Ads by Google X

رواية غرورها جن جنوني الفصل العاشر 10 - بقلم ابتسام محمود

الصفحة الرئيسية

  رواية غرورها جن جنوني كاملة بقلم ابتسام محمود عبر مدونة دليل الروايات 


 رواية غرورها جن جنوني الفصل العاشر 10

 

التفت نحوه بسرعة صاروخ ينطلق قائلة وهي تهب فيه:

– ما تعصبنيش وتطلع عفريتي عليك، أنا بحاول أمسك لساني فحاول اختفي من وشي أحسنلك وأحسنلي.

– كارما إيه الأسلوب اللي بتتكلمي بيه معايا دا؟

– هو أنت لسه شوفت أسلوب، بقى تهزقني وتفرج عليا الناس امبارح، علشان ست كهن محن بتاعتك، ولسه ليك نفس تقول أوصلك، وتتكلم عن أسلوبي.

رفع “وجود” يده يضرب عجلة القيادة بعنف قائلًا بحدة:

– كارما.

تغمض عينها، وهي تحاول السيطرة على نفسها، حتى لا ترد عليه بأسلوب تندم عليه:

– وجود اخفى من وشي، أنا لحد دلوقتي بحاول أبلع لساني، اللي أنت مش محتاج معرفة عنه.


– طيب لو سمحتي ممكن تاكلي لسانك قبل ما تبلعي وتركبي.

صكت أسنانها بغيظ، وقالت وهي تزفر أنفاسها بقوة:

– اتكل على الله يا وجود، ولو شايل هم هروح إزاي، مستقبل جاي ياخدني.

– بصراحة عايز اتكلم معاكي، ها ممكن تتكلمي مع أخوكي شوية، ولا أنتي مش هتسامحي أخوكي على سوء تفاهم؟!

نظرت له وهي تفكر، أخذ هاتفه من على “تابلو” السيارة واتصل بأخيه:

– كارما واقفة في الشارع، لو وراك حاجة أنا هوصلها ما تشغلش بالك.

أخذ “مستقبل” أنفاسه بأريحية ويقول:

– أشطا؛ لأن عندي اجتماع على اللاب ومش عارف أخلع خالص.

– خلاص، تمام.

قفل الهاتف ونظر لها بترجٍ أن تركب، صعدت معه وقبل أن تتحدث، اتصل عليها “مستقبل” قائلًا بحب:

– قلبي معلش والله كنت بحاول أكروت الاجتماع، لكن الراجل رغاي ومش مبطل.

– خلاص يا حبيبي ركز في شغلك، معايا وجود.

– خلي بالك من نفسك.

– حاضر.

قالت آخر كلمة وعلى ثغرها ابتسامة تحمل السعادة والكثير من الحب، شعر كل هذا “وجود” الذي لم يذُق هذا الشعور:

– ممكن أعرف اللي حصل امبارح بالظبط؟

ردت وهي تضحك بسخرية واستهزاء بآن واحد:

– ليه القطة ما قالتش ليك؟

– كارما لو سمحتي أنا على آخري، بلاش الأسلوب دا معايا، أنا بمسك أعصابي علشان عارف لسانك، فياريت أنتي كمان تقدريني وتجاوبي؛ لأنك أنتي كمان عارفة أنا عصبي ومليش خلق للمهاتية.

سردت له ما حدث وما فعلته خطيبته “لزينة” وجعلها تتصرف بهذه الطريقة معاها، جحظت عينه ثم ازدرد ريقه، قائلًا بأسف:

– أنا بعتذر ليكي على اللي عملته امبارح، أصل اللي شوفته واللي هي قالته غير كده، ممكن تتقبلي اعتذاري.

رفعت يدها تضربه على كتفه قائلة بنبرة خشنة:

– عيب عليك يا جدع، أقل من شوكولاتة جلاكسي، توبليرون، مش هتصالح.. أنت أخويا برضو.

انفرج ثغره بابتسامة وهو يهز رأسه بالموافقة، وعندما وجد محلًّا ترجل يشتري لها، لكن فاجأها بكيس كبير مليء بكل شيء هي تحبه، أمسكت الكيس بفرحة:

– حبيبي يا وجود، ميرسي ليك كتير.. أنت كده معاك تصريح تزعلني براحتك لمدة سنة.

ثم أكملت بصوت قوي:

– بس اوعى تظيط.

