Ads by Google X

رواية ظننتك قلبي الفصل الثالث والعشرون 23 - بقلم قوت القلوب

الصفحة الرئيسية

 رواية ظننتك قلبي الفصل الثالث والعشرون 23 - بقلم قوت القلوب 

(الفصل الثالث والعشرون )
طباع يغلبها السوء ليس لكونِها تصرف وليد اللحظة بل إنها متوغلة بالنفوس ، فلدغ العقارب لم يكن من العداوة بل هو أمر تقضيه الطِباع ...

لكن من السذاجة أن تظن أن العقرب الذي يلدغك يومًا سيصبح حمامة سلام ...

❈-❈-❈

بعيون مرتقبة وضيق تَحَكم بتلك المندهشة وقفت "عهد" تطالع داخل الفيلا ببعض الصمت لتستمع لهمساته إلى جوار أذنها كاشفًا كل الإضطرابات التى حلت بنفسها ليتفوه بهمس ...
- إطمني يا حضرة الضابط ، مش أنا إللي أعمل إللي جه في دماغك ده ...
نظرت "عهد" نحو "معتصم" بحدة تنفي ما فهمه وأنها قد ظنت به السوء حين آتى بها إلى هنا لتردف بكذب ...
- أنا مفيش حاجة جت في دماغي ، عارف ليه ..!!! لأنك مش في دماغي أصلًا ...
قالتها وهي تدلف نحو الداخل ليستقيم "معتصم" يقبض ملامحه بإقتضاب شديد فهل تعني ذلك حقًا ، هل هو لا يمثل لها أي شئ ، هل لـ"طه" نصيب بحبها وقلبها وعقلها أيضًا ...؟!!
دلف نحو الداخل وهو يصفق الباب من خلفه بإنفعال ليدير قاتمتيه بأرجاء الفيلا ...
فقد توزع بقية الضباط كل بموضعه لبدء عملهم لينتبهوا لدخول "معتصم" ومن قبله "عهد" ليستقيموا جميعًا مرحبين بقدوم قائدهم ..
- صباح الخير يا قائد ...
- صباح الخير يا قائد ...
تكرر سماعِه لتحيتهم له ليكتفي بإيمائةٍ خفيفةٍ لتحيتهم لتنصب أنظارِه على "عهد" التي جلست بأحد الأركان تعبث بأحد الأجهزة مباشرة لتضع أحد السماعات الكبرى فوق أذنيها ...
رواية بقلم قوت القلوب رشا روميه
تهدج صدرها بإرتجاف وهي تصطنع الإنشغال وتعلم جيدًا ثبات عينيه الثاقبتين تجاهها لكنها تعمدت تجاهله فهي لا تنكر إرتباكها الشديد حين ظنت أن الفيلا خاوية لكن عند رؤيتها لزملائها بداخل الفيلا علمت أن الأمر لا يتعدى المُهمة التى كُلفوا بها ...
لم تكن عينا "معتصم" فقط المنصبة على "عهد" بل شاركه بذلك "طه" الذي ظن أن هذه المهمة ستُقرب المسافات بينه وبين "عهد" ويحاول لفت أنظارها وإثارة إعجابها ...
ألقى "معتصم" جسده بقوة فوق المقعد ليصدر تعليمات البدء ...
- إرفع يا إبني الصوت ده .. خلينا نسمع بيقولوا إيه ... ووصلني بالضابط "عمر" ومجموعته عشان نشوف وصلوا لإيه ...
سرعان ما تحول لكتلة من التركيز في العمل منحيًا تلك التى سطت على تفكيره و سلبت قلبه جانبًا كما فعلت هي تمامًا بينما ظل "طه" مترقبًا الفرصة بجاهزية للتحرك تجاه "عهد" ...
بدأ "عمر" يوضح لـ"معتصم" عبر الهاتف ما توصلوا له حتى الآن لينهي "معتصم" مكالمته ملتفتًا تجاه بقية المجموعة ...
- دلوقتِ المعلومات إللي وصل لها الرائد "عمر" إن الفيلا إللي قصادنا هي مركز تجمع التشكيل ده ، دول إللي حيبدأوا سلسلة الإغتيالات إللي قلنا لكم عليها ، الرائد "عمر" متابع شحنات الأسلحة إللي مهربينها لحد ما يوصل لخيوط الشبكة كلها ، علينا إحنا نعرف مين الهدف من الإغتيالات دي وإزاى حيكون تخطيطهم لها ، عشان نقبض عليهم قبل إرتكاب أى عمل إرهابي منهم ...
إستدار "معتصم" بحرفية شديدة ومهارة ملفته للجميع حتى تلك صاحبة النظرات المتعالية تجاهه ليبدأ بتقسيم العمل بين أطراف المجموعة ...
- "حليم" .. إنت تسجل لي كل الحوار إللي حنسمعه من مايكات الصوت إللي زرعناها هناك ، و"عبد الرحمن" و"طه" حتراقبوا بالمنظار أى تحرك في لحظتها تقولوا لي عليه (ثم إتجه بحديثه نحو "عهد" بمهنية تفوق تخيلها ) ، "عهد" عايزِك تجيبي لي أى معلومة عن الأسماء إللي مكتوبة قدامِك دي لبعض الشخصيات إللي بنشك إنهم متواجدين فى الفيلا ...
يبدو أنه يعلم جيدًا قدراتها الفائقة في البحث وإستخدام الحاسوب وأجهزة التكنولوجيا الحديثة ، بإيمائة خفيفة بدأ الجميع يعمل بهدوء وترقب حين هتف "عبد الرحمن" بعد قليل ...
- يا قائد ... فيه حد ثالث دخل الفيلا ، دي واحدة ست شكلها لسه مش واضح أوى ...
تحرك "معتصم" بخفة ليقف مباشرة أمام إحدي النوافذ رافعًا النظارة المعظمة لعينيه ليتفحص الأمر ليلاحظ ذلك بالفعل ليعقب ...
- فعلًا .. مين دي ؟! ويا ترى مهمتها إيه ..؟!
أشار "معتصم" تجاه "حليم" متسائلًا ...
- بتسجل يا "حليم" ..؟!! إرفع صوت المايك ..
حرك "حليم" رأسه بالنفي قبل أن يردف بوجه ممتعض ...
- مفيش صوت يا قائد .. مش عارف الصوت مش واصل ليه ...!!!
إستدار "معتصم" بأعين متوهجة حتى كادت مقلتيه السوداوتين تتطاير منها النيران هاتفًا بإنفعال ..
- إيه ..؟!! إزاي ده ..؟!!
ترك النظارة المعظمة ليتجه نحو المستقبِل الصوتي يحاول الإستماع لما يحدث لتظهر ملامح الغضب والإمتعاض على وجهه ..
- مفيش صوت فعلًا !!! إنت مركب المايكات فين بالضبط ؟!!
أجابه "حليم" ببعض التوتر ...
- زارع المايكات فى الفيلا كلها بس الظاهر فيه سلك إتهز أو أي حاجة .. 
- والمطلوب ..!!!!
إرتجفت عينا "حليم" ليردد بقلق من ثورة "معتصم" القادمة ..
- لازم نتأكد من إن الأسلاك تمام .. أو يمكن اااا ...
وما ظنه "حليم" قد لاح بالأفق حين إتقدت الشرر بنفس "معتصم" ليصيح بحدة ...
- يمكن إيه .. إتكلم بوضوح مرة واحدة يا حضرة الضابط ...
إبتلع "حليم" ريقه المتحشرج قائلًا بتخوف ..
- يمكن نكون نسينا المايكات اللي في الريسبشن مقفولة ...
إستقام "معتصم" لتتوسط مقلتيه بياض عينيه بصورة مفجعة لهذا الخطأ الفادح الذي سيكلف هذا المتراخي الكثير لينفعل غاضبًا بصورة لا يمكنه كبح جماحها ...
- إنت بتقول إيه ؟؟!! إيه الإستهتار والرعونة دي ؟!! إتصرف يا حضرة الضابط الظاهر إني كنت غلطان في إختيار ظابط محدود الخبرة زيك ... 
ضاق تنفس "حليم" محاولًا البحث عن مخرج فكيف سيعود لداخل الفيلا وقد عمرت بسكانها لإعادة تشغيل أجهزة التنصت ، إرتباك جعل البقية يشاركون بأفكارهم للوصول لحل ما ...
- ممكن حد يدخل كأنه عامل توصيل مثلًا ...
- أو فرد فينا يلف من الباب الخلفي ويدخل يتأكد من المايكات ...
زاغت عينا "معتصم" الغاضبة بين كلاهما ساخطًا من أفكارهم السطحية ..
- ده أقصى إللي بتفكروا فيه ... إحنا كدة ولا لينا أى لازمه ، شغلنا كله واقف على خطأ أهوج وممكن نعرض المجموعة كلها إنها تتكشف وهم يحرصوا ويعرفوا إننا بنراقبهم ...
رواية بقلم قوت القلوب رشا روميه
سُمع أخيرًا صوت "عهد" بجدية تندمج معهم بالحوار لتلقى بحل قد يكون الأقرب والأوقع لحل تلك الأزمة ...
- أنا إللي حدخل الفيلا ،كأني جارتهم وجاية أزورهم ، أظن دي حاجة منطقية ومحدش حيشك في واحدة ست ..
إنتهى دور الضابط المغوار بداخل "معتصم" ليحل محله العاشق المُغرم رافضًا الزج بها بين هؤلاء المجرمين الذين لن يتوانوا عن قتلها إن كُشفت أمامهم رغم أنها الفكرة الأقرب للتصديق ...
- لأ طبعًا ، مينفعش ، مش أمان إنك تدخلي هناك ...
مالت برأسها بتعجب من قلقه الغير مبرر بعملهم فهي مثلهم جميعًا ضابط يمكنها الخوض بالمخاطر لتهتف بتهكم ...
- نعم !!! لأ طبعًا أمان أو مش أمان لازم حد من المجموعة يدخل والأنسب إن الشخص ده أنا !! يبقى لازم أقوم بدوري ، أنا مش موظفة حسابات قاعدة على الكمبيوتر !!!!!!!
رغم إمتعاضة وقلقه الشديد إلا أنها محقة بالفعل ليردف بإستكمال لفكرتها ليضمن حمايتها قائلًا ..
- ماشي ، بس مش لوحدك ...
رفعت حاجبيها إندهاشًا لتعقب بسخرية ..
- نعم !! مش لوحدي إزاى ؟؟! أجيب أمي معايا ... !!!
ها هي عادت للسانها السليط وحديثها المتراشق بالحجارة لتقابل وجه "معتصم" المنفعل ...
- "عهد" ...!!!!! إلتزمي حدودك ، إفهمي الكلام ، لازم حد يكون معاكِ كمصدر أمان ...
عقدت ذراعيها أمام صدرها بتساؤل ممتعض ...
- ومين حيدخل معايا ؟؟! وبأي صفة ...؟!!
أجابها "معتصم" على الفور ...
- جوزك ..
بهتت "عهد" وهي تناظره بدون فهم مرددة بتساؤل مشمئز بنبرة خفيضة ..
- جوزي ؟!!!!!!!
رواية بقلم قوت القلوب رشا روميه
❈-❈-❈

بيت المستشار خالد دويدار ...
تطرقات هامسة ولفتات مستمرة بين تلك العيون القلقة وبين أن يقتحم أحدهم جلستهم الخاصة همست "منار" بتخوف ...
- وبعدين يا "خالد" حنعمل إيه ؟!! الدنيا بتضيق علينا والفلوس قربت تخلص حنتكشف قُدام الناس ...
متزن حتى بأوقاته العصيبة هكذا كان "خالد دويدار" وسيظل بهذا الإتزان ليردف ببعض الغموض ..
- ربنا حيحلها يا "منار" ، الحمد لله ربنا ساترها معانا لحد دلوقتِ ..
تنهدت "منار" بضيق وهي تتشدق قبل أن تستكمل حديثها تتطلع نحو باب الغرفة ..
- أنا خايفة لا أهل "نيره" ياخدوا بالهم من حاجة ...!!!
نظر نحوها "خالد" مطولًا قبل أن يردف بذات الطريقة الغير واضحة ...
- لسه يا "منار" محصلش حاجة ، ده حتى "رؤوف" ما أختارش العفش ، حنشيل الهم من دلوقتِ ، عمومًا لما يحصل حكون إتصرفت ...
بوجه ممتعض من عدم توضيحه لما سيفعله لجلب المال لشراء الأثاث وتحضير زفاف "رؤوف" عقبت "منار" ...
- مش تقولي بس حتعمل إيه !! ده كل إللي حوشناه ساعدنا بيه "عيسى" وعملنا شبكة "رؤوف" ، حتجيب منين بس ...
ربت "خالد" بكفه القوى فوق كفها الذى تستند به فوق ركبتها مطمئنًا إياها ...
- متشيليش هم ، إللي معاه ربنا عمره ما حيحتاج غيره ، وإحنا لسه معانا وقت ...
زمت شفتيها ببعض السخرية لتردف بطرافة ...
- الظاهر المشاكل بتاعة "رؤوف" و "نيره" جاية في مصلحتنا لحد دلوقتِ ...
إبتسم "خالد" لدعابة زوجته لكن مازال هناك ضيق بداخله لعدم توصله لحل لأزمتهم المالية القادمة ، لكن بداخله يقين بأن الله سيخرجهم من هذا المأزق بالتأكيد ...
أهل عليهم "رؤوف" بإبتسامه العذبة التى تظهر أسنانه الأمامية المميزة ...
- إيه القاعدة الشاعرية دي ..؟؟ جوز عصافير قاعدين فى العشة ... صباح الخير يا حبايبي ...
إعتدل "خالد" متخذ بعض الجدية ليصرف نظر ولده عما كانوا يتحدثون به ..
- يا أخي إنشف شوية ، هو كل حاجة هزار كدة !!!
شاركهم "رؤوف" جلستهم معقبًا ...
- وليه آخد الدنيا بغم وهم ، مفيش أحلى من الروح الحلوة والتفاؤل ( ثم نظر تجاه والدته متسائلًا ) ، ولا إيه يا ست الكل ..؟!.
إبتسمت "منار" لتنهض متهربة من جلستهم ..
- أنا رايحه المستشفى إنتوا حتأخروني كدة ...
لحقها "خالد" على الفور ..
- وأنا كمان رايح الشركة ..
رفع "رؤوف" كتفيه وأهدلهما بطرافة معقبًا ...
- وأنا كمان حروح الشركة ، أمال حقعد أغسل المواعين ... 
ضحكة عابرة أنهت حوارهم بينما بقى برؤوس والديه هم وثقل بداخل قلوبهم فعليهم مساعدته لكن ما باليد حيلة ...

❈-❈-❈

شقة عيسى ...
وقف "عيسى" يعقد ذراعيه بقوة محاولًا التحلي بالهدوء بعد وصلة طويلة من المزاح من قطعة الشيكولاته خاصته قائلًا ببعض الجدية التى خرجت بصعوبة ...
- وبعدين يا "غدير" ، أنا عاوز أنزل ورايا محكمة النهاردة ...
أشارت نحو الباب محاولة تصنع البكاء ...
- إتفضل ، هو أنا مانعاك ، ما إنت لو كنت بتحبني كنت سمعت كلامي ...
أهدل ذراعيه وقد فلتت ضحكاته التى لم يمكنه كبحها ..
- حرام عليكِ يا شيخة ، بحر إيه إللي نروحه في عز الشتا !!!
أشارت نحو رأسه بسبابتها وهي تتشدق بأطراف أصابع قدمها تحاول التحلي ببضع سنتيمترات لتصل لرأسه البعيد عنها ...
- متنشفش دماغك وتعالى نسافر البحر ، أنا خلاص جهزت العوامة البطة ، وعملت سندوتشات الجبنة والبانية ، يلا يا "إيسووووو" بلا شغل بلا وجع دماغ ...
ضمها نحو قلبه بعشق لتلك الساحرة راسمة الإبتسامة الوحيدة فوق شفتيه ، حركة فجائية جعلتها تستكين بقوة كما لو أنه أدرك ما يجعلها تصمت تمامًا ثم همس نحو أذنها ..
- وعد أخلص شغلي والجو يدفي وأنا وإنتِ نبعد عن كل التعب وشدة الأعصاب دي ، ماشي ...
طال صمتها ثم أجابته بنبرة هادئة ساحرة ...
- زي ما تحب حبيبي ...
رفع وجهها نحوه بإصبعيه متسائلًا بمحبة ...
- ده إيه الجمال والهدوء ده ، تعرفي لما بتهدي بتبان ملامحك الحلوة دي ...
أكملت بنعومة كاد أن يتناسي أعماله بسببها ...
- عارف أنا حلوة ليه ..؟!! بس عشان إنت شايفني بعنيك كدة ، أنا عمري ما حسيت إني حلوة لكن في عيونك الحلوين دول هم بس إللي بيشوفوني كدة ...
بقلب وله تتضارب دقاته بقوة تطلع "عيسى" نحو ساعة يده ..
- يا دوب ألحق المحكمة ، أشوفك بالليل حاخدك من عند "مودة" متركبيش تاكسي ، إستنيني ...
أومأت له بخفة وإنصياع ..
- حاضر ..
خرج "عيسى" ليبدأ يوم عمله فيما عادت "غدير" لترتيب الشقة قبل مغادرتها متجهة نحو "مودة" بعد إنتهاء عملها بالشركة ...
لم يمر سوى دقائق بسيطة حتى إنتبهت لطرقات بباب شقتها لتلبي الطارق ...
- مين ؟؟!
رواية بقلم قوت القلوب رشا روميه
أجابت "أم مجدي" من خلف الباب ..
- صباح الخير يا ست "غدير" ، الدكتورة قالت لي إنك عاوزة تنظفي الشقة النهاردة ...
أسرعت "غدير" تلقي حمل هذا العمل على أكتاف تلك السيدة حتى لا تصاب بنوبة تنفسية أخرى ...
- والله جيتي في وقتك يا "أم مجدي" ، تعالي إدخلي ده أنا كنت لسه حبدأ ...
بملامح لينة للغاية أجابتها "أم مجدي" ...
- من عيني ، إرتاحي إنتِ بقى وأنا حنظف لك الشقة وأنزل أعمل الغدا بتاع الجماعة تحت ...
- ربنا يخليكِ يا "أم مجدي" يا مريحاني ...
وجدتها "غدير" فرصة جيدة للراحة حتى مجئ موعد مغادرتها لزيارة "مودة" اليوم ...

❈-❈-❈

فيلا المراقبة ...
سقط سهوًا في بحورها وغرق ، لقد كان سباحًا ماهرًا يعبر من كل المخاطر والحواجز لكنه سقط أسيرًا لتلك المتوحشة ، إنها الوحيدة صاحبة الإستثناء عن الكل ، فلو كانت أخرى لكان تركها بالمرة دون أدني تفكير ..
هي من شوشت أفكاره وجعلته يتحكم بالأمر بعاطفة الرجل الغيور ذو القلب القلق على مأمنها وسلامتها ضاربًا بغير ذلك عرض الحائط ...
وقف منفعلًا بمواجهة تلك المقتضبة بإندهاش حين سألته بدون إستيعاب لمقصده ...
- جوزي مين ده إللي حييجي معايا ، أنا رايحه لوحدي ، أنا بشتغل لوحدي ، كمان عشان يصدقوني ...
خلل "معتصم" أصابعه داخل خصلات شعره متمالكً قلقه الذى إعتراه والذى خشي أن يلاحظه أحد الضباط ليفكر بأمر وحيد أن يرافقها لحمايتها أولًا ، لهذا فكر بأن يقوم معها بزيارة الفيلا المقابلة موضع المراقبة بصفتهما زوجين ، لهذا أصدر أمر لا يحتمل الجدال ...
- لأ ، ده أمر يا حضرة الضابط ، حتروحي بصفتك جارة ومعاكِ جوزك عشان الحماية ...
أسرع "طه" بإستغلال تلك الفرصة قائلًا ...
- خلاص يا قائد ، أنا حروح مع "عهد" بصفتي جوزها ننهي المهمة ونرجع على طول ...
رمقه "معتصم" بشراسة فكيف يجرؤ على تخطيه وسلبها منه ، لكن قبل أن يعترض وصله صوت "عهد" الجاد ...
- طيب ، يلا عشان نخلص ، مش حنقعد طول اليوم نتحايل على بعض ...
عاد "معتصم" بسوداوتيه تجاهها يرمقها بقوة حتى شعرت بأن لعينيه حروف وكلمات حادة لاذعة ، أليس هو من أصر على مرافقة أحدهم لها ، لم يناظرها بتلك القوة كما لو أنها فعلت جريمة ما ...
عقب "حليم" يلفت نظرهم لشئ هام ..
- وإنتِ حتروحي كدة يا "عهد" ؟؟!! ، شكلك باين جد أوى ، مش جارة رايحه تزورهم ...
تطلعت نحو ملابسها الرسمية بتأفف ثم دلفت لداخل إحدى الغرف المحتوية على مرحاض لتعدل من هيئتها بما يناسب تلك الزيارة ...
أغلقت باب المرحاض من خلفها لتنظر لهيئتها الجادة بالمرآة لتجذب أولًا عقدة شعرها المسحوب بقوة لينفلت بخصلاته السوداء الناعمة على كتفيها وجانب وجهها بحالمية ، مررت أصابعها بداخل خصلاته لتزيدة كثافة ورونقًا ، خلعت ستراها السوداء ثم حررت كنزتها البيضاء من سروالها مرتدية حزامها فوقها بشكل مواكب لموضة الأزياء ، تطلعت مرة أخرى نحو هيئتها الجديدة برضا فهي لن تتغير لأكثر من ذلك ...
خرجت من المرحاض وهي تلقي نظرة على سروالها قبل أن تعدل قامتها للخروج من الغرفة لكنها فوجئت بـ"معتصم" يقابلها وتبدو على وجهه إمارات الضيق والغضب ...
لم تكترث لوجوده لتتخذ خطواتها خارجة من الغرفة حين إستوقفها بذراعه القوي يمنعها من التقدم ...
- رايحه فين ؟؟؟
طالعته بإزدراء ثم أجابته بتهكم ...
- رايحه أكمل المهمة يا ... قائد ...
وقف بمواجهتها تمامًا وهو يتطلع بياقوتاتيه تجاه عيناها الناعسة بمشاعر لم تحددها "عهد" لكنها ليست غاضبة ، بل كان كمن يعاتبها بحدة ...
- بلاش تروحي يا "عهد" ، أنا مش عايزك تروحي هناك ...
رفعت رأسها بشموخ مردفة برفض قاطع ...
- شغلي يا فندم ولازم أقوم بيه ...
- أنا بقولك بلاش وحنشوف خطة بديلة ، الناس دي مبتتفاهمش ، لو إتكشفتي حيقتلوكِ ...
رواية بقلم قوت القلوب رشا روميه
ضحكت "عهد" بسخرية ثم عقبت ..
- لا والله ، ولما كنت في سويسرا مكانوش حيقتلوني ، مكنتش كبش فداء عشان حضرتك تقوم بمهمتك وترجع بألف .. سلامة ..!!!
تهدج صدره بقوة فلم يعد يتمالك ضربات قلبه القوية التى تصرخ خوفًا على تلك العنيدة ...
- إفهمي بقى وبلاش عِند ، دي حاجة ودي حاجة ...
جفلت بعينيها لوهلة ثم أجابته ...
- أنا شايفاهم حاجة واحدة ، ده شغلي ولازم أقوم بيه ، أنا مش أقل من أى حد فيهم ...
لم يجد بُد من عناد تلك الشرسة ليهتف آمرًا بها ...
- خلاص ، أنا جاي معاكِ ...
بإستغراب شديد تسائلت "عهد" ...
- تيجي معايا ؟؟!! ليه ؟!! هو أنا طفلة مش حعرف أقوم بالمهمة !!! ، وبعدين "طه" قال إنه حييجي معايا ...
لاحت غريزة الغيرة لهذا الرجل الشرقي تجاه غريمة الذى إستولى عليها ليردف مهاجمًا ...
- ااااه ، هي المسألة كدة !!! فاكرينها فسحة إنتوا الإتنين وجو حب وغرام بقى ....
توسطت مقلتيها عيناها لتهتف به بحدة ...
- حب إيه وغرام إيه ؟؟! إلتزم حدودك ، متتخطاش نفسك في حياتي ...
كز بغضب ظاهر لم تفهم له تفسير مطلقًا حين قبض بقوة بمرفقها ...
- أنا برضه ، ليه ، هو مش "طه" ده خطيبك وحتتجوزوا ...؟!!! يبقى لازم أفكر في الشغل وإن المهمة ميبقاش فيها أخطاء ...
دفعت يده عن مرفقها بشراسة وهى تجيبه بإنفعال ...
- خطيب إيه وزفت إيه ؟!! أنا لا مخطوبة ولا حتخطب ولا بفكر في الكلام الفارغ ده ، أنا أهم حاجة عندي هي شغلي وبس ...
إنفعالها وحدتها أنسته مهمته ليتذكر أمر واحد فقط ، أنها تنفي كل ما أخبره به "طه" ، إنها ليست لسواه ، أمل جديد يولد بقلم مفعم بالسواد ليهتف بهدوء مضطرب فقد زلزلت المتوحشة قلبه وكيانه ...
- مش حتتجوزي "طه" !!! يعني مش مخطوبه له ...؟!!
زمت شفتيها بإستياء ثم أجابت بهجوم شرس ...
- لا حتجوز "طه" ولا غيره ، وكفاية بقى تتدخل في حياتي من غير لازمه ، حتى لو كنت حتجوزه ، إنت مالك يا بارد ...
ضحك "معتصم" بضحكة خفيفة متغاضيًا عن لسانها السليط فيكفيه معرفة أنها لن تتزوج غيره ..
- أمال هو قالي ليه كدة ؟!! معقول من نفسه يقول إنكم حتتجوزوا ؟!!!
لمعت عينا "عهد" بتوهج متسائلة ...
- "طه" قالك كدة ؟!! نهاره إسود إن شاء الله ...
تركته خارجة من الغرفة فيما كان يود أن يصرح لها بمكنون قلبه لكن حركتها السريعة للخارج جعلته يلتزم وقارة أمام بقية المجموعة متابعًا قطته الشرسة وهي تبدأ هجومها الضاري على الكاذب "طه" الذى تفاجأ بخروج "عهد" من الغرفة ومن خلفها "معتصم" ...
بلحظة كانت "عهد" تسحب "طه" نحو الخارج تدفعه بقوة نحو الحائط وهي تمسك بمقدمة قميصه الأسود تزمجر بوجهه بوحشية أسعدت قلب "معتصم" الهادئ كما لو أن الأمر لا يخصه ..
- إنت بتقول على لساني كلام محصلش ليه .. ؟؟!
إرتجف "طه" تخوفًا من شراسة "عهد" وغضبها الغير معهود بالنسبة له بهذه الصورة ليجيبها بإرتباك ...
- كلام إيه بس ؟! أنا مقولتش حاجة ...!!!
بذكاء حاد لم تشأ "عهد" إظهار الأمر أمام بقية زملائهم لتدفعه نحو الخارج لإتمام المهمة ...
- قدامي يا أخويا ، أنا ليا حساب معاك بعدين ...
تعثر "طه" ببعض خطواته أثاء خروجهم من باب الفيلا لتتحول "عهد" من شراستها لوجه آخر وديع للغاية تسير بإتجاه الطريق العرضي متجهة برفقة "طه" نحو الفيلا المقابلة ...
رواية بقلم قوت القلوب رشا روميه

❈-❈-❈

(نيره إستور) لمستحضرات التجميل ...
بخطوات متغنجة دلفت "نيره" لداخل متجرها بخيلاء كمن تملك الأرض ومن عليها ، تقابلت مع رفيقتها "إسراء" بود بالغ وتملق من الأخيرة لا يتناسب مع كونها تعمل معها بالمتجر ...
- "نيرو" حبيبتي إيه الجمال والدلال ده كله ، فظيعة يا بنتي بجد ...
جلست "نيره" بزهو بنفسها وجمالها تثني على مدح وتملق "إسراء" ...
- ميرسي يا "سوسو" ، إنتِ الأجمل يا حبي ..
شاركتها "إسراء" جلستها لتستكمل ريائها الذى لا يتوقف ..
- تسلميلي يا قمر ، بس بجد إيه الشياكة والجمال ده ، متقوليش .. "رؤوف" كلمك صح ؟!!
تبدلت ملامح "نيره" المبتسمة بإضطراب لترتسم فوق شفتيها إبتسامة باهتة مجيبة رفيقتها ...
- لأ ، عادي يعني ...
أجابتها بالنفي بالرغم بأن من داخلها تشتعل ضيقًا وتأثرًا بإنشغال "رؤوف" عنها بالفترة الأخيرة ، إلتقطت "إسراء" الفكرة على الفور وإستنبطت أن "نيره" يتملكها الضيق من تجاهل "رؤوف" لها لتردف بسكب أفكارها بداخل رأس "نيره" محدودة التفكير للتعامل مع "رؤوف" الآن ...
- لأ مش عادي يا "نيرو" وإنتِ عارفة ، إنتِ لازم تحسسيه إنه مش في دماغك وتطنشيه خالص ، أو أقولك .. لازم تخليه يغير عليكِ ، كلميه كأن فيه حد بيشاغلك وساعتها حتلاقيه يجري وراكِ بالمشوار ، طبعًا هم الرجاله كدة لما يحسوا إن الواحدة حتطير من إيديهم يجروا عليها ...
تنهدت "نيره" بضيق ثم حاولت إيجاد مبرر لبُعد "رؤوف" ...
- مش عارفه ، هو شكله إتضايق من المشاكل الأخيرة إللي عملتها له في الشغل ، كنت بفكر أروح أصالحه ...
إتسعت عينا "إسراء" بفزع لتهتف بحدة ..
- لأ لأ طبعًا ، إنتِ إتجننتي ، كدة يحس إنك ملقيش قيمة ، لازم يحس بقيمتك وهو إللي ييجي راكع تحت رجلك ، هو إنتِ بتعملي ده كله ليه ؟؟ مش عشان بتحبيه !!! فيه حد يزعل إن حد بيحبه !!!
أومأت "نيره" بالإيجاب مصدقة لهراءات تلك المتلونة ، فمن يترك حياته لسواه يتحكم بها ويفرض أرائه السلبية عليها تطيح بها بدائرة الخراب والمشاكل ، عقبت "نيره" بتصديق ...
- عندك حق ، أنا عملت كدة عشان بحبه ، هو بقى مفهمش كدة دي مشكلته ، لكن أنا مغلطتش ...
- الله ينور عليكِ ، خلينا بقى نفكر في طريقة تجيبه تحت رجلك ، ومفيش غيرها الغيره إللي حتوقعه وتجرجره على وشه لحد عندك ...
أنصتت "نيره" تمامًا لهرائها قائله ...
- فهميني بقى أعمل إيه بالضبط ...

❈-❈-❈

شركة بيكو للأدوية ...
ستبقى سر سعادتي الكامنة بداخلي لكن لا يشعرون ، قدرة فائقة على إخفاء مشاعري بقلبي لكن هناك من يفضحها إنها عيناي ...
وصل "رؤوف" للشركة يلقى بتحيته هنا وهناك ، يوزع إبتساماته وكلماته اللطيفة بروح مرحة بين الجميع حتى وقع عيناه على مكتب "مودة" ليتجهم دون أن يدرى عن نفسه فقد شعر بفراغ يسري صداه بداخله ، إحساس غريب إنتابه دون معرفة ماهيتة لكنه لا يشعر بالراحة تجاهه ...
لأيام عدة كان حضورها يسبقه ، رؤية وجهها اللطيف المبتسم كان أول ما يلقاه بالصباح لكن اليوم غاب القمر عن سمائه ولم تتواجد "مودة" بمحلها ...
إلتفت "رؤوف" تجاه "حمدي" متسائلًا بضيق غريب ...
- هي "مودة" مجتش النهارده ولا إيه ؟!!
كانت عيون "حمدي" تحمل حديث أكبر مما تفوه به ليجيب بإقتضاب ..
- لسه مجتش ...
دارت عينا "رؤوف" على الفور تجاه الخارج يحمل ثقلًا طبق فوق قلبه بدون داعي ...
- غريبة ، عمرها ما إتأخرت من يوم ما إشتغلت معانا ...!!!
حدق "حمدي" بصديقه لبعض الوقت يود لو يسأله بما يضمره بداخله مباشرة لكنه فضل الصمت لكن تساؤل آخر لاح بعقله ...
- إنت زعلان مع "نيره" ...؟!!
عاد "رؤوف" ببصره تجاه "حمدي" ليتذكر للتو أنه لم يتحدث مع "نيره" منذ أن كانت هنا بالشركة ليردف بإنتباه لنفسه ...
- تصدق أنا نسيت "نيره" خالص ، أنا بقالي فترة مكلمتهاش ، زي ما تكون إتمسحت من دماغي ... غريبة أوي ...
زفر "حمدي" بإستياء فقد تحركت مشاعره تجاه تلك الفاتنة الصغيرة والتى يبدو أنها لا تدري عنه بالمرة ليردف بتعجب من صديقه ...
- إنت دماغك مش هنا خالص ، الظاهر حاجة تانية شغلاك حتى عن خطيبتك ...
حضور "مودة" المتأخر جذب إنتباه كلاهما لينهى حديثهم إلى هذا الحد حين حضرت برقتها ورشاقتها قائله ..
- صباح الخير ، واقفين ليه كدة ؟!!
إنتعاشة أصابت قلب "رؤوف" حتى شعر بحماس وسعادة بحضورها ..
- مستنيينك ، إيه التأخير ده كله ..؟!!
رفعت "مودة" ذراعها لتشير لإحدى الحقائب الكبيرة الخاصة بحفظ الطعام ..
- كنت بعمل أكل وإتأخرت ، غدا النهاردة حيعجبك جدا ، إتعملتها مخصوص من الشيف بتاع التليفزيون ...
تلقائيًا أخذ عقله يقارن بين من تتفنن كل يوم بصنع طعام منزلي يتناولونه سويًا وبين "نيره" التى كانت تنعته بالبخل لقاء رفضه لتناول الطعام الجاهز الذى تريده طوال الوقت ، لاحت بسمة خفيفة لإهتمام "مودة" بما يحبه حتى أصبح شاغلها بالأيام الماضية هو تحضيرها للعديد من أنواع الطعام ...
دلف ثلاثتهم لداخل مكتب "رؤوف" حين وضعت "مودة" حقيبة حفظ الطعام جانبًا بينما تعلقت أعين "رؤوف" بها ..
لكن عيون "حمدي" كانت تتردد بين كلًا منهما يرصد رباط خفي بينهما دون أن يلاحظا ذلك ...
دقائق قليلة وكانت "ريم" بالمكتب معهم تتسائل عن أحد قوائم الطلبيات ...
- دكتور "رؤوف" ، كنت عايزة ورق طلبية صيدلية الدكتور شعبان ..
عاد "رؤوف" بجزعه للخلف ليفتح درج مكتبه مجيبًا إياها بتلقائية ..
- ثواني يا قمر ، أهو ، إتفضلي يا جميلة ...
كلمات لطيفة دبت الغيرة بقلب "مودة" الصغير فالكلمات لم تخصها هي فقط بل تنال كل من يتعامل معه لكنها إلتزمت الصمت حتى مغادرة "ريم" ..
فور خروجها بدأت "مودة" حديثها بلطف شديد ...
- ممكن أسألك سؤال ، لو مش حضايقك يعني !!!
إنتبه "رؤوف" لحديثها مردفًا بتقبل شديد ...
- أكيد طبعًا ، إسألي ..
حاولت أن يكون أسلوبها ودود للغاية دون إشعاره بضيقها من الأمر ...
- إنت ليه بتقول كلام حلو لكل الناس ، هو مش المفروض كلامك الحلو ده يبقى لناس معينة بس ...؟!!
لم يدرك أن سؤالها يعني غيرتها لكن "حمدي" إستطاع فهم ذلك بسهولة ليجيبها "رؤوف" بتوضيح وفخر بما يقوم به ...
- بحب أجامل الناس ، مش بحب أقول كلام يزعلهم ، عشان كدة بحب الإسلوب الحلو اللطيف ...
عقبت "مودة" بذكاء ...
- طيب لما تقول لكل الناس الكلام الحلو ده ، أمال إللي بتحبهم بس حتقول لهم إيه ، هو مش لازم يكون للي بتحبهم كلام يخصهم لوحدهم ولا هم زي البقية يعني ؟!! 
إنتبه "رؤوف" لملاحظتها فهي بالتأكيد على حق ، فمن سيختصه بحديث لطيف إذا كان الجميع يتلقى منه معسول حديثه ليجيب بإيمائة شاردة فقد لاحت مقارنة أخري بين طريقة "مودة" اللبقة بإبداء ملاحظتها وطريقة "نيره" الفظة في ذلك فشتان بين طريقة كلًا منهما ...
دق هاتف "رؤوف" برنين من كانت تحتل تفكيره ليردف بهدوء ...
- دي "نيره" ...
وقفت "مودة" لتغادر المكتب تستأذن ببعض التجهم ...
- طب بعد إذنكم ...
خروجها المكفهر جعل "رؤوف" يجيب الإتصال بشرود آخر هائمًا بسبب تضايقها أثناء خروجها ...
- ألو ...
- إزيك يا "رؤوف" ، إيه نسيتني ولا إيه ؟!!
إنتبه "رؤوف" لمحدثته قائلًا ...
- هاه ، لأ طبعًا ، إزيك يا "نيره" ...
أجابته ببعض التعالي والغرور كما ألقنتها "إسراء" ...
- كويسة جدا جدا ، أنا كنت فاكره إنك رنيت عليا عشان كدة بكلمك ...
أجابها بصدق دون إنتباه أنها طريقة لعودة الأمور لنصابها ...
- لأ خالص ، مرنتش عليكِ ...
إمتعضت "نيره" بقوة ثم أكملت ...
- طيب كويس ، معلش يا "رؤوف" حقفل دلوقتِ عشان "محمد" إبن عمتي بيرن عليا ، كل شوية يرن يرن ، مش عارفه عاوز إيه تاني ...
ثم أنهت الإتصال دون إنتظار إجابته ...
- يلا سلام ...
أغلقت الخط بينما أخذ "رؤوف" ينظر لهاتفه بتعجب فماذا كانت تريد "نيره" بتلك المكالمة الغير مفهومة ، ولم يتصل بها إبن عمتها الذى كان يود خطبتها قبل خطبته لها ...
- في مشكلة ولا إيه ؟!!
قالها "حمدي" لينتبه له "رؤوف" واضعًا الهاتف فوق المكتب ..
رواية بقلم قوت القلوب رشا روميه
- لا أبدًا الظاهر "نيره" بتحاول تفتح كلام بس بطريقة غريبة ...
لاحت بفكره لوهلة لكن سرعان ما تلاشت ليعود تساؤله لإنسحاب "مودة" بهذا الشكل ...
- هي "مودة" مشيت ليه كدة ؟؟! هي زعلت من حاجة ...؟!!
دنا "حمدي" من مكتب "رؤوف" ليميل تجاهه وهو يستند بمرفقه ناظرًا بوجهه يراقب رد فعله حين تسائل ...
- يعني متعرفش ؟!!
قضب "رؤوف" حاجباه بدون فهم متسائلًا ..
- معرفش إيه ؟!!
ليلقي "حمدي" بقنبلته التى لا يدري عنها "رؤوف" شيئًا ..
- متعرفش إن "مودة" بتحبك ولا إيه ؟؟!!
إتسعت عينا "رؤوف" بتشدق فكيف يعقل ذلك ليستكمل "حمدي" بضيق ...
- دي مش بتحبك بس ، دي مش شايفه غيرك قدامها ، فوق يا "رؤوف" واعرف إنت بتعمل إيه ، البنت كل يوم بتتعلق بيك ، وإنت خاطب ، فكر كويس عشان متخليهاش تتعلق في حبال دايبة ، إنت كلها كام شهر وتتجوز ، إبعدها عنك بلاش تخليها معاك طول الوقت كدة ...
زاغت عينا"رؤوف" بشرود يعيد بداخل عقله كل لقاءاته الماضية التى جمعته بـ"مودة" يتيقن بما يخبره به "حمدي" لتتسع مقلتيه بغير تصديق محدثًا نفسه بصدمة ...
- معقول ، "مودة" ...!!!!!

❈-❈-❈

حي النعماني ( المكتبة) ...
إن كان للنسيان قانون فبالتأكيد هذا لا يشملك ، فأنتِ بالقلب وما يشتهيه وإن عز علينا الإجتماع ...
توجس قلق مرت به "نغم" منذ تصريح "بحر" لها بحبه الذى رفضته تمامًا ، وكيف ستقبل وقلبها مفعم بعشقه لسواه ...
لكنها مع ذلك كانت مضطرة لإستكمال عملها لأجل هذا اليوم ، فاليوم هو بداية الشهر الجديد ، إنه يوم ستقبض به أول راتب لها ...
دلفت لداخل المكتبة فيما تصنع "بحر" الإنشغال حين رأى طيفها يقترب ، كم شوقًا تحطمه بوجودها وعليه التغلب على مشاعره أمامها ، تجنب "بحر" الحديث المباشر معها وإكتفى بالأيام السابقة بترصدها بعينيه يتابعها أينما كانت في غفلة منها لكن حين تنظر إليه يتصنع الإنشغال ...
إقترب منها "بحر" مشتاقًا لقربه وحديثه معها الذى قطع تمامًا منذ إعترافه لها ، سحب نفسًا طويلًا قبل أن يردف ...
- صباح الخير يا "نغم" ، ممكن دقيقة !!!
طلب بمنتهى الهدوء والأدب ما كان لها سوى أن تنصاع له بإيمائة خفيفة ..
- إتفضل ...
أخرج مغلفًا من جيبه وهو يدفع بنفسه للإبتسام محاربًا تعاسته لحجب مشاعره عنها ...
- إتفضلي يا "نغم" ، مرتبك أهو ...
تناست ما حدث بينهم لتتحمس كطفلة صغيرة هاتفه بسعادة ...
- بجد ، أنا حقبض النهاردة ، ياااه دي ماما حتفرح أوي ، أخيرًا حتتفك الأزمة ، شكرًا يا أستاذ "بحر" ، شكرًا جدًا ...
سعادتها المحلقة جعلت إبتسامته تتسع يواكب فرحتها بحديثه ...
- العفو على إيه ، ده مجهودك وتعبك ، وإن شاء الله كل شهر تكوني مبسوطة كدة ساعة القبض ...
ألقت نظرة لداخل المغلف تطالع الأوراق المالية المتراصة بداخله ...
- متتصورش ماما حتفرح قد إيه ، دي يا حبيبتي مش بتنام من كتر الهم ، طول ما هي مستلفة فلوس بتفضل قلقانة لحد ما تردهم ، وأهو خلاص ، إتحلت أهي ، النهاردة حدي لماما الفلوس وبكرة تروح للست "خيرية" تدفع لها الدين ...
نسى نفسه ووعده ليعقب بحالمية ...
- تصدقي وحشتني أوي ضحكتك ...
إستفاقت "نغم" من تلقائيتها التى لا داعي لها لتتلاشى إبتسامتها تدريجيًا متذكره الأمر لتبتلع ريقها بصعوبة وهي تنكس وجهها بخجل قائله ..
- بعد إذنك عندي شغل ...
إتجهت نحو ركنها المفضل الذى تتخذه دومًا للجلوس به تتمنى أن تنشق الأرض وتبلعها من أمام هذا الذى لا يثنيها عن عيناه ، بينما عاد "بحر" للزاوية المقابلة مستكملًا عمله لكن لم يستطع منع نفسه من إستراق النظر نحوها بين الحين والآخر ...

❈-❈-❈

بيت محفوظ الأسمر ...
إنه اليوم المرتقب لبداية جديدة وربما لنهاية لا تدركها بعد ، ألقت "وعد" نظرة مطولة تجاه فستانها الأبيض الرقيق المصنوع من الحرير الناعم وقد زاد قلقها وإضطراب دقات قلبها المنفعلة فلم يبقى سوى بضع ساعات فقط وتعلن زوجة لـ"محب" ...
ملست برفق لنسيج فستانها الناعم فهي إختارته بهذا اللون خصيصًا لتشعر بأنها عروس وستبدأ حياة مختلفة تمامًا ...
بدلت ملابس "زين" بأخرى منمقة للغاية إستعدادًا لهذا اليوم الغير عادي ولم يبقى سوى أن تبدل ملابسها في الوقت المحدد ...

لم تكن "وعد" هي الوحيدة التى تستعد فقد إنزوى "محب" بغرفته منذ الصباح لم يخرج منها مطلقًا مما أثار حفيظة "عتاب" التى أخذت تستعد لهذا اليوم ...
وقفت خلف باب غرفة "محب" متسائله بشك ...
- "محب" ، يا "محب" ، مالك قافل الباب عليك ليه ؟؟! إوعى تكون حترجع في كلامك !!!
صمت دام لبضع لحظات قبل أن يجيبها صوته الهادئ دون أن يفتح الباب ...
- لأ يا "عتاب" ، أنا حكون جاهز فى المعاد ، سيبيني لوحدي دلوقتِ ...
إمتعضت بفمها بقوة متوجسة من أن يخلوا بها ولا يتزوج من "وعد" كما وعدها ، إتجهت لغرفة والدتها على الفور لتخرج الممرضة المرافقة لها إلى خارج الغرفة ثم جلست إلى جوارها هامسة بمكر ...
- مش حتقومي تشوفي إبنك عريس ، ده خلاص كلها كام ساعة و"محب" يتجوز "وعد" وساعتها هي وإبنها روحهم حتبقى في إيدي ويا تطلع بالورق ، يا تستاهل كل إللي حيجري لها ....
كمن تكلم الصخر تمامًا ، لم تعقب "قسمت" ولم تتحرك قيد أنملة حتى ، بل بقيت على وضعها فقط تنظر نحو "عتاب" نظرة خاوية لتزيدها"عتاب" بشامته ...
- أهو إبنك الحيلة الصغير ، يوم ما حيتجوز حيتجوز مرات أخوه إللي مات ، إبنك خلاص بقى زي العجينة في إيدي وتحت طوعي ، إللي أطلبه منه ينفذه فورًا ، يا ريت تكون مرتاحة ..
رواية بقلم قوت القلوب رشا روميه
ثم عقبت بضحكة ساخرة ..
- وحتى لو مش مرتاحة ، كفاية أنا مرتاحة ، وحنفذ كل إللي في دماغي وأرجع حقي ...
بخيلاء خرجت من الغرفة وهي متيقنة أنها قد سببت تأزم آخر بحالة والدتها بقهرها على حالة ولديها الذكور أمام "عتاب" ...

❈-❈-❈

فيلا المراقبة ...
أسرع "معتصم" يرتدي السماعات الكبرى ليستمع لأى صوت من مكبرات الصوت التى وضعها "طه" و "عهد" بأذنيهما ثم سحب إحدى النظارات المعظمة ليتابع ما سيفعلانه بالفيلا المقابلة بقلب قلق ...
سارت "عهد" إلى جوار "طه" متصنعة الليونة كزوجة إجتماعية تود التعرف على جيرانها الجدد ، وقفا بباب الفيلا المقابلة يطرقان الباب بإنتظار أن يلبى أحدهم مقابلتهم ...
لحظات قليلة وفُتح الباب لتقف إحدى الفتيات السمراوات بوجه مقتضب قائله ..
- أيوة ..!!
أسرعت "عهد" بود مفاجئ لم يتوقعه "طه" تشير على نفسها ببسمة مزيفة ...
- مساء الخير ، أنا "عهد" جارتكم هنا فى الفيلا إللي قصادكم ، عرفنا إنكم سكنتوا جنبنا جديد قلت لازم نتعرف عليكم ...
أشارت "عهد" تجاه "طه" مستكملة ...
- ده بقى "طه" ، جوزي ، جبته مخصوص معايا ..
شعرت الفتاة ببعض الإضطراب والتوتر لتومئ مجبرة لهم على تقبل زيارتهم المفاجئة تحاول رسم بسمة مختنقة فوق ثغرها مردفة ...
- اه ، أهلًا وسهلًا ...
بقوة لم تمهلها "عهد" فرصة للتفكير دفعت بخطوتها إلى داخل الفيلا ..
- مش حتقولي لنا إتفضلوا ولا إيه ؟!!
عادت الفتاة برأسها للخلف كمن تنظر إلى أحدهم أولًا لتجيبها مضطرة فقد دلفت "عهد" بالفعل إلى الداخل ...
- إتفضلوا ...
كانت تلك إشارة لتحرك "عهد" إلى داخل الفيلا تحاول الإستماع لزميلها "عبد الرحمن" عبر سماعة الأذن خاصتها ...
-( "عهد" إدخلوا شمال المايكات تحت الترابيزة ) ...
خطت "عهد" نحو اليسار يتبعها "طه" منبهرًا بقدرتها على التلون بهذه الطريقة بينما تبعتها الفتاة بإرتباك شديد حتى لا تلاحظ أى شئ غير مألوف ..
جلست "عهد" بإجتماعية مزيفة كمن تنتظر الفتاة تغيب عنها لتحاول تشغيل جهاز التنصت ...
بالفعل دلفت الفتاة نحو الداخل تحذر بقية أفراد الشبكة بوجود غرباء بالخارج ...
- بعد إذنكم راجعه لكم على طول ...
كانت تلك هي فرصة "عهد" لتسقط رأسها أسفل المنضدة لتعيد تشغيل الجهاز بينما وقف "طه" مراقبًا للوضع تحسبًا لعودته الفتاة والتى لم تغيب سوى بضع دقائق كانت هي ما تريده "عهد" لإعادة تشغيل مكبرات الصوت حين هتف "عبد الرحمن" بها ...
- (الله ينور يا حضرة الضابط ، المايكات إشتغلت) ...
ثم أكمل بتوضيح ...
- (فيه كمان مايك عندك ورا الصورة إللي فيها المركب )...
زمت "عهد" فمها جانبيًا فمع حضور الفتاة لن يمكنها التحرك بسهولة لتسعل بقوة ...
- لو سمحتي ممكن شوية مياه ...
أومأت الفتاة بإمتعاض لتنهض مرة أخرى نحو الداخل بينما قفزت "عهد" تجاه الصورة المعلقة على الحائط لتشغيل زر مكبر الصوت ثم عادت لموضعها بخفة ...
عندما عادت الفتاة تحمل كوب الماء كانت "عهد" مستقرة تمامًا بمقعدها لتبدأ حوار سخيف تنهى به تلك الزيارة التى أثارت ضيق الفتاة دون معرفة من هؤلاء المتطفلين لكنها كانت سعيدة بإنتهاء تلك الزيارة بعد حديث تافه قامت به "عهد" عن كونها جارتهم القريبة وتود لو تقوم بزيارتها فيما بعد ...
أغلقت الفتاة الباب من خلف "عهد" و "طه" وهي تزفر بقوة قبل أن تعطي إشارة لمن معها ...
- غاروا ، أمان خلاص ، تعالوا ...
بدأ أفراد الشبكة بالجلوس لتباحث أمر ترتيب أول عمليات الإغتيال فيما إتخذت "عهد" و "طه" طريق عودتهم للفيلا تحت أنظار أحد أفراد الشبكة من جهة و"معتصم" ومن معه من جهة أخرى ...
بعد أن إطمئن الرجل أنهم ما هم إلا جيرانهم بالفعل عاد لبقية زملائه ، بينما لم تكن "عهد" قد دلفت لفيلا المراقبة بعد ، دفعت بـ"طه" تجاه الأشجار لتشير نحو أذنها قائله بوجه ممتعض ..
- إخلع المايك والسماعة ...
رغم إعجابه بها منذ دقائق إلا أن شراستها نحوه أربكته للغاية ، بل شعر ببعض التخوف قربها وهي أيضًا شعرت بضعفه فكيف يمكن أن ينشأ بينهما رابط وهي الجانب الأقوى ...
نزع "طه" سماعة الأذن خاصته وأغلق زر الجهاز الموضوع بجانبه منتظرًا ما ستلقيه عليه تلك الشرسة ...
لكن ما لم يتوقعه هجوم أكبر مما تخيله حتى زعزعت ثباته كرجل قوى فقد ألكمته بقوة تفاجئ بها ليسقط أرضًا على ظهره متألمًا متفاجئًا برد فعلها العنيف ...
- فيه إيه ...؟؟!
أشارت إليه بسبابتها بتهديد وقد تحولت ملامحها اللطيفة لشرر منفعل ...
- حسك عينك بعد كدة تكذب وتقول كلام أنا مقولتهوش ...
إبتلع "طه" ريقه بإضطراب لينهض محاولًا لملمة كرامته التى بعثرت على يديها ...
- أكذب إيه وأقول إيه !!! فيه إيه يا "عهد" إنتِ إتجننتي ولا إيه ؟؟!!
إقتربت منه لتزداد حدتها وشراستها قائله ...
- اه إتجننت ، ممكن بقى تسيب المجنونة وتبعد عن طريقها ، لأن إللي حصل ده مش حيعدي بالساهل ، إنك تشيع إننا مخطوبين وحنتجوز وده كله خيال في دماغك الخايبة دي لوحدك ، يبقى إنت ساعتها محتاج إللي يفوقك ، وأنا بقى إللي حفوقك ...
فهم "طه" الأمر فبالتأكيد أخبرها "معتصم" بذلك ليتسائل بشك ملمحًا ببعض الإتهام ...
- هو إنتِ وحضرة الضابط بينكم إيه بالضبط ؟؟؟!!!! ، إنه يدخل لك الأوضة ويكلمك في موضوع الخطوبة لدرجة إنِك تزعلي أوووي كدة ...!!!!
ليست هي من تقف بموضع إتهام ، وبهذا الشكل المسئ لتقبض بقوة بمقدمة قميصه مزمجرة بوجهه بغضب ...
- لأ ده إنت مش كذاب وبس ، ده إنت لسانك عايز يتقطع بقى ، طب خد النهاية يا "طه" عشان أنا مبيهمنيش ، لو في يوم قلت عليا كلمة أو حتى خيالك المريض ده صورلك غباء من إللي في دماغك حيبقى أخرتك على إيدي ومش هزار ...
أنهت حديثها وهي تحرره من قبضتها وتضرب كتفه بخشونة قبل أن تتركه مذهولًا وتدلف لداخل فيلا المراقبة ...
إستجمع "طه" نفسه لكن ظل سؤال واحد يراوده ، ماذا يجمع بين "عهد" و"معتصم" ليتحدثا بأمر كهذا فيما بينهم ، هل تربطهما علاقة ما لا يدري عنها شيئًا ...
دلف متأخرًا عنها قليلًا لكن تبقى عيناه المترصدة كل شغلها الشاغل من الآن فصاعدًا هي كشف ما يخبئانه هذان الإثنان ...
لم ينتبه "معتصم" وبقية الفريق لما حدث بين "عهد" و "طه" لإنشغالهم بما يتحدث به أفراد الشبكة بالفيلا المقابلة بعد تشغيل مكبرات الصوت ، لكن "معتصم" شعر بالراحة فور خروج "عهد" سالمة من بين هؤلاء المجرمين وإن لم يظهر ذلك ...

❈-❈-❈

شركة عسرانكو للإستيراد والتصدير (مكتب خالد) ...
قد يلجأ الشيطان لتحقيق مآربة أن يتخذ أنقى الطرق وأطهرها إليك فقط لتسقط في ذلاته وأخطائه وعليه التنكر منك يوم تسأل عن ذلك ...
دلف "فوزي" لمكتب "خالد" يضع قناع المحبة والإستقامة ، تلك الأقنعة الخادعة التى يقع بشراكها الكثيرون خاصة من يتخبطون بأمور الدنيا ...
- أستاذنا ، صباح الخير يا كبير ...
رفع "خالد" عنقه بشموخ يعيد إليه تحيته ...
- صباح الخير يا أستاذ "فوزي" ...
جلس "فوزي" متحير العينين يحاول إيجاد الطريقة المناسبة لعرض ما جاء لأجله ليبدأ بإسلوب ناعم ملتوي ...
- والله يا أستاذنا إللي يشوف مجهودك الجبار ده ميقولش أبدًا إن مرتبك شوية الملاليم دول ، حقيقي مهدور حقك ...
بقناعة شديدة ورضا بقسمة الله له أجابه "خالد" ...
- فضل ونعمة ، كل واحد بياخد رزقة يا أستاذ "فوزي" ...
مال "فوزي" بسلاسة شيطان يوسوس بأذنه بهمس ...
- بس إنت تستحق كتير ، وكتير أوي ، كلنا عندنا ظروف صعبة وعايزين نعديها ، ولادك وبيتك وحياتك ، محتاجين فلوس تعيشك مرتاح في آخر عمرك ، وأنا بقى عندي الحل ...
ضيق "خالد" حاجبية بقوة متسائلًا بدون فهم لمقصد "فوزي" بعد ...
- حل ، حل إيه ؟؟! قصدك إيه يا أستاذ "فوزي" ..؟!!
نهض "فوزي" من جلسته ملتفًا حول المكتب ليهمس بوساوسه بأذن "خالد" حتى لا يستمع إليه أحدهم ولو بالصدفة ...
- مليون جنية ، ويبقوا تحت رجلك من بكرة لو حبيت ، شاور إنت بس ...
إتسعت عينا "خالد" بصدمة هاتفًا بذهول ..
- مليون جنية !!! إنت بتقول إيه ؟!!
أكمل "فوزي" يطرق الحديد وهو ساخن ولا يدع مجالًا للرفض فقد بدأ عرضه المغري ولن يتراجع ...
- "حسين شرف" حيحط مليون جنية تحت إيدك وتظبط له ملف العقد بتاعه مع "عسران" بيه ، إنت مش حتعمل حاجة ، سيبني أنا أظبط الملف وإنت بس توافق عليه ، ها ، قولت إيه ، أظن مليون جنية يحلوا لك مشاكل لا ليها أول ولا آخر ...
حاول "خالد" الإعتراض بشدة لكن "فوزي" لحقه على الفور ليصمته تمامًا ...
- متردش دلوقتِ ، خد وإدي مع نفسك كدة وبكرة الجمعة كمان ويبقى كلامنا يوم السبت ، تمام ، وأنا عارف إنه حيبقى تمام ونعيش كلنا في راحة ، ملهاش لازمة نأزمها في اليومين إللي عايشينهم في الدنيا ، وأكيد إنت محتاج الفلوس دي يا "خالد" باشا ...
رواية بقلم قوت القلوب رشا روميه
لم يمهله "فوزي" فرصة القبول أو الرفض بل تركه يهيم بأفكاره عن عرضه لهذا المبلغ الخيالي والتي بالتأكيد يحتاج إليها ، لكنها مازالت رشوة سيحاسب أمام الله عليها قبل القانون ، ليقع "خالد" بشراك تلك الأزمة وحيرة القبول والرفض ...
ويبقى للأحداث بقية ،،،
إنتهى الفصل الثالث والعشرون ،،،
قراءة ممتعة ،،،
قوت القلوب (Rasha Romia)

 •تابع الفصل التالي "رواية ظننتك قلبي" اضغط على اسم الرواية 

google-playkhamsatmostaqltradent