Ads by Google X

رواية غرورها جن جنوني الفصل الثامن عشر 18 - بقلم ابتسام محمود

الصفحة الرئيسية

  رواية غرورها جن جنوني كاملة بقلم ابتسام محمود عبر مدونة دليل الروايات 


 رواية غرورها جن جنوني الفصل الثامن عشر 18

 

أخرج “وجود” السماعة ووضعها على المنضدة بملامح غاضبة، ثم قال بحزم:

– اللي حصل دا ياريت ما يحصلش مرة تانية.

تلعثمت وهي تخبره:

– والله دا مس…

– مش عايز توضيح، ممكن ما يحصلش تاني؟

قالها بحدة بعد أن قاطعها، رمشت عينها وهي تهز رأسها بالموافقة بإحراج، فقال بتهكم:

– اتفضلي اتكلمي.

ما زلت محرجة من فعلتها، وظلت تحرك أصابعها على بعضهم بتوتر ولم تتحدث، أردف هو حتى يجيب على ما يدور داخل رأسها:

– اللي بيني وبين كاميليا مش حب.. ممكن تعتبريه كان مجرد حماية ليها، وإن شاء الله هعدل الوضع دا في أقرب فرصة وهستمر في حمايتها، وبعد إذنك مش عايز حد يعرف حاجة خااالص مؤقتًا عن علاقتنا.

تفوهت بتردد:

– بس…

قاطعها بحزم يكمل حديثه:

– لو سمحتي، لحد بس ما يجي الوقت المناسب.

كانت المشاعر تتلاعب به، ولأول مرة لا يستطيع أن يتحكم بها؛ كانت تهاجمه بقوة، تجعله لا يقوى على ردعها أو السيطرة عليها، يريد أن يبوح بكل ما يكنه قلبه لها حتى يسعدها، فأبلغها بعينين يتدفق منهما أنهار من الشوق والحب:

– أوعدك أنا بنفسي في الوقت المناسب هقول للعالم كله، قلبي دق واختار أرق وأجمل بنوتة.

اشتعلت “زينة” من حديثه، وشعرت بدقات قلبها وقد أصبحت كالرصاص يخترق صدرها، ولحسن حظها يحدث فجوة تلتقط كل حروفه وتنبت منها ثمره تنعشها بعطرها وتوقظها من تيهها لتقول بفرحة:

– بجد يا وجود، بتحبني؟

– بجد يا زينة، حياتي بحبك وبعشقك.

قالها وهو ينظر لعمق عينيها الغريقتين لأول مرة في بحار الواقع، تهلل وجهها بالسعادة وامتزجت حمرة السرور مع الخجل وأعطت لوجنتيها بريقًا ولمعانًا، فيزد هو بنبرة حنونة:

– كل أمنياتي دلوقتي تكوني من نصيبي وقدري، مش اختياري بس.

مالت برأسها تسأله بتعجب:

– هتفرق!

– القدر بيصيب الواحد مهما يكون هو اختياره وأهدافه إيه.

أجابها بمنطق وجعلها هي الأخرى تدعي أن يكون قدرها المحتوم، وليس مجرد اختيار. استمرا معًا يقضيان وقتًا مسروقًا من الزمن، كادا أن يكونا داخل شرنقة ولا يراهما أحد، ثم قام بتوصيلها إلى فيلاتها، وتوجه إلى منزله بقلب يعزف مقطوعة جديدة لأول مرة يشعر بها، نال هاتفه وهو يصعد درج السلم وفتحه، كانت “كاميليا” تعاود الاتصال للمرة المليون، شبح ابتسامته تبخر عندما بصر اسمها، تأفف للحظات ثم ضغط على سهم الإجابة وانتظر، فأبلغته وهي تتصنع الهدوء:

– كنت فين كل دا، وليه قافل تليفونك؟

– كان عندي شغل كتير والتليفون فصل.

قالها بصوت يشبه النعاس والضيق، تحكمت في ضبط أنفاسها المشتعلة:

– ماشي يا وجود ياريت ما تنساش معادنا بكرة.

– لا مش ناسي.. سلام.

أخبرها حروفه بثقل، وقبل أن ترد عليه أغلق الهاتف، يدخل غرفة أخيه الذي ألقى كل ما كان يمسكه من طعام واستلقى على الفراش، ابتسم “وجود” بسخرية:

– أيوة اعمل نفسك نايم.

