Ads by Google X

رواية طوفان الدرة الفصل الحادي و العشرون 21 - بقلم سعاد محمد

الصفحة الرئيسية

 

  رواية طوفان الدرة الفصل الحادي و العشرون 21 - بقلم سعاد محمد 

طوفان الدُرة " ملحمة طوفان هزمهُ العشق"
                                        
                                              
#طوفان_الدُرة 
الطوفان الحادي والعشرون"الجزء الاول "
❈-❈-❈
بأحد القُرى السياحية لأحد الشواطئ
بـ ڤيلا خاصة 
بصعوبة فتح عيناه يشعر بصداع قوي كذالك ألم بكامل جسده، تجولت عيناه بغشاوة على المكان، زفر نفسه وهو يحاول النهوض بصعوبة يضع يديه حول رأسه، سار بخطوات متعثرة، كأن الأرض تميد أسفل قدميه، يتكئ على جدران المكان باحثًا عن أي بصيص نور يرشده. الهواء ملوث برائحة الدخان  التى تعبئ بالمكان... لمح من خلال الضباب الذي يغشي بصره كأن ظلًا يتحرك في نهاية الممر،اتكئ على يده حتى إستطاع الوقوف،ضغط على أسنانه محاولًا تذكُر،أين هو... كيف وصل الى هذا المكان.... لكن رأسه  شبه ممحية، تضج بالألم والفراغ في آنٍ معًا...،توجه الى نهاية الممر ... سُرعان ما أغمض عيناه من قسوة الضوء... نظر أمامه البحر قريب، عقله مازال غير مستوعبً أين هو، وكيف وصل الى هنا، كذالك ذلك الصداع الفتاك برأسه، 
إنتفض جسده بقوة حين شعر بتلك اليد التى  قبضت على ذراعه بقوة مباغتة، كأنها تُعيده من غيبوبة غامضة إلى واقعٍ أكثر غموضًا... التفت بفزع، سرعان ما تهكم عليه الآخر قائلًا باستهزاء: 
مالك يا ريان باشا مكنتش أعرف إن دماغك خفيفة كده، إنت إمبارح مستحملتش السهرة وهيست من أول سيجارة. 



-سيجارة
بسؤال أعاد ريان تكرارها ثم أكمل إستفسار قائلًا: 
سيجارة إيه، أنا فين، وإنت مين. 



ضحك الآخر قائلًا: 
بالسرعة دي لحقت تنساني إحنا إتقابلنا إمبارح فى البار بتاع الفندق... أكيد هتفتكر حفلة امبارح، كنت برينس. 



ذهول كذالك عدم  فهم ووعي،نظرات ذلك الوضيع بها اختلاط ما بيين 
الاسمئزاز  والرغبة البائيسة. 
❈-❈-❈
بمكتب طوفان 
إندهش من رد فعل جلال الذي قال بذهول: 
مش معقول هي مش لسه بتدرس فى الجامعة.



أجابه:
أيوه فاضل لها سنه عالتخرج،والنصيب كده.



-نصيب إيه
قالها جلال ثم أكمل بتوضيح:
المفروض كنت تستني لحد ما تخلص دراستها.



تنهد طوفان قائلًا:
أنا مكنتش موافق عالجوازة أساسًا،بس هي فاجئتني ولما أمي عرضت عليها واقفت،وأنا زيك إتصدمت وتمت الجوازة... نفس يوم جوازي. 



إستغرب جلال أكثر قائلًا: 
أنا سمعت حكايات فى الفترة الأخيرة، قولي إيه حصل بالتفصيل، كمان موت حسام، صحيح أنا وهو مكنش بينا إستلطاف،كان شخص عنده عنجهية وغطرسة، بس لما أبويا قالى إنه إتوفي حزنت عليه.



إتكئ طوفان بظهره على المقعد وتنهد بآسف وسرد له ما حدث الى ان إنتهي برزواجه هو ودُرة،كذالك جود وحاتم.



إستغرب جلال قائلًا:
فعلًا القدر له تدابير عجيبه،وأنت بقي على كده طبعًا سعيد إن حبيبة العُمر رجعتلك.



تهكم طوفان بين نفسه،حقًا يكفي قلبه أن دُرة أصبحت من نصيبه لكن عِنادها وكِبريائها كذالك تقلُباتها المزاجية كثيرًا ما تفسد سعادته مثل ليلة أمس 
التي كانت بدايتها حالمة وهي بين يديه ينبادلان الغرام،...لكنها فجأة انقلبت، انسحبت من بين ذراعيه وكأن نارًا مستها، حدقت فيه بعينين تومضان بعتبٍ غريب، وتحدثت بصوتٍ حاد:
إمتى رجعت، مش كنت بتقول لسه عندك شغل فى القاهرة... ليه بتحسسني دايمًا إني لعبة في إيدك. 




    
                
سئمت ملامحه، لم يفهم ما الذي حدث.. قبل لحظات كانت تهمس إسمه بحبٍ وتتنهد بشوق فما الذي تغير فجأة. 



اقترب منها، حاول لمس كتفها لكنها تراجعت، فزاد ذلك حيرة، بل وضيقًا خفيًا بدأ يتسلل إلى أعماقه... إبتلع ذلك بصبر قائلًا: 
حبيت أعملهالك مفاجأة.



تهكمت عليه قائلة:. 
مفاجأة مش لطيفة، ومن فضلك إبعد عني.



تضايق من طريقة حديثها لكن لن يستسلم ونظر الى صدرها وكتفيها وبعض علامات الحب واضحة عليهم،وتعمد إحراجها قائلًا: 
درة بلاش طريقتك دي معايا،أنا مغصبتكيش، إنتِ كنت لسه من شوية دابية بين إيديا  و... 



قاطعته بعينين دامعتين:
من شوية كنت ناسية، دلوقتي افتكرت... إنك دايمًا بتكدب عليا، وكمان إستغليت إني كنت نايمة. 



شعر طوفان بصدمة... كأن جدران الغرفة تضيق عليه... لكن لم يتركها هكذا تعمد إحراجها أكثر قائلًا: 
غريبة إنك تنامي بقميص نوم مكشوف وكمان مش إسود. 