– ما تقلقيش مش هزعلك، بس محتاج منك تعتذري بالنيابة عني لزينة.

– ما تعتذر بنفسك هو أنت اتشليت.

قالتها بحدة بدون قصد وهي تفتح شوكولا. رمقها بحدة مستغربها، فردت باعتذار:

– سوري زلة لسان، أنت لسانك فيك لو مقطوع كنت هقوم بدالك بالطلعة دي.

رمقها أكثر بحدة، فأردفت مسرعة:

– إيه ضاااه، ولا دي كمان إجابة بنت ناس، طيب خد دي.. حضرتك اللي غلطت فيها وأنت اللي لازم تعتذر، على ما أظن حلوة دي.. إياك تزغرلي تاني.

ضربها على رأسها وهو يقود السيارة:

– ما أنا مش عارف ليه حصلها كل دا، ما أنتي أهو زي الفل مع إن الكلام كان موجه ليكي أنتي كمان!

– للأسف تفرق من شخص لشخص، غير أن الظلم من حد أنت بتعتبره هو كل حاجة في حياتك، بيبقى أصعب.

– آها ما أنا عارف إنها بتعتبرني مثلها الأعلى.

رد بدون فهم قصدها، لوت شفتها يمينًا ويسارًا بسخرية وهي تبلغه:

– أيوة طبعًا يا أخويا أمال إيه، إنما أنا جبلة ما يهدليش بال واتنقط لو ما رديتش وأخدت حقي.

★★★★★

بعد انتهاء التمرين، تقف “توتا” في الشارع تنتظر تاكسي، فيقف بجانبها “حازم” وهو داخل سيارته:

– على ما أظن عيب وقفتك كده في الشارع وأنا كده كده رايح بيتكم، وغير دا كله الكوتش بنفسه وصاني إني أوصلك، فلو سمحتي بطلي عند واركبي.


تقف ناظرة بعيدًا عنه وتعتبره لم يتحدث من الأساس، فنطق بخبث:

– شكلك خايفة تضعفي وتقعي في حبي وأنتي جنبي، ويظهر حبي في مراية عيونك.

أراد استفزازها حتى ترد عليه، لكنها التفتت عليه بضيق تقول بضحكة ساخرة:

– أقع في حبك أنت؟!

– يبقى خايفة اتحرش بيكي.

– أنت أصلًا ولا تقدر تلمسني، دا أنا افحت تربتك وادفنك فيها قبل ما تفكر.

– أمال خايفة ليه يا سوبر توتا؟

– مش خايفة.

قالتها وهي تنظر بعيدًا عنه، فقال بذكاء:

– طب ما توريني، واركبي السبع اللي جواكي.

فتحت باب سيارته الأمامي بثقة وغرور ملقية حقيبة أدواتها، وركبت في المقعد الخلفي، أخرجت هاتفها تلعب فيه متصنعة الانشغال، كم كان يتمنى أن تركب بجواره حتى يشعر بكل نفس تستنشقه من الهواء! لكنه سعد أكثر بصعودها للخلف؛ حتى يسرق النظر إليها من المرآه الأمامية، كانت شبح ابتسامته لا تفارقه، أخرج هاتفه يلتقط لها بعض الصور وهي منشغلة لكنها كانت تنظر عليه بطرف عينها، فتقول بشهقة وانفعال:

– أنت بتصورني؟

أوقف السيارة بلامبالاة يرمقها داخل عينها:

– كنت بس عايز أخوف بنت الجيران اللى بتعمل دوشة فوقي.

لم ترد عليه، تحدقه بسخط وتفكر في أي شيء علمه أخوها لها، لكن لا تجد جملة واحدة تأتي في عقلها، فرد عليها وهو يحدجها بنظره:

– اوعي تكوني بتشككي في كلامي.

– اللهم طولك يا روح، امشي وأنت ساكت.

– طيب روحي على أقرب مراية وهتتأكدي بنفسك.

جعلها تشك بذاتها، وسألت نفسها بصوت مسموع وهي تضع يدها على وجهها تتحسسه:

– هو في حاجة في وشي.

رفع حاجبه الأيسر وهو يهز كتفه ويلوي فمه استهزاء، تمسك المقعد الذي يجلس عليه والمقعد الذي بجانبه، تنهض تنظر في المرآة الأمامية وتقول بعدما أصبح وجهها أمام وجهه وأنفاسها تتخابط بوجهه:

– ما أنا قمر أهو، ومن غير ميك أب كمان.

