Ads by Google X

رواية وعد بلا رحمة الفصل السادس 6 بقلم ياسمين ابو حسين

الصفحة الرئيسية

 رواية وعد بلا رحمة الفصل السادس بقلم ياسمين ابو حسين

 رواية وعد بلا رحمة الفصل السادس

 هناك صدمات قادرة على أن تحملك على غيمات لأعلى الجِنان على أجنحة من الفرحة و السعادة.. و هناك صدمات كفيلة أن تطيح بك لأسفل السافلين من شدتها وهي تذيبك بآلامها وأوجاعها...
و بالنهاية لا شئ يدوم ولا صدمات تؤثر على المدى البعيد... فقدرة التخطي عندنا باتت تستقبل الصدمات بصدر رحب للأسف... يبقى الأثر بندوبه على أرواحنا مهما تصنعنا اللامبالاة و بعد ذلك تفسر أنها عرض من أعراض المرض النفسي....

بعد يومين .. إنتظمت وعد بعملها وتجاهلت مالك قدر إمكانها فما كانت تشعر به يزداد و يزداد حتى أنها باتت تخشى ان تخونها مشاعرها و تظهر للعيان .. بينما دائما ما كانت تلتقى بجاسم بالمصعد .. كثرت مصادفاتهم و لكنها دائما ما شعرت بالراحة و الآمان بجانبه.. لم تجهد عقلها بالتفكير حول إهتمامه و نظراته الدافئة و كانت تمررها على عقلها مرور الكرام .....
إستعد الجميع للذهاب للمصيف .. وحزمت الحقائب .. وتوجهوا لشاطئ رأس البر ........

وقفت السيارات أمام شالية يطل على البحر مباشرة .. ترجلوا جميعا من السيارات وقد بدأت الشمس فى المغيب .. بحث سراج عن المؤجر حتى وجده وأخذ منه مفتاح الشقتين المقابلتين وأعطى عمرو المفاتيح الخاصة بهم .. وحمل كل فرد حقائبه و صعدوا جميعا بنشوة عجيبة مصدرها رائحة اليود التى خلفتها نسائم البحر الهادئة .. فى المساء إجتمع الجميع بالشرفة الواسعة المزدوجة والمطلة على البحر .......
وقفت روضة تستنشق رائحة البحر بقوة وقالت بإعجاب :
- سبحان الله .. المنظر يجنن .
وقف مالك بجوارها وقال مؤكدا :
- عندك حق .. بس فى الشروق بيبقى أحلى .
إلتفتت إليه روضة وهى تتأمل شروده .. ثم قالت وهى تبعد عينيها عنه :
- إيه رأيك نتفق كلنا و بعد الفجر نقعد شوية ونشوف الشروق .. بما إن بكرة أجازة لينا كلنا .
أومأ مالك برأسه وقال بإبتسامته الهادئة :
- فكرة حلوة .. صحيح جهزتوا كل حاجة لعيد الميلاد بكرة .
ضربت روضة جبهتها وقالت بضيق :
- وأنا قاعدة أقول نسيت إيه .. البلالين .. يا ترى هنلاقى مكان نشترى منه .
زادت إبتسامة مالك وهو يطالع رعبها و إتساع عينيها اللذيذ ثم قال مسرعا :
- ما تقلقيش بكرة الصبح وأنا بجيب التورتة والجاتو .. هعدى على المول اللى على النيل وهلاقى إن شاء الله .. المهم جهزتوا الهدايا ولا هتقلب بعكننة من الكونتيسة وعد .
ضحكت روضة بخفوت وقالت :
- أكيد طبعا إحنا مش قد زعلها .. تعرف يا مالك نفسى أعمل لها أى حاجة علشان ما أشوفش فى عنيها أى زعل تانى .. أنا عارفة إنها لغاية دلوقتى مش قادرة تنسى اللى بابا عملوا فيها لما وقفت قدامه وضربها لغاية ما حاجبها إتفتح و عمرو جرى بيها على المستشفى .. والأصعب لما ماما إختارت تسافر مع بابا و سابتها وهى فى المستشفى من غير حتى ما تطمن عليها .
ثم حركت نقابها فى حركة تمسح بها دموعها بهدوء ومالك يتابع حزنها بضيق مسبباً خنقة بصدره .. ثم أردفت قائلة بنبرة منكسرة :
- يومها لما رجعت وعرفت إن ماما سافرت وسابتها رغم إنها وقفت قدام بابا علشانها .. حسيت إنه فى حاجة فى عنيها إنطفت أو إتكسرت .. ومن يومها وهى زى ما هى .. رغم شقاوتها وضحكها بس لما بتيجى تنام فى حضنى وهى خايفة ببقى هموت علشانها .
تطلع مالك للبحر بشرود حزين ثم قال بنفسه :
- وعد منى يا وعد هسعدك ولو هعمل المستحيل .. ربنا يقدرنى يا حبيبتى .
كففت روضة دموعها وقالت بإبتسامة باهتة لتغير حالة الحزن التى أحاطتهم :
- مش هتقولى أنا إيه هى هديتك السرية اللى مخبيها عن الكل .
إبتسم مالك وهو يلتف ويستند بظهره على الشرفة يفكر بشرود ثم قال هامسا :
- أقولك ويبقى سر .
أومأت روضة برأسها وهى تستمتع بصوته الهامس ونظراته العفوية .. ليقول هو بهمس أكبر بعدما تطلع حوله بخوف :
- أنا جبتلها ........ .
وضعت روضة يدها على شفتيها و قد إتسعت عينيها بفرحة وقالت :
- يا نهار أبيض .. ده حلم عمرها .. أنا من دلوقتى هموت وأعرف ردة فعلها لما هتشوفه .
تطلع إليها مالك بنظرات تحذيرية وقال بحدة :
- إياكى .. ثم إياكى تضعفى قدامها وتقوليلها حاجة يا روضة تمام .
عدلت روضة من ياقة قميص وهمية وقالت بثقة :
- عيب عليك .. وراك رجالة يا أستاذ .
إبتسم مالك على حركاتها المداعبة .. بينما هامت هى بضحكته وتنهدت مطولا وهى تدعوا الله بداخلها أن يزرع حبها بقلبه ......
تناول الجميع عشائهم فطلب عمرو من سراج بخجل متوتر :
- معلش يا عمى ممكن آخد روان و ... و نتمشى شوية ومش هنتأخر .
أومأ سراج برأسه وقال مسرعا :
- طبعا يا عمرو .. دى فى حكم مراتك يا إبنى .. بس ما تتأخروش .
إبتسم عمرو بفرحة وقال شاكرا :
- شكرا يا عمى .. وإن شاء الله مش هنبعد ولا هنتأخر ......
#وعد_بلا_رحمة
#ياسمين_أبو_حسين
#دنيا_الروايات
الفصل السادس .
الجزء الثانى ...

لم تترك عينيه وجهها ولو للحظة .. ظل متابعا
لأدق تفاصيلها .. كلما أغمضت عينيها عندما مرت نسمة باردة على وجنتيها .. و كلما فتحت عينيها وهى تبتسم بعفوية وبرائة ..تردد كثيرا قبل أن يطاوع قلبه ويحتضن كفها بينما دفعتها الرياح بلؤم .. و إتفقت مع صخرة صغيرة بالأرض إجتذبتها الرمال بداخلها لأن تتعثر بهم روان كى تميل بخوف ليلتقط عمرو كفها بكفه و تقترب رأسها من صدره لتسمع تلك النغمات الساحرة التى خلفها قلبه المجنون بحبها .. إعتدلت فى وقفتها وقالت بخجل :
- أنا آسفة .. ما خدتش بالى .
إبتسم عمرو و هو يشكر القدر الذى حقق حلمه و إحتضن كفها الصغيرة أخيرا ..لاحظ توترها وخجلها فقال هامسا :
- يا رب ما تاخدى بالك على طول .
إبتسمت بخجل وتطلعت بكفها التى إستكانت بخفة داخل كفه وكأنها وجدت الأمان معه .. لاحظ عمرو نظراتها فأردف قائلا بقوة :
- خلاص دى بقت بتاعتى النهاردة .
تطلعت روان للبحر بإبتسامتها الرقيقة ... ثم تابعوا سيرهم حتى أوقفها عمرو قائلا :
- إيه رأيك نقعد على الكراسى المدادة دى قدام البحر .
أومأت برأسها موافقة .. ثم جلسا سويا وهو مازال محتفظ بكفها .. إقترب منهم النادل وسألهم قائلا :
- تحبوا تشربوا إيه يا فندم .
مال عمرو نحوها وسألها هامسا :
- تشربى إيه يا حبيبتى .
إختفت أنفاسها للحظات .. وهى تستعيد بذهنها كلمة حبيبتى .. لاحظ عمرو شرودها فإلتفت للنادل مسرعا وقال :
- إتنين كولا لو سمحت .
- حاضر يا فندم .