نظرت لجسدها سُرعان ما شعرت بالخجل وسحبت الدثار عليها تُفكر بماذا تُبرر ذلك، تنحنحت قائلة بتعلثُم: 
عادي الجو حار وكنت زهقانة. 



نظر نحو شُرفة الغرفة وضع يدها على كتفها يلعب بأنامله بذاك الحبل الرفيع لقميصها  قائلًا:
الأوضة فيها تكييف سهل تشغليه.



شعرت بتوتر قائلة بنزق:
المرة الجاية هشغله، تسمح تبعد إيدك عني. 



إبتسم وتقبل تقلبها بل وأغاظها حين جذب بنطاله وقام بإرتدؤه ونهض من فوق الفراش قائلًا: 
بلاش تشغيله دلوقتي، هروح أخد شاور بارد، وإنت كمان خدي شاور بارد ومش هتحسي بالحر، كده كده ابواب البلكونه مفتوحة والناموس هيدخل يعمل حفلة ويزود العلامات اللى على صدرك وأكتافك. 



نظرت الى كتفيها وصدرها، سُرعان ما شعرت بالحرج لكن أخفته خلف غضبها وظلت صامته بينما هو ضحك وهو يغلق باب الحمام... 



عاد من ذلك على سؤال جلال: 
قولي أخبارك إنت إيه واضح إنك بقيت راجل أعمال، غريبة مع إنك كنت حابب تبقي وكيل نيابة. 



تنهد طوفان بإستسلام قائلًا: 
القدر يا جلال. 



تنهد جلال هو الآخر مُتفهمً: 
فعلًا القدر يا طوفان، أنا كمان عملت زيك وحاولت أتمرد بس واضح إن القدر دايمًا هو اللى بيجبرنا نتقبل فى النهاية ونتخلي أو عالأقل نستسلم، أنا كمان راجع للقدر إني أورث العمودية من أبويا، غير كمان ممكن القدر ده يخليني أستسلم لرغبة أمي، نفسها تجوزني لبنت عمي مستخسره تطلع لحد غريب. 



إبتسم طوفان قائلًا  بمزح: 
مبروك مقدمً يا حضرة العمدة بالرفاء والبنين. 



ضحك جلال قائلًا: 
إنت خلاص صدقت إني ممكن أستسلم بسهولة كده، طبعًا جلال الهمامي مُناضل حتى النصر. 




        
          
                
ضحك طوفان  قائلًا: 
فى القدر مهما ناضلت.. المكتوب مكتوب.. هترفع راية الاستسلام غضب عنك  



❈-❈-❈
بمنزل والدة دُرة 
بعد جلسة طويله بين دُرة وكريمان، كانت أشبه بتحقيق من كريمان مع دُرة عن حياتها بالفترة الأخيرة،  تحدثن فى موضوعات كثيرة بعضها حساس وآخر مجرد إستفسار عابر ، لكن مازال 
ذلك التردُد يُسيطر على عقل دُرة ولكن كريمان تعرف دُرة جيدًا حين تكون حائرة بأمر يشغل رأسها...وها هو السؤال المُنتظر من دُرة التى قالته بتردُد: 
ماما هو إنت لما كنتِ بتبقي حامل كُنتِ بتحسي بإيه 
قصدي يعني إيه هي الأعراض اللى... 



قاطعتها كريمان بصدمة: 
نفس الأعراض اللى إنتِ بتحسي بيها، يلا طلعي الإختبار من الشنطة وقومي إقطعي الشك باليقين. 



لوهلة تملك دُرة الغباء وسألتها بلا فهم: 
شك إيه باليقين. 



زفرت كريمان نفسها بضجر قائلة: 
مش معاكِ فى الشنطة إختبار حمل، قومي إستعمليه عشان تتأكدي إنك حامل. 



إرتبكت دُرة قائلة بسؤال وجواب غبي: 
عرفتي منين إن معايا إختبار حمل في الشنطة...إنتِ بتقري المستقبل. 



إبتسمت كريمان قائلة: 
لاء... بقرأ وشك باين عليك، حتى من غير ما تستعملي إختبار حمل متأكدة إنك حامل وإنتِ كمان عندك شبه يقين بس مش عارفة إزاي إنت المفروض دكتورة، يعني حتى من باب العِلم بالشئ تبقي عندك معرفة، بس عقلك هقول إيه، قومي إستعملى الاختبار عشان تقتنعي، وكمان لازم تتابعي مع دكتور أو دكتورة عشان حالة صدرك متأثرش عالجنين.



شعرت دُرة بالغيظ قائلة: 
مش يمكن تكهناتك غلط. 



ضحكت كريمان بإصرار قائلة: 
ليه خايفة تتأكدي إنك حامل، معتقدش طوفان عنده إعتراض،بل متأكدة إنه يتمني تقولى له إنك حامل، دُرة بلاش تخلي الماضي يضع عليكِ زهوة فرحة حقيقية. 



تدمعت عين دُرة وهي تنظر لـ كريمان نظرة يشوبها العتاب: 
ليه بحس إنك واخدة اللى حصل كأنه شيء عادي إنى أتجوز من طوفان رغم إنه ساهم بشكل كبير فى ضياع الحق فى قضية قتل بابا. 



غص قلب كريمان ونهضت من مكانها جلست جوار دُرة ضمتها من كتفيها، والدموع تنزف من عينيها قائلة  بلوعة: 
محدش قلبه إتكسر قد قلبي يا دُرة، موت مُختار كسر قلبي وضهري، بس لازم كان لازم أقف من تاني وأتحمل عشانك، وعشان أخوكِ إنتم أمانة مختار اللى سابها ليا، ومش معني إني بظهر إني كويسه أبقي كده إتقبلت اللى حصل، أنا لو بأيدي مكنتش إستنيت حكم المحكمة وروحت بأيدي خدت تار مختار، بس أنا مسؤولة عنك إنتِ وأخوكِ، بحاول أبان إني قوية، بس لازم أبقي قوية لو ضعفت كان زمان باسل هو كمان ضعف، تعرفي يا دُرة مختار قبل ما يموت بساعات قالي إيه؟. 



