Ads by Google X

رواية ابتليت بعشقك الفصل السابع والعشرون 27

الصفحة الرئيسية

 رواية ابتليت بعشقك الفصل السابع والعشرون 27 بقلم بسنت علاء

رواية ابتليت بعشقك الفصل السابع والعشرون 27

اليوم التالي..
صباحًا..
تحضر الإفطار بمزاج رائق وهي تدندن بأغنية البارحة بخفوت ، تتربع ابتسامة بلهاء على ثغرها لا تستطيع كبح جماحها ولا تعرف لِمَ !
ربما لتلك النيران التي تأججت في عينيه على مرأى منها...
أو لنظراته المتفرسة فيها و في ... جسدها !! 
احمرت وجنتاها فوضعت كفيها تغطيهما بخجل ، لا تصدق أنها تفكر هكذا !!
العيش مع كتلة العضلات يؤثر بالسلب و بقوة على أخلاقها !!
لا يهم لِمَ ! المهم أنها سعيدة .. جدًا .. جدًا في الواقع !
رؤية ذلك الجدار الصلد يتصدع ، و ذلك البركان الخامد يتأجج كانت بمثابة أكثر المشاهد رومانسية بالنسبة لها !
تنهيدة حالمة ناعمة انطلقت من بين شفتيها وعيناها تشخص بحالمية مماثلة تليق بفتاة مراهقة في مرحلتها الإعدادية قد انتهت للتو من مشاهدة إحدى أفلام "الأميرة و الأمير" فتحلم بأمير مثله متخيلة نفسها معه على حصانه الأبيض يجري في مروج خضراء لا نهاية لها ولا بداية !! 
لاهية عن تلك الرعشة التي ضربت الجسد الضخم وهزته أمامها جراء تلك الابتسامة الصغيرة ، فلم يجد بدًا لإخفاء مشاعره سوى بالصياح ! 
و فيم يتخفى إن لم يتوارَ وراء الصياح !!
انتفضت فزعة في وقفتها جراء صوته الخشن الذي كاد يهز الجدران صائحًا وهو يتقدم نحوها
-: ماذا تفعلين !! تقفين محدقة في الفراغ بتلك الابتسامة السخيفة تاركة الطعام يحترق !!!!
التفتت بسرعة وهي تشهق بقوة وقد تذكرت الطعام للتو !! لتطفئ الموقد محاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه ، بينما هو يناظر الموقف بابتسامة مستفزة ، متكتفًا وهو يستند بظهره إلى خزائن المطبخ خلفه !
آخر همه الطعام ولا يكترث له مقدار ذرة !! 
يكفي أن ينظر لشفتيها الشهيتين فيشبع ، بل في الواقع يجوع اكثر !!!
تبًا له !! بماذا يفكر عقله الأخرق !! 
كاد يلكم نفسه لكنه زفر بقوة شديدة ، هواءً ساخنًا محمل بالنيران التي تضطرم في عظامه ، مفرغًا تلك الطاقات المكبوتة داخله في لكمة قوية للطاولة التي جلس أمامها بعنف كان سببًا في تزحزح المقعد والطاولة معًا !
التفتت له سنابل بجبين مقطب لتلك الأصوات التي تسمعها صادرة منه ، فارتعشت خوفًا لرؤية إمارات الغضب المتفجر على وجهه لتقول بصوت مرتجف وهي تلتفت مكملة ما تفعل
-: لا تقلق ، لم تحدث الكثير من الخسائر ، خلال بضع دقائق سيكون .. الإفطار .. جاهزًا !
حاكت آخر كلماتها الهمس فزفر بقوة حانقًا ، لتسرع فيمَ تفعل ظنًا منها أن حنقه موجه لها ، لم تدر أنه كان حانقًا ... منه !!!!
حانقًا من نفسه البغيضة !! فزاد من حدة زفراته وتنهيداته وهو يفك ربطة عنقه قليلًا وقد اختنق من الجو المحيط ، هالات الجاذبية التي تشع حولها تنتشر في جميع أنحاء المطبخ فيزداد جراءها اضطراب قلبه وخفوقه حتى يكاد يلكمه هو الآخر صائحًا به "إهدأ أيها الأحمق و كف عن تلك النبضات الهادرة السخيفة !"
انحدرت نظراته لساقيها المكشوفتان من تحت عباءتها البيتية التي لم تغيرها مذ البارحة ! 
فتلامسان عيناه الشوكولاتة على بشرتها و ترتفع قليلًا لتجول ببطء حول خصرها النحيل فتضطرم النيران بداخله أكثر و أكثر  !!!
تتهادى نحوه وهي تمشي الهوينا حاملة أطباق الطعام ناظرة لها بتركيز متجاهلة إياه و كأنه غير موجود !!
توترت أنفاسه وبات إخراجها أمرًا شاقًا و إدخالها لا يقل صعوبة ! 
ما بال جسده يتآمر عليه اليوم ! 
بل ما بال كل شيء يتآمر ضده اليوم !! 
جلست بجانبه تأكل في صمت ، تخاف بطش الوحش القابع جانبها و يبدو أنه في أوج حالات غضبه !! 
ألهذه الدرجة ضايقه عدم انتباهها النادر جدًا للطعام !!
أم لازال متضايقًا مذ البارحة !
هل....
قاطع سيل أفكارها صوته الخشن الهامس اسمها بنبرة ... متحشرجة !! 
-: سنابل !! 
رفعت رأسها إليه في جواب صامت ، ليغرق هو أكثر في بركتي الشكولاتة اللتان تناظرانه ببراءة مستفزة دون إرادته !
نهر نفسه داخليًا بقسوة وهو ينفض رأسه بحركة عنيفة أجفلتها قليلًا ليكمل بعدها بنبرة خشنة وهو ينظر في صحنه مبطلًا تأثيرها عليه .... أو هكذا يظن !!
-: ما حدث البارحة !
صمت هنيهة فكادت تهم هي بالكلام ليقطاعها بعنف ضاربًا على الطاولة بكفه المبسوط 
-: لا يتكرر ...
أمسك لجام لسانه بصعوبة كي لا يخبرها أن تتحشم في ملابسها تلك قليلًا !
أن .... ترحمه ... و تترفق به و بحاله !!!
إنما هي فماجت عيناها بغضب جم و تأججت النيران فيهما فذابت الشوكولاتة خاصتهما لتذوب أوصاله وهو يحاول استجماع لبه و تعقله الذي ذهب منذ البارحة أدراج الرياح ! 
فناظرها ببرود ظاهري وهي تهب واقفة تصيح ويداها تأخذ مكانها على خصرها
-: ماذا ؟ لماذا إذًا !!! 
