Ads by Google X

رواية ظل السحاب الفصل الخامس والعشرون 25 بقلم آية حسن

الصفحة الرئيسية

            رواية ظل السحاب الفصل الخامس والعشرون بقلم آية حسن 


رواية ظل السحاب الفصل الخامس والعشرون

: ألو، أيوة يا معتز أنا لقيت الورق وف الطريق عشان أديهولك
تحدثت نيرة عبر الهاتف وهي تقود سيارتها، ليرد عليها معتز بعدما هب من النوم مذعورًا فيهتف بدهشة
: انتي بتتكلمي بجد؟ يعني متأكدة إن اللي معاكي هي المستندات بتاعتي؟
: أيوة متأكدة، قابلني بسرعة أحسن مراد يشك في حاجة لأني اتهربت من الشركة!
قال وهو ينهض من فراشة: حالاً هلبس وأنزلك .. بحبك يا أحلى نيرة .. سلام
أغلق الخط وقد ظفر وهو يقفز مرحًا، ليهمس بانتصار: Yes, Yes أخيرًا هخلص من الحكاية دي بقى
تحرك نحو المرحاض حتى يلحق بنيرة ويستلم منها المستند، ليعطيه لـ هؤلاء الذين تسببوا باضطرابه لعدة أيام .. أخيرًا سينتهي من هذا الكابوس الأرعن.
______
خرج مراد من غرفة المكتب وجميع الشياطين تتلبس بجسده، جل ما يدور داخل عقله الآن هو تلك التي تجرأت وأخذت شيئًا منه وليس من شأنها، ولكن لماذا؟
لا يعنيه، فالأهم أنها سرقته، ألغى أحبال عقله واستسلم لما سولت له شياطينه كليًا، يقسم بداخله أنه لن يرحمها هذه المرة، تخطت جميع الخطوط الحمراء،
وصل إلى مكتب نيرة فلم يجد أيًا منهما ثم هبط إلى الأسفل وسأل موظف الإستقبال فقال له أنه رآها للتو تغادر من بوابة الشركة، 
اصطك على فكيه بحنق ثم هرول مسرعًا خارج الشركة، ليصعد عربته وانطلق بها حيث أمره به عقله.
_______
تسير هي بالطريق على قدميها، بعد خروجها من الشركة على عجلة، بسبب ذلك الإتصال من جارتهم والتي قالت لها بأن جدتها قد انتابها الإعياء وسقطت مغشيًا عليها ..
تحاول أن تجد أي وسيلة مواصلات حتى تقلها بسرعة لكن لا جدوى فالمكان خالي من سيارات الأجرة، زفرت بضجر وهي تهرول ارتياعًا على جدتها والتي لا تعلم ماذا حدث لها فقد كانت على خير وعافية قبل أن تتركها في الصباح..
قطعت الطريق حتى تسلك مسارًا مختصرًا؛ طالما لم تحضر أي عربة تقلها، وبينما هي تعبر الشارع جاءت سيارة سريعة قبالها، وكادت أن تضربها لولا ما ضغط على المكابح بسرعة لتنطلق صرخة قوية منها وهي متجمدة في مكانها بس ارتعاد أوصالها .. فهي لم ترعى خطواتها، أو ترصد العربات أثناء سيرها بسبب اضطراب عقلها،
ترجل السائق من سيارته كالإعصار والدماء تحتقن وجهه غيظًا، ليصيح بها متأففًا
: انتي غبية، مش تفتحي وانتي بتعدي الشارع، ولا فاكرة نفسك ف ممشى جنينتكم؟
لتعود فريدة لوضعها الطبيعي وتحرك جسدها نحوه فتجده ذلك الأبرم الذي يدعى معتز ويكون ابن عم مراد، لم تهتم بل الغضب سيطر عليها أكثر، وتذكرت ما قاله لتوه، لتهتف..
: مين دي اللي غبية يا روح أمك!
