رواية عقاب ابن الباديه الفصل الثاني و الثلاثون 32 - بقلم ريناد يوسف
إرتبكت وتلعثمت وهي ترد عليه بعد أن أشار عليها بأصابع الإتهام وجردها من أي ستار كانت تواري مشاعرها خلفه:
- ويش تقصد انت ياسالم وعلى من قاعد تلقح كلامك؟
- نظر سالم نحو آدم المشغول مع رابح في الحديث وصمت وهو يتأمله قليلاً ثم اردف لها:
- لا ولا شي، لا تحطي ببالك.. روحى لمايزه وقوليلها تجيبلك شي تاكلينه انت ماكلتي زين اليوم، قومي يابت عمي وربك يصلح حال القلوب.
نهضت رجوه وتركت المكان كله هاربة من الموقف ومن سالم ومن شعور إجتاحها في هذة اللحظة بالإعتراف له بكل شيء عله يتركها وشأنها، ولكنها رأت أن عقله بدأ يتطرق للحقيقة، وأنها مسألة بضعة وقت ويتأكد من محبتها لآدم وعدم رغبتها فيه كزوج لها، وبالتأكيد فى هذه الحالة لن يسمح له كبرياءه بالإستمرار معها.
أما سالم فأنضم لآدم ورابح، وأخذ يستمع لاحاديثهم في صمت وهو ينظر لآدم ويفاضل بداخل قلبه بينه وبين رجوه، وإن أضطر للتنازل عن أحدهم من أجل أن يكسب الآخر فمن سيختار؟
انتبه آدم لشروده وسأله بغرابة:
- ويش فيك ياخوي، ليش هيك شارد عسى اللى شاغل فكرك خير.
رد عليه رابح مباشرة:
- والله كلنا نعرفو اللي شاغل فكره وقلوبنا معه وندعي الله يعينه على مابلاه.
فتبسم آدم وهو يرد على رابح:
- ياخوي احلا بلوه والله، وبعدين ماتخاف سالم تعود على وجيج رجوه واذاها ودلالها اللي مايتحمله غيره.. والله يارابح انا من لما شفت سالم وجلده عليها وشفت طبعها وشينه، تأكدت إن الله مايجمع غير اللي يرهم ويليق للأخر،وهو سبحانه مؤلف القلوب..ولولا إختلاف القلوب والأذواق لبارت السلع
تنهد سالم وهو يتيقن أن عقابه لا يكن أي شعور لرجوه، وأنها إنجذبت له من غير حول له ولا قوة ولا يد له فى محبتها.
سأل رابح آدم عن خطواته القادمة وعرفوا منه أنه بدأ فى ضرب عمه فى أساسات عمله، وأنه بدأ منافسة غير شريفة معه، تسحب من تحت اقدامه البساط تماماً كما سحبه من تحت أقدام أبيه، وتعيده حافي القدمين يقف على أرض موحلة كما كان فى سابق عهده.
بعد أن إنتهت أحاديثهم تفرق ثلاثتهم، فخرج سالم تاركاً القصر وأخذ يهيم فى الطرقات بلا هوادة راجياً عقله ان يجد له حلاً ما لما هو فيه، وبعد طول تفكير إهتدى لأن ماتشعر به رجوه الآن مجرد إنجذاب، فلا آدم سيكون لها يوماً ولا هي ستطاله، وهذا لأسباب وضعت بينها وبينه إستحالة حدوث هذا، أصله أولاً فهو غير بدوي الأصل وهنا يكمن مربط الرفض القاطع، وثانياً أخلاق عقاب ومحبته لسالم، وهذا يجعل الأمر من سابع المستحيلات، فلا عقاب بالخائن، ولا صداقتهم ستهدمها فتاة.
