رواية قلوب ابت النسيان الفصل الثالث 3 - بقلم اية الفرجاني
=مش مشكلة أصلها لسه جديدة ولسه بتتعلم صح يا آية
بصت ناحية مصدر الصوت لقت شيماء واحدة من زميلاتها، واللي واضح جدًا إنها مستمتعة بالموقف
ياسين رفع عينه من الورق، بص لشيماء بنظرة بارده وقال بحده
=مين سمحلك تدخلي المكتب بدون إذن
ردت بتوتر
=حضرتك انا
_اخرسي
كانت هتخرج فقال بصوت عالي “استني عندك كلامي لسه مخلصش” بصلها بحدة وتحزير قبل ما يرجّع بعينه لآية قال
متأكدة إنك فاهمة شُغلك؟
ردّت بثبات
=متأكدة ولو حضرتك شايف غير كده ياريت تحدد الغلط بالظبط
عيونه ركّزت عليها للحظة، وكأنها أول مرة فعلًا تلفت انتباهه ابتسامة صغيرة جدًا لمعت على طرف شفايفه لكنها اختفت بسرعة
=تمام عندك فرصة تثبتي ده الاجتماع اللي بعد ساعة هتكوني موجودة فيه، وعايز أسمع منك تقرير كامل
اتسعت عيون شيماء شوية واضح إنها ماكنتش متوقعة كده
أما آية فوقفت لحظة، استوعبت التحدي الجديد وبعدين بصت لشيماء وهيا خارجه وابتسمت اخدت الملف ورجعت لمكتبها
رفع نظره بصلها كانت متوتره فقال بحدة
=أستاذه شيماء عاوز التقارير الماليه للشركه ل 6 شهور الي فاتت تكون قدامي في الاجتماع بعد ساعه
اتصدمت وقالت
بس يفندم ازا…
رد بحده
=مش عاوز تبريرات علي مكتبك
بعد ساعه
الاجتماع كان حاد زي ما توقعت بالظبط
شيماء قاعده بتبصلها بعصبيه وهيا شايفه نظرات ياسين ليها وهي واقفه قدام شاشه العرض
آية خدت نفس وهي شايلة الفايل
قامت وقفت بصوت ثابت: أنا قمت بتحليل شامل لأداء القسم المالي خلال الست شهور اللي فاتت
واللي لاحظته إن في تراجع في المصروفات التقديرية بنسبة ١٤٪ وده بسبب إعادة هيكلة بعض البنود
كمان في ارتفاع في الإيرادات بنسبة ٩٪ بسبب التعاقدات الجديدة مع شركاء خارجيين
الهدوء ساد والهمهمات اشتغلت
لكن الي حصل كان لما واحد من مديري الأقسام اتكلم
“بصراحة مش متوقع إن الموظفين الجداد يكونوا بالقدرة دي بس آية أثبتت إنها فاهمة شُغلها كويس بجد براڤو عليك
اللي قاله المدير كان واضح وصريح لكن اللي آية شافته في عيون ياسين كان حاجة تانية… مزيج غريب من التأمل والتقييم… وكأنها بقت في دائرة اهتمامه سواء للأفضل أو للأسوأ
أما شيماء، فوقتها بس استوعبت إن خطتها فشلت وإن آية مش بالسهل توقع
خلص اليوم
والجو بقي ليل وآية كانت مرهقة، لكن حتى وهي نايمة… كان في ارهاق بسبب الأحلام الي ماوقفتش
جري… خوف… قلبها كان بيدق بسرعة رهيبة
“إنتي لازم تلاقيه… هو الوحيد اللي يقدر يحميكي”
“مين؟”
“هو… الشخص اللي كان دايمًا معاكِ
وفجأة، ظهر وِش… كان ضبابي، لكنها حسّت إنها شافته قبل كده
وبعدين… لمحت عيون، كانت حادة، قوية، مليانة غموض…
عيون… شبه عيون ياسين
فتحت عينيها بفزع، قلبها كان بيدق بسرعة، والعرق برد على جسمها الحلم كان واضح، بس في نفس الوقت ضبابي… إيه معناه؟ وليه حسّت إن العيون دي قريبة؟
هزّت راسها، قامت بسرعة النهار طلع
أخدت نفس وقررت تنسى، عندها شغل، وعندها ياسين اللي واضح إنه مش ناوي يسهّل عليها أي حاجة
وفي نص اليوم استعدها علي المكتب
