Ads by Google X

رواية شبح حياتي الفصل الثاني 2 - بقلم نورهان محسن

الصفحة الرئيسية

 

رواية شبح حياتي الفصل الثاني 2 - بقلم نورهان محسن


 
كل شئ في حياتك هو درس
من لجئت اليه خوفا ، ولم تجد عنده السلام والطمأنينة..
من أحببته بدفء ، وحول دفئك الى صقيع..
من عجزت عن النوم ذات يوم بسبب خيبة أملك به ، فحولها إلى أرق يهدم أمانك..
من كان بريقه في عينيك ، واليوم هو نفسه سبب إمتلائها بدموع القهر..
الحياة مجرد دروس ، وإذا قامت بسحقك ، فسوف تأخذ روحك لتضع فيك روحًا أشد قوة لمواجهتها والتغلب عليها.



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



"ميساء مجدي عبدالغفور"
"30 عام"
"حاصلة على بكالوريوس تجارة"
"متزوجة ولديها طفلان ، فتاة تبلغ من العمر تسع سنوات ، وابن يبلغ من العمر خمسة أعوام"
"لا تعرف كيف تسامح بسهولة ، خاصة عندما يشعرها أحدهم بأنها ليست جميلة جدًا ، كان ذلك في الماضي ، لكنها الآن لم تعد تهتم كثيرًا ، حيث أصبحت واثقة جدًا من مقاومتها الأنثوية ، لكن هذا لم يمنع من وجود بعض آثار الندوب التي حدثت في الماضي ، فهي تميل إلى حب السيطرة واتخاذ القرارات بدلاً من الآخرين ، لكن هذا لا يقلل إطلاقا من حبها الشديد لأختها الصغرى حياة ، وذلك لأنها تحملت مسؤوليتها منذ أن كانت طفلة ، حيث تعتبرها ابنتها الكبرى و ليست شقيقتها فحسب"



"جسدها ممتلئ بشكل متناسق ويميل إلى السمنة أكثر من النحافة ، وطولها متوسط ​​، ووجهها مستدير بملامح حادة ، وبشرة خمرية ناعمة ، وعيناها واسعتان باللون البنى ورموشها طويلة ، وأنفها صغير ، وفمها عريض قليلاً بذقن مدببة وشفتين ممتلئتين بشكل معتدل ، وتتميز بشعرها الناعم والطويل الاسود على عكس شقيقتها البرتقالية بشعرها المجعد و ترتدي الحجاب ، باختصار جمالها مميز وسحرها فاتن."




                      

                          فتحت حياة عينيها ، ثم قلبتها بملل من تسلط أختها الكبرى على حياة الآخرين من حولها ، وكيف جعلتها تخاف من ذلك البدر الذي لا تتذكر ملامحه قط ، حتى أنها لاحظت أنه لم تكن هناك صورة له معلقة على جدران منزله ، لكنها سعيدة رغم كل شيء ، لأنها عادت للقاهرة و...
                      
                        
                            
                        
                        
                          
                            
                            
                          
                        
                       
                      
 
                    
فتحت حياة عينيها ، ثم قلبتها بملل من تسلط أختها الكبرى على حياة الآخرين من حولها ، وكيف جعلتها تخاف من ذلك البدر الذي لا تتذكر ملامحه قط ، حتى أنها لاحظت أنه لم تكن هناك صورة له معلقة على جدران منزله ، لكنها سعيدة رغم كل شيء ، لأنها عادت للقاهرة وأخيراً تحررت من قيود تلك الخطوبة التي استمرت لأكثر من سنة ضاعت هباءاً من عمرها.

 
                
عادت ذاكرتها سنوات للوراء 



عندما انتقلت مع والدها ، وأختها الكبرى بعد وفاة والدتهما إلى الإسكندرية ، لأن والدها جاء إليه فرصة عمل جيدة هناك ، بينما كانت أختها تتحدث دائماً بشكل سيء عن بدر أمامها بسبب حبها المراهق له ورفضه الغير مبرر لها ، ورغم أنها كانت جميلة ، إلا أنها كانت في الماضي مندفعة ومتهورة ، أرادت أن ترتبط بشاب ثري وتعيش الحياة في رفاهية.



بينما كان بدر شابًا جادًا منذ طفولته بسبب نشأة والده الصارمة له ، وإصراره على أن يكون محامياً مثله عندما يتخرج من كلية الحقوق.



