Ads by Google X

رواية الحب لا يكفي الفصل العشرون 20 - بقلم قسمة الشبيني

الصفحة الرئيسية

  رواية الحب لا يكفي كاملة بقلم قسمة الشبيني


رواية الحب لا يكفي الفصل العشرون 20


لم تكن مقابلة وفاء للعمل موفقة، يمكنها أن ترى الرفض رغم أنها مؤهلة للعمل، غادرت الشركة بنفس محبطة ولم تكن بحالة تسمح بالتحدث إلى أي شخص، لم تعد تعلم ما الذى تريده، هى محطمة كليا من الداخل ويصعب عليها تجاوز كل الأحداث التي مرت مؤخرا .
سارت بشرود لا يتناسب مع طبيعة شخصيتها وكان هذا سببا لعدم رؤيتها عزيز الذى يتبعها منذ الصباح دون أن تشعر .
تسارعت خطواته وكاد أن يجاورها ليوقفه هذا الشرود المخيم على ملامحها فيتراجع فهو ليس الشخص الذي تحركه انفعالاته ولا الذى تتحكم فيه رغباته ولولا رجاء أبيه المتكرر ما أقدم على تتبعها بهذا الشكل لكن يبدو له أنها بالحاجة لمن يتتبعها أو يتابعها فهى بهذه الحالة قد تؤذى نفسها.
اقتربت من المدرسة حيث يفترض أن تلاقيها أمها لتخرج هاتفها فهى غير مستعدة لمقابلة زميلات أمها وما يتبع هذا اللقاء من تساؤلات مرفوضة.
حين ظهرت سميحة تراجع تماما فهى ستلاحظه بسهولة ولا يريد أن يضع نفسه في صورة تزيد من بعدهن عنهم.
سارت سميحة تتعجب صمت وفاء وشرودها
_ مالك يا وفاء؟ المقابلة مش كويسة؟
_ مش عارفة يا ماما رغم أن مؤهلة بس واضح أن اللى بيعمل المقابلة رافضنى طريقته وهو بيقلب فى الأوراق ونظراته المستخفة بتقول أنه هيرفضنى
_ وده بقا اللى مزعلك ومخليك ماشية سرحانة كده؟
_ صراحة مش بشكل كامل، انا مشوشة جدا يا ماما
صمتت سميحة لحظات فهى تثق أن ما مرت به وفاء وتخليها عن مشاعرها بهذه القوة سيترك أثرا بليغا فى نفسها وسيصيب روحها بضعف عارض لذا فكرت سريعا ثم اقترحت بمودة 
_ إيه رأيك النقابة عاملة مصيف تحبى نسافر يومين تغيرى جو؟
ربما هى بالفعل بحاجة للابتعاد عن كل هذا ربما تفيدها بعض الراحة لكنها أيضاً لن تقبل برحلة مشتركة لذا تحدثت بهدوء 
_ مش عاوزة ابقى مع حد يا ماما، صحيح محتاجة ارتاح بس ارتاح بعيد عن الناس تعالى نسافر انا وأنت بس، انا معايا فلوس التصميم 
تعلم سميحة أن المال كان كثيرا عقبة أمام تحقيق ما كانت تريد لكنه لم يعد كذلك مؤخرا لذا لم تمانع أن تمنح صغيرتها ما تحتاج 
_ انا كمان معايا مكافأة الامتحانات خلاص نسافر لوحدنا بكرة اقدم على إجازة وشوفى عاوزة تروحى فين 
اقتربت وفاء بحماس طفولى مهتز تتعلق بذراع أمها تضمه ممتنة لهذا التفهم فهى بأمس الحاجة إليه.
............
جلس كل من سهى وصبرى أمام الطبيب الذى يعيد التدقيق في الفحوصات أمامه قبل أن يرفع عينيه نحوهما بملامح مسترخية 
_ كل الإشاعات كويسة ومفيش تضرر فى المخ عكس ما توقعنا خالص 
_ امال هو ناسى ليه يا دكتور؟
اتجهت عينيه نحو سهى مع سؤالها المتوقع فقد أخبره صبرى بخلفية الأحداث فى حياة عثمان قبل الحادث فيبدأ وضع تصوره المنطقى للحالة
_ عقله رافض واقع حياته قبل الحادثة علشان كده استغل الغيبوبة علشان يمحى اللى كان بيوجعه زى وفاة عمه .
حك صبرى جبهته بحيرة فكيف يرفض عثمان واقعه هو يعلم أن ابنه مؤمنا بالقدر وقد خيره أن يترك سهى ولم يفعل فهى خياره إذا فلما يهرب منها ومن حياته ؟
_ يا دكتور انت ماتعرفش عثمان هو...
