رواية اسيره في مملكة عشقه الفصل الثالث 3 - بقلم سليا البحيري
أسيرة_في_مملكة_عشقه
فصل 3
في مطار دمشق الدولي ، كانت غزل نازلة من الطيارة بخطوات واثقة، شعرها البندقي الطويل بيطير وراها مع الهوا الخفيف. عينيها الزرق الفاتحة بتلف المكان، كإنها عدسة كاميرا بتدور على التفاصيل. شايلة شنطة ظهر صغيرة على كتفها، وفي إيدها شنطة سفر خفيفة. رغم شكلها اللي يبين إنها بنت غنية، إلا إن ملامحها مليانة إصرار وما تعرفش التراجع.
غزل (بتفكر بصوت داخلي وهي بتبص حوالينها):
"هنا، في البلد اللي مزقته الحرب، هحكي الحكايات. مش من ورا الشاشات، لا، من قلب الحدث. ده دوري، والحقيقة اللي بدور عليها."
بتكمل خطواتها ناحية صالة الاستقبال، وهناك بيستناها موظف المكتب من القناة. راجل في الأربعينات، شكله مرهق بس عنيه فيها جدية كبيرة.
الموظف (بابتسامة خفيفة):
"أهلاً بيكي يا آنسة غزل. شجاعتك تستحق الاحترام، بس الوضع هنا مش سهل خالص."
غزل (بنبرة حازمة):
"ماجيتش هنا أدور على راحة، أنا هنا علشان أقول الحقيقة زي ما هي، من غير تجميل ولا تغيير. الحرب مابتعرفش المجاملات."
الموظف (بيتنهد):
"ده اللي متوقعينه منك، بس لازم تبقي حذرة. هنا الكلمة ممكن تبقى سلاح خطير."
غزل (بثقة):
"عارفة ده كويس. وأنا مستعدة أتحمل المسؤولية. بس وريني الفريق والمكان اللي هنبدأ منه."
بيركبوا العربية اللي مستنياهم برة المطار، وعيني غزل بتفضل تلف حوالينها. وهي ماشية، بتشوف ست كبيرة شايلة طفل صغير، شكله تعبان والخوف مالي وشه. غزل تبص عليهم لحظة، وبعدها تهمس لنفسها:
غزل (بصوت واطي):
"دي الحكايات اللي تستحق إنها تتقال... علشان كده أنا جيت."
بتقفل باب العربية بعد ما تركب، ونظرتها الجادة لسه ثابتة. الحرب قاسية، بس إرادتها أقوى بكتير.
********************
في فيلا الشرقاوي ، في اوضة سليم و ميار ، ميار تجلس على السرير مرتدية بيجامة حريرية ناعمة، تقلب صفحات كتاب بيدها، بينما سليم يدخل الغرفة بعد أن أنهى مكالمة عمل طويلة. يبدو عليه الإرهاق، لكنه يبتسم بمجرد أن تقع عينه على ميار.
سليم (بابتسامة متعبة):
"لسه قاعده بتقري؟ إنتي مش بتزهقي من الكتب دي؟"
ميار (بهدوء وهي ترفع عينيها نحوه):
"بقرأ علشان أهرب شوية من دوشتكم، أنت والأولاد."
سليم (يقفل باب الغرفة ويقترب منها):
"دوشتنا؟ إنتي عارفة إن البيت ده كله قايم عليكي، مش علينا."
ميار (تبتسم بخفة):
"مش عارفة ده مدح ولا ذم، بس عموماً أنا مش هغلب."
سليم (يجلس بجانبها على السرير ويسحب الكتاب من يدها):
"ولا مدح ولا ذم، بس عايز أقولك إنك واخدة كل طاقتي."
ميار (تضحك بخفة):
"طاقتك؟ ما شاء الله عليك، بتصرف طاقتك كلها في الشغل والطلبات، وأنا مجرد جملة على الهامش."
سليم (بنبرة وقحة ومزاح):
"يا سلام؟ وأنا كنت فاكر إنك عارفة إن كل حاجة بعملها عشانك. حتى الوقاحة دي، ليها سبب."