لا يتذكر عقل حياة أنها تعاملت معه من قبل ، لأنها كانت أصغر من أختها بسبع سنوات ، حيث كانت حياة الفتاة ذات الشعر البرتقالي بسبب جينات وراثية و بيضاء ونحيلة ، وكان جسدها صغيرًا جدًا ، لكنها كانت شقية للغاية ، ودائما كانت تخفي خصلاتها المتموجة تحت قبعة كبيرة بسبب تنمر الأطفال عليها ، ولكن عندما كبرت قليلا ، غيرت لون شعرها إلى البني الداكن ، و أصبح لديها شخصية مشاغبة أكثر من ذي قبل ، فهي لا تغفر ولا تسكت عن كل من أخطأ في حقها مهما حدث.



تثاءبت حياة بتكاسل ، وتفكر بصوت عال كالمعتاد : خليني اريح انهاردة والصبح هبهدلو ام الشقة الحلوة دي برواقة وكويس ان بكرا اجازة هخليه مايعرفش يحدد ملامحها زي ماعمل في بيتنا .. بس انا هنام فين ؟ 



نظرت إلى غرفة النوم بشكل لا إرادي بنظرة محيرة ، قائلة وهي تداعب ذقنها في تفكير عميق : و فيها ايه لما انام علي السرير بتاعه!؟ ما انا تعبانة من السفر عادي



خرجت من أفكارها عند سماع صوت طرق باب المنزل ، فوقفت منتصبة على رجليها اللتين كانتا مخدرتين من ثني ساقها علي الأريكة أثناء جلوسها ، واندفعت نحو الباب ، ثم فتحته ورفعت وجهها لتلتقي بوجه حمزة الذي قال بابتسامة : سلامو عليكو يا ست العرايس



ردت حياة عليه بإبتسامة مرحة : وعليكم السلام يا عم حمزة



رفع كلتا يديه حاملاً عدة أكياس قائلاً ببشاشة : جبتلك كل طلبات اهي يا بنتي 



ابتهجت أسارير وجهها وهي تلمح ما كان بيده ، وقد نسيت أنها طلبت منه منذ قليل شراء هذه الأشياء قائلة بامتنان : الله يكرمك و يخليك يارب تعبتك معايا يا عم حمزة .. ثواني هجيبلك الفلوس



★★★



توجهت حياة نحو المطبخ بعد أن أعطت حمزة النقود التي أنفقها على المشتريات ، ثم وضعتها على طاولة المطبخ ، وتفحص الأشياء التي أحضرها باهتمام بينما القط يدور حول قدميها ، يموء بشكل ضعيف ورأسه مرفوع نحو حياة ، التي هتفت بضحكة : دا انت قط طماع و عينك فارغة شبهي .. مش لسه شارب طبق لبن بحالو من نص ساعة .. حاضر يا زنان اصبر بس لحظة هرتب الحاجة دي




        
          
                
بدأت حياة في وضع الأشياء في الثلاجة ثم تمتمت ، وعيناها تلمع بفرحة طفل بينما تلعب بكيس اللب في يدها : عيني شافتكو طار منها النوم .. احسن حاجة احضر قعدة برا واشغلي فيلم و نقضي السهرة مع بعضينا يا قطقوط



★★★



حياة تجلس على الأريكة أمام التلفاز ، عيناها تشاهدان أحداث فيلم الرعب أمامها وهي تأكل رقائق البطاطس ، و مبعثرة حولها أطباق تحتوي على قشور لبّ ، الذي سرعان ما انهت عليه من فرط تركيزها و حماسها ، ثم فجأة صرخت في رعب وألقت كيس الرقائق على الأرض وهي تنتفض ، وتناثرت الأطباق بفوضى أكبر بعد أن قفز القط واقفا على ساقيها : يالهوي يمه..



تذمرت حياة وهي تشاكسه في بطنه : منك لله ياللي معندكش دم قطعت خلفي .. مش كفاية الشبح ابن التيت موت كل الابطال اللي عجبوني



واصلت حديثها بعد الانحناء لتجمع ما سقط على الأرض ، وترتب المكان قدر الإمكان : دا انت افظع من ولاد اختي كنت فاكرهم عفاريت طلعت معفرت اكتر منهم...



