Ads by Google X

رواية قارب الموت الفصل الثاني 2 - بقلم مريم الجنيدي

الصفحة الرئيسية

 

 رواية قارب الموت الفصل الثاني 2 -  بقلم مريم الجنيدي


«الحلقة الثانية»
          
                
كلام كثير أراد قوله أسى يحتل قلبه لكن لا يعرف السبيل فى التعبير عما يشعر به، فهو فى النهاية الرجل الذى نشأ على الصرامة و العمل، العاطفة و الكلام الطيب لا يعرفوا له طريق، حبه لابنه شئ مفروغ منه، لكنه لا يعبر عنه أبدا، كل ما يعلمه أنه يريد أن ينشأ إبنه على ما نشأ هو عليه، الشده و الصرامه، إبنه ولى العهد فى امبراطوريه عمله و حامى ثروته التى نحت فى الصخر حتى تصبح ما هى عليها الآن 



اعتدل عبد الرحمن فى الفراش ثم تحدث بضعف 
"الشاب اللى خبطته حصله حاجة؟" 



حمحم والده وهو يشيح بوجهه بعيد دون الإعتراف أنه كان أحد الأسباب الكبرى لما حدث على الرغم من حدوثه رغم كل شئ فالقدر مكتوب و ما هو إلا أحد الأسباب 



"فى العمليات، سمعت أن حالته خطيرة" 



نهض عبد الرحمن من الفراش وهو يحاول التوازن و الوقوف على قدمه وهو يردف بضيق شديد
"عايز أروح اطمن عليه" 



لم يستمع لنداء والده أو يبالى بمنعه فضميره المعذب هو من يقوده، يشعر باختناق وأن العالم يدور من حوله فإذا حدث لهذا الشاب شئ لن يسامح نفسه، فهو السبب، كان عليه ألا يرضخ لأمر والده كان عليه تلبيه نداء جسده و الراحة قبل السفر.



بعد عناء من المشى الغير متزن و الألم المتفرقة فى أنحاء جسده وصل أمام غرفة العمليات، و ما رآه كان بمسابه لكمه له 
فعائلة الشاب هى إحدى العائلات المعروفة فى القرية المجاورة انقبض صدرة و هو يبعد الأفكار السوداء عن رأسه فإن صح الأمر كيف سينظر فى أعينهم 



أقترب بخطوات بطيئه ثم همس وشعور بالذنب يقتله 
"حاج مجدى" 



ألتفت والد باهى برأسه على هذا النداء الخافت لتتسع أعينه بدهشه ليردف بعدم استيعاب 
"عبدالرحمن!!" 



نكس عبد الرحمن رأسه بألم، أكمل والد باهى بعدما استوعب الأمر من هيئه عبد الرحمن الرثه و رأسه التى يلفها الشاش و ذراعه المعلقه و الخدوش التى تملئه 
" عبدالرحمن أنت يابنى اللى عملت حادثة مع باهى!" 



أغمض عبد الرحمن أعينه وقد صح تفكيرة الحادث كان مع باهى، ليومأ له بضعف ثم همس باستعطاف
"صدقنى يا حاج مجدى معرفش دة حصل إزاى، أنا كنت مسافر و فجأة حصل كل حاجة مرة واحدة، باهى ظهر قدامى و حاولت اتفداه لكن معرفتش.." 



تنهد والد باهى وهو يومأ ثم أردف بنبره يغلقها الحزن و العجز
"قدر الله و مشاء فعل، ادعيله يخرج بالسلامه" 



استند عبد الرحمن بجسده على الحائط و نظرة معلق على باب العمليات و قلبه و عقله يتضرع إلى الله كى يخرج باهى من الداخل بسلام، هذا كل ما يتمناه.



زاغت أعينه على أفراد أسرته التى تبكى بجزع مفزوع و تألم قلبه، فباهى شاب صالح يحبه الجميع، بار بوالديه و ذو مواقف رجوليه مع الجميع، علاقته به سطحيه، لكن سمعة الأخيار معروفة، وهو يعيش فى بلد يعلم الجميع بعضهم لذلك معرفته بباهى و اسرته ليس شئ صعب 




        
          
                
الصعب هو أن ما حدث حدث مع هذا الشاب الخلوق ذو المروءه الشديدة مع الجميع. 