“أُققعدي”
قعدت وهي متوترة، لكنه رفع عينه ببرود، قال
“مش عايز توتر ولا كلام فاضي، إنتي دلوقتي في مكان مش بسيط، ولو مش قادرة عليه ممكن تنسحبي من دلوقتي”
قبضت إيديها تحت المكتب، حست إنها عايزة ترد، تفرّغ اللي جواها، بس حافظت على هدوئها
مش انا الي انسحب حضرتك وصلت لهنا بمجودي
رفع حاجبه وابتسامة صغيرة جدًاتكاد لا تُرى لمعت على طرف شفايفه
“هنشوف”
راجعت على مكتبها، لكن لقت شيماء واقفة بتتكلم مع مجموعة من الموظفين، ولما شافتها، ضحكت بسخرية
واضح إنك عاملة مجهود عشان تثبتي نفسك… بس يا ترى حد واخد باله؟
قررت ما تردش، لكن واحدة من الموظفات قالت بصوت مسموع
“لا ياسين باشا واخد باله
ضحكوا، وكأنهم بيرموا كلام في وشها، لكن قبل ما آية تفتح بُقها وترد سمعت صوت حاد من وراها
عندكوا وقت للكلام الفاضي؟
“اللي مشغولين بالقيل والقال ممكن يفضوا مكاتبهم من دلوقتي في ناس محتاجه المنصب ده”
الهدوء ساد والعيون كلها كانت على ياسين، اللي بص لآية لثانية قبل ما يتحرك ويرجع مكتبه، وكأن اللي حصل ماعنهوش أي أهمية
لكن آية؟
حسّت لأول مرة إن الصراع اللي بينهم… بقى أعمق من مجرد شغل والايام بتمر وياسين كان بيقف ليها علي اي غلطه كأنه بيتلكك ليها لحد ما بقت تكره تروح الشغل بسببه وسبب الزياده الي بيحطها ليها
والسبب غير معلوم وكمان كلام الموظفين عنها الي مبيخلصش
وفي يوم دخلت آية الشركة متأخرة شوية بسبب الموصلات وزحمه الطريق، ولما وصلت، لقت الدنيا مقلوبة
سألت زميله ليها وهي بتقعد علي مكتبها
“في أي”
كان في ناس بتسأل عنك برا! وشكلهم غريب كله كان خايف منهم
التفتت بسرعة لزميلتها اللي قالت الجملة بصوت متوتر
ناس مين؟
“مش عارفة بس شكلهم غريب وسألوا عنك بالاسم لما الأمن حاول يمنعهم اختفوا!
حسّت بقشعريرة بتمر على ضهرها ليه حد غريب يسأل عنها؟
لكن قبل ما تكمّل تفكير سمعت الصوت اللي بدأت تخاف منه
“ممكن أفهم ليه بتضيّعي وقت في الكلام الفاضي بدل ما تشتغلي وجاية متأخر؟”
كان واقف قدامها نظراته كانت حادة، لكنه لمح الارتباك على وشها فسألها بقلق
مالك في إيه انت بخير؟
اترددت لحظة لكن قررت تخفي قلقها
“مفيش حد سأل عني برا مش مهم الموضوع ”
بصّ لها بتمعّن، وكأنه مش مقتنع، لكنه قرر ما يضغطش عليها وبدل كده قال بصوته البارد
“مايهمنيش إيه اللي بيحصل برا جوه الشركة لازم تركّزي”
وياريت تبقي تجي في معادك
قال كده ومشى اتنفست براحه وخلصت شغلها بدون ما تحتك بيه تاني ورجعت البيت كان منهكه جدا
لقيت اهلها بيتعشوا
امها قالت بابتسامة
حمدلله على السلامة ي يويو اغسلي ايدك بقا وتعالي اتعشي معنا
“لا ي ماما انا كل حلمي دلوقتي شويه نوم بس”
ابوها بصلها وقال بقلق
مالك ي آية
ابتسمت وقالت
مفيش ي غالي تعبانه من الشغل بس
عن اذنكم بقى بالهنا
“ابقي قومي بدرى ي آية عشان هتجبلي الي قولت عليه”
حاضر ي حبيبي بس كده من عيوني
الليل كان طويل، و من التعب محستش بحاجه واول ما نامت… الحلم رجع من جديد
كانت بتجري في ممر ضيق، خطواتها سريعة، والخوف كان مسيطر عليها
“ساعدني!!”