بترت ثرثرتها عندما سمعت صوت جرس باب الشقة ، لتنهض بشكل مستقيم وذهبت حتى تعرف من يطرق الباب ، و دعت سرًا أن يكون الطارق ليس من معارف صاحب المنزل عندها لن يكون الوضع لطيفًا على الإطلاق.



نظرت حياة للأعلى بعد أن فتحت الباب ووجدت امرأة أطول منها ، ترتدي تنورة سوداء طويلة وواسعة ، لكنها أنيقة للغاية ، وبلوزة ذهبية اللون ، وسترة من نفس لون التنورة ، بينما هناك حجاب ملفوف بشكل جميل حول وجهها ، قالت بابتسامة مضمومة : مساء الخير .. ازيك!!



ردت حياة بنبرة حذرة ، وهي تقطب حاجبيها : اهلا!! .. مساء النور



تساءلت المرأة ، وهي تعدل من وضع حقيبة يدها على كتفها : انتي حياة مش كدا!!؟



تحرك حاجبها الرقيق للأعلي ، وأومأت متسائلة بدهشة : ايوه انا .. حضرتك تعرفيني؟



ضحكت المرأة بخفة ، وأجابت بلطف : مش فاكراني طبعا ليكي حق شكلي اتغير اوي بس انتي ماتغيرتيش خالص يا مشمشاية



نظرت إليها حياة بعيون مملوءة بالحيرة والتساؤل ، والآخري قرأتها بسهولة ، ثم أجابت دون أن تضطر إلى انتظار سؤالها : انا مروة كمال .. ساكنة في الدور اللي فوقك علي طول .. احنا جيران من زمان اوي وصاحبة اختك ميساء



انفرجت شفتاها بابتسامة حلوة بعد أن فهمت ، ثم عادت للوراء قليلًا حتى أتاحت مكانًا للآخري للدخول قائلة بصوت ناعم : اها .. اهلا و سهلا .. أتفضلي جوا ماينفعش نفضل واقفين كدا علي الباب 



أعطتها مروة ابتسامة واسعة جعلت وجهها أجمل ، قائلة لها وهي تمشي بالداخل : يزيد فضلك يا جميل




        
          
                
أردفت مروة بعد جلوسها على أحد الكراسي في الصالة : انا عرفت من الحج حمزة انك جيتي انهاردة وقعدتي في شقة بدر فقولت اجي واسلم عليكي



أومأت حياة بفهم ، قائلة بنبرة هادئة ، فهي إعتادت أن تتوخى الحذر في أول معاملة لها مع أي شخص : الله يسلمك .. ميرسي اوي يا مدام مروة



عبست مروة بلطف قائلة مازحة برحابة صدر : مدام ايه ابت!! خلي البساط احمدي بينا كدا .. ومالك متخشبة ليه اقعدي يا يويا .. انا بحب اللي ياخد عليا بسرعة 



شعرت حياة بالحرج لكنها ابتسمت ، وقالت بود عندما شعرت أن مروة حقاً طيبة القلب : معلش .. تشربي ايه؟



نفت مروة برأسها وقالت بسرعة ، بينما مدت يدها إلى حقيبتها وسحبت هاتفها : ولا أي حاجة بصي انا مش هطول في القعدة المرة دي .. عشان جوزي جاي ياخدني بعد شوية انا قولت اجيلك ونتعرف و ناخد ارقام بعض .. عشان اذا احتجتي حاجة تكلميني!!



سجلت حياة رقم مروة على الهاتف ، وقالت بنبرة عفوية طفولية ، بحواجب مرفوعة من السعادة والحماس : ربنا يخليكي .. الحمدلله انك ظهرتي .. انا كنت بكلم نفسي من كتر الزهق مش متعودة علي الهدوء دا خالص



استأنفت مروة حديثها بإبتسامة : ولا تقلقي انا باجي هنا تقريبا كل يومين عشان اشوف ماما و احتياجاتها هي واخويا اكيد مش فاكراه هو كمان!!



