Ads by Google X

رواية في غيابة الجُب الفصل التاسع 9 بقلم نعمة حسن

الصفحة الرئيسية

    رواية في غيابة الجُب الفصل التاسع بقلم نعمة حسن


رواية في غيابة الجُب الفصل التاسع 

لقد بدأ جسدي ينتقم مني، بات هذا واضحًا، لم أعتني به بشكل جيد، أرهقته في كل شيء.!”

بتلك الكلمات المقتضبه خطّت "لينا" بقلمها في دفترها الأسود والذي إفتقدته كثيراً ثم أغلقته و نهضت.

ذهبت و وقفت بشرفتها تنظر إلي الفراغ بأسفل نظرها و الهدوء الذي خلّفه "بابسي" خلفه.

إستمعت إلي طرقات علي باب غرفتها فأذنت بالدخول و لكنها تفاجئت عندما رأت "رزق" يدخل و بحوزته صندوق "سمك زينه" كبير و يقول:

_ممكن تقبلي مني الهديه البسيطه دي يا آنسه لينا؟!

ذهبت إليه و حملت عنه الصندوق و هي تبتسم بسعادة وقالت:

=الله.. ده جميل خالص.. ميرسي يا رزق بجد.

إبتسم رزق و قال بسعادة لرؤية سعادتها:

_العفو حضرتك.. أنا مبسوط إنه عجبك.

=أي حاجة منك حلوة يا رزق.. شكرا ليك.

_الشكر لله يا ست البنات.. طيب هتحطي حوض السمك ده فين؟!

نظرت حولها بحماس و قالت: إنت إيه رأيك؟!

_والله أنا من رأيي يبقا في وش السرير كده.. بحيث يبقا منظر مسلي يعني ممكن لو قاعده تسرحي معاهم و كده.

=برافو عليك يا رزق.. ساعدني بقا ننقل المكتب و نحطه مطرحه.

_عنك انتي.. أنا هنقله خليكي مرتاحه.

قام بنقل المكتب و وضع صندوق السمك عوضاً عنه و قال:

_هاا.. إيه رأيك!؟!

صفقت بيديها في حماس و سعادة قائلة:

_شكلهم حلو أوووي.. و ألوانهم جميلة.

قال ممازحاً: شوفي البرتقانيه دي.. إسمها لينا علي إسمك!

نظرت له بتعجب و إنفجرت ضاحكه بينما ظل هو يتمعن بوجهها المرهق الشاحب بأسف و حزن بالغين و لكنه إبتسم عندما إستمع إلي ضحكاتها.

قالت: و إشمعنا البرتقانيه دي بقا؟!

_يعني.. هاديه زيك كده و تحسيها غامضه و مليانه أسرار و عيونها جميله كمان!!

قال الأخيرة بلا وعي منه و لكنها إبتسمت بمكر و قالت:

_دي أنا ولا السمكه؟!

قال بشرود: هي مين دي؟!

إبتسمت و نظرت إلي عينيه مباشرةً و قالت:

_مين اللي عيونها جميله؟! أنا ولا السمكه؟!

أفاق من شروده و تنحنح بحرج بالغ وقال وهو يبتعد بعيناه عنها:

=إنتوا الإتنين بصراحه.. عن إذنك أنا هنزل بقا.. تؤمريني بحاجة؟!

وقفت أمامه و نظرت إليه بثبات:

_شكرا يا رزق علي إهتمامك.. إنت جميل خالص.

=نظر أرضاً و قال: العفو يا آنسه لينا.. عن إذنك.

نزل من غرفتها و خرج من الفيلا وهو يتمتم:

_الصبر من عندك ياارب.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يجلس "جمال" برفقة"بسمة"و بجانبة الأوراق التي تحتوي على بيانات "لينا" و محضر العثور الخاص بها و أوراق الكفاله كذلك.

تنهد بقلق و قال:في محضر العثور كان اسم الام ما زال مجهول..و ده لأن زي ما مديرة الدار قالت ان الام ماتت يوم ما ولدتها و متعرفوش عليها بس لما لينا راحت المركز الصحي طلعو لها شهادة ميلاد و في الوقت ده كان ظهر محضر إختفاء بإسم'هند السيد الشيخ'و بعد التحريات ثبت ان هند دي هي مامت لينا.

سألته "بسمة" بتوتر: طب إفرض طلع الشيخ بلال ده أخو هند مامت لينا فعلاً هنعمل إيه؟!

زفر بشدة و قال:مفيش قلق منه..هما تنازلوا عن رعايتها لما كانت بيبي لسه و ده مثبت بالورق..يعني ملوش حق دلوقتي يطالب برجوعها ليه..عالعموم بلاش نسبق الأحداث و خلينا نستني لما أشوف رزق هيعمل إيه!

