Ads by Google X

رواية وعد بلا رحمة الفصل الثالث 3 بقلم ياسمين ابو حسين

الصفحة الرئيسية

رواية وعد بلا رحمة الفصل الثالث بقلم ياسمين ابو حسين

 رواية وعد بلا رحمة الفصل الثالث

 هل تتذكرني... تشتاقني.. تتمتم بإسمى كما أفعل أنا...
أغزو افكارك و أحتل أحلامك.. تتنفسني.. تبتسمني.. تراني أداهم غفوتك و أتجسد أمامك.. تتلاقى أرواحنا بمخيلتك.. تخلق حديثاً و ضحكات و نظرات .. تغلق عليا عيناك كل ليلة.
تشتم ريحي مع ذكر إسمى.. تسجد داعياً لي.. ترقيني عيناك كلما ضحكت او أثرت إعجاب أحد...
هل كنت بيوماً أمنيتك التى لم و لن تتمنى غيرها.. الرحمة و العفو من ذلك الزمن القاسي...
فأنت عندى رحمة من ربي لحالي...

عادت روضة من عملها .. فمرت على شقة مالك .. وقفت تتطلع إليها بشوق وقد غمرها شعور وتأكيد من أنه بالداخل .. قلبها أخبرها فإبتسمت براحة و صعدت لشقتهم .. محملة بشعور دافئ رقيق.. دلفت للداخل و سارت لغرفتها مباشرة بشرود .. أغلقت على نفسها باب الغرفة .. و رفعت نقابها و إبتسامة عذبة تزين وجهها .. دلفت وعد غرفتها متعجبة و قالت ساخرة :
- مالك يا رودى دخلتى آخدة فى وشك وما كلمتيش حد .
تنهدت روضة مطولا و قالت بإرتباك :
- ما فيش يا وعد .. أصلى تعبانة من الشغل شوية .
تأملت وعد هيأتها ثم عقدت ذراعيها أمام صدرها و قالت بمكر :
- و اللى تعبان من الشغل يقعد سرحان و مبتسم من غير سبب كده .
تنحنحت روضة بحرج و قالت بإمتعاض :
- إنتى مركزة معايا ليه .. إخرجى يالا خلينى أغير هدومى .
عقدت وعد حاجبيها بضيق وقالت :
- طب ما تزقيش طب .

تركتها وعد بمفردها و خرجت .. لتعود الإبتسامة على شفتيها و هى تنتظر بشوق المساء كى تراه .. خلعت نقابها وحجابها و مررت أناملها بشعراتها الناعمة و هى شاردة بذكرياتهم سويا .. كم تتمنى أن يشعر بها و يأتى اليوم الذى يطلبها للزواج .. و تصبح له و يصبح لها ...

...........................................................................................
.....................................

دلف جاسم مكتب والده الممسك لمسبحته ويذكر الله .. لطالما كان والده الوتد الداعم لله و الذي أنشأهُ نشأة جعلته رجلا منذ كان طفلا.. و أعطاه الثقة في إدارة كل أعماله.. لتبتسم شفتيه فور رؤيته فوقف والده مسرعا و قال بفرحة :
- يا أهلا يا أهلا .. الدنيا نورت .
إحتضنه جاسم و قال بشوق :
- دى منورة بيك يا حاج فضل .. و الله وحشتنى .
ربت على ظهره قائلا بحنو:
- إنت وحشتنى أكتر يا إبنى .
أجلسه فضل أمامه وقال و هو يربت على كفه :
- هاه طمنى أخبار الشغل إيه .
غمز له جاسم بعينيه و قال مداعبا :
- عيب عليك .. كله تمام و مضينا مع الراجل لسنتين قدام .
هز فضل رأسه بإعجاب فجاسم لم يخيب أمله به من قبل و هو يقول بسعادة:
- ما شاء الله عليك ..كل مرة بتزود ثقتى فيك .. دلوقتى أقدر أسيبلك كل حاجة و أرتاح بقا .. بس قولى صحيح جيت ليه .. كنت إرتاحت من الطريق و السفر .
زم جاسم شفتيه و قال بضيق :
- أرتاح فين .. ده التتار هجموا عليا زى القضى المستعجل .. فاسبت ليهم البيت و هربت .
ضحك فضل ضحكة عالية و قال برجاء :
- يا إبنى ريحهم و ريحنى و ريح أمك و أختار بنت منهم إتجوزها و خلف لى عيال يملوا عليا الدنيا .
فصاح جاسم بغضب رافضا كلمات والده :
- حرام عليك يا حاج .. يعنى إنتم ترتاحوا و أنا أتعب .. أنا بكرة لما ألاقى بنت الحلال هتجوزها فورا و أملالك الدنيا عيال .
وقف فضل و هو يحمل أشيائه قائلا :
- يا رب يا حبيبى .. قوم يالا نروح علشان تاكل لقمة و ترتاح
أجابه جاسم بإنصياع :
_ حاضر يا حاج .. اتفضل .