هزت حياة رأسها قائلة بنفي : الحقيقة لا انا يدوب فاكرة عم حمزة بالعافية



قالت مروة بفخر ، شارحة كلماتها التي يبدو أن لها معنى معينًا وراءها : اخويا يا ستي اسمه مازن و بيشتغل دكتور باطنة و معظم الوقت برا البيت عشان شغلو في عيادته ولسه مش متجوز 



شعرت حياة بالحرج من نبرة صوتها كأنها تبعث لها رسالة مطنة ادركتها حياة مع نهاية كلامها بغمزة شقية في عينها ، فحاولت تغيير مسار الحديث متسائلة : ها .. انتي عندك عيال؟



أغمضت مروة عينيها ، وقالت بحسرة مضحكة ظهرت في صوتها تزامناً مع وضع مرفقها على حافة الكرسي ، متكئة خدها على باطن كفها : اه عندي واد بعيد عنك وعن السامعين معجون بمية عفاريت مطلع عين امي .. بالمناسبة ماما بعتالك السلام معايا هي صحتها بعافية شوية ماقدرتش تنزل تسلم عليكي



قالت حياة بإبتسامة ودودة : الله يشفيها و يعافيها الف سلامة عليها



تساءلت مروة بمزاح : يسلملي الحلو دا .. قوليلي اختك الواطية اخبارها ايه؟ اكتر من سنتين ماسمعتش صوتها



انتبهت حواسها إلى الجملة الأخيرة ، لتسألها باهتمام : انتو كنتو بتكلمو!؟




        
          
                
أومأت مروة بقوة وأجابت بثقة : يوووه كتير وكنت لما اروح اسكندرية نتقابل بس مشاغل الحياة بقي والواد ابن العفاريت دا مش مخليني اشم نفسي زي الناس



ضحكت حياة بخفة وقالت بلطف : ربنا يحميهولك .. نفس العينه دي سيبتها في اسكندرية ولاد اختي اشقياء جدا برده



دوي صوت قهقة مروة أيضًا ، ثم تقوَّست شفتيها قائلة بأسي متصنع : كل العيال كدا يا اختي .. الا قوليلي انتي متجوزة ولا مخطوبة!!؟



همست حياة ضامة شفتيها الوردية : لا دي ولا دي كنت مخطوبة بس محصلش نص...يب



قطعت كلماتها عندما قفز القط في حجرها فجأة ، لترفع راحة يدها بشكل عفوي ، وتمسد علي رأسه برفق اعجب القط ، وشكرته سرا لأنه جعلها تتجنب التمادي في ذكر هذا الموضوع. 



قالت مروة المتابعة للموقف من البداية : شكلك انتي و ميجو بقيتو صحاب بسرعة!!



تمتمت حياة بينما كانت عيناها مثبتتين على القط ، وتداعبه بيدها : اسمه ميجو!!



أكدت مروة ما قالته بشرح موجز : ايوه بدر مسميه كدا مراته ماتحبش القطط ابدا فسابو هنا .. اوقات لما بيروح بيته التاني بيسيبو مع ماما فوق بيسليها بس المرة دي شكله نسي يطلعه



توقفت حياة عن اللعب مع القط ، وهي ترفع وجهها حتى التقت بوجه مروة متسائلة بإندهاش متصنع : بيته !! هو مش دا بيته ولا عنده بيت تاني!؟



أردفت مروة تجيب على سؤال حياة بتفسير : اه دا بيته طبعا .. بس انا قصدي بيته اللي هو ومراته قعدين فيه .. الشقة دي بتاعت مامته و باباه الله يرحم...هم



قاطعت مروة حديثها ، واتسعت عيناها بصدمة عندما سمعت رنين الهاتف الذي كانت تمسكه في يدها ، ودون الحاجة إلى النظر إليه ، قالت على عجل ، تزامناً مع قيامها من الكرسي : يا خبر بنتنجاني الكلام خدنا و بهاء وصل تحت وبيرن عليا لازم انزلو .. بس اعملي حسابك لينا قعدات كتير مع بعضينا الايام الجاية اتفقنا



هزت حياة رأسها مؤيدة ، قائلة بنبرة رقيقة بعد أن وقفت هي أيضا ، وتحركت معها نحو باب المنزل : ماشي تسلمي يا مروة وخدي بالك علي نفسك



ودعتها مروة ، وهي تقبل خديها بخفة ، وقالت بابتسامة لطيفة : وانتي كمان يا جميل .. باي باي