أنا أحب الرقص و أجد فيه ترويحًا عن همومي و شيء مسلٍ أضيع به بعض الوقت الذي أقضيه وحيدة بين أربعة جدران  ! و كونك جئت البارحة باكرًا لا يعطيك الحق في منعي ، ألست زوجتك ؟ البيت بيتي كما هو بيتك و يحق لي التصرف بحرية دون قيود !
أنهت كلماتها الثائرة الجامحة وه تلهث غير مدركة حقًا ماذا فعلت بهذا الجالس أمامها ، بل لا تدرك كليًا ما قالت !! لكن أثارت توجسها تلك الابتسامة الخبيثة التي زينت ثغره قبل أن يسبل أهدابه ساكنًا ، لتعض على شفتيها بندم وهي تشتم نفسها باطنيًا مطبقة العينين !
فقالت بعد هنيهة بصوت خافت ، متراجع 
-: لكن ربما ... سأرقص .. فيما بعد في غرفتـ......
-: لا ، البيت بيتك و يحق لك التصرف بحرية بالطبع ! 
قالها بنبرة هادئة مقاطعًا إياها وهو يسبل أهدابه وداخله يرقص طربًا لتلك الفكرة الهوجاء المجنونة !! 
ليكمل وسط سكونها المتوجس بصوت هادئ لا يعكس دواخله 
-: كما ... يحق لي !!
ازدردت ريقها بخوف ، في تهاب سكونه أكثر من عصبيته !
على الأقل في عصبيته يكون شفافًا ما يشعر به ليس كما الآن ... مبهم الانفعالات !
هادئ إلى الحد الذي تود لكم وجهه الخشن !!
مسبل الأهداب فلا تستطيع حتى سؤال عينيه !
رفع فجأة رأسه مبتسمًا بحيوية أخذت دقة من قلبها و هربت ليخلع بقوة ربطة عنقه راميًا إياها على كتفه هاتفًا بذات الابتسامة 
-: غيرت رأيي ، لن أذهب للعمل اليوم ، فأنا أحتاج لفترة .... نقاهة !!
قال تلك الأخيرة بنبرة خفيضة جلبت قشعريرة على طول عمودها الفقري ! 
نبرته لا تنذر بالخير أبدًا !
يبدو أنه ينوي الجلوس في البيت طيلة اليوم و لم يفعلها قبلًا...
خفق قلبها بشدة ، ينبض بفرح أحمق متناسيًا الـ... الأعراض الجانبية لذلك القرار الأخرق!!
أما هو فتوقف عند باب المطبخ هاتفًا بجدية وهو يوليها ظهره فلم ترَ ابتسامته المستمتعة لأبعد حد 
-: حضري لنا الغذاء بدلًا من الإفطا المحروق الذي لم يهنأ المرء به يوم إجازته !! 
لكن .... احرصي ألا تحرقيه هو الآخر فربما .... عاقبتك !!!
اتسعت ابتسامته وهو يكاد يتخيل ردة فعلها المرتسمة على قسماتها ، ليذهب لغرفه بخطوات متكاسلة و كأنها لذئب يتأهب لاقتناص الفريسة ، يستعد ... للهجوم ... للتصرف بحرية ... بالغة ... في بيته !!!
** 
بعد قليل ....
تقف عند باب المطبخ متخشبة !!
ترفع نظراتها لمستواه محدقة فيه بذهول و كأنها تناظر مجنونًا !!
قلبها يهدر بشكل مخيف و رعدة تسري في أوصالها من شدة تأثرها الأرعن له وبمظهره الذي تراه للمرة الأولى !
لقد كان ... لقد كان !! 
يا الله حتى عقلها لا يسعه نطق الكلمة !
لقد كان .. عاري .. الصدر !!!
بكل قلة أدب وتحد سافر خرج من غرفته عاري الصدر لا يرتدي إلا بنطال منامة حريري !
يحدق في هاتفه بطريقة تجعلها تكاد تجزم أنه لا يراه من الأصل!
بشرته السمراء ظاهرة للعيان ... لعينيها هي ! ممعنة في إبراز عضلات صدره المقسمة ، عضلات ذراعيه القويين ، و جذعه الـ ... يا الله إنه كله ... كله !!
لا يوجد به إنش ليس عضليًا !! 
لا يوجد به إنش لا ... ينبض بالرجولة !! 
ولا حتى جرامًا زائدًا !! 
فكرت ببلاهة وفكها يكاد يتدلى "كيف له أن يحمل كل تلك العضلات في جسده ! أليست ثقيله ! ألا يتعب !!!"
لتنهر نفسها بسرعة لسؤالها الغبي وهي تلتفت بسرعة عائدة أدراجها للمطبخ بوجنتين تكادان تنفجران من الخجل ، يداها تتحركان بعشوائية بين الأواني و لسانها يلهج بالدعاء ألا يكون رآها تتأمل فيه بذاك السفور !
-: يا الله !!
تهمس بها لعدة مرات حتى انقطعت أنفاسها وهي تشعر به خلفها !! 
ظله حجب الضوء المنبعث و أنفاسه القوية الهادرة تكاد تلفح بشرة عنقها بقربه المهلك هذا ، ليميل بغتة من وراءها فيلتصق ظهرها بصدره _العاري_ ذاهبًا بوجهه ناحية الأواني يشتم رائحتها الزكية مصدرًا صوت استمتاع بشفيه وهو يهز رأسه بلتذذ !
بينما هي و كأن شللًا قد أصاب لسانها فغدت بكماء لبضع دقائق لا تقوى على النطق بكلمة !
بينما هو ... كان يحترق !
يحترق لقربها !
و يحترق أكثر لتمثيل البرود !!
لاستجابة جسده لملامسة جسدها ... بل التصاقها به هكذا !!
نيران من اللوعة سرت في أوردته و ذابت أضالعه التي تستند هي عليها قسرًا !
لتعود تلك الرغبة الجامحة في ضمها إليه ! 
منذ البارحة و ذراعاه يكادان ينفصلان عن جسده ليشبعانه ضربًا مطالبان بحقهما في الالتفاف حول جسدها الغض !
أضالعه و دمائه السارية في عروقه يثورون عليه مطالبين بحقهم في الشعور بها تحتل صدره و بأنفاسها الرقيقة تدغدغه ، و قلبه ... قلبه اللعين يهدر صائحًا يريدها أن تنصت لدقاته المجنونة ! 
بينما هو !!
هو مشتت بين رغبات عدة لا يعرف أيها صحيح و أيها الخطأ !
مشتت بين كونها زوجته و ابنة عمه المتزوج منها رغمًا عنه !
كرامته تأبى الانصياع ، تريد الاحتفاظ بتلك النقمة لأجباره على شيء غصبًا ، وهو سيف الغمراوي الذي لا يساق !
انساق تلك المرة ...
