Ads by Google X

رواية اغصان الزيتون الفصل الثالث و الثمانون 83 - بقلم ياسمين عادل

الصفحة الرئيسية

    رواية اغصان الزيتون كاملة بقلم ياسمين عادل عبر مدونة دليل الروايات 


 رواية اغصان الزيتون الفصل الثالث و الثمانون 83

||^ أغـصان الـزيتـون ^||
الفصل الثالث والثمانون :-
الجُـزء الثـاني.
“الحُب يُعمي عينا صاحبهِ؛
والغضب أيضًا.. يجعل منكَ كفيفًا.”
_____________________________________
كان ينظر إليها بعمقٍ تلقائي، دون أن يشعر بنفسه أو بمرور الوقت الذي مضى في النظر إليها. منذ أن فتح “حمزة” عينيهِ وقد بدأت الشمس تظهر في السماء وهو على تلك الحالة، بينما هي سابحة في نوم ثقيل جواره، وعلى ما يبدو إنها سهرت هكذا الليل كله، حتى تسلط عليها النوم في النهاية. أطبق “حمزة” جفنيهِ محاولًا استعادة رغبته في النوم، للتخلص من ألم الرأس الذي حطّ عليه فأوقظه من عمق نومه، ثم وضع رأسه على ذراعها، دون أن يسأل نفسه لماذا؟.. لماذا وجد راحتهِ البديلة في قربها، بعدما فقد كل معاني الأمان من حوله، وتبدد اطمئنانهِ لتتحول حياتهِ لكابوس لعين يودّ لو يستيقظ منه، فتعود حياتهِ الهادئة لسابقتها.
مرت ساعات الصباح في سرعة غير مشعور بها، حتى وصلت أصوات “زين” لآذان “سُلاف”، فـ انتبهت مستشعراتها الحسيّة، وفتحت عيناها لتُدقق السمع إن كان صوت طفلها أن لا، ثم بدأت تعتدل في نومتها الغير صحيحة لتكتشف آلام ظهرها، ثم ذلك الثِقل الذي حطّ على ذراعها، فـ التفتت رأسها لتراه نائمًا مستغرقًا في أحلامهِ. عضت على شفتيها في ترددٍ، ثم سحبت ذراعها رويدًا رويدًا حتى استعادته، ونهضت من جواره لتخرج في عجالةٍ وتلحق به.
****************************************
كان غاضبًا من نفسه لأقصى درجة، يلومها ويجلدها بسياطٍ من تأنيب الضمير على إنها اختُطفت من بينهم عن طريق خطة لم يستغرق الإعداد لها وتنفيذها أكثر من خمسة عشر دقيقة، بينما هم في غفلةٍ بما يدور من حولهم. استند “عِبيد” برأسه على يداه، رأسهِ مذمومة مغلفة بطبقات الشاش الطبي، وكل تفكيره معها هي، أين ذهب بها وماذا تفعل؟.. هل أصابها مكروه أم إنها قيد الحياة مُعافاه وسليمة؟. أبعد “عِبيد” رأسه عن يدهِ والتفت ينظر نحو “مصطفى” ليقول :
– وبعدين؟.. هنفضل قاعدين كده من غير ما نعمل حاجه!
كان “مصطفى” قد كرّس بالفعل كل مجهوداته الفكرية للتفكير في كيفية إنقاذها؛ لكنه لم يخشى أبدًا إصابتها بأي مكروه، وهو على يقين أن الجنون لن يترأس عقل “حمزة” ويدفعه لإرتكاب جريمة بحقّها :
– راغب بيدور عليهم يا عِبيد وهنوصل لها في أقرب وقت، أنا عارف إن الحيوان ده عمره ما هيقدر يأذيها.
تأفف “عِبيد” بتذمرٍ ونهض عن جلستهِ بإندفاعٍ سببّ وخزاتٍ موجعة لرأسهِ، فتحسس مؤخرة الرأس وهو يهتف معترضًا :
– أنا بقى مش عارف أكون متأكد كده!.
– أهدى يا عِبيد، أنا كل تفكيري دلوقتي بعد كشف راغب ليهم بالكامل إزاي أسحب ولادي من غير أي أذى ليهم، واللي فاضل هيتحل من غير أي تدخل مننا زي ما اتفقنا.. أنا مبقتش مطمن لوجود سُلاف جمب حمزة.
أيّد “عِبيد” رأيه وبشدة، بعد تفاقم مخاوفه حول ما ستلاقيه “سُلاف” مع استمرار تواجدها بين نيران الحرب :