ميار (تتظاهر بالاندهاش):
"وقاحة كمان؟ طيب يا سيد الوقح، وريني الوقاحة دي بتعمل إزاي."
سليم (يميل نحوها ويهمس):
"مش هتعلميها، دي موهبة، وأنا موهوب في حاجات كتير."
ميار (تبتعد بخفة وهي تضحك):
"موهوب أوي يا سليم! بس خليني أقولك، لو فكرت تهرب من النوم بدري عشان شغلك بكرة، أنا هحبسك في البيت."
سليم (يمسك يدها ويقترب منها):
"مين قال إني عايز أهرب؟ أنا هنا، والليلة لسه طويلة."
تضحك ميار بخجل بينما سليم يضع يده على خصرها بلطف. الجو يمتلئ بالدفء والرومانسية، ورغم وقاحته الخفيفة، إلا أن الحب بينهما واضح وعميق.
سليم يحتضن ميار برفق وهو يلاحظ شرودها المفاجئ. ميار تسند رأسها على كتفه وصمت ثقيل يخيّم للحظات.
سليم (بلطف وهو يمرر يده على شعرها):
"إيه اللي شاغل بالك كده؟ مش متعود أشوفك سرحانة."
ميار (بصوت متهدج):
"غزل... قلبي مش مرتاح يا سليم. من يوم ما قالت لنا إنها رايحة سوريا وأنا حاسة بشيء غريب."
سليم (ينظر إليها بقلق):
"غزل بنتنا قوية، وعارفة هي بتعمل إيه. إحنا وافقنا على شغلها رغم مخاوفنا عشان نديها الحرية اللي عايزاها."
ميار (تبتعد عنه قليلًا وتنظر في عينيه):
"عارفة إنها قوية، بس مهما كانت قوية، دي بنتنا يا سليم. وسط الحرب، مفيش حد قوي كفاية. أنا أم، وقلبي مش مطاوعني."
سليم (يحاول طمأنتها):
"بصي يا ميار، غزل مش لوحدها هناك. القناة معاها فريق كامل، وهما مش هيعرضوها للخطر. وبعدين، هي وعدتنا إنها هتفضل على اتصال."
ميار (بقلق واضح):
"بس الأخبار يا سليم... كل يوم نسمع عن القصف والمعارك. أنا حتى مش عارفة هي فين بالضبط دلوقتي. كل اللي بفكر فيه إنها لو حصلها حاجة، أنا مش هسامح نفسي."
سليم (يحاول تهدئتها):
"ميار، كفاية تفكير سلبي. إحنا لازم نكون سند ليها، مش نزيد عليها الضغط. هي اختارت الطريق ده، وإحنا دورنا نثق فيها ونكون داعمين."
ميار (تضع يدها على قلبها):
"عارفة، بس في إحساس جوايا مش فاهمة سببه. زي ما يكون قلبي قابض عليها."
سليم (يمسك يدها بحنان):
"إحساس الأم عمره ما بيغلط، بس غزل بنتك، وبنتك مش سهلة. إحنا علمناها إزاي تواجه الدنيا، وده اللي هيساعدها."
ميار (بصوت ضعيف):
"بس أنا خايفة عليها، يا سليم. خايفة جدًا."
سليم (يشدها إلى حضنه):
"وأنا كمان خايف، بس عمرنا ما هنقدر نحميها من كل حاجة. كل اللي نقدر نعمله إننا ندعي لها، ونستنى لحد ما ترجع لنا بخير."
ميار (تمسح دموعها بسرعة):
"هتتصل بيها بكرة الصبح، عايزة أسمع صوتها وأطمن عليها."
سليم (يبتسم بخفة):
"ويا ترى هتسيبيها تكمل شغلها ولا هتحاولي ترجعيها؟"
ميار (بتصميم):
"لو عليّ، كنت رجّعتها من أول يوم. بس أنا عارفة إنها مش هتسمع الكلام. بنتك راسها ناشفة زيك بالضبط."
سليم (يضحك):
"آه، شبه أبوها في الناشف، وشبه أمها في الجمال. مزيج خطير، ربنا يستر علينا منها."