نظرت لها دُرة  وعينيها تسأل: 
قالك إيه. 



أجابتها وهي تبتلع غصة خانقة فى قلبها: 
قالي عندى إحساس كبير جواز دُرة وحسام مش هيكمل...عندي إحساس إن دُرة مُترددة وفى لحظة هتاخد القرار وأنا مش هتعرض وقتها وهساندها،دُرة معندهاش أي مشاعر ناحية حسام غير إنه إبن عمتها،فى شئ حصل هو اللى خلاها وافقت على كتب الكتاب. 




        
          
                
ذُهلت دُرة من قول كريمان، وسالت دموعها، هي كانت كذالك فعلًا، لو تأخر مقتل والدها ليوم واحد لأخبرته أنها لا تود ذلك الزواج، وتريد إنهاؤه قبل بداية قد تكون خاطئة ولها عواقب لاحقًا. 



غصبًا تبسمت شفاه كريمان حين رأت نظرة عين دُرة، ضمّتها، ثم مدت يدها تُجفف دموعها قائلة:
مُتأكدة… لو مكنش عندك مشاعر لطوفان، عمرك ما كنتِ هتتقبلي جوازك منه... أو حتى على الأقل كنتِ هتمنعي نفسك عنه... وشخصية زي طوفان كان مستحيل يفرض نفسه عليكِ أو يغصبك في موضوع زي ده، لأن لو مفيش رضا… مش هيبقى في روح، ولا أمان، ولا حتى لحظة ممكن تتبني عليها حياة.



صمتت لحظة، ثم نظرت  لـ دُرة بعمق، تحاول الوصل الى عقل دُرة ثم أكملت:
أنتِ بتحبيه يا دُرة، بس لسه خايفة تعترفي لنفسك... وده طبيعي… بس متنسيش، إن أوقات اللي بنحبه مش بيبقي محتاج تصريح، بيبقى محتاج نديه فرصة... الحُب ساعات بييجي في شكل طوق نجاة، وساعات بيبقى إعصار، وساعات بيبقى فى حضن ساكت وسط الفوضى… طوفان مش سهل، بس اللي شُفته في عينيه ناحيتك… مشاعر حُب حقيقي. 
❈-❈-❈
فى شقة إبتهاج
كان باب الشقة مغلقًا، لكن ليس بإحكام... دفعه عزمي بهدوء ودلف إلى الداخل... 
توقف في الرُدهة، وعيناه تستقران على ابتهاج التي أسرعت نحوه بخوف ظاهر، تضم نفسها إليه،شعر برعشة جسدها الناتجة عن الرعب.



لكنه لم يبالي بإدعائها المُتقن، وسأل بنبرة حادة:
ايه اللي حصل. 



أجابته بإدعاء الذعر، تتلعثم قليلاً وكأن أنفاسها لا تسعفها:
أنا...أنا كنت نازلة أشتري شوية حاجات محتاجاها، مغبتش يمكن ساعة أو أقل... ولما رجعت، لقيت باب الشقة مفتوح. 



ضيق عزمي عينيه وهو يتفحص ملامحها، جيدًا بتمعُن يبحث عن شِق صغير في قناع الخوف الذي ترتديه...وتحدث  بنبرة هادئة تحمل تهديدًا مُبطنًا:
ولما لقيتِ الباب مفتوح… دخلتِ ليه. 



اتسعت عينا ابتهاج، وتظاهرت بأنها تبتلع ريقها بصعوبة:
كنت مفزوعة...ومفكرتش قولت يمكن  أكون انا نسيت أقفله كويس وأنا خارجة… دخلت بسرعة، لقيت الشقة زي ما إنت شايف كده، كنت هصوت وألم الجيران، بس خوفت إنت بعد كده تلوم عليا. 



دفعها بعيد عنه
وتقدم خطوة، نظراته تجوب المكان بعين خبيرة، ثم فجأة سألها دون أن يلتفت:
لاحظت إن كالون الباب مش مكسور. 



تجمدت للحظة قبل أن ترد:
أكيد اللى فتحه خبير وإستعمل طفاشة ولا حاجة تفتح الباب من غير ما يكسر الكالون. 



أدار رأسه نحوها ببطء، ثم قال ببرود:
مُمكن. 



رمشت عينيها بإضطراب ، وصوتها بدأ يفقد تماسكه:
أنا خايفة أوي، أنا حاسة أن روحي راحت مني ومعرفش إزاي إتصلت عليك. 



اقترب منها حتى كاد يلامس وجهها، وهمس:
ومعرفتيش إيه ناقص من الشقة. 



ردت بخوف: 
لاء أنا مش قادرة أتلم على أعصابي. 




        
          
                
 تابع ملامحها بجمود وتحدث بإستهزاء:
مش قادرة تتلمي على أعصابك، لكن مخوفتيش تدخلي الشقة، مش يمكن كان الحرامي لسه جواها 



بلعت ريقها وارتدت خطوة للوراء:
ما أنا قولت لك إني خوفت أصوت او أستنجد بالجيران  لا تتعصب عليا، دخلت وأنا برتعش وقلبي كان هيوقف، قولت يمكن يكون الحرامي لسه هنا  يخاف ويهرب من غير ما ياخد حاجه من الشقة. 



نظر إليها طويلًا،نظرة تهكمية... ثم أدار ظهره واتجه نحو غرفة المكتب: 
ماشي يا إبتهاج شوفي إيه اللى ناقص من الشقة عشان نعرف الحرامي كان هدفه إيه.



توترت إبتهاج وهي تنظر نحوه وهو يدخل الى تلك الغرفة  رغم خوفها لكن لمعت عينيها، ثم توجهت نحو غرفة النوم... 



بينما لم يحتاج عزمي الى تدقيق، فأمامه أدراج المكتب مكسورة، نظر داخل إحد الأدراج، تفاجئ بأختفاء تلك العلبة الذي كان يضع بداخلها السلاح، شعر بغضب عارم، وخرج يُنادي على إبتهاج بصوت جهور، لم ترد، سمع نواحها توجه نحو غرفة النوم، وجدها تجلس أرضًا تنوح وهي تضرب ساقيها بقوة قائلة: 
الصيغة بتاعتي إتسرقت ، كمان مبلغ كُنت شيلاه على جنب.



