Ads by Google X

رواية عهد الحب الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم نور بشير

الصفحة الرئيسية

                رواية عهد الحب الفصل الثالثوالعشرون بقلم نور بشير


رواية عهد الحب الفصل الثالث والعشرون 

صدمة .... !
صدمة ألجمتهم جميعاً ، و ألجمت عهد على وجه الخصوص ...
أيعقل أنه سيطلقها من أجلها ؟
أيعقل أنه سيترك فرحه ، زوجته من أجلها هى فقط ؟
أم أنه سيتركها لسببا أخر .... ؟
لم يستمع عاصم و فرحه إلى أى رد منهم ... فالصدمة تبدو واضحة على وجه الجميع ،
فأردف عاصم بنبرة حانية و صوت دافء: أنا و فرحه قررنا ننفصل بشكل رسمى ، و لأن فرحه أمانة فى رقبتى ، عم صالح الله يرحمه أمنى عليها ، فهى مش هتطلع من البيت ده و هتفضل عايشة هنا زى أمينة و أميرة بالظبط
فهتف غريب بتساؤل: يعنى إيه زى أمينة و أميرة
نظر له عاصم نظرة ذات مغزى تفهمها غريب جيدا فتابع عاصم: فرحه هتعيش وسطنا هنا لحد ما أسلمها بأيدى لعريسها و أطمن عليها و أتأكد أنى تميت الأمانة على أكمل وجه
نظر له غريب بفخر و سعادة: يا أهلاً وسهلاً بيها يا حبيبى وسطنا ، ثم أكمل داعياً لها؛ ربنا يعوضها خير أن شاء الله و يسعدها
تمتم الجميع عادا عهد: أمين
فهتف غريب بجدية: أعمل حسابك يا عاصم أنك هتنزل من بكرا الشركة مع عهد و عمر و هما هيفهموك الشغل ماشى أزاى
أوما له عاصم برأسه سريعا و هو يختلس النظر من الوقت للآخر إلى عهد دون أن يلاحظ أحد عليه ذلك و نطق بجدية هو الآخر: أن شاء الله يا بابا