استنكرت قوله وهي تجحده بعينيها، اتسعت حدقتي عينيه وهو يقف كالأبله، ثم يقول في غيظ
: أنا روح أمي؟ دة انتي يومك مش فايت النهاردة
: اجري العب بعيد يابني، دة انت شكلك لسة ف حضانة
أشارت بيدها بلا مبالاة، ليضيق معتز ما بين حاجبيه وهو يحاول تذكرها، فيسأل
: أنا شوفتك فين قبل كدة؟***
يقود سيارته وهو يشعر بالتشنج في رباط عضلاته، وبعقله الذي قد توقف عن التفكير في إيجاد أي عذر لها، ثم فجأة ضغط على المكابح حين لمحها تقف في صحبة معتز، 
غير مصدق ما يشاهده أمام عينيه، الآن قد تيقنت جميع شكوكه، رغم أن قلبه كان يحسه طوال الطريق على عدم الإكتراث لما تمليه عليه رأسه، لكن ما النفع فهو ترصدها بأم عينيه والآن في وسط الطريق بعيدًا عن أعين الناس، يقفان غير عابئين لأي أحد ولا حتى لما يشعر به،
تنهد بانكسار وخيبة أمل -بعد تصويره لهذا المشهد بالشكل الخاطئ- ثم خطفهما بنظرة أخيرة قبل أن يصعد سيارته ويعود أدراجه، نظرة تحمل معنى الاحتقار والاشمئزاز***
جزت فريدة على أسنانها بحنق لتندفع قائلة
: وانت مالك، انت هتحقق معايا؟ أنا لولا أني مستعجلة كنت وريتك مقامك، عيلة معندناش بربع جنيه تربية
زجرته ثم تابعت سيرها عائدة إلى بيتها، لتنمو ابتسامة جانبية ع ثغر معتز وهو يرفع بيده استنكارًا لما حدث، ثم صعد سيارته وتابع هو الآخر طريقه لنيرة.
________
وصلت نيرة لتقف بسيارتها في مكان بعيد حيث لا يوجد الكثير، تحاوط الملف بمعصميها بقلبٍ متذبذب، وحيرة شديدة في رأسها تصيب جسدها برعشة، لا تدري ءالذي تفعله صوابًا أم خطأً؟ 
ناهيك عن مراد وما سيفعله إن علم بأنها قد سرقته، اقشعر بدنها لحظة تفكيرها بهذا الموضوع، ثم قررت وبسرعة أن تترك المكان قبل أن يأتي معتز، 
أسندت ما في يدها على المقعد بجوارها، و أمسكت بالمفتاح الموضوع خلف عجلة القيادة وكادت أن تدير السيارة لكنها لمحت سيارة تقترب منها ويترجل منها معتز بعد أن توقفت..
اتجه معتز نحوها أثناء ما كانت هي تهبط من عربتها، فقال
: آسف ع التأخير، أصل كنت هعمل حادثة!
: حادثة إيه؟
هتفت نيرة متسائلة بهلع، ليردف معتز قائلًا
: متقلقيش، المهم جبتي الحاجة؟
سأل، لتبدو على ملامحها التوتر، فتصمت لبرهة ثم تقول بعد أن ابتلعت ريقها
: لا
عقد معتز حاجبيه: لأ ازاي؟ انتي مش قولتيلي انك خدتيهم؟
تلجلجت: مهو معرفتش أخرج بيهم
تنهد معتز بقوة ثم حاول جعل نبرته هادئة
: نيرة أرجوكي اديني المستندات، أنا عارف إنك خايفة على مراد، بس أنا وعدتك أن كل حاجة هتبقى تمام أول ما الناس ياخدوا حاجتهم!
: طب ومراد لو عرف إني سرقته؟
سألت باضطراب ونبرة شجن، ليقول معتز
: هو حد شافك وانتي بتاخدي الورق؟
نفت برأسها ثم أردف وهو يرفع كتفيه: يبقى خايفة من إيه؟
لتصرخ بقلب متهشم: أنا مش خايفة، أنا زعلانة على اللي عملته، أول مرة ف حياتي أعمل كدة في مراد وأخونه، وكل دة بسببك
همست في آخر كلامها بلوم طفيف، مد معتز يده ليمسد على ذراعها ثم قال بهدوء 
: أنا بجد آسف، صدقيني كل اللي بحاول أعمله دلوقتي إني أحافظ ع حياتي وحياة مراد!
: وعشان كدة أنا جبت الورق
قالت ثم فتحت باب السيارة وأمسكت بالمستند اللعين الذي تسبب في كل هذا، وقبل أن تعطيه لمعتز أردفت
: عاوزاك توعدني قبل ما تاخده، إنك تبعد عن السكة اللي انت ماشي فيها، وعن الناس دي للأبد! 
أسرع قائلًا دون تفكير وهو يسحب الورق من يدها: أوعدك.