 نظر لها مازال بعقله بعضً من الشك...أن تلك السرقة قد تكون من تدبيرها،لكن ماذا  ستفعل بذلك السلاح. 
❈-❈-❈
بمنزل طوفان 
دلفت دُرة الى المنزل، تشعر شعور خاص، بعدما تأكدت من ما كانت مُترددة من تأكيده،داخلها حسمت قرارها ستُخبر طوفان،أو بالأصح ستُأكد شكه...
تقابلت مع شُكرية فى الردهة،تبسمت لها بترحيب 
قائلة:
الحجة وجدان فى المندرة من شوية كانت حاسة بصداع وجولت لها أكيد بسبب وجع عينيها...مبترضاش تلبس النضارة بتقول إنها بتخيلها. 



تبسمت دُرة قائلة: 
المفروض تلبسها ومع الوقت هتتعود عليها. 



أومأت شكريه بتوافق، بينما تفوهت دُرة: 
هروح أشوفها. 



إبتسمت شكرية  وغادرت، بينما توجهت دُرة الى المندرة، دلفت مُبتسمة، بعد إلقاء التحية، جلست مع وجدان يتسمران حول وجع عينيها، لكن فجأة سئم وجه دُرة حين سمعت ذلك الصوت البغيض يتحدث بعشم: 
كيفك يا عمتي. 



نظرة عين وجدان تبادلت بين دُرة وذلك الوضيع الذي تعمد الإقتراب من وجدان وإنحني وكاد يمسك يد وجدان، لكنها سحبت يدها ونظرت له بغضب: 
إنت إيه اللى جابك هنا يا وليد، مش طوفان،آمر  إنك ممنوع تدخل الدار، إزاي الغفير اللى عالباب سابك تدخل. 



شعر وليد بالحرج والغضب لكن أخفي ذلك قائلًا: 
وحشتيني  يا عمتي، كمان فى موضوع  مهم ومُتأكد إنت الوخيدة الللى هتقدر تقنع أبوي يوافق على غرضي.. 
❈-❈-❈
رغم برودة المياة 
لكن يشعر بها  تسيل حارقه على جلده يزفر نفسه بغضب وضيق، أزاد من برودة المياة لكن لا فرق، إلتقط انفاسه بقوة.. محاولًا تهدئة اعصابه ونفض غضبه... 
فجأة كأنه سمع صوت سُعال لم يهتم للحظات  ظل أسفل المياة حتى شعر أنفاسه تُختنق… فأخرج رأسه من أسفل المياة، يفتح عينيه ببطء وقد بدأ الضيق يحاصر صدره أكثر... لكن
تكرر صوت السُعال مجددًا…
هذه المرة لم يكن هادئًا...
خرج من أسفل المياه تتساقط من شعره على وجهه المشتعل، وقلبه يخفق بعنف…
وصوت السعال القوي يتكرر وكأنه نداء خافت، ضعيف، لكنه مستغيث...جذب منشفه
خرج سريعًا من الحمام، لوهلة وقف مُتجمدًا مصدومًا حين رأي دُرة محنية قليلًا تتألم بوضوح وهي  تضع إحد يديها على صدرها  ويدها الأخري أسفل بطنها، تسعُل بشدة، تئن بألم ودموعها تسيل وهي تنظر الى خطين من الدماء  يسيلان فوق ساقيها...  



فزع في عينيه،كأن قلبه توقف لوهلة، وعيناه لا تصدقان ما يراه... 
ركض نحوها، مشاعره تتخبط بين الذهول والخوف وقلبه يكاد يخرج من صدره: 
دُرة! 



قالها بصوت خافت، كأنه لا يستطيع تصديق ما يحدث أمامه.
  

🌷🌷🌷  
          
                
ارتجفت أناملها وهي تحدق في باب الحمام المغلق، وكأنها تستطيع اختراقه بعينيها لتصرخ في وجهه تلومه:
وعدتني... أقسمت لي أن وليد لن يقترب من هنا... وها هو  كان أمامي بلا إهتمام كأنه يتحداني. 



فجأة شعرت أن ساقيها بالكاد تحملان جسدها المرتعش، فجلست على طرف السرير  
بداخلها جزءًا آخر منها كان يرفض التصديق، يتمسك بالأمل في أن له مبررًا، سببًا، أي شيء يبرر انسحابه الصامت.



دُفعت على حين غرة بفيض من الذكريات، يوم همس لها طوفان بوعود الحب، يوم تشبثت بكلماته وكأنها طوق حياة  ...كانت صغيرة القلب....قلبها تدرب على فنون الحب معه،  فأين ذهب ذلك الطوفان.. 
أين ذهب ذاك الرجل الذي جعلها تصدق أن العالم مهما قسا، فهي لن تكون وحدها... 



أكاذيب.... وأكاذيب.... تعيشها 
ودموع تسيل من عينيها وذكريات تمر، وهي مثل الريشة فى الهواء 



وها هي ذكري قاسية 
[بالعودة لقبل سنتين ونصف] 
بمنزل جدة دُرة بالقاهرة 
كانت زيارة حسام مع والدها 
بغرفة الضيوف 
جلست تحت كتف والدها تستمتع بدلاله لها، حتى أتاه إتصال هاتفي، نهض وترك دُرة وحدها مع حسام، الذي تحدث معها بتلقائية، مُغرمً بها حقًا، يود البوح بذلك لكن دُرة معه تتحدث برسمية دائمًا لا تُعطي له حتى نافذة أمل، جدار زُجاجي شفاف بالنسبة له، تطرق بينهم الحديث الى أن وصل بلا ترتيب حين تفوه بلا قصد:
البلد كلها ملهاش سيرة غير خطوبة طوفان من بنت عضو مجلس الشعب بتاع الدايرة.