– ولا انا كمان، أنا شايف كفايه عليها كده.
تلوت شفتي “مصطفى” متوجسًا بخيفة من ردة الفعل التي سيواجهها منها بعد طرح ذلك القرار عليها :
– بس هي توافق!.. أنا عارف دماغها ناشفة.. عملت إيه في موضوع صلاح؟.
ابتلع “عِبيد” قرص مسكن للآلام برشفة مياة، ثم عاود النظر إليه وهو يؤكد على سير المهمة في خطّ مستقيم :
– كله تمام، فاضل شويه وقت قليلين أوي وصلاح يوصل لشعبان، وبعدها هيعرف كل حاجه.
مسح “مصطفى” على ذقنهِ الكثيفة التي خالطها الشيب، وقد بدا عليه شئ من القلق وهو يقول :
– أهم حاجه يا عِبيد إن الموضوع يخلص في أقصر وقت ممكن، أنا عايز أخلص من صلاح و نفوق بقى.
-هانت وهيحصل قريب يا باشا.
– أتصل براغب خلينا نعرف وصل لحاجه ولا لسه.
**************************************
تثائب مُطيحًا بذراعيه في الهواء، وقد بدأت آلام رأسه تعاودهِ بشكل أكثر قساوة، فرك عينيهِ أولًا، واستلزم الأمر منه بضعة لحظات كي يستعيد استيعابهِ. ضغط على رأسه بكل أصابعهِ، ثم همس لنفسهِ قائلًا :
– إيه الوجع الفظيع ده!.. كأني واحد مبتدئ على الخمرة!!.
انتصب من نومتهِ ووضع قدماه على الأرض، ملقيًا كل ثقلهِ على ساقيه ليقف، فـ صدحت منه صرخةٍ مدوية قبل أن يترك جسدهِ يتهاوى على الفراش من جديد، ولم ينتبه أبدًا أن قدماه مغلفتان كُليًا بالشاش، إلا بعدما نظر المصدر الوجع المميت الذي ضرب قدماه فجأة. انفتح الباب بغتةً، وظهرت من خلفه “سُلاف” وقد أتتهُ هرولًا، ومع النظر لحالتهِ تلك تفهمت على الفور مصابه، فـ دلفت إليه وهي تقول :
– انت مش واخد بالك إن رجليك مربوطة؟!.
كان منفعلًا وآثار الإحمرار المتوهج على بشرته وهي يهتف بخشونةٍ :
– مين اللي عمل في رجلي كده!؟
فكان جوابها صادمًا بعض الشئ :
– انت.
أحس جوابها هازئًا منه، فـ استقام من ميلتهِ وهو يرمقها بغيظٍ لم يواريه :
– انتي بتهزري معايا؟!.
بدت حادة بشكلٍ كبير، وهي تجيب على سؤاله :
– وانا ههزر معاك ليه!!.. انت اللي عملت في نفسك كده لما دوست على الإزاز المكسور، وانا كتر خيري إني طهرت الجروح وربطهالك.
ابتسم متهكمًا منها وعيناه تُمشّط هيئتها المُنمقة :
– غريبة!.. واحدة جاحدة زيك ميطلعش منها الخير ده كله.
لم تصبر على تطاولهِ، وحذرته من التمادي في حقها لأكثر من ذلك :
– أسمع، لو انت فيك لسان أنا عندي عشرة، وهرد على الكلمة بـ ١٠٠.. ملهوش لزوم الكلام السم ده بدل ما تقولي شكرًا.
أشاح بوجهه عنها وهو يغمغم بـ :
– ده اللي ناقص!.. أشكرك عشان طلعتوني مغفل.
ثم نظر إليها من جديد وسأل بحزمٍ جاد :
– انتي جيبتي منين اللبس الجديد ده!؟.
بصراحة مطلقة كانت تجيب :
– نزلت المول جيبت شويه حاجات ليا أنا وزين.
ارتفع جاجبيه مذهولًا من تلك البساطة التي تتحدث بها، وكأن الأمر عاديًا وسط الوضع المتأزم بينهما :
– انتي فاكرة نفسك جايه تقضي الويك إند مع العيلة!.
– والله أنا نزلت أجيب لبن لأبني، عشان انت سحبتنا وراك لمكان زي ده من غير حتى ما تفكر في النتايج.
تحامل على نفسهِ ووقف على أقدامهِ دون أن يدعس بقوةٍ، وسألها بترقبٍ :
– وإزاي خرجتي وانا قافل الأبواب كلها؟؟.
قبل أن ينهمك عقلهِ في التخمين كانت ترد بـ :
– الراجل بتاعك كان معاه نسخة فتح لنفسه بيها وخليته يخرجني.
