رواية قدري المر كاملة بقلم سارة فتحي عبر مدونة دليل الروايات
رواية قدري المر الفصل التاسع 9
بعد مرور ثلاثة اشهر
كم هى غريبة تدابير القدر، وكم هى يمكنها أن تفاجئك فى
لحظة كانت على وشك أن تبدأ حياتها مع رجلًا فيقتحم اخيه حياتها
حبيسة داخل قوقعتها لا تريد الخروج منها، تريد الهروب من كل الأحداث التى مرت عليها كالجحيم، لاتريد أن
تسمع شيئًا أو ترى أحداً، شئ فى داخلها تهشم تكاد
تسمع صوت التهشم بأذنيها
تريد الصراخ بل تريد العويل هى مذبوحة مقهورة
لا زال المشهد يتكرر امام عينيها وكل كلماته عالقة بين جدران قلبها، يتردد صداها بين ضلوعها كخنجر
ولج والدها بملامح باردة هاتفًا:
-هتفضلى قاعدة كدا كتير؟!
جحظت مقلتيها من رد فعله اللامبالى فحدثته:
-اعمل ايه أنا حياتى باظت من قبل ما تبدأ وانت كنت السبب كل مرة بتصر على رأيك وأنا اللى اتحملت كل دا
كانت تحدثه بعصبية فصبرها وصل إلى نهايته فهى تحملت نتيجة قراراته الخاطئة، اجابها بنفس عصبيته:
-قعدتى تقولى أنا أنا لحد ما الجوازة باظت، إرتاحى أنا
كلمته هو وخاله عشان الطلاق وهو وافق ارتاحتى كدا
اكيد مراته التانية مش عاملة زيك غاوية نكد
سرت قشعريرة بجسدها من كلمة الطلاق، أغمضت عيناها
واخذت نفسًا عميقًا فانحسر بين ضلوعها وخرج مصحوب
بسعال ودموعها تنهمر بقهر
*****
-مالها روان
تلك الجملة قالها مروان لخاله الذى سأله فجأة:
-هيكون نظامها ايه يا بنى أنت كدا ظلمتها
تنهد بأسف قائلًا:
-دي حقيقة عشان كدا لما أبوها طلب الطلاق مقدرتش
اعارضه وهتأخد مؤخرها وكل حاجة بزيادة كمان
كتعويض واللى هيطلبوه هنفذه
تزامنًا مع إنهاء كلماته جاء رامى لينضم إليهم ساد الصمت للحظات، ثم سأل خاله رامى::
-أنت يا رامى كنت شاهد فى عقد الجواز يابنى
-آه يا خال كنت شاهد ويعلم ربنا أنا كنت عايز ريان
يقولكم واتحايلت عليه كتير، بس مسمعش منى وكان
مضطر يكتب الكتاب
خاله هز رأسه بأسف ثم سأل مروان:
-طب ونورهان هتعمل إيه ياابنى؟!
تحمحم قائلًا:
-مالها يا خال، ادعلها تقوم بالسلامة اللى فى بطنها ولد
يعنى عوض عن ريان الله يرحمه، وأكيد هتربى
أبنها وسطنا وهى مش هتسيبنا
ابتسم خاله بسخرية وهو يقول:
-أكيد أكيد أومال هنفرط فى لحمنا
*****
دلفت نورهان إلى الشرفة تحمل صينية يعتلياها كوبان
من الشاى، كما اعتادت أن تفعل كل يوم بعد الغداء
وضعتهما وخرجت منها
أنة خافتة، فتنهد مروان
-مش بتسمعى الكلام ليه أنا قولتلك ريحى نفسك
عشان صحة البيبى أنا هااجبلك من بكرة حد يساعدك
-دا التعب بتاع الحمل عادى، وبعدين القاعدة فى البلكونة
ترد الروح جو اسكندرية حلو أوى
ألا بحق هو بعد الولادة هنعيش فين؟!
ابتسم بهدوء وهو يرتشف من الشاى قائلًا:
-المكان اللى يريحك طبعًا، هو اول كام شهر هيكون هنا
وبعد كدا قرارك يعنى هنا أو هناك براحتك
اخفضت رأسها وهى تقول:
-معاك
ابتسم بإتساع قائلًا:
- يبقى هنا وهناك
تشعر بالإنتصار وتأثيرها عليه ما يشغل بالها انتهاء الحمل
حتى ينتهى معه هذا التباعد
صدح صوت الجرس فهمت لتفتح الباب لكنه أمرها ألا
تتحرك ونهض هو ليفتح الباب لتنزل عليه الصاعقة
روان تقف أمامه لثوانٍ لا يعرف كيف يتصرف شلت
الصدمة تفكيره حتى سألها بجمود:
-انتِ ايه اللى جابك هنا
لم يخرج صوتها بل كانت تنظر له بإحتقار وأشمئزاز
لكن ذلك لم يزيده الا ضيقًا فعاد يزمجر بها::
-بقولك أيه اللى جابك هنا؟!
