Ads by Google X

رواية غرورها جن جنوني الفصل الثالث عشر 13 - بقلم ابتسام محمود

الصفحة الرئيسية

  رواية غرورها جن جنوني كاملة بقلم ابتسام محمود عبر مدونة دليل الروايات 


 رواية غرورها جن جنوني الفصل الثالث عشر 13

 

بدأت الشمس تتوارى داخل مياه البحر، فتترك أثر أشعاتها الذهبية الخلابة باللون البرتقالي فوق موجاتها. وبعد مرور وقت قليل، رسم القمر قرصه الأبيض الذي يجمع العشاق تحت نوره، ويبث لروحهم الأجواء الرومانسية؛ فاليوم موعد حفل “توتا”، تدلف “نايا” غرفتها بوجه متسائل قائلة بتعجب:

– أنتي لسه ما غيرتيش هدومك؟!

– وأغير ليه، ما الحفلة شغالة أهي والدنيا زي الفل.

قالتها وهي تجلس بأريحية على فراشها، فتفوهت والدتها بغضب:

– الحفلة دي عاملها حازم ليكي أنتي، بدل ما تنزلي تشكريه على تعبه.

– ألف شكر ليه، مطلوب مني حاجة تاني.

قالتها ببرود ليس له مثيل، زفرت “نايا” أنفاسها بغيظ وتركتها تستغفر ربها من تصرفتها التي تكاد تصيب جسدها بالشلل، فقابلها “حازم” المبتسم:

– توتا جاهزة يا طنط علشان تبدأ الحفلة.

ردت بارتباك ممزوج مع الإحراج الذي وضعتها داخله ابنتها العنيدة:

– أصلها.. تعبت شوية، فبتعتذر ليك إنها مش هتقدر تنزل، وبتشكرك جدًّا على الحفلة.

صك أسنانه مستشيطًا منها غضبًا، ثم أمسك أنفه بحدة يكتم أنفاسه وحروفه، وأرغم شفتيه على الصمت حتى لا يفقد صوابه، وبعد ثوانٍ أعلن وهو ينظر شزرًا:

– ينفع أطلعلها.

ردت بعد أن تحمحمت بإحراج:

– مستقبل أهو خده واطلع ليها.

★★★★★

تقف تنظر من شرفتها بأمل أن ترى منقذها الوحيد يأتي حتى ينقذها، مر نصف ساعة على وقوفها ولم يأتِ، فانبعث في نفسها الغمة والاكتئاب، فبدأت حبات اللؤلؤ تتساقط واحدة تلو الأخرى وهي تحدث نفسها:

– منقذي أنا مش موافقة ولا راضية بكل اللي بيحصل، أنت فين؟ مش وعدتني وقت ما هكون في مشكلة هتكون جنبي أول واحد، أنت فين بقى؟

– أحممم، أنا هفضل واقف كتير.

أردف بها “حازم” بعد أن دلف غرفتها ووجدها تسرح في شيء ما، نظرت اليه بجانب عينيها بدون أن تستدير، فأكمل كلامه بصوت عنيف حاد:

– يعني إيه مش هتنزلي؟

مسحت عبراتها بأطراف أناملها وقالت بحدة بدون أن تنظر إليه:

– هو فيه بني آدم يدخل كده!

– فضلت أخبط ساعة على سعادتك وأنتي ولا هنا.

فعندما لاحظ دموعها اقترب منها بقلب ينهشه الخوف والقلق، وقال بصوت واهن:

– توتا أنتي بتعيطي؟

– لاااااااااا.

نطقتها بصوت قوي حاد، جرحت مشاعره فأخبرها بعند أكبر من عنادها:

– حتى لو بتعيطي اتفلقي يا توتا، وقدامك عشر دقايق وتنزلي تترزعي تحت؛ لأني مش هعلن خطوبتي على الفراغ.

قبضت يديها، وأخبرته بحنق:

– أنت مش مكسوف.

سند جسده على الحائط وهو يطالعها بابتسامة، ثم أردف بلامبالاة:

– واتكسف من إيه؟

– والله المفروض الحاجات دي بالذات تتحس، بس بما إن مش عند البعيد دم هقول إيه.

رد عليها بالبرود نفسه وادعى عدم الفهم:

– تقصدي مين؟

رفعت يدها تعصرهما غضبًا، محاولة أن تزدرد غصة حلقها باستياء، وأعلنت بابتسامة صفراء وهي تزج به للخارج:

– لا أبدًا انزل وأنا عشر دقايق وهكون وراك.