دخل "رزق" بعد أن سمح له جمال بالدخول و جلس و بدأ يتحدث:

_كلمت الواد بتاعنا اللي في السجل المدني و جابلي معلوماته يا فندم.

ثم أخرج من جيبه ورقه فتحها و بدأ بقرائتها:

_إسمه رباعي "بلال السيد السيد الشيخ"
٤٥سنه..متجوز و عنده ولدين"محمد و عبدالرحمن"..من الجياره في مصر القديمه.

_من الجياره؟!عجيبه..ده أنا كنت هناك دايماً و إشتغلت هناك كمان فتره قبل ما أنزل إسكندريه بس عمري ما سمعت الإسم ده!!

صمت"رزق"برهه و أكمل و كأنه يعتذر بنظراته مسبقاً:

_و ملوش غير أخت واحده"هند السيد السيد الشيخ" متوفيه.

أغمض جمال عيناه بحسرة و أرجع ظهره إلي الوراء ثم زفر بقلة حيله قائلاً:

_قطع الورقه دي يا رزق ولا كأنك عرفت حاجه.

ضيق رزق بين حاجبيه متعجباً و قال:

_يعني ايه حضرتك؟!مش هتبلغ الآنسه لينا؟!

حدجته"بسمة"بنظرات غاضبه و قالت:

_نبلغ لينا بإيه يا رزق؟!و فرضاً هي إختارت تروحله هنعمل إيه وقتها؟!

لم يجيب رزق و تكلم جمال و قال: لينا يستحيل تسيبنا..وبعدين هي لو عرفت ان اهل امها اتنازلوا عن حضانتها هتكرههم أكتر و مش ممكن تفكر تروحلهم.

_بس كده هتبقوا بتخدعوها سعادتك!

أطلق رزق لسانه بكل جرأه و تفوه بتلك الكلمات فـ صوّب جمال ناحيته نظرات ناريه محذره و قال:

_مش معني إني بعتبرك زي إبني يا رزق و بحكيلك كل حاجه إنك تتخطي حدودك معايا..لينا بنتي و أنا أكتر حد يعرف مصلحتها فين.

أومأ رزق بموافقة و تمتم معتذراً فسأله جمال و كأنه تذكر شيئاً لتوّه:

_صحيح يا رزق كنت من فترة كده قولتلي إن في حاجه حصلت يوم عيد ميلاد لينا..حاجة إيه؟!

=ااااه..لا دي حاجه مش مهمه يا فندم بلاش أشغل دماغك بيها..أستأذن أنا.

إنصرف "رزق"و خرج ليجلس بمكان نائي بحديقة الڤيلا و ظل يحدّث نفسه و يقول:

_عايزني أقوللك آن أبو صاحبة لينا الوحيده هو اللي لقاها لما كانت في البير؟!ده انت كنت أجبرتها تقطع علاقتها بيها..إذا كان خالها و مش عايز تعرفها بيه عشان خايف تسيبك و تروحله يبقا هتعمل إيه مع صاحبتها؟!

قطع حديثه متفاجئاً عندما رأي"لينا"تقف أمامه وهي تضع وشاح خفيف علي كتفيها و تضم نفسها بيديه و تقول:

_بتكلم نفسك يا رزق؟!

جلست بجانبه و تابعت:إوعي تكون مجنون زيي؟!

ضحك و قال:بعد الشر عنك يا آنسه لينا،ده انتي ست العاقلين.

ضحكت ببشاشه و قالت:

_أومال قاعد لوحدك ليه؟! شكلك كده بتحب.

نظر إليها بتخبط و أشاح بوجهه عنها قائلاً:

_أحب؟! جايز بردو.

_اممممم.. دي يبختها اللي إنت بتحبها يا رزق.

=هه.. إشمعنا بقا؟!

_عشان هتكـ....... ثواني يا رزق.

إرتفع رنين هاتفها فأجابت:

_ألوو.. أيوة مين؟!

=يعني لازم أرن عليكي من موبايل غريب عشان تردي يا لينا؟! يبنتي حرام عليكي.

نطقت" حنين" بتلك الكلمات غاضبه فـ زمّت لينا شفتيها بأسف و قالت:

_أنا آسفه يا حنين.. متزعليش مني.

=عمري ما أزعل منك طبعاً.. أنا جيالك حالاً.

_هستناكي.. متتأخريش عشان وحشتيني.

