رواية في غيابة الجُب الفصل الخامس 5 بقلم نعمة حسن

الصفحة الرئيسية

   رواية في غيابة الجُب الفصل الخامس بقلم نعمة حسن


رواية في غيابة الجُب الفصل الخامس

في صباح يوم دراسي جديد، تجلس "لينا" برفقة "حنين" في مقصف المدرسة كعادتهما كل يوم أثناء الإستراحه فقالت "حنين":

_يالهوي عليكي يا بت يا لينا ده إنتي طلعتي مش سهله و وقفتي الواد"مروان" ده عند حده بكلمتين إتنين.

إبتسمت "لينا"و قالت:

=عيب عليكي أنا ميتخافش عليا.

_و إنتي هتقوليلي.. ده الواد كان واقف متنح.. إلا قوليلي يا لولو إيه موضوع لغة الجسد.. إشتغاله ولا بجد؟!

=لأ طبعاً مش إشتغاله.. أنا فعلاً بفهم لغة جسد اللي قدامي من غير ما يتكلم و كمان بعرف هو بيفكر في إيه !

نظرت لها" حنين" بتعجب و شك فقالت "لينا":

=بصي.. لغة الجسد دي علم بيدرسوه بالآلاف المؤلفه لصعوبته و أهميته في نفس الوقت.. لكن ممكن بردو ربنا يوهبه لإنسان بإستثناء البقيه زيي كده.. يعني أنا من و أنا عندي 13 سنه تقريباً و أنا بدأت أتوقع اللي قدامي بيفكر في إيه و أعرف إذا كان بيكدب ولا لأ أو بيكرهني ولا بيحبني.. و ده اللي خلاني مكنتش بصاحب حد خالص في المدرسه لأنهم كلهم كانوا بيصاحبوني عشان لينا البدري مش عشان هما عايزين يصاحبوني.. حتي المدرسين بتوعي كانوا بيميزوني عن صحابي بالرغم من إننا كلنا كنا ولاد ناس أغنيا و في منهم باباهم أغني من بابي كمان بس بابي كان دايماً علي إتصال بيهم و بيمشي لهم شغل و كده.

_أيوة صح و بما إن باباكي غني و متريش كده ليه مدخلتيش مدرسة خاصة.. إيه اللي جايبك هنا؟!

=منا كنت في مدرسه خاصه و قعدت يادوب أسبوع و مستحملتش.. كلهم عارفيني و عارفين بابي مين و خنقوني أسئلة في أول أسبوع فـ بطلت أروح و أصريت علي بابي يقدملي في أي مدرسه حكوميه.. و هو كمان كان شايف إزاي انا وحيده و مبكونش صداقات و متجنبه الكل فوافق إني أجي هنا علي أمل أختلط بحد يعني!

_طيب أنا عايزة أتعلم لغة الجسد زيك عشان البت حنان أختي كذابه أوي و كل ما تعمل حاجه و أجي أقول لبابا تكدب و تقول محصلش.

ضحكت"لينا" بإبتسامة واسعه و قالت:

_بصي يا ستي.. الإنسان بيكدب بلسانه إنما جسمه لأ.. مبيعرفش يكدب.. يعني مثلاً لما ألاقي اللي قدامه بيحك أنفه أو بيرطب شفايفه بلسانه او بيرفع حاجبه بتكرار بعرف إنه بيكدب.. و كمان لما بيرفرف برموشه كتير أو بؤبؤ عينه بيروح ناحيه اليمين يبقا بيكدب!

=يسلاام؟! و إشمعنا ناحية اليمين يعني؟!

_لأن عينه لما بتروح يمين تلقائي يبقا كده بيستدعي المعلومات من نص مخه اليمين و اللي مسئول عن الخيال مش الحقيقه!

إتسعت عينا "حنين" بدهشة و قالت:

=بت أنا مش مطمنالك.. إنتي بتجيبي المعلومات دي منين!؟!

_منا قولتلك هي حاجه من عند ربنا ميزني بيها و كمان بقرأ كتير في المواضيع دي.. هبقا أجيبلك الكتب بتاعة لغة الجسد اللي عندي تقريها بدل ما إنتي شبه الخيبه كده.

_خيبه بس؟! ده الناس خيبتها السبت و الحد و أنا خيبتي موردتش علي حد.. يلا يا أووختي جرس الفسحه ضرب.