"يارب نجيه لعائلته و خرجه بالسلامه"



نظر عبدالرحمن للجهه الأخرى و توقع أن يأتي والده خلفه للأطمئنان على باهى، لكنه لم يأتى، تألم قلبه لقسوه والده، لكنه لم يشغل باله كثيراً بهذا الأمر فهو يعرف طباع والده خير معرفة و لم ينتظر منه المواساه على أى حال، فهذا ليس الحادث الأول الذى يسقط فيه، و كل هذا بسبب ضغط والده عليه فى العمل، كل ما يهمه هو العمل، كأنه تزوج العمل و أنجب العمل، العمل و فقط.



=====================



جلس شاردًا بجانب شقيقته التى تقص عليه شئ يقسم أنه لا يعرف ما هو، فعقله شرد بعيداً 



"عبيدة!! عبيدة أنت مش سامعنى؟" 



ألتفت منتبهاً لها 
"إى يا بابا شو عم تقولى" 



نظرت له باستياء وهى تعقد ذراعيها 
"مالك يا عبيدة مش مركز معايا خالص لى!" 



نظر لها و الحزن يحكى من بين اعينه قصصاً مسطورة بقلم المعاناة، من قال أن الخروج من الحروب نصراً! نحن نخرج من الحروب بروح مفقودة، فقدناها بين الحُطام ولا ندرى مع أى عزيز فُقدت.



ربت على رأسها بحنان ورفق 
"ولا حاجة حبيبتى شو كنتِ تقولى!" 



عقدت حاجبيها وهى تتمسك بيدة الكبيرة 
"مالك يا عبيدة من ساعة ما رجعت وأنت مش مظبوط فى حاجة ضايقتك، احكيلى مش إحنا اتفقنا نصارح بعض بكل حاجة" 



أردف باختصار حتى لا يحملها فوق طاقتها 
"مشاكل فى الشغل يا بابا ماتحملى هم ربك يهون بإذن الله، إنتِ انتبهى لدراستك" 



أعتدلت فى جلستها وهى تحمحم بارتباك وقد أثلجت يدها من التوتر لتقول بصوت خافت تحاول ألا تثير غضبه
"عبيدة، عايزة أقولك حاجة بس أحلف أنك مش هتتعصب" 



ضاقت أعينه بتخمين من جملتها المريبة 
"قولى على طول سيلا، ما بحب ها الطريقة" 



ألقت جملتها بسرعة و كتمت أنفاسها بعدها، وكأنها ألقت قنبلة صنعتها يدوياً و تنتظر انفجارها أو ربما حالفها الحظ و لا تنفجر 
"عايزة أنزل أشتغل" 



أكملت بسرعة وهى تضرب على الحديد وهو ساخن مستغلة الصدمة الواقعة عليه 
"قبل ما تتعصب أنا لقيت فرصة شغل كويسة والله و تقدر تتأكد من المكان بنفسك" 



نظر لها بتفحص غير مصدق ما تقول هل صغيرته و طفلته التى كانت تحبو منذ سنوات قليلة كبرت لهذه الدرجة، متى! 



بصوت متحشرج و أنفاس متقطعة و خوف قبض قلبه و قد ظهرت حبات العرق على جبينه و شعور بأنه مقصر فى حقها تلبسه 
"أنتِ نقصك حاجة، أنا أثرت معاكي!!" 




        
          
                
قلبت أعينها بملل من هذا العقل الشرقى الذى يفكر به معظم الرجال 
"عبيدة أنت عمرك ما قصرت معايا فى حاجة، وبلاش التفكير الشرقى البحت دة، الناس بتشتغل عشان عايزة تشتغل، مش عشان أهلهم قصروا معاهم" 



وضع إصبعين على جسر أنفه و بين أعينه يحاول أن يكبح الرجل المتعصب بداخلة و التعامل بشخصية المتعقل الهادئ الرزين حتى لا يخسر ثقة شقيقته به، فهذه و صيه والديه له، و ما بقى له من الدنيا 



"سيلا إى رأيك تركزى فى دراستك، ولما تتخرجى تبقى نشوف الموضوع دة ها إى رأيك" 



نظرت له بضجر وهى تقفز على الأريكة لتواجهه
"عبيدة إى المشكلة لما أشتغل وأنا بدرس، كتير من صحابى بيعملوا كدة، على الأقل بياخدوا خبرة أكتر، أرجوك وافق، صدقنى المكان كويس، و المواعيد كويسة" 