رفع رأسه وهو يفتح عين ويغلق الثانية يبلغه بخوف:

– لا أنا ميت.. والضرب في الميت حرام.

لم يبالِ لحديثه وقلع حزامه وهو يهرول عليه:

– والله ما هسيبك بتقوي البت عليا.

نهض مسرعًا وقفز من على الفراش على الأريكة يلتقط أنفاسه المتقطعة من كثرة الضحك:

– يا واد افهم المغزى الحقيقي.

– المغزى إنك تتنفخ، علشان تحرم تقرب على خصوصياتي تاني.

صفق وهو يقفز على مكتبه وقال بسعادة:

– فينك ياما تسمعي ابنك اللي طب وبقى يعرف يقول البت دي تخصني.

دخلت عليهما “نايا”، لا تعلم شيئًا لكنها ظلت تحجز بينهما حتى أتت بها ضربة، خلعت (شبشبها) وضربتهما معًا، وأمرتهما بإعادة ترتيب الغرفة كما كانت.

★★★★★

أتى غضون الليل وتربع الهلال كالملك بمنتصف السماء، وحوله النجوم كالجواري، قد مضى وقتًا طويلًا و”توتا” ما زالت ماكثة بالغرفة المقيمة بها ولا تخرج منها، نهض “حازم” مقتربًا من باب الغرفة يضع أذنه فلم يسمع لها صوتًا، نزل متوجهًا للحديقة ثم وقف تحت شرفتها فتسلق البناية أسفلها، ثم دخل للغرفة بخطوات صماء، وجدها تفترش السرير بأكمله بأريحية، تطلع في جهها الهادئ وعلى ثغره ابتسامة، لكنها شعرت بأنفاسه الحارة تلفح وجهها، فتحت عينيها ببطء مكذبة عينيها لكن وجدته أمامها، حدقت به لثوانٍ، وقبل أن تصرخ وضع يده على فيْها متحدثًا بحزم وقوة:

– أنا رئيس جمهورية البيت، والسرير دا من ممتلكاتي، يا إما ننام عليه سوا يا إما تنزلي تنامي تحت على الكنبة.

رمقته بلامبالاة ثم أخبرته:

– مش طالبة صداع ومهاتية، اتخمد.

نام على الفور ومدد جسده، قامت وهي ترمقه باستياء، متوجهة إلى الخزانه تجلب وسادة كبيرة، ورجعت مرة ثانية على الفراش تحدثه بتحذير:

– على ما أظن التفاوض حلو مفيش كلام.

أومأ برأسه، فأكملت بوجوم:

– أحب أعرفك إن السرير مش سداح مداح، أنت لحد هنا حدودك ودي حدودي عند حضرتك أي أعتراض.

قالت آخر جملة وهي تضع الوسادة وتركت له جزء صغير وجعلت من نصيبها الجزء الكبير، حدقها بقوة وهو يجلس وأخبرها باستفهام:

– هو دا العدل؟

– لو مش عاجبك نلغيها وروح اشتكي.

– تمام يا حكومة.

ثم تسطح على حدوده وبصرها بتوسل:

– أنا لو لفيت بس هقع.

– وبعدييييين.

– خلاص خلاص نامي، عليكي ربنا يا قادرة.

– هشششششششششش، ناااااام.

– نمت.

لكنها لم تذق طعم النوم؛ غاصت داخل جدران خيالها بأن يده بلمساتها القوية تتحرك على جسدها كعازف عود محترف، ابتسمت وأصبح جسدها يتلوى كالدودة الرقيقة، حتى ما جاء أمام عينيها صورة فهد اللعين وتذكرت ما فعله، انجرفت مشاعرها للألم وانحدرت دموعها بصمت واستعدت للنوم من جديد، لكن هذه الليلة بالتأكيد ستمطر عليها كوابيسًا بلا جدوى. أما هو، فكانت نظراته لها تظهر باشتياق شديد، بداخله نيران وحمم يصعب إخمادها، يريد اقترابها لتستوطن داخل هذه النيران فتشعر حينها بمدى لهفته وحنينه إليها، ينتابه شعور يصعب عليه تفسيره؛ فهو خليط من المشاعر المُعقّدة والمتشابكة بين الانجذاب والارتباك والعاطفة الجياشة والرغبة في التقرب، لكنه أرغم نفسه على أن يكتفي قربها كبداية لا بد يحسد نفسه عليها، عقد ذراعيه بقوة على صدره حتى يرغمها على التقيد، ولا تخدعه وتتحرك على جسد القطة المفترسة المتلهف عليها، ويفسد كل ما يخطط له من خطوات حتى يقربها له للأبد.