ردت حياة بابتسامة مماثلة ، وانتظرت حتى نزلت الدرج ، ثم أغلقت الباب مجددًا : باي



"مروة كمال منصور"
"29 عام"
"متزوجة ولديها طفل عمره ست سنوات"
"تتميز بخفة الروح وحيوية ومبهجة وصديقة ممتعة ، وامرأة نشطة تستطيع الدخول في القلوب بحركاتها الشخصية واهتماماتها الجذابة ، ولباقتها اللطيفة ، لكنها فضولية وتحب الحديث وتعتبره وسيلة لمعرفة الكثير من المعلومات ، متواضعة جدا ، لديها ذوق راقي في اختيار الأزياء والإطلالات الفريدة ، لديها وجه مرح ، وشعر بني طويل ممزوج بلون أشقر صناعي ، يتدفق على كتفيها العاجيين ، وعيون بنية واسعة ، وابتسامة حلوة تزين شفتيها الناعمتين."
 

★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••



حدقت حياة في غرفة نومه بعد أن ضغطت على زر الإضاءة ، حيث لم تجد سريرًا في أي غرفة أخرى. 



قادتها ساقاها نحو منتصف الغرفة ، وهي تمشي حافية القدمين كالمعتاد ، ثم استدارت ببؤبؤ عينيها حول الغرفة الأنيقة ، حيث يوجد السرير الوثير الذي يتسع لأكثر من شخصين ، وإلى يمين الغرفة توجد طاولة عليها قوارير عطور وبعض الأشياء الأخرى ، وعلى اليسار خزانة كبيرة خاصة بالملابس.



اقتربت حياة من الطاولة ، وحدقت في انعكاس صورتها في المرأة ، ثم رفعت يديها ولفت خصلات شعرها الكثيفة للخلف ، ولفتها للأعلي بمشبك شعر بلاستيكي ، ثم أمسكت بقارورة عطر غريبة الشكل كانت واقفة بشكل منظم ، وقربتها بفضول من أنفها.



أغمضت عينيها حيث راقت لها الرائحة المنبعثة من فوهتها ، والتي بدت وكأنها من النوع الفاخر والغالي.



غابت عما حولها بتلك الرائحة الرائعة التي أخذتها إلى عالم آخر مليء بالألوان الزاهية ، لكنها عادت إلى وعيها بصدمة على صوت اصطدام قوي.



دون قصد ، انزلقت القارورة من يدها على الأرض ، محطمة إلى شظايا زجاجية صغيرة متناثرة بفوضى ، ورائحة العطر الفواحة ملأت جميع أنحاء الغرفة. 



سقطت حياة على قدميها بجانب شظايا الزجاج المتناثر ، وقلبها يخفق بقوة وخوف مما فعلته ، ومن شدة توترها جرحت إصبعها من قطعة مكسورة أمسكتها بعجلة ، ثم سالت منه قطرات من الدم. 



شهقت بهلع وهي تصفع بيدها الأخرى على خدها ، وملامحها تبدو على وشك البكاء : يا خبر حبري و مهبب البرفان ادشدش اعمل ايه انا دلوقتي!!



تجعدت جبهتها من الألم وهي تحدق في إصبعها ، ثم فكرت في تجاهل أمر الاهتمام به الآن ، وأردفت بخفوت محاولة تهدئة جسدها المرتعش الذي تشنج من الارتباك : مش مشكلة دا خدش بسيط ماتتخضيش يا حياة .. خلاص بكرا هدور علي علبة البرفان بتاعته واجيب وحدة جديدة وارجعها مكانها .. لا من شاف ولا من داري و ربنا يعوض عليا الفلوس اللي هكوعها فيه حار و نار في جتتك يا بدر الزفت




        
          
                
قامت من الأرض وخرجت من الغرفة لإحضار أداة التنظيف لإزالة قطع الزجاج من الأرض ، لكنها تسببت بطريق الخطأ في إصابة قدمها العارية عندما داست على قطع الزجاج ، فرفعت ساقها من الألم ودمدمت بأنين غاضب ، وهي تمشي على أطراف أصابعها : يووه هو في ايه بيحصل!! دا بيت متعفرت مش طبيعي باين عليه



تحركت بخطوات حذرة و بطيئة بسبب ألم كاحلها ، وهي في طريقها إلى المطبخ ، لكن قدميها توقفتا عن الحركة في حالة صدمة ، وشعر عقلها للحظة وكأنه توقف عن العمل عندما سمعت صوتًا هادئًا يتخلله بعض السخرية يقول بنبرة لوم متهكمة : عيب لما نمد إيدنا علي حاجة مش بتاعتنا وكمان نكسرها!!