ذُهلت حتى أنها شعرت أن نبضات قلبها كادت تتوقف،إنسحب الهواء من رئتيها... فجأءة بدأت تسعُل بشدة، على صوت سُعالها عاد مُختار، كذالك جدتها وشاهر الذي دخل الى المنزل للتو... 
بينما إنخض حسام، كذالك مختار الذي ضمها،يربت على صدرها بخفه  ... بينما سريعًا ذهبت جدتها وعادت بذلك البخاخ، أخذه منها مختار، بدأ يُساعد دُرة حتى عادت تتنفس وهدأ السُعال، ينظر نحو حسام  الذي للحظات  دخل الى عقله شك لكن يستحيل سريعًا ما رفض عقله ذلك الشك 
"دُرة و طوفان" 
لا مستحيل أن يقبل عقله ذلك... بينما تفوه بدفاع: 
معرفش إيه حصل لها فجأة كانت كويسه. 



بينما دُرة رغم هدوء ألم صدرها لكن هنالك ألم آخر قد يكون أشد،حاولت النهوض بوهن،قائلة:
أنا فجأءة شِرقت بدون سبب،أنا حاسة بشوية صداع أكيد بسبب المُذاكرة،هدخل أستريح.



نهض معها مختار حتى دلفت الى الغرفة وتوجهت نحو الفراش وتمددت عليه،قبل رأسها  قائلًا بحنان أبوي: 
دُرة جبينك ساقع. 



تحججت بكذب: 
الجو برد يا بابا... دلوقتي هتغطي بالبطانية وهدفي. 



عاود تقبيل رأسها  يشعر بقلق، لكن هي أغمضت عينيها بإدعاء النوم.. غادر الغرفة وأطفئ الضوء. 



بينما بمجرد أن سمعت صوت إغلاق باب الغرفة فتحت عينيها وسالت دموعها وهي تفتح هاتفها، قامت بإتصال تنتظر الرد لكن لا رد الهاتف يُعطي رنين ولا رد شعرت بأن ذلك مُتعمد وأن حسام على حق. 




        
          
                
مرت أيام حاولت الضغط على حالها بالإنشغال فى دراستها كي تنسي... 
مساءً
دخلت الى منزل جدتها سمعت صوت يأتي من غرفة الضيوف كان صوت شاهر واضحًا، بتلقائية منها ذهبت الى الغرفة لكن توقفت قبل أن تدخل الى الغرفة حين وقع بصرها على طوفان الجالس بالغرفة، شعرت بخفقان قلب زائد كذالك شعرت بالتوتر حين تبسمت لها جدتها قائلة: 
تعالي يا دُرة أكيد جاية من الجامعة جعانة...هقوم أحضر الغدا نتغدا مع بعض. 



حايدت دُرة النظر الى طوفان وتحشرج صوتها وهي ترد على جدتها بتهرُب: 
لاء أنا مش جعانة، حاسة إني مُرهقة، هروح أستريح فى أوضتي. 



شعر طوفان بغصة فى قلبه من ناحيتها، هو جاء من أجل أن يراها منذ أيام يحاول الإتصال عليها وهي لا ترد كذالك يرسل الرسائل وأيضًا لا تُجيب عليه... زفر نفسه بمرارة، يشعر كأن صدره يختنق ... كيف تحولت فجأة لكل هذا البعد... 
يحاول أن يقنع نفسه أنها مشغولة، أو ربما هاتفها تعطل...لكن منظرها الآن حين رأته كذالك تهربها به شيء غريب...
أخرج الهاتف  من جيبه 
كتب لها رسالة:
"أنا جيت مخصوص علشانك.. مش هسأل ليه بتعملي كده، بس نفسي أعرف ليه مش بتردي على المُكلمات ولا حتى الرسايل... درة ليه بتتهربي مني" 



إنتظر ينظر الى شاشة الهاتف، 
بينما دُرة ألقت بجسدها فوق الفراش تشعر برغبة فى البُكاء، وضعت يدها على صدرها تشعر بألم، إشتد بعد رؤيتها لـ طوفان هنا،لكن دموعها تحجرت بين مُقلتيها، بنفس الوقت سمعت صوت رسالة وصلت لـ هاتفها، ربما توقعت من من، فكرت بعدم الاهتمام، لكن تراجعت وأخرجت هاتفها من حقيبتها كما توقعت كانت الرسالة من طوفان،فكرت بعدم قرائتها لكن تحكم الفضول أو بالأصح قلبها 
فتحت الرسالة،سرعان ما تهكمت من محتواها،وعادت إحد الكلمات:
جاي مخصوص عشاني... كداب. 



لم تهتم بالرد وتجاهلت الرسالة، وظلت بغرفتها لوقت حتى أنها غفت، صحوت تشعر بجوع، نظرت الى ساعة هاتفها كانت إقتربت من العاشرة مساءًا نهضت قائلة: 
أكيد طوفان زمانه مشي... أما اقوم أحضر لنفسي عشا خفيف وكوباية قهوة عشان أصحصح وأكمل البحث اللى الدكتور طلبه مننا. 



بالفعل بدلت ثيابها بأخري ملائمة للمنزل 
كنزه لها قُبعة على الرأس وبنطال من القطيفة، خرجت من الغرفة توجهت الى المطبخ مباشرةً تصنع ما تريده حتى إنتهت وضعته على صنية صغيرة، ثم كادت تتوجه الى غرفتها مرة أخرى لكن توقفت حين توقف طوفان أمامها... شهقت لوهلة وتمسكت بالصنية، ثم رفعت رأسها وتلاقت عينيها مع عيني طوفان الذي تبسم لها قائلًا: 
دُرة... ليه بتتهربي مني ومش بتردي عليا. 



توترت وهي تحاول مُحايدته  كي تمُر من جواره لكن هو قطع الطريق، نظرت له بحِدة قائلة: 
لو سمحت وسع من قدامي. 



رد ببرود: 
لاء مش قبل ما تجاوبي على سؤالي. 



تنهدت بضجر قائلة: 
راعي إنك فى بيت محترم وبلاش أسلوبك ده  معايا. 




        
          
                
تهكم قائلًا: 
أسلوب إيه يا دُرة. 



تنهدت بضجر قائلة بعصبية: 
كفاية يا طوفان، إنت خلاص بقيت شخص خاطب و.... 



قاطعها مُستغربً: 
مين اللى خاطب. 