فقرر ترك الأمر للوقت والظروف وهو أكيد بأنهم سيعيدانها إليه، ستكون مرغمة حينها وغير راضية كلياً في البداية عن زواجهم، ولكن حبه والزمن الطويل بينهم كفيلان بأن يبددا مايتكون في قلبها الآن، وأهم شيء في الوقت الحالي هو معرفة كيفية التعامل معها، هل يظل على قربه منها وإعتنائه بها، أم يبتعد ويجعلها ترى الحياة بدونه وبدون رعايته وحبه كيف ستكون؟ أم إن البعد سيزود الجفاء أكثر؟ وبعد الحيرة قرر ان يستشير في الأمر من ستعطيه النصيحة المثلى "الشيخة عوالي"
أما رابح فقد وردته مكالمة من رقم غريب، وفور أن رد عليه عرف أن هذا خط معزوزه الجديد وأن الهاتف المحمول أصبح معها الآن ولُغيت المسافات أخيراً، وأخذ الإثنان يتصبران على الشوق بالاحاديث الليلية الطويلة، أو هذا ماظنا انهم يفعلانه، ولكن العكس هو ماحدث، فمازادت الاحاديث إلا الأشواق وألقت فى القلوب أكواماً من القش جعلت نيران الأشواق تتأجج أكثر وأكثر، فما كان منهما إلا ان يغلقا الخط رأفتاً بقلوبهم التي نضجت شوقاً.
اما آدم فالليلة كانت ليلة الإيقاع بحياة، تسلل لهاتفها وهكره، وبدأ فى البحث داخله، وعرف عنها كل شيئ تقريباً، وبدأ يبحث عن الطريقة المثلى لإختراق عالمها، ولم يجد طريقة أفضل من التحدث المباشر معها والمصارحة دون مراوغة، فهي شخصية جدية وناضجة فكرياً رغم صغر سنها، وهذا ماتبين له بعد تحريه، ولن تفلح معها نفس الطريقة التى استخدمها مع كارمن، فلكل نوع طريقة مختلفة، وبما أنه يعرف هذا جيداً عرف كيف سيدخل إليها..
أرسل لها رسالة على الواتس وعرف عن نفسه وأخبرها مباشرة بأنه آدم ويريد التعرف عليها أكثر لأنه معجب بها وبشخصيتها.
ألقى لها القنبلة وأنتظر إنفجارها، إما في وجهه برد بارد يشعره بأنه تسرع، وإما في قلبها وهنا سيتحقق هدفه.
وصلت الرساله علامتان ورأى أنها قرأتها، وأنتظر منها رداً ولكن لم يحدث، فترك غرفته وخرج في بهو القصر يبحث عنها في مكانها المفضل، فوجدها جالسة ممسكة بهاتفها وتتأمله، وفور إنتباهها له انزلت الهاتف من يدها ونظرت إليه متفقدة صحة ماأرسل إليها علي ملامحه، ولما لم تجد منه إلا الجدية إزدردت لعابها مع تقدمه منها، وغاص قلبها بين اضلعها وهو يطلب منها لقاء في الحديقة خارج القصر، وسبقها وهو علي يقين بأنها ستتبعه وتلبي طلبه بعد ان رأي القبول في عينيها.
وبالفعل هذا ما حدث تماماً، فقد لحقته للحديقه وهناك بدأ الحديث الذي إستهله آدم بنفس الكلام الذي قاله لها في الرسالة، وكان ردها الصمت تماماً كما حدث علي الواتساب، ولكن آدم يعرف جيداً كيف يكسر حواجز الصمت، فارغمها علي التحدث معه بالكثير من الأسئلة والتعريف عن نفسه وهواياته، التي بالأساس هواياتها هي، ولكنه إقتبسها للإيقاع بقلبها بخدعة التشابه في الهوايات والأشياء المفضلة.
وقد لاح نجاحه على ثغرها من خلال إبتسامة خفيفة بدأت تظهر، وكانت هذه شرارة البداية.
اما في ليبيا..
قياتي:
- ياسدن جهزي غرفه لابوي خلاص قرب يرد من الحجاز وانريده يرتاح معانا ، ومانريد ينقص عليه شي.
سدن:
- كون هاني ياابو منذر عمي هنفرشله غرفه حرارير وريش نعام، هادا يوم سعيد كيف العيد اللي هيشرفنا شيخنا وينور بيتنا!