أتسعت أعينه و تحدث بحده طفيفة خرجت بغير إرادة منه "شو!! روحتى لتسألِ منغير ما تقوليلى؟؟" 



عضت على شفتيها تبرر فعلتها بسرعة 
"دة كان فى الطريق وأنا جيالك، و كنت بسأل عشان أقنعك، لأن لو ما كان مناسب ما كنت فتحت معك الموضوع، وأنا كان بقالى شوى بحكى بحاول امهد الموضوع معك بس أنت كان رايح عقلك بشى تانى" 



هدئ من انفعال بعدما رأى الزعر ارتسم على معالم وجهها الرقيق
"سيلا، أنا بخاف عليكي أكتر من نفسى، لهيك عصبت، أرجوكِ لا تشغلى عقلى عليكي" 



أبتمست بحنان وهى تكوب وجهه الرجولى بين يديها 
"صدقنى أنا بخلى بالى من نفسى كويس، كمان عمرى ما هقلقك عليا، بس وافق على الشغل دة عشان خاطرى" 



زفر بغير ارتياح لكنه أعطاها أجابه مبهمه مختصرة 
"أتركينى أفكر الأول"  



أبتسمت وهى تقبله على وجنته 
"لك يؤبرنى  أحلى أخ فى العالم، هقوم أعملك أحلى أكل" 



قبل أن تقوم قبض على يدها يسألها بجدية 
"سيلا أكيد ما نقصك شي!" 



أبتسمت تخفى حزنها لتقول تطمئنه 
"الله يخليك ليا ما حرمنى من أى حاجة" 



تقدمت إتجاة المطبخ الصغير المطل على غرفة المعيشة، فهو يعيش مع أخته بشقه صغيرة مكونه من غرفة وصالة و جزء من الصالة يعتبر المطبخ و حمام صغير 



كانوا يتشاركون الغرفة لكن بعدما شبت أخته أصبح يفضل أن ينام على الأريكة فى الصالة حتى يعطى لها الخصوصية المطلوبة ولا يشعرها بعدم الراحة، كما بالأساس يجب الفصل بينهم كما قال النبى 



أستلقى عبيدة على الأريكة وهو يفكر أن عليه البحث عن عمل بجانب عمله هذا أو حتى عمل آخر بدونه 
فالاجر الذى يتلقاه لا يكفى شئ مع تقليله سيكون الأمر صعب للغاية، و رجولته لا تسمح له بأن تعمل أخته وحتى لو عملت لن يسمح لها بأن تصرف جنيهاً واحد على المنزل أو عليه فهذا مالها الخاص و إن انقلبت الأرض على السماء لن يجعلها تصرف جنيهً عليه




        
          
                
همس بدخله "اللهم فك الكرب، و أرزق كل محتاج، اللهم فك كربى عاجلاً وليس أجلاً" 



===============



جلس على الفراش بعد أن تأكد من إغلاق الباب جيداً ثم فتح هاتقه على إحدى المواقع المحجوبه و التى تحتوى على مقاطع غير أخلاقية تتعارض مع دينه الذى يعتنقه بالاسم فقط 



ظلت أعينه مثبته على المطقع المعروض بكل تركيز و قد تسارعت أنفاسه و دقات قلبه، أصبح شيطانه مسيطر عليه ولا يعى شئ أو جبال الذنوب التى يرتكبها، تحركة شهواته المكبوته و تلغى عقله عن كل شئ



بعد أن انتهى زفر وهو يلقى رأسه و يتنهد بألم أصبح الأمر خارج عن سيطرته إدمانه لهذه المواقع، تحرك شهواته، عقله البعيد كل البعد عن الصواب و الخطأه 



قطع أفكاره رنين على إحدى المواقع الاجتماعية نظر للهاتف و قد كان صديقة الذى هاجر لخارج البلاد إلى، إحدى الدول الأوروبية 
"إى يا معلم نسيتنا لما سافرت ولا إى!!" 



أبتسم صديقه الذى ظهر على الشاشة 
"انساك اى أنا اللى متصل بيك، أنت فايتك كتير اوى بجد" 



ارتفع حاجبى عمار بفضول  وهو يضحك ثم يسبه ببذائه 
"آه يابن ال*** لاعبه معاك، ورينى فايتتى إى!!" 