ضحكت "لينا" عالياً و قالت: تخيلي مسمعتش الكلمه دي من أيام ما كنت في كي جي.. يلا يا أم لسانين.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بعد عودة "لينا" إلي منزلها بحثت عن والدتها فلم تجدها، صعدت إلي غرفتها و بدّلت ثيابها ثم حادثت والدتها.

_أيوة يا مامي إنتي فين؟!

=أيوة يا لولي.. أنا في مشوار مع بابي و هنيجي كمان ساعه.. خلي "موانا" تعملك الأكل لو جعانه.

_تمام يا مامي.. باي باي.

نزلت "لينا" إلي الأسفل مناديه: "موواناا".

أتتها علي الفور إمرأه سوداء البشرة تتحدث العربية الركيكه و قالت: ايوة مودمزيل لينا.

_إعمليلي نيجرسكو و هاتيلي الأكل برة.

=بس مدام بسمة قالت الغدا......

قاطعتها" لينا"صارخه بحدة: أنا بقولك إعملي نيجرسكو.. هاكل علي مزاجكوا ولا إيه؟!

أومأت "موانا" موافقة و إنصرفت نحو المطبخ ثم ذهبت "لينا" نحو غرفة مكتب والدها.

دخلت و أغلقت الباب خلفها ثم بدأت بالبحث عن شئٍ ما.

زرعت الغرفة ذهاباً و إياباً لكن دون جدوي حتي وقع بصرها لوحه صغيره معلقه علي الحائط فأزاحتها فوجدت خلفها خزنه!

إبتسمت بسخرية متمتمه: قديم أوي يا بابي!

فتحت درج المكتب و أخرجت المفاتيح ثم بدأت بتجربة بعض المفاتيح حتي فُتحت الخزنه!

أخرجت منها بعض الأوراق و بدأت بمطالعتها حتي عثرت علي غايتها.

_شهـادة ميلاد!.

قرأت تلكا الكلمتين بقلب مضطرب و أوصال مرتجفه ثم نزلت ببصرها إلي الأسفل.

_إسم الطفلة "لينا"
_إسم الأم "هند السيد الشيخ"
_إسم الاب"محمد عبد المعطي "

إبتسمت بسخرية قائلة: هند!!

قلبت الأوراق بين يديها مرة أخري حتي وجدت ورقة مكتوب أعلاها "محضر عثور" إلتقطتها من بين الورق و همّت بقرائتها و لكنها فزعت عندما فتح والدها الباب فجأة.

_إنتي بتعملي إيه هنا يا لينا؟!

تقدم والدها منها و إنتزع من بين يديها الورقه التي تمسك بها و نظر بها فأصابته الدهشة و نظر لها قائلاً بحدة:

_قرأتي اللي في الورق ده؟!-

هزت رأسها بنفي فسألها مجدداً:قرأتي اللي في الورق ده ولا لأ يا لينا..متكدبيش.

=قرأت شهادة الميلاد بس..إسمها "هند"يعني معروف هي مين..يعني هي اللي إتخلت عني و سابتني مش زي ما انتوا مفهميني إنكوا متعرفوش و ياتري محمد عبد المعطي ده يبقا أبويا فعلاً؟!

_محمد عبدالمعطي ده الإسم اللي إختاروه في مركز الصحه اللي إنتي فضلتي فيه لحد ما بقا عمرك سنتين زي ما هما بردو اللي سموكي لينا..إنما هند دي أنا معرفهاش و لا حد يعرفها..كل اللي أعرفه إنها ماتت يوم ولدتك.

=بجد؟!يعني هي متخلتش عني؟!

_أيوة يا حبيبتي..هي الله يرحمها ماتت و ملحقتش تاخد بالها منك.

إتجه بؤبؤ عينه يميناً و قال: اكيد مفيش أم ترمي بنتها و هي لو كانت عايشه كانت هي اللي زمانها بتربيكي و بتاخد بالها منك دلوقتي.

إحتقن وجهها غاضباً و صاحت بحدة: إنت بتكدب عليا..إنت كداب..كداااااااب.

صفعها بشدة علي وجنتها صارخاً بها بغضب:إسكتي.

سقطت علي الأرض بغتةً فاقدة للوعي و إنقبضت عضلاتها بشدة و ظلت ترتعش و تنتفض و تصرخ عالياً ثم سكت صوتها و ساد الصمت علي أرجاء المكان.

حدث كل هذا في أقل من الدقيقه وهو يقف مصدوماً و لم يصدر أية تعبيرات إلا عند دخول"بسمة" الغرفه فجأة.

_إنتوا هنا و أنا بدور عليكوا بر.........

بترت جملتها عندما رأت "لينا" ملقاه أرضاً فهرولت نحوها مسرعة وهي تصرخ بخوف:

_ليناااا...لينا يا حبيبتي مالك..ليناااا مالك يا ماما.

رفعتها عن الأرض و إحتضنتها بشدة وهي تبكي ثم نظرت إلي زوجها و قالت:

_لينا مالها يا جمال..حصلها إيه ما تنطق.

أفاق من شروده جزئياًّ و قال: دكتور..لازم أجيب دكتور حالاً.

قام بالإتصال بالطبيب الذي أذعن لطلبه علي الفور.

بعدما فحصها الطبيب نظر لهم و قال:

_إن شاءالله بسيطة و دقايق و هتبدأ تستعيد وعيها تاني..في حد في عيلتها بيجيله نوبات صرع؟!

نظر"جمال"و "بسمه"إلي بعضهما البعض فقال"جمال":

_لأ مفيش.

نظرت"بسمه"إليه بتحدي ثم قالت:

_منعرفش يا دكتور!

تعجب الطبيب و قال:هو مش إنتوا باباها و مامتها؟!

_البديلين.."لينا"مش بنتنا إحنا كفلناها من و هي عمرها سنتين.

أومأ الطبيب متفهماً و قال:أكيد الموضوع ده ضاغط علي نفسيتها و أعصابها لإن الكهرباء العصبيه كانت زياده علي مخها مع إنخفاض ضغط الدم بصورة مش طبيعيه ده أدي لأنها تدخل في نوبة صرع..علي العموم هي المفروض هتفوق بعد المحلول ده و حاولوا تنسوها الموضوع ده و توفروا لها بيئه مستقره عشان حالتها النفسيه تستقر.

أومأ"جمال" و زوجته و من ثم ودعه الطبيب منصرفاً.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

"يا صديقي الأوحد..يا دفتري الأسود..اليوم علي ما يبدو سوف أطوي العديد من ورقاتك..اليوم و قد أتممت عامي العشرون و بلا زهو! ليتني لم أصل إلي تلك السن..أشعر و كأن الكثير في إنتظاري و علي الأغلب لن يكون جيداً..
بإنتظاري الآن حشد كبير من الحضور الذين ينتظرون مجئ الفاتنه الساحرة إبنة رجل الأعمال الثري..كلٌ سيسرع و يقبّل الأيدي و يتسول الود..و لكن لزاماً عليّ أن أخبرهم أني أمتلك من القوي الخارقه ما يكفي ليجعلني مميزة و صعبة المنال أيضاً!."

أغلقت "لينا" دفترها و نزلت إلي الأسفل بعد أن علمت بحضور الجميع.

ترجلت درجات السلم بزهو و دلال يليق بها وهي ترفع طرف فستانها القرمزي الذي يتزين ببشرتها البيضاء مما جذب إليها أنظار الكل.

لم تعير أحد إهتماماً و لكنها ظلت تبحث بعينيها عن صديقتها و توأم روحها "حنين".

ذهبت إلي والدتها و قبلتها بحنان ثم سألتها:

_"حنين" مجتش لسه يا مامي؟!

=حنين؟!دي جننتني و صدعتني و في الآخر خدت بابي و خرجوا يتكلموا بره..هتلاقيها بره.

أومأت "لينا" بموافقة و ذهبت إلي الخارج للبحث عنها.

سارت تبحث عنها بعينيها بإنشغال و غفلت عن طرف فستانها الذي دعسته بقدمها فترنحت و كانت ستسقط لولا تلك اليد الغليظه التي أمسكت بها.

_علي مهلك يا ست البنات!

برز بها صوت "رزق" مساعد والدها و الحارس الشخصي و مخبأ أسراره و ذراعه اليمني إن صح القول.

نظرت له "لينا" بخجل و قالت:

_شكراً يا "رزق"أصلي كنت ماشيه مش واخده بالي.

=الشكر لله يا آنسه "لينا".. بتدوري علي البيه؟!

_أيوة إنت شوفته؟!

=أيوة قاعد هو و الأستاذه صاحبتك هناك أهو.

_شكراً يا"رزق" عن إذنك.

قالتها ثم إبتسمت بخفه و إنصرفت نحو والدها و صديقتها.


يتبع الفصل السادس  اضغط هنا
google-playkhamsatmostaqltradent