وقفا الإثنان و توجها لسيارة جاسم الذي قادها وإنطلق و هو يقص له تفاصيل اتمام صفقتهم و نجاحه بها ......

.............................................................................................
.....................................

فى المساء إجتمع الجميع على سطح البناية فى إنتظار صعود مالك .. الذى دلف إليهم قائلا بإبتسامته العذبة :
- السلام عليكم .

إنتفضت روضة فور سماعها لنبرات صوته الساحرة .. و إلتفتت إليه بشوق و هى تطالع هيئته الساحرة .. و قد زاد الضوء الأصفر الباهت بياض بشرته .. و إبتسامته التى تعشقها و تمدها بطاقة غريبة .. تسرى بجميع أوصالها و بقلبها المشتاق لرؤية ساكنه .. بينما وقف عمرو مسرعا و تقدم نحوه .. فاتحا ذراعيه لإحتضانه و قال مرحبا بإبتسامته العذبة :
- وحشتنا الكام يوم دول و الله يا صاحبى .
ربت مالك على ظهره و هو يضمه إليه .. و قال بإمتنان :
- ربنا يخليك ليا يا عمرو .. إنت وحشتنى أكتر .

ثم إبتعد عن عمرو وهو محتفظ بملامحه السعيدة بينما بحثت عينيه عنها حتى وجدها جالسة على الأرجوحة .. جذبته ملامحها البريئة مثلها .. لوهلة شعر بنبضة متمردة أعلنت عصيان قلبه و دقت شوقا لتلك الطفلة التى سلبته دون أن يدرك .. ثم تمالك مشاعره الغريبة عليه و دنا من إمتثال و قبل جبهتها قائلا :
- وحشتينى يا تيتة .. و وحشتنى دعواتك .
ربتت إمتثال على كفه و قالت بحنو :
- و الله يا مالك القعدة كانت ما لها طعم من غيرك .
- تسلميلى يا حبيبتى .
ثم أخرج من حقيبة يحملها صندوق ورقى .. ومد يده به نحو إمتثال و قال :
- جبتلك الشال ده يا تيتة يا رب يعجبك .
إبتسمت إمتثال بتقدير و قالت بفرحة :
- يا حبيبى .. ليه تعبت نفسك كده .
أعطاه لها و هو يقول:
- مافيش تعب يا ست الكل .. ربنا يخليكى لينا .
ثم إعتدل فى وقفته و أخرج علبة صغيرة من حقيبته وأعطاها لعمرو قائلا بسخرية :
- دى لو ما لبستهاش يوم فرحك .. مش هديك أختى فاهم .
إلتقط عمرو هديته و فتحها فوجدها ساعة معصم .. غالية و جميلة .. فقال بإمتنان و تقدير :
- دى تحفه .. تسلملى يا مالك .. وأوعدك إنى هلبسها يوم الفرح ومش هغيرها أبدا .
ربت مالك على ظهره و تطلع لروضة التى إختفت أنفاسها فور تلاقى عيناهما .. وحمدت ربها أنها ترتدى النقاب ليخفى علامات شوقها و توترها البادى برجفة شفتيها و إحمرار وجهها .. إقترب منها مالك و قال بصوته الرجولى الذى يزلزل العالم من حولها :
- أخبارك إيه يا روضة .
إبتلعت ريقها و تمالكت مشاعرها المهلكة و قالت و هى تقبض كفها علها تستمد بعضاً من القوة :
- أنا كويسة الحمد لله .. إنت أخبارك إيه .
أُغمضت عينيه مع إبتسامته و التى تزيد من إرتباكها و توترها و هو يجيبها قائلا:
- الحمد لله كويس .
ثم أعطاها الحقيبة التى بيده وقال بتلهف لمعرفة رأيها :
- دى حاجة بسيطة يا رب ذوقى يعجبك .
تطلعت للحقيبة و قالت بفرحة :
- دى علشانى أنا .
أومأ مالك برأسه و قال بإبتسامته الهادئة :
- أيوة طبعا .. إفتحيها و قوليلى رأيك .

مدت يدها و حملت الحقيبة .. ثم أخرجت منها علبة حمراء .. فتحتها لتجد بها السلسال الفضى .. لمعت عينيها بسعادة وهى تتلمسه بأناملها بفرحة .. فقد سلب عقلها و قلبها من شدة بساطته و جماله .. رفعت عينيها عنه و قالت لمالك بإمتنان :
- بجد يجنن .. مش عارفة أشكرك إزاى .
أجابها مسرعا :
- مافيش شكر بينا .
مصمصت وعد شفتيها و هى مستندة على أرجوحتها و تستند بذقنها على يديها و قالت ساخرة بضيق :
- شيفاك يعنى إديت روضة الكيسة .. هو إيه أنا اللى وقعت من قعر القفة .. فين الهدية بتاعتى يا برنس .