تركها وهو يضحك على انتصاره عليها في بداية المعركة.

★★★★★

تدخل “زينة” الحفل كالسفينة التي تتبختر في البحار تاركة خلفها أثرًا مستطيلًا كعروس تجر أذيالها، فتخطف أنظار كل الحاضرين بجمال فستانها ومكياجها المثير، التي حاولت أن تقنع به والديها وقتًا طويلًا، وبرغم اعتراضهما وافقا بامتعاض، فاقترب منها “مستقبل” و”كارما” يحدقان بها بنظرات إعجاب غير مصدقين أنها نفذت أول جزء من الخطة التي وضعها “مستقبل”، فأردف بحماس:

– كده هندخل على أهم جزء في الخطة.

– واللي هي إيه يا باشا مصر.

قالتها “كارما” وهي تسند يدها على كتفه الأيسر، فأجابها بابتسامة:

– نظرية تحرك الجبل.

نظرت الفتاتان نحوه بملامح استفهام، فأكمل حديثه بقول:

– نشعوط مشاعره.

فكأن جسد “زينة” أصبح كالثلج، فتفوهت باضطراب وتلعثم:

– طب نخليها على الهادي.

– دي حلاوتها في حموتها.

ثم أكمل بصوت مرتفع:

– أنتي هتجيبي ورا، ولا شكلك خلاص مش عايزاه يسيب البت الملزقة.

ترفع “كارما” يدها مسرعة تضعها على ثغره:

– أنت زي الميكرفون اللي بيشتغل لوحده، احنا جنبك مش هاجرنا.

– تمام عملت أنا اللي عليا، ورينا أنتي بقى اللي عليكي وسيبي صوباعك في حاله.

هزت رأسها وتتحرك في اتجاه “وجود” الجالس بجوار “كاميليا”، ترسم على ثغرها ابتسامة، فنهض “وجود” من مجلسه وبادلها الابتسامة، لكنها تخطته وهي ترفع يدها تصافح الشاب الذي كان يجلس خلفه، فجلس بإحراج يمسح أرنبة أنفه وينظر عليها بتلصص كاللص، وجدها جلست معه وتبادلا الحديث، وصوت ضحكاتها يصل لمسمعه ويزيد من استشاطة مشاعره، فتضع “كاميليا” يدها على وجنته التي يتدفق بها الدم من كثرة غليانه، فتقول بتعجب:

– بيبي أنت سخن كده ليه؟

سعل وهو يضع يده على فمه وكان ينظف حلقه من شدة توتره:

– أنا كويس، ما تاخديش في بالك، عاملة إيه؟

رمقته بتضيق عينيها ودهشة، فقال باستغراب:

– في حاجة!

أخدت أنفاسها وأخبرته وهي تستعد للانصراف:

– دي المرة العاشرة اللي تقولي عاملة إيه؟!

لم يجِبها؛ لأنه شرد مع صوت الضحكات الآتية من خلفه، وحاول أن يسمع حديثهما الشيق الذي يجعلهما يقهقهان بقوة ثم رد على “كاميليا” بدون وعي ولا تركيز:

– بطمن عليكي، خلاص ما تاخديش في بالك، أخبارك إيه؟

نهضت تخبط الطاولة بغضب فتجيب:

– زفت.

كان ما زال شاردًا بكل حواسه، فأردف بعدم وعي:

– يا رب دايمًا.

حدقته بحدة وانصرفت من أمامه حتى لا تفقد أعصابها، فتشعل سيجارة حتى تفرغ بها طاقتها السلبية، ومن بعيد تنزل “توتا” الحفل مرتدية فستانًا رقيقًا ترسم ابتسامة على وجهها مصطنعة، لكن عيونها غير ثابتة؛ تشعر بأن “نطاط الحيط” لن يتركها في أشد وقت تحتاج إليه فيه، فيقترب منها يقول:

– جمالك غطى على جمال العالم.

رفعت عينها ببطء، تدعي ربها أن يكون منقذها.. فوجدته “حازم”، تأففت بضيق متمتمة داخلها:

– منقذي مش منقذ قلبي، هو منقذي من الخطر وبس، يعني أمسك الكوباية دي أقطع بيها شراييني علشان تيجي.

وبالفعل كسرت الكأس ووضعته على يدها، فأمسك “حازم” يدها، مردفًا بثورة:

– أنتي مجنونة؟!

– بص اللي بيحصل دا وربنا.. وربنا كمان مرة كتير، سيبلي مساحة اتنفس فيها، أصل كده هيجيلي اختناق وهفرهض منك بدري بدري.