استمع كلاهما لصوت إغلاق الباب بالخارج، فـ خرجت “سُلاف” وفي أعقابها خرج “حمزة” متعرجًا، يحاول ألا يضغط على قدماه بقوةٍ رغم أن الألم يحاوطه بكل الأحوال. وضع “زيدان” الحوائج التي أحضرها على الطاولة الصغيرة مبتسمًا لرؤية “حمزة”، وكأن وجهه هللّ مشرقًا :
– ألف لا بأس عليك ياأبو البشوات، إيه اللي صابك؟.
تجاهل “حمزة” كل ما قاله وهتف مزمجرًا :
– إيه اللي خلاك تنزلها؟! هو ده اللي أمرتك بيه؟!
وزع “زيدان” نظراته الحائرة بينهما، وهو يردف مبررًا :
– ماانت كنت سايح في دمك والعيل الصغير كان على صرخة واحدة من الجوع وعايز يرضع!.. أنا كنت هعمل إيه يعني!.. كان لازم نروح أي أجزخانة.
تأففت “سُلاف” وهي تتجاهل حوارهم، وحملت الحقائب كي تدخل بها للمطبخ مباشرة، بينما دنى “زيدان” من “حمزة” كي يوافيه بتقرير قصير :
– هي صحيح حرباية ملونة، بس امبارح كانت قلقانة عليك خالص.. هي اللي نضفت الجروح وربطت على رجلك ومرضيتش تسيبني أساعدها.
ذمّ “حمزة” شفتيه قبل أن يهتف :
– شعور الإنسان بالذنب يخليه يعمل أكتر من كده.
غمز له “زيدان” وهو يعقّب قائلًا :
– لأ لأ، دي مش شفقة ولا ذنب، دي حاجه تانية كده أكيد انت تفهمها عنّي.
ربّت “حمزة” على كتفهِ بقوةٍ وهو ينفي وجود أي مشاعر أخرى غير التي فسرها هو :
– انت مش فاهم حاجه، أحسنلك تسكت وتيجي ورايا من سكات.
سار “زيدان” خلف خطوتهِ ببطءٍ، حتى دخل “حمزة” لغرفة ضمن غرفهِ وأغلق عليهما الباب، ثم التفت إليه ليقول :
– أنا عايزك في مهمة.
ضرب “زيدان” على عنقهِ گتعبير عن افتدائهِ برقبته :
– رقبتي سدادة، بس لامؤاخذة الست الأستاذة بضعت بمبلغ وقدره وقالتلي ان الحساب معاك.
ارتفع حاجبي “حمزة” بتعجبٍ، فتدارك “زيدان” خطأه و :
– أقصد يعني خيرك سابق، بس الفواتير دي على مين يعني؟؟.
نفخ “حمزة” بإنزعاج وهو يسأله :
– أنجز دفعت كام؟.
أخرج “زيدان” ورقة مطوية من جيبه، كأن قد كتب فيها إجمالي قيمة المدفوعات التي سددها بدلًا من “سُلاف” :
– بالصلاة على النبي كده ٢٣ ألف جنيه من غير الفاكهة واللحوم.
انفعل “حمزة” على حين غرةٍ :
– نعم ياروح امك؟؟؟ ٢٣ ألف جنيه ليـه ان شاء الله؟؟ اشتريتوا المول كله!.
-ياباشا دي جايبة حتة چاكتة بـ ٦٨٠٠جنيه وحياة راس أمي المرحومة عفاف ألف رحمة ونور عليها.. دي ولية مفترية، آه والله.
صاح فيه “حمزة” ليكفّ عن ثرثرتهِ :
– بــــس خــلاص.. كفاية رغـي.
أخرج “حمزة” حقيبة جلدية من خزانة الملابس الفارغة، ووضعها على المنضدة الصغيرة ثم فتحها أمامه، ليرى “زيدان” باقات من النقود مرصوصة بداخل الحقيبة، فـ اتسعت عيناه عن آخرها وهو ينظر للمال بنهمٍ شديد :
– إيه ده كله ياباشا؟؟؟.
صفق “زيدان” يداه معًا، وقد انفرجت شفتاه عن آخرها :
– دي شكلها هتلعب، تجارة ولا…..
فاجئه “حمزة” بجواب لما يكن يتوقعه :
– عايزهم في قضية.
تلاشت تعابير الفرحة عن وجه “زيدان”، وسأله في اعتراضٍ ناقم :
– يعني إيه ؟؟.. هترمي النعمة دي على الأرض؟!
كانت عيناه تلمع ببريق شرٍ وهو يجيب :
– أرمي عمري لو الأمر تطلب ده، بس حقي يرجع.
فسأله “زيدان” بصراحة :
– راغب ؟.
فكان الجواب شفافًا واضحًا :
– هنلبسه قضية.

google-playkhamsatmostaqltradent