالحه، لإتقان دور المتعفف: أنا مش منتظر أي منفعة من علاقتي بميرو، ولما حكيت لها عن شغله مكنتش متخيل أنها هتعمل كده، لكن أنا رافض أي استثناء بسبب علاقتي بيها، عشان كده أنا خليته في شغله ، وكمان نقل لعجمان عشان يبقى له سكن، لأني عايش في الفيلا هنا بصفتي مدير المكتب، ووجوده معايا كان على سبيل الاستضافة مش الإقامة، لأنه مش بيتي.
تجاهل حديثه وهو يردف بنبرة ذات مغزى: طبعا والدتك يوم كتب الكتاب هيكون معها شبكة تليق بحفيدة صفوان الديب، وهيتكتب المؤخر اللي يشرفها قدام العيلة، ويعرف زياد قد أيه أنت شاريها.
غص حلقه بالحديث عن الشبكة التي ستستنزف مدخراته طوال عمره، أما المؤخر فهو حبر على ورق، فسيكون مجنون لو فكر لحظة بطلاقها فمن يخرج من الجنة بعدما تفتح له أبوابها على مصراعيها.
**********
لم ينتظر اتصالها هذه المرة، فالأن أصبح من حقه اقتحام عالمها، رقص قلبه طربا وهو يستمع لصوتها الخجل: هاي يا فادي.
ضحك سعيدا لخجلها: هاي يا قلب فادي، جدو قالك.
ضحكت بسعادة: بجد مش مصدقة.
ضحك مشاكسا: أيه رأيك في المفاجأة دي.
خفت صوتها وهي تغمغم: المهم ميكونش جدو أحرجك، وتكون فعلا مبسوط.
صاح بسعادة حقيقية: أنا أسعد مخلوق في الدنيا، أمال لو مكنتش مصرح لك بمشاعري قبل ما أتكلم معه.
غمغمت بتيه: مش عارفة حاسة أني متلخبطة، فرحانة على خايفة، ومش مصدقة وحاسة أني هاصحى الاقي نفسي باحلم.
أجابها بنعومة: لا يا ميرو ما بتحلميش، أنا اللي ربنا راضي عني وحققلي أغلى حلم حلمته في حياتي.
غمغمت بخجل. بجد يا فادي.
أجابها بحماس: جد الجد طبعا، ده أنا من فرحتي مش عارف هاعيش أزاي الأسبوع ده لحد ماتبقي على اسمي.
ضحكت بدلال: أقولك أنا تعمل أيه.
أجابها بسعادة: قولي يا ست البنات.
أردفت برومانسية حالمة: تزور كل مكان زورته عندك قبل ما تعرفني، وتبعتلي صور ليك، صور كتير قوي، عايزة أحس أني معاك من زمان، وأشوف بعينك كل حتة بتحبها.
ابتسم لحالميتها واحلامها السذاجة، التي ستسهل له حياته معها كثيرا: يا سلام، حبيبة قلبي تؤمر وأنا علي التنفيذ، وهابدأ من بكرة كمان، ولما نتجوز، نقضي شهر العسل هنا، ونلف كل الأماكن دي تاني سوا.
صاحت بسعادة: بجد يا فادي.
أجابها مؤكدا: طبعا يا عروسة، شهر عسل كامل، هنلف فيه الإمارات كلها، أو أي مكان عايزة تروحيه.
ضحكت مشاكسة بدلال: كل أجواز أصحابي قالوا لهم كده، وبعدين رسيت على كام يوم، والحجج اشتغلت ومعلش أصل عندي شغل، أصل صاحبي اتصل محتاجني ضروري.
لان صوته مدللا: عشان مش متجوزين ميرو، أنت غير، أوعدك، شهر كامل هنقفل فيه الموبايلات لانكلم حد ولا حد يكلمنا، ونعيشه لبعض وبس.
ضحكت بشقاوة: يا مجنون دول كانوا اتجننوا وسافروا يدوروا علينا.