و يحمد الله أنه انساق !
بماذا يفكر عقله الأخرق !!! هو جن ، حتمًا جن !!
نسي وضعهما في خضم ثوراته الداخلية بينما لم يوقظه إلا تلك الحرارة التي تنبعث لوجهه مباشرة وقد أوشك أن يدخله في الإناء !
فاستقام بسرعة مبتعدًا عنها بسرعة وهو يشعر بالحرارة تشع من جسده بالكامل و ليس وجهه فقط بينما هي مازالت تقف متخشبة كما هي ، تخشى الحراك ، تخشى التنفس ، تخشى كل شيء وهي تشعر أنها انفصلت عن الواقع !
نعم بالتأكيد فمستحيل أن يكون هذا حقيقة صحيح !!!
حرارته انتقلت لتسري في جسدها فتكاد تهوي !
التفتت له تنظر له بنظرات مهتزة ، متأثرة ... لعينة ، يينما هو يحدق في عيني مبتسمًا بتحدٍ !
فهمت اللعبة !! لكنها لم تستطع ثني لسانها عن نطق السؤال الذي تصيح به عيناها منذ فترة
فسألت بصوت لم يخرج إلا مهزوزًا ... متحشرجًا و فاضح لانفعالاتها
-: لـ...لماذا أنت عاري ؟ أ.. أقصـ...ـد لماذا لا ... تلبس شيئًا ! الجو بارد !!
لم يرد على سؤالها معروف الإجابة بل قابلها بسؤال آخر و ابتسامة جانبية قد رانت على شفتيه وهو ينظر لها بطرف عينه 
-: تخافين عليّ من البرد ؟ 
-: ها !!!
انفرجت شفتاها قليلًا ببلاهة ، بينما قلبها يهدر بقوة ، خفقات لم تقل قوة عن خفقات القلب الأرعن المتوسط الصدر العضلي أمامها !
إنما خفقاته هو كانت مجنونة ، تشع سعادة و انتعاشًا غريبًا ، تتخللها بعض الرجفات التي لا يستطيع إنكارها و إنما يستطيع ... تأجيلها !!
أو بمعنى أصح تأجيل تفسيرها ، فهو مستمع الآن حد الثمالة!! 
فقال هامسًا بخشونة وهو يقترب و يراها تتراجع ، فيتقدم أكثر....
-: سألت ... أتخشين أن تصيب لسعات البرد القارس صدري العاري ؟ و ربما .... أمرض !!
حاكى صوته الهمس في آخر جملته ، و أنفاسه تلفح وجنتيها وقد احتجزها بينه وبين الخزانة !
تنظر لعينيه ببراءة منبهرة ، حدقتاها تهتزان بخوف غريزي من تأثيره الذي يمارسه عليها مستمتعًا ، ممثلًا أمام ذاته أنه لم يتأثر بالمقابل !....
ظل يغرق في شوكولاتة عينيها ، منتظرًا إجابة لسؤال نسيه وتلاشت أحرفه بين موجات شلالات الشوكولاتة خاصتها ، عقد حاجبيه مما يحتدم داخل صدره بينما هي تنتفض أمامه كأرنب مذعور ، لا تعلم ماذا يجب أن تفعل ! 
كل ما تشعر به هو خافقها الذي يركل صدرها يكاد يشقه ويخرج و ذلك الطنين في أذنيها الذي يحصنهما عن سماع أي شيء ، سوى صوته ، صوت أنفاسه !
ارتفعت يده بلا وعي تلامس شعرها الذي يغطي ظهرها وينتثر القليل منه على كتفيها ، يمسك بالقليل برقة بالغة ، مضحك أن تخرج من شخص بحجمه ليتركها تتسربل من بين أصابعه وهو يناظرها بانبهار !
بينما هي تحدق به بانبهار لانبهاره !
همسة متحشرجة تحررت من بين شفتيه 
-: شعرك !!
عدة زفرات متلاحقة أطلقتها بينما تتشبث بالرخامة وراءها لتدعمها وهي تغمض عينيها لثوان ، فيكمل هو بنفس النبرة ويده ترتفع لشعرها مجددًا
-: كشلالات الشوكولاتة ، لا ... بل كالحرير ، حرير فريد بلون الشوكولاتة ، ناعم لأبعد حد ، يتسربل من أصابعي فور لمسه ليترك ملمسه الناعم هناك لمدة !
كان يتلاعب بخصلاتها أثناء همساته وقد انفصل فعليًا عن الواقع فلم يعد يعرف بماذا يهذي !
انقلب السحر على الساحر فبات هو المسحور !
هو الذي يكاد قلبه ينفجر تأثرًا وقد تلاعبت به قطعة الشوكولاتة الصغيرة دون أن تفعل شيئًا ، يكفي فقط أن تنظر له تلك النظرة البريئة لتتهدم كل حصونه الواهية و تعريه أمام ذاته بشفافيتها !!....
كاد يتكلم مجددًا ، إلا أنها في ثوان لم يجدها أمامه ، تسربت من بين أصابعه كشعرها !! 
ليقف لدقيقة محدقًا في الخزانة التي كانت تستند عليها ، التي كان يحتجزها بينها و بينه !!
لم يستعب ما قام به كليًا بعد إلا أن ابتسامة مبهمة قد اتخذت طريقها لشفتيه لا إراديًا ، فذهب لغرفته بخطوات سريعة ليأخذ حمامًا باردًا لعله يطفئ الغيرة المستعرة بداخله الآن !
أو لعله يمرض ، فتقلق عليه قطعة الشوكولاتة ... خاصته !!!!.....
** 
بعد نصف ساعة... 
يطرق باب غرفتها قائلًا بجلافة و ابتسامة مشاكسة ترتسم على محياه ، يشعر باستمتاع بالغ وهو يضيف لنبرته جدية زائفة 
-: سنابل ، اخرجي ، هناك طعام سيحترق على الموقد ، ألم يكفكِ ما حرقته صباحًا أم أنها أصبحت هواية لديك !! 
أصابعه ترسم دوائر وهمية وهو ينتظر رد تلك الملتصقة بالناحية الأخرى للباب وقلبها لم يتوقف عن الانتفاض في صدرها حتى الآن ، تنظر للباب بذعر غير مصدقة لما حدث مذ قليل !! 
ذلك القرب ! 
رائحته الرجولية ، أنفاسه التي لفحتها لتبعثرها تمامًا من الداخل ، و إمساكه لشعرها بتلك ... بتلك الطريقة و ما قاله !!!  "يا الله"   
همست بها دون صوت وهي تغمض عينيها مخرجة زفيرًا طويلًا لعله يهدئها لكن عبثًا ... فخرج صوتها مرتعشًا متقطعًا والحمرة القانية تنتشر كما السيل على بشرة وجنتيها الخمرية 
-: إن ... إن كنت لازلت عـ.... عـ...ار..يًا فرجاءً ارتدِ أي شيء !!