-عايزة أطلق، عرفت إيه اللى جابنى
صرخت بصوت عالٍ مما جعل من تجلس فى الشرفة
تأتى من الداخل كانت تحدجها بشماته ثم اقتربت
تقول بهدوء:
-مروان تعالوا جوه كدا مينفعش الناس تسمعنا
كل شئ يتحل بالهدوء
أستدار مروان وأغلق الباب خلفه ثم امسك بهاتفه الذى
صدح رنينه وهو يقول:
-أدخلى فى بضاعة مهمة هأمن عليها وبعدين نشوف حوارك
غاب فى مكالمته، أستغرق أكثر من نصف ساعة، كانت روان تحدقها بإحتقار كانت ترتدى ملابس ملتصقه بجسدها ومساحيق التجميل تغطى وجهها، أم الثانية كانت تجلس على المقعد وهى ترمقها
ببرود مستفز، دقائق وقد انضم مروان ليسألها:
-خير قولتى عايزة ايه؟!
حاولت أن تتحكم بدموعها وإنهيارها فأجابته بإختناق:
-عايزة أطلق وأظن دا أبسط حقوقى
-وأنا قولت لوالدك إنى مشغول الفترة دي عندى حاجات
مهمة، هاأخلصها وأنزل البلد أطلقك واخلصك لازمته
ايه إنك تيجى لحد هنا
صرخت به بهياج :
-انت معندكش دم، معندكش إحساس، إنت فاكر نفسك
مين مش مكفيك اللى عملته كمان عايزنى أستنى لحد
ما حضرتك تحن وتطلقنى أقسم بالله واللى خلق الخلق
لو مرمتش اليمين دلوقتى لأكون رافعة القضية
قاطعتها نورهان بخبث:
-لأ لأ كدا مينفعش مهما كان صوتك ميعلاش كدا عيب
-مبقاش غير انتِ اللى تعلمينى العيب والصح كمان
قبض مروان على يد روان، وهو يقول بشراسة:
-خلصتى كلامك اللى عندك اعمليه، واتفضلى زى ما جيتى أمشى
******
ما أن خرجت من الشقة وهبطت عدة درجات شعرت
انها غير قادرة على الحركة خارت قواها وجلست على
الدرج ساكنة لا تتحرك سوى دموعها الحارقة بحرارة بركان من الألم تنحت على وجنتيها نفقًا من الخذلان، كل
جزء بجسدها يئن، حاولت أن تتحامل على نفسها
لتقف الألأم تتكالب عليها، وقفت اخيرًا وهبطت
اسفل البناية كانت تبكى بحرقة غير عابئة بالمارة
فى هذه الأثناء هبط كل من طه وزوجته من سيارتهما
ينظروا إليها بإستنكار:
-ايه دا روان مالك بتعيطِ فى الشارع كدا ليه؟!
جذبتها زوجته معاها للسيارة هاتفة:
-تعالى جوا العربية نتكلم براحتنا
سردت لهما أنه تزوج عليها دون الدخول فى التفاصيل
فشهقت مها وهى تقول:
-مش بقولك مروان حاله متلخبط وبقى غريب اليومين دول
-أنا عايزة ارفع على مروان قضية
ربتت مها على كتفها بروح المقاتلة من أجل
الثأر لمرأة مثلها هاتفة بشراسة:
-بالظبط دلوقتى حالا هنطلع على المحامى ابن خالتى
وهيجبلك حقك
جز طه على اسنانه هاتفًا:
-طب اهدوا وأنا هاكلم مروان وافهم الموضوع
كانت دموعها تنهمر كالسيل همست:
-,كل حاجةانتهت ومافيش تفاهم
-بقولك يا طه هو عشان صاحبك خليك حقانى هتتحاسب
قدام ربنا لو موقفتش جنبها
انهت مها كلامها ومدت يدها نحوها بمحرمه ورقيه قائلة:
-اهدى يا روان عشان خاطرى والله انتِ غالية عليا اوى
وعمار ابنى بيحبك
ازدادت الدموع الساخنة على وجهها، اوصلهما طه
على مكتب المحامى، بعد وقت طويل تمالكت نفسها
وبدأت تستجيب لأسئلة المحامى قائلة:
-ايوة عايزة اتطلق للضرر لأنه اتجوز عليا ودا وضع
ماأقبلش بيه
تحمحم المحامي قائلًا؛
-متقلقيش القضية طالما فيها جواز سهلة وعشان مها
فاسرع وقت هتكون خلصانة
-والاتعاب حضرتك
ابتسم المحامى وهو ينظر لعيناها:
-اسمى رائد
وبعدين عيب دا انتِ تبع بنتى خالتى
هزت رأسها بالنفى والحزن يخيم عليها:
-لأ معلش لازم ألا هشوف محامى تانى
تنهد وهو ينظر إلى ملامحها المتألمة هامسًا:
-طب هجبلك الطلاق وساعتها هتكلم فى اتعابى
ابتسمت مها قائلة:
-رائد عمره ما خسر قضية
تنهد رائد وهو يهمس بصوت بالكاد يكون مسموع:
-بس المرة ديه خسرت
كان طه يرمق الموقف بإمتعاض كان يشعر بتغير صديقه
ولم يعلم أنه أصبح بدون مشاعر هكذا
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية قدري المر ) اسم الرواية