★★★★★

في اليوم التالي انتهى “وجود” من عمله وذهب مع “كاميليا” كما وعدها أمس، وحينما وصلا إلى مطعم بفندق اختارته هي، أوصلها للمنضدة وتركها وذهب للمرحاض، وبعد أن حضر وجدها طلبت الطعام. جلس يشرب العصير أولًا وهو يترقب سماع ما تريد أن تقوله؛ لم تتحدث، لم يبالِ وبدأ في تناول الطعام بشهية مفتوحة متجاهلًا من تجلس أمامه، فقطعت الصمت:

– تعالى نطلع سويت.

ترك الطعام وحدق بها باستفهام:

– إزاي واحنا مش متجوزين؟

أجابته بدون حياء:

– ادخل بثقة على الريسبشن، ومش هيسأل عن حاجة ولو سأل قول لسه متجوزين جديد ومفيش قسيمة لسه.

ترك الشوكة والسكين من يده بهدوء وتطلع بها باستغراب، فقال:

– مش دا اللي كنت أقصده، اللي أقصده احنا هنطلع إزاي مع بعض في أوضة واحدة ومفيش حاجة تربطنا أكتر من دبلة.

جلست بأريحية ووضعت ساقًا على الأخرى متفوهة وهي تشعل سيجارة:

– عادي عايزة أتكلم معاك.

رمقها بوجوم وتفحصها لأول مرة بنظرة جديدة، وقال أولًا وهو يشير على ما داخل فمها:

– أنتي بتشربي سجاير؟

– آها أصل…

قاطعها وهو يقول:

– مش وقت حكايات نبقى نشوف الموضوع دا بعدين، والكلام اللي عايزة تقوليه دا ما ينفعش ولا في بيتي ولا بيتك ولا الشركة ولا هنا في المطعم؟ وهينفع في سويت خاص!

أومأت برأسها وهي تعض على طرف شفتها السفلية، بدأت تثير مشاعره المتعطشة المشتاقة المحرومة من العطف الأنثوي الخاص.

حاول السيطرة على مشاعره التي يشعر بتحركها وهو يبعد النظر عنها متحدثًا بعصبية:

– لو سمحتى ما تبسطيهاش أكتر من كده كفاية.

– حبيبي ما أبسطش إيه! خلاص انسى واعتبر إنه ما حصلش.

كان ينظر لها وهي تخبره بما تقول وهي تحرك طرف السبابة على شفتيها المطلية باللون الكريزي، متعمدة إثارته واللعب على أوتار رجولته.

فقال بدون تفكير ولا تحكم:

– قومي اتفضلي.

ثم نهض يأخذ هاتفه، وتوجه لعامل “الريسبشن” وحجز غرفة بسهولة أكثر مما توقع، ثم أخذها وصعدا بالأسانسير كانت تقف أمامه، ظل يطالعها من الخلف بوقاحة حتى وصلا أمام رقم الغرفة، فأمسك يدها بعد أن دق جرس الخطر داخل عقله، أغلق جفونه محاولًا التحكم في ثباته والهروب من النظر إليها:

– ما بلاش.

شكلك ما بقيتش تحبني، يلا نمشي.

قالتها بضيق ثم ابتعدت عنه خطوة، جذبها إليه من خصرها وأصبحت تلتصق به وهي تقف أمامه، قائلًا بعيون زائغة متجولة على مفاتنها:

– بصراحة أنتي حلوة أوي، وأنا مش واثق في نفسي لو دخلت جوه هنا هيحصل إيه؟

لم تصدق أذنها، لأول مرة يتفوه بكلمات غزل بها، تكاد أن تحلق بالسماء فقالت بسعادة وهي تضع يدها حول رقبته تشدد عليها وتقول له هامسة وهي تنظر داخل عينيه:

– بس أنا واثقة فيك يا بيبي.