اتسعت ابتسامته ، بل كاد يقهقه لكنه أثنى نفسه بشق الأنفس ، بات يستند بصدره كله على خشب الباب البارد لعله يبرد قليلًا من تلك الحرارة التي تنبعث منه و كأن أحدهم قد أشعل موقدًا داخله !
ظل صامتًا قليلًا يستلذ بتوترها وهو يتخيل منظرها وهي تلتصق بالباب مرتعشة....
و بدلًا من أن تضيف إليه خيالاته المزيد من الاستمتاع وجد صدره يموج بالعاطفة و النيران تسري به أكثر ، بل باتت حممًا ، لكنه نفض رأسه وهو يجبر نفسه على الابتسام مرددًا جملتها التي ألقتها على مسامعه منذ قليل بكل صلف 
-: لماذا ؟ أليس البيت بيتي كما هو بيتك و يحق لي التصرف بحرية دون قيود !
تنهدت بقوة وهي ترجع لإغماض عينيها بيأس رافعة يدها إلى جبهتها ، كانت تعلم مذ رأت تلك النظرة الخبيثة في عينيه الداكنتين أنه لن يمرر كلماتها على خير !!
يا الله كم هو طفل !
خلف كل تلك البنية العضلية الضخمة ، و ذاك الجسد شاهق الطول يقبع عقل و ... قلب طفل !!
أسدل الصمت ستاره قليلًا قبل أن تزيحه هي هاتفة بـ "حسنًا" متحدية .....
رفعت شعرها لأعلى بصعوبة لتعقصه في كعكة كبيرة أعلى رأسها كيفما اتفق وتفتح الباب بقوة وتخرج ، محاولة السيطرة على تلك الرجفة التي سرت على طول عمودها الفقري عند رؤيتها لجذعه مواجهًا لها تمامًا فتبعد عينيها عنه وتحث الخطى نحو المطبخ لتنهمك بشدة مزيفة في تحضير الطعام منصبة عليه و واضعة كل تركيزها فيه...
و ها قد خيم ظله مجددًا ، واقفًا يراقب كل حركة تصدر منها ، مدققًا فيها كامرأة ، امرأته هو !
رغم نحول جسدها إلا أنه ذو منحنيات ملهكة !
مهلكة برقتها وبرائتها ، مهلكة بتخفيها تحت ذاك الجلباب  اللعين الذي بدلًا من أن يخفي فتنتها زادها وهو يؤجج خيالاته اللعينة عما يقبع تحته ... بالتفصيل!!
عقد حاجبيه عابسًا ونظراته تلامس شعرها المعقود !!
فوجد نفسه يتحرك تلقائيًا حتى وقف خلفها يكاد يلتصق بها ، قريب إلى الحد الذي يجعله يشعر بذبذبات توترها و أنفاسها التي تحاول تنظيمها عبثًا ، إلى الحد الذي يجعله يسمع دقات قلبها تهدر في أذنيه !
لا ... إنها دقات قلبه هو! 
لا يهم ، المهم الآن هو تلك العقدة اللعينة و رغبته الجامحة في حلها ....
لم يتردد ويده ترتفع لتزيل مشابك الشعر ليفكه بعدها ناظرًا إليه بانبهار وهو يتحرر على ظهرها في موجاته الجامحة كجموح رغباته اللعينة الآن ، همسة رجولية تحررت من بين شفتيه وهو يغرق يده في شلالات الشوكولاتة خاصتها ، يحركها حتى تزداد تموجاتها البراقة
-: إياك ، ثم إياك أن تعقديه ثانية ، أحبه هكذا ثائرًا جامحًا في تلك التموجات الرهيبة ، أحب شلالات الشوكولاتة يا ... قطعة الشوكولاتة فلا تحجبيها....
تقعد حاجبيها تأثرًا وهي تكاد تهوي حقًا تلك المرة ، لا تستطيع الحراك ، أو الاتيان بأي ردة فعل !
هي فقط متجمدة ، متخشبة دون حراك فيكفي أفعاله هو !..
فقط تستمتع ، تغذي كبرياء الأنثى فيها الذي يحتضر وهي لا ترى نفسها في عينيه أكثر من فتاة صغيرة سخيفة ، تمني نفسها بقرب المراد كابحة رغبة ملحة تساورها بالارتماء بين ذراعيه لتتتوسط صدره الواسع وتحرر هناك تلك الكلمة التي تخنقها وتطبق على أنفاسها 
-: آآآآآآه 
تنهيدة اختلطت مع تأوهًا خافتًا ندت عنها سهوًا فازداد انعقاد حاجبية وارفعت وتيرة أنفاسه وهو يقترب أكثر مغيبًا كالمجذوب ، التصق بها حقًا تلك المرة وهو يميل ليهمس جوار أذنها
-: لِمَ التأوه يا صغيرة ؟ 
عقدت حاجبيها بقوة و شعور بالألم وقد ذكرهتها تلك الـ (صغيرة) التي انطلقت منه كيف يراها !!
ضربت بكفيها بخفة على رخامة المطبخ وهي ترفع رأسها المنكس في خجل كان ، لتقول بقوة وعنفوان وهي تدحر كل مشاعرها الحمقاء
-: أتأوه من تلك الوقفة الـ...مزعجة ، ما بالك اليوم يا سيف !! لم أعتد جلوسك هكذا في البيت ، لم تقض به يومًا كاملًا منذ ... زواجنا!!
لم يتحرك إنشًا من وقفته ولم ينبس ببنت شفة لكن وتيرة انفاسه التي أخذت في الارتفاع حتى باتت تلفح عنقها كرياح ساخنة محملة بالغضب أخبرتها عن أعصابه التي تكاد تنفلت من عقالها بينما هو يكبح جماحها بصعوبة ، لكنها تمادت و هي تكمل ببرود وعلى وجهها ابتسامة شر ودهاء أنثوي لم يرها
-: أرجوك انتظرني بالخارج ريثما أنهي اعداد الطعام !
نفخ بقوة و كأنه ينفث نارًا ، غيظ متفجر تنضح كل خلية فيه الآن ... هو سيف الغمراوي لا يرفض!
لا يكلم بتلك اللهجة !!
لكن فكرة شيطانية انبثقت بين أفكاره الهائجة جعلته يبتسم بهدوء مهمهمًا بـ "حسنًا" لا مبالية ليخرج كما قالت.....
تمدد على الأريكة باسترخاء ليخرج هاتفه مجريًا مكالمة "وهمية" قائلًا بهدوء لكن بصوت حرص أن يصل إليها ، بشكل غير متعمد ظاهرًا
-: مرحبًا شغف !!