أنهت لينا المكالمة ثم نظرت إلي رزق و تحدثت:

_دي حنين أو "نانا"يعني زي ما بتحب إني أناديها.. تعرف يا رزق!! اوقات بحس إنها مامتي مش صاحبتي ولا أختي حتي.. حنينه أوي و حضنها حنين كمان.. أحن من حضن مامي.. كل لما بتحضني ببقا هعيط.. نانا دي الوحيده اللي مقدرش أخسرها يا رزق و لا أقدر أعوضها.

إبتسم رزق و قد تيقن أنه أحسن التصرف بعدم إخبار جمال عن هوية" حنين" ثم قال:

_من حبه ربه حبب فيه خلقه يست البنات.. و آنتي الناس كلها بتحبك.. ربنا ميحرمكوش من بعض.

ظلت تنظر له بإبتسامة متسعه و قالت:

_بحب أسمعها منك أوي ست البنات دي يا رزق.

قال ممازحاً: جميله خالص مش كده؟!

ضحكت بشدة و قالت: جميله خالص فعلاً.

أمسكت بهاتفها لتقوم بالإتصال بـ حنين و لكنها وجدته مغلقاً فقالت:

_موبايلي فصل شحن بقالي كذا يوم مشحنتوش.. كنت عايزة أكلم حنين أسألها بفت فين دلوقتي.. هقوم بقا أكلمها من فوق.

=لا و علي ايه تتعبي نفسك؟! إتفضلي كلميها من عندي.

أمسكت بهاتفه بعد أن تبسمت شاكرة و لكنها توقفت عند شئٍ ما فقالت بإبتسامة متعجبه:

_إنت مسيڤ رقمي عندك بإسم "فُلّه"؟!!

أصابه التوتر و تحدث بتلعثم قائلاً و قد تحرّك بؤبؤ عينه إلي اليمين:

_ده إسم تمويهي يعني عشان لو حد مسك الموبايل أو حاجه.. همسحه فوراً.

تبيّنت عدم صدقه و إبتسمت بخبث و قالت:

=لأ بلاش تمسحه.. سيبه.. حلو فلّه.

_اللي تحبيه حاضر.

أنهي كلمته و أشاح بوجهه بعيداً عن نظراتها المتفحصه و التي يعلم أنها تسبر أغواره.

طلبت حنين التي أجابت علي وجه السرعه: أيوة.

_أيوة يا حنين إنتي بقيتي فين؟!

=داخله علي الكومباوند أهو.

_أوكي بستناكي في المكان بتاعنا اللي جمب الpool.

=تمام ماشي.. يلا سلام.

نهض" رزق"واقفاً يقول: عن إذنك انا يا آنسه لينا دلوقتي عشان تقعدوا براحتكوا.

إنصرف رزق و دخلت حنين التي ركضت إلي لينا مسرعه تحتضنها مرات و مرات بشوقٍ جارف.

_وحشتيني يا حيوانه.. كده يا لينا أهون عليكي.. كل ده متكلمنيش ولا ترضي إني أجي أشوفك؟!.

=والله يا حنين غصب عني..انا كنت حاسه اني بموت بالتدريج و الحياه كلها بقت سواد في وشي.

امسكت حنين بيديها تضغط عليهما برفق و كأنها تؤازرها و قالت: يا حبيبتي.. مامتك كانت بتحكيلي كل حاجه.. متتخيليش كانت حالتها عامله إزاي؟!

تنهدت لينا بحيرة و قالت: مش عارفه يا حنين.. حاسه اني مشاعري بقت بارده من نحيتهم من ساعة اللي حصل و فؤ نفس الوقت بستحقر نفسي.. هما ميستاهلوش مني كده.

_متضغطيش علي نفسك يا حبيبتي.. إنتي نفسيتك تعبانه اليومين دول و طبيعي تكون مشتته كده.. و هما مقدرين و فاهمين انتي بتمري بإيه.

قاطع حديثهم مجئ "جمال" الذي إتسعت إبتسامته لرؤية إبنته تجلس ولأول مرة منذ فترة خارج غرفتها.

_شي لله يا ست حنين.. بركاتك.

تحدث بتلك الكلمات ممازحاً حنين و التي قالت:

_شوفت بقا.. عدوا الجمايل.

قبّل رأس "لينا" بحب چَمّ و جلس بحانبها يحيطها بذراعيه و تحدث قائلاً:

_أخيراً يا لينا خرجتي.. البيت و الجنينه و كل ركن في الفيلا كان مضلم من غيرك.

إبتسمت لينا و ضمّت نفسها إليه أكثر بإشتياق ظاهر فقال: إيه رأيكوا بقا بالمناسبه الحلوة دي نطلع الساحل يومين.

لينا: بس بشرط.. حنين تيجي معانا.

حنين:لأ حنين مين يا قطه ده بكوغتي يستحيل يوافق.