إبتعد النادل بينما رفع عمرو كف روان و قبلها برقة وهو يستمتع بملامسة شفتيه لها للمرة الأولى لهما .. بينما شهقت روان شهقة خفيفة وهى تشاهده يقبل كفها وهو مغمض عينيه كأنه يستنشقها .. ثم فتح عينيه وتطلع بقوة نافذة ليس فقط داخل عينيها بل لداخل داخل قلبها .. إبتلعت ريقها بصعوبة و ضغطت شفتيها بقوة .. و تنهدت مطولا وهى تبعد عينيها عنه .. لا تدرى كم مر من الوقت وهى تتأمل البحر المزدان بتلك الأنوار البعيدة والمتناثرة عليه كالألعاب النارية ........
لم تغفل عينيه ولو لثانية عن جمال إبتسامتها التى تزيد من شوقه لها .. كانت عينيها تلمع مع تحديقها فى تلك الأنوار البعيدة التى ملأت البحر .. كم يتمنى الآن أن يخطفها على متن سفينة من تلك السفن ويبتعد بها عن الجميع .. هو .. و هى .. وفقط .. طاوع قلبه فى ملامسة وجنتيها فإنتبهت إليه بخجل و تطلعت نحوه بنظرات تحمل اللوم عن تماديه .. فقال هامسا كأنه يخشى أن تسمعه تلك الموجات :
- بحبك .
رفعت كفها تغطى بها وجهها المحتقن وبشدة من خجلها .. وإبتلعت ريقها بتوتر شديد .. بينما شدد هو من إحتضانه لكفها وقال متابعا همسه :
- عارفة يا رونى .. أنا عرفت بنات كتير قوى .. بس أول ما شوفتك حسيت إن روحى بتنسحب منى .. كأنك كنتى تايهة عنى ولاقيتك .. قلبى دق بشكل غريب عليا .. زى طفل بيطنط علشان لقى اللعبة اللى هو عاوزها .. وكل ما كنت بقرب منك كنت بتأكد من إحساسى .. إنى عمرى ما حبيت ولا هحب حد غيرك .
كانت تتلقف كلماته الرقيقة من بين شفتيه بعينيها .. ثم إستجمعت قوتها وقالت وهى مطأطأة رأسها وتلعب بالرمال بقدمها :
- ربنا يخليك ليا يا عمرو .. إنت نعمة بحمد ربنا عليها كل يوم .
لامست أنامله ذقنها و رفع وجهها برقة ناحيته وهو يتطلع بعشق داخل عينيها ثم سألها بفضول قاتل :
- بتحبيبنى يا روان .
ذابت هى مع تحديقه الواله بها .. فأطرقت برأسها مجددا وهى تشعر بإشتعال الجو من حولها بالرغم من تلك النسائم الباردة والتى تطوف حولهما كملائكة صغيرة مرفرفة بأجنحتها .. ثم قالت بصوت يكاد يكون مسموع :
- أيوة .
رفع وجهها مجددا نحوه و سألها ولكن بحدة تلك المرة :
- أيوة إيه ؟؟؟؟
زفرت بضيق وهى تهز ساقيها بتوتر ثم قالت بتأفف وضيق :
- أووف بقى .. حرام عليك يا عمرو بجد .
غمز لها بعينه وقال مداعبا :
- هو أنا إسمى حلو كده .. طب وحياة عمرو عندك لتقوليها .
ضغطت على شفتيها بخجل ووقفت مسرعة وقالت بعبوس :
- أنا هرجع بقى إتأخرنا .

وجذبت كفها وإبتعدت مسرعة .. وقف هو الآخر و وضع مبلغ مالى على الطاولة و ركض ورائها .. إحتضن كفها مسرعا .. لتبتسم شفتيها بخفوت .. وسارا مرة أخرى والصمت يسودهما .. حتى وصلا صعدا الدرج سوياً فودعها عمرو قائلا وهو يأبى ترك كفها :
- تصبحى على خير .
كانت مستمتعة بمداعبة أنامله لكفها برقة .. فقالت بصوت متلعثم :
- وإنت .. من أهله .
وإلتفتت لتدلف للشالية خاصتهم .. ولكنها وقفت فجأة وإلتفتت إليه مجددا .. سارت نحوه بهدوء قاتل .. ووقفت أمامه ثم قالت بسرعة كأنها تفجر قنبلة يدوية قبل أن تركض :
- أيوة بحبك .
وبسرعة الريح إنطلقت من أمامه .. تابعتها عينيه المندهشة .. ثم علت ملامحه فرحة عارمة .. إستند بمرفقيه على سور الشرفة وهو يتابع تأمله للبحر كأنه يشكره على تلك الدقائق التى ساعدته لإقتناص تلك الكلمة الساحرة من براثن الأسد ..
تنفس مطولا وقال بداخله :
- أخيرا يا روان .. أنا اللى بموت فيكى والله .

.........................................................................................................
.................