اتسعت عيناها وكل حواسها تنصت لكل كلمة ، وجع لا يحتمل انتشر داخلها كسيول نيران تذيب قلبها كمدًا ، يدها تنقبض حول السكين الموضوع على رخامة المطبخ بقوة وهي تستمع
-: أنا بخير ، لا لن آتي اليوم فقـ.......
قاطع كلماته الموجهة إلى الفراغ صرختها المتوجعة التي شقت قلبه كما شق السكين يدها فهب بسرعة من مجلسه وهو يهرع نحوها تاركًا الهاتف اللعين يسقط من يده دون اكتراث ، فليحترق حتى !
خنقه وجيب القلب فور أن رأي الدم الذي يسيل من كفها بغزارة بينما هي تحدق في يدها بأعين جامدة ، فقط دموعها تسيل على خديها كإشارة وحيدة لتوجعها فصرخ بجزع قائلًا وهو يتجه نحوها بخطوات واسعة
-: سنابل ، ماذا حدث ، كيف ... كيف ؟ رباه ما كل تلك الدماء !!!
كان قد أمسك بكفها يناظره بجزع لكل تلك الدماء السائلة منه مغطية على الجرح ، أجلسها وهرع بسرعة نحو الصيدلية الصغيرة الملحقة بحمام غرفته آتيًا بالأدوات اللازمة ليهرع إليها مجددًا ، يكاد يختنق من أنفاسه المحبوسة في صدره ، وصل إليها ليجدها مازالت كما هي ، تحدق في الجرح بنظرات دون تعبير محدد !
تنهد بقوة و دون كلام أنهضها ليغسل لها يدها من أثر الدماء ليجلسها بعدها وهي متسلمة له تمامًا ويبدأ بعهدها في تعقيم الجرح و لفه بالشاش لوقف النزيف !
كانت أنفاسه تزأر في صدره وهو يرى عمق الجرح و طوله ، قلبه ينتفض في صدره لكل تأوه خافت يصدر منها و تحاول كبحه عبثًا ، ليصيح فجأة بحنق من خوفه عليها ، و تألمه بل تقطع قلبه لوجعها الذي تداريه إنما يستطيع استشفافه بسهولة بالغة 
-: كيف حدث هذا أخبريني ؟ كيف لم تنتبهي والسكين يكاد يقطع يدك نصفين ؟!! أين عقلك بالله عليك !
بضع ثوان نظرت في عينيه لنفس التعبير الجامد ، التغير الوحيد هو مقلتاها اللتان امتلأتا بدموع حجزتها و قد كانت توقفت عن البكاء منذ هنيهة ، لتنفجر تلك الدمعات دفعة واحدة فجاش صدره بألم جم وقد طعنته دموعها في عقر قلبه فجأة لتذوب تعابيره كما عظامه وهي تصيح بتقطع وسط شهقات بكائها
-: أ.. أنت ... لا تصـ..ـيح .. بي .. هكذا !! ، اذهـ...ـب ، اذهب وحادث ... من .. كنت تحاد..ثها و اتركـ..ـني ، اتركـ..ني لا... أريـ.......
تلاشت آخر حروف كلماتها في شهقتها الأخيرة لتنخرط في بكاء مر وهي تدفن وجهها بين كفيها ، و هنا تلاشت في رحابها كل الأسباب التي تجعله يقاوم احتضانها ، فليلعنه الله إن لم يفعلها الآن !!
وثب من مقعده متجهًا نحوها في خطوة واحدة وسرعان ما كانت بين ذراعيه ، رأسها يتوسد صدره كما ... تمنى .. هو ... وهي!!
لم تزيحه عكس توقعاته وإنما دفنت رأسها أكثر في صدره وهي تنتحب بقوة ووجع لا يمتان لجرحها بصلة ! 
عقد حاجبيه متألمًا لتلك الحرقة في بكائها وقد استشعر هو الآخر أنها لا تبكي الجرح !!
يتلوع قلبه في صدره المبلل بدموعها وهو لا يعرف ماذا يفعل !!
نهض حاملًا إياها ليجلس على نفسه كرسيها مجلسًا إياها على حجره ، بين ذراعيه ، مسندًا ذقنه على قمة رأسها مغمص العينين ، يتشمم عبير شعرها بنهم دخيل على الموقف ، يعذب نفسه بشهقاتها التي تمرغ قلبه في وجع لا يعلم له سببًا ، تاركًا إياها تفرغ كل ما بجوفها من وجع ، لعله بعد ذلك يعرف له سببًا !
يبدو أنه آلمها كثيرًا ، كثيرًا جدًا ، وحملها ما لا قبل لها به وهي صامتة ، محتملة ، تتحمله ومزاجه المعكر دائمًا ، تتحمل جفائه و جلافته ، تتحمل ملامح وجهه المتجهمة التي لا تزورها الابتسامة إلا نادرًا ،  بل لا تزورها الابتسامة إلا نادرًا "لها" !!
هي من تعطي حياته الرتيبة المملة طعمًا ، تهبها نورًا يضيء حلكتها قبلها ، هو ... لا يتذكر روتين حياته قبل وجود سنابل !
لا يتذكر كيف كانت الشقة قبل وجودها ، قبل لمساتها الصغيرة المؤثرة بها !
قبل رائحة عطرها الخفيف الذي يؤنسه فور دخوله من الباب ، قبل اعتنائها بكل صغيرة و كبيرة تخصه ، قبل عفويتها و برائتها ومشاكستهما الدائمة التي تنعش روحه !!
قبل و قبل و قبل ، قبلها كان سيفًا و بعدها هو سيف آخر !! 
قد استطاعت قطعة الشوكولاتة الصغيرة نحيلة الخصر أن تغيره في وقت قياسي ، استطاعت أن تبث فيه من روحها حتى ملأته .... بها !!!!
أوقف أفكاره المتلاطمة عنوة وهو يسمع شهقاتها تهدأ بينما تحاول التملص من أسر ذراعيه ،  أمجنونة هي !
هل بعد أن احتضنها أخيرًا سيتركها بتلك البساطة !!
شدد ذراعيه حولها فلم تملك إلا الإذعان لقوته ، لتسمعه بعدها يقول بحنو هادئ أخذ دقة من قلبها وهرب ، رغم نقمتها ، رغم تلك الرغبة التي تساورها الآن في غرز أظافرها في وجهه الخشن الوسامة إلا أن ذاك الشعور بدفء حضنه لا يعوض ، حلمت أيامًا و ليال بتلك اللحظة و لن تضيعها لأجل أي كان ...
-: كيف جرحت نفسك يا قطعة الشوكولاتة ؟
لم ترد .. و لن تخبره ! 