– أمال بتلوميني ليه يا توتا.

قالها بحب بعد أن استنشق كل هوائها بدون أن يبعد نظراته المتعلقة بيعنيها وكان يضع يده على خصلة تاركة شعرها الملفوف حول بعضه بتحكم، وقلبه ترعرع به نبتة من عطرها وأنفاسها، لكنه سرعان ما أصيب بنكسة بسبب احمرار وجنتيها خجلًا، منصدمة من قربه. رجعت بسرعة على مقعدها الخلفي تحمحم بإحراج، بعدما علت أنفاسها ولمعت عينها، هو استدار أمام مقود القيادة يحرك السيارة وهو يزم شفتيه ندمًا على ما قاله، ظلت تنظر داخل هاتفها في صمت، حتى وصلا فيلاتها ودخلا معًا، قالت وهي تسبقه في السير:

– ثواني هبلغ بابا إنك هنا.

أومأ برأسه ولم يقدر على التفوَّه؛ فمنظرها بالقرب منه حتى الآن يسرق أنفاسه ويلجلج الحروف في حنجرته وعقله، حتى قلبه ينبض بسرعة تذهب بأنفاسه، مشيت من أمامه متوجهة إلى غرفة أبيها تخبره عن وجوده، فنهض على الفور من مقعده ليستقبله، وعلى ثغره ابتسامة ترحيب، قام “حازم” من مجلسه حين تقابلت أعينهما، قائلًا بترحاب:

– أهلًا أهلًا، بالبطل اللي شكله مخاصم بيتي، إيه يا ابني هو أنت ما تجيش هنا أبدًا غير لما اطلبك.

تذكر آخر مرة وعدها ووعد نفسه أنه سيبتعد عن حياتها، ولن يقترب من طريقها، يوم عيد ميلاد أخويها العاشر، فرد باستحياء ونبرة تحمل الكثير من الألم، بعدما رفع “مهيمن” يده على كتفه يهزه بخفة:

– معاك يا كوتش، حضرتك عارف المشاغل.

جلس مشيرًا له بالجلوس:

– كنت عايز اتكلم معاك بخصوص البطولة.

– اتفضل يا كوتش.

قالها “حازم” باهتمام، فأخبره “مهيمن” بمطلبه:

– عندي شغل الفترة الجاية دي كتير، وللأسف مش هقدر انزل توتا باسم الأكاديمية عندي، ولا هقدر انزل معاها.

غمر قلبه السعادة والسرور وأردف بابتسامة تملأ وجهه:

– ولا تشيل هم يا كوتش، تنزل تبع فريقي.

– أصيل ومجدع زي أبوك الله يرحمه.

– الله يرحمه.

قالها بحزن، ثم أكمل بإحراج:

– كنت عايز اتكلم مع حضرتك في موضوع.

– اتفضل يا حازم.

– دا بعد إذنك طبعًا، عايز أطلب إيد توتا.

– نعم، ودا من إيه إن شاء الله.

قالتها “توتا” التي كانت تخرج من المطبخ تحمل العصير، بعد إلحاح والدتها عليها بتقديمه، فأكملت بنبرة حادة مرتفعة:

– حد قالك إني مستغنية عن إيدي، ولا إيدي دي سبيل.

فنهض وقف قبالتها يرفع حاجبه بتعجب من حالتها الهائجة مثل الثور، قائلًا بتحدٍ:

– تؤتؤ، مش إيدك بس.. هتجوزك وهتبقي حرم حازم محمد بسيوني الشمندري.

– إلهي تتجوزتك أم أربعة وأربعين، وترقد عليك تاكلك ونرتاح.

– تمام، أدينا هنتجوز وهنشوف مين هياكل مين.

جزت على أسنانها وهي تصدر أصوات غيظها العنيف، وذهبت من أمامهما، فالتفت “حازم” لوالدها:

– رأيك يا كوتش.

قام وضع يده على كتفه وأخذه إلى حديقة الفيلا:

– بعد اللي شوفته دا! تفتكر أوافق عليك إزاي؟

– كابتن، بعد إذنك وافق.. وصدقني مش هتندم.

– أنا واثق إنك بتحبها، بس هي مش هترضى.

– ولا عمرها هتوافق، فلازم نحطها تحت الأمر الواقع.