إلتفت إليها مالك بعينيه طالعها قليلا و إلتف بجسده ليصبح قبالتها .. ثم وضع كفيه بجيبى بنطاله .. و رمقها بنظرة مطولة نظرة شمولية خفيفة .. ليعلن قلبه إستسلامه لها .. ثم إقترب منها بخطوات بطيئة لكى يعطى نفسه فرصة أكبر لتأملها .. وقف خلف الأرجوحة و دفعها ببطئ و هو يقول ببرود مستفز :
- إنتى مالكيش هدية النهاردة .. يا سنجوبة .
أوقفت الأرجوحة بقدمها و قالت و هى تطالعه بقوة بينما تفوهت ساخرة :
- قال بعد الغيبة .. راجع بالخيبة .
إنفجر مالك ضاحكا .. ثم حك مقدمة أنفه و قال من بين ضحكاته :
- تصدقى خسارة فيكى الهدية اللى خدت اللى ورايا و اللى قدامى .
ردت بإمتعاض وهى تراه خالى .. لا يحمل شئ :
- أسمع كلامك أصدقك .. أشوف إيديك اللى فى جيوبك أستعجب .
نهرتها روضة قائلة بضيق :
- وعد ... كفاية كده عيب .
زمت وعد شفتيها بطفولة وقالت لروضة :
- ليكى حق تزعقيلى .. ما إنتى أخدتى هديتك .. وأنا اللى ما إفتكرنيش .
رد مالك بهدوء عكس ما يشعر به وهو يتطلع لزمة شفتيها بنار يشعر بها لأول مرة .. و تلك النظرة البريئة التى جعلته يقسم بداخله أنه يعشقها .. و يريدها بشدة :
- أظن أنا قلت إن هديتك كانت غالية جدا .. وهموت وأشوف ردة فعلك لما تشوفيها .
لمعت عينى وعد بفرحة و وقفت أمامه و سألته برجاء متمنى :
- إنت بتتكلم جد .. إحلف .. طب هى إيه .. هاه .. هى إيه قول بقا .
كانت تقف أمامه مباشرة .. وقريبة أيضا .. لم تكن قريبة منه كذلك من قبل .. أو ربما كانت و لكنه لم يشعر نحوها ما يشعر به الآن فقال بنفسه :
- عندك حق يا جاسم .. واضح إنى وقعت ولا حدش سمى عليا .
لاحظت وعد تأمله لها فقالت بضيق وخوف :
- سكت .. يبقى بتشتغلنى و بتضحك عليا صح .
فقالت لها آمال بثقة :
- أنا متأكدة إن مالك محضرلك مفاجأة كبيرة يا وعد .
عقدت وعد ذراعيها أمام صدرها وقالت بفتور :
- طب هى فين هديتى دى ؟!!!
رد مالك وهو يلاحق كل حركاتها الغاضبة .. والتى يكاد يجزم أنه يراها لأول مرة .. بينما يجاهد نفسه حتى لا يبدو عليه حالة التخبط التى يشعر بها .. فقال رافعا حاجبه بمكر :
- هتاخديها يوم عيد ميلادك .
طرقت بإبهامها على شفتيها بتفكير ثم قالت متسائلة بفضول :
- إممممم .. يعنى تستاهل الهدية دى إنى أفضل على نارى كده ليوم عيد ميلادى .
قرر أن ينهى ذلك الحوار حتى لا يفتضح أمره .. و تخذله عينيه التى يرى بها أشياء تأسره .. فقال و هو يوليها ضهره بقوة :
- صدقينى تستاهل .. وما كنتش متخيل إنها تستاهل قبل كده .
ثم وقف أمام عمرو و قال بإستغاثة من مشاعره الهوجاء :
- يالا بينا ننزل شوية يا عمرو .. دمياط وحشتنى تعالى نلف شوية بالعربية .
أومأ عمرو برأسه و قال و هو يشير إليه بذراعه ليتقدمه :
_ تمام.. يالا بينا.

لم ينسى عمرو أن يرمق حبيبته بنظرة جعلتها ترتجف .. فقد إكتشف أمرها و لاحظ عمرو تحديقها به .. وأخبرها أنه يشعر بها .. و لكنها لمحت إلتواء شفتيه فى شبه إبتسامة .. كأنه يخبرها أنه يشتاق أكثر .. و يتعذب أكثر .. و ينتظر بفارغ الصبر ﻷن تصبح له .. و يمتلكها بين يديه .. ببيته .

إنطلقا الإثنين .. و بداخل كل منهما مشاعر تجعل الإبتسامة لا تفارقهما .

..................................................................................................
..........................................

