Ads by Google X

رواية ميكاتوا الفصل الثاني 2 - بقلم نور اسماعيل

الصفحة الرئيسية
الحجم

 رواية ميكاتوا الفصل الثاني 2 - بقلم نور اسماعيل 

"ديانا" 

لقد أرهقتنى من كثره اخفاقاتك في الحياه، كثرة تناولك للبؤس وكأنه جُرعة يومية.. دعنى أتوقف قليلا كى أريحك وأريح نفسى من غبائك!

                               "نبيل"

نفسيّ التي أهلكتُها في بحور الحُزن والآلامِ قد عاودتني مُجددًا، بعد بكاءٍ مريرٍ وأفكارٍ سوداوية، بعد عناءٍ سرمدي ونفسٍ مُصابة بداء الكِتمان، بعد كُل هذا سقطت! ، سقطتُ وبداخلي صرخةً قد شلَّت أركاني، أذابت ثلوجى، ّ فانهارت بعَبراتٍ مُحملةً بالأسى، ومن يا تُرى يكون بجواري بعد كُل هذا؟


'الفصل الثاني' 

'اقدم اهداء هذا الفصل الى روان الخشاب "كعبولى" التى استوحيت من صفاتها الشكلية شخصية ديانا' 

(منذ عامين)

أمام المرآه.. كان يقف نبيل يمط شفتيه، يتهيأ لزيارة عروس جديده من ضمن القائمه التى ترشحها له كل يوم والدته وشقيقاته.. فقد بلغ من العمر الثمانية والثلاثون وحتى الآن لم يرتبط ولو لمرة واحده سواء عاطفياً او بشكل رسمى..

نبيل فهمى، ثمانية وثلاثون عاماً.. يعمل_شيف_بإحدى مطاعم لدى فندق معروف، يعزف عن الارتباط او التعامل مع جنس حواء ب أكمله.. يرى الحياة بلون سودوى إلى حد ما وهذا م جعل من حوله يقدم العديد من الاقتراحات له لكى يتزوج ويغير مجرى حياته..

دلف شقيقه وقام برش بعض زخات العطر على ملابس نبيل قائلاً..

_ايوا يا عريس، جميل جدا.. يالا عشان نعدى نجيب تورتة وإحنا رايحين


إلتف نبيل له وأردف بنبرة لا مبالية

_ونجيب تورتة ليه؟ م احنا هنروح ومش هعجبها وهترفض وهنرجع قفانا يآمر عيش، هما ياكلوا التورتة وانا اقعد آكل نفسي على حقها


نظر له شقيقه متعجباً واردف

_وليه كل الافتراضات دى، العروسة دى بيقولوا مبسوطه لما شافت صورتك وعرفت صفاتك.. ابونا كلمها قبل م احنا نروح يبقى فين المشكلة

_على فكرة انا سمعت ماما وهى بتقول انها معترضه انى اكبر منها ب١٥سنه

_بس اهلها حددوا الميعاد اننا نروح ونتقدم، لو كانت هترفض كانت قالت لأهلها لاء


هز نبيل رأسه ب يأس وأردف ينظر إلى أسفل

_يعنى خلاص انتو اتفقتوا نروح!

اردف شقيقه بثقه

_المفروض

_طب افرض اول م شافتنى اعترضت على إنى ساكت وزعقت فيا زى العروسه الل قبل اللى فاتت كان اسمها ايه.. اه مجدولين


تنهد شقيقه بفروغ صبر ف أكمل نبيل

_او مثلآ قبل م نروح بدقايق يبلغونا انها ولعت فروحها ونقلوها لمستشفى الحروق زى المرحومه عروسة السما إستر

حاول فايز تهدئته ف اردف له مبتسماً

_ياعم فك احنا رايحين نخطبلك، طب استنى هقولك نكته بيقولك مرة مكوجى تاه ف الصحراء  لقى تعبان قعدوا ساعه يبخوا علي بعض، إضحك يانكد!

لم يضحك نبيل، بل لم نتفرج شفتيه من الأساس.. فأمسك فايز شقيق نبيل يديه وربت عليهما وتحدث مردفاً له

_ممكن تنفض الذكريات المنيلة دى عن دماغكيابلبل، ونبص لنص الكوبايه المليان!