تنهدت بضيق وعصبية قائلة: 
إنت، مش خطبت بنت عضو مجلس الشعب، متنساش تبقي تعزمني عالفرح عشان أتأكد إنك شخص كداب...ومشاعرك مُزيفة. 



-شخص كداب،ومشاعري مُزيفة.
هكذا كرر قولها،لكن شعر بوخزة قوية فى قلبه قائلًا:
منين جبتي الكلام ده.



أجابته بعصبية:
البلد كلها متشاعة بالخطوبة بتاعتك.



ضحك مُتهكمً بذهول قائلًا:
كمان،وأنا معرفش،بس إنتِ عرفتي منين،وإنت بقالك سنين منزلتش البلد. 



توترت قائلة: 
عرفت وخلاص، ولا إنت كنت عاوز تكتم عالخبر السعيد. 



نظر لها وضحك قائلًا: 
لاء طبعًا، بس أنا لو فعلًا خطبت مكنتيش هاجي هنا مخصوص عشان أقابلك وأعرف سبب عدم ردك عليا بقالك كام يوم، أكيد كنت هبقي مشغول بخطيبتي، كمان إيديا قدامك أهي فاضية، فين دليل خطوبتي. 



نظرت دُرة  ليديه، حقًا أصابعه خاليه من أي خواتم، لكن تفوهت بغباء: 
وهي الدبله بس دليل الخطوبة، الخبر متشاع حتى وصلي هنا يبقي... 



قاطعها بغضب: 
يبقي من الغباء إنك تصدقي يا دُرة، أنا لو فعلًا خطبت كان عدم ردك ميفرقش معايا، أنا عارف فعلًا فى إشاعة فى البلد إني خطبت، بس إشاعة كدابه معرفش مين طلعها وإيه مصلحته، أنا مش مسؤول عنها، بس فى خبر تاني يمكن لسه موصلش ليكِ هنا. 



نظرت له بسؤال وإندهاش سائلة بترقُب : 
قصدك إيه...كان إشاعة وبقي صدق.



ضحك متهكمً بمرارة:
لاء يا دُرة أنا عمري ما هرتبط ببنت غيرك لسبب واحد إن قلبي مدقش لغيرك سنين وأنا مش شايف غيرك قدامي،فعلًا أبويا عرض عليا خطوبة بنت النائب و....



رفعت دُرةعينيها بذهول بعد صمت طوفان تحشرج صوتها وهي تقول بخفوت:
وإنت وافقت؟..



هز رأسه بنفي قائلًا:
لاء يا دُرة..



تحشرج صوت دُرة وهي تسأله:
أمال إيه الخبر اللي قصدك عليه.



أجابها بطلاقة:
أنا قدمت إستقالتي فى النيابة.



جحظت عينيها، بذهول، سائلة بعدم إستيعاب: 
قدمت إيه؟. 



أجابها بتأكيد: 
قدمت إستقالتي خلاص إنتهي شغلي كـ وكيل نيابة 



بتلقائية سألته بإستفسار: 
ليه قدمت إستقالتك، كمان هتشتغل إيه  فى المُحاماة مع شاهر. 



هز رأسه بنفي قائلًا: 
قدمت إستقالتي  عشان أبقي حُر، ولاء مش هشتغل مع شاهر فى المحاماة، أنا همسك شُغل أبويا هدير المصانع بتاعتنا، يعني هبقي رُجل أعمال حُرة... مش سُفلية. 




        
          
                
غصبً ضحكت دُرة... وشعرت بالخزي، وظهر ذلك على ملامحها وهي تسأله: 
يعني إشاعة خطوبتك دي كذب. 



أومأ برأسه قائلًا: 
كذب فى كذب يا دُرة، مع إني نفسي فعلًا أخطب بس مش بنت عضو مجلس الشعب، بنت عمي "مُختار غُنيم"... 
توترت دُرة  وشعرت بالخجل وصمتت، ابتسم طوفان قائلًا: 
ها رأيك إيه إتقدم وهلاقي قبول. 



إرتبكت وتحشرج صوتها بخفوت أجابته: 
فاضل شهور وأتخرج، أجل الموضوع شوي. 



زفر نفسه قائلًا: 
وليه نأجله والخطوبة هتمنعك عن التخرج. 



هزت رأسها بنفي قائلة: 
لاء، بس عشان يبقي الإحتفال أتنين 
التخرج والخطوبة. 



ابتسم قائلًا: 
طب ما تبقي الخطوبة دلوقتي... ونكتب الكتاب مع التخرج. 



توترت بحرج قائلة: 
طوفان... أنا الفترة الجاية أهم فترة فى الدراسة خلاص خليني أركز عالدراسة وبعد التخرج... 



قاطعها طوفان بغمز: 
بعد التخرج هنتجوز مباشرةً يا دُرة. 



شعرت بالحياء وصمتت، وهي تحايد النظر له لكن هو تبسم يزداد فى قلبه العشق... وتمر الأيام  بين مد وجزر بينهما 
بين أكاذيب صادقة 
وصدق كاذب
ولكل شيء نهاية وهي كانت أختارت ما رأته صادق معها... هو عقد قرانها على حسام. 



" حسام"
ماذا لو إختلف القدر وكانت الآن متزوجة منه
لكن عقلها مازال يرفض الفكرة، وليتها كانت هي من قُتلت. 



فجأة شعرت بسُعال يزداد، لكن ذلك لم يؤثر، فجأة كأن شيئًا ببطنها إنفجر، وقفت تنظر الى ذلك السائل التي تشعر به، إزاد السّعال، بنفس وقت خروج طوفان من الحمام 
رفعت رأسها ببطء، عينيها تبدل لونها الى الاحمر الداكن من البكاء، وأثر السعال ما زال واضحًا على صوتها الضعيف وهي تستغيث بإسمه: 
طوفان
همست به بصعوبة، كأن كل حرف يخرج منها يشق الطريق بصعوبة عبر حلقها.



