رواية قدري المر كاملة بقلم سارة فتحي عبر مدونة دليل الروايات
رواية قدري المر الفصل الثالث 3
الحياة تسير ولا تتوقف والوقت يمضى، وشعور السُخط بداخلها يتزايد..
عاد من عمله وما أن ولج تسمرت عينيه على شعرها الأسود الكثيف
المموج يصل حتى أسفل ظهرها، وما أن شعرت به
أستدارت ترمقه بغضب، بينما هو ولأول مرة يتأمل
ملامحها المشرقة، والنمش يحتضن وجهها، شعرها مع وجهها كانت لوحة فنية كأنها ملكة إغريقية
لكنها كشرت أنيابها كوحش كاسر لتقطع لحظات
تأمله هاتفة :
-اسمع أما أقولك أوعى تكون فاكر عشان جيبتنى
من البلد هتدوس عليا لا أنا إستحالة أقبل ومش
هتحبس هنا أقسم بالله اصرخ وألم عليك العالم
أقترب منها يقف أمامها وعينيه تطلق شرار شعرت
بالرهبة فاقترب منها أكثر فرفعت عيناها لترى عينيه
السوداء المحاطة بالرموش الكثيفة، كانت عينيه أجمل
عن قرب همس من بين أسنانه:
-لسانك طويل وعايز قصه
استعادت ثباتها ودفعته كلبؤة شرسة:
-انت مشترتنيش بفلوسك
تركها ثم خبط على الطاولة بعصبية هاتفًا:
-انت ليه مصرة ومصممة تخرجى اسوأ ما فيا يابنت
الناس متعرفيش تخليكي في حالك
-رجعنى البلد رجعنى البلد هاأقعد هناك وانا هااخليك في حالك
أنهت جملتها تزامنًا مع طرق الباب رمقها بطرف عينيها ثم
توجه نحو الباب لكنه توقف يرمقها
-هتقفى كدا كتير أدخلى جوه
رمشت عدة مرات فطريقته الفظة جعلتها تود الصراخ
به لكنها لم تفعل وأتجهت للداخل، فتنهد وهو يمضى
ليفتح الباب، فوجد صديقه وزوجته مها وأبنهما الصغير عمار، ضحك طه قائلًا:
-ايه يا عريس صوتك جايب لأخر الشارع ليه؟!
لكزته زوجته فى كوعه فأبتسم مروان بتهكم
- متتعبيش نفسك يامها دا مش متربى، أتفضلوا
وما أن ولجوا كان طه يدور حول نفسه بإنبهار هاتفًا:
-الشقة بقت كدا إزاى ايه النظافة دي؟!
لا أكيد دا شغل العصايا السحرية
جذبته مها من معصمه ليجلس بجوارها فنهض مروان
متجهًا نحو غرفتها طرق الباب ثم نظر نحو طه الذى
كان يراقبه فأدار المقبض وولج دون استئذان
-دا صاحبى ومراته، إلبسي حاجة وتعالى عشان تسلمى عليهم
-كل حاجة أوامر عندك
فرك وجه متسائلًا:
-فين الأوامر بقولك تطلعى تسلمى على الناس
-إسمها لو سمحتِ
رفع حاجبه ثم أمال رأسه نحو اليسار قليلًا قائلًا بتحدٍ:
-دقيقتين وتكونى برا
فى الخارج
جلس عمار على ساق مروان هاتفًا:
-وحشتنى أوى يا مروان
-وانت اكتر يا عمار اخبارك أيه
قبل أن يجيبه كانت تخرج هى من الداخل بابتسامة هادئة
مدت يدها لتصافح مها، فاسرع طه يمد يده ليصافحها
فاطرقت رأسها ولم تمد يدها هامسة بإحراج:
-اهلًا بحضرتك
لا يعلم مروان لماذا شعر بسعادة تغمره، تحمحم طه
قائلًا:
-أنا عرفت أن مروان مروح بدرى قولت
تلات بالله ما يحصل لازم نيجى نقعد معاكم
توسعت عين مها بصدمة هاتفة بعصبية:
-أنت بتقول ايه؟! مش قولتلى أن مروان هو اللى محدد
الميعاد من يومين، انت مش هتتغير والله هتموتنى
اجابها إبنها الصغير:
-حراام عليكِ طاطا دا قمر انتِ اللى على طول تصرخى
فينا وتقولى عايزة تطفشى
-اهو إبنها شهد عليها أهو أهو
ضحكة رنانة أخترقت اذنها، أذلك الرجل يضحك؟!
ولماذا دائمًا يُكشر عن أنيابه معاها، هزت مها رأسها
بيأس بينما هو هتف:
-أنا قولتلك يا مها من زمان سيبيه أصرتى عليه ودي
النتيجة
ضحك طه قائلًا:
-يا جدع خليك محضر خير
ثم تابع موجهًا حديثه لروان:
-أنا ومها ومروان كنا زمايل من الجامعة
هزت رأسها ثم نهضت وهى تقول:
-ربنا يديم المحبة بينكم
انصرفت نحو المطبخ وغابت بضع دقائق واحضرت صينية
بها اكوب عصير وقطع كيك كان أول من مد يده عمار
ليتناول قطعة كيك وما أن تذوقها صاح بفرحة:
-الله كيكة جميلة غير بتاعة ماما المحروقة
رفع طه يده قائلًا:
-اهو بردوا جت من إبنها
وضعت الكيك فى الاطباق ووزعت عليهم وبقى هو مدت
يدها له بتردد فأخذه منها وتناول الشوكة وبدأ فى تذوقها ليلوكها فى فمه بتلذذ، كان طعمها حلو بحق حلو لم يتذوق قطعة كيك حلوة مثلها اخذ يُكملها بنهم، انتبه على نفسه أنه أكل صحنه بالكامل ووضعه بإحراج يتلاشى النظر إليها
انقذته مها قائلة:
-بجد روعة انتِ لازم تعلمينى يا روان بقى اتفقنا
ثم تابعت قائلة:
-احنا هنستأذن وإن شاء الله هنستناكم عندنا الخميس
الجاى
توسعت عين طه قائلًا:
-هنروح فين ونسيب الكيكة دي
-يارب صبرنى
تمتم طه بصوت منخفض قائلًا:
-يعنى لا منك ولا كفاية شرك
ثم أكمل بصوت مرتفع وهو يوجه حديثه لروان:
-تسلم ايديكِ على الكيك وعلى الشقة حقيقى كانت مقلب
زبالة
رمقت مروان من فوق انفها، أمتعضت ملامح مروان هاتفًا:
-يلا يا طه قوم امشى
بعد أن وقف على اعتاب الشقة مال طه على مروان قائلًا:
-بس ليها حق الحاجة تصر عليك العروسة قمر
براكين بداخله توحشت عيناه واصبحت قاتمة السواد
كليلة شتوية غاب القمر فيها هتف:
-طه إياك تعيد الكلام دا لحد هنا ومش بقبل هزار
*****
يجلس فى مكتبه يفكر فى كلام طه معه كل الحق
فقد تحول البيت إلى جنة بعد أن كان أقرب إلى
مقلب القمامة، لم يتخيل أبدًا أن تتغيير قناعته عن
الزواج ليندثر تفكيره العقلانى، لتحتل مشاعر جل
منابع التفكير، إذا كانت هذه أبسط واجبات الزواج
فكيف يكون الزواج المكتمل، فقد تجرد من ثوب
البلوغ وتملك منه ثوب الطيش
هز رأسه سريعًا ينفى الفكرة وكلمة عاهرة تسيطر
على عقله بغضب لو بيده لحرقها حية
أندفع الباب بحدة وولجت تنظر له بنيران مستعرة
بغضب تشب وتلتهب بداخلها هاتفة:
-أنا ممكن أفهم الحبس دا هيتفك امته وأنا محبوسة
هنا بتهمة أيه؟!
نهض مسرعًا ليمسك عضدها ويهزها بقوة قائلًا:
-انتِ ازاى ترزعى الباب وتدخلى كدا انتِ فاكرة نفسك
فى زريبة هنا
أحست وكأنها تضاءلت حجمًا أمام ضخامته وكتفيه العريضتين، لكنها هتفت بحدة وكبرياء شامخ:
-ما هى كانت زريبة فعلًا وأنا اللى نضفتها ممكن
انت اللى ترد على سؤالى اخرة الحبس دا ايه
أحتقن وجهه بالدماء بسبب تعمدها إهانته لكنه اجابها
بحدة:
-طبعًا انتِ اللى زيك مش متعودة على قعدة البيوت
عايزة تلفى هنا زى هناك بس هناك كان بحجة الشغل
صدرها يعلو ويهبط بانفعال:
-قصدك أيه باللى زى قصدك إيه
وبعدين ألف يعنى ايه بحجة الشغل، انت ايش عرفك بلف
ولا أروح الشغل، أنت ازاى تغلط فيا كدا أنا مقبلش
-قصدى مواعيد شغلك بتسهل لك كل حاجة وانتِ عارفة
انتِ شغالة ايه؟!
صرت على اسنانها هاتفة:
-انت ليه بتتكلم على أساس أن الممرضة ر قاصة
وبعدين لما أنا كدا انت ايه اللى جبرك فارق وريحنى
وريح نفسك
نفرت عروق رقبته بطريقة مرعبة جعلتها ترتد للوراء
لكنه كان يقبض على يدها بقسوة هاتفًا::
-أنا مش بحب الكلام كتير طول عمرى، أى حاجة عايزاها
من بره هاأجبها اى طلبات لكن خروج إنسى، باب المكتب
تخبطى قبل ما تدخلى ولو مسمحتش بالدخول متدخليش
نهائى فاهمة، فاهمة
تلألأت الدموع بعيناها وبدت الرهبة تسيطر عليها من هيئته فصرخ بغضب:
-ودلوقتى إطلعى بره
إستدارت على عقبيها وهى تمتم بقهر:
-منك لله مش مسامحاك
******
مع الأيام كانت تذبل كزهرة قطفت دون رحمة، تكاد تختنق
وتموت، إنه ليس لديه قلب، هل ستكمل حياتها حبيسة
لديه، الرهبة سيطرت عليها، هل من الممكن أن تظل
حياتها حبيسة هكذا ليس لها حول ولا قوة
بكت بحرقة هذه ليست حياتها التى تمنتها؛ تمنت حياة بسيطة، تبدأ مع زوجها بركعتين وما أن تنتهى يضع يده على رأسها ليقول دعاء ليلة الزفاف، نهضت من مكانها
بخطوات ثقيلة لتتوضأ كى تصلى كانت هذه الطريقة
الوحيدة لتخفف ثقل روحها، فرشت سجادتها وشرعت
فى الصلاة
أما هو قد أتي من الخارج يبحث عنها بعينه ولم يجدها
وقف أمام باب غرفتها يطرقه عدة مرات ولم ترد عليه، انتظر
ثم انتظر ولم ترد عليه، زفر بغضب وهو يدير مقبض الباب
ليجدها تصلى بخشوع
لا يفهم حقًا كيف فرطت في نفسها بسهولة قبل الزواج
يعترف لنفسه أنها تجعله فى حيرة من أمره من تصرفاتها
المتناقضة، هل هى البريئة الرقيقة أما هى مخادعة بارعة
عندما أنتهت هى من صلاتها ألتفتت للباب وجدته يقف
خلفها فنهضت تحدثه بحدة::
-انتِ إزاى تدخل من غير أذنى؟!
اجابها بتجهم واضح:
-خبطت ومردتيش وبعدين انتِ هتحاسبينى
-اه احاسبك مش ممكن انا نايمة، أنت رفضت أنى ادخل
مكتبك من غير إذن إفرض نايمة وواخدة راحتى
دهش من كلامها فتحمحم موضحًا:
-إستغربت انك مردتيش فدخلت
ثم تابع:
-طه ومها مُصرين اننا نروح ليهم فاضطريت انى اوافق
وقولتلهم إننا هنروح ليهم انهاردا
اجابته بكبرياء وشموخ:
-هو بمزاجك يعنى قررت سجنى هيتفك
أنا مش عايزة مش حابة اروح فى حتة، روح انت لأصحابك
اضاف بحزم::
-بقولك أجهزى
-مش بمزاجك
تنفس بعمق وهو يضغط على كفه هاتفًا:
-قدامك ساعتين اعتبريها فرصتك للخروج من البيت
أنهى جملته وهو يستدير للخارج جلست على حافة الفراش
اصبحت هشة للغاية من الداخل والخارج فارغة محبطة لكنها همست لنفسها لا تستسلمى للسلبية والكآبة إنه
إبتلاء وإمتحان خاص وستنجحي به.
*****
بعد مرور ساعة كانت تقف أمامه ترتدى فستانًا باللون الرمادى، وبلفة بسيطة جعلت خمارها الزهرى غاية
فى الجمال الذى كان لونه ينعكس على وجنتيها المليئة
بالنمش فكانت غاية فى الجمال والإحتشام
إقترب منها يشرف عليها بطوله المديد رغمًا عنه شرد
بها، رفعت عيناها ترمقه بهدوء ينافى تآكل روحها من
شدة كبتها للنيران
تجلس بجواره فى السيارة تفتح الشباك رغم برودة الجو
تنظر للسماء وعلى وجهها إبتسامة واسعة الحياة جميلة
بحق، اغمضت عيناها تتنفس بعمق تشعر بحلاوة كل
شئ حولها كأنها المرة الأولى، حتى أن عوادم السيارت
كانت فى أنفها كأروع العطور الفرنسية ظهرت غيوم
تملأ السماء وقطرات الندى تهبط، اخرجت يدها من نافذة
السيارة
كان يرمقها بطرف عينيه وهو يتابع الطريق يشعر بالذنب
نحوها لم ينتبه على نفسه إلا وهو يقول لها:
-اقفلى الشباك هتتعبى؟!
قطع لحظاتها صوته فهى تناست وجوده إستدارت له
هاتفة بسخرية::
-لا وأنت خايف عليا بصراحة أهو تبقى خلصت منى
هز رأسه بيأس وهو يتمتم مستغفرًا:
-استغفر الله العظيم، هو لسانك وردك على طول جاهز
-ممكن تسيبنى أشم شوية الهوا بهدوء
تمتم بصوت خفيض
-يارب أمنحنى الصبر على هذا الإبتلاء الله يرحمك ياريان
****
كانت جلسة هادئة لطيفة لم تخلو من مشاكسة طه وعمار
لكن بنهاية جلس كلا من طه ومروان وحدهما فى الجانب الآخر من غرفة الإستقبال ليناقش أمر خاصة بشغلهما
كانت تنظر له بطرف عيناها يبدو انه شخصية محترمة
محبوبة، حتى أنه مداوم على فرضه لما يتعامل معاها
هكذا؟! هل يعتقد انها نذير شؤوم كما يقول البعض؟! تجمدت مكانها حين ألتقت عيناها بعيناه أخفضت رأسها سريعًا وعادت تكمل حديثها مع مها حتى قاطعها إتصال من هاتف مها وما أن ردت على الهاتف تبدلت ملامحها
هاتفة بفزع:
-ايه حصل إزاى؟!
طب وبابا كويس دلوقتى
هرول إليها طه متسائلًا:
-فى أيه يا مها؟!
-بابا يا طه بيقول جاتلوا جلطة واتحجز فى المستشفى
أنا لازم اروح ليه
-أكيد طبعًا وأنا جاى معاكِ
هزت رأسها بإعتراض قائلة:
-خليك أنت عشان عمار مش هينفع اخده معايا فى الجو
دا
-إزاى تسافرى لوحدك يعنى
تدخل مروان هاتفًا:
-خلاص هأوصلها أنا لحد البلد متقلقش
قاطعتهم روان لتقول بارتباك:
-أنا أخد عمار معايا واستاذ طه يسافر مع مها
أكيد هتحتاجوا معاها فى وقت زى دا
هز طه رأسه سريعًا:
-دا حل كويس حضرى هدوم عمار ويلا بسرعة
أنا هدور العربية تحت
جز مروان على أسنانه يرمقها بغيظ تأخذ القرارات دون
أن ترجع إليه
******
ما أن وصلوا البيت اطلق زمجرة غاضبة من ثغره هاتفًا:
-ممكن أفهم ايه اللى هببتيه دا؟!
-أفندم
قالتها بتشنج وهى تحدق ثم أردفت:
-مافيش إنسانية خالص عندك الست ابوها تعبان
وأكيد هتحتاج جوزها سند ليها فى محنتها مش انتوا
اصحاب بردوا ولا هو حلو إنك تروح تجرى توصلها
قال بنبرة متشنجة وعصبية:
-ألزمى أدبك وحدودك، أنا كل اللى يهمنى أنت قد المسئولية
اللى اتسحبتى من لسانك وفرضتى عضلاتك
-متقلقش انا مربية اخواتى الصغيرين كلهم
قلب عينيه بملل والتو فكه هاتفًا
-انتِ تربى؟!
ما شاء الله مربية إخواتك ربنا يستر على الجيل
انبأها حدسها الأنثوى بسخريته منها، فاجابته:
-اه أنا أربى تحب تجرب ولا خلاص راحت عليك
أقترب أكثر حتى أصبح لايفصل بينهما إلا بضع إنشات
جسده يختض من كلماتها التى اضرمت النار فى كل
خلاياه وأصبحت عيناه أكثر قتامة أما هى كان صدرها
يعلو ويهبط برهبة فهيئته أرعبتها لكن قاطعهما صوت
عمار هاتفًا:
-انت هتبوسها يا مروان زى ما بابا بيبوس مها
لا يعلم لماذا نظر إلى شفتاها، كانت نظرة سريعة ثم
اعاد نظره إلى عيناها، كانت نظرة سريعة لكنها سرت
على أثرها رجفة فى أوصالها، فتعالت خفقات قلبها
حدثها بخشونة قائلًا:
-خدى عمار وخشى نامى يلا بسرعة من قدامى
*****
فى اليوم التالى
عاد من عمله مسرعًا باله
ظل مشغولًا على عمار رغم
أن بداخله شئ مطمئن ولا يعلم ماهيته
وما أن ولج سمع اصواتهما أتية من المطبخ فتوجه نحو
المطبخ، وجدها تعد شطيرة (بيتزا) وعمار يتابعها
بشغف، قامت بعمل عجينة دائرية ثم قربتها من عمار
ليضع عليها الجبن أعلاه ثم وضع بعض الخضروات
فقامت بعد ذلك لنقلها داخل الفرن وصفقت بيدها
قائلة:
-احلى بيتزا لأحلى عمار
جذبها ليعانقها وهو يهتف:
-بحبك أوى يا روان
ارتسمت بسمة لا ارداية على ملامحه قاطعها عمار قائلًا:
-مروان جه
تبدلت ملامحه وهو يقول:
-مروان كدا حاف بلعب معاك فى الشارع
-يوه بقى تعالى شوف البيتزا
-هاروح اغير واخد دوش وأجيلك
دقائق كان يخرج من المرحاض والمنشفة حول عنقه
فانقض عليه عمار قائلًا:
-شيلنى يا مروان
رفعه مروان للأعلى وهو يهز رأسه بيأس قائلًا:
-مفيش فايدة بردوا مروان، إنزل بقى عشان أصلى العصر
-هاصلى معاك أنا صليت مع روان انهاردا وعلمتنى إزاى
أصلى
انحنى مروان ليسأله بجدية:
-هى اللى قالتلك ولا أنت اللى قولتلها اصلى معاكِ
-هى قالتلى مينفعش راجل زى عمار ميصليش
إبتسم بسخرية وهو يتمتم:
-أنا مستغرب ليه أكيد وقعت ريان كدا
بعد أن انهى صلاته وجدها تخرج من المرحاض بعد
أن ابدلت ثيابها بأخرى جلباب بيتى حريرى يرسم
مفاتنها وشعرها الأسود رابطة لجامه للأعلى وجهها بريئ كبراءة الأطفال نظرت نحوهما بطرف عيناها ثم
توجهت نحو المطبخ منادية على عمار بأريحية:
-عمار تعالى البيتزا طلعت
اسرع عمار خلفها وبالفعل رائحتها انتشرت بالشقة لتغزو انفه فتصدر معدته صوت دليل على الجوع
خرجت روان بالشطيرة الكبيرة ووضعتها على الطاولة
تحت حماس عمار الذى صعد يجلس فوق الطاولة
وأخذ شريحته وبدأ فى أكلها بسعادة نظرت له روان
هاتفة :
-عمار قولنا ايه؟!!
-آه بسم الله، مروان يلا تعالى
-كل انت يا عمار
هبط عمار بسرعة يجذبه من يده قائلًا:
-لأ هتأكل معايا
جلس على المقعد ثم نظر للشطيرة التى امامه فتناولت هى
صحن ومدت يدها له فتناول فى صمت ثم قضمها
فتلوثت لحيته بالجبن وبدأ عمار يضحك عليه وهى
أيضًا مسح لحيته وهو ينظر لها وهى تبتسم باستيحاء
وتنظر له، على رغم أن مروان لم يكن يهتم بالنساء
نهائيًا إلا أن طريقتها تلفت انتباهه
أكمل طعامه ونهض ليكمل عمله في مكتبه وبعد عدة
ساعات سمع صوتهما فخرج وجدها تجلس على
الأريكة وعمار يضع رأسه على ساقيها ويشاهد افلام
الكارتون كانت تشاركه المشاهدة وهى تضحك بضحكة
رنانة، استفزه صوت ضحكتها العالية فخرج مسرعًا
يغلق التلفاز فقطبت حاجبيها ونهص عمار متذمرًا
فحدثه مروان::
-ادخل جوه دلوقتى يا عمار يلا إسمع الكلام أنا مش بهزر
-حاضر
وما أن ولج عمار للداخل نظر لها باشمئزاز وبداخله
غضب كبير يعتريه، حدثها بوحشية وكلمات تخرج
من فمه كأسياط النار::
-عمار دا ابن ناس ومتربى وليه أهل يعنى الضحك بالطريقة
دي قدامه غلط وأنه يسهر للساعة ١٢ ونص بالليل دا غلط
أمه ست محافظة وبتنومه زى الأطفال الساعة ٩ بليل
مش لحد دلوقتى، حضرتك انسحبتى من لسانك لازم
تبقى قد المسئولية، عرفتى كنت رافض ليه عشان
ميتعلمش من واحدة زيك
نظر مروان إليها بعد أن نفث كلماته التى تحمل القسوة
والإهانة، رمقته بعدم تصديق ودموعها تنهمر على وجنتيها
وضعت يدها على فمها تمنع شهقاتها تهمس بتقطع:
-عملت أأ أيه أأاانا، عملت أيه لكل دا أنا لما دخلت انومه
عيط على مامته فقولت ينسى شوية، أنا مش عايزة
أقعد هنا ثانية واحدة مش عايزة رجعنى البلد وفك
أسرى أنا مش حمل دا كله
أمسك يدها بقسوة وهو يقول:
-هو مش حوار كل شوية أرجع البلد أرجع هارجعك متقلقيش مستعجلة ليه
نظرت إلى يدها فتركها وهو يشعر بغضب لا يعرف
له سببًا، أما هى هرولت إلى الحمام تكتم شهقاتها
تجلس على الأرضية تبكى بحرقة لماذا يكرهها هكذا
لماذا يوصفها دائمًا انها عديمة الاخلاق؟!
ما الذى رأه منه حتى يستنتج مثل هذه النظرية
المخزية عنها، رفعت رأسها للأعلى تناجى ربها هامسة:
-يارب الرضا بالقدر سعادة وأنا طول عمرى راضية
بس خلاص تعبت ومش عايزة الحياة دي يارب
******
خرجت الطبيبة من خلف ذلك الساتر وبعد أن مسحت
المادة اللزجة التى وضعتها على بطنها هاتفة
-مبروك يا مدام انتِ حامل
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية قدري المر ) اسم الرواية