- الله يرضى عليك ياأم منذر، اي والله شيخنا بده دلال مانعرف ليش هكي حاسس بعد اخر مكالمه بصوته مو طبيعي وكيف مايكون نال منه المرض.ربي يطمنا عليه
- الف بعيد الشر عنه،الله لا يضرنا فيه، لا تخاف بس يرد لعندنا بنهتمو فيه ونديرله كل شي يحبه وهنقعده مع الصغار كل عافيته ترد لان روحه بيهم بتعرف هالشي.
- اي والله بس هو يرد بالسلامه وكله سهل ومقدور عليه
تنهد بعد ان قالها ولا يعلم لِم ولدت غصة فى جوفه مع شعور تسلل بداخله، بان هذه قد تكون نهاية الرحلة وبداية الفراق، وأن الخاطف قادم لخطف أبيه، ولا يعلم ماذا سيفعل في دنيا هو ليس فيها، فبالرغم من بُعد المسافات بينهم إلا أنه لا يخطوا خطوة دون الرجوع لأبيه واخذ مشورته فيها، واخذ يتسائل هل أصبح قادر الآن على إدارة حياته بمفرده بعد رحيل شيخه، أم أن رحلة التعلم لم تنتهى بعد، ولم يحن وقت الحصول على شهادة الإستقلال ومواصلة الطريق بمفرده؟
اما فى الحرم، فقد دعى منصور كثيراً وبكى اكثر، سأل الله المغفرة على كل ذنب إرتكبه بقصد أو بغير قصد،وتاب عن كل ذنب، وتمني من كل قلبه أن تكون الراحة والسكينة التى يشعر بها ماهى إلا حسن الخاتمه.
اما فى القبيلة، فكانت الإستعدادات لعرس رابح ومعزوزه قائمة على قدم وساق، الشيخة عوالي تصدر الأوامر للجميع وقصير يباشر الذبائح يومياً ويطعم القبيلة كما صرح له رابح، ومعزوزه تستعد إستعداد عروس من عناية وإهتمام، أما خيمة رابح فكان تجهيزها حدث ولا حرج، فقد كانت اكبر خيمة في كل القبيلة، ومن الداخل قاموا الشباب بتقسيمها بستائر وقوائم كما خطط لهم رابح وأخبرهم، وجعل منها غرفتين منفصلتين، وفرشت بأرقى المفروشات، وكانت الخيمة الوحيدة التي يدخلها تخت ومرتبة ووسائد كلها من ارقى الأنواع، مما جعل الغيرة تدب في نفوس جميع فتيات القبيلة ويحسدون معزوزه على هذا الرابح الذى يجهز لها قصراً على هيئة خيمة!
أما معزوزه فكانت تتفقد قلبها بيدها في اليوم ألاف المرات لتتأكد بأنه لازال فى موضعه ولم يغادر قفصها الصدري ويلحق محبوبه حيثما كان، فما اطول الساعات وما أبطأ الوقت، وكأنه توقف كى يعذبها اكثر.
اما رابح فخرج بصحبة سالم وآدم وحتى رجوه، واخذ معه أم آدم وولاها مهمة. إختيار ثياب لمعزوزه من أرقي الملابس وافخمها، ملابس تلبس داخل خيمتهم وله هو فقط، ملابس تليق بملكته المتوجة على عرش قلبه.
وقد ادت عايده هذه المهمة على اكمل وجه، فالتسوق لعبتها وأشترت له مالم يخطر على بال أحد من سكان القبيلة، ملابس تشبه تلك التي ترتديها الممثلات وبطلات السينما، وقد اعجبوا رابح كثيراً، وزادت عليهم من مالها الخاص انواع من أجمل العطور وادوات التجميل، وكانت هذه هديتها لهم بمناسبة العرس.