لم يستطع  النظر إلى تلك الدماء التي كانت تسيل فوق ساقيها، إنتبه لـسُعالها، رأئ قنينة الدواء على أرضية الغرفه بعيد قليلًا عن مكان وقوفها... سريعًا توجه الى ذلك المكان الذي إستقرت به قنينة الدواء،جذبها من على الارض وعاد نحوها 
رغم رجفة قلبه، لكنه حاول أن يبقى هادئًا...
جذبها برفق على صدره، وهو يشعر أن كل شيء حوله يتحطم تحت وطأة القلق...  عيناه مليئة بالذعر... 
برجاء تحدث لها:
دُرة  إفتحي شفايفك حاولي تتنفسي بهدوء.  



أغمضت عينيها للحظة لا تهتم بتنفُسها كُل ما يؤلمها هي تلك الدماء التى إندفعت منها كيف لا تدري سبب لها... وألم يفتك بصدرها وألم ينهش كيانها خوفً من أن تفقد جنينها... اليوم تأكدت أن بأحشائها جنين، لم تكُن ترفض وجوده، لكن كذالك لم تُفكر بذلك
والآن ما تشعر به 
هل عقاب أم إبتلاء... أنها تأخرت حتى تتأكد من حملها... 
ودموع تسيل  ونظرة طوفان لها تراه بغشاوة وعقلها ينسحب تدريجيًا وهي تهمس: 
أنا حامل يا طوفان، أنا خايفة عالجنين...
أنا بحبك يا طوفان، مقدرتش أكرهك رغم أكاذيبك عليا. 




        
          
                
غابت عن الوعي، فإنخلع قلب طوفان... حاول إفاقتها لكن إندفاع الدماء لم يجعله ينتظر كثيرًا سريعًا إرتدى ثيابه جذب وشاح للرأس وضعه على رأسها ثم حملها دون أن يأخذ معه سوا بطاقته الشخصية وبطاقة الائتمان الخاصة به، جيد أن الوقت تأخر والمنزل كان هادئًا، وضع دُرة بالمقعد الأمامي قام بربط حزام الامان عليها، قاد السيارة سريعًا، دقائق كان صوت إطارات السيارة يدوي وسريعًا ترجب من السيارة يحمل دُرة  يدخل الى المشفى طالبً المساعدة. 



بعد وقت وقفت الطبيبة تتحدث معه بعملية: 
التنفس بتاع المدام محتاج يتظبط هنساعد  بأنابيب الاوكسجين... بالنسبة للجنين اللى فى رحم المدام فأطمن اللى حصل شئ عادي وبيحصل مفيش منه خطورة، النزيف مكنش خطير وسيطرنا عليه بسهولة، المشكلة بس فى التنفس، 
إحنا دلوقتي حطينا المدام تحت الملاحظة لحد ما تفوق، وهنفضل متابعين تنفسها والنبض وكل المؤشرات الحيوية... لو استقر كل حاجة، تقدر تخرج من المستشفى وتكمل علاجها بالبيت
أما بالنسبة للبيبي، النبض كويس، والحركة كويسة، ومفيش أي علامات خطر... 
طبعًا لما تفوق هنعمل أشعة تانية  بس للاطمئنان، لكن لحد دلوقتي الأمور مستقرة... ممكن يكون اللى حصل ضغط عصبي
أنا عارفة إنك قلقان، بس صدقني الوضع مش محتاج هلع... خلّي بالك منها، أول ما تصحى، وجودك جنبها هيفرق كتير مع حالتها. 



أومأ للطبيبة برأسه قائلًا: 
شكرًا يا دكتورة. 



غادرت الطبيبة  ظل طوفان وحده مع دُرة بالغرفة، نظر نحو وجهها الذي عاد له بعض الحيوية
اقترب منها ببطء، كأن خطواته تُحسَب على نبضها، جلس على طرف السرير... نظر نحو وجهها الذي عاد يحمل ملامحها الهادئة، رغم شحوب التعب... كان يتأمل كل تفصيلة فيها، .
تنهد بحرارة، ومدّ يده بحذر، مررها برفق على يدها الباردة كأنها قطعة من روحه يخشي أن يضغط عليها فتتألم، أو يتركها فتضيع.



همس بصوت مكسور:
أنا هنا... مش هسيبك تاني، ولا هبعد عنك.
سامحيني... عمري ما كذبت عليك لكن القدر دايمًا عكس صدقي معاكِ 



صمت لحظة، وكأن عينه تترقّب أي رد فعل منها، رعشة جفن، حركة إصبع، أي شيء.
لكنها ظلت كما هي، هادئة، نائمة، مستسلمة لعالم آخر... خفض رأسه، وأسند جبهته على يدها، كأنها طوق نجاته الأخير.



نهض من جوارها جلس على مقعد بالغرفة، لم يدري كيف سحبته غفوة، إستيقظ على صوت همس فتح عيناه نظر نحو دُرة،كانت غافية...لكن كأنه همسها... نهض نحوها ملامحها مُسترخية، شعر بهدوء، ذهب نحو تلك النافذة أزاح ذلك الستار،وضع يديه بجيب بنطاله  ونظر للخارج، كانت الشمس بالكاد تسطع من بعيد،  زفر نفسه بقوة وهو يتذكر قبل ساعات 
شِجاره مع دُرة
بالعودة قبل ساعات 
نظرات العين بين وليد ودُرة كفيلة أن تجعل دُرة تنهض وتقتله، بينما هو رغم الرعب الذي يشعر به لكن تبجح عن قصد إقترب من وجدان وإنحني يُقبل يدها لكن  وجدان سحبت يدها بغضب  ونظرت نحو دُرة التى يُشير عليها عقلها وهي تنظر الى تلك السكين الصغيرة الموضوعة بطبق يحتوي على أنواع فاكهة، تحركت وجدان سريعًا جذبت وليد وخرجت من الغرفة بينما دُرة جذبت السكين وأشار عقلها عليها بقتله، لكن فجأءة شعرت نغزة ببطنها، وضعت يدها على بطنها، وعادت لوعيها وضعت السكين مكانها وصعدت الى غرفتها تشعر بغضب عارم، وحرارة من نظرة عين ذلك القاتل الذي كأنه يتحداها، هو فعلًا  كان كذالك
فعلًا... عصبية تتملك منها تلوم نفسها، ذلك الوغد الذي كان يتبحج بنظرته لها قبل فترة وجيزة امامها كان الهلع ينضخ من عيناه، لكن هو مثل طباع الجبناء حين يظنون أنهم ذو قيمة.... 
ذهبت نحو شُرفة الغرفة دون سبب، أو ربما لسوء الحظ، كان طوفان فى ذلك الوقت يترجل من سيارته، رفع رأسه نحو شُرفة الغرفة، لوهلة تبسم حين رأي دُرة لكن سُرعان ما تغضنت ملامحه، حين رأي وليد، نظر له باستهجان قائلًا  بعُنف: 
إيه اللى جابك هنا، أنا مش مانع تدخل البيت ده. 