نطقت بها “توتا” وهي توجه الزجاجة المنكسرة عليه، فرد بتهكم:

– لا نفسك طويل أنا واثق، اتفضلي قدامي على الاستيدچ.

رمت ما تحمله أرضًا ومشيت أمامه، عندما وصلا أمسك الميكروفون معلنًا وهو يمسك علبة مفتوحة أمام عينيها:

– النهاردا توتا هتبقى خطيبتي.. رسمي.

ثم ترك الميكروفون وأمسك يدها بحب، يضع بداخل البنصر الأيمن خاتمًا رقيقًا وبه فص من الألماظ. كان قلبه يرقص بفرحة على أول خطة نجح بها، متمنيًا أن ينجح في باقي الخطط ويَصِل لقلبها، كانت ترسم ابتسامة مستعارة تضحك بها على جميع الحاضرين. بعد أن ألبسها الخاتم اشتغلت أغنية (سيبي روحك) أمسك يدها وهو ينظر لعمق عينها يود أن تبادله المشاعر نفسها، لكنها كانت تنظر إليه بنظرات تحدٍ وعناد ليس له مثيل، فاقترب منها أكثر محاوطًا خصرها، وعيناه تريد أن تبوح بما يكنه القلب، يريد الصراخ ليقول لها، لماذا كل هذا العند والتحدي الذي داخل عينيكِ يا حبيبتي؟

ما زالت ترمقه بعينين حادتين، ونظرات قاتلة جعلته يتعجب لماذا كل هذا البغض الذي تكنه له، فأخبرته:

– لو قلت حاجة هتصدقني.

ابتسم بسعادة وهز رأسه سامحًا لها بالتفوه:

– أصل كل ما تحرك شفايفك بسمع صوت ثور بيتكلم.

فنطقت كلماتها بسماجة وسخرية أفسدت عليه كل شيء، أغمض عينه بعصبية ورفع رأسه يستنشق بعض من الهواء حتى يطفئ لهيب قلبه، وأجابها بطريقتها نفسها:

– كويس إن فيه حاسة شغاله عندك، وبتسمع علشان تتهدي وتخافي مني.

– والله أنت طيوب أووي، وصعبان عليا.

– لا مش عايز حاجة تصعب عليكي غير نفسك.

قالها وهو يضغط على خصرها بقوة، جعلتها تضيّق عينيها بتألم، يرقص بجانبهما “كارما” و”مستقبل” وهما يمزحان، و”زينة” وصديقها ويرسلا لبعضهما الابتسامات التي جعلت برج من عقل “وجود” ينفجر، وبدأ ينقر الطاولة الزجاجية بأنامله، وهو يقول باستياء:

– الوضع زاد عن الحد.

فنهض يتوجه لمصدر الصوت، ونظر على “الدي جي” بعدم فهم، فنزع الفيشة الموصلة للكهرباء وأغلقه تمامًا، غير مبالٍ لأي أحد. نقل الحاضرون جميعهم أبصارهم إليه باستغراب، فرفع يده بالسلك الكهربي وأخبرهم ببرود:

– جه في إيدي بالغلط، مش لازم نسمع أغاني كفاية إن احنا مع بعض.

الجميع نظر لبعضهم بتعجب ودهشة، إلا ثلاثتهم يضحكون بمكر.

ظل الحال بين العند والغيرة حتى جاء موعد انتهاء الحفل، قام الجميع بالانصراف.

تقف “زينة” كالفراشة -التي ترفرف بين الأزهار برقتها المعهودة- مع الشاب نفسه يتبادلان الحديث ويضحكان، فيقترب “وجود” مشتعلًا كالوقود من قربهما لبعضهما، فذهب إليهما ووقف بينهما. ذاهبًا خلفه “كارما” و”مستقبل”، فتبسمت “زينة” وهي ترفع يدها تشير على من اقتحموا خصوصيتها وتعرف رفيقها عليهم:

– كارما، مستقبل.

فصمت وهي تبتسم وتتجاهل ثالثهم عن قصد ولم تكمل، فأردف “وجود” بغيظ وهو يضغط بقوة على قبضة يده:

– وبالنسبة ليا.. شفاف مثلًا.

أجابته وهي ترمقه ببرود لوح ثلج:

– آه نسيت..

فأولت بصرها على صديقها تخبره بلامبالاة:

– ودا وجود زي…

– زي؟!!!