تعالت ضحكات صديقه الماكرة 
"فايتك مزز هنا ياض يا عمار إنما إى، الستات هنا يلا على قفا من يشيل، كل حاجة متاحة، و إى أخر حلاوة، نقصاك يا صاحبى" 



لم يكن صديقه، بل كان شيطانه الذى يسحبه معه لقعر الجحيم بكل قوه والآخر منساق خلفه كالأعمى خلف الشهوات، يلهث كالكلب خلف العظام 



أبتسم عمار بحماس وهو يتمنى أن يكون معه يتمتع بكل ما لذ من نساء
"نفسى اجيلك والله، أنا أتخنقت من هنا ومعتش عايز أفضل" 



غمز صديقه له وهو يبتسم ابتسامة ماجنه 
"تعالى و هدلعك ياسطا، معتش هيبقى أفلام بس على الشاشة لا ياسطا هتبقى حقيقة قدامك للمس و كل اللى قلبك يحبه، العيشة هنا حاجة تانيه خالص ياض، آخر دلع، محدش واخد باله من حد هنا، كل واحد يعمل اللى عايزة" 



ابتلع عمار لعابه بشوق و قد عمل عقله على رسم الصور له هناك، وتشوق قلبه للسفر
أكمل صديقه 
"أبوك عامل معاك اى!" 



زفر عمار بقنوط
"مش سايبني فى حالى وعلى طول خناق خناق، تعبت وعايز اسيب البيت و اطفش منهم" 



ارتفع طرف شفتيه بسخرية 
"دى حاجة جديدة يعنى ما على طول خانقك، فكك يا عم و تعالى الموضوع بسيط خالص، كام ساعة و تبقى هنا، محتاجة قلب جامد بس، هتيجى هنا تدلع و تلعب بالفلوس لعب كدة" 



تنهد عمار و قد دخلت الأفكار الشيطانية عقله وبدأت باللهو بها، فهو يتمنى هذه الحياة المرفهة لا وجود لرقيب أو شخص يجلس بالمنظار على أفعاله بات الأمر مخنقاً و والده يحاصرة بكل مكان 




        
          
                
"تمام هشوف الدنيا و أقولك، متنسناش بقا يا عم" 



ضحك رفيق فسادة بصخب وهو يغمز له 
"طب سلام أنت يا معلم لحسن فى مزه بتشقطنى وأنا بموت فى الشقط" 



أغلق المكالمة ونظر الانعكاس صورته ببؤس 
أنه يريد حياة صديقه هذا، وليست تلك الحياة المملة، يريد الانطلاق  وإخراج كل الكبت المحبوس بداخله 



عاد لفتح أحد المقاطع الخارجة يتابع ما بها بتركيز 



أنتفض  على دقات الباب ليعتدل فى جلسته دون أن يجيب، ليستمع صوت والدته تنادى بخفوت 
"عمار، عمار يا حبيبى أنت نمت! مش هتاكل!" 



لم يجيب وقد علت دقات قلبه دون أن يعرف السبب 
ليسرع بإغلاق الهاتف و النظر لاسفل الباب لظل والدته 
شعر بالتوتر يكتسحه راقب ابتعاد والدته وهى تقول بصوت وصله 
"ربنا يهديك يابنى" 



اقشعر بدنه للحظات ثم انتظر حتى تأكد أن والدته دخلت غرفتها ليعود لفتح الهاتف و متابعة ما يفعل 



لم ينتهى إلا على أذان الفجر، نظر حوله وشعر بالاختناق فجأه لكنه تمدد على الفراش يسحب الغطاء عليه مغلقاً أعينه متجاهلاً نداء المؤذن لتأديه صلاه الفجر بكل جبروت و قلبلاً متحجر.



================
بعد مرور شهر 



جلس باهى على الفراش وقد بدأ بالتعافي قليلاً 
بعد نجاح أول عمليه له و توصيه الطبيب بضرورة إجراء الأخرى بعد سته أشهر على الأقل و الحرص على الراحة وعدم الإجهاد 



أقترب والده منه وربت على كتفه بحنان 
"عامل اى دلوقتى يا حبيبى" 



أبتسم باهى بجهد وهو ينظر لوالده بحب و إحترام، فوالده لم يتركه طوال فتره مكوثه فى المستشفى، أو حتى بعد عودته إلى المنزل 



"بخير يا حاج ربنا يخليك لينا" 



أردف والده بحنان حازم 
"أهم حاجة ترتاح و متحملش هم أى حاجة" 



أبتسم باهى ثم أعتدل فى الفراش بجهد 
"أنا خلاص ارتحت كتير، لازم أنزل الشغل" 