مرت الأيام واصبحوا ثلاث، ومن بعدها قرر رابح العودة لإقامة عرسه، ولم يعود بمفرده، بل إصطحب الجميع، محمود وعايده، آدم ومايزه وبالتاكيد سالم ورجوة، والغريبه ان آدم طلب منه توجيه الدعوة لعمه وزوجته واولاده، وأختها وأولادها، وهو يعلم جيداً من سيذهب معهم منهم ومن سيرفض، وبالفعل حدث ماتوقعه، فقد لبت الدعوة كارمن وتلاها مدحت، ومن بعدهم حياة، واصروا علي السفر معهم والذهاب فى رحلة للبادية لتجربة أولى وفريدة من نوعها وحضور العرس.
وفور وصولهم بدأت الإستعدادات، وأولها كان نزول رابح والشباب لمنطقة زراعية احضر لصاحبها بذور نوع سريع النمو أسمه جزينيا، ووعده بشراء كافة المحصول، وقاموا بحصاده ومليئ شاحنة عملاقة به وعاد بها للقبيلة، وفى المساء كان يقف امام خيمة معزوزه وهو يرتدى زيه البدوي الجديد، ويمسك بيده لجام فرسه الذى وضع علي ظهره سرجه المزين بالفضة ووقف ينتظرها، وماأن خرجت من خيمتها حتي ساعدها على إمتطاء الحصان وأخذ يجول بها بين الخيام، والشباب ينثرون الورود تحت اقدام الحصان فى سابقة لم تحدث من قبل، ومنظر مفرح ومبهج، أخذ معزوزة من فوق الأرض ورفعها فى السماء من السعادة، وأوفي بوعده معها كما عهدت منه طوال عمرها.. وهاهم لا يفصلهم سوى سويعات عن تحقيق حلم طال إنتظاره.. وقف بها اخيراً امام خيمتهم وانزلها من فوق ظهر الحصان، ووقفت تنظر بسعادة لرمال القبيلة التي تلونت بالوان الزهور، وكل هذا من اجلها هي فقط، وأخذت تستعيذ وتعيذه من أعين فتيات القبيلة اللاتي كادت تأكلهم أكلاً من شدة الغيرة.. وبعدها إفترقا لينام كل منهم بيعيداً عن الآخر، هذه الليلة فقط.
إما آدم فقد سلم حياة وكارمن ليد الشيخة عوالي، واصطحب هو مدحت معه لخيمة الشباب، وهناك أبدل مدحت ثيابه بأخرى بدوية من ثياب آدم، وخرجوا جميعاً لحفلة سمر ووليمة عشاء جديدة.. ومن بعدها إنسل آدم ليشير لحياة طالباً منها إتباعه، وماهي إلا دقائق ولحقت به عند البئر، وهناك بدأت الاحاديث تُستأنف، وعرف آدم الاوتار الحساسة عند حياة واخذ يعزف عليها، اما هي فكانت تستمع له غير مصدقة بان هناك شخص فى الدنيا يشبهها لهذا الحد، ويحب كل ماتحبه ويكره ماتكرهه!
وحان وقت حديثها هي، فقد طلب منها آدم ان تحدثه عن نفسها قليلاً، وما ان بدات في الحديث واسترسلت وهي تنظر بعيداً لتقص له قصتها منذ نعومة أظافرها لليوم، حتى إنتبه معها بجميع حواسه، فقد كانت طريقتها في الكلام خاطفة، ساحرة لدرجة تأسرك داخل نبرة صوتها التي تتغير بتغير المواقف والقصص، وتلك الإبتسامة التي ما إن ظهرت حتى أبت الإختفاء، مع غمازتين ظهرتا من العدم لأول مرة مع إبتسامتها النادرة فهو لم يراها تبتسم من قبل!
كل هذا جعل آدم مشدوهاً وهو يستمع إليها، وقد دق ناقوس داخله يخبره بأن هناك شيئ سيحدث مع هذه الحياة.
وبعد أن إستمع إليها وانهت جميع الحكايات تكونت عنها بداخله فكرة كاملة، فقد كانت نقية بشكل غريب، بريئة فى احاديثها وتبدوا كطفلة صغيرة تتلون ملامحها مع كل حديث.