نطق بها “وجود” وهو يقاطعها باستياء، فأكملت حديثها وهي تحدقه بابتسامة خبيثة وترفع حاجبيها:

– أخويا.

بلل شفتيه ثم ضغط على شفته السفلية بحدة وأعلن بغضب غامض:

– أممم أخوكي!!

– أمال إيه! هو فيه حاجة تاني مش واخدة بالي منها يااا.. وجود.

يحرك رأسه بنفي وهو يحك طرف حاجبه الأيسر:

– لا مفيش، وبالنسبة للأمور.

بسط الشاب يده يصافحه وعلى وجهه ابتسامة:

– أنا أحمد.

لم يرفع يده يصافحه، ورمقه بتعالٍ وهو يخبره بابتسامة صفراء:

– احمد ربك إنك واقف وسط ناس.

زوى ما بين حاجبيه بذهول وهو ينظر يسارًا ويمينًا، ثم تفوه باستغراب حديثه الغامض:

– ليه هتعمل إيه!

– اللي بيعمل مش بيرغي.

قالها بحدة وهو يترك لهم المكان بأكمله، جعل الجميع في صدمة بتصرفه غير المتوقع من أول الخطة، فنطق أحمد وهو يرفع يده يشير عليه بعد أن مشى بعيدًا عنهم:

– ماله دا؟!

– ما تاخدش في بالك، تعيش وتنور كمان وكمان يا أبو حميد.

قالها “مستقبل” وهو يصافحه ويأخذه داخل حضنه، فهمهمت “كارما” بالقرب من أذن “زينة” التي أصبحت متوترة وتطقطق أناملها بخوف:

– ربنا بس يديلك العمر وتعيش لحد ما تشعلل وتولع الحجر. وبعد قليل ذهب كل واحد منهم إلى منزله، فقابل مستقبل أخاه يجلس بالحديقة، جلس بجانبه قائلًا بمزاح:

– أنت غيران ولا إيه يا شق.

رمقه بعينين مشتعلتين بالغيظ، يقول بتهرب:

– هي لسعت منك ولا إيه؟ من مين، وليه يعني؟

ضحك وهو يتأكد من ظنونه، فأكمل “وجود”:

– ولو هغير ما لاقيتش غير الفرفور دا! ابعد عني يا مستقبل علشان دماغي ما تنفجرش في وشك.

أخبره آخر جملة بتهديد لكنه لم يتركه، وهز رأسه برفض وهو يضحك، فنهض “وجود” وهو يركل بقدمه المنضددة التي تستقر أمامه، فتفوه “مستقبل” بابتسامة عريضة بعد أن نادى عليه وجعله يولي ظهره له:

– أحب اطمنك إنك شوية وهتقلب تنين مجنح وهتطلع نار من بقك من كتر نار الغيرة.

أمسك مقعدًا حديديًّا ثقيلًا حتى يلقيه على أخيه، لكنه نهض يركض سريعًا:

– يا متهور التعويرة اللي في الوش مفيهاش معلش.

★★★★★

في صباح يوم جديد، تذهب “توتا” إلى تمرينها، وقبل أن تدخل ينادي عليها مجموعة من الشباب كانوا زملاء لها، اقتربت تصافحهم بفرحة وظل كل منهم يسترجع ذكريات الجامعة ويحكون كيف أصبح حالهم الآن.

وقف “حازم” داخل الصالة ينظر لساعة يده بريبة، مستغربًا لماذا تأخرت على ميعاد التمرين كل هذا الوقت، وقف ينتظرها في النافذة ساندًا يده على الحائط، فوجدها تضحك وتتسامر مع بعض الفتيان، قفز كالطفل الصغير من النافذة كالذي يفر من عقاب والدته، اقترب عليها بهدوء لا يعكس العاصفة التي بداخله، يحرك يده على شعره ويردف بنبرة منخفضة لكن تحمل شرًّا:

– امشي قدامي أحسنلك.

– ولو ما مشيتش؟

نطقتها بعد أن رمقته بلامبالاة وأكملت حديثها مع الشباب، هز رأسه بابتسامة غير مطمئنة:

– مش هتلومي غير نفسك عادي.

لم تعطِ ردًّا أو اهتمامًا، مال بجسده يحملها بين يديه كالعصفور الصغير، ويمشي في وسط ذهول الواقفين، حدقته بغل وتركله بقدميها حتى يتركها، لكن كان يمسكها بقوة حداية عثرت على فريستها بعد جوع، حتى دخل بها الصالة وتركها وهو يقول بثقه وثبات:

– المرة دي هكتفي بتحذيرك، إنما لو شوفتك واقفة مع أي راجل أو ما سمعتيش كلامي هتشوفي زعلي اللي على حق، اتفضلي على التمرين. إيه هتفضلي متنحة ليا كتييير.