صاح والده بحنق "شغل إى يابنى دلوقتى، أنت لسه قايم من عملية خطيرة، و حادثة، و الدكتور قال ترتاح"



رد باهى بعدم راحة 
"أيوة يا بابا بس لازم أنزل الشغل، أنا بقيت كويس الحمد لله، قعدتى مش هتزيد أو تأخر يعنى"



ظهرت ملامح عدم الرضا على والده 
"طب أقعد أسبوع كمان أرتاح، وبعدين لو لقيتك كويس أبقى أنزل" 



ضحك باهى بمشاغبة
"أنا قاعد شهر بالعافية والله، أنت عارف أن مش بطيق القاعدة كدة" 



ربت والده على كتفه مبتسماً
"عارف أنك فراك، معلش تعالى على نفسك أنت لسه خارج من عملية" 




        
          
                
"ينزل فين يا مجدى مفيش نزول دلوقتى خالص" 
كان هذا صوت والدته الصارخ وهى تدخل الغرفة محمله بصنية طعام 



أرجع باهى رأسه للخلف بارهاق وهو متأكد أن الحديث مع والدته لن يجدى نفعاً



جلست بجانبه على الفراش 
"تنزل فين بس يابنى دة أنت مدغدغ، أنت ناقص أصلا" 



أردف بحنق لم يخرج عن حدود الاحترام
"يا ماما هفضل قاعد في السرير يعنى، أنا بقيت كويس الحمد لله صدقونى" 



أدمعت أعين والدته وهى تردف بصوت باكي متأثر 
"أنت عايز توجع قلبى عليك، حرام عليك يابنى  مش كفاية كنت مسافر بالزفت دة و مسمعتش كلامنا، أرتاح الدكتور قال ترتاح أسمع كلامنا فى دى بقا، مفيش نزول يعنى مفيش نزول، عايز تروح تقعد فى القاهرة مين هيخلى باله منك" 



"يا ماما هو أنا عيل صغير، أنا بقيت كويس والله، وبعدين والله معتش هركبها خلاص بقا، أنا مش هقدر أقعد كدة كتير أنا أتخنقت من القاعدة دى، ولازم أنزل الشغل" 



أشارت لزوجها بحنق وهى تبكي
"شوف برضو قلة سمع الكلام شوف" 



غمز والد باهى له حتى يصمت دون أن تراه زوجته
"خلاص يا حاجة مش هينزل متزعليش نفسك، أنا مش هخليه ينزل"



نظرت له والدته لتتأكد ليومأ لها بقلة حيلة و قد ضعف أمام دموعها الغالية و قرر الإنتظار أسبوع آخر



اتجه ببصرة صوب الباب ليبتسم وهو يتطلع لزوجته التى ترمقه بحنان مصحوب بالقلق و تذكر انهيارها عندما استيقظ 
أرسل لها ابتسامة مطمئنة 



====================
جلست على الكشير فى إحدى الماركتات الكبيرة  تحسب مشتريات إحدى الزبائن أمامها، رفعت رأسها تردف بابتسامة عمليه 



"الحساب ١٥٥٠ يا فندم"  



انكمشت ملامح الرجل ثم أردف بعبثيه سمجه
"لى كدة!! احسبى تانى، أكيد غلطتى" 



عقدت حاجبيها وهى تنظر للشاشة ثم رفعت رأسها له و مازالت محتفظه بابتسامتها العملية



"لا يا فندم متأكدة مفيش أى غلط" 



أقترب برأسه منها متجاوزاً حدودها الشخصيه وهو يردف بخبث 
"طب خليني أتأكد" 



ابتعدت هى بسرعة بضيق وهى ترد بسرعة دون أن تسيطر على لهجتها 
"ولك شو فى" 



ازدادت إبتسامة الشاب وهو يردف بسخف ساخراً بعبث
"الله و كمان سورية تؤبرى قلبى" 



أتسعت أعينها و كادت تصرخ به من وقاحته و قد ارتجفت يدها و أثلجت من التوتر، لكن قطع صرختها زميلها الذى وقف بجانبها يقول بجدية موجهاً الحديث للشاب الذى يضايقها 




        
          
                
"فى حاجة حضرتك!" 



نظر الشاب لزميلها باستخفاف
"بكلم الانسه أنت اى دخلك" 



ليرد الآخر بعمليه
"أنا واقف معاها هنا، حضرتك خلصت الحساب !" 