فى الشروق و بعد أن صلى الجميع الفجر جلس الشباب على البحر لمتابعة الشروق كما تمنت روضة و مالك لبى طلبها كما يفعل دائما .. تأملت روضة جمال السماء والتى بدأ يغزوها اللون البرتقالى الممزوج بالأحمر كحال شعرات وعد الطويلة .. تنفست مطولا وزفرته بهدوء وقالت براحة غريبة :
- سبحان الله المنظر يجنن .
إبتسم مالك بهدوء وهو يتأمل الشروق بتلذذ و يتأملها ثم قال :
- عندك حق يا روضة .. سبحان الله على الجمال .
إستمر نقاشهم حول ما ينقص لحفل زفاف عمرو وروان وكيفية فرشهم للشقة فى إسبوع على الأقل .. ثم العودة للحدث الرئيسى اليوم وهو عيد ميلاد وعد التى إبتسمت براحة وقالت وهى تتثائب وعيونها قد أوشكوا على الإنغلاق .. و إحمر آنفها بشدة :
- أخيرا هعرف هدية مالك ليا .. ده أنا الفضول هيموتنى .
إبتسمت روضة بمكر وقالت بعفوية :
- هموت وأشوفك لما تعرفى إيه هى هتعملى إيه .
ضرب مالك جبهته وهو يعلم أن روضة أطلقت الوحش بعفويتها دون أن تدرى .. تأكد حدثه وهو يرى تلك الزوبعة والتى بات يعشقها بكل تفاصيلها قد إتسعت عينيها وتخلت عن رداء النوم .. وهبت واقفة وقد علا وجهها البرئ ملامح من عاد لينتقم .. ثم رفعت ذراعيها و تمسكت بخصرها و قد رُفع حاجبها بسخط و هى مقطبة جبينها بغضب و هتفت قائلة :
- لا والله .. وحضرتك عارفة من إمتى يا أستاذة روضة .
إنتبهت روضة للخطأ الفادح التى وقعت به فقالت وهى تتطلع لمالك الممتعض :
- آسفة يا مالك ... زلة لسان والله .
ضيق مالك عينيه بتوعد لروضة وقال :
- طب إيه رأيك بقا يا أستاذة روضة عقابا ليكى إنك مش هتفارقينى النهاردة .. لأن عارفك هتضعفى من زنها وهتقوليلها وهتحرقى المفاجأة .
تنهدت روضة مطولا وهمست بخفوت :
- يا رب تعاقبنى كده كل يوم .
بينما قالت وعد وهى تتصنع البكاء كالأطفال و زامة شفتيها بحدة :
- ماشى .. أنا مخصماكم كلكم .
وقف عمرو مسرعا وقال بضيق :
- ﻷ .. أنا ماليش دعوة أنا عريس وفى عرض كل مليم .. خاصمى مالك ورضة .
ضربت وعد الرمال بقدمها و زفرت بضيق و إبتعدت عنهم مسرعة .. وقد تركت خلفها كائن مشتعل بعشقها وبكل تفصيلة ولو صغيرة كزمة شفتيها التى تأخذ أفكاره لمنطقة يبتعد عنها بشدة .. ولكنها تجذبه إليها دون أن تشعر .. ليدخلوا جميعا فى نوبة ضحك عالية على حالتها .. وقف مالك أمام روضة وهو يخفى ضحكاته ويتصنع الجدية :
- إتفضلى قومى نامى مع روان وأنا هنام فى التراس .. مش هسيبك ترجعيلها على جثتى .
ثم إلتفت لعمرو المتابع ضحكه .. وقال :
- بعد إذنك طبعا يا عمرو .
رد عمرو من بين ضحكاته العالية :
- موافق طبعا بس بشرط .
زم مالك شفتيه وقال بضيق :
- والله إنتوا عيلة مستغلة بشكل .. وبعينك ما هتعرف الهدية إيه .. وروضة هتنام الكام ساعة دول مع روان سواء وافقت أو لأ .
أشار مالك بيده لروضة وروان و أردف قائلا بقوة :
- قدامى إنتى وهى .. وحضرتك يا أستاذة روضة هاتيجى معايا وأنا بجيب التورتة و الجاتو و البلالين وكل اللى ناقص .
رفعت روضة كفها وهى تضحك بخفوت وقالت بنبرة عسكرية :
- تمام يا فندم .
ليتابع عمرو ضحكاته التى إستفزتهم بشدة فتركوه بمفرده وإنصرفوا .. إنتبه لإنصرافهم فوقف مسرعا وقال بصوت عالى :
- إستنونى .. تصدقوا إنتوا عيال .
رد عليه مالك وهو موليه ظهره :
- خليك إنت إضحك يا ظريف .

........................................................................................
.........................

إستيقظت وعد بالظهيرة .. تمطأت بكسل و جلست بفراشها ولملمت شعراتها و وقفت حملت منشفتها و دلفت للمرحاض .. إغتسلت وتوضأت وعادت لغرفتها فوجدت جدتها تستقبلها بحضنها وقالت بحنو :
- يا صباح المسك .
إستسلمت وعد لضمتها و قالت :
- صباح الخير يا إمتثال ... فين الناس اللى هنا مش شايفة حد .
ردت إمتثال وهى تملس على شعراتها :
- الشباب راحوا يجيبوا حاجات عيد ميلادك .. وعمك سراج نزل البحر .. وأنا وطنطك آمال بنستناكى علشان نفطر سوا .
أومأت وعد برأسها وقالت وهى ترتدى إسدالها :
- هصلى على ما تجهزوا الفطار .
تركتها جدتها وخرجت .. إرتدت إسدالها و وقفت بخشوع بين يدى الله .. تلك اللحظات أكتر اللحظات التى تستمتع بها لقربها من خالقها .. ففى هذه المنطقة تنسى همومها وعُقَدها و شوقها لوالديها والتى تكابر فى إظهاره وتحاول جاهدة أن توأده بداخلها ......

وضع مالك الكعكة بسيارته بهدوء وساعده عمرو نسبة لكبر حجمها .. و جلست بجوارها روان للإطمئنان أنها لن تتحرك .. زفر مالك براحة وقال بإرهاق :
- خلصنا .. بقية الحاجات خدها فى عربيتك إنت يا عمرو .
أومأ عمرو برأسه وقد تعلقت عينيه بروان التى تتمسك بعلبة الكعكة بخوف كأنها طفل وتخشى عليه .. فإبتسم بهدوء وقال :
- ما تقلقش يا مالك .. وبما إننا خلصنا نرجع بقى علشان ننزل البحر شوية .. النهاردة آخر يوم فى الأجازة .
إرتدى مالك نظارته الشمسية وقال :
- طب يالا بينا .
أوقفته روضة قائلة بقلق :
- كلمت صاحبك يا مالك علشان يجيب هدية وعد .
ضرب مالك جبهته وقال بضيق :
- يا نهار مش فايت .. أنا إزاى نسيت .. هكلمه حالا .
أخرج هاتفه من جيبه وهاتف جاسم وإنتظر رده .. ثوانى قليلة ووصله صوته قائلا بسخرية :
- إفتكرتك نسيت .. كان هيبقى يومك أصفر .
ضحك مالك ضحكة عالية وقال بتأكيد :
- عندك حق والله دى كانت طربقت الدنيا على دماغى .. إوعى يغرك هدوئها إنت ما تعرفهاش .
بادله جاسم ضحكاته وقال :
- ما تقلقش على العشا كده هجيبه و أجى .
ودع مالك عمرو وروضة و صعد سيارته وقال :
- هات ريتال معاك وحشتنى .
- حاضر .. يالا سلام .

أغلقا المكالمة و إنطلق مالك بسيارته .. بينما وقف جاسم فى شرفة مكتبه وهو شارد بكل لحظاتهم سويا من مشادات .. و ذعر وخوف .. و عملية شديدة منها ....
ثم إنتفض فجأة وقرر أن يشترى هدية لها وأخذه تفكيره لهدية هو موقن من إعجابها بها .. فحمل هاتفه ومفاتيحه و خرج من مكتبه مسرعا .. ثم ركب سيارته و إنطلق بها .......
بعدما إبتاع هديتها عاد لمنزله .. إستوقفته عمته نجوى وقالت بإبتسامة متسعة :
- إنت فين يا جاسم .. ما فيش مرة تيجى تسأل عليا .
ربت جاسم على ذراعها وقال بإبتسامة هادئة :
- الشغل والله يا عمتو .. بس برضه أنا آسف و مش هعملها تانى .
خرجت إبنتها على حوارهم وقالت بدلال زائد :
- مش معقول جاسم .. أخيرا شوفتك على فكرة أنا زعلانة منك .. ومش هصالحك غير لو خرجتنى فى يوم و روحنا رأس البر سوا .
أخفى إمتعاضه وقال وهو يصعد الدرج مسرعا :
- إن شاء الله .. يالا سلام علشان مستعجل .
زفر بضيق وفتح باب شقتهم ودلف إليها وهو يصيح بقوة :
- ماما .. إنتى فين .
ردت دولت من غرفتها .. وهى تضع الملابس النظيفة بالخزانة :
- أنا هنا يا حبيبى تعالى .
دلف جاسم لغرفتها و دنا منها وقبل جبينها وقال بفرحة غير معهودة عليه :
- أخبارك إيه يا دولت .
ضربته على كفه وقالت بضيق :
- قولتلك كذا مرة ماما .. بطل دولت دى .
إبتسم جاسم بخفوت وقال بمداعبة :
- ماشى يا دولت .. بقولك خلى علا تجهز ريتال علشان هاتيجى معايا لعيد ميلاد وعد جارة مالك .
تنهدت دولت بأسى وقالت بحزن غلف ملامحها الطيبة :
- علا .. مش عارفة مالها بقالها كام يوم .. بترجع من شغلها مش بتكلم حد وبتقعد فى أوضتها بالساعات .. ربنا يهديها و يرزقها بإبن الحلال اللى يعوضها .
تنهد جاسم بأسى وقال :
- طب أنا هروح أشوفها وأقعد معاها شوية .
ربتت دولت على كتفه وقالت بحنو :
- روح لها يا حبيبى .. يمكن تقدر تخرجها من الحالة اللى هى فيها .. صحيح ما تاخدها معاك العيد ميلاد ده يمكن تغير جو .
فكر جاسم قليلا .. ثم قال بإقتناع :
- تمام هكلم مالك أسأله و لو ينفع هاخدها معايا .
أخرج هاتفه وهاتف مالك الذى أجابه مسرعا وقال :
- أيوة يا معلم .
رد عليه جاسم بتوتر :
- مالك هو أنا أقدر أجيب علا معايا .. علشان بقالها فترة حالتها النفسية مش مظبطة .
زفر مالك بضيق وقال مسرعا :
- إنت عبيط يا جاسم .. طبعا تشرف وتنور .. ساعات بستغرب غبائك ده .
إمتعض وجه جاسم و قال بضيق :
- طول لسانك براحتك .. ما هو إنت لو قدامى دلوقتى كنت خليتلك لسانك ده كاروهات .
ضحك مالك ضحكة عالية وقال بقلق :
- تعملها والله .. عموما ما تتأخرش بقى علشان مدام علا تقعد مع البنات وقت طويل .
- أومأ جاسم برأسه وقال مؤكدا :
- تمام يا برنس .. أشوفك بالليل سلام .
- سلام .

توجه جاسم لغرفة علا التى تعاقب نفسها منذ أيام على خيانة قلبها لطارق .. بعدما إستسلم لذلك الذى تركه يتألم دون أى شعور بالندم .. طرق جاسم باب غرفتها فقالت بصوت واهن :
- إدخل .
دلف جاسم لغرفتها وقال بقوة دون سابق إنذار أو إستئذان :
- قدامك ساعتين تكونى لبستى ولبستى ريتال علشان رايحين عيد ميلاد وعد ومش عايز مناهدة ولا مناقشة .
تطلعت إليه ببلاهة وقالت بحدة :
- ده إسمه إيه ده .
رد عليها ساخرا :
- ده إسمه الهجوم خير وسيلة للدفاع ومش عايز كلام كتير .
لوحت له بذراعها وقالت بضيق :
- إيه لوك لوك لوك لوك ... إبلع ريقك .
وضع يديه بجيبى بنطاله وقال بإبتسامة هادئة :
- بلعته .. جهزى نفسك بقى بعد الغدا تمام .
عقدت علا ذراعيها أمام صدرها وقالت بتعجب :
- يا سلام .. عاوزنى أروح لناس ما أعرفهومش عادى كده .
أومأ برأسه بقوة قاطعة وقال بثبات :
- أيوة .
زفرت بضيق و قالت بفقدان صبر :
- إطلع بره يا جاسم أنا مش فيقالك .
جلس جاسم بجوارها على فراشها وقال وهو يعبث بشعراتها :
- أهه علشان مودك المتغير بقالك كام يوم ده هاتيجى معايا .. وريتال كمان زهقت من حبسة البيت وأوعدك إنك مش هتندمى .
تنهدت مطولا ثم أغلقت عينها نصف إغلاق وقالت بمكر :
- قولتلى بقى عيد ميلاد وعد .. هو إنت لسه بتفكر فيها .
زم شفتيه بمعنى لا أعرف .. ثم قال بضيق :
- مش عاوز أتكلم فى الموضوع ده .. قومى بقى ناكل لقمة علشان نمشى بدرى تمام .
فكرت علا قليلا .. ثم قررت رؤية تلك التى أوقعت جاسم رحال بحبها دون أن تشعر .. فقالت برضا :
- تمام هاجى معاك .
قبل جاسم جبينها وقال بفرحة :
- أيوة بقى .. هقوم أنا أغير هدومى وأشوفك على السفرة .

تركها وخرج لتعود لتفكيرها المرهق مرة أخرى .. لا تقوى على إزالته من عينيها ..بهيئته الجميلة فهو من أجمل ما رأت من الرجال .. بعيونه الزيتونية الجريئة .. و تلك الذقن الذهبية التى زادته وسامة و جاذبية مهلكة .. فإبتسمت شفتيها دون أن تشعر .......

....................................................................................................................
........................
وقفت وعد أمام البحر تتأمله .. وهى شاردة كعادتها ..لمحها مالك من نافذة غرفته .. فركض مسرعا ليخرج مباشرة متوجها نحوها وقد قرر أن يحرر مشاعره ويكسر قيدها الذى آلمه الفترة القصيرة الماضية .. إقترب منها بهدوء وهو يتأملها بإبتسامة عاشقة .. وقف بجوارها ولاحظ شرودها فقال هامسا :
- سرحانة فى إيه يا سنجوبة .
إلتفتت إليه وعد بذعر وقالت بضيق :
- حرام عليك يا مالك خضتنى .
تنهد مطولا وقال وهو يلتهمها بعينيه :
- بعد الشر عليكى من الخضة .
لاحظت عودته لتلك النظرات الوقحة ونبرته الهيمانة و همسه المثير .. فقالت وهى توليه ظهرها عائدة :
- أنا هرجع بقى ورايا حاجات كتير .
أوقفها مسرعا وهو يقول بضيق :
- إستنى هنا .
إلتفتت إليه بقلق من نبرته الجادة وقالت بخوف :
- عاوز إيه .
لاحظ عبوسها و خوفها فإبتسم على حالتها اللذيذة وقال مداعبا :
- مالك خايفة كده ليه .
تصنعت القوة وقالت بجدية :
- عادى .. عاوز إيه بقى .
إقترب منها قليلا وهو يغوص بعينيه داخل عينيها التى باتت عشه الذى يأوى إليه .. وطنه الذى يضمه فى وقت سعادته وحزنه وضعفه .....
إنتبهت لنظراته التى باتت تخترقها بسهولة وتزلزل كيانها .. تسارعت دقات قلبها وهى تراه يقترب منها بهدوء ينوى الإنقضاض عليها .. ولكنه وقف و وضع يده بجيب سترته و قال برقة :
- عاوز أقولك حاجة مهمة جدا .. ممكن تسمعينى .
أومأت برأسها دون أن تنبس ببنت شفه .. إنتظرت حديثه المهم كما قال حتى قال أخيرا وهو يحدجها بشوق أسرها :
- وعد .. أنا بصراحة معجب بيكى جدا .
رفعت حاجبيها للأعلى بذهول وهى تستمع إليه .. لاحظ إندهاشها فخشى أن تركض وتتركه فأردف قائلا بسرعة :
- بصى هو مش إعجاب بالظبط .. هو حاجة أكبر .
زادت دقات قلبها ها هو على وشك الإعتراف بحبه إليها .. كانت تستمع إليه بفرحة وقلبها يقفز بداخلها كأرنب مذعور .. حتى قال أخيرا بهدوء مميت :
- أنا بحبك يا وعد .

كانت عينيها تلاحقان تلك الكلمات الناعمة على شفتيه ..وتصعد لعينيه مجددا لترى مدى صدقه .. إزدادت حركة صدرها بقوة لتسارع أنفاسها .. وهناك أيضا رجفة شديدة تملكت من جسدها .. لا تصدق إلى الآن ما سمعته .. مضاف إليه حالتها الغريبة التى تخبرها وبقوة أنها باتت تعشق ذلك الرجل .....
شعر مالك بالقلق من شرودها وحالتها التى أصبحت مذرية .. فقال بقلق :
- آسف يا وعد .. بس كان لازم تعرفى شعورى ناحيتك .
إبتلعت ريقها بصعوبة بعد شعورها بجفاف حلقها المفاجئ .. ثم قالت بتلعثم وهى تطرق رأسها بخجل شديد :
- أنا .. أنا هرجع .. علشان .. و ..... .
قاطعها مالك بحدة وقال بقوة ليربكها فيأخذ منها ما يريده :
- بقولك بحبك يا وعد .. مش حابة تقوليلى حاجة إنتى كمان .. أنا عارف إنى إتسرعت بس أنا ناوى أفاتح عمرو بموضوعنا وهحاول بكل قوتى إنى أدبر مبلغ أشترى بيه شقة لينا .. و إن شاء الله مش هخليكى ناقصة أى حاجة .. بس محتاج شوية وقت أدبر مبلغ لكل ده وأنا هتجوزك فورا .