يبتسمان معًا رغم القلق الذي يسيطر عليهما، وكل منهما يحاول أن يكون قويًا من أجل الآخر.
في وسط حديثهما، يُفتح باب الغرفة ببطء، وتطل حور برأسها الصغيرة من وراء الباب. شعرها الطويل الفاتح ينسدل على كتفيها، وعينيها الواسعتين تلمعان بالخجل والفضول.
حور (بصوت خافت):
"ماما... بابا... ممكن أنام معاكو النهارده؟"
ميار (تبتسم بلطف وهي تمسح دموعها بسرعة):
"إيه يا حور؟ إنتي مش قلتِ إنك كبرتي ومش عايزة تنامي معانا تاني؟"
حور (تتقدم بخطوات صغيرة وهي تمسك دميتها):
"عارفة... بس النهارده حاسة بخوف. غزل مش هنا... وأنا عايزة أبقى معاكو."
سليم (يبتسم ويرفعها لتجلس على السرير):
"إيه ده؟ حور الجميلة بتخاف؟ مين قال كده؟ أنا هنا، وماما هنا، ومفيش حاجة تخوفك."
حور (تنظر إلى والدتها بجدية طفولية):
"ماما، غزل هترجع إمتى؟ وحشتني أوي."
ميار (تحاول إخفاء قلقها وتضمها):
"غزل مسافرة شوية علشان شغلها يا حبيبتي. لكن هي كويسة وهتكلمنا قريب جدًا. إنتي ما تخافيش."
حور (بتنهيدة):
"بس يا ماما، كل مرة غزل بتسافر، أنا بحس إن البيت بيبقى ناقص حاجة."
سليم (يضع يده على كتف حور):
"عارفة يا حور؟ غزل بطلة، وبتعمل حاجة مهمة جدًا. وإنتي لازم تكوني فخورة بيها."
حور (ترفع رأسها بفخر طفولي):
"أنا فخورة بيها، بس أنا عايزاها ترجع بسرعة. وهقولها كده لما تكلمنا."
ميار (تقبل رأس حور):
"إن شاء الله يا حبيبتي، هترجع قريب وكلنا هنبقى فرحانين."
حور (تستلقي بينهما وهي تمسك دميتها):
"طيب، مش هسيبكوا تناموا لوحدكم. أنا هفضل معاكم لحد ما غزل ترجع."
سليم (يضحك وهو يغطيها بالبطانية):
"ده شرف كبير لينا، يا حور هانم بس لو هتقعدي معانا، لازم تسكتي شوية علشان ننّيم ماما."
حور (تغمض عينيها بخبث طفولي):
"ماشي، بس لو حلمت بغزل، هصحّيكوا تحكولي عن الحلم."
ميار (تضحك بهدوء):
"وأنا هستنى الحلم ده، يا حببتي."
يضُم الثلاثة بعضهم، وكل منهم يحمل في قلبه أملًا وحبًا، رغم القلق الذي يلفهم جميعًا. وبعد فترة قصيرة نامت حور الصغيرة في وسطهما، وصمت ميار وسليم، كل منهما غارق في أفكاره عن غزل.
******************
في منزل والد غيث، غيث جالس في غرفته البسيطة. أوراق وكتب متناثرة على مكتبه الخشبي، ومصباح المكتب الصغير يضيء المكان بضوء خافت. صوت أمواج البحر من بعيد يُضفي هدوءًا على الأجواء، لكن أفكاره مشوشة. يمسك قلمًا بين أصابعه ويضغطه على الورق دون وعي، بينما يحدق في دفاتره دون أن يقرأ فعلًا.
غيث (محدثًا نفسه):
"اتجوز؟ أنا؟ ماما كانت بتتكلم بجد؟ ولا بتختبرني بس؟ يعني لسه 19 سنة... وعندي الكلية والشغل اللي لازم أبدأ أدور عليه بعد التخرج... هي عايزة مني إيه؟"
يتكئ غيث على الكرسي ويمرر يده في شعره بعصبية، ثم ينظر إلى صورة عائلية صغيرة موضوعة على طرف المكتب، يظهر فيها مع والدته، والده، وشقيقه الصغير أمجد.