قالها “مستقبل” وهو يمد يده يصافح أباه و”حازم”، الذي يوجد داخل عينه حيرة واستغراب، فرد الأب باستفهام:

– وده إزاي يا ناصح؟

– نتلكك ليها.

– بالذمة أنت أخ.

قالها “وجود” بحدة وضيق، وهو يجذب كرسيًّا يجلس معهم، فرد أخوه:

– عايزها تتجوز وتستت في بيتها، أبقى غلطان!

رمقه بحدة يعلن عن قيام حرب، ثم أولى وجهه لأبيه:

– أممم، وأنت يا بوب عاجبك الكلام دا؟

– أنا واثق إن حازم بيحبها، ولو ما عملتش كده، مش هتتجوز نهائي.

– يعني أنت لو عندك متعة في قفز مرتفعات فتاخدها ترميها علشان احتمال يعجبها الموضوع بنسبة ضعيفة.

قالها “وجود” بضيق، فأردف “مستقبل” بمزاح حتى يخفف من حدة الحوار:


– الله عليك يا فنان، بس دا التشبيه.. إيه المعنى الحقيقي باللي تقصده!

وصل “وجود” لأعلى مراحل غضبه فتشنجت عضلات وجهه، مطلقًا أنفاسه بقوة قائلًا بتحذير:

– مستقبل ما اسمعش حسك خالص.

شعر “حازم” أن الحوار ما بينهم احتد، فتحجرت الحروف داخل صدره، فهو يعلم بأن صديقه الرزين، عندما يخرج من عباءة الاتزان يصبح التصدي له انتحارًا، كالذي يقف أمام موجة من موجات تسونامي، فأنقذ الموقف:

– خلاص يا جماعة أنا هتصرف.

– ما تزعلش مني يا حازم احنا أصحاب آه، بس إنك ترغم أختي على حاجة، في لحظة الصداقة اللي بنا مش هتمنعني أعاديك عشانها.

نهض مبتسمًا لصديقه وهو يخبره:

– يسعدني إن ليها أخ زيك، وما تقلقش عليها معايا.

– تمام بس لو ما عرفتش تقنعها في خلال ساعة انساها خالص.

أومأ برأسه بثقة وهو يرفع حاجبه الأيمن:

– تمام، إن شاء الله بنفسها اللي هتبلغك بموافقتها، لسه عندك شروط.

هز “وجود” رأسه بنفي، وهو يخبره:

– معاك ساعة من دلوقتي.

ابتسم لهم وانصرف وهو يمسك هاتفه يدون عليه رسالة، وبعد دقيقة استقبلتها “توتا” على هاتفها، تناولت المحمول تفتح النص، اجتاحتها نيران من الغضب وهي تقرأ الرسالة، تقوم تأفف من ذا الذي اقتحم حياتها بغوغائية بدون إذن، لكنها تصرخ بغل تريد سحق كل ما يقابلها، وبعد أن تمالكت أعصابها، خرجت إلى الحديقة متوجهة إلى مكان الذي كتبه لها بالحديقة:

– ممكن افهم إيه اللي بعته ليا.

تسطح على الأرجوحة بأريحية قائلًا بلامبالاة:

– أعتقد إنك فهمتي اللي كتبته كويس، بدليل إنك قدامي أهو.

– أنت عايز تعمل معايا ديل رخيص، قدام إنك توافق تاخدني معاك البطولة.

أومأ برأسه وهو يضع ساقًا على الأخرى، فتنهره بحدة وهي تلوح له بيدها:

– يعني لو ما وافقتش اتجوزك مش هتاخدني.

هز رأسه وهو ينظر إلى نجوم السماء التي تتلألأ أمامه، وضعت سبابتها داخل فمها تعضه حتى تفرغ فيه شحنة غضبها، ولا تتسرع في الرد وتضيع حلم حياتها في لحظة، وبعد أن تريثت في ترتيب ردها، تردف وهي تزفر أنفاسها المحبوسة:

– ديل، تاخدني معاك للبطولة وأنا اتجوزك.

– اوعي تفتكري هجوزك لجمال عيونك، مطلوب في شغلي الجديد إني أكون متجوز.

– آه طبعًا، عارفه عارفة.. أنت هتقولي، بس شغل إيه دا اللي بيشرط على الموظفين!