ولم يكونا وحيدين كما ظنا ومتوارين عن العيون، بل كانت هناك اربعة عيون تراقبهم، عينا رجوه وعينا كارمن، والاثنين بداخلهم براكين غيرة تفجرت.. كارمن تحملت وصمتت، أما فانص القبيلة فأبت الصمت، بل أخذت دلواً فارغاً وذهبت إلى البئر، وإقتحمت خلوتهم، وقامت بملئ دلوها وهي تراقب عقاب بعيون تقدح ناراً، وبعد أن ملأت الدلو رفعته فوق رأسها ومثلت عدم التوازن، وقامت بسكبه بالكامل فوق رأس حياة وكامل جسدها مما جعلها تصرخ فزعاً، ولما رأت عقاب هب معترضاً، افرغت ماتبقى من الدلو فوق رأسه هو الآخر وفرت من أمامه مبتعدة بعد أن تشفت بهم قليلاً بعملتها هذه.
مرت الساعات سريعاً وأتت ساعة الفرحة، إرتدت معزوزه ثوب العرس، واستعد رابح، وإلتقى إلاثنان أمام مأذون القبيلة النائب عن الشيخ منصور، وكُتب الكتاب وتعالت الهتافات وصدعت الأغاني مع تحقق الأماني، وبعد إنتهاء العرس الذى حضرته القبائل كلها، وجاء إليه القاصي والداني، أخيراً إجتمع الحبيبان تحت ستار الصبر، فدخلت معزوزه خيمتها لاول مره، وتفاجأت بما فعله رابح بها، فمهما كانت الحكايات التي سمعتها عنها، وجدت ان الواقع اجمل بكثير، فنظرت إليه واردفت:
- كل هاد من اجلي يارابح؟ كل هادا لي ؟
-وقليل بحقك ياروح الروح.ليت السما تنطال كان جبتلك منها قطعه بنجومها ونجعلها سقف خيمتك ، انت قمر ليلي وشمس نهاري
- والله كثير علي يارابح وكثيره هي الفرحه.
-والله ماتكثر عليكي الدنيا ومافيها يانبض القلب.. وتوا اتركينا من الحكي وتعالى لنعمر خيمتنا، نعمروها بالصلاة والبركة بالبداية، وبعدها نعمروها بالمحبه والود.. تعالى ياعمري اللي راح وعمري الجاي، تعالي يافرحه اسنيني لنضمك لصدري وانسمعك القلب ايش يسوي بس تكوني قريبه.
إقتربت منه ووضعت يدها بيده الممدودة لها، وتقدم بها وخلع نعليه وهي ايضاً، وأمها وصلى بها فقد كانا على وضوء، ومن بعدها التقت و امتزجت الأنفاس وتوحدت دقات القلوب، وإكتملت السعادة.
مرت الايام وغادر آدم وعائلته القبيلة،وقرر أن يعودا والداه علي مكان جديد حتى يأمن عليهم وهو بالخارج في غياب مايزه، أما هو فأبي ترك القصر او التقهقر من أرض المعركة إلا منتصراً طارداً اعدائة من ارضه المحتلة.
اما عند قياتي في ليبيا..
اخيرا عاد الشيخ منصور من الحج، وبمجرد ان إستقبله قياتي إبنه حتى قُبض قلبه وهو يرى وجه أبيه متشح بالصفار، وقد بدا عليه التعب، وحتي عيناه زائغة علي غير عادتهم، وهنا تأكد أن الآوان قد آن، فأخذه على البيت وهو عازم علي قضاء اكبر وقت معه حتى يشبع منه ويودعه وداعاً يليق به، وينفذ له جميع أمنياته مهما كانت صغيره أو كبيرة.
وبالفعل هذا ماحدث.. الكثير من الاهتمام لمنصور من قياتي وزوجته وحتى احفاده، وفي المقابل صحة منصور تتراجع يوماً بعد يوم، وكأن بطارية العمر تفرغ شيئاً فشيئ.. وماهو إلا القليل من الوقت وتنتهي بالكامل، وتسقط ورقة العمر من غصن الحياة.
إلى هنا ينتهي الجزء الاول من الرواية، يتبع في الجزء الثاني
تمت
•تابع الفصل التالي "رواية عقاب ابن الباديه" اضغط على اسم الرواية