نفت سيلا برأسها وهى تردف بتوتر 
"لا لسه" 



نظر للشاشه ثم رفع رأسه يقول للشاب الذى يضايقها بعملية 
"الحساب ١٥٥٠ يا فندم، هندفع كاش ولا فيزا" 



أخرج الاخر البطاقة الائتمانية خاصته واعطاها لها وهو يبتسم نصف ابتسامة 
ليسحبها زميلها منه و يتعامل هو معه متجنباً سيلا 
وبعد أن رحل ألتفت لسيلا التى قالت وهى تتنهد براحة 



"شكراً يا علاء بجد مكنتش عارفة أتصرف معاه" 



أومأ لها ثم قال بترحاب 
"ولا شكر ولا حاجة دة واجبى، لما تلاقى حد بيسخف عليكي انسحبى و نادى لحد من الشباب مكانك، هتواجهى لسه مواقف كتير من دى" 



أومأت له مبتسمه، ليردف هو مستغرباً 
"بس إنتِ سورية فعلاً مكنتش أعرف بتتكلمى مصرى كويس" 



أبتسمت بإحراج 



"آه سورية، عادى يعنى، بفضل اتكلم بلهجه أهل البلد عشان محدش يسخف عليا، زى اللى كان هنا دة" 



ضحك وهو يومأ موافقاً
"عندك حق، بس اللهجة جميلة أصلا و و تتحب" 



كادت ترد لكن قطع كلامها صوت تعرفه عن ظهر قلب وهو يردف اسمها بحده 
"سيلا!!" 



ألتفتت تبتلع لعابها بارتباك من مظهرة الغاضب مردده يخفوت و قد علمت جيداً سبب غضبه 



"عبيدة!" 



==============
مرت الأيام و فى أحدهم 



جلس على مكتب والده يرجع شعره للخلف بحده يكاد يسقط أرضاً من الإرهاق إن كان لديه ولو ذره أمل واحدة أن يعتقه والده أو يخفف الحمل عليه فقد تبخر، أنه يعمل عمل خمس رجال، يسافر لإنهاء الصفقات، يشرف على نزول و تحميل البطائع حتى فى بعض الأوقات يساعد يدوياً مع العمال، يراجع على الحسابات، يعمل على إصلاح الشاحنات، كل شئ فوق رأسه و المغيظ أنه لا يرتاح ولا حتى يتلقى أجر ما يفعله، كل شئ لحساب والده و بإسمه وهو عليه أن يطالب بأجره كأنه عامل غريب!! 



"السلام عليكم" 



رفع عبدالرحمن رأسه ثم ابتسم بهدوء وهو يتطلع لتلك الفتاة الغريبة المبتسمه بارتباك و تجر حقيبه سفر كبيرة 
"و عليكم السلام" 



ابعدت عيناها بخجل وهى تدور بهما فى المحل تردد 
"الحاج عرفات مش هنا!!" 



هز عبدالرحمن رأسه بالنفي و الفضول يتلبسه لمعرفه هوية تلك الشابة التى تسأل على والده 
"لاء راح مشوار فى حاجة ولا إى؟"




        
          
                
رفعت أعينها له "خلاص هبقى اجيله وقت تانى يكون موجود، سلام عليكم" 



أنتفض عبد الرحمن من مكانه بسرعة 
"استنى بس أنا ابنه تقدرى تقوليلى عايزه اى" 



ألتفتت تطلع به ثم قالت بدون تفكير 
"أنت عبدالرحمن!" 



أومأ له مستغرباً معرفته به 
"آه أنتِ مين بقا" 



اردفت اسمها بسرعة و اختصار



"أنا نسيم، معلش ممكن تكلم الحاج عرفات تشوفه لو قريب استناه بدل ما أروح و أرجع تانى، و كلمته مردش عليا " 



استند عبد الرحمن على المكتب بطوله الفارع، وقد ازداد هيبه ووقاراً كوالده 
"طب مش تعرفيني نسيم مين طيب عشان أقوله" 



قلبت أعينها بملل وهى تردف بضيق 
"هو عارفني قوله بس نسيم هنا، هتتصل بيه ولا لاء" 



"السلام عليكم، أهلاً أهلاً يا نسيم ازيك" 
كان هذا صوت عرفات والد عبد الرحمن وهو يدخل المحل بخطوات شامخه 