زمت شفتيها للأمام في عبوس لتتسع ابتسامته المتسلية ، يدحر خيالاته اللعينة التي تباغته لمظهر تلكما الشفتين العابستين و تحثه على فك عبوسهما ! 
تجاهل سؤاله الأول ليمسك بكفها ويكون دوره ليعبس هو محدقًا به ليسأل ثانية بذات النبرة
-: هل تؤلمك ؟
 وقد كان سؤاله الجاد من السذاجة لترفع حاجبيها متعجبة قبل أن تستشف جديته فتهمس بألم غير موجه للجرح
-: جدًا جدًا !
همستها الخافتة المتوجعة فعلت به الأفاعيل فأقامت دنياه ولم تقعدها ، و أوقدت النيران في قلبه المتلوع ليجد نفسه تلقائيًا و برقة استعجبها في نفسه يرفع كفها لفمه ويهوي إليه بشفتيه يلثم باطنه من فوق الضمادة هامسًا 
-: أمازالت تؤلم ؟
حدقت فيه مشدوهة لثوان وعيناها تلمع كنجم وحيد ينير دجى السماء ، ثم انتقلت عيناها إلى راحتها المفرودة على يده تناظرها بنفس الدهشة قبل أن تهمس دون وعي 
-: جدًا !
ابتسامة صغيرة داعبت شفتيه وهو يكرر فعلته ، فقبل مكان الجرح ثانية إنما قبلة أعمق قليلًا هامسًا وقد استمتع كلاهما بتلك اللعبة البريئة
-: و الآن ؟
-: قليلًا 
اتسعت ابتسامته وهو يقبله للمرة الثالثة ، قبلة أعمق بكثير ، قبلة طالت حتى ذابت أوصالها و هدر قلبها بجنون في صدرها ، أنهاها وهو يرفع عينيه المبتسمتين إليها هامسًا بذات السؤال
-: و الآن ؟
ازدردت ريقها بصعوبة وهي تقول بهمس يتقطع تأثرًا 
-: لـ...لا ، لا يؤ...لم !!
اتسعت ابتسامته جدًا ، فكان تأثيرها عليها قاتلًا وهي تكتشف عن كثب مدى جاذبيتها و تأثيرها ، وتأثرها بها ، فأخذت نفسًا عميقًا تعبئ به صدرها وهي تتملص من بين ذاعيه بارتباك و لخيبة أملها تركها وهو يناظرها بنظرات لم تفهمها إلا أنها أربكتها أضعافًا فقالت تتلعثم كطفلة تتعلم الكلام 
-: أ... أنا .. سأ..ذهب ، سأذهب لـ..النوم قلـ...ـيلًا !!
ثم اختفت من أمام ناظريه بسرعة وهي تكاد تعدو نحو غرفتها و ما إن دلفت للداخل حتى أوصدت الباب بالمفتاح لتستند عليه بظهرها وهي تلهث بقوة ، يدها تحط على قلبها تستشعر نبضاته الهادرة و الأخرى أمام يدها تحدق بذهول في الجرح الذي قبله مرارًا حتى أذاب أضالعها لتتماهى مع مقاومتها ، فخرجا همستها مشدوهة ذاهلة من ذاك اليوم الغريب و تصرفاته الأغرب
-: ماذا هناك ؟
بينما كان هو مازال على جلسته في المطبخ يحاول إيجاد تفسير لتلك النيران اللذيذة التي تتلظى داخل قلبه ووجدانه ، وخزات رقيقة تلسعه بشعور مدغدغ لا يفهمه ليجد نفسه يهمس تلقائيًا بتساؤل وابتسامة شاردة تتربه على شفتيه اللتان تذوقا نعومة بشرتها ولو بطريقة غير مباشرة 
-: ماذا يحدث يابنة العم ؟
** 
ليلًا.....
يقدم قدمًا و يؤخر الأخرى ، يقلب عيناه بالمكان برهبة شديدة ، مخرجًا أنفاسه ببطء شديد وكأنه يتنفس من خرم إبرة ، عاقدًا حاجبيه بشدة وملامحه متغضنة بألم وكأن وحشة المكان قد زادت من وحشة روحه و السواد المحيط قد تسرب لوجدانه....
قدماه ترتعشان ، بل كله يرتعش حتى كاد يسقط أكثر من مرة متعثرًا في أشياء وهمية !
لقد أتى نهارًا ، إلا أنه ظل قابعًا داخل سيارته لا يقوى على الخروج مكبلًا بأصفاد الخوف ! 
حتى أخذ الخطوة ، لأجلها ... ملاك حياته ونورها ، قرر المواجهة !
لعل تلك المواجهة تجلي البعض من سواد روحه و تخلصه مما هو فيه !
لن يتزوج ملاك إلا وهو شخص سوي ، هو لا يستحقها ، لكن على الأقل يجب أن يجاهد كي يصبح ... عاديًا ! 
على الأقل.....
رجل عادي كسائر الرجال ، لا يستقيظ ليلًا فزعًا كالأطفال ، لا يعاني مما يعانيه هو ، رجل دون ماضٍ....!
رجلا ليس مثله !!.....
وصل أخيرًا ، تمر عيناه على الكلمات بجبين متغضن وقلبه ينتفض داخل أضالعه و رعدة تسري في مفاصله وقد ثارت عليه تلك الآلام التي تعتلج نفسه فبات من فرط الألم لا يعرف بماذا يشعر !
"المرحومة : حياة الأحمدي" 
ردده عقله أكثر من مرة يعذبه ، بل "القتيلة" حياة الأحمدي ، في حضرة ... "القاتل" زياد القاضي ! 
ازداد اضطراب قلبه وخفوقه وهو يتنفس بسرعة جالسًا على الثرى غير مبالٍ بملابسه ، أطرق مليًا ينظم أنفاسه و يستجمع لبه محاولًا استحضار جملة مفيدة يبدأ بها حديثه لكن ... عبثًا ، ظل صامتًا برهة يراقب حبات التراب الساكنة لدقائق طوال لم يعدها وكأنه ينتظر تحركها حتى قال فجأة 
-: أنا آسف !!
ألقى نظرة ثانية على قبرها لم يسترجعها سوى مبللة بدمعات أبى نزولها فمسحها سريعًا بعنف وهو يأخذ شهيقًا طويلًا ثم أكمل بصوت يتقطع وجعًا ولهفة 
-: آسف يا حياة ، أعلم أنك حاليًا على الأرجح لا تريدين ... رؤية وجهي ، ولا سماع صوتي ، أعلم أنك توفـ...يت و في قلبك من الكره والبغض لي ما يكفي لأعيش تعيسًا أعاني بذنبي لأبد الدهر...
أعلم و أعلم و أعلم... 