_ماهو نص الكوباية الفاضى فضى لما شربته سارة على بُق واحد ومدوبه جواه سم الفران لما خطبتوها ليا غصب عنها

_يوووووه، يالا يا نبيل


قالها فايز بفروغ صبر وأخذ يجرّه إلى الخارج إستعداد للذهاب، وفى طريقهما كان الجميع يتحدث بالسيارة عداه حتى وصلوا منزل العروس ديانا..

احتسوا مشروب الضيافه، كان مجرى الحديث الترحيب والحديث عن عمل العريس وما هى خطته المستقبليه

وكان كُل هذا يجرى ونبيل على صمته، ينظر للجميع بطرف عينه حتى دلفت ديانا حاملة صنية الكيك المحلى

مع ابتسامه رقيقه فضحت اسنان بيضاء مرصوصه مع قولها

_مساء الخير يا جماعه


ديانا، ٢٣عاماً.. خريجه كلية التجارة وبدأت العمل بشركة مقاولات منذ شهور، راتبها متوسط بالكاد يُكفى احتياجاتها، ممتلئه الجسد، ذات شعر بنى اللون ولكنه خفيف الكثافه، وجهها مستدير ووجنتيها ممتلئتان

عيناها ذات لون بنى متماشى مع شعرها، ضحوكه متفائله لطيفه الشخصية تحب الطعام اللذيذ، جربت ان تلج داخل علاقات عاطفيه عديدة ولكنها فشلت، وحينما تقدم لها نبيل وافقت حتى تجرب مغامرة الارتباط الرسمى.. من الممكن ان ينجح.. ربما!

دلفت ديانا وجلست إلى اقرب مقعد وبدء الحوار وتجاذب اطراف الحديث

_بسم الصليب عليكِ ياديانا زى القمر بس يعنى عاوزة تخسي شوية


كانت مبتسمه ديانا حتى سمعت آخر كلمات والده نبيل اقتضبت واختفت بسمتها مع قولها

_والله يا طنط عاجبنى شكلى كدا ومش مضايقه حد بيه

_بتلبسي كام x

_نعم!

اردفت ديانا تجيب على سؤال نبيل متعجبه منه ف اكمل هو

_ايوة لازم اعرف مش هنرتبط، لازم اعرف مقاساتك ايه عشان نجارة اوضه النوم

دنت ديانا نحوه وقالت مستفهمه

_وهو ايه دخل اوضه النوم فمقاساتى هو انا هنام فالدولاب!


ضحك الجميع ف ارادت والده ديانا تغيير مجرى الحديث لتدعو والدة نبيل واشقاؤه للجلوس بالخارج وترك نبيل وديانا بمفردهم لأخذ مساحه من الحديث، وما ان ترجلوا للخارج فقامت ديانا بسؤال نبيل

_سيبك أنت، التورتة اللى انتو جايبينها بطعم ايه؟!

اتسعت حدقه عين نبيل وقام بالرد عليها

_سيبك بس من طعم ايه دلوقت، طبعاً انتِ عارفه انى اكبر منك ب ١٥سنه وانى بشتغل شيف ف مطعم فندق

ومرتبي يدوب ومجبتش لسه شقه والشبكه هتبقى بالتراضى كدا البسي دبله وحلق ونقفل الليلة لأن والله انا قلقان ومتشائم ومش ناقص


ضحكت ديانا ضحكه واسعه وصفقت بكلتا يديها، وقالت له

_يابنى اصبر بس، احنا نلبس الدبل ونلبس فبعض ونشوف الدنيا

_بعد كل الل قولتهولك مكمله.. طب حلو

_ماهو اسمع، أنا لازم امشى الجوازة مش كل شوية ادخل علاقه ويتعلم عليا انا عاوزة البس الدبله وننزل صورة كلبش انا وانت واعملك كابشن على صور فالفيس وانت متفكرش تعمللى لايك حتى

واغير صور البروفايل ٣مرات فاليوم ان انا مخطوبة وبحب خطيبي وخطيبي بيموت فياوانت تكون عامللى بلوك أساساً ولا شايفنى واعمل ستورى واتس بصور وكابشنز اعمل جو يعنى .. وهكذا، وأهم من دا كله انك طباخ وانا بقى بموووت ف الأكل.. فهمت حاجه؟!


ومرت الأيام، وتمت الخِطبه.. إحساس اليأس متملك نبيل بينما كانت ديانا بعالم آخر تذهب عملها تشترى بكل راتبها طعام وشيكولا، تخرج للتنزه مع اصحابها وتتحدث هاتفياً مع نبيل الصامت المحبط كالعادة 

وتمر السنوات، والوضع كما هو لا يوجد جديد.. 

وبعد عامين، يقف نبيل بالمطبخ يحضر الطعام ويتذكر كم المديونيات التى عليه لتحضير منزل الزوجيه من اثاثات لمفروشات وتسديد كافة الالتزامات.. يريد فَسخ الخِطبه ولكن اهله فى كل مرة يمنعونه فقد تم من العمر الأربعون ومازال لايستطيع تحمل مسؤليه ويهابها ك الخوف من وحش كاسر.. 

_إنت بتعيط يا شيف نبيل! 

نظر نبيل ناحية رئيسه بالعمل إثر تقطيعه للبصل ف اردف نبيل

_لا انا بس عشان تقطيع البصل 

_طب شد حيلك، الغدا قرب ينزل 


تركه ورحل، حتى أتاه صوت رنة الهاتف ب اسم ديانا ل يتأفف، فيترك مابيده ويضع سماعة الرأس ويجيبها 

_أيوة 

_اسكت مش أنا لاقيت اعلان عن حتة شقه تحفه، وايجارها زى م انت عاوز.. هو بس المقدم الل عالى حبتين 


امتعض نبيل بشفته السفلى وأردف

_كام المقدم؟!

_٥٠الف.. بس متقلقش هتعرف تدبرهم


ترك نبيل مابيده وتحدث بصوت عالى

_انا هجيب منين ٥٠الف مقدم زائد العفش والفرش والجمعيات والاقساط، ماترحمينى ابوس ايدك


تأففت ديانا منه ونفثت فى سماعه الهاتف مع قولها

_بقولك ايه، أنت تستأذن من شغلك ونروح نشوف الشقه عشان انا زهقت منك ومن إحباطك والخطوبة مش هتتفسخ يا نبيل لو عملت ايه وهنتجوز وهنكمل حتى لو أجرت عريس بدالك


اغلقت المكالمه بوجهه، ف زفر نبيل زفرة حارة ليتحدث الى نفسه

_وكمان هتجيبي عريس ايجار يا ديانا، عليكِ وعلى جوازتك السودة يابعيده

`~`~`~`~

وما زِال لدى الرغبةُ في إنهاء كل شيء دفعة واحدة، الارتباطات.. الصداقات.. المواعيد، العمل، الجدل 

أريد أن انهى كُل شئ مُلوحاً ب إحدى يداى مُردفاً بصوتٍ أجش قائلاً لا!.. لا أريد اى شئ بعد اليوم. ف ليتوقف ذلك الهُراء و ل يرحل بعيداً عنى,, 

_هو امى كانت بتاكل وهى حامل  فيّا إيه عشان تخلفنى  حزين كدة؟ كأنها كانت بتتوحم على البومات تامر عاشور!

أخذت تُقلب ديانا كوب القهوة المثلجة أمامها وهى تنظر له نظراتها الحانقه كالعادة ف أردف نبيل

_بقولك ايه يا ديانا أنا قلقان لما نتجوز نخلف عيال حزينه

رفعت ديانا شفتها العلوية ممتعضه وقالت

_اكيد هنخلف عيال حزينه مدام باباهم كًتلة كآبه كدا، فُك.. فُك الله يخليك

وضع ديانا الملعقه من يده بعدما قلب كوب الشاى أمامه منزعجاً و مُردفاً إليها

_إنتِ إيه! دهون جسمك دخلت على مُخك حجبت عنه الرؤية؟ بقالنا كام سنه مخطوبين؟ بقالنا كام سنه بنكون روحنا وبنحط القرش عالقرش وانا شغال وطالع ٤٣عين أهلى! 

لوحت ديانا بيدها قائله ونبرة صوتها قد ارتفعت قليلاً 

_يعنى إحنا اول المخطوبين ولا آخرهم! كل الشباب كدا وواحده واحده بتخلص كل حاجه.. متقرفنيش معاك لأنى أساساً قرفانه من هدومى 


نهض نبيل واقفاً مشيراً لها بإصبعه السبابة

_ماهو دى مش مقاسات هدوم عشان تطيقيها ولا دا منظر واحده قلقانه على خطيبها وعاوزة تقف جمبه وهو حزين بالشكل دا 


نهضت ديانا أمامه تتحدث بصوت جهور مما جعل من حولهم بالمقهى ينظر لهم ويلتفت إليهم 

_ماهو انت على طول حزين وكئيب، يبقى هفضل واقفه طول عمرى أما رجلى يصيبها الروماتيزم.. أنا ماشية! 

تركته ورحلت ف أخذ ينظر ناحيتها نظرة حانقه مطوله وهو يتمتم.. 

_سابتنى ومشيت كعبول هانم، سابتنى وانا حزين ومخنوق حتى الشاى مشربتوش، روحى ياشيخه ده احنا لو واكلين مع بعض سم فران مكنتيش هتعملى كده حسبي الله ونعم الوكيل. 


`~`~`~

_بقولكوا ايه، أنا مش عاوز أكمل!

قالها نبيل بصوت عال ف انتبهت والدته وشقيقته، ف أردفت له والدته

_مش عاوز تكمل ليه يانبيل؟ ديانا بنت كويسة ومؤدبه ومستحملاك بقالها سنتين


جلس نبيل إلى اقرب مقعد وتحدث بعدما نفث ببطء

_ياجماعه انا مبتقدمش خطوة، انا فيه حجات عليا اكبر من إحتمالى، انا مش بنت وهعنس

عشان وصلت لل الأربعين.. ديانا مخها مش هنا.. مخها فالبطاطس والكاتشب والالوان المزهزهه الل لابساها دايما.. انا مرتبي دا لا يجيب شقه ايجار ولا تمليك ولا حتى جحر فار

واصلاً بقالنا سنتين سوا مش عارف اتكيف معاها ولا مع فكره الجواز من اصله، لاهى ولا غيرها

دا الحمدالله ان غيرها كان بييجى الاعتراض من عندهم، انا خايف ومش عاوز اكمل ومش قادر


إثر تحدثهم رن هاتف نبيل ب اسم ديانا ل تحثه والدته ب أن يجيبها ف رد

_نعم ي ديانا

_اسكت شوفت لك برجك بيقول ايه دلوقت، لاقيت مغامرة هتغير مسار حياتك تمامآ.. انا من وقت م قريتها وانا مبسووطه اوى


تحدث نبيل بنبرة غير مكترثه

_وايه يبسط ف كدا،ثم مغامرة ايه.. انتِ فاكره نفسك مخطوبة ل ذاهى حواس!

انا راجل طباخ، اخرى فالدنيا اروح الكنيسة يوم الاحد، واطبخ للناس فشغلى اكل طالبينه واخد مرتبي

احطه على بعضه ف ميكفيش حاجه واحس ان كدا كدا لا اللى جاى بتاعى والل راح كُنت فيه

ف احط ايدى على خدى واشيل الهم واتنكد


لم تتركه ديانا ل يكمل حديثه ف أردفت له منزعجه

_باس باس.. انا قربت اروح اشيل المرارة منك.. سلام


اغلقت الهاتف فنظر إلى والدته قائلاً

_انا دماغى هعرف اكفى منين متطلبات الجواز وهى بتقرا الفلك!! انا عاوز افك ارجوكم

انا وصلت اربعين سنه واساسا زهقت من الدنيا

لا عاوز عروسه ولا بسبوسة


نهضت والدته من مكانها وتحدثت له فى ثبات

_نبيل، هتكمل ف جوازتك وهتكمل فجمعياتك وهنشوف الشقه الل قالت عليها ديانا

ولو سمحت تبص للدنيا بعين ناس عايشه فيها مش عين ميتين

تعبتنى


تركته ورحلت ف صمت هو بهدوء.. هدوء يخفى خلفه الكثير

 قالها عبدالرحمن منيف لا تظن الهدوء الذي تراه في الوجوه يدل على الرضا؛ لكل إنسان شيء في داخله يهزهُ ويعذبه.


`~`~`~`بالفصل القادم `~`~`~

_إنت مش كُنت فتى أحلامى، إنت كنت كل احلامى!

                 `~`~`~`~`~`~`~`~`~`~`~`

 •تابع الفصل التالي "رواية ميكاتوا" اضغط على اسم الرواية 

google-playkhamsatmostaqltradent