في الصباح توجه جاسم لعمله الذى ما أن دلفه و رحب به الجميع و هو يبادلهم ترحابهم حتي دلف لمكتبه.. فوقفت سكيرتيرته راندا و قالت:
_ صباح الخير يا مستر جاسم.
إتسعت إبتسامته و هو يقول بمشاغبة:
_ يا صباح السكر.
مد يده ناحيتها بهدية و هو مازال محتفظ بإبتسامته.. رمقتها طويلا ثم قالت بجدية:
_ يا فندم حضرتك عارف أنا مش باخد هدايا من حد.
هز كتفيه و قال ببديهية:
_ دى مش من حد دى من رومانيا إمسكى بقا.
إلتقطتها منه بخجل بينما تابع هو قائلا بمزاح:
_ و باعدين انا مش قولت مافيش حضرتك و يافندم تاني.. احنا مش في مجلس الوزراء هنا.
اومأت برأسها و هي تقول بعملية:
_ تحت أمرك يافندم.
رفع عينيه بملل و قال:
_ يافندم تانى.. اقولك إدى خبر لسامر إني عاوزه.
وصعت هديتها على سطح مكتبها و قالت:
_ مستر سامر بس و مستر مالك لأ.
أجابها و هو يسير ناحية مكتبه:
_ لا مالك النهاردة أجازة.
قطبت حاجبيها بتعجب و هي تقول:
_ هو هنا في ميعاده يا فندم.
توقف جاسم في سيره و التفت اليها قائلا بتعجب:
_ أنا قولتله يرتاح النهاردة.
ثم هز رأسه بيأس مبتسماً و قال:
_ طب خليه هو كمان ييجي مع سامر.
اجابته بعملية:
_ حاضر هعطيهم خبر.
و تركت مكتبها و سارت حتي غرفة مالك.. طرقت بابها المفتوح و قالت:
_ صباح الخير يا مدام وفاء.. صباح الخير يا مستر مالك.
رفع مالك و وفاء رأسهما ناحيتها و أجابها بود:
_ صباح الفل.
أشارت لها وفاء قائلة :
_ تعالى يا راندا إفطرى معايا ده آخر يوم ليا بالمكتب.
طالعتها راندا بحزن و قالت:
_ هتوحشيني جدا و الله.. و ساندويتشات المربي بتاعتك هتوحشنى.
إلتفت مالك برأسه ناحية وفاء و قال بأسى:
_ هتسيبى فراغ كبير يا مدام وفاء.. تخيلي نجيب واحدة غيرك و نفضل نعلمها كل حاجة من الأول و جاسم أصلا مافيش خلق عنده و لا صبر.
ناولته شطيرة بالجبن و هي تقول:
_ هعمل ايه جوزى رجع من السفر و لازم اقعد بالبيت خلاص.
إلتقط الشطيرة منها و هو يقول بإستسلام:
_ ربنا يخليكوا لبعض.
كانت راندا تتابع حوارهما حتى تذكرت ما قاله جاسم لها فإنتفضت قائلة:
_ صحيح مستر جاسم هنا و عاوزك انت و مستر سامر.
قطب مالك جبهته و قال بتعجب:
_ جاسم!!... إيه اللي جابه ده.
إلتفتت بجسدها عائدة و هي تقول بسخرية:
_ هو لسه قايل نفس الجملة عليك.
طالع مالك ساعة معصمه و هو يقول بحنق:
_ الساعة ٩ و الأستاذ سامر مجاش لسه و المفروض لا أنا و لا جاسم كنا هنيجي.. يعني المفروض يكون هنا مكانا.
دلف للمكتب شاب طويل أبيض البشرة.. عينيه خضراء و شعراته تميل للإصفرار و هو يقول بنبرته المازحة على الدوام:
_ سامع إسمى.
رمقه مالك شرزا و قال بغضب:
_ ما لسه بدرى يا باش مهندس.
بينما قالت له وفاء:
_ تعالا يا سامر عملالك ساندوتش الجبنة اللي بالقوطة زى ما بتحب.
مصمص شفتيه و هو يسير نحوها قائلا بإمتنان:
_ متحرمش منك يا رب.. طب و الله هفتقد الساندوتشات بتاعتك دى.. زى ما انتي هتفتقدى خفة دمى و تفتقديني صح.
وقف مالك و صفعه بهديته ودفعه من صدره قائلا:
_ يالا يا استاذ جاسم عاوزانا.