لكن ... لكن زياد الذي يحدثك الآن شخص آخر صدقيني ، لقد تغيـ..رت ، تبت إلى الله توبة نصوحة و أقسمت ألا أقرب الحرام مجددًا و لو بموتي ، لكنك دائمًا......
سعل بقوة ليتأوه بعدها آهة طويلة وهو يمسح وجهه المتصفد بالعرق مستطردًا 
-: لكنك دائمًا كنت هناك ، تراقبينني في زاوية مظلمة لا يراها إلَّاي ، لم أنعم أبدًا بحياتي بعدك ، ولا قبلك ، لم تفارقني أبدًا صورتك غارقة في دمائك ، لم يفارق أذني قط صدى كلماتك الأخيرة لي ، لم أنس للحظة أنك كنتِ ضحية جنوني وتهوري ، فسوقي و مجوني ، كنت تلك الضربة التي يستفيق بعدها الإنسان لذاته و أفعاله وقد استفقت ، متأخرًا.....
لكنني استفقت !! 
كانت عبراته  قد تساقطت أنهارًا و أناته و آهاته تخرج من جوف أعماقه محترقة متوجعة ، تحكي بوضوح عما يكابده الآن من الآلام و الأوجاع المميتة.....
نسمة من هواء بارد جعلت ارتعاشة شديدة تسري على طول عموده الفقري تابعتها عدة انتفاضات قوية لا قبل له بالسيطرة عليها و كأنها لطائر مذبوح يلفظ آخر أنفاسه ناظرًا بتيه إلى آفاق السماء كما ينظر هو الآن !
أنشأ يكمل بصوت مختنق من دمعات لم تتوقف عن الهطول وشهقاته تقطع الكلمات 
-: منذ ذلك اليوم و أنا أدعو كل صباح ومساء لك بالرحمة ، أدعو الله متضرعًا أن يغفر لي ذنبـ...ـي  العظيم ، دعوة صباحية بوجه مطرق خزيًا ، خجلان من الوقوف بين يديه لأطلب للرحمه و أخجل أن أناجيك طالبًا سماحك ، لكن رغم كل شيء كنت أفعل ، لم أكل ولم أمل يومًا لكن يبدو أن ذنبي لا يغتفر صحيح ؟؟
ضحك ضحكة صغيرة متهكمة لسؤاله الساذج عديم الإجابة ثم أكمل بذات الابتسامة المريرة ونبرته تقطر ألمًا مضنيًا يسكن بين حنايا روحه 
-: كنت ميتًا حيًا كل تلك السنوات ، منعت أي شعور عن نفسي إلا الألم ، كنت أريد ذلك ، أريد التألم ، الوجع ، كنت أجلد ذاتي طوال الوقت و استكثر الابتسامة على ثغري فلا تخرج سوى محملة بالوجع ، و الله أبعدت نفسي عنها ، كنت راضيًا بحياتي ، مدركًا و متقينًا أن الأوجاع لا تمحو الآثام ، و أن إثمي من العظم حتى لا يغتفر ، راضخًا للعقاب الذي فرضته على نفسه مدى الحياة ، إلا أن فجأة انقلبت كل الموازين ، انكشفت حقيقتي أمام الكل وتعريت أمام ذاتي ، ألقى الراقص بقناعه وانتهت المسرحية دون تصفيق حتى ، و ضرب قلبي سهم العشق بل لنقل أتى صاعق الحب الكهربي و أجج ما بداخلي منذ زمن ، أحيا الميت و أقامه ، نفض عنه تراب الحزن و الرثاء و الوجع ، نقتني هي و غيرتني ، و لوهلة كدت .... أحيا !!
إلا أنك أيضًا كنت هناك ، تذكرينني أنني لا استحق حتى العيش ! 
تلك الأخيرة قالها بنبرة ميتة تحاكي الهمس وهو يميل للأمام منكس الرأس محني الظهر  يشهق باكيًا كطفل صغير ، لينتفض بعدها فجأة صارخًا و قبضتاه اتخذتا مكانهما قارعتان على صدره بقوة آلمة 
-: لا استحق ، لا استحق أعلم و الله ، لكنها تستحق ! 
سكن فجأة كما انتفض فجأة عندما أتى بذكرها ، ارتسمت على شفتيه ابتسامة ذائبة يظللها الوجع ، شخصتا عيناه في السماء الملبدة بالغيوم ونور القمر ينبلج بينها على استحياء ، فرق صوته تلقائيًا مكملًا وقبضته مازالت قابعة على صدره ... موضع قلبه الهادر وجعًا
-: هي تستحق كل شيء جميل في الحياة ، تستحق شخصًا أفضل مني ، نقي مثلها ، لكن قلبها معلق بي ، و والله قلبي لم يدق لسواها ، عفتُ الدنيا قبلها و بعدها ولم تكن إلا الاستثناء الوحيد ! 
أتعلمين ! إن كان الأمر متعلقًا بي فقط لم أكن لأتردد لحظة لأقمع قلبي و أسحقه ، إلا أنني ببساطة لا استطيع !
لا استطيع جرحها مجددًا فقد نالت مني منالًا عظيمًا من الجروح ووجع القلب !
مرر يده على صفحة وجهه بقوة و الأخرى تتخذ مكانها بين خصلات شعره يكاد يقتلعها من منبتها ليكمل وهو يحاول الحفاظ على رباطة جأشه المفقودة منذ أول الحديث
-: لذا أتيت لك اليوم طالبًا السماح ، أتيت لأقول أنني لا أرجو من الدنيا سوى سماحك ، أنا أريد العيش يا حياة وقد ذقت طعم لحياة بعد الممات و ذلك لن يتحقق سوى بمسامحتك ، أرجوك اغفري لي ذنبي لأجلها و ليس لأجلي ، اعطفي على من لم يعطف عليك و اغدقي عليه بنعمة لن ينسى ذكرك بها ، وقد هرم قلبه من الحزن و أضناه الوجع ، أرجوك .. اسمحي لي أن أبدأ حياتي من جديد!
دمعة أخيرة انزلقت على وجنته وهو يسكن في مكانه وقد أثلج قلبه قليلًا ذاك الحوار أحادي الطرف ! 
أربدت فجأة آفاق السماء لتنهمر قطرات الغيث الغزير فوقه فتبلله كله لتختلط دموعه بها غاسلة وجهه !
غاسلة إياه كله وقد أتت في وقتها و كأن الله بعثها له خصيصًا ليجلي المتبقي من سواده بعد تلك المصارحة التي جلت الكثير !
نهض ببطء لتفرج شفتيه عن ابتسامة صغيرة وهو يسرع في طريقه للخروج ليحتمي بسيارته وقطرات الماء تقطر منه و الطين يلوث ملابسه 
كان منظره مزريًا وكأنه لمتشرد ، إلا أنه كان مرتاحًا....
كان ..... يبتسم !