و أنصرفوا بعد ذلك ذاهبين إلى مكتب المأذون الشرعى ، حتى يتم الإنفصال بشكل شرعى و قانونى ، و بمجرد أنصرافهم ، حتى هبت عهد واقفه و أتجهت راكضة باتجاه غرفتها ، ظلت تجوب الغرفة هنا و هناك ، لا تستطيع أن تركز ، لا تستطيع لمام شتات نفسها ، لا تستطيع تهدئه ضربات قلبها التى تشعر و كأنه سيخرج من موضعه ، وقفت أمام الڤراندة الخاصه بها ، مسنده بيديها أعلى الجدار ، تفكر و تفكر .....
تفكر كيف لها أن تتقبل هذه الفعلة ؟
كيف لها أن تتعامل معه بعدما أصبح حرا ؟
ماذا تفعل ، و ماذا سيكون رد فعلها عند عودته .... ؟
تشعر بالسعادة فى داخلها ، و لكنها تأبى الإعتراف بها ، تشعر الآن بأنها تعشقه فوق العشق عشقا أخر و لكنها لاتزال تأبى الخضوع لهذا العشق .....
فاقت من تفكيرها هذا على صوت غريب قائلاً بنبرة حانية: الغالية مرات الغالى بتفكر فى إيه
نظرت له عهد بفزع و أردفت بنبرة لاهثه و كأنها خارجه من سباق: بابا ، حضرتك خضتنى
نظر لها غريب نظرة ذات مغزى ثم هتف بمراوغة: اللى واخد عقلك يا ست عهد ، وفاء ( الخادمة ) خبطت كتير على الباب و لما ملقتش رد قلقت عليكى و قولتلها تدخلنى ، و لقيتك هنا واقفة فى دنيا تانية
عادت عهد تستند على حافة الجدار ثم هتفت بتسهيم و شرود: فعلاً كنت سرحانة ما أخدتش بالى من الباب ، ولا حتى من حضرتك لما دخلت
أبتسم غريب أبتسامة ذات مغزى ثم نطق بمداعبه: بتفكرى فى صح
نظرت له عهد بأبتسامة خجلة و تابعت: هو أنا مفقوسة أوى كده
فقهقه غريب و تابع بمرح: عيونك هى اللى فقساكى يا عهد ، و أضاف بنبرة حانية؛ الحب باين فى عيونك يا حبيبتى ، عيونك اللى ما تعرفش الكره أبداً
أخرجت عهد تنهيده حارة من بين شفتيها ثم قالت بشرود: عمرى فى حياتى ما عرفت أكره ، الدنيا هى اللى كرهانى يا بابا و كاره تشوفنى فرحانه من قلبى بجد ، ثم ألتفتت له و تابعت بعيون مرغرغة بالدموع؛ أنا كل ذنبى فى الدنيا أنى حبيت ، و كأن الدنيا مستكترة عليا الحب ده ، مستكترة عليا أعيش حياة طبيعية مع الراجل الوحيد اللى حبيته ، عند هذه النقطة هبطت دموعها بغزارة
فهتف غريب بحزن: لييييه ، لييييه كل الدموع دى ، ليه بتعملى فى نفسك كده يا حبيبتى ، ملعون أبو الدنيا و أى حد يزعلك و ينزل دمعة من دموعك اللى زى اللؤلؤ دى يا عهد ، ثم تابع متنهدا؛ يا حبيبتى أنتى بنتى اللى مخلفتهاش مش مرات إبنى بس ، و أنا ويصعب عليا اللى أنتى فى ده دلوقتى و ميهونش عليا دموعك دى ، و بندم فى اليوم ميت مرة على اللى عملته فيكى زمان ، و الجرح اللى علم جواكى ، اللى كنت أنا و سمية سبب فى ، فجثت عهد على ركبتيها أمامه و سحبت يديه واضعه قبلة حانية على كفه و هتفت بحب: أوعى تقول كده يا بابا ، اللى حصل زمان حصل خلاص و أنا سامحت فى ، بس وجعى من إبنك هو اللى تاعبنى لحد دلوقتى ، فأضافت بوجع؛ أنا بحاول اتأقلم مع الوضع و بحاول أهدى نفسى ، بس أنا فى جوايا نار قايدة مش بتتطفى ، لما شوفته فى المستشفى يوم حادثه ليا ، قولت الدنيا هترجع تضحك ليا تانى و هيتلم شملنا من جديد ، و ملحقتش أفوق من الطعنة القديمة لقيت طعنة جديدة جت فى نص قلبى ، صدقنى يا بابا أنا كل اللى قولته أمبارح ده غصب عنى من النار اللى جوايا
رفع غريب يديه ماسحا دموعها و ردد فى ألم: أنا حاسس بيكى يا حبيبتى ، و حاسس بوجعك اللى وجعنى أنا كمان ، و تابع فى أمل؛ بس أهو عاصم حس بحجم الغلطة اللى عاملها ، و أنا أقصد بكلامى ده جوازة من فرحه اللى خارج عن إرادته ، و فرحه كمان طلعت عندها أصل و أخلاق و تفهمت الوضع و هينفصلوا بهدوء ، خصوصاً أنى عرفت من سمية أن جوازة منها جواز على ورق يعنى مجرد كتب كتاب بس
صدمة ..... !
صدمة تلقتها الآن فى تلك اللحظة ....
فهى علمت للتو بأن زواجه من تلك الفرحه ليس زواج رسمى فهو مجرد كتب كتاب فقط لا غير ، فأردفت عهد بأرتباك: يعنى إيه اللى حضرتك بتقوله ده ، يعنى عاصم كاتب كتابة بس على فرحه