ضحك منتشيا: هانبعت صور من كل مكان نروحه ونطمنهم.
زفرت بحرارة: ياه يا فادي، امتى بقى يجي يوم كتب الكتاب، حاسة أني مش هاقدر أنام لغاية ما اليوم ده يجي ويمر بسلام زي ما باحلم بالظبط.
هتف بحرارة أشد: بإذن الله هيجي ويبقى أحسن من مابتحلمي.
هتفت بحماس مشتعل: يارب، يارب.
آمن كلا منهما على الدعاء بنفس الحماس ولو أختلفت الأحلام والأهداف.
**********
في أحد القصور العريقة، فوق تلك الأريكة الأثرية كنت تجلس تلك السيدة البسيطة التي يتنافى مظهرها تماما مع رقي المكان تجاورها تلك الفتاة التي تتطلع حولها بذهول و انبهار، يليها أخيرا ذلك الرجل ذو المظهر البسيط الذي تلتمع عينيه بنظرة جشع واضحة ، بمواجهه ذلك العجوز ذو الهيبة الواضحة والنظرة الثاقبة، فوق كرسيه المدولب.
لتغمغم تلك السيدة البسيطة بحرج وتوتر: على خير الله، نتفق بقى على الماديات.
ليندفع ذلك الرجل البسيط ينهرها: ماديات أيه يا مرات أخويا، هما البشوات برضو هيبصوا للكلام الفاضي ده يا أم فادي.
لتغمغم السيدة بارتباك وخجل: الأصول أصول برضو يا حاج أكمل.
ليومأ لها العجوز بتسامح: متقلقيش يا حاجة، الحاج أكمل عنده حق، احنا أكبر من الكلام ده وبعدين أنا اتفقت مع فادي على كل حاجة.
لتنفرج أسارير أكمل وهو يهتف برضا: ولاد أصول ومأصلين يا صفوان باشا والله، أصل محسوبك ابن سوق ويفهم في معادن الناس.
ابتسم له صفوان بمجاملة وهو يرد بجمود: شكرا يا حاج ده من ذوقك.
ليستطرد أكمل بحماس: والله ما باجامل، ابن أخويا طول عمره محظوظ، [ناظرا تجاه تلك الشابة الجميلة التي تجلس بجوار كرسي جدها مخفضة الرأس] بس المرادي بصراحة حظه ضرب على الأخر، جمال ومال وأصل وحسب.
لتصيح والدة فادي وهي تتطلع للفتاة بسعادة: الله أكبر، ميرو عروسة ابني بدر منور، ربنا يعلم أن قلبي افتحلها، ربنا يحفظهم ويتملهم على خير، بس من ساعة ما قاعدنا مسمعتش حسك يا قلبي.
ابتسم صفوان بود وقد لمس عفوية السيدة وسعادتها الصادقة: ربنا يكرمك يا حاجة، معلش عروسة بقى ومكسوفة.
ليدير أكمل وجهه للجانب الأخر لمقعد الجد حيث تلك الأريكة التي يجلس عليها رجلان وشاب صغير تبدو عليه ملامح الضيق والرفض لما يحدث وأن لم يستطع البوح، متسائلا بخبث: ولا حتى سمعنا صوت أبو العروسة.
ليجيب أحد الرجلين باحترام: جدها كبير العيلة وكلمته ماشية على رقابينا كلنا، الكبير قبل الصغير.
تشتد لهجة الجد وهو يصوب نظرة قاسية تجاه أكمل: مش نقرا الفتحة ولا أيه يا حاج.
لترتعد فرائص أكمل من تلك اللهجة الحازمة ونظرة صفوان الصارمة، ليسرع برفع يديه أمام عينيه المرتعبة وهو يصيح بفرحة مفتعلة: بسم الله الرحمن الرحيم.
**********
بمنزل بسيط دلفتا والدة فادي بصحبة ابنتها من قصر الديب، لتلقي الأم نفسها على أول مقعد بتعب، وهي تنهت بجهد: ياالله على ده مشوار، شوفتي يا شيرين، دول ساكنين في أخر الدنيا.
لتجيبها الفتاة بشرود: قاصدك عايشين في دنيا لوحدهم، شوفتي القصر قد أيه.
لتجيب السيدة بطيبة: قولي بسم الله ما شاء الله، متعمليش زي عمك، ده أنا كنت في نص هدومي من عمايله، وهو عمال ينق على كل حاجة، حتى عروسة أخوكي، ده أنا قاريت المعوذتين في سري عشر مرات من لسانه ده.
زفرت شيرين بضيق: هو كان مزودها قوي، بس بصراحة معذور مين كان يصدق أن فادي يقع على واحدة زي دي.
صاحت والدة فادي باندفاع: الله أكبر، أنت هتحسديه أنت كمان، نصيبه وقسمته، ربنا كتبهاله وهو في بلد وهي في بلد.
ابتسمت شيرين بتعجب: عندك حق، سبحان الله فعلا، مين كان يصدق أنهم ميتعرفوش في مصر وهما في نفس الشركة، ويحبو بعض على الفيس وكل واحد في بلد، [تومأ برأسها بشرود ]، وأنا اللى كنت فاكرة أن حب الفيس ده ضحك على الدقون، أتاري في ناس حكايتهم بتكمل ولا ألف ليلة وليلة.
زفرت والدتها بحمية: كل واحد بياخد اللي يستاهله، وأخوكي يستاهل كل خير[ليرتفع رنين هاتفها باتصاله، لتصيح بفرح وهي تبدأ المهاتفة] ألو، أيوه يا حبيبي، ابن حلال جيت على السيرة يا قلبي.
ليأتيها صوت فادي الملهوف: أيوه يا ماما روحتولهم.
صاحت والدته بحماس: الله أكبر، الله أكبر، جمال أيه وكسوف أيه، ولا أهلها ناس كمل شلونا من على الأرض شيل.
ليزفر براحة وهو يسأل متوجسا: وباباها كان موجود.
أجابته مؤكدة: باقولك ناس بتفهم في الأصول، طبعا هو كان موجود وحضر الاتفاق بس متكلمش في حاجة خالص، وقال الكلمة كلمة جدها.
ضحك بسعادة بالغة: ياوش الخير ياحبيبة قلبي، شكلك متوصية بيا في الدعا على الأخر، شدي حيلك بقى الفترة اللي جاية معايا عشان محتاجك على الأخر.
لتضحك بفرح وهي تغمغم بحب وحنان: ربنا يكرمك يا حبيبي ويديك على قد نيتك.
*********
رن هاتفه فترك طعمه وهو يزدرد ما بفمه بسرعة وهو يجيب بلهفة: ألو أيوه ميرو، أزيك يا عمري.
اطمئن قلبه وهو يستمع لصوتها المرح: هاي فادي، على فكرة مامتك ست جميلة قوي.
أجابها بتوجس: طيب وعمي، أصلي عرفت من ماما أنه كان بيهزر زي عوايده، وخوفت يكون حد أضايق من هزاره أو فهمه غلط.
أجابته ببساطتها المحببة: بالعكس، ده راجل لطيف جدا، وكمان أختك حبوبة خالص، بس بصراحة أكتر حد حبيته هي مامتك.
زفر براحة وهو يهتف بسعادة: وهي كمان حبتك جدا جدا، [بترقب] قوليلي بقى على رد فعل بابكي على اللي بيحصل.
تنهدت بحرارة وهي تردف بضيق: مش هاكدب وأقولك أنه موافق على اللي بيحصل ولا راضي عنه، عينيه بتقولي أن خيبت أمله، بس أكيد بكرة لما يشوف قد أيه مبسوطة معك، هيفرح عشاني.
أجابها متوترا بصوت مرتعش: أكيد، بس حاليا تفتكري أنه ممكن يحاول يوقف الجوازة.
غمغما بضيق : متقلقش طول ما جدو معانا، [محاولة تغيير مجرى الحديث] خلينا في المهم، أنا حولت تيم الشركة كله لخلية نحل عشان ألحق أجهز الدنيا قبل الفرح، أنا اتصلت بأكبر ويدنج بلنر وهي هتجهز الجنينة لأن طبعا لا يمكن نلاقي قاعة في الوقت الصغير ده، واتصلت بالمطبعة اللي تبع المجموعة، ووعدوني أن كلها ساعة ويبعتوا ديزاين الايفينت، ولو وافقنا عليها، هيطبعوا فورا، عشان كل واحد فينا يلحق يوزعها على معارفه.
أجابها مندهشا من حجم الاستعداد: وليه ده كله دي خطوبة يا ميرو، وكمان أنا مش موجود، يعني المفروض حاجة عائلية والكلام ده نخليه للفرح.
اختنق صوتها وهي تغمغم بقهر: هو ليه كلكم مستكترين علي أفرح، [لتصيح فجأة وكأنها استنزفت كل طاقتها على الاحتمال] لعلمك بقى أنا هاعمل فرح، وفرح كبير كمان، وهالبس فستان أبيض وطرحة طويلة يمسكوها بنات صغيرين لابسين باليرينا، وورد كتير يرموه عليا من كل اتجاه، يا كده يا مفيش كتب كتاب، ونستنى بقى لما تيجي.
ارتعب من كلماتها الأخير، ليصيح متراجعا: ليه بس كده يا ميرو، كل ده عشان نفسي أعيش معاكي أكتر لحظة اتمنتها في حياتي، عامة أنا ميهمنيش غير سعادتك، أي حاجة هتفرحك أعمليها.
لانت لهجتها قليلا: أنت هتكون معايا في الفرح لحظة بلحظة، أنا أول حاجة طلبتها شاشة كبيرة وهتبقى موجود معنا سكايب طول الفرح.
تلمس إرضاءها وهو يغمغم بانصياع: خلاص بدل ده اللي هيريحك أنا معاكي.
لتتبدل لهجتها وهي تمتم بغموض: تهمك راحتي قوي.
أجابها بسرعة: أكيد.
زادت لهجتها غموضا: يعني لو في سؤال اجابته هتريحني، هتجاوبني عليه بصراحة.
تلاعبت به الظنون وهو يجيبها بتوجس: أكيد.
لتفاجأه بهجوم مباشر ولهجة حازمة: أنت ارتبطت بأي حد قبل ما نرتبط.
تسرعات ضربات قلبه وهو لا يعلم ألديها معلومة أم شكوك أو مجرد غيرة نسائية، محاولا استنطاقها قبل أن ينطق بما لا يجب: مش فاهم.
صاحت ثائرة: يعني بابا بيقول أن كتير من المغتربين بيكونوا علاقات عشان يهونوا على نفسهم.
تنفس الصعداء أخيرا، فالأمر هكذا أذن حماه العزيز قام بمحاولة لإفساد الأمر بينهما، عادت له ثقته وقد تيقن من عدم افتضاح أمره، ليصيح بثورة زائفة: والعياذ بالله، صحيح فيه، بس مش الكل طبعا كده، والأهم أن أكيد أنا مش كده، أولا لأني مكنتش فاضي للهبل ده، وكان كل اللي يهمني أني أقدر أوفر لأخواتي كل اللي محتاجينه، وثانيا لأني عندي أخت باخاف عليها من الهوا الطاير وباتقي الله فيها.
لتفاجأه بهجوم المباشر للمرة الثانية: يعني معندكش مانع تديني الجيميل بتاعك والباس ورد بتاع الأكونتس على كل مواقع التواصل والباس ورد بتاعها.
يتبع الفصل الثالث اضغط هنا
google-playkhamsatmostaqltradent