التفتت حياة إلى مصدر الصوت ، الذي صدر من جانب النافذة الكبيرة المغلقة خلف الستائر ، ولكن بسبب الإضاءة الخافتة ، لم تكن ترى بوضوح.



رفرفت عيناها بتوتر ، وكان السؤال الأول الذي خطر ببالها هو هل أغلقت باب المنزل من الداخل بعد مغادرة مروة؟ 



ربما يكون صاحب المنزل قد عاد ودخل دون أن تشعر به ؟ لكن شيئًا بداخلها استبعد هذا الاحتمال.



ملأ الخوف ملامحها ، لم يكن هناك سوى استنتاج واحد قفز في ذهنها المرتبك أن من تحدث الآن ليس إلا لص ، لذلك بحثت بعينيها جيدًا في المكان ، لكنه فارغ ، لا أحد على الإطلاق.



همست حياة بقشعريرة سرت علي طول جسدها ، وعيناها المذعورتين تجولت يمينًا ويسارًا : مين .. مين اتكلم!!؟



انتظرت بضع ثوانٍ ، لكن لم يكن هناك رد ، فأطلقت أنفاسها المحصورة في صدرها من شدة ذعرها ، و مسحت الدموع التي هطلت من الخوف رغم إرادتها ، ثم غمغمت : اعوذ بالله من الشيطان الرجيم



ركضت سريعاً نحو باب الشقة ، فوجدت انه مقفل كما تركته.



واصلت حديثها بضحكة ممزوجة بالدموع ، وهي تفرك فروة رأسها بعد أن مسحت خديها بظهر كفها كالأطفال : انا لازم ابطل اتكلم بصوت عالي وانا لوحدي .. اكيد من كتر تفكيري واعصابي التعبانة دي كان بيتهيألي..



سخرت من نفسها ، وهي تبتعد عن الباب : لا كمان كنت بتفرج علي فيلم رعب .. عايزة يعني يحصلك ايه كاتك الارف في جبنك .. جبانة وتتفرجي علي رعب يخربيت الادمان وسنينو



أنهت كلماتها مع حالها بعد أن تذكرت ما كانت تفعله منذ قليل ، وهرولت بخطوات سريعة أشبه بالركض نحو المطبخ ، ثم بعد فترة عادت إلى غرفة النوم لتنظيف الأرضية من الزجاج بسرعة قبل أن تتوجه مرة أخرى إلى المطبخ لإلقاء القمامة في سلة المهملات ، ونسيت ما حدث بعد أن تشتت انتباهها بشيء آخر.



★★★



وقفت حياة تدندن بألحان أغنية تحبها بصوتها العذب للغاية ، وهي تصنع لها شطيرة صغيرة ، حيث شعرت بالجوع بعد أن خافت منذ قليل ، و قد فر من عينيها النوم مرة أخرى ، ثم سكبت لها كوبًا من عصير البرتقال الموجود في الثلاجة ، وتمتمت بضحكة ساخرة : قال بيقولو ان الخوف بيطفش الجوع .. اومال انا ليه لما بخاف شهيتي بتتفتح علي البحري!! دي حاجة عجيبة يا جدعان 



قامت حياة بإطفاء أضواء المطبخ قبل مغادرتها ، ولكن فجأة دوي صرخة فزع من حلقها بمجرد أن رأت رجلاً طويلاً يقف أمامها منتصباً ينظر إليها بابتسامة جانبية. 



تزامنت مع انتفاضة قوية من جسدها إلى الوراء ، حيث انزلق كأس العصير من يدها بسبب ذعرها ، و أحدث صوتًا عاليًا عند ارتطامه بالأرض. 



أغمضت عينيها بشهقة حين تناثرت بعض قطرات العصير الصفراء في الهواء ، ثم استقرت على ملابسها ووجهها.



فتحت حياة عينيها ، وهمست في رعب بينما جحظت عيناها فزعاً ، عندما تأكدت من أن ما تراه أمامها حقيقي ، وليس مجرد وهم كما ظنت في البداية : انت .. مين..!؟



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

  
google-playkhamsatmostaqltradent