بعد هذه الجملة انهارت كل دفاعاته الواهية وبدأ في الاستسلام لمشاعره الجائعة، وقال وهو يحرك رأسه بقوة يسارًا ويمينًا:

– لا لا لا، يلا من هنا.

استخدمت آخر سلاح.. وبكت وهي توليه ظهرها، مد يده سحبها بقوة من كتفها وجعلها تقف أمامه ينظر إليها بنظرات جديدة عليه وعليها تمامًا، ومن غير تفكير دفعها لداخل الغرفة، حينما دخل استعاذ بالله من شيطانه الرجيم ووضع كل متعلاقاته الشخصية على المنضدة، ونظر نحوها وقال وهو يجاهد نفسه بعدم النظر على مفاتنها الفتاكة التي سوف توصله للهلاك:

– اتفضلي احكي.

بكت بحرقة وهي تضع وجهها بين كفيها، قائلة بشهقات:

– أصل زينة قالتلي إنك مش بتحبني.. وبتحبها هي.

– زينة! هي اللي قالتلك كده؟!

قالها باستغراب وذهول وهو ينهض بذعر، أومأت برأسها، رد عليها وهو يتوعد لـ”زينة” بغيظ:

– ومين زينة العيلة اللي هفكر فيها بعد العمر دا كله؟

اقتربت منه تعبس بأزرار قميصه بدلال:

– دي كمان بتقولي إنك هتسيبني علشانها.

اشتعل بركان غضبه، من الطفلة البلهاء التي أكد عليها أمس بأن لا تفصح عن الخبر حتى يدبر حاله بنفسه ويعلن عن الخبر في الوقت المناسب، فأجابها وهو يحك مقدمة رأسه:

– وأنتي بتصدقي عيلة زي دي، ولا بحبها ولا عمري فكرت فيها من الأساس.

– طب ممكن ما تكلمهاش خالص يا بيبي.

أردفتها بدلع ودلال وبرقة لا مثيل لها، جعلته يتذكر توهج مشاعره الرجولية.. فقال وهو يثبت عينه على مفاتنها بتفحص:

– أنا بكلمها علشان خاطر طنط فريدة.

– يعني.. بتحبنى أنا؟

– وأنتي لسه بتسألي.

– أمممم.

قالتها بدون أن تفتح فاها، فأردف بوقاحة:

– تحبي أثبتلك؟

اقتربت أكثر وأكثر منه وضعت يدها تحركها على ثغره بإغراء، أغمض عينه لوهلة متأثرًا بحركتها الجريئة، تصلب جسده لوهلة ثم بدأ يلين رويدًا رويدًا، لم يستطع تمالك أعصابه أكثر من ذلك فهو بشر من لحم ودم، وتدخل الشيطان في اللحظة الحاسمة فزاد من رغبتهما المشتعلة.

وضع يده على خصرها وضمها بقوة، ثم بدأ ينثر قبلاته المتفرقة على وجهها دون وعي حتى لمس شفتيها المغرية، وحرك يده بحرية على جسدها الذي أصبح شبه عارٍ، ومع أول أنين لها غابا معًا في بحر من المتعة المحرمة التي هيأها لهما مُغْوية شيطانة من الإنس.

★★★★★

في هذا الوقت كان هناك من يسابق الثواني ويركض بأقصى سرعة كالسهم، بعد أن وصل إليه مكالمة جعلته ينتفض من مكانه، وصل إلى العنوان الذي تلقاه من محادثه الذي ادعى أنه صديق لـ”وجود” وأخبره بما يحدث في غرفة الفندق المشؤمة. حينما وصل “مهيمن” لم يجد من يبحث عنهما، فتوجه وهو يلتقط أنفاسه اللاهثة:

– رقم الغرفة بتاعة وجود مهيمن؟

فردت عليه الموظفة بعملية وهي تبحث عن الاسم:

– وجود مهيمن محمد الزناتي.

– أيوه، انجزي غرفة كام.

قالها بعصبية مفرطة، ردت عليه بهدوء:

– حضرتك اتفضل في الريسبشن، ممنوع حد يطلع للنزلاء.

هتف “مهيمن” بصوت جهوري حاد:

– أقسم بالله لو ما نطقتي لهفرج عليكي الفندق كله. أنا أبوه.. انجزي.