نظراتها الحارقة إليه لم تكفِها لأخذ حقها على ما بدر منه، أمسكت عصًا بيدها ولم تبالِ لتحذيراته، ورفعتها حتى تفتح رأسه نصفين، قبل أن تقترب إليه، أمسك هو الآخر ثقل حديد وأندفع نحوها بغضب أسد، فتراجعت بسرعة وهي تختبئ وراء مكان ضيق لا يسمح لجسمه العريض الدلوف إليها، فجلس وهو يردف بقوة أرعبتها أكثر:

– لو كنتي عيلة ومجنونة فأنا الجنان والمعيلة على حق، وريني بقى هتطلعي في يومك الملون دا إزاي؟

– على فكرة اللي حضرتك بتعمله دا تصرف غير آدمي نهاااائيًّا.

– احلفي.

– وكتاب الله.

– أمال مين ناااو اللي كان عايز يفتح راسي.

– اسكت مش أنا كنت عايزة أشوف بعيني، التركيبة الفيزيائية اللي دماغك متكون منها.

– شوف إزاي، وأنا اللي كنت فاكر.. لا إخس عليا ظلمتك.

– أنت كده دايمًا ظالمني.

– لا اتأثرت بجد حتى شوفي دموعي.

– يا حرام مرهف المشاعر والإحساس، ممكن تقوم وتعديني؟

– اخرسي خالص ما اسمعش صوتك، شيفاني عيل وههطل من كلمتينك دول.

– تصدق بقى إنك أرخم خلق الله، لا ومش بس كده المفروض أشكالك دي أصلًا انقرضت من أيام الفراعنة.

– الله على اختيارك لجمال ملافظك، تصدقي إن دور القطة البريئة ما كنش لايق عليكي، كده أحسن.. استمري لحد ما تسمحلي الفرصة وأقصة ليكي خالص، وساعتها تبقي تهبهبي على حق.

ابتلعت ريقها بخوف وهي تضع يدها على صدرها بخوف على نفسها، نهض يتحدث بهاتفه عندما أعلن عن صدور مكالمة، مشى بعيدًا فتنتهز الفرصة وتهرب من براثن الأسد، ذهبت بدون تفكير على منزلها تحتمي بأهلها، دخلت مهرولة وأغلقت الباب الخشبي خلفها مستندة بظهرها عليه وبدأت تأخذ أنفاسها بأريحية.

– هو أنتي هربانة من تار يا توتا.

فزعت وبعد ما رأت والدتها مَن تفوهت، سندت يديها على ركبتيها تلهث أنفاسها، ثم قام أحد بدفع الباب بقوة جعلتها تطير وتقع على الأرض، لم تهتم بما حدث لها، لكنها تشبث بصرها على من دفع الباب بقوة، اطمأن قلبها عندما وجدته “وجود”، وتدخل خلفه “كاميليا” وهي تردف بفرح:

– لييييييه، حد قالك إن هيتعمل ليا فرحين، هو فرح واحد وليلة عمر واحدة.

قالتها “توتا” وهي تقوم من على الأرض ثم أكملت وهي تقترب منها وعلى وجهها ضيق:

– هتيجي كمان وتشاركيني فيها، إيه الناس دي يا ربي.

سمعها “حازم” الذي دلف المنزل للتو، ابتسم بفرحة ونسي كل شيء صدر منها منذ قليل، فأزادت لحديثها بنبرة هامسة:

– لا اوعى تنشكح أووي كده، دا بس علشان مش بطيقها ومستحيل كل شيء ينتهي بمأساة في يوم واحد، يرضيك أنت يا مؤمن أنا وأخويا نتاكل لحم ونوجع قلب أمي علينا في نفس ذات اليوم المغبر!

– توتا فعلًا عندها حق، احنا لازم نعمل لكل واحد فرح مستقل، ولا أنتي عايزه تضحكي علينا ونفرح مرة بدل ما نفرح مرتين؟!

قالتها “نايا” باندفاع، وتتمنى أن يطيل فترة الخطوبة حتى تبعدها عن ابنها نهائيًّا، لكن كيف تقنعه أنها ليست من تستحقه؟

ربعت “كاميليا” يدها بغيظ دفين وهي تنظر عليهم.

google-playkhamsatmostaqltradent