إتسعت عينيها بخجل عارم عندما ذكر نقطة زواجهما .. فسألها مرة أخرى وهو يتابع تخبطها :
- موافقة عليا يا وعد ... ولا .... .
عادت بعينيها للبحر وهى تتنفس بصعوبة .. ثم أومأت برأسها بهدوء تخبره بموافقتها على الإرتباط بها .. وضع مالك أنامله على شفتيه وهو يبتسم براحة .. ثم وقف أمامها وقال وهو ينتظرها بفارغ الصبر :
- يعنى .. بتحبينى زى ما أنا بحبك .
عقدت حاجبيها وعضت على شفتها السفلى كادت تدميها من شدة خجلها .. ثم قالت بخفوت :
- جواب سؤالك ده هتعرفه وأنا .. وأنا مراتك .

وركضت مسرعة من أمامه .. لم تمهله الوقت لإضافة المزيد .. بينما وقف هو مشدوها من كلماتها المقتضبة الحازمة .. حبيبته قالت أنها ستخبره بحبها عندما تصبح زوجته .. يا الله ما أعذب تلك الجملة التى إكتفى بها عن كل شئ .. تابعتها عينيه وهى تسير بسرعة و أقسم أنها تبتسم الآن بفرحة .....

رفعت وعد يدها لتلامس وجنتيها التى لو وضعت عليهما مقياس حرارة الآن لإنفجر من شدة سخونتهما .. بينما على ثغرها إبتسامة مشرقة .. ثم قالت بنفسها :
- هديتك وصلتنى يا مالك .. كنت عارفة .. وأنا كمان بحبك .

.................................................................................................................
.........................

دلفت وعد للشاليه الخاص بهم .. ووقفت أمام روضة التى كانت ترتب طاولة الطعام بالأطباق والأقداح .. ثم قالت بتوتر :
- روضة .. عاوزة أقولك حاجة مهمة .
عبست روضة بعينيها وقالت بضيق :
- مش وقته يا وعد .. روحى يالا جهزى نفسك مافيش وقت .
قاطعتها وعد وهى تقول برجاء :
- إسمعينى يا روضة أرجوكى .
صاحت بها روضة بحدة وقالت ناهية لحوارهم :
- وعد قدامك نص ساعة وتكونى لابسة .. ويا ستى أجلى كلامك بعد عيد ميلادك .. ممكن .
أومأت وعد برأسها بإستسلام.. ثم دلفت غرفتها وهى مازالت على حالتها من الإرتباك والتوتر .. فتحت خزانتها تنتقى فستانا مناسبا .. شعرت بالتخبط فى قرارها .. حتى فتحت روضة باب غرفتها ودلفت معها روان وآمال .. إقتربت من وعد و قبلتها بوجنتها مطولا وسألتها بمكر :
- بتعملى إيه يا دودو .
ردت وعد وهى ما زالت فى حيرة من أمرها :
- محتارة ألبس الفستان الروز و لا الفستان التايجر .
أعطتها روضة هديتها وقالت بإبتسامتها العذبة :
- طب شوفى الفستان ده يمكن يعجبك .
حملت وعد تلك الهدية الملفوفة بورق لامع .. مزقت الورق بلهفة و أخرجت الفستان لتتسع عينيها بفرحة وهى تتأمله ثم قبلت روضة وقالت :
- يجنن .. يجنن شكرا يا رودى .
فقالت لها آمال :
- بسرعة قسيه يا وعد يالا .
إرتدته وعد مسرعة وساعدتها روان وروضة .. وقفت أمام المرآة تتأمل نفسها بسعادة .. فهو عبارة عن فستان طويل باللون الأسود به تطريز من اللون الفضى .. ضيق على جسدها قليلا ومن منطقة الخصر ينسدل منه ذيل طويل من الشيفون الإسود .. بدت به كأميرة تنتظر أميرها ليأخذها على حصانه الأبيض و ذلك الذيل يطير من حولهما بالهواء .. إحتضنتها روضة بحب وقالت :
- كل سنة وإنتى طيبة يا حبيبة قلبى .
ضمتها وعد بقوة وقالت بحنو :
- و إنتى جنبى و معايا دايما .
إقتربت منهم روان و قالت مازحة :
- مش وقت نحنحة لو سمحتم .. إتفضلى يا وعد دى هديتى .
أخذتها وعد مسرعة وفتحتها لتجد بها حذاء سهرة إسود لامع بكعب مدبب عالى .. فقالت لها بسعادة :
- واو .. ده يجنن .. ده كمان شكله غالى جدا .
إحتضنتها روان بحب و قالت :
- مافيش حاجة تغلى عليكى يا سنجوبة .
إمتعض وجه وعد و قالت بحدة :
- تانى سنجوبة .. هعديهالك النهاردة بمزاجى .
أعطتها آمال هديتها و قالت و هى تحتضنها بحنان بالغ :
- كل سنة و إنتى طيبة يا دودو .. أنا جبتلك الحجاب و الشنطة .. يا رب ذوقى يعجبك .
تطلعت وعد للحقيبة والتى تبدو باهظة الثمن أيضا .. وحجابها اللامع وقالت بفرحة :
- مرسيى يا طنط .. أنا مش عارفة أشكركم إزاى .
ردت روان بإبتسامتها الرقيقة :
- إحنا هنخرج دلوقتى و إنتى كملى لبسك .. علشان نلبس إحنا كمان .
اومأت وعد برأسها و هي تحتضن هداياها بفرحة و قالت:
- تمام .

أكملت وعد تجهيزاتها .. و وضعت القليل من مستحضرات التجميل و إكتفت بلون هادئ على شفتيها و إرتدت حجابها .. وحذائها .. وتطلعت لنفسها بالمرآة لترى أنها أصبحت جميلة بكل معنى الكلمة ......

إرتدى مالك بنطال جينزى كحلى .. و عليه قميص باللون الوردى و من فوقهم سترة باللون الأسود .. و إرتدى حذاء رياضى إسود .. و وضع عطره و صفف شعره البنى الناعم .. وخرج مسرعا لإستقبال جاسم و علا و حبيبته ريتال .. وقف يتابع الطريق المؤدى للشاليه حتى لمح سيارة جاسم تقترب عليه من بعيد .. إستقبلهم بإبتسامة هادئة حتى صف جاسم السيارة .. و ترجلت منها ريتال راكضة نحو مالك الذى إنحنى ليلتقطها بحضنه و حملها ......
ضمته ريتال إليها بقوة .. ثم قالت لائمة بضيق :
- أنا زعلانة منك يا مالك .. ليه مس بتكلمنى .
قبل كفها وقال معتذرا :
- آسف والله يا توتا .. ومش هعمل كده تانى .. و وعد منى هتصل بيكى دايما تمام .
أومأت ريتال برأسها وهى تأسره بإبتسامتها الشقية والتى تذكره بإبتسامة وعد حينما تريد منه شيئا .. قبلها بوجنتها و توجه ناحية جاسم الذى صافحه قائلا :
- شوفت ريتال نسيتنا طبعا .
رد مالك عليه مسرعا :
- ﻷ طبعا أنا أقدر .. أهلا مدام علا منورة الدنيا و الله .
إبتسمت علا بخفوت وقالت :
- شكرا يا أستاذ مالك .
أشار إليهم مالك على الشاليه الخاص بهم و قال مرحبا :
- إتفضلوا .. يا أهلا وسهلا .
أجلسهم مالك بالشرفة الواسعة المطلة على البحر و هتف قائلا بقوة :
- يا روان .. روان تعالى لو سمحتى .
خرجت روان إليه و إبتسمت عندما لاحظت جاسم و علا و قالت بفرحة :
- أهلا و سهلا .
أشار إليها مالك معرفا وقال :
- القمر دى يا ستى ريتال .. وده جاسم طبعا تعرفيه .. ودى مدام علا أخته ومامت ريتال .
رحبت روان بعلا و إحتضنتها بود قائلة :
- أهلا مدام علا .
بادلتها علا حضنها وقالت برقة :
- قوليلى علا على طول تمام .
- تمام .
بينما حملت روان ريتال و قبلتها و قالت بإعجاب :
- ما شاء الله .. إنتى زى القمر يا ريتال .
فقالت لها ريتال ببرائة :
- قوليلى يا توتا .
- حاضر يا توتا .. بعد إذنكم هاخد علا و توتا و ندخل جوة للبنات .
رد مالك و جاسم :
- إتفضلوا .
خرج عمرو مسرعا عندما رأى علا ليتركهم بحريتهم .. و رحب بجاسم قائلا :
- أهلا وسهلا يا باشمهندس .. منور الدنيا .
صافحه جاسم بود و قال متذمرا :
- بلاش باشمهندس دى و قولى جاسم بس .
أشار إليه عمرو بالجلوس و قال براحة :
- تمام .. إتفضل إقعد .