        
          
                
ببجاحه من وليد تفوه ببرود: 
عمتي وحشتني، كمان كنت عاوزها فى موضوع خاص. 



بعصبية اشتعل صوته طوفان وهو يقترب منه بحدة:
موضوع إيه ده... وحتى لو دخولك هنا ممنوع، كان سهل تتصل  وتكلم عمتك، تقابلها بره بيتِ. 



شعر وليد بالغضب يغلي في صدره، لكنه تراجع خطوة للخلف، يخشى من قوة وقسوة طوفان  ونظراته المشتعلة.... حاول أن يبرر مرة تانية، صوته منخفض ومحمل بالخذلان:
هو أنا وأبوي مش قدمنا كفنا يعني....



لكن طوفان لم يمنحه فرصة، قاطعه بصوت هادر ودفعه من كتفه بقوة كادت تطرحه أرضًا:
إنت قاتل ومهما عملت، عمر إيدك ما هتنضف من الدم واللي زيك مستحيل يتغفر له غور من  من بيتِ، ومتحاولش تقرب تاني... ولو شوفتك هنا مرة تانية، ساعتها مش هفكر... وهتعامل معاك زي ما تستحق. 



وقف وليد مكانه لحظة، عينيه متسعة وملامحه متشنجة بين الذل والغضب، كأن الكلمة الأخيرة غرست فيه شوكًا... حاول يفتح يتفوه بكلمة،  لكن صوته خانُه.



بينما طوفان ما زال يققف، صدره يعلو ويهبط من الغضب، وعروقه نافرة في رقبته، ونظراته كأنها نار حامية، ليته يُطلقها ويحرق ذلك القاتل... لكن تحدث بصوت ثابت أقوى ةأكثر تهديدًا:
يلا غور من هنا أخرج على رجلك بدل ما أخرجك على نقالة. 



عض وليد على شفته، وابتلع غصة الغضب، وتصرف بخوف وغادر سريعًا، بينما دلف طوفان الى داخل المنزل، تقابل مع والدته من ملامحه المُتجهمة علمت أنه تقابل مع وليد زفرت نفسها، بينما تسأل طوفان: 
الحقير ده كان هنا عاوزك ليه. 



أجابته: 
معرفش أنا مدتش له فرصه وطردته وقولت له ممنوع يدخل هنا مره تانية. 



تنهد طوفان بغضب بينما رأفت وجدان بـ طوفان  قائلة: 
هدي أعصابك وإطلع خدلك دُوش هيروقك، ومتحطش وليد فى دماغك، أكيد متخانق مع عزمي وجاي عشان اتوسط له زي قبل إكده لكن أنا مستحيل أدخل فى أي أمر له بعد كده. 



أومأ طوفان قائلًا: 
تمام هطلع أخد دوش وأكلم خالي سبق وحذرته إن أي هفوة من وليد هو اللى هيبقي مسؤول قدامي. 



وضعت وجدان يدها على كتف طوفان بأمومة قائله: 
بلاش تعصب نفسك، وأطلع مراتك كانت داخلة من شوية مبسوطة. 



شعر طوفان بوخز قوي في قلبه بالتأكيد رؤيتها لذلك القاتل، سيكون لها تأثير، بالفعل صعد بمجرد أن فتح باب الغرفة نظرت له قائلة: 
دايمًا مُخادع وكذاب. 



فهم سبب قول دُرة... شعر بعصبية قائلًا: 
دُرة  حاذري من كلامك. 



تهكمت  وإقتربت منه بغضب قائلة: 
هتبرر وجود وليد هنا بإيه، وقوفك معاه فى الجنينة تتسايروا سوا...أكيد كنت بترحب بيه... جوازنا كان غلطة إني صدقتك، إنت دايمًا بتكذب عليا، الكذب هوايتك اللى متقدرش تستغني عنها، زي السجاير بتجرى فى دمك. 



نظر لها بغضب صمت  للحظات قبل أن يندفع قائلًا  : 
تعرفي يا دُرة هتفضلي طول عمرك مُتسرعة وتحكمي بالظاهر، أنا راجع مُرهق من الشُغل هدخل أخد شاور... نظرت  له بغضب هو يُغلق باب الحمام 



عاد مُبتسمً حين رأي تلك العصفوران الللذان وقفا على سور بالمشفي كأنهما يلعبان معًا أحدهما يقف والاخر يدور حوله ثم طارا معًا كأن بينهما وعدًا بالبقاء  والرحيل معًا. 
بنفس الوقت سمع همهمات خافتة من خلفه... إستدار ينظر خلفه يقترب من الفراش كانت دُرة تفتح عينيها ببطئ، تألمت عينيها  فى البداية من الضوء أغمضتهما ثم عادت تفتحهم، تبسم لها طوفان وهو ينحني يُقبل جبينها، سمع  همسها: 
أنا فين... إيه اللى جرالي. 



رده كان بسيط: 
إحنا فى المستشفى. 



اخترق قلبها جوابه كسهْمٍ بارد. وضعت يدها فوق بطنها بقلق، ونظرت إليه بعينين مرتجفتين.
... تبسم  لها قائلًا ببطئ جعل قلبها يخفق بشدة: 
للآسف..... الجنين.... لسه.... موجود. 



كلماته كانت  متقطعة،بطيئة... لكنها كانت كافية لتجعل قلبها يخفق بعنف،  فرحًا  بصداها فى قلبها. 
«يتبع»  


 •تابع الفصل التالي "رواية طوفان الدرة" اضغط على اسم الرواية 

google-playkhamsatmostaqltradent