تكملة الفصل السابع والعشرون

اليوم التالي .....
دخل إلى الشقة بمزاج رائق وهو يصفر ، يحمل حقيبة الشوكولاتة خاصتها وقد بات يجد لذة في جلبها لها، جال بنظره في أنحاء المكان فقابله السكون ليعبس وهو يتجه لباب غرفتها فوجده مواربًا وقبل أن يفتحه لامس أذنيه صوتها المليء بالعاطفه 
-: يا حبيبي و أنا أيضًا اشتقت إليك جدًا جدًا جدًا !
نضبت البشاشة عن وجهه لتحل محلها تعابير مخيفة وقد تباطئت نبضات قلبه و تجمدت يداه على مقبض الباب كما تجمدت عيناه على منظرها وهي مضجعة على الفراش تتلاعب بخصل شعرها والشوق ينضح من قسماتها كما كلماتها ، اشتعلت عيناه بغضب عاتٍ وشعر بالنار تدب في أوصاله لتحرقها وهو يسمعها تكمل
-: لا لن ينفع مجيئي الآن أبدًا يا محمد ، كنا أنا وسيف هناك قريبًا وقت العرس ، في أقرب وقت يا حبيبي إن شاء الله ....
ثم صمتت قليلًا والابتسامة تشق فمها والدموع تترقرق في بركتي الشوكولاتة خاصته لتقول بصوت مختنق
-: سأشتاق إليك أنا أيضًا ، مع السلامة يا حبيبي حفظك الله و صانك من كل شر !
لتغلق الخط بتنهيدة طويلة وهي ترجع للتأمل في السقف بشيء من الشرود المهموم المحمل بالشوق !
بينما هو!
هو كان يحترق ، كان يتلظى بنيران الوجع وهو يستمع لتلك المكالمة التي كانت كل كلمة فيها كخنجر يغرز في صميم روحه ، العرق البارد يتصفد من جبينه وهو يشعر ببوادر دوار ففتح الباب ودخل ملتاث الخطى كالمخمور يناظرها بتشوش مجعد الجبين فهبت من نومتها لتقف هامسة اسمه بارتباك 
-: سيف!!
همستها فعلت به الأفاعيل فأسقط ما كان يحمله أرضًا و وجد نفسه تلقائيًا وبدون أي كلمة يتجه نحو الهاتف القابع على فراشها ليلتقطه ويهوي به بكل قوته أرضًا ثم يدهسه بقدمه ليتأكد من عدم صلاحيته للعمل مجددًا !!
غير مبالٍ مثقال ذرة بكل صرخاتها وصياحها به ، تتشبث بذراعه فينفضها بقوة لتحط على الفراش دون كلمة ثم يلتفت لها بذات التعابير المخيفة ليمسك بعضدها مقيمًا إياها بعنف ليهمس في أذنها بنبرة أذهبت اللون من وجهها وجعلتها تختض بين يديه 
-: هل كنت تكلمين ... محــمد !
قالها بنبرة تقرير وهو يمط شفتيه في نطقه للاسم عمدًا ففهمت مقصده لتسارع بالقول اللاهث المتقطع ودموعها تنهمر دون إرادتها
-: نـ...ـعم ... أقصد لا ، لـ..ـيس محـ.... محمد الذي تـ..ـقصده ... أقسم ... أقسم لك 
وكأنه لم يسمع كلمة مما تهذر به فصاح كأسد جريح وهو يهزها بقوة شديدة
-: كنت تتحدثين مع محمد !!!!
كانت نبرته مثقلة بالتعجب والاستنكار و ... الوجع ، وجعًا يمزق نبراته فازداد انهمار دموعها أكثر وهي تحاول التكلم عبثًا فها هو يهزها ثانية حتى أصابها الدوار 
-: أيتها الـ.... أيتها الـ... ماذا سأقول !! رباه !!
ألقى بها بقوة على الفراش وهو يرفع يده لرأسه يكاد يكسرها وعقله لا يقدر على استيعاب الموقف وهو يدور حول نفسه يهذي بالكلمات 
-: كيف ؟ كيف يا سنابل كيف !!! 
عقله لا يستجيب لأي مؤثر خارجي ، لا يسمع صوتها الصارخ بأنه "ليس هو" 
فقط هو يعيش صدمته و الآمه المبرحة بتروٍ ، ثم فجأة اشتعلت عيناه و تأجت النيران فيهما وهو يصرخ مجددًا متجهًا إليها بسرعة 
-: أيتها الخائـ....
حينها هبت بسرعة وهي تصرخ بقوة ودموعها تسيل من بين جفتيها المطبقين 
-: إياك أن تنطقها إياااك !!
توقف للحظة وقد تأثر لبرهة بمنظرها لكن تأثره لم يدم لأكثر من لحظة لتشتعل عيناه مجددًا ومازال يتجه نحوها بشر لتصل إلى عقله تلك المرة كلماتها الصارخة
-: إنه محمد أخي ، أخي ، أخي الصغير يا سيف ، أخـــــي فلتستعب !!
صرخت بتلك الأخيرة بقوة لترتمي على الفراش متكورة على نفسها تنتحب بحرقة  ...
فوقف متجمدًا والكلمات تخترق عقله !! 
يناظرها بعته مضحك غير مصدق لما حدث !!
محمد أخيها الصغير ذا الخمس عشرة ربيعًا كيف لم يفكر فيه !! أعمته الغيرة و أحالت كل شيء حوله إلى لون الدماء ، لتنفجر الدماء في عروقه وترتفع لرأسه مذهبة بكل تعقل تعلمه يومًا !
أظهر الجانب البدائي فيه بكل جسارة و كان سببًا في تلك الحرقة التي تنتحب بها الصغيرة ... صغيرته !!
لفه شعور الذنب من رأسه حتى أخمص قدميه وهو ينظر حوله في الغرفة لما أحدثته يداه !...
الهاتف المهشم لقطع صغيرة ، الشوكولاتة المتناثرة أرضًا ... و هي !
متكورة على نفسها تبكي بحرقة أدمت قلبه فاقترب مغيبًا بملامح يكسوها الذنب المتوجع هامسًا ويده تتوقف عاجزة في الهواء وقد كانت في طريقها إليها
-: سنابل !!
فصرخت وسط بكائها وكلماتها تقطعها الشهقات كما تقطع قلبه باحترافية
-: ابـ..ـتعد .... ابتعد ... ابتعد عني!
ازداد عبوسه المتألم وهو يسحب يده جواره قابضًا على كفه لكنه لم ييأس فأعاد الكرة وهو يجلس بجانبها
-: سنابل ارجوك !!
أخذت تبكي بقوة أكبر فلم يحتمل وهو يسحبها عنوة لصدره ، متقبلًا ضرباتها الخرقