Ads by Google X

رواية لحظات منسيه الفصل الخامس عشر 15 - بقلم قوت القلوب

الصفحة الرئيسية
الحجم

 رواية لحظات منسيه الفصل الخامس عشر 15 - بقلم قوت القلوب 

الفصل الخامس عشر
•• إنقلب السِحر على السَاحر ••

عُروُش واهية بُنِيت على باطل ، وما بُنى على باطل فهو باطل ، گقطع الأحجية لابد و أن تكتمل وتَظهر الصورة على الملأ وتتضح الحقيقة دون بدون خدوش وبدون تجميل ...

وقفت نورا تطالع تلك القطعة المثلثة غريبة الشكل والتى يحملها ياسر بين كفه يُقلبها بين أصابعه بتعجب خاصة بعدما أخبرته أنها لا تعلم عنها شيئًا ...
نورا: جِبتها منين دى يا ياسر ...؟؟!!

ياسر: مش عارف لقيتها فوق الألواح تحت المرتبة إفتكرتِك إنتِ إللى حطاها ...!!!!

بنفى لذلك حركت رأسها بقوة قائله ...
نورا: لأ ..... أنا أول مرة أشوفها ... يمكن مامتك وإحنا بنفرش الشقه مثلًا ...

ياسر: مش عارف ... لما ننزل تحت نبقى نسألها ....

بتوتر شديد لدى رؤيتها لهذا الشئ الغريب بغرفه نومها أكملت نورا بإصرار ...
نورا: لأ مش حـ أصبر ... يلا ننزل دلوقتِ نسألها ...

ياسر: ماشى ...

أسرع ياسر حاملًا هذه القطعة العجيبة بين يديه متوجهًا نحو شقة والديه تتبعه نورا بحماس لمعرفة ماهية هذا الشئ وما سبب وجودة فى غرفة نومهم و تحت فِراشهم ..

جلس والدا ياسر مجتمعين مع إخوانه وخالته واضحه يستعدون لتناول طعام الإفطار فالوقت مازال مبكرًا للغاية ولم يبدأ يومهم بعد ، بينما كانت حسناء مازالت تضع الأطباق الواحد يلى الآخر على الطاولة وهى تُجهز بقية الأطباق بالمطبخ ...

فمنذ مجئ واضحه وحسناء وقد إعتمدت والدة ياسر على حسناء لمساعدتها فى شؤون المطبخ حتى يحين موعد عودتهم إلى قَريتهم ....

خرجت حسناء من المطبخ حامله طبقين بيديها حين دلف ياسر بحدة نحو الجميع قائلاً ....
ياسر: صباح الخير ...

الجميع: صباح الخير ..

بحنو من قلبِ أم محبه أشارت أم ياسر تجاه الطعام قائله ...
ام ياسر: تعالى يا حبيبى أقعد أفطر معانا ...

ياسر: أنا مش جاى أفطر ... إيه ده ..؟؟!
سأل ياسر وقد إقتضب وجهه بقوة لمعرفتهِ بإقتحام أحدهم خصوصيته وغرفة نومه بدون عِلمه ، لوح بالقطعه المثلثة رثة الشكل فى وجه والدته التى ما أن نظرت نحوها إتسعت عيناها بقوة وصدمة بذات الوقت ، بالطبع هى لا تعرف من صنعه لكنها أدركت ماهيته على الفور ...
ام ياسر: إيه ده !!!!! .. جبته منين يا ياسر ..؟؟!

ياسر بحدة : لقيته تحت مرتبتى فى أوضة نومى ... ممكن حد يفهمني إيه ده و دخل أوضتى أنا ومراتى إزاى ...؟؟!!

نظرات حائره وصدمة علت وجوه الجميع ، حتى واضحه تظاهرت بالإندهاش وعدم معرفة عما يتحدث ، لكن حسناء لم تكن بقوة وصلابة والدتها بل كانت مرتجفة فزعه من إنكشاف أمرهم ...

للحظة لم تتمالك فيها أعصابها التى إنفلتت لتشهق بداخلها دون إصدار صوت مطلقًا لكن فضحها سقوط تلك الأطباق من يدها المرتجفة أرضًا مُحدثة صوت تكسير مُدوى لفت نظرهم جميعًا نحوها ...

تَمَلّك حسناء الفزع والخوف من عثور ياسر على الحجاب وأن ما فعلته سيُكشف على الملأ الآن ....

حاولت التراجع عدة خطوات إلى الوراء لكنها إصطدمت بأحد المزهريات لتقع أرضًا محدثة صوت تكسير عالٍ مزعج مرة أخرى ...

تطلعوا جميعًا نحو حسناء بإقتضاب ثم تحولت نظراتهم إلى غضب شديد عند رؤيتها بهذا الإضطراب ، كما لو أنها تعترف بدون حديث بأنها من وضعت هذا الحجاب ....

إبتلعت ريقها المتحجر لتسرع راكضة نحو المطبخ لاهثه من شدة الخوف ...

إرتجفت يداها المثلجتان فقد هربت دمائها من عروقها لتشعر ببرودة أطرافها فجأة ، صاح بها ياسر غاضبًا ...
ياسر : حسناااااااااء ...!!!!!

إنتفضت حسناء حين سمعت صوت صياح ياسر الغاضب بإسمها ....
لم تدرى ماذا عليها أن تفعل هل تخرج له وبالطبع سيتأكد من أنها السبب فى ذلك ، أم تظل بمكانها للإحتماء مما سوف يحدث لها بعد كشف الحقيقة ....

تلى ندائه الأول نداء آخر أكثر قوة وغضبًا إنتفض له الجميع فلم يُتَوقع هذا الكم الغاضب من ياسر هادئ الطباع ...
ياسر: حسناااااااااااء ... تعالى هنا ...!!!

جرجرت قدميها بذعر لكنها لم تستطيع النظر مباشرة بأعين ياسر لتنكس رأسها أرضًا بتذلل وخوف ...
حسناء : نـ ... عم ....

رفع ياسر الحجاب بوجهها متسائلًا ...
ياسر : إيه ده ....؟!

حسناء بكذب : معـ..رفش ...!!!

رفع هامته قليلًا ليصرخ بها مهددًا ...
ياسر: عليا النعمة لو ما نطقتى ليكون نهار إسود عليكِ ...

إنهارت حصون الكاذب التى لا أساس يحميها لتتساقط دموعها بذعر راكضة نحو والدتها تحتمى بها وتعصمها من ثورة ياسر ....
حسناء: حوشيه عنى يامه ...

رغم قوتها التى ظهرت عليها إلا أنها تخوفت لدرجة مقلقة بداخلها لتهتف بإبن أختها تنهره عن غضبه وثورته على إبنتها ....
واضحه : چرى إيه يا ... ياسر ... الله ...!!!

بنظرات كاشفة متيقنة من أن هاتان المخادعتان هم بالتأكيد من وضعوا هذا الشئ بغرفة نومهم ، دنا نحوهم بأعين مُتقده وإنفعال قوى ...
بتلك اللحظه لم تستطع حسناء تمالك نفسها أكثر من ذلك فدومًا نفس الشر ضعيفه ....

لم تستطيع الثبات على خداعها و تَمَلّكها الذعر من إنكشاف أمرها أمامهم لتعترف بخوف وتلقى التهمة على أمها لتتخلص من عظيم أفعالهم وتلقى باللوم عليها فقط متهربه من كل شئ .....
حسناء: أنى ماليش دعوة ... أمى إللى جالتلى أعمل كِدِة ...!!!

إنتفضت واضحه تحدج إبنتها بنظرات قاسية لتوريطها وإعترافها بتلك السهولة لتنهرها بحدة ...
واضحه : إخرسى يا بت ... إتكتمى ...!!

ضربت والدة ياسر صدرها بصدمة لوثوقها بأختها التى خانت ثقتها بها ...
أم ياسر بعدم تصديق : بقى كدة يا واضحه يا أختى .... بقى أنا أفتح لك بيتى و أنسى إللى عملتيه فيا وفى إبنى ... وأسامحك على إللى عملتيه إنتى وبنتك وتيجى فى الآخر وعايزة تأذى إبنى ....!!!!!!!!!

بتذلل شديد متصنعه قلة الحيلة والقلب الطيب ....
واضحه: والله يا أختى أنا من حبى ليكِ وحبى لـ ياسر عملت كدِة ... والله كنت أتمنى ياسر لبتى .. أنا عمرى ما أأذيه ..

لن تتغير تلك المرأة مطلقًا مهما أعطت من المبررات ، رغم محاولة الجميع للتغاضي عما فعلنه من قبل ، لكنها ها هى تختبئ بقناع الأفعى من جديد ، أجابتها والدة ياسر بملامه ...
ام ياسر : و إللى عملتيه دة مش أذى ؟!!!! ... تعملى عَمَل لإبنى ومراته !!!!! ... ليه ؟؟!!! ... ليه يا .. يا ... أختى ....!!!!!!!!!!!
أنهت جملتها بكلمه "يا أختى" بنبره كلها تهكم وعتاب ....

واضحه بتذلل : سامحيني يا أختى ... جاهله بجى ...

أرادت أن تنفذ من اللوم والعقاب بأى طريقة حتى لو بالتذلل وإثارة شفقتهم ، لكن والدة ياسر أجابتها بحدة وقوة ...
ام ياسر: لا يا واضحه دة مش جهل .... دة سواد فى القلب .. إطلعى برة بيتى إنتِ وبنتك ... أنا غلطانه إنى مسمتعش الكلام ومتعلمتش من الدرس بعد إللى عملتوه المرة إللى فاتت ...

واضحه بإنكسار :سامحينى يا أختى ...

ام ياسر بغضب : إمشى يا واضحه مش طايقه أشوفك دلوقتِ ... روحى منك لله .. حسبى الله ونعم الوكيل ...

نكست واضحه رأسها بخجل لتنهض نحو غرفتها تلملم حاجياتهم لتغادر بيت أختها هى وإبنتها خائبين الرجاء لتعودا لبلدتهم مباشرة أمام أعينهم جميعًا ....

نطق والد ياسر بعد رحيل واضحه معاتبًا زوجته بعد صمت طويل ...
والد ياسر: جالك كلامى ... شفتى المصايب إللى دايمًا بتيجى من تحت راسهم ....

لم تعد تتحمل والدة ياسر ملامه لأكثر من ذلك لتردف بضيق ..
ام ياسر : بالله عليِك أنا مش ناقصه ... فَهَمت خلاص ... وتوبه إن كنت أكسر كلامك تانى ...

نظرت نحو ياسر ونورا مؤنبه نفسها لما وصلا إليه بسببها ...
أم ياسر: وإنتوا يا ولاد حقكوا عليا ..

نورا: وإنتى ذنبك إيه يا طنط ... الحمد لله إنها جت على قد كدة ....

طيبتها الزائدة وتَفَهُمهَا زادا من تأنيب والدة ياسر لنفسها فهى لا تستحق ما فعلته بها حقًا وأنها قست عليها بدون وجه حق ، ربتت على كتف نورا بحب حقيقى ...
ام ياسر: معلش يا بنتى ظلمتك و زعلتك ...

نفت نورا ذلك وهى تبتسم بقوة لتوضح لوالدة زوجها أنها لا تَكِنُ لها أى ضغينة بقلبها ...
نورا: لأ طبعًا ولا زعلتينى ولا حاجة ...

أمسك ياسر بـ(الحجاب) محاولًا قطعه والتخلص منه ..
ياسر: أنا حـ أقطع البتاع دة ...

وقبل أن يمسه صاحت والدته بسرعة ...
ام ياسر: لااااا ... دة لازم شيخ هو إللى ييجى يفُكه ....

ياسر باستغراب: ليه يعنى ..؟؟!

ام ياسر: هو كدة عشان محدش فيكوا يتأذى ....

رفع والد ياسر هاتفه قائلًا ...
والد ياسر: أنا حـ أكلم واحد يعرف واحد شيخ بيعالج بالقرآن يكلمهولنا وييجى هنا على طول ...

ام ياسر: أيوة ... صح كدة ....

=====

المعمل ....
تناول أحمد طعامه الذى إقتسمته له سميرة وهو يتسائل ببعض التحسر لعدم بقائها معهم لتناوله ...
احمد: هى سميرة مفطرتش معانا ليه ...؟!

لا تدرى هل تنفعل عليه أم تُشعِرهُ بحبها وولهها تجاهه لتجيبه بتملل من تكرار سؤاله عن سميرة ...
عبير: أنا عارفه .. إبقى إسألها ...

نفض أحمد يديه ناهضًا من مقعدة متحركًا نحو باب المعمل ..
احمد بضيق: لا ... أنا نازل شوية كدة وراجع مش حـ أتأخر ...

تفاجأت عبير بما سيقوم به فمن قواعد العمل ألا يترك أحدهم المعمل دون إستئذان صاحب العمل أو أشرف ...
عبير: ولو حد سأل عليِك أقولهم رُحت فين ....؟!

احمد: أى حاجة يا عبير .. الله .. قوليلهم فى الحمام ... أى حاجة ...

عبير: ماشى متزعلش كدة ...

غادر أحمد بعجالة من المكتب بينما عادت سميرة من مكتب أمير لتشير بكفها أمام عينا عبير الشاردة ..
سميرة: مالك يا أخت ... سرحانه فى إيه ...؟!

عبير: فيكِ ...!!
لم تكذب عبير حقًا فهى كانت بالفعل شاردة بتفكير أحمد المستمر بـ سميرة وعدم إحساسه بها ...

ضحكت سميرة مداعبة صديقتها ...
سميرة: فيا أنا .... ليه بقى ...؟!

إعتدلت عبير تستفهم الأمر من سميرة بفضول ...
عبير: إيه حكايتك ... وإيه حكاية باشمهندس أمير ...؟!

سميره: حكاية إيه .. عادى .. ولا حكاية ولا حاجة ...؟!!

طأطأت عبير رأسها قليلًا وهى تحدق بـ سميرة بنظرة غير مصدقه ...
عبير: سميرة !!!! عليا أنا برضه ..؟!!!! 

إتخذت سميرة جلستها بصورة أفضل راحه لكن ملامحها المداعبه إتخذت منحنى جادًا بعض الشئ ...
سميرة: قصدك إيه يا عبير مش فاهمة ..؟؟!!

عبير: يعنى كل شوية عنده فى المكتب وبتتكلموا وتفطروا سوا ... كدة يعنى ...

أوضحت سميرة مبرراتها بالإهتمام بهذا المسكين مفطور القلب وما تفعله لمساعدته فقط ...
سميرة: أبدًا والله ...هو بس صعبان عليا من بعد ما قولتيلى أنه مكنش كدة و أتغير وبقى عصبى ومش طايق حد ... فقلت أساعده و أطلعه بره المود دة ..

عبير محذرة : بس دة عامل زى الطور الهايج خدى بالك ليأذيكِ ...

بتفهم لطبيعة إحساس أمير عقبت سميرة ...
سميرة: إللى مكسور دة بيبقى دايمًا هو المظلوم مش الظالم .. وأكيد مسيره حـ يرجع لطبيعته ...

عبير: وبعدين ....؟!!

تضايقت سميرة من عدم فهمها لمغزى حديث عبير منذ أن إلتقتها هذا الصباح ...
سميرة: إنتِ مالك النهاردة بتتكلمى بالألغاز كدة ليه ؟!!!!!! .. ما تقولى إللى عايزة تقوليه على طول ....

عبير: بصراحه أنا حاسه إنك بدأتِ تميلى ليه ... وخايفه عليكِ لتحبيه ...

سميرة بضحكة إستهزاء لمست جزء من الحقيقة لتُنكرها على الفور فهذا شئ مختلف تمامًا عما تقوم و تشعر به ..
سميرة: لأ .... لأ ... طبعًا ... مينفعش ... إيه التخريف إللى إنتى بتقوليه دة ؟!!! ... أنا بساعده بس ... زملاء يعنى وكدة ...

سألتها عبير بعدم تصديق لتشك سميرة بأمرها كذلك ...
عبير بمكر : تفتكرى ...!!!

سميرة: أه طبعًا ... أُمال إنتِ فاكرة إيه ...!!!

عبير: طب وهو ..؟!!

أسئلتها كانت مباشرة وواضحة مما أثار إرتباك سميرة دون إدراك لسبب ذلك ...
سميره: وهو ماله هو كمان ...؟!

عبير: مش ملاحظه إنه بدأ يتغير ...؟؟!!!

سميره: و ده شئ كويس ... إنه يتغير ويرجع زى الأول ...

قالتها عبير صريحة تُنبه بها صديقتها من أن تنزلق قدمها ببئر رغمًا عن إرادتها ...
عبير: بس هو متغير معاكِ إنتِ بس ..

سميرة بتفكير: معايا أنا بس ...؟!

عبير: أيوة .. هو كدة معاكِ إنتِ بس ... هو مش معانا كدة ..

بحزم قاطع نفت سميرة ذلك فهى تصف واقع غير موجود بالمرة ...
سميرة: بيتهيألك بس ... عادى زيي زيكم .. خلاص بقى شوفى كنتِ بتعملى إيه أنا داخله المعمل عندى شغل ...

إبتسمت عبير لفهمها ما يحدث بصورة جلية واضحة تمامًا لتردف مُعجبه بأفكارها بخيلاء ...
عبير لنفسها : " والله وطلعتى بتفهمى يا بت يا عبير ... والحلوة شكلها طَبت من غير ما تحس ... المهم إن أحمد حـ يبقى ليا لوحدى ... " 

إضطربت سميرة من مقصد عبير الخالى من الصحه لتهمس لنفسها مؤكدة غير ذلك ...
سميرة: " مجنونة دى ولا إيه ... أكيد لأ طبعًا ... لا أنا حبيته ... ولا هو حبنى ... هو أى كلام وخلاص ...." 

====

كرم ...
إستيقظ من النوم لينظر بتكاسل نحو ساعته فهو لم ينم طوال الليل لينتفض بقوة حين رأى الساعة تخطت الثانية عشر ...
كرم: يا نهار اسود .... أنا إزاى نمت لحد دلوقتِ ...؟!!!!

أسرع كرم يرتدى ملابسه فى عجالة لكنه أخذ يتعثر كثيرًا وكلما يمسك بشئ يقع مرة أخرى من بين يديه من شدة توتره ...

وبعد عدة دقائق كان قد إنتهى من إرتداء ملابسه ، توجه مباشرة نحو سيارته المستأجرة المصفوفة أمام البيت ليغمض عيناه بضيق وعصبية ..
فقد وجد إطار السيارة قد هوى أرضًا وفرغ منه الهواء ولابد من تغير هذا الإطار ...

إستند بضيق على السيارة وإكتست ملامحه بحزن جم ، فقد تأكد أنه لن يستطيع رؤيتها اليوم فهى بعد إنتهاء اليوم الدراسي لا يدري بأى وجهةٍ تذهب لإعطاء هذه الدروس الخصوصية وهو بالكاد يعلم فقط طريق الذهاب إلى المدرسة ، و لا يعلم أيضًا موعد عودتها بآخر اليوم لينتظرها قرابة منزلهم  ....

ضرب السيارة بكفه بضيق صاعدًا نحو شقته مرة أخرى وألقى بنفسه فوق الأريكة ينتظر أى شئ ينهى به هذا اليوم الكئيب ليراها مرة أخرى فى الغد ...

====

هيام...
بعد خروجها من المدرسة ولأول مرة توقفت ولم تتخذ طريق عملها الإضافى بل أخذت تتطلع بضيق نحو الفراغ الذى يقبع موضع سيارته حيث يقف كل يوم ، نظرت بغصة كما لو أنها أرادت لقائه هذه المرة ...

لكنه لم يأتى .... يبدو أنه بالفعل مَلَ من التجاهل والإنتظار ... شعرت بالضيق وضاق تنفسها تنهدت بحزن ثم تحركت بآليه نحو موقف الحافلات لتستقل الحافلة بتجهم واضح ..... 

تعجبت لحالها وشعورها بفقدهِ ، متسائله بداخلها لم هو خاصة الذى تشعر بفقدهِ لقد رفضت الكثيرين ، فلمَ تشعر تجاه هذا الشاب بهذا الإنجذاب هو وحده فقط ، تسائلت لم تشعر بالحزن لعدم حضوره اليوم ...
سيطرت عليها حالة من الإحباط لم تستطع تجاوزها مثل سابقيها فقررت عدم إستكمال عملها اليوم وتوجهت مباشرة إلى المنزل .....

====

بيت ياسر ...
شعور بالراحة إجتاحهم بعد رحيل واضحه وابنتها ، جلسوا جميعًا بإنتظار هذا الشيخ المعالج بالقرآن الذى سيأتى لمساعدتهم فى التخلص مما فعلته واضحه وإبنتها من سِحر وأعمال لإبنهم وزوجته ....

تقدم أحد الشيوخ بسيطى الهيئة ذو لحية سوداء يخالطها بعض الشعيرات ذات اللون الأبيض بوقار وهدوء ...

رحب به والد ياسر بحفاوة ...
والد ياسر: إتفضل إتفضل يا شيخ ....

الشيخ : السلام عليكم ورحمه الله وبركاته ...

رددوا السلام وقد إقتربوا منه جميعًا ملتفين حوله فى رهبةٍ ليس من وجودة فحسب فهو شيخ عادى المظهر جَلِد الملامح لكن رهبتهم من مرورهم جميعًا بهذه الأمور لأول مرة وإنعدام خبرتهم بهذه الأعمال على الإطلاق ..

كانوا دومًا ما يسمعون عن السِحر والأعمال خاصة فى بعض المناطق الريفية وإنسياق الجهلاء وسيئوا النية وراء ذلك ، لكنهم لم يمروا بمثل هذه الأحداث بهذا القُرب من قبل .....

تطلعوا نحو الشيخ بترقب لما سوف يفعله بهذا المسمى "الحجاب" الذى قامت به واضحه للتفريق بين ياسر ونورا ...

نظرت نورا بخوف وترقب لما سيحدث وتلاقت عيونها بعيون ياسر الحزين لما حدث وهم فى أول حياتهم ولم يمر على زواجهم إلا أسابيع قليلة .....

الشيخ: إن شاء الله خير .... متقلقوش ....

يرفض ياسر تمامًا أن يَلعب أحدهم بعقولهم بمسمى الدَجل والشعوذة ليسأل هذا الشيخ عما سوف يقوم به فهو لن يقبل بمثل هذه الأمور ...
ياسر: إنت حـ تعمل إيه يا عم الشيخ فى البتاع دة ....؟؟!!

الشيخ: إحنا حـ نقرأ قرآن على المياه ونفُك فيها الحجاب عشان محدش يتأذى ونقرأ قرآن عليكم ونرقيكم الرقية الشرعية وربنا يصلح لكم الأحوال وهو الحافظ الحامى ...

إطمئن ياسر أن هذا الرجل لن يقوم بأى من الأسْحَار والدجل والشعوذة فقط قراءة القرآن وهذا شئ مُستحب ....

وبالفعل قرأ الشيخ بتمتمة غريبة بعض الآيات على إناء مملوء بالماء ثم وضع القطعة المثلثة غريبة الشكل "الحجاب" فى الماء ليثبط عمله ....

لكن المفاجأة حدثت عندما بدأ الشيخ يتلو الآيات بصوت عال جَهور ليرقى كلًا من ياسر ونورا ....

فقد تَملَّكت نورا رجفة قوية وظلت تنتفض وتصرخ فى هستيرية مثلما حدث منذ بضعة أيام ...

الشيخ بغضب : لا حول ولا قوة إلا بالله ... الأخت دى وأكله حاجة أو شاربه حاجة معمول بيها سِحر ....

نظروا جميعًا نظرات تعلوها الدهشة والصدمة والإشفاق فى ذات الوقت نحو نورا التى زاغت عيناها الحائرة بوجوههم جميعًا وتملكتها رغبتها الشديدة في البكاء مرة أخرى ....

ياسر: أنا قلت .... إن نورا مش طبيعية خالص الأيام دى و على طول زعلانه أو تعبانه ومتضايقه طول الوقت ... لا حول ولا قوة إلا بالله .... بيعملوا فينا ليه كدة !!!! .... أذيناهم فى إيه بس ....؟!!!

الشيخ: بإذن الله كل شيء حـ يتحل .... هاتولى مياه نظيفة وتعالى يا بنتى أقعدى قريب هنا ..

إستجابت نورا بخوف ورهبة لما قاله الشيخ وسط طمأنة ياسر لها وأنه إلى جوارها ولن يتركها أبدًا ....

جلست على أحد المقاعد القريبة من الشيخ وأخذ يتلو بآيات قرآنية معينة تخص آيات السِحر وقدرة الله وهو يمسح بكفه فوق الإناء وعندما فرغ تمامًا طلب من نورا أن تشرب من هذا الماء ...

تجرعت نورا بعضًا منه لتشعر برغبة قوية بالتقيؤ لتسرع نحو المرحاض لتفرغ محتويات معدتها كاملة ...

ظلت تتكرر معها هذه الحالة كلما تجرعت القليل من هذا الماء ...

شعرت نورا بالإعياء الشديد وحاوطها الجميع إشفاقًا على حالتها التى وصلت إليها بسبب هذه الغيورة حسناء وأمها .....

وبعد وقت ليس بالقليل بدأت نورا تشعر ببعض الراحة وكأن ثِقل ما أزيح عن صدرها وتنفست بحُريه وكأنها ترى العالم من حولها بنفس إحساسها ونظرتها القديمة ....

إنصرف الشيخ بعدما أدى مهمته كاملة وسط توصيات بأن تشرب نورا ما تبقى من الماء وتغتسل به والمحافظة عن الإبتعاد عن أصحاب النوايا السيئه والإلتزام بالصلوات وقراءة الأذكار اليومية ....

حمدوا الله جميعًا على مرورهم من هذه المحنة التى كانت بمثابة درس عظيم لهم جميعًا ....

أحاط ياسر نورا بحنان وصعدوا نحو شقتهم لترتاح نورا بعد عناءها الطويل المؤلم ...

ياسر: الحمد لله إننا خلصنا من إللى حصل دة .. و حِسِك عِينك تُحكمى على حد تانى إنه إتغير وبقى كويس ... إنتِ متتعامليش مع أى حد أنا معرفهوش نهائى .. طيبتك الزايدة دى متنفعش فى الأيام إللى إحنا عايشين فيها ...

نورا بوهن : والله يا ياسر كنت فاكراها بقت كويسه و إتغيرت فعلًا .. وإننا ظلمناهم المرة إللى فاتت وكنت بتعامل معاها بسلامة نيه خالص ...

ياسر: أنا برضه غلطان إنى كنت فاهم نيتهم و سبتك تتعاملى معاهم ...

نورا: خلاص والله حَرَمت .. دة أنا حتى مش عايزة أقعد هنا وحـ أسافر معاك ....

ياسر بسعادة : بجد !!! أخيرًا إقتنعتى ...

نورا: أيوة يا ياسر ... خلاص ... لا يمكن أسيبك تانى .. أنا معرفش أعيش من غيرك وعمرى ما حـ أسيبك لواحدة تانيه تستفرد بيك ومن غير أعمال ولا سِحر كمان ...

ضحك ياسر على برائتها ونقائها بعد كل ما مرت به فى هذه الأيام ...

ياسر: مش مهم ... أيًا كان السبب ... المهم إن إنتِ حـ تسافرى معايا ... ومن النهاردة نحاول ننسى كل إللى حصل ده ونعتبره لحظات منسيه ونبدأ حياتنا من أول النهاردة من غير أى تدخل من أى حد فى حياتنا ....

ويبقى للأحداث بقيه ،،،
انتهى الفصل الخامس عشر ،،،
قراءة ممتعة ،،،
رشا روميه ،،،

 •تابع الفصل التالي "رواية لحظات منسيه" اضغط على اسم الرواية 

google-playkhamsatmostaqltradent