أوما غريب برأسه عدة مرات ثم هتف بمراوغة: أيوه بالظبط ، هو أنتى كنتى عوزاه جواز كامل ولا إيه
فهتفت عهد سريعًا: لااااا لاااا طبعاً ، أنا بسأل بس مجرد سؤال
فنظر لها غريب و أبتسم بسمة طفيفة و تابع: و رينى هميتك بقا و ورينى هترجعيه لحضنك تانى أزاى
أرتبكت عهد بشدة و هتفت بنبرة خجلة: مبقاش ينفع يا بابا رجوع خلاص ، أنا و عاصم بقينا زى الشمس و القمر صعب يتلاقوا ، و وجودى فى البيت هنا عشان خاطر ولادى و نفسيتهم ، و لما يكبروا و يدركوا كويس اللى بيحصل حواليهم ساعتها هقدر أنفصل عن عاصم بشكل رسمى ، غير كده أوعى تفكر يا بابا أنت أو أى حد أن ممكن نرجع تانى
استطرد غريب بتساؤل ممزوج باستغراب: يعنى إيه الكلام ده يا عهد ، إيه اللى أنتى بتقوليه ده يا بنتى ، ده بيتك و ده مكانك أنتى و ولادك ، و عاصم جوزك و لازم تحاربى عشانه ، أنا مكنتش فاكرك ضعيفة بالشكل ده ، أو أنك ممكن تتنازلى عن حقك فى عاصم بالطريقة دى ، فتابع بأستنكار؛ لاااااا يا عهد إستحالة تعملى كده يا بنتى فينا و فى ولادك
نظرت له عهد و هتفت بدموع: مش هقدر أدوس على كرامتى أكتر من كده يا بابا مش هقدر ، أنا كرامتى أتهانت أوى
أسرع غريب بنفى: ما عاش ولا كان اللى يهين كرامتك يا حبيبتى ، و أنتى كرامتك فى البيت ده من كرامتى أنا شخصياً و محدش يقدر يهوب ناحيتها ، و بعدين اللى بيحب بينسى كرامته يا عهد ، هما مش بيقولوا الحب مفهوش كرامة ، و بيقولوا كمان مراية الحب عامية
هزت عهد رأسها مسرعه و صاحت برفض: الحب اللى من غير كرامة يا بابا ميبقاش حب ، تخيل معايا كده أن حد بيحب حد فيضيع كرامته أومال لو كان بيكره كان عمل فى إيه ، إستحالة يكون اللى حضرتك بتقول عليه ده يكون حب إستحالة
نظر لها غريب ثم تفوه بحيرة من أمرها: أفهم من كلامك أنك هتستسلمى يا عهد ، هتتنازلى عن حقك فى الدنيا ، هتتنازلى عن حب عمرك و عن تعبك و عذابك طول السنين اللى فاتت ، أنتى صبرتى كتير يا عهد و ربنا عمره ما ضيع صبر حد أو ظنه فى ، هتيجى أنتى على آخر لحظة و تضيعى كل ده ، أنا مش هسمح بكده صدقينى ، ثم تابع بنبرة حانية؛ طوعى قلبك يا بنتى ، ربك رب قلوب أسمعى قلبك بيقولك إيه و أعمليه ، متضيعيش الفرصة يا بنتى ، فى غيرك يا حبيبتى بيتمنوا ربع الفرصة دى ، غيرك كتير أوى حصل معاهم زى ما حصل معاكى و فقدوا أزواجهم للأبد ، و بيتمنوا لحظة بس يعوضوا فيها اللى راح ، و أنتى ربنا عطاكى عمر بحاله عشان تعوضى فى حياتك اللى أتسرقت منك زمان ، فتابع بهمس مؤكداً على كل حرف يتفوه به: أوعى تضيعى الفرصة يا عهد ، أوعى تضيعى عمرك يا حبيبتى ، العمر واحد و الحياة واحدة لو معشتهاش زى ما أنتى عايزه ، مش هيكون عندك أوبشن تانى عشان تعشيها مرة تانية ، راجعى نفسك يا عهد و أنا واثق أنك هتعملى الصح ، و اللى قلبك هيقولك عليه ، و أضاف بنبرة يكسوها الحزن المخلوط بالقليل من الأمل؛ و أعملى حسابك عاصم هينزل الشركة من بكرا
ثم تحرك بالكرسى الخاص به تاركا إياها ، دون سماع ردها ، ذاهبا صوب الباب ، يهم بالعودة إلى غرفته ، تاركا عهد خلفة تقف مشدوة تشعر بالتوهان و الحيرة ، تفكر فى كل كلمة تفوه بها ، ترن بأذنيها تلك الجملة التى أخبرها بها منذ قليل الذى قد أخبرها بها عم هلال هو الآخر من قبل ، ( ربك رب قلوب ) ، ظلت تفكر كيف ستتعامل مع الفترة القادمة ، فهو سيكون أمامها طوال الوقت بالعمل و بالمنزل
كيف لها أن تتحمل كل هذا الوجع يا الله ؟
ظلت تفكر و تفكر ..... إلى أن شعرت بصداع شديد يكاد يفرتك برأسها ، فذهبت إلى التسريحة للخاصة بها و أخذت من الدواء الذى قد أعطاه لها الطبيب أمس ، ثم أتجهت إلى المرحاض و قامت بملء حوض الإستحمام ( البانيو ) لتنعم بحمام دافء لعله يهدء منها قليلاً و يقلل من توترها و يشعرها بالقليل من الإسترخاء