غيث (بنبرة خافتة):
"أكيد ماما خايفة عليا... يمكن شايفة إن الجواز هيخليني أركز أكتر في حياتي. بس أنا مش مستعد... يعني... لسه مش جاهز أشيل مسؤولية حد تاني غير نفسي."
يُغلق الكتاب أمامه بعصبية، ثم يقف ويتجه نحو النافذة المطلة على الحي الهادئ. يفتح النافذة ويستنشق هواء الليل العليل، ثم يعود ليجلس على سريره، يحتضن وسادة صغيرة ويفكر بصوت عالٍ.
غيث:
"طب حتى لو فكرت... مين اللي ممكن توافق تتجوزني دلوقتي؟ إحنا عيلة بسيطة... مش هنلاقي بنت راضية بحياة زي حياتنا. وبعدين... أنا عندي أحلام... عايز أنجح وأكبر... مش عايز أتسرع."
في هذه اللحظة، يدخل أمجد، شقيقه الأصغر، إلى الغرفة حاملًا كرة صغيرة في يده.
أمجد (بفضول):
"غيث! إنت بتتكلم مع مين؟"
غيث (ينظر إليه مبتسمًا):
"بتكلم مع نفسي يا عبقري. كنت بفكر في اللي ماما قالته النهارده."
أمجد (يجلس بجواره):
"ماما كانت بتقولك تتجوز؟"
غيث (يضحك):
"آه، أمال إنت كنت سامع؟ ولا بتتصنت؟"
أمجد (مازحًا):
"أنا مش بتصنت، بس بصراحة، لو اتجوزت، أنا مش هكون لوحدي في البيت. هبقى أسيب كل شقاوة البيت على مراتك."
غيث (يمسكه ويفرك شعره):
"يعني بتخطط تخرب الدنيا قبل ما أنا حتى أفكر؟!"
أمجد (يضحك):
"لا، بس أنا مش شايفك عريس دلوقتي. لسه صغير، ولا حتى عرفت تطبخ لنفسك."
غيث (يتنهد):
"بالظبط، لسه صغير... ماما مش فاهمة إن حياتي دلوقتي كلها مذاكرة وأحلام. الجواز مش ضمن الخطة دلوقتي."
أمجد (ببراءة):
"طب ما تقولها كده. أنا هروح أقولها إنك خايف تطبخ لوحدك."
غيث (يضحك ويرمي الوسادة عليه):
"اطلع بره، يا شقي!"
أمجد يهرب من الغرفة وهو يضحك، وغيث يبتسم رغم أفكاره المتضاربة. يعود إلى مكتبه، يحاول التركيز في دراسته مرة أخرى، لكنه لا يزال يسمع كلمات والدته تتردد في ذهنه.
*******************
في صالون الفيلا الفخم، حيث الأرائك المزخرفة والطاولات الخشبية القديمة ذات النقوش الذهبية. الجد الأكبر نادر الشرقاوي يجلس على كرسيه الخشبي المفضل، يداعب عصاه المزخرفة برأس فضي. صفاء تجلس بجواره، تنسق أوراق الشاي على الطاولة. أما عادل، فيجلس قبالتهم، يُمسك بجريدة لكنه لا يقرأها، فقد شرد في حديث غزل الأخير.
نادر (بصوت هادئ وحكيم):
"غزل دي بنتي الصغيرة، مهما كبرت في عيونكم، لسه شايفها الطفلة اللي كانت تجري حوالينا في الجنينة."
صفاء (بتنهيدة قلقة):
"وأنا كمان يا عمي. مش قادرة أستوعب إنها في سنها ده عندها كل الشجاعة دي إنها تروح أماكن زي دي. سوريا يا نادر! هناك حرب!"
عادل (بحزم):
"غزل دي عنيدة. واخدة العند ده من سليم، ابننا، ومنك يا بابا كمان. ما حدش يقدر يثنيها عن قرارها."
نادر (يبتسم بخفة):
"آه، العند ده وراثة، بس عنادها فيه خير. غزل مش بتعمل حاجة إلا وهي واثقة إنها صح."