– يا فندم…

قاطعها وهو يمسكها بقوة من ياقة بلوزتها، فتجمع الموظفين حولهما، فنطق شاب من خلفه برقم الغرفة، ركض بسرعة وقبل أن يصعد أوقفه من قال:

– بابا…

التفت له وهو يحمد ربه، لكنه فوجئ بأن من ينادى ليس ابنه وإنما شاب بعمر “وجود” يحدث والده العاجز، استدار وأكمل ركضه حتى وصل لرقم الغرفة يدعي الله بألا يكون قد حدث أي شيء، فتح الباب بالمفتاح البديل الذي أعطاه له الشاب نفسه الذي حدثه بالهاتف وادعى أنه صديق ابنه والذي أبلغه برقم الحجرة، كان يدخل الحجرة كالأسد الغاضب، عندما فتح الباب نهض “وجود” من وضعه المزري بهلع، وقف أبيه أمام الباب بوجه مقفهر يملأه العبوووس، مصدومًا بهذا الوضع الفاضح. ينظر لابنه بحزن فاقدًا للنطق من شدة صدمته به. تجمد “وجود” مكانه، ثم قال بتلعثم وبإحراج:

– بابا.. بلاش تفهم غلط.. هفهمك.

أغمض “مهيمن” جفنه بقوة ثم انسحب بهدوء، نهض “وجود” يرتدي ملابسه سريعًا.

وكانت هي تنام بحرية مبتسمة ابتسامة ناعمة نعومة الأفعى السامة. سحبت عليها غطاءها كي يسترها.. وكأن قطعة القماش هي ما تستر، ونسيت تمامًا أن روحها العارية من أي تقوى وخوف من الله ستظل فاضحة لكل أعمالها الرخيصة، وقبل أن ينصرف قامت بتمثيل مشهدًا آخر من مشاهد ليلتهما التي يقضيانها برعاية الشيطان. تنادي عليه بنبرة باكية:

– وجود ما تسيبنيش.

أغمض عينيه بقهر ولم يلتفت إليها، لكن عندما انصرف من الغرفة قامت تقهقه بسعادة قائلة لنفسها:

– حلو الجيم دا، بس للأسف يا بيبي لسه مش وصلنا للجيم أوفر.

★★★★★

حاول أن يستوقف أباه لكنه لم يعطِه الفرصة للحديث، صعد سيارته وتوجه لمنزله حتى يخرج ما في كبده بعيدًا عن البشر والفضيحة التي ستحدث بالتأكيد، كان “وجود” طوال الوقت يعاتب نفسه، عقله تبرأ من الذي كان يفعله منذ قليل، ظل كثيرًا يعنف نفسه؛ كيف يغضب ربه، كيف لا يتمالك أعصابه أمام مفاتنها، كيف جعلته مثل العجين بين يديها؟ لم يصدق أنه أصبح بكل هذا الضعف أمام امرأه لعينة شيطانة في جسد إنسان، ولكن بماذا يفيد الندم.. إذا لم يَعُد بعقارب الساعة كي يمنع ما قد حدث.

★★★★★

ما زالت مشاهد الليلة السوداء مستمرة.. أمسكت “كاميليا” هاتفها ترسل رساله صوتية لـ”مهيمن”، أخرج محموله فور سماع صوت الرسالة ثم ضغط على زر التشغيل بعد تفكير فأتاه صوتها المرتجف المرتعب:

– عمو الحقني وجود اغتصبني وهرب، أنا زي بنتك يا عمو، بالله عليك اوعى تسيبني وما تاخدش حقي، خليه يستر عليا.

أوقف سيارته، وضع يده على رأسه ناظرً للسماء، بعد ما كان يريد فسخ الخطبة سيكون هو من يسرع بالزواج، قام بتسجيل رسالة صوتية ثم ضغط على زر الإرسال بيد ثقيلة فكان يجبرها على الإرسال:

– ما تقلقيش في أقرب فرصة هتكوني على ذمته.

سمعت الرسالة وقالت لذاتها بعد أن رتبت أفكارها الشيطانية:

– بعد ما كنت أنت يا وجود اللي بتحارب أهلك علشان الجوازة تتم، هخليهم هما قبل منك يتمنوا الجواز يتم وفي أسرع وقت.

ثم بعثت برسالة أخرى:

– يا أنكل وجود بعد اللي أخده مني مش هيبص في وشي تاني، هو قالي كده.

أصبح “مهيمن” في موقف لا يحسد عليه بعد أن كان يطلب من ابنه أن يتركها هو الذي يطلب منه أن يتزوج هذه البلهاء، أخرج حروفه بثقل وهو يخبرها في رسالة:

– لو مش بمزاجه هيبقى غصب عنه.

نهضت “كاميليا” وقلبها يغمره السعادة، أرتدت ملابسها ثم توجهت إلى سيارتها تكمل مسلسلها اللعين.

★★★★★

انتهت “توتا” من تمرينها ودخلت غرفة تبديل الملابس، سمعت “حازم” يقول بتحذير من الخارج:

– إياك ثم إياك أروح البيت ما ألاقيش أكل، وطبعًا مش محتاج أفكرك هعمل إيه؟

لوحت له بيدها وظلت تسبه وتلعنه بسرها، ثم خرجت وركبت مع رجال الأمن السيارة، ودخلت على فراشها ترمي جسدها بتعب، لكنها عندما تذكرت حديث “حازم”، قامت باستياء تجهز طعامًا سريعًا.

وضعت الطعام يطهى على الموقد، وجلست تقلب بالقنوات، حتى دخل عابس الوجه يتحدث الإيطالية باستشاطة قائلًا:

– لما لم تخبريني إلا الآن؟

أتاه صوتها الباكي، فرد عليها:

– كفى كفى سأتصرف.

ثم أغلق هاتفه وهو يقلع “تيشرته” بضيق وألقاه على الأريكة، فقامت من جواره تخبره بامتعاض:

– احترم نفسك والبس تيشيرتك.

أخرج أنفاسه بتأفف ورد عليها باقتضاب:

– حران.

– ما أنا حرانة، ومع ذلك لابسة.

– ما تقلعي حد ماسكك.

انصبغ وجهها من فظاظة كلماته، فأمسكت بزجاجة مياه وأفرغتها عليه، وهي تقول بسخرية:

– عشان يكون فيه طراوة.

رفع عينيه بعد ما أرجع شعره للخلف، وقام يركض خلفها:

– يا بنت المجنونة.

ركضت بسرعة لكن استوقفها رائحة شياط، صكت وجهها وهي تولول:

– يالهوووي الأكل اللي طلع عينيا وتعبت فيه اتحرق.

هرول مسرعًا على المطبخ أطفأ النار وكاد أن ينفجر:

– عاجبك كده؟

– أعملك إيه أنت السبب، اتنيل بقى وسيبني في حالي.

– والله ما أنا عاتقك.

واستمرا هما الاثنين بدفع الباب حتى نجح “حازم” في فتحه، صعدت تقف أعلى الفراش، قائلة بخوف:

– بقولك إيه، أنا برغم إني كنت مقتولة نوم وجسمي هيموتني عملتلك الأكل.

– ومقتولة من إيه؟

أجابته وهي تمثل البكاء على مَن افترى عليها:

– ربنا ما يسلط عليك الكابتن المفتري اللي بيدربني.

حدقها وهو يقذفها بوسادة:

– دا اللي هو أنا صح.

أمسكت الوسادة بين يديها ووضعتها أمام وجهه توضح له بابتسامة بلهاء:

– لا غلط طبعًا، أنت هنا جوزي.

فقال بسخط:

– أممممم، وهناك؟

– بعبع بأنياب حيوان مفترس.

– شكلك كده مفيش حاجة هتسكتك غير.

– غير إيه بقى إن شاء الله، لتكون هتضربني.

قالتها وهي تضع يدها على خصرها، فسحبها من قدميها وقام بتقبيلها بدون أي مقدمات، ثم نام وهو يخبرها:

– عقاب بسيط وياريت تغلطي فيا تاني، أصل بصراحة عاجبني العقاب دا أووي. مالك يعني اتخرستي.. أنا قولت كده بردو، هو دا اللي هيخرسك.

لم تتجرأ على النطق استكانت في مكانها واضعة يدها على ثغرها وعينيها مُحدقة بالسقف.

google-playkhamsatmostaqltradent