- السلام عليكم .

قالها سامر و هو يصعد درجات الدرج ليصل إليهم .. فإستقبله عمرو قائلا بترحيب :
- أهلا وسهلا .. واحشنى والله يا سامر .
صافحه سامر قائلا بود:
- وإنت أكتر يا عمرو و الله .
ثم صافح مالك وجاسم .. وخرج إليهم سراج مرحبا .. بينما عرفت روان علا بآمال وإمتثال .. وصاحت بروضة و وعد .. فخرجت روضة أولا و التى ما أن رأت ريتال حتى قالت بفرحة :
- توتا .. إيه المفاجأة الحلوة دى .
ركضت ريتال نحوها و قالت بسعادة بالغة :
- ميس روضة .
إحتضنتها روضة وحملتها وقالت بتعجب :
- إنتى جيتى هنا إزاى .
فقالت روان موضحة وهى تشير على علا :
- دى بنت علا أخت الباشمهندس جاسم اللى بيشتغل معاه مالك ووعد .
فرحبت روضة بعلا وقالت بود :
- أهلا وسهلا يا فندم .. منورة الدنيا .
صافحتها علا وقالت بإمتنان :
- شكرا يا روضة .. أنا كنت عاوزة أجيلك الروضة وأتعرف عليكى .. ريتال دايما بتحكيلى عنك وإنها بتحبك قوى .
قبلت روضة ريتال وقالت بحب :
- وأنا كمان بحبها جدا .
خرجت وعد من غرفتها لتتفاجأ بعلا وريتال .. فعرفتها روضة عليهم .. ولم تغب عنها نظرات علا إليها .. وكأنها تحذرها من شئ ما .. صافحتها وعد بحذر و إندمجت مع ريتال بسرعة .. فأعطتها جدتها هديتها قائلة بحب :
- أنا عملتلك هديتك بإيدى يا وعد .. دى شنطة صغيرة من التريكو إلبسيها جوة هدومك وحطى فيها مصحف صغير علشان يحميكى يا حبيبتى .
إنحنت وعد و قبلت كفها و قالت بدموعها :
- ربنا يخليكى ليا يا أحلى وأحن تيتة فى الدنيا .
جهزت الفتيات الطاولة و وضعوا عليها الحلويات و المقبلات و قالب الكعك الكبير .. ثم دعت آمال الجميع إلى الداخل لتطفئ وعد شمعاتها الثلاث والعشرون .. و تبدأ عام جديد بأمنية جديدة .. وقف الجميع و دلفوا إلى الداخل لينفغر فم جاسم وهو يطالع وعد بجمالها الصارخ .....
بينما وقف مالك مشدوها وهو يتأمل وعد بعين عاشق .. فقد كانت جميلة بشكل آخذ للقلوب .. و قد سكن قلبه بين يديها ......
رفع سامر حاجبيه بتعجب وهو يرى علا أمامه بإبتسامتها الصافية والتى تعكرت فور رؤيته .. إنفطر قلبه وهو يتابع إمتعاض وجهها وضيقها ......
رحبت وعد بجاسم وقالت بإبتسامة هادئة :
- أهلا وسهلا يا باشمهندس .
رد عليها جاسم وهو يتأملها بشدة .. طائفا عليها كليتها .. شاعرا بالغيرة الشديدة من رؤيتهم إليها بتلك الهيئة الشهية :
- أهلا بيكى .. كل سنة وإنتى طيبة يا وعد .
لاحظت نظراته التى تحاوطها كأنها تعزلها عن العالم المحيط بها .. فقالت مسرعة :
- وحضرتك طيب .
إلتفتت لسامر وقد زادت إبتسامتها وقالت مرحبة :
- أخبارك إيه يا سامر .. منور الدنيا .
إمتعض وجه جاسم من تلك الكلمات المتحررة لسامر .. بينما الألقاب والجدية له هو .. رد عليها سامر بإبتسامته الشقية :
- منورة بيكى .. بس إنتى النهاردة تتحسدى يا وعد ما شاء الله .
أطرقت رأسها و قالت بخجل:
- شكرا .
إجتذبها عمرو من ذراعها وقال :
- يالا يا بنتى علشان تطفى الشمع .
أومأت برأسها و قالت :
- حاضر .. خلى ريتال تقف جنبى على كرسى علشان تطفى الشمع معايا .
صفقت ريتال بكفيها وقالت بسعادة :
- أنا هقف جنبك بس وسامر سايلنى ممكن .
إقترب سامر منها وحملها وقبلها قائلا بشوق :
- قلب سامر يا ناس .. أنا أطول أشيلك يا عمرى .. وحشتينى موت يا توتا .
قبلته ريتال بوجنته وقالت :
- وإنت وحستنى أكتر .. يالا بقى نغنى لوعد ونطفى الكاندلز .

إلتف الجميع حول الطاولة و أطفأت الأنوار وغنوا لوعد سنة حلوة يا جميل .. و قالت روان لوعد :
- إتمنى أمنية يا وعد .
أغمضت وعد عينيها لثوانى ثم فتحتهم وهى تتطلع بمالك كأنها تخبره أنها تمنته هو .. إستقبل نظرتها برضا .. ثم مالت على الكعكة هى وريتال و زفروا بقوة لتنطفئ الشمعات .. صفق لها الجميع وعايدوها .. وخرج الرجال للجلوس بالخارج .. بينما أشار مالك لجاسم أن يأتيه بهدية وعد .. فأحضرها جاسم من سيارته و أعطاها لمالك الذى أخفاها وراء ظهره وقال لوعد بصوت عالى :
- وعد .
إلتفتت إليه وقالت وهى تقطع قالب الكعك وتوزعه عل الأطباق :
- أيوة يا مالك .
إبتسم إليها بمكر وقال :
- تعالى قربى منى .. وغمضى عنيكى .
صفقت بيديها وقالت بفرحة :
- أخيرا هاخد هديتى السرية دى .. ده أنا كنت قربت أمل .
وقفت أمامه وهى تميل برأسها لليمين تارة ولليسار تارة علها ترى ولو جزء بسيط من هديتها .. ولكنه حجبها بجسده العريض الرياضى وقال بضيق :
- إنتى كده بتخمى .. غمضى يالا .
وقف الجميع يتابع ردة فعل وعد .. بينما أغمضت هى عينيها وقالت بفارغ الصبر :
- أدينى غمضت لما أشوف أخرتها إيه .
أخرج مالك هديتها من وراء ظهره .. فتعالت الهمهمات من حولها فقالت بفضول :
- واضح إنها حاجة مهمة مش كده .
تنفس مالك مطولا وقال :
- فتحى عنيكى .
لم تتردد لثانية وفتحت عينيها لتتسع فرحةً .. وفغرت فمها بدهشة .. ثم إقتربت منه وقالت بإمتنان :
- جيتااار .. مش ممكن .. ده كان حلم عمرى .. بجد يا مالك مش عارفة أشكرك إزاى .
مد يده به نحوها وقال بسعادة :
- كل سنة وإنتى طيبة يا ست البنات .
أخذته منه و فتحت سحاب الغلاف الجلدى وأخرجت الجيتار .. لامسته برقة كأنها تخشى على رضيعها .. فقال لها عمرو بمكر :
- كده يبقى لازم تغنى يا وعد .
أكدت روان كلماته وقالت بإصرار :
- أيوة يا دودو غنى أرجوكى .
أومأت برأسها وقالت وهى تتطلع بمالك :
- حاضر .