سار أمامه بقوة الدفع و هو يقول:
_ طب أفتح الهدية.. اكمل الساندويتش عالأقل.
و وفاء تتابعهما ضاحكة.. حتى خرجا.. ثم طل سامر برأسه من باب مكتبهم قائلا:
_ طب و الله هتفتقديني.
تعالت ضحكاتها أكثر.. بينما جذبه مالك من ياقة سترته قائلا بفقدان صبر:
_ يا عم التافه إنجز.
سارا حتى مكتب راندا و سامر واضعا شطيرته بفمه متمسك بها.. و يفتح هديته.. أخرج منها خاتم فضي نال إعجابه و إرتداه ثم حمل شطيرته من فمه و القي ورق الهدية من بعيد في صندوق القمامة الخاص بمكتب راندا قائلا:
_ جووووول.. الله عليا.
إنتفض راندا بجلستها حتى طالعتهما و هزت رأسها بيأس.. بينما إقترب منها سامر قائلا بمداعبة:
_ صباح الحلويات.
إحمرت وجنتيها خجلا و أجابته:
_ صباح النور.. مستر جاسم بإنتظاركم.
حرك رأسه و هو يقول ساخرا:
_ بإنتظارنا!!! لا ده احنا ندخله بقا طالما بإنتظارنا.
تمالك مالك ضحكته و دفعه مجددا امامه حتى دلفا غرفة جاسم و اغلقا ورائهما الباب.. إرتمي سامر على مكتب جاسم قائلا بإندفاع:
_ فين هديتي يا اسطى.
ترك جاسم قلمه من يده و قال ببرود:
_ الناس بتقول صباح الخير.
إقترب منه أكثر و هو يعبث بأشيائه باحثا عن هديته قائلا:
_ دى الناس بقا.. إنجز يا جاسم.
إستسلم جاسم ضاحكا و فتح أحد الأدراج و أخرج منها هديته و ناوله إياها قائلا بحنق:
_ إمسك إياك يطمر فيك.
إلتقطها سامر مسرعا و جلس أمامه و فتحها بعشوائية حتى جحظت عيناه من الفرحة و هو يصيح:
_ الآيفون الجديد.. هو ده.
إلتفت جاسم ناحية مالك و سأله بتعجب:
_ إنت إيه اللي جابك مش قولتلك ريح النهاردة.
مرر مالك أنامله بشعراته و هو يقول ببديهية:
_ اللي جابني جابك.
وضع سامر الهاتف الجديد امامه و قال بعملية:
_ انا جهزت شحنة الموبليا اللي هتسافر الكويت كلها و ظبطت كل حاجة بالمينا علشان شحنة الخشب اللي جاية.. و ربطت كلام مع أصحاب الشقة اللي فوق المكتب دى علشان ناخدها هي كمان بدل ما بنضطر نروح مكتب الحاج فضل كل شوية.. مالك بقا يبقى يخلص فى سعرها.
اومأ جاسم برأسه و قال:
_ حلو جدا.. طب و الأنتيكات اللي هتروح أوتيلات شرم جهزت.
اجابه سامر مسرعا:
_ فاضل ايام و تخلص قبل ميعادها و بأعلى جودة في كل حاجة زى ما طلبت.
خرج مالك من صمته و قال بخيبة:
_ المشكلة دلوقتى إن مدام وفاء خلاص آخر يوم ليها النهاردة هنعمل إيه من غيرها.
رن هاتف جاسم فإبتسمت عينيه بإنتصار و قال مسرعا:
_ إتصرف يا مالك هات غيرها و علمها هنعمل إيه.
بحث مالك بعقله حتى إبتسم قائلا :
_ عندى البديل و تخصص دراستها و ذكية جدا.
اشار لهما جاسم بيده ان يخرجا قائلا:
_ طب كويس إمشوا بقا معايا تليفون مهم.
زم الإثنان شفتيهما و قال له سامر بتذمر:
_ إرحم نفسك هتعمل بيهم إيه البنات دى.
تهدلت ملامح جاسم و هو يقول ببرود:
_ ده وقت نصايح ده.. يالا برة.
وقف مالك قائلا:
_ ربنا يهديك يا أخي.
و تركاه و إنصرفا.. بينما أجاب هو هاتفه قائلا بإنتصار:
_ قلبي اللي وحشني.. كنت حاسس إنك هتتصلي بيا و مش ههون عليكي.