قال جمال:ملكيش دعوة إنتي و أنا عليا إقناع باباكي متقلقيش..هقول لـ رزق يظبطلنا الدنيا و نروح علطول..يلا أسيبكوا بقا و أروح أخلص كذا مشوار كده و آجي.

°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°
قام جمال بالإتصال بوالد "حنين" و الذي إعترض في بداية الأمر و لكنه أذعن بالنهاية عندما قال جمال له:

_طبعاً أنا عارف إن حضرتك معترض أكيد و إخواتها مش متقبلين الموضوع بس أنا عشمان فيك إنك تقدر موقفي..طبعآ انت عارف بتعب لينا و نفسيتها المدمرة حالياً فـ انا كنت عايز أخرجها من الحاله دي و أوديها الساحل تغير جو بس هي مش راضيه تروح من غير حنين..و كمان أنت عارف لينا ملهاش اخوات و بتعتبر حنين أختها و كل حاجه ليها كمان..و إحنا كمان والله بنحب حنين و بنعتبرها زي لينا فـ متقلقش عليها و هي معانا..في أيد أمينه.

لم يجد العم بكري بدً من الموافقه و قد كان.

ذهب الجميع إلي الساحل،جمال و عائلته و رزق و حنين أيضاً.

تحدث جمال إلي رزق قائلاً: رزق انت أكيد تعبان لانك صاحي من بدري..لو محتاج تنام أطلع نام..اساساّ مش هنخرج دلوقتي.

_آه والله كنت لسه هقول لسعادتك كده..علي العموم أنا نومي خفيف لو إحتاجت أي حاجة خبط علي باب الأوضه بس.

دخل رزق إلي غرفته و صعدت الفتيات إلي غرفتهم بينما ذهب جمال و زوجته إلي غرفتهم أيضاً.

قالت حنين:بقولك إيه يا لولي قومي ننزل الميه قبل ما الشمس تحمي ألا أنا بتحرق بسرعه.

=أوكي..ثواني هلبس و ننزل علطول.

إرتدت حنين ثوب سباحه يصل إلي منتصف ركبتيها و منتصف ذراعيها و جلست تنتظر خروج لينا.

رفعت حاجبيها بصدمه عندما رأت لينا ترتدي ثوب سباحه "بيكيني"و تضع علي خصرها وشاح خفيف يكشف اكثر من الذي يخفيه.

_نهارك ابيض!!انتي رايحه تعومي ولا رايحه ترقصي!

=إيه مالك؟!

_مالي إيه؟!إنتي مش شايفه نفسك؟!هتنزلي كده؟!

=يبنتي ماله لبسي؟!أومال هنزل البحر بإسدال الصلاة؟!

_يعني هو يا تطخه يا تكسر مخه..يا أبيض يا أسود؟!

=والنبي يا حنين إخلصي و بطلي رغي..إحنا هنا في الساحل مش في العجمي.. يعني كله بيلبس كده.. يلا.

نزلتا إثنينتهم إلي البحر تحت أنظار بعض الشباب المتفحصه و التي بدأت تثير حنقهم خاصةً عندما بدأ مجموعه من الشباب بالإلتفاف حولهم.

_شوفتي يا بومه البيكيني بتاعك عمل فينا إيه؟!قابلي بقا سفاله و قلة أدب.

=أنا مش فاهمه في إيه؟!ما البنات كلهم لابسين زيي أهم محدش بيضايقهم ليه؟!

كان"رزق"لا يزال مستيقظاً،لا يعتاد الأماكن الجديده بسهوله،خرج إلي الشاطئ يدخن سيجارته و لكنه دعسها تحت قدمه عندما شاهد"لينا"و يحيط بها أولئك الحقاري فهرول مسرعاً نحوهم.

_في حاجه يا خفيف منك ليه؟!

نطق فقط بتلك الكلمات فإنصرف الشباب علي إثرها مبتعدون.

رفعت لينا جسدها بأكمله من الماء وهي تقول:

_ميرسي يا رزق..إنت جمـ........

=إيه الزفت اللي إنتي لبساه ده؟!

تحدث رزق بـ غل و غضب مكتوم وهو يتفحصها بأعين مشتعله من الغضب و صرخ بها بلا وعي:

_إتفضلي إخرجي إلبسي هدومك حالاً.

ظلت ترمقه بدهشه و لم تحرك ساكناً فصرخ بها مرة أخري قائلاً:

_إنتي مش سمعاني؟!بقولك إخرجي إلبسي هدومك حالاً..يلا.

صاح بالاخري بحده فأذعنت له و خرجت كالمغيبه و كأنها مسلوبة القوي.


يتبع الفصل العاشر اضغط هنا 
google-playkhamsatmostaqltradent