الصوت خرج منها بدون تفكير، لكنها ماعرفتش بتكلم مين، فجأة لقت شخص واقف قدامها، ضهره ليها ملامحه مش واضحة، لكنه كان مألوف بشكل غريب
ولما استدارت تشوف مين وراها…
شافتهم
عيون سودا ملامح قاسية، ناس شكلهم زي قتالين القتلة وكانوا بيتحركوا ناحيتها بسرعة! او بالاحرى بيجروا ورها
قامت مفزوعه نفسها مش قادره تخده، قلبها بيدق بسرعة مسحت العرق اللي على جبينها وهي تحاول تستوعب اللي شافته
مين دول؟ وليه بحلم بالحاجات دي؟
&&&&&
في نفس الوقت في مكان بعيد، كان في اجتماع بيتم في السر بين مجموعه وشوش غريبه ولهجه اغرب
“لازم ننهي الموضوع ده بسرعة، البنت دي ماتفضلش عايشة أكتر من كده عشان الموضوع يتم بأسرع وقت ”
“ماتقلقش، كل حاجة تحت السيطرة، قريب جدًا… هنخلّص عليها احنا قدرنا نلقيها وعرفنا مكان شغلها قريب هنني الموضوع ده
عند ياسين رجع بيته وهو بيفكر في آية مش فاهم ليه لما بيشفها عقله بيقف يمكن معاملتها ليها هو دافع انو ميبينش ضعفه واحساسه لما بيشفها
قرر ينام، لكن عقله كان ليه رأي تاني
— لقي نفسه في مكان غريب، ممر طويل، الحيطان كانت حجرية، كأنها قلعة قديمة الجو كان مليان ضباب لكنه سمع صوت…
“ساعدني!!”
وقف مكانه قلبه بيدق جامد الصوت ده… ليه مألوف؟ ليه حسّه كأن حد بينادي عليه من أعماق روحه؟
اتلفت حواليه لكن كل اللي شافه كان ضباب وعيون سودا من بعيد… كأن في حد بيراقبه
وفجأة…شافها
بنت واقفة في النص وشها مش واضح، لكنها كانت بتبص له بنظرة خوف وتوسّل
“انتِ مين؟”
حاول يتحرك ناحيتها، لكن رجليه متحركتش، كأن الأرض مسكه في
“ياسين…”
اتصدم واتسمرازاي تعرف اسمه؟!
وقبل ما يفهم أي حاجة، صرخة قوية هزّت المكان، والبنت اختفت فجأة، ولقى نفسه محبوس بين الجدران اللي بدأت تقرب عليه!
فتح عيونه بفزع، قعد على السرير وهو ينهج، قلبه بيدق بسرعة كأنه كان بيجري في سباق
إيه ده… إيه اللي بيحصل؟
مسح عرقه وهو يحاول يستوعب، بس الحلم كان مختلف المرة دي
كان واقعي… حقيقي… وحاسس إن الصوت اللي ناداه فيه …كان حد مؤلف ليه
يتبع….
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية قلوب ابت النسيان ) اسم الرواية