صفاء (بقلق):
"بس أنا قلبي مش مطمن. دايمًا لما تغيب عن البيت كده، بحس كأن في حاجة وحشة هتحصل. دي صغيرة لسه، إيه اللي دخلها الصحافة والمغامرات دي كلها؟"
عادل (يحاول طمأنتها):
"صفاء، غزل مش صغيرة زي ما إنتي فاكرة. البنت دي شاطرة وذكية. وأنا متأكد إنها بتاخد بالها من نفسها كويس."
نادر (ينظر لعادل بجدية):
"بس يا عادل، لازم إحنا كمان ناخد بالنا منها. غزل قوية، لكن في الآخر هي بنتنا، وواجبنا نقف جنبها، مهما كان قرارها."
صفاء (بصوت متردد):
"بس هي بعيد... ودي مش أول مرة تسافر. كل مرة بتسيبنا وأنا قلبي بيتقطع عليها."
نادر (يضع يده على يدها بحنان):
"اطمني يا صفاء. غزل بتعمل حاجة عظيمة. هي مش بس بتنقل أخبار، دي بتنقل الحق. وأنا فخور بيها، رغم خوفي."
عادل (يضع الجريدة جانبًا ويبتسم):
"هي فعلاً مصدر فخر لينا كلنا، بس يا بابا، لازم نجهز نفسنا. ممكن في يوم من الأيام نحتاج نكون سندها الحقيقي، لو الدنيا صعبت عليها."
نادر (بتأكيد):
"ولو حصل، إحنا هنا. غزل عارفة إن عيلتها وراها دايمًا."
صفاء (بعيون ممتلئة بالدموع):
"ربنا يحميها يا نادر. ويرجعها لينا سالمة."
نادر (بصوت مفعم بالثقة):
"آمين، يا صفاء. غزل قوية، وزي ما قلتِ، ربنا يحميها."
الجميع يلتزم الصمت للحظات، يغمرهم خليط من الفخر والقلق.
بينما يسود الصمت في الصالون، تُفتح الباب فجأة ويظهر محمد الشرقاوي، الأخ الأصغر لعادل، ومعه زوجته زينب. محمد رجل وقور رغم ابتسامته التي تحمل شيئًا من الدعابة دائمًا، بينما زينب ترتدي ملابس أنيقة ومجوهرات لامعة تملأ يديها ورقبتها.
محمد (بابتسامة عريضة):
"السلام عليكم يا أهل البيت! إيه؟ قاعدين متجمعين كده؟ شكلكم بتتكلموا عن حاجة مهمة."
نادر (يبتسم بهدوء):
"وعليكم السلام يا محمد. تعال اقعد، كنا بنتكلم عن غزل."
زينب (وهي تدخل بخطوات ثابتة وتجلس على الأريكة):
"غزل؟! البنت دي شغلها زاد عن حده. بدل ما تقعد في البيت وتعيش زي البنات المحترمة، رايحة سوريا؟! ليه؟"
صفاء (بنبرة دفاعية):
"غزل مش زي أي بنت يا زينب. شغلها مش سهل، بس هي بتعمل حاجة تستاهل."
زينب (تتأفف وهي تُعدل خاتمها):
"ما هو ده اللي أنا بقوله! ليه الشغل اللي فيه تعب ومخاطرة؟! ما شاء الله، عيلتها غنية، ليه ما تتجوز وتقعد في بيتها؟"
محمد (بابتسامة مائلة):
"يا زينب، سيبك من كلامك ده. غزل بنت قوية، وشغلها شرف لأي حد. وبعدين دي حفيدة الشرقاوي، يعني مش هتعمل حاجة إلا وهي عارفة بتعمل إيه."
نادر (بصوت ثابت):
"غزل ورثت الجرأة دي مني ومن عيلتها. وأنا واثق إنها عارفة حدودها. اللي محتاجينه منها دلوقتي هو الدعاء، مش الانتقادات."
زينب (بصوت عالٍ وهي تلوح بيدها):
"أنا مش بنتقد، يا عمي. بس بقول رأيي. البنت صغيرة، والدنيا مليانة بلاوي. وبعدين، فلوسها تكفي إنها تعيش ملكة. ليه وجع القلب ده كله؟"
عادل (بهدوء ولكنه حاسم):
"زينب، كفاية. غزل بتعمل اللي شايفاه صح، وإحنا ندعمها."