قفز سريعًا من على الأرجوحة، يقترب نحوها متفوهًا بصوته الأجش:

– أنتي هتبدي تحبيني وتغيري، وتسألي رايح فين وجاي من فين، والمواضيع الهبلة دي؟

– أحبك! لا بجد ضحكتني، كان سؤال عابر مش أكتر وخلاص مش عايزة أعرف، موافقة على الديل لمدة شهرين بس زي ما أنت كاتب في المسدج.

يفتح راحة يده يصافحها مرددًا:

– ديل، بس مش ممكن أنتي اللي ترجعي في كلامك وتبقي عايزة تكملي.

– نجوم السما أقربلك.

حك ذقنة مبتسمًا وهو يخبرها:

– لما نشوف، عليكي دلوقتي تروحي لوجود وباباكي وتبلغيهم إنك موافقة، تمام يا عروستي.

رفعت يدها حتى تلكمه، أبعد جسده ذاهبًا من أمامها وبداخله سعادة العالم من التي استحوذت على قلبه من صغرها؛ فهي ستكون أخيرًا على ذمته، وملكة على عرش قلبه قبل منزله، ثم يحدث نفسه بعزم وثقة:

– وأنا أتحداكي يا توتا، ونشوف مين نفسه أطول من التاني.

قبضت راحة يدها بغضب تصب غضبها على الحائط من ذاك الأهوج، ثم ذهبت بعد دقيقة نحو أبيها ترسم ابتسامة بتفنن، فبادلها الابتسامة “وجود” قائلًا بتحدٍ:

– شوفتوا أهي جاية بتضحك كسبت الرهان، أختي وأنا عارفها عمرها ما هتواف…

قاطعته بالابتسامة نفسها تخبره بمزاح:

– اسكت مش أنا وافقت.

اعتلت الدهشة ملامحه وهو يرفع يده يمسح طرف أنفه بإحراج، فيردف بعدم تصديق:

– لا، احلفي!

– والله.

زفر بضيق من تهورها، ثم تحدث بلوم وعتاب وهو يرفع جانب شفته العليا:

– إزاي، لا مش معقول! هو عملك غسيل مخ، انطقي ما تخافيش وأنا اروح امسحله ذاكرته كلها.

– ما قالتلك موافقة بكامل قواها العقلية، عايز إيه تاني.

هتف بها “مستقبل”، وهو يقف مبتسمًا ويلوح بيده لأخيه، الذي يكاد أن ينشق دماغه من رأيها غير المتوقع إطلاقًا.

نهض والدها يقف أمامها يمسك وجهها بحنان:

– قلبي، حتى لو اتجوزتي البيت دا هيفضل بيتك، وحضني أمانك، ودراعي سندك، اوعي في يوم تنامي زعلانة ولا دمعة تنزل على خدك منه، اتصلي بيا وأنا أجيلك لو فين، أملصلك ودانه، فاهمة.

– ودانه بس.

– إيه مش كفاية؟

لم تجِبه، فتدخل داخل أحضانه، تسيطر على دموعها التي تهدد بشق طريقها لتنزل أسفل حشائش جفونها السوداء، فهي ما زالت تتذكر ذكريات الطفولة، واغتصاب فهد لها مسببًا عقدة من الرجال جميعهم.

رفع “مهيمن” وجهها بأناملة يتعمق عينها الدامعتين، فتجيبه بهمس:

– اوعى تفتكر جوازي هيبعدني عنك، أنت الخير والبركة ومحدش هيسد مكانك أبدًا.

ضمها بين ضلوعه بحنان، فهتف “مستقبل” بمزاح:

– إيه جو الستينات دا، دي لازقة بغرا في أم البيت، فبلاش جو القهوة فارت، والموجة خبطت في الشباك.

– لا وأنت الصادق دا جو رخيص منك يا واطي، دا أنا أختك وهسيبك بدل ما تقعد تعيط وتقول احنا من غيرك ولا حاجة.

– في دي عندك حق، مين هيعملي التشيز كيك من بعدك ياختييي.

– امشى يا ولا من قدامي، بدل ما ارتكب جناية.

أمسكها “مهيمن” وهو يضحك، وظلوا وقتًا كبيرًا يتسامرون ويضحكون معًا، لكن أفسد عليهم هذا صوت صراخ “نايا” التي كانت تصرخ بأعلى طبقاتها:

– مهيمن.. وجود.. الحقوني.

google-playkhamsatmostaqltradent