وأخيرًا عاد الورق بين قبضتيه، لقد عانى كثيرًا حتى يصل إليه، ظفر بنجاحه أنه وبعد طول انتظار قد نال مراده .. استدار لكي يعود لسيارته لكن استوقفه صوتها
: معتز
زفر متأففًا ثم التفت إليها وهو يرتسم ابتسامة مزيفة ويقول
: نعم؟ 
اقتربت منه وهي تعقد ذراعيها أمام صدرها، وتقول
: قبل ما تديهم الورق خد ضمانات عليهم إنهم مش هيقربوا لمراد!
ابتسم بين نابيه التي تصطك بحنق وهمس
: حاضر، سلام بقا 
قال بسرعة كي لا توقفه مرة ثانية وتقول له ستأتي معه كي تأخذ الضمنات بنفسها، صعد سيارته وانطلق مغادًا، تاركًا إياها تواجه الصعوبات التي ستقابلها عندما تعود لمراد الذي بالتأكيد قد علم باختفاء الورق.
________
بعد فحص الطبيب لـ الجدة فريدة، خرج عز معه وأعطاه ثمن الكشف، ثم سأله 
: طمني يا دكتور حالتها إيه؟
الطبيب وهو يضع النقود بجيبه: عضلة القلب ضعيفة، ومحتاجة رعاية صحية، وبلاش مجهود، ويا ريت تستمر ع الدوا الجديد اللي كتبته ليها وتسيب القديم، هو صحيح غالي وكمان مستورد بس أقوى من الأولاني، وربنا يشفيها.
همس بأسى وهو يسلم بيده على الطبيب: متشكر أوي 
ثم مضى مع الطبيب وهو يترجل راحلًا، ثم عاد عز الدين وسألته فريدة 
: خير يا بابا الدكتور قالك إيه عن تيتة؟
تنهد عز ثم ضمها إلى ذراعه وهو يردف: الحمد لله كويسة، محتاجة تغذية وراحة مش أكتر!
لم يرد عز الدين أن يرهب فريدة أو يقلقها على صحة جدتها، لذلك كتم في نفسه ما قاله الطبيب.
_________
هبط مراد الدرج بعدما خرج من حجرته وجلس على الطاولة -بهدوء دون التكلم- مقابلًا لـ نيرة التي شعرت بربكة تحتل أوصالها من نظراته الثاقبة، وهي على أتم الإستعداد لإستقبال هجماته عليها، فبالتأكيد هو قد علم بإختفاء الملف ولكن هل شك بها؟ قررت التأكد بنفسها
حاولت اخراج صوت متزن لتسأل وهي ترتسم ابتسامة صغيرة ع ثغرها تداري بها توترها
: إيه يا مراد، مالك مصبحتش عليا ليه؟ دة أنا حتى امبارح بالليل استنيتك كتير ومرجعتش، كنت فين؟
: ماكنتش
اختصر رده بكلمة واحدة، فشعرت بانخفاض شديد في نبضات قلبها، بالكاد أخرجت صوتًا هامس لتعود بسؤاله مجددًا
: مالك؟ في حاجة مضايقاك؟
نفى برأسه وهو يقضم لقمة ويضعها بفمه، ثم يردف
: نيرة أنا عايز أقولك ع حاجة وتنفذيها، بس يا ريت متسأليش ليه!
ضربات قلبها بدأت بالخفقان بسرعة، فتسائلت بصوت مبحوح
: حاجة إيه؟
قام وهو يقول: أنا مش عايزك تشوفي بنت عز تاني، وتقطعي معاها كلام نهائي، حتى الشركة مش هتدخلها مرة تانية!
اندهشت من طلبه لتنهض وتسأل: ليه؟ 
التفت لها وهو يعقد حاجبيه: مش أنا قولتلك مش عايز ليه؟
: وأنا مش هعمل كدة غير لما أعرف السبب!
قالت باعتراض شديد وهي تضع يديها في خصرها، ليزم شفتيه بحنق، ثم قال بجمود
: أنا مفيش حد يتشرط عليا؟ 
: انت بتكرهها كدة ليه؟ عملتلك إيه مخليك مش طايقها ف أي مكان؟
تساءلت بضيق شديد منه بسبب عنجهته، ليحذرها بحدة
: نيرة!
أجفلت بعينيها بعيدًا، متحاشية النظر لبؤبؤ عينيه اللذان تحولا إلى لون قاتم من شدة غضبه، لتسمعه يردف بصوته الأجش
: عاوزة تعرفي سبب كلامي عنها كدة؟ أنا هقولك .. الأستاذة طلعت حرامية، سرقتني .. خدت ملف من ع مكتبي وراحت توديه لمعتز!