قاطعه الطبيب مبتسما 
_ مش دايما الناس بتبقى قوية من جوه زى ما احنا شايفين من برة وده مش ضعف ده قدرات تحمل بتختلف من شخص للتانى ويمكن أمنياته وأحلامه تعارضت مع الواقع، الاحتمالات كتير والحقيقة السبب مادام مش عضوى يبقى مش لازم ندور وراه لأنها كده حالة نفسية تحتاج مساعدة من نوع تانى
شردت سهى عن حديث الطبيب الذى تتوارى خلفه الحقيقة التى تدركها جيدا، لقد حطمت آمال عثمان وتفننت فى هدم أحلامه لذا بمجرد أن سنحت له الفرصة محى كل ما سبب له الألم وهى كانت أكبر الأسباب المسببة لألمه فكان من الطبيعي أن يهرب من ذكرياتها المؤلمة جميعاً.
شعرت أن عمها يجذبها عن المقعد لتتحرك معه بلا مقاومة وهى فاقدة تماما لأي طاقة قد تمنحها القوة لتفعل.
توقفت خطوات عمها ليرفع وجهها ونظراتها نحوه لتجده مبتسماً وكأن الحدة المعتادة زالت عن قسماته ليبدو صفاء روحه، ارتفع كفه ليحيط وجهها بدفء تحتاج إليه وهو يتحدث بهدوء 
_ انا عارف انك بتلومى نفسك لكن ده غلط عثمان كويس الحمدلله وبكرة يفتكر كل حاجة ويرجع لحياته مش هقولك خليكى قوية لأن انا نفسى ضعيف لكن هقولك خلينا جمب بعض زى ما انت محتاجة عثمان إحنا محتاجينه . أنا فاهم كل اللى حصل لك مع هنية طول عمرك بس ماكنتش اقدر اتكلم لأن خيرى الله يرحمه كان موجود وكان بيصلح وراها لكن دلوقتي اعرفى انى موجود علشانك وعلشان سارة ، عارف انى غلطت لما سكت وبعدت لكن أنا كمان كنت معتمد على ابوكى مش انت لوحدك .
جذبها لصدره بقوة لتحرر عذاب صدرها، لم تتخيل أن أي منهم يرى معاناتها ويصمت ربما تشعر الأن بالألم مضاعفا فقد كان عمها يملك تحريرها ولم يفعل هى ليست غاضبة منه فقد وضحت لها الصورة التى أغفلت عنها، فقد كان هناك من يمكنه حمايتها ودعمها لكنها لم تقترب منه، كان يغدق عليها عطفه وكانت تغلق على مشاعرها الأبواب رفضا، لابد أنه قد تأذى كثيراً أيضاً، فقدت عمود حياتها الوحيد الذي كان يمكنه أن يمحى أثر ما تفعله أمها بها وفقدت فرصتها فى القرب منه.
ظل صبرى يضمها محاولا تخطى حواجزه النفسية فى التواصل معها ورغم أن هذا يربكه إلا أنه استمر في المحاولة التى كانت ناجحة للغاية فى تشرب الوجع الذى يمزق نفسها حتى اكتفت وابتعدت قليلا للخلف ليسرع كفه مكففا ما رسمته الدموع فوق وجنتيها محافظا على نفس ابتسامته الحانية
_ يلا ندخل لعثمان مش عاوزين هنية تقعد معاه لوحدها اكتر من كده
شعر صبرى بالراحة حين دخل للغرفة ووجد عثمان غافيا ورغم أن تطلع هنية له غير مريح لكنها لم تبادله الحديث وهذا جيد فهو ورغم احترامه لها كزوجة أخيه الراحل لا يثق أبدا فى تعاملها مع الأبناء.
..............