محمد (بصوت مزاح):
"زينب يا صفاء مش هتتغير. دايمًا بتشوف الدنيا من منظور التسوق والفلوس."
زينب (بغضب مفتعل):
"يعني إيه؟ أنا بقول الصح! وبعدين، الدنيا مشية بالفلوس، ولا إيه؟"
نادر (يبتسم بهدوء):
"الدنيا مشية بالدعاء والتوكل على ربنا، يا زينب. وده اللي إحنا بنعمله عشان غزل."
زينب (تنهض وهي تُعدل حقيبتها):
"ربنا يحميها، وأنا مش هقول حاجة تانية. بس برضه أنا قلبي مش مطمن. عموماً، أنا خارجة مع داليا، هنتسوق شوية."
محمد (يضحك):
"كالعادة! ما ينفعش يوم يعدي من غير التسوق. روحي يا زينب، ربنا يعين اللي معاك."
تغادر زينب وهي تهز رأسها، بينما يعود الجد نادر والجدة صفاء للنقاش عن غزل، ويظل محمد بجوارهم يحاول تهدئة الأجواء بابتسامته المعتادة
********************
نعود لغزل في سوريا في مكان مدمر مليئ بالأنقاض غزل تقف بجانب كاميرا صغيرة محمولة، ترتدي سترة واقية وخوذة. الغبار يحيط بالمكان، وصوت الطائرات في السماء يعلو تدريجيًا. زملاؤها سامر المصور وليلى الصحفية يقفون بجانبها، وكل منهم يركز على نقل الأحداث.
سامر (وهو يعدل الكاميرا):
"غزل، الكاميرا جاهزة. نقدر نبدأ."
غزل (بصوت جاد):
"تمام، سامر. ركز على المشاهد دي، الناس لازم تعرف الحقيقة."
ليلى (وهي تمسك دفتر ملاحظاتها):
"غزل، الأخبار بتقول إن المنطقة مش آمنة. لازم نخلص بسرعة."
غزل (بثقة):
"عارفة، بس ده شغلي. لو إحنا ما وصلناش الصورة، مين هيعمل كده؟"
سامر (يبتسم بخفة):
"غزل الشرقاوي ما بتخافش، ها؟"
غزل (بابتسامة باهتة):
"الخوف موجود، سامر. بس إحنا لازم نكمل."
تبدأ غزل في الحديث أمام الكاميرا.
غزل (بصوت قوي):
"هنا وسط الأنقاض، حيث لا صوت يعلو فوق صوت الدمار. هذه المنطقة التي كانت يومًا مليئة بالحياة تحولت إلى أطلال. الناس هنا ينتظرون أي أمل، ونحن هنا لننقل صوتهم للعالم."
فجأة، يبدأ صوت الطائرات يقترب أكثر وأكثر، ويعلو صوت الانفجارات في مكان قريب.
ليلى (بفزع):
"الطائرات! غزل، لازم نتحرك!"
سامر (ينظر للسماء):
"يا رب استر! الغارة قريبة!"
غزل (بثبات لكنها تتوتر):
"اهدو، لسه عندنا وقت نلاقي ملجأ. سامر، خذ الكاميرا!"
قبل أن يتحركوا، تسقط قذيفة قريبة، تهز الأرض من تحتهم، وينهار جزء من المبنى المجاور. الجميع يسقط على الأرض.
سامر (يصرخ):
"غزل! ليلى! إنتو بخير؟"
غزل (بصوت ضعيف وهي تحاول النهوض):
"أنا بخير... بس لازم نخرج من هنا."
تعلو أصوات الانفجارات أكثر، والغبار يغطي المكان بالكامل. المشهد يصبح مشوشًا بينما تُسمع أصوات صرخات، وانهيار الأنقاض، ثم فجأة... صمت
*☆يتبــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع☆☆*
•تابع الفصل التالي "رواية اسيره في مملكة عشقه" اضغط على اسم الرواية