جلس الجميع بالشرفة الواسعة فى إنتظار وعد التى أخذت تعبث بأوتاره كى تضبطها .. بينما طلب منها كلا على حدا أغنية .. فقاطع مالك حوارهم وقال بهدوء :
- وعد هتغنى اللى هى عايزة تغنيه .. يالا يا وعد .
تنفست مطولا وزفرته على مهل وعينيها تطوف على وجوه الجميع وهم يترقبون غنائها .. فأغمضت عينيها و حلقت أناملها الرقيقة على أوتار الجيتار ملامسة لأوتار قلوبهم جميعا .. وبدأت تشدو قائلة :
- بحب ... أحس ... بجد .. إنه وأنا جنبه دايما مستعد
يستغنى بيا عن الدنيا باللى فيها .
بحب ... أحس .. بجد ... لو قال يوم كلمة حلوة لأى حد
الكلمة ديا يبقى قاصدنى بيها .
بحب ... أحس ... إنه وأنا فى غيبتى عامل ليا خاطر
و إنه عشانى بحياته و عمره خاطر .. و ما أشفهوش
مرة قادر إنى أنا أبقى فى يوم بعيدة .
وأما يفتح دفاتره عشان يكتب خواطره
بحب أحس إنى بس ملهمته الوحيدة .

تطلع عمرو بروان التى بادلته نظراته العاشقة وإبتسامته الدافئة والتى تشعرها أنها الأنثى الوحيدة على هذا الكوكب .. بينما تابعت وعد عزفها الهادئ على الجيتار .. ليتطلع سامر بعلا وهو يشعر بغربة لبعدها عنه .. ولكنها قررت منحه قبلة الحياة وهى تتطلع إليه بشوق كل لحظة بعدتها عنه .......

تابعت وعد غنائها وهى مازالت مغمضة عينيها كأنها على غيمة كبيرة تحملها برقة فوقها ...
بحب ... أحس ... بجد ... إن ما فيش قبلى
وما فيش بعدى بعد .. و إنى أنا اللى رايحة
واللى جاية ... والأرض بحالها يفرشهالى ورد
وقد حب كل الناس لبعض يحب فيا أو أكتر شوية .

تنهد جاسم مطولا وهو يستمع لكلماتها بقلبه الذى يبثها وعوده بأنه سيحقق لها كل ما تمنته وأكثر .. فهو من الآن وصاعدا سيقف أمام الجميع فى سبيل تحقيق أغلى أمنية على قلبه وهى أن تصبح تلك الوردة الرقيقة ملكا له وفقط .. ملك جاسم رحال ....

تمايل الجميع بهدوء على عزفها الناعم وصوتها الرقيق وهى تتابع :

بحب ... أحس .. إنه وأنا فى غيبتى عامل ليا خاطر
و إنه عشانى بحياته وعمره خاطر .. و ما أشوفهوش
مرة قادر إنى أنا أبقى فى يوم بعيدة .
وأما يفتح دفاتره علشان يكتب خواطره بحب أحس
إنى بس ملهمته الوحييييييييدة .

إنتهت من غنائها .. وفتحت عينيها ليقابلها تصفيق حاد .. وتصفير من سامر وعمرو .. بينما بحثت بعينيها .. بل بقلبها عنه حتى وجدته يقف وحيدا عاقدا ذراعيه أمام صدره .. مستندا على سور الشرفة ويعلو وجهه نظرة عاشق بإمتياز .. أشاحت ببصرها عنه و هى تستمتع بتصفيقهم .. قبلتها ريتال و قالت :
- واو .. صوتك حلو قوى .. ممكن تغنيلى يا بنات يا بنات .
قبلتها وعد بحرارة وقالت :
- حاضر يا حبيبتى من عنيا .
تفاوت حديثهم عن جمال صوت وعد .. وتناولوا الكعكة .. وإنشغل الجميع بأحاديثهم الجانبية .. بينما إستغل جاسم إنفراد وعد .. فإقترب منها و مد يده نحوها بهديته وقال :
- كل سنة وإنتى طيبة .
إلتفتت برأسها نحوه وإبتسمت بود وقالت شاكرة :
- متشكرة جدا .. ما كانش فى داعى تتعب نفسك .
إبتسم بقلق وقال :
- يا رب بس تعجبك .
فتحت وعد الهدية بفضول .. فوجدتها مصحف صغير من الفضة مرصع بأحجار صغيرة من الفيروز الأزرق .. إبتسمت بفرحة وقالت هامسة وهى تتطلع حولها بقلق :
- أقولك على سر .
تهللت أساريره فهناك سر ما سيربطهما ببعضهما .. وما زاد سعادته هى تلك البرائة التى قالت له بها جملتها الأخيرة .. فقال هامسا هو الآخر :
- يا ريت .
أشارت إليه بأناملها أن يقترب منها أكثر .. فدنا منها وهو يشعر بسعادة بالغة من إقترابه منها لهذه الدرجة .. فقالت بصوت خافت :
- أصل تيتة هديتها ليا كانت شنطة صغيرة من التريكو .. وهى اللى عملتهالى بإديها وقالتلى إنى ألبسها جوة هدومى وأحط فيها مصحف صغير علشان يحمينى .. وكنت هنزل بكرة بعد الشغل أشتريه .. بس إنت جبتهولى وأحلى بكتير مما كنت عاوزة .
زادت إبتسامته وقال بفرحة :
- فوق ما تتخيلى أنا فرحان إزاى .
أشارت له مجددا أن يقترب منها وقالت بهمس أصبح يتلذذ به :
- أقولك على سر تانى .
أومأ لها برأسه .. فأردفت قائلة :
- بصراحة هدية مالك أحلى هدية جتلى .
إمتعض وجهه و لوى شفتيه بحيرة .. بينما تابعت هى :
- بس هديتك هى أغلى هدية على قلبى .. شكرا جدا .