هنا كانت نيرة على وشك السقوط من طولها، لا تصدق أنه قد شك بـ فريدة، وهي من أذنبت! ولكن كيف هذا؟
رفعت ببصرها نحوه لتقول: مراد، اسمعني، اللي فهمته دة محصلش!
أشار بيده، فيقول بصوت منكسر: أرجوكي متدافعيش عنها، أنا شوفتها بعينيها الاتنين دول وهي واقفة مع معتز، بعد ما خرجت من الشركة وف إيديها المستند!
هزت رأسها نافية، ماذا يقول هذا؟ فريدة ومعتز، كيف؟ يجب أن تتحدث وتقول الحقيقة قبل أن تسوء الأمور أكثر..
: طب اسمعني، أنا هقولك اللي حصل بالظبط...
وقبل أن تتابع قاطعها صوت رنين هاتف مراد، والذي أخرجه فورًا ليقول بعد أن رأى اسم المتصل
: أنا خارج عشان ورايا مشوار مهم.
غادر مراد من الباب قبل أن تنطق بحرف واحد، لتهرول وراءه وهي تنادي عليه وتتوسله أن ينتظر ليسمعها
: مراد عشان خاطري اسمعني الأول، انا هفهمك 
صعد عربته وأشبك حزام الأمان بخصره، دون الإهتمام لكلامها، فهو يعلم أنها تحبها فبالتأكيد ستدافع عنها بكل الطرق .. أدار سيارته وهو يقول..
: نتكلم بعدين يا نيرة، سلام
 ثم انطلق بها مغادرًا، لتشعر هي بالضعف وتهمس بقلب محطم
: أنا اللي أخدت الورق يا مراد، فريدة مظلومة حرام عليك!
غشاء رقيق من الدموع تكون في مقلتيها، وهي تشعر أنها أسوأ شخص في هذا العالم، لقت لحقت التهمة بفريدة المسكينة، وكل هذا بسببها هي وحدها، حتى أنها لم تستطع إيقاف مراد لتشرح له الحقيقة،
اللعنة على غبائها دائمًا هي حمقاء في تصرفاتها، لو ما كانت أخفت عليه الأمر، لما وصلت لكل هذا! ولكن ما فائدة الندم على ما مضى فـ فريدة الآن هي المجرمة في نظر مراد، ظلت تجهش بالبكاء تأسو على حالها وتفرغ ندبها.
__________
: يعني إيه المستندات ضاعت؟
سألت تميم وهو يضيق عينيه ثم أردف بتقرير: انت مش أكدتلي إنها معاك وكمان كنت جايلي امبارح!!!
: وضاعت
رد مراد بهدوء ليندفع تميم بصياح: يعني إيه ضاعت!
: ضاعت يعني راحت، اختفت، غارت ف ستين داهية!
صرخ مراد بعصبية مفرطة، ثم أخرج سيجارة وأشعلها ليدخنها تحت نظرات تميم المتفحصة له وهو يسحب نفسًا منها بتذمر شديد، حتى أنهى نصفها في أقل من دقيقتين..
: اهدى يا مراد وبلاش أم العصبية اللي انت فيها دي!
عاد مراد برأسه لـ تميم وهو يقول بحزم
: أنا هرجع المستندات دي يا شامي، واللي ضيع الورق والمستندات دي أنا هعرف أحاسبه كويس 
قال وهو يحدق حاسمًا بزمردتيه اللتان يشوبهما شرر ناري، راقب تميم عينيه وهو يرى بهما الغموض، ولا يدري ماذا يقصد بكلامه؟ طريقته هذه ستتسبب له بإعاقة ذهنية يومًا ما!.
____________
كان يقود سيارته إلى أن دخل بمكان غريب ثم وقف وأمسك بهاتفه وبحث عن رقم بعينه، ليضغط على زر الإتصال، ويضع السماعة على أذنه..
: ألو، أيوة أنا وصلت المكان، إنتو فين؟ ...
ليشاهد سيارة أمامه تعطيه إشارة بالكاشافات الأمامية، فما أن رآها علم بأنهم الجماعة، ليقول
: خلاص انا شوفتكم .. جبتوا الفلوس؟ .. تمام أنا نازل
أغلق الهاتف ثم التقط الملف الموضوع بجواره وهبط من العربة، وكان الآخر قباله قد هبط من سيارته أيضًا وبعضًا من الحراس..