.................................................................................
.....................

كعادة روضة بكل يوم عطلة لها من عملها تساعد جدتها بأمور المنزل و بعدما تنتهي تختلي بنفسها مع رواية رومانسية سابحة بخيالها بكل قصة متمنية أن تصبح بيوم بطلة بروايتها التي تخطها بروحها كل يوم و تزيد عليها فصولا و أحداثاً جديدة...
بقي على قص روايتها أن يعترف لها بطل روايتها و عالمها بعشقه الظاهر بعينيه و إهتمامه الرقيق..
وخزتها وعد بذراعها و هي تتابع شرودها قائلة بصياح:
_ رووووووضة.
أغلقت كتابها و صفعتها به على ذراعها و هي تقول بتذمر:
_ بتصوتي ليه فزعتيني.
إبتعدت عنها وعد قليلا و هي تمسد ذراعها و قالت بحنق:
_ بقالي ساعة بنادى عليكي و انتي مش بتردى عليا.
وقف روضة و أعادت الكتاب لمكانه و سألتها بضيق بعدما أخرجتها من خيالها قائلة:
_ بتندهي عليا ليه بقا.
أجابتها وعد ببديهية:
_ ميعاد الغدا لازم هنادى عليكي علشان تاكلي.
إلتفتت إليها روضة قائلة:
_ حاضر لما عمرو ييجي.
قهقهت وعد و هي تقول بسخرية:
_ ده إنتى مش معانا خالص.. ده عمرو هنا من بدرى.
دفعتها روضة أمامها.. وجلستا على الطاولة و بدأو في تناول طعامهم...
حتى إنتبهوا على رنين جرس الباب.. دلفتا الفتاتين لغرفة روضة سحبت وعد حجاب لروضة بينما إرتدت روضة نقابها.. وصل لمسامعهما صوت عمرو الذى رحب بمالك قائلا:
_ نورت البيت يا مالوك إتفضل.
بينما قالت الجدة إمتثال:
_ لا كلام و لا سلام على طعام إتفضل يا مالك.
جلس على مقعد وعد فصاحت بهما الجدة قائلة:
_ يا بنات هاتوا أطباق لمالك.
خرجت وعد مرحبة به و دلفت للمطبخ.. بينما أجاب عمرو هاتفه واقفا في الشرفة.. وقفت وعد تطالع مالك المحدج بها و قالت بتذمر:
_ إنت قاعد مكاني.
إبتسم بخفوت و إجابها بمشاغبة:
_ مش هقوم يا سنجوبة.. خلى فى ذوق.
رفعت عينيها بملل و سارت نحوه و مدت يدها لتبديل أطباقها بأطباق نظيفة له.. فسارع هو و إلتقط ملعقتها و غرف بها الأرز و أكلها و هو يداعب الجدة قائلا:
_ اممممم الأكل يجنن يا تيتة عمرى ما أكلت رز بالطعامة دى.
ربتت على كفه و قالت بإمتنان:
_ بالهنا والشفا لقلبك يا حبيبي.
كل هذا و وعد متصنمة مكانها حاملة للأطباق تطالعه بصدمة من فعلته.. لقد أكل من صحنها و بملعقتها.. خرجت روضة التى رحبت به و جلست بالكرسي المقابل له.. بينما تحركت وعد و جلست بجوارها و هي تطالعه بتعجب.. جلس عمرو بجواره و إنهمكا في الحديث و هي غير قادرة على ترجمة ما فعله..
لم يكن غافلا عن حالتها التي جعلته كابحاً لضحكاته.. حتى قرر أن يرحمها و طالعها مطولا ثم قال بهدوء:
_ وعد ممكن أوراق تخرجك و الدبلومات بتاعتك و أوراقك الشخصية.
فسأله عمرو بإبتسامة متسعة:
_ لقيت لها شغل صح؟!!
اجابه مالك و هو مازال يتعمق بعينيها قائلاً:
_ ايوة و معايا بشركة رحال.. هتكون مساعدة لجاسم رحال شخصياً.
إبتسمت وعد بفرحة و إعتدلت بجلستها قائلة بشغف:
_ ده بجد و الله.. طب و مساعدة ليه ده يعني إيه سكرتيرة.
هز رأسه نافياً و قال موضحاً:
_ لا طبعا مش سكرتيرة.. مساعدة يعني هتساعديه بإدارة كل أعماله و هتبقي على علم بكل شغلنا و علاقاتنا،.. بكرة لما تستلمى و تتمرني هتفهمي قصدى.. و جاسم حد محترم و بيقدر كل اللي بيشتغلوا معاه و أنا متأكد إنك هترتاحي معانا.
تطلعت بروضة و هي تقول بهيستيرية من سعادتها:
_ أخيراً هشتغل يا روضة إنتي مصدقة.
لفت روضة ذراعها حول كتفيها و قالت:
_ ربنا يوفقك يا قلبي.
دنا عمرو من مالك قليلا و سأله بقلق:
_ و جاسم ده مش عصبي و لا بيتنطط على موظفينه لأنه يوم مايزعلها بكلمة مش عارف رد فعلي هيكون إيه.
إلتفت إليه مالك بجسده و قال له مطمئناً:
_ لا جاسم إبن ناس و متربي أحسن تربية و كل الموظفين عندنا بيحبوه.. هو راجل قوى و خيره عالكل و اللي بإيده مش ليه.. و محدش سواء من الشركة أو غريب طلب منه طلب إلا و نفذه.. ده اخويا و عشرة عمرى و لو في يوم هتقلق منى على وعد.. إبقى وقتها إقلق منه لأنه احسن منى كمان.
إبنسمت وعد براحة و هي تتخيل ذلك الشخص الذى يتحدث عنه مالك بكل هذه الثقة و كيف ستكون معاملتها معه.. أخرجها مالك من شرودها قائلا:
_ بكرة الصبح عالساعة عشرة عمرو هيجيبك الشركة و انا هكون مستنيكي هاتي ملفك كامل و خير إن شاء الله.
ثم وقف و قال مودعاً:
_ أنزل أنا بقا لماما اكيد بتستنانى.
أوصله عمرو لباب الشقة.. بينما كانت روضة فى أسعد لحظات حياتها .. لقد كان هنا .. فما زال عطره يملأ المكان .. كانت تراقب كل حركاته طريقة مضغه الهادئة وهو مغلق فمه حتى أنه لم يتحدث وفى فمه طعام .. نظراته المشاغبة لوعد والتى لم تفطن بعد أنها نظرات إعجاب أو بالأحرى عشق .. إبتسامته الهادئة والتى تمنحه جمالا فوق جماله و إحمرار أذنيه البيضاء كوجهه .. فلامست السلسال الذى أهداه إليها وهى تتنهد بولع .. بينما أخرجتها من شرودها تلك الزوبعة الصغيرة المسماة وعد والتى تستعد لعملها بقوة كأنه يوم زفافها ....
أخذت وعد تجول المنزل ذهابا وإيابا وهى تحدث نفسها بما يمكنها شراؤه من ملابس وأحذية ومستلزمات لها .. وما ستفعله بعملها لتثبت نفسها .. وطموحها المنطلق فى أن تكون تلك البداية لقادم أكبر .