وإبتعدت عنه بهدوء .. ظل واقفا يتطلع لآثرها مشدوها من كلماتها الأخيرة .. هل قالت ذلك فعلا أم أنه يتوهم .. هديته الأغلى على قلبها .. نعم لقد قالت ذلك .. أراد أن يصرخ بشدة .. أو أن يجتذبها لصدره و يضمها بقوة .. ويحملها ويدور بها فى عالم خاص بهما وفقط ........ .
إمتدت جلستهم طويلا بعدما إنسحب كلا من سراج وآمال و الجدة إمتثال .. كان نجم الحفل بدون منازع هو سامر وهو يلقى بنكاته و قلشاته ليضحك الجميع .. حتى علا التى كانت ترتدى قناع اللامبالاة لم تستطع كبح ضحكاتها كثيرا .......
ألتفت سامر بجسده ناحية وعد و سألها بفضول :
- قوليلى يا وعد صحيح مين أول حد إكتشفك .
زمت وعد شفتيها و قالت بسخرية :
- إكتشفنى إيه .. هو أنا بير بترول .
ضحك الجميع فسألها سامر بإلحاح مرة أخرى :
- بجد مين اللى خد باله من صوتك و نمى الموهبة دى جواكى .
تنهدت وعد مطولا بأسى و قالت و هى مطأطأة رأسها :
- ماما .
لاحظ سامر وجومها و حزنها فشعر بالحرج من سؤاله لتجذب ريتال رأسه نحوها و قالت بإبتسامة مرحة :
- عارف يا سامر .. ميس روضة الميس بتاعتى فى الكى جى .
تطلع سامر ناحية روضة وسألها :
- حضرتك ميس توتا بجد .
أومأت روضة برأسها وقالت مؤكده :
- أيوة .
فسألها سامر بفضول :
- وحضرتك مدرسة إيه .
أجابته روضة بفخر :
- دين ولغة عربية .
رفع سامر ذراعيه للأعلى وقال ساخرا :
- أوبا مدرسة لغة عربية .. جيتى منطقتى .. قوليلى بقى هى التاء المربوطة حد فكها ولا لسه زى ما هى .. طب والضمير الغائب إمتى ناوى يرجع ... وحروف النصب إمتى ناوية تتوب ... والضمير المتصل لسه بيتصل ولا حد رد عليه .
تعالت ضحكات الجميع حتى روضة التى لم تتمالك نفسها.. بينما علا صوت وعد بالضحكات فتطلع إليها مالك بغضب قاطبا حاجبيه .. فتحنحت بخوف .. وضحكت بصمت .. بينما تابع سامر مزحاته وهو يسأل روضة :
- معلش سؤال أخير .. بالنسبة بقى للأفعال الساكنة .
ردت روضة بتعجب ممزوج بضحكاتها :
- مالها هى كمان .
أجابها ساخرا :
- ساكنة بالإيجار ولا بيتهم ملك .
لم تهدأ ضحكاتهم .. حتى قالت روضة بعفوية :
- حضرتك شخصية غريبة جدا .. يا بختها اللى هتتجوزك بجد .
إنتبه الجميع على صوت سعال علا الشديد .. بعدما سمعت كلمات روضة وهى تشرب مشروبها فتوقف بحلقها فسبب لها شرقة أشبه بالإختناق .. دنا منها جاسم مسرعا و سألها بخوف :
- علا إنتى كويسة .
ناولته وعد كوب ماء .. فأخذه منها و أعطاه لعلا التى هدأ سعالها نسبيا و بدأت تتنفس بهدوء .. بينما وضع سامر يده فوق فمه مخفيا إبتسامته .. فهى مازالت تشعر بالغيرة عليه .. إذن فلتتصنع اللامبالاة كما تريد .. فهو لن يتركها فى حالها حتى تصبح له ........ .

ردت علا على جاسم وقد شعرت بحرج شديد من حالتها الغبية :
- أيوة كويسة الحمد لله .
ثم وقفت وقالت لجاسم برجاء :
- أنا هقف على البحر شوية .. عاوزة آخد نفسى .
أومأ لها جاسم برأسه و قال :
- روحى .. بس ما تتأخريش علشان نمشى .
- حاضر .

تركتهم علا وسارت على الشاطئ و هى تشعر بالحرج .. ظلت تسأل نفسها لما شعرت بالضيق من كلمات روضة .. هل سيتزوج سامر يوما ما و تصبح له زوجة و حبيبة .. يبادلها ضحكاتها وأيامها و يعشقها بقوة كما عشقها هى .. نفضت تلك الأفكار من رأسها و قالت بحدة :
- إرحمنى يا رب أرجوك .

- من إيه إن شاء الله .

قالها سامر متعجبا .. فإلتفتت إليه علا بغضب وقد أرادت و بشدة أن تعتصر رقبته بين قبضتيها حتى تختفى أنفاسه و يموت و ترتاح منه و يخرج من رأسها ....
كان سامر يتابع تعابير وجهها و نظرات الشر قد ملأت عينيها فقال بخوف :
- إهدى يا ماما .. أنا حاسس إنك عاوزة تنطى فى كرشى .
هزت علا رأسها مؤكده و قالت و قد تطاير الشرر من عينيها :
- أيوة .. نفسى أخنقك بإيديا و أخلص منك .. إنت عاوز منى إيه وجاى ورايا ليه .. إبعد عنى بقى .
إبتسم سامر بمشاغبة .. وإقترب منها وقال هامسا :
- يا ريت فزتاتك دى تطول شوية .. يا إما بناطيلك توسع شويتين تلاتة .. مفهوم .
صكت أسنانها بقوة و صاحت بغضب :
- و إنت مالك إنت ومالى .. إيه دخلك فى حياتى ..ده إنت شئ بارد يا أخى .
وضع يديه بجيب بنطاله و قال بقوة رافعا حابيه بضيق :
- إغلطى إغلطى .. براحتك .. بكرة ييجى اليوم اللى هدفعك فيه تمن كل حاجة عملتيها و ضايقتنى و إتفضلى إرجعى إقعدى معاهم .. و ما تقفيش لوحدك تانى .. يالاااااا .
ضربت الرمال بقدميها بعصبية .. و عادت مرة أخرى للشاليه .. بينما وقف سامر مستنشقا لرائحة اليود المنعشة .. و تلك النسمة الرقيقة تداعب شعراته الكستنائية .. و هو يعلم أن الطريق أمامه طويل و لكن الأمل بداخله تعدى رفضها و حنقها المزعوم .

.............................................................................................................
........................

إنصرف جاسم و علا و ريتال و سامر .. بينما بقيت الفتيات تنظف المكان وساعدهم عمرو ومالك إستغلالا لفرصة أن يحظى كلا منهم بنظرات خاطفة لحبيبته .. كانت سعادة روان ووعد لا توصف .. بينما كانت روضة تمنى نفسها بنظرة واحدة من مالك كنظرات عمرو لروان غافلة عن تلك الشرارات الأخرى المحيطة بها ....
إغتسلت وعد و دلفت لغرفتها مع روضة و إرتمت على الفراش بتعب .. ثم تذكرت أنها لم تقصص لروضة عن إعتراف مالك لها .. فقفزت مسرعة و إندست بالفراش بجوار روضة التى بدأت فى النعاس وقالت بهدوء :
- رودى .. إنتى صاحية .. كنت عاوزاكى فى موضوع مهم .
أجابتها روضة وهى تشعر بحنق :
- بكرة إن شاء الله .. سبينى أنام بقى .
هزتها وعد بقوة وقالت بغضب :
- ﻷ .. قومى إقعدى وإسمعينى أنا ممكن أطق لو ما قولتلكيش .
صفعت روضة وجهها بضيق وجلست على مضض .. فهى تعلم وعد جيدا فلتقول ما لديها لتعود لنومها بسرعة .. فإعتدلت بجلستها وقالت بملل :
- إشجينى .
فركت وعد أناملها بخجل .. ثم قالت بتلعثم :
- أصل .... أصل يعنى .. و ااااا .
زمت روضة شفتيها بحزن وقالت بصوت باكى :
- إنتى لسه هتقطعى .. حرام عليكى سبينى أنام والصبح جمعى و إحكيلى .
فقالت وعد بسرعة كى تقتل خجلها :
- مالك النهاردة الصبح قالى إنه بيحبنى وعاوز يخطبنى .
شعرت روضة بقبضة قد إلتفت حول قلبها وإعتصرته بقوة آلمتها بشدة .. مالك .. و وعد ... تشنجت تعابيرها .. وشعرت بإختناق شديد .. وقفت مسرعة و تخطت وعد و لامست الارضية و هي تترنح حتي فتحت نافذة غرفتهما ولم تأبه أنها بدون نقابها أو حجاب على شعرها .. حاولت التنفس ولكن دون جدوى .. و غيمت عينيها فجأة ولم ترى شيئا حولها .. ثم شعرت بإرتطام رأسها بشئ صلب

يتبع الفصل التالي اضغط هنا

 الفهرس يحتوي على جميع فصول الرواية كاملة: "رواية وعد بلا رحمة" اضغط على أسم الرواية
google-playkhamsatmostaqltradent