صاح معتز سائلًا: الفلوس فين؟
شخص من داخل السيارة ألقى للآخر الواقف بجوارها حقيبة، ثم أشار إليه الذي في داخل السيارة التقدم منه، في حين أن معتز كان يتباطأ في خطواته بحذر، فما لبث أن وصل إليه وقبل أن يسلما لبعضهما البعض، 
حطت الإضاءة فوق رأسهم، بإنارة كشفت المكان بأكمله، أصاب كلٍ منهم بالذعر، فاستعد الحراس لإخراج الأسلحة، ليتفاجئوا جميـعـًا بالذي يجلس على مقعد في المنتصف ويعقل ساقه فوق الأخرى ويشعل سيجارة..
جحظت عيني معتز وتمتم: مراد؟!!!!
ليأتيه صوته: إيه يا معتز معقول يعني هتستلم الفلوس من غيري؟ هي مش برضو دي فلوسي والورق اللي معاك دة يخصني؟
هبط الشخص الذي كان بالسيارة وهو ينظر بدهشة نحو مراد الذي نهض من مكانه وأردف وهو يمط حروفه بسخرية..
: شامل بيه الصاوي صاحب أكبر شركات الصاوي للمواد الغذائية، يا ترى لسة زي مانت بتدس السم في المواد ولا ملقتش فيها فايدة واتجهت لغسيل الأموال!
ليرد عليه: يا أهلاً بمراد باشا، كان نفسنا نشوفك من زمان، ونتشرف بيك معانا!
: تؤتؤتؤ، ازاي تقول كدة؟! يعني معقول واحد لا عنده ضمير ولا ذمة هيبقى عنده شرف؟
سخر من جديد ليتابع وهو يجلس مكانه: وبعدين أنا جاي عشان أقبض عليكم متلبسين، وأنا عارف إن الكوماندا بتاعك ف العربية اللي جنبك، أصل مش حابب تتفرقوا عن بعض، وبكدة يبقى عداني العيب... مش دة رأيك يابن عمي برضو؟
صاح لـ معتز الذي يقف بعيدًا وقد تجمدت قوائمه، فلم يعد يستطيع النطق أو الهرب .. أشار الصاوي بيده، وفي لحظة كان جميع الحراس قد تهيأوا لوضع الإستعداد .. صوب أحدًا منهم السلاح على رأس معتز وآخرين وقفوا حول مراد الذي يقف كالأسد يضع يديه في جيبه، وتنمو ع ثغره ابتسامة استهزاء لهم.
: أي حركة يا مراد فيها حياة ابن عمك!
قال الصاوي مهددًا بنبرة مهزوزة شعر بها مراد
: مالك خايف كدة ليه يا صاوي؟ دة حتى انت اللي أقوى مننا!
تهكم عليه ليشير الصاوي لأحد الحراس الواقفين عليه فيفهم ويرفع سلاحه على مراد، 
هذه الحركة كانت كفيلة لتجعل الدماء تصعد إلى وجه مراد، وبحركة سريعة وماهرة قد ألوى يد الحارس ليصبح المسدس بين يدي مراد الذي فورًا قد أطلق النار على الشخص الذي يهدد معتز ليسقط ميتًا على الأرض،
اتسعت عيني الصاوي بذهول للذي فعله لتوه، ثم بدأ الرجال بإطلاق النار، اختبأ معتز بسرعة خلف سيارته ليتفادى الطلقات النارية، 
أما عن مراد فلم يستخدم مسدسه إلى الآن، بل يقاتلهم بيديه الفولاذية بحركات بارعة، يوقع هذا، ويخلع كتف ذاك .. لم يفعل هذه الحركات منذ سنوات غير عند التمرين، لقد اشتاق لعمله وللمارسة القتال الذي يحبه منذ الصغر،
الآن قد عاد لكم مراد الحديدي «نمر المخابرات» بهيبته وأسلوبه الجبار، انتهى مراد من ضرب الحراس، فما لبث أن وجد الصاوي والسيارة الأخرى يفران هربا، 
كاد أن يهرول ورائهما لكن فجأة قد توقفت عربات الشرطة وهي تحاوطهما وصوت السرينة يدوي بالموقع، 
تنهد مراد بانتصار لينتبه على سيارة معتز وهو يلوز بالفرار كالجبان، قلي مراد عينيه ثم هز رأسه يأسًا.
__________
: مراد باشا ماجتش الموقع ليه امبارح، الناس كانوا مستنييك عشان تحط بصمتك الأولى ف المشروع!
قال عماد متعجبًا من أمره، ليمسح مراد على وجهه بضجر، ثم تنهد ليردف بهدوء
: هبقى أروح يا عماد، هبقى أروح
لاحظ كلله ليسأل في اهتمام
: مالك يا باشا؟ شكلك مش مظبوط ليه؟
أطلق تنهيدة قوية ليردف عماد بعدها متعجبًا: يا ساتر! دة انت مهموم أوي 
وضع رأسه بين راحتي يده وهو ينكسها للأسفل ليقول
: سيبني لوحدي يا عماد لو سمحت!
: لا مش هسيبك! منا لازم أعرف إيه اللي مزعلك كدة؟
رفع برأسه محذرًا: عماد!
وقبل أن يرد عليه دخلت نيرة عنده لتهتف متلهفة
: مراد أنا عايزة أقولك على حاجة مهمة، اديني فرصة لو سمحت وبلاش تقاطعني!
قال بانهاك: نيرة أنا مش عايز أسمع ولا كلمة، من فضلك انتي!
انفتح الباب قبل أن تعترض نيرة وتدلف هي صاحبة الحظ العاسر، بابتسامة مشرقة على محياها، احتقنت الدماء وجه مراد، وهو غير مصدق وقاحتها بعد أن خانته، تعود مرة أخرى وتقف أمامه وكأنها لم تفعل شيئًا، حقيرة!
: عماد أخرج برة!
قال بهدوء مزيف وهو يتطلع نحو فريدة .. أومأ عماد برأسه ثم ترجل من المكتب، اندفعت نيرة صوب فريدة وهي قلقة عليها من ردة فعل مراد..
تحرك مراد من خلف مكتبه وهو يرمقها عبثًا ويرسم بسمة خبيثة تنم عن مدى ثورانه الداخلي، شعرت نيرة بألم في بطنها فور ترجمة ملامح وجهه، عكس فريدة التي تستعجب الوضع..
: انتي ليكي عين تيجي هنا بعد اللي عملتيه؟
تمتم مراد من بين أسنانه التي يصطكها بعنف، لتضيق ما بين حاجبيها بغرابة
: عملت إيه؟ تقصد عشان الورق يعني؟ يا شيخ ما تركزش قوي كدة، دي حاجة بسيطة
قالت بعفوية وجهالة ثم أردف مؤكدًا وهو يرمي بآخر ورقة صبر لديه
: يعني معترفة إنك خدتيه؟
: خدت إيه؟ تقصد الورق؟ أيوة مهو انت ما كنتش ف مكتبك وأنـ...
: وازاي تتجرأي وتعملي كدة؟
لم تكمل ليقاطعها بصرخة جمدت الدماء بعروقها بعد أن ارتجف بدنها كالقصبة، لم تفهم لما كل هذا الغضب؟ لأنها دخلت مكتبه دون أذنه أم ماذا؟ 
ليتابع هو صياحه الحاد: لتاني مرة بتتجرأي وتعملي حاجة غبية معايا، طول عمري بشوف حقيقة الناس من عيونهم، وأعرف الخبيث منهم، بس أول مرة أتخدع ف حد شاطر أوي ف تمثيله لدرجة إنه يعيش الدور على نفسه!
كان يهدر بكلماته وضربات قلبه تنبض بشدة، لتحرك وجهها نحو نيرة وتقول ببلاهة
: هو الجدع دة بيكلم مين؟ بيتدرب ع حوار، هيقدم في Arab got talent ولا أيه؟ 
لتنتبه على نيرة التي انهالت على وجنتيها الدموع وأغرقت وجهها بالكامل، ظنت فريدة أنها تبكي لأجل الحوار..
لتقوس فريدة شفتيها بطفولية ثم تردف
: نيرو انتي بتعيطي ع الحوار الأهبل دة؟ اقسم بالله فاشل ف التمثيل
لم يتمالك مراد غضبه ولم يستطع السيطرة على اشتعال عقله وهو يتذكر مشهدها وهي تقف مع معتز في عرض الطريق، ليرفع بيده ويهبط على وجنتها بصفعة قوية جعلتها فورًا تسقط أرضًا.
لتصرخ نيرة بهستيريا
: مـــراد.............

يتبع الفصل السادس والعشرون  اضغط هنا 
  • الفهرس يحتوي على جميع فصول الرواية كاملة :"رواية ظل السحاب" اضغط على اسم الرواية 
google-playkhamsatmostaqltradent