عاد عزيز للمنزل ليتجه لغرفة أبيه الذى يتلهف لأي خبر عن بنات أخيه لذا تساءل فور رؤيته 
_ فى جديد يا عزيز، حد كلمك؟
جلس عزيز معلنا احباطه لنفسه لكنه يخفيه عن أبيه فهو لن يصيب أمنية أبيه الأخيرة مهما قاتل لأجل تحقيقها 
_ لسه يا بابا، ماتقلقش هم محتاجين وقت زى ما قولت لك
اغمض ممدوح عينيه وهمس بضعف 
_ خايف ماالحقش اشوفهم واطلب منهم يسامحونى 
تحركت ليلى بحدة أظهرت عبرها الرفض وبدأت فورا التعبير عن رفضها 
_ انت ماغلطتش فى حقهم يا ممدوح اللى غلط ابوهم
فتح عينيه ونظر لها بضعف راجيا
_ كفاية يا ليلى مش هنضحك على روحنا تانى إحنا عندنا بنت ترضى لها اللى اتعمل فى سميحة؟ ترضى لها تعيش عيشة بنات عمها ؟
راقب عزيز أمه التى أبدت نفورا ليس بغريب عنها لكن نفورها تراجع قليلا فيبدو أنها تعرض الصورة على عقلها، عاد عزيز إلى أبيه باهتمامه وهو يقول 
_ روح لهم تانى يا عزيز لو مش عاوزين يجوا شيلنى انا اروح لهم 
_ يا بابا حضرتك ماينفعش تتحرك ولا تتنقل ده كلام الدكتور وانت عارف 
دارت عينا ممدوح ناعيا عجزه عن تدارك أخطاء الماضى وناعيا قدرته على رأب الصدع العظيم بينه وبين بنات أخيه بينما شرد عزيز متعجبا حالة وفاء لقد علم حين تقصى أخبارها أنها تعمل بإحدى شركات العقارات الكبرى فما الذي حدث لتترك عملها وتبحث عن غيره؟
وما السبب في الشرود المسيطر عليها بهذه القوة؟
ليتها تطلب دعمه لتمكن من إثبات وجوده بحياتها .
........
سحبته أمواج الظلمة بينما تتحدث إليه هنية ليضيع صوتها فى ظلمات نفسه، رأى نفسه يسير فى درب مظلم لا يرى ولا يسمع أي شيء وبعد خطوات ترددت أصوات مزعجة ليتلفت حوله يبحث عن مصدرها لكنه فشل في العثور عليه، زادت الأصوات صخبا ليكتشف أنها صادرة منه هو وتنبع من صدره، رفع كفه متفحصا مصدر الصوت ومحاولا تخفيف حدته المزعجة ليبدأ الظلام فى التراجع وتظهر له صورة معلقة في الهواء أدت لاختناقه فورا وهو يرى نفسه يحملها بين ذراعيه فاقدة الوعي، تابع التقدم رغم اختناقه لتتلاشى الصورة ويرى نفسه يقف وفى كفة حبة دواء ينظر لها بتردد انتهى سريعا بعد أن ألقى بها في جوفه، تلاشت الصورة مرة أخرى ليرى وجهها الذى يسيطر عليه الفزع وهى تبكى و تحاول دفعه عنها ليتردد صدى صوتها يفر من صدره 
_ انا بحب واحد تانى 
ترددت الجملة عدة مرات ليسيطر عليه الفزع، رفع كفيه ليصمت هذا التردد لكنه فشل وظل يخترق عقله بقوة، رفع عينيه للصورة التي تذوب وتتلاشى ببطء ليصرخ بقوة فينتفض بدنه كاملاً ويفتح عينيه دفعة واحدة معبرا عن فزعه .
انتفض الجميع مع صرخته المكتومة التى سبقت عودته للواقع ليرى الترقب والفزع يسيطران على الأوجه، رأى أبيه وأمه وخالته ؛ وهى فى النهاية تقف بطرف الفراش. دارت عينيه وصدره يلهث طلبا لانفاسه وقد تعلقت عينيه بعينيها للحظات طالت حتى سحبه من سطوتها صوت أبيه
_ عثمان رد عليا اجيب لك دكتور؟
_ لا يا بابا انا كويس ده كابوس 
وضعت هنية كفها فوق رأسه فوراً وبدأت قراءة القرآن بينما أحصى ملامحها الشاحبة متسائلا
_ كنت بتعيطى ليه؟
رفعت كفها وكأنها تتأكد أنها لا تفعل وهى تنظر نحو عمها الذى سارع بمحاولة دعمها 
_ هى بس مرهقة يا عثمان ماكانتش بتنام وانت في الغيبوبة
نظراته المتشككة أحيت مخاوفها لكنها حافظت على هدوء ظاهرى وهى ترخى رأسها فوق صدر أبيه ليتأكد أن ما أخبروه به ليس الحقيقة، تردد الفزع بصدره وهو يحاول أن يبحث عن ذكرياته بين صدى الخوف ليطرق الألم جنبات رأسه فيغمض عينيه لحظة واحدة قبل أن يفتحها مع رنين الهاتف الذى اكتشف أنه لها.
راقبها بحرص حتى أنهت المحادثة لتقول 
_ هخرج اقابل وفاء يا عمى 
_ وفاء مين؟
تساءل فورا بدهشة لتجيب ببساطة
_ صاحبتى من الجامعة 
_ مش دى اللى جت..؟
حمحم صبرى ليأد تساؤل هنية بحدة وهو يشير لها لتغادر الغرفة فتتحرك هى بحدة أيضاً ليعود عثمان يتردد بين جنبات الظلام باحثا عن بداية زواجه منها.
..........
حثت الخطى نحو وفاء التى تقف بالقرب لترى الأخيرة كم هى مشوشة فتضمها بقوة .
جلستا لتقص عليها ما حدث منذ أفاق عثمان علها تمنحها نصيحة تخرجها من حيرتها كما أخبرتها رأى الطبيب ومخاوفها التى تدور حول تسببها هى في هذه الحالة التى وصل إليها لتتساءل وفاء
_ وليه ماتقوليش أن ربنا إداك فرصة تصلحى اللى حصل! سهى هو انت بتحبى عثمان؟
تنهدت سهى تنفث عن حيرتها فهى لا تملك إجابة مؤكدة لهذا السؤال 
_ انا مش عارفة يا وفاء، اوقات احس نفسى ضايعة من غيره، اوقات اشوف احساسى بيه امتنان وشكر على حاجات كتير اتحملها منى، أوقات احس اني برجع الطفلة الصغيرة اللى ماتعرفش تمشى خطوة من غير عثمان، انا مش عارفة يا وفاء وحاسة انى بظلمه معايا اكتر 
كم هو غريب أمر القلوب!! تساءلت وفاء داخليا وسهى تطلعها على هذه الحيرة التى يمكنها أن تشتت أي قلب وتضلل أي عقل 
_ مش عارفة اقولك ايه يا سهى لأن احساسك لازم انت اللى تحدديه
_ عمى قال لي أن عثمان طول عمره بيحبنى 
_ انت بنفسك قولتى الحب مش كفاية وإذا كان قلبك جواه حد تانى سيبى عثمان فوراً
فهمت سهى ما ترمى إليه رفيقتها لكنها بالفعل لم تعد تحمل أي مشاعر لمحسن وتتعجب تلاشى ما اسمته حبا بهذه السرعة 
_ أبدا يا وفاء انا مش بفكر في أي حد غير عثمان بس انا محتارة في عثمان نفسه 
_ يبقى زى ما قولت لك معاكى فرصة جديدة حافظى عليها 
صمتت سهى لحظات تعلم أن وفاء محقة تماماً ربما العيب فيها هى فهى تعجز عن استغلال حالته لتحصل على مسامحته عن كل ما أقدمت عليه، ليكن السماح شرعيا من وجهة نظرها يجب أن يعى جيدا ما سيغفره فيقبل ذلك أو يرفض بإرادة خاصة به .
عادت بتركيزها إلى وفاء التى لا تغفل ما يحيط بها من حزن لتتساءل 
_ وانت عاملة إيه مع محسن يا وفاء؟
نظرت لها وفاء لكنها لا تندهش لرؤيتها مشاعرها بهذا الوضوح 
_ انا سبت الشركة والشغل معاه ونهيت أي علاقة ممكن تكون بنا 
ربما توقعت سهى أن يتعرقل محسن فى علاقته بوفاء فهى فتاة مثلها ويمكنها أن تطلع على قوتها الداخلية وهى تعلم جيدا أن محسن لا يحبذ المرأة القوية وربما كان السبب الرئيسي لقربه منها إحساسه بضعفها الداخلى الذى لم تظهره لغيره لكنها لم تتوقع أن تنتهى العلاقة قبل أن تبدأ لابد أنها لم تحكم على وفاء بشكل جيد فهى ليست قوية بل هي أقوى مما تتخيل 
_ الحب مش كفاية يا سهى احسن جملة سمعتها منك انا كنت في صراع بين أفكاره اللى انا رفضاها وبين قلبى اللى مايل ليه والغريب كنت قابلة نظرته ليا بشكل متدنى وفاكرة انى اقدر اغيره لكن أول ما نظرته اتوجهت لأمى رميت مشاعرى وقلبى ورميته هو كمان 
_بتحبى امك اكتر من نفسك؟
تعجبت سهى فهى تعانى فجوة كبيرة بينها وبين أمها بينما ترى وفاء تضحى بكل شيء لرفض نظرة متدنية لأمها 
_ انا امى هى أهم حاجة فى حياتى اهم من راجل ومن نفسى كمان، وعلفكرة انا هسافر مع ماما يومين علشان كده جيت اطمن عليك
احترمت سهى رغبتها في تغير مجرى الحوار وانهاء سرد تفاصيل لن تفيد أي منهما لذا نهضت بمودة 
_ طيب تعالى سلمى على عثمان 
.........
غابت عن عينيه لفترة حاول فيها أن يتحدث إلى الجميع عله يصل لما يخفونه عنه وحين دخلت للغرفة مرة أخرى كانت بصحبتها رفيقتها ليشعر فورا أنه رأى هذه الفتاة مسبقاً عرفته عليها لينظر لها بتركيز ويتحدث بلا تردد
_ انا حاسس انى اعرفك يا آنسة وفاء

google-playkhamsatmostaqltradent