و بعد مرور عدة ساعات ، تجلس عهد أعلى سطح الڤيلا فى المخدع القابع أعلى المنزل ، تستمتع بالهواء الطلق ، تستمع إلى أنغام أم كلثوم فى تلك الغنوة المحببة إلى قلبها ، تستمع إليها و هى شارده بكل كلمة تنطق بها ، فهى عاشقة لكوكب الشرق و لتلك الغنوة بالتحديد ، و ظلت تدندن معها بصوتها العذب الجميل فى إنسجام شديد ، فعلى ما يبدو أنها أصبحت بحاله أفضل عن الصباح ، تدندن بهيام شديد و شرود فى الوقت نفسه

( كلمات أغنية الحب كله أم كلثوم )

الهوا العطشان فى قلبي بيندهك
يا ارق من النسمه واجمل من الملاك
انت روحي وكل عمري ونور حياتي
يا حياتي ايه انا بالنسبه لك
حبيبي ده انا مخلوق علشانك
يادوب عشانك عشانك انت
وقلبي عاش على لمس حنانك
يادوب حنانك حنانك انت

حلوه حلوه الايام حلوه الاحلام حلوه
حلوه حياتي حلوه حلوه يا سلام حلوه
حلوه بتمر قوام حلوه ويا حياتي
يا زمان يا زمان يا ليالي طويله
احلامها جميله وحالتي معاك
يا زمان يا ليالي بتجري بتطوي آمال وتفوتها رماد
فيها لو تنسي اتنين اتنين فى الحب
اتنين فى الحب اتنين للحب
دايبين عايشين

عايشين نقول للدنيا بحالها
ولكل قلب بدقته حس
يا دنيا حبي وحبي وحبي
ده العمر هو الحب وبس
واسقيني واملا واسقيني تاني
من الحب منك من نور زماني
اسقيني ياللي من يوم ماشوفتك
حسيت كأني اتخلقت تاني

ظلت تدندن بهيام و هى تداعب خصلاتها ، ناظره إلى السماء فى شرود ، فعلى ما يبدو أن حالتها المزاجية جيدة للغاية ، أنها بتلك اللحظة تعيش لحظة سلام قد أفتقدتها منذ الكثير ...

كل ذلك و عاصم يقف يراقبها من بعيد ، يستمع إلى نبرتها المحببة إلى قلبه و صوتها العذب و تلك الغنوة المفضلة إلى قلبه ، شعر بسعادة تغمره ، و كأن قلبه يترقص بداخله ، بمجرد أن لمحها سعيدة ، أو يبدو عليها السلام و الراحة ، فهو سعيد لرؤيتها هكذا تمنى لو بأمكانه أحتضانها الآن ، يريد أن ينعم بأحضانها ، يريد أن يعيش تلك اللحظة التى عاشها أمس و هى بداخل أحضانة ، يريد ذلك الشعور و بشدة ، فحانت منه أبتسامة ساحرة إلى جانب شفتيه ، و هم بالذهاب إليها ، فهو قد حسم على التحدث إليها الآن
فأقترب منها يقدم خطوة و يأخر الآخرة فى تردد ، فهو يخشى ردة فعلها حقا ، فأقترب منها و هتف بنبرة متردده: عهد ممكن أتكلم معاكى شوية
رفعت عهد نظرها إليه ثم هتفت بنبرة صافية خالية من أى ضغينه: أتفضل
و بالفعل جلس عاصم قبالها و نظر بداخل عيونها و نطق بصوتا رحيم و نبرة يكسوها الحنين و الإشتياق....

يتبع الفصل الرابع والعشرون اضغط هنا
  • الفهرس يحتوي على جميع فصول الرواية كاملة :" رواية عهد الحب" اضغط على اسم الرواية 
google-playkhamsatmostaqltradent