أعتدل عبدالرحمن باحترام "و عليكم السلام اتفضل يا حاج، كانت بتسأل عليك" 



أومأ عرفات دون أن ينظر لابنه ثم قال بترحاب 
"أتأخرت عليكي! كنت فى مشوار، دة عبدالرحمن ابنى" 



أومأت نسيم بارتباك "آه ربنا يخليهولك يا حاج، لا أنا لسه واصله" 



أومأ لها عرفات وهو يخرج من جيب جلبابه مفتاح يمده لها 
"دة مفتاح الشقه اللى هتقعدى فيها، و لو احتاجتى أى حاجة يابنتى اتصلى بيا على طول، عبدالرحمن هيوصلك للشقه، وصلها الشقه  الفاضيه اللى تحتنا يا عبدالرحمن" 



عقد عبدالرحمن حاجبيه باستغراب من تلك التى سكنها والده فى الشقه السفليه لهم فى بيتهم 
هل هى مستأجره أم ماذا، لكن حتى لو مستأجرة لماذا يعاملها والده بهذا الود، شعور من عدم الارتياح شعر به وهو ينظر لها بارتياب، ثم نظر لوالده الذى أشار له أن ينفذ ما قال.
أحترم كلمه والده و لم يستفسر عن الأمر أمامها بس أومأ له وهو يقول 
"آه طبعاً اتفضلى يا انسه نسيم" 



"ربنا يخليك يا حاج عرفات جميلك دة فى رقبتى" 
أبتسم والده وهو يرد "متقوليش كدة يا نسيم ارتاحى دلوقتى من السفر و هنتكلم بعدين" 



تقدم عبد الرحمن يحمل الحقيبة عنها و أشار لها لتتبعه 
أردف وهو يضع الحقيبة فى شنطة السيارة الخلفية وفضوله يأكله ليسالها بطريقة غير مباشرة 



"شكلك تعرفى الحاج من زمان" 



ردت باختصار "آه" 



جلس خلف المقود وهو ينظر لها يتأمل 
"تعرفيه منين" 



زفرت بارتباك ثم ردت وهى تنظر للنافذة
"الحاج هيبقى يقولك" 



أشتدت اصابع عبد الرحمن على المقود بضيق وهو يكتم غضبه ثم قاد السيارة إلى منزلهم 



صعد قبلها إلى الشقه التى ستجلس بها  و ترك الحقيبة أمام الباب و أردف بجفاف دون أن ينظر لها 
"اتفضلى هى دى الشقه عن اذنك" 



اردفت بسرعة وهى تراه ينزل درجات السلم بسرعة 
"شكراً يا أستاذ عبد الرحمن" 



لم يرد عليها لتهزر أكتافها بلا إهتمام وفتحت الشقة تجر الحقيبه للداخل



دخل عبد الرحمن المحل ثم جلس مقابل مكتب والده وانتظره حتى انتهى من المكالمة التى يجريها ثم سأله مباشرة و دون مقدمات 
"مين نسيم دى يا حاج" 



نظر له والده ببرود ثم ألقى بجملته التى أصابت عقل عبدالرحمن بصاعقة شلته كلياً



"دى بنت مراتى التانية الله يرحمها" 



==================



دخل باهى مطبخ الفندق الذى يعمل به وهو يتقبل سلام أصدقائه و زملائه و فرحتهم بعودته و استقبالهم الحافل به، أبتسم لهم بأمتنان وهو ترد عليهم السلام و العناق 



تقدم شهاب منه وهو يعانقه بسعادة 
"أخيراً حمد الله على السلامة يا معلم" 



ربت باهى على كتفه "الله يسلمك يا صاحبى" 



جاء مديرة ليسلم عليه و من خلفه شخص غريب اول مره يراه باهى هنا هيئته و ملامحه التى يعلوها الغرور و التكبر اشعرته بعدم الراحه 



"ازيك يا باهى حمد الله على السلامة" 



أبتسم باهى ببهوت "الله يسلمك يا مستر" 



أبتسم المدير له " افتقدناك والله  خلى بالك من نفسك بعد كدة" 



أومأ له باهى بمجامله ليلتفت المدير للشخص الذى خلفه يقدمه لباهى 



"دة رأفت الزينى ابن اسماعيل الزينى مساعد مدير  الHR، و يبقى الشيف اللى مسك مكانك" 



إلي اللقاء في الحلقة القادمة




        


google-playkhamsatmostaqltradent