...........................................................................................
............................

فى احدى حلقات سباق السيارات الشبابية وقف جاسم بجوار أحد الأشخاص الذي يقوم بصيانة لسيارتة قبل إنطلاق السباق.. و قد تراصت بجوارها باقي السيارات من أنواع مختلفة و حشد كبير من الشباب متابعون لذلك الحدث المتهور... إبتعد جاسم قليلا عن سيارته و حمل هاتفه و دق رقم مالك الذى رد بتثاقل قائلا بفتور :
- عاوز إيه يا إبنى إنت .. هو أنا ماينفعش أخلص منك نص يوم على الأقل .
وصل لمسامع مالك ضحكة عالية من جاسم الذى رد عليه لإغاظته :
- وراك وراك يا معلم .. قوم فوق كده وهات سامر وتعالالى ورايا سبق وعاوزكم معايا .
تأفف مالك بضيق وقال ممتعضا :
- ده أمر ولا رجاء .
- ﻷ دى سناء .. إخلص يا بارد .. هات البارد التانى وتعلالى يالا .
رد مالك عليه بغلظة :
- ماشى يا عم السخن .. بص يا جاسم شكل صحوبيتنا دى مش هتطول .
ضحك جاسم مجددا وقال بصدق :
- إحنا إخوات ياله .. مش أصحاب وبس .
هز مالك رأسه بيأس و إبتسم قائلا:
- إضحك عليا بكلمتين .. بس برضه الكلام الناعم ده ما ياكلش معايا و هنسيب بعض قريب .
زفر جاسم بضيق و صاح به قائلا بغضب :
- جرى إيه يا إبنى هو أنا مش مالى عينك هى نص ساعة وتبقى قدامى وإلا ما تزعلش من اللى هعمله فيك .
وقف مالك مسرعا وقال بهدوء :
- إهدا يا معلم بنهزر .. إقفل دلوقتى ونصاية ونبقى عندك سلام يا وحش .

أغلق مالك الهاتف .. ووقف أمام خزانته و أخرج تيشرت إسود وبنطال جينزى كحلى و إرتداهما ثم إرتدى حذاء رياضى إسود .. ووضع عطره و صفف شعراته الناعمة .. حمل هاتفه ومفاتيح سيارته و خرج من الشقة ليجد الفتيات تصعدن الدرج محملات بأكياس كثيرة .. تطلعت وعد لوسامته وعطره الجذاب مثله .. بينما بادر هو وقال ساخرا :
- إيه الأكياس دى كلها .. ده جهاز عروسة .
إقتربت منه روان وقالت محذرة بعدما رأت حاجب وعد الذى إرتفع بضيق :
- إهدى على نفسك كده يا مالوكى .. ده وعد إشترت شوية حاجات لزوم الشغل الجديد وكده .
هز رأسه متفهما وقال بمكر :
- طيب .. أمشى أنا علشان ورايا ميعاد مهم .
خرجت وعد عن صمتها وقالت بشك :
- ميعاد إيه ده اللى متشيكله قوى كده .. إيه بتحب جديد .
وخزتها روضة فى ذراعها وقالت معاتبة :
- عيب يا وعد كده .. إنتى مالك إنتى .
إبتلعت وعد ريقها بخجل بعدما فطنت لما قالته بتسرع نابع من شعور غريب بالضيق لرؤيته بهذه الجاذبية وكلامه عن ذلك الموعد الهام .. فقالت بتوتر :
- أنا بهزر على فكرة .
لكنه تطلع إليها بنظرة جعلتها تتنفس بصعوبة .. أجفلت عينيها عنه وهى تحلل تلك النظرة التى أشعلتها بنيران أربكت كل حصونها .. إبتسم مالك بوجه منتشى من شعورها بالضيق لمجرد فكرة أنه يحب .. ثم تابع كلماته الماكرة وهو يقول بقوة :
- أنا لما هحب .. هخطب على طول .. ماليش فى جو الصحوبية ولعب العيال ده .. واللى بحبها مش هبقى محتاج أقولها لأنها هتعرف لواحدها .. إنى بعشقها بكل تفاصيلها .
لاحظ إرتباكها وتورد وجنتيها أكثر .. فقال مسرعا ليرحمها من تلك الحالة التى إنتابتها :
- أنا همشى أنا سلام يا بنانيت .
هبط الدرج مسرعا و وجه يشع نورا من تلك الإبتسامة التى ملأته .. بينما قالت روضة بغضب :
- زودتيها يا وعد .. عيب كده .
ردت عليها بحرج بادى بنبرتها الخفيضة :
- آسفة .. مش هعمل كده تانى .
فقالت لهما روان بإنفعال :
- مزودينها قوى إنتم .. عادى يعنى .. يالا يا وعد إطلعى علقى الهدوم الجديدة لتتبهدل .. وبكرة الصبح قبل ما تمشى لازم أشوفك تمام .
أومأت وعد برأسها وقالت بإبتسامة باهتة :
- تمام .. شكرا يا روان .

وصعدت مسرعة لا تعرف هل تهرب من روضة أم من نفسها وتلك المشاعر التى أصبحت ترهقها كلما رأت مالك .. وهو أيضا يتمادى بكلماته المبهمة .. ونظراته الدافئة الساحرة .. والتى تهاجم أفكارها دون أن تمتلك الحق فى ذلك .. أو ربما يمتلك ...

.....................................................................................
..................................

إستند جاسم بظهره على سيارته الرياضية وعلى ثغره إبتسامة نصر وهو يتابع تقدمها نحوه .. فرغم صلابتها الواهية و غرورها اللامتناهى ها هى ترفع راياتها البيضاء وتتقدم نحوه .. وقفت أمامه بثقة وقالت وهى مستسلمة لحرب النظرات بينهما :
- مش مصدقة إنى جيت هنا .. بس فضولى غلبنى .
إعتدل جاسم فى وقفته وقال بثقة :
- وأنا كنت متأكد إنك هتيجى .. ولا كنت هلغى السباق ده .
إبتسمت نهلة بمداعبة وهى تقول ببساطة :
- طب ولو ما كنتش جيت .. كنت هتلغى الريس بجد .
رفع عينيه للأعلى متصنعا التفكير ثم قال وهو يغوص بعينيه داخل عينيها بجرأة :
- بس أنا كنت متأكد و واثق إنك هتيجى .
قاطع حديثهما سامر الذى يتقدم نحوهما خلفه مالك وهو يقول بسخرية :
- قال يا قاعدين ....... والله ما إنتوا قايمين .
أغمض جاسم عينيه بغيظ وزفر بضيق ثم قال ممتعضا :
- إنتوا إيه اللى جابكم دلوقتى .
رد مالك وهو يصفع كفيه ببعضهما متعجبا :
- مش إنت اللى صحيتنى و قلقت راحتى و خلتنى أجى غصب عنى .. إنت بتتحول يا إبنى .
بينما إقترب سامر من نهلة وسألها بود :
- أنا سامر العطار .. وإنتى إسمك إيه ؟؟؟
ردت نهلة بضيق من تطفلهم .. وعيونها تتطلع بجاسم :
- إسمى نهلة .
فرد سامر مسرعا :
- نهلة ...... طب هاتى شوية عسل .
وإنفجر ضاحكا .. ثم قال ثانية بسخرية :
- إسمك حلو يا نهلة .. طب بقولك إيه هاتى شوية بلح .
وعاد لضحكاته مرة أخرى .. بينما مالك وجاسم قد زفرا بملل فما أن يبدأ سامر بحالة القلش لن يوقفه شئ .. إقترب شخص من جاسم وحدثه هامسا .. فأومأ جاسم برأسه وقال بجدية :
- تمام دقيقتين وهبقى جاهز .
إقترب مالك من جاسم وقال لائما وهو يشعر بالأسى على حال صديقه :
- لزمته إيه جو السباقات ده .. مش خايف على نفسك يا جاسم .. من يوم ما طارق مات وإنت بتعمل حاجات غريبة قوى .. ما إحنا زيك زعلنا على طارق .. بس مش بنرمى نفسنا فى التهلكة .
إبتسم جاسم بيأس وقال بفتور وهو يتنهد بألم :
- ما عنديش حاجة أبكى عليها يا مالك .. وباعدين وأنا سايق بسرعة بخرج النار اللى جوايا .. وبعدها برتاح جدا .
ربت مالك على ذراعه وقال بأسى :
- ليه يا جاسم كده .. إنت لسه صغير وبكرة تتجوز و تجيب عيال مقرفة ورخمة و كشرية زيك .
إبتسم جاسم مواربة وقال بفتور :
- يمكن .. عموما إدعولى أكسب .

ثم غمز لنهلة بعينه وعلى ثغره أجمل إبتسامة رأتها نهلة بحياتها .. صعد سيارته و إستعد وهو يتطلع للطريق كأنه عدو له سيسحقه تحت إطارات سيارته .. وما أن أعطيت إشارة البدء حتى إنطلق مسرعا وهو يلهث كأنه يمتطى فرسا ويركض به هاربا من أفكاره ووحدته وذلك الظلام المحيط بحياته الرتيبة المملة .. والتى تحمل ذكرى مؤلمة وهى فقدان أخ عزيز على قلبه وقلب أخته .. وعندما شعر بأنه يقترب من الفوز .. بدأ صراخه المعتاد يخرج معه كل ما يشعر به من ألم ووحشة .. و كأنه أسد يزأر زأرته الأخيرة عقب ذبحه بسكين باردة .

يتبع الفصل التالي اضغط هنا

 الفهرس يحتوي على جميع فصول الرواية كاملة: "رواية وعد بلا رحمة" اضغط على أسم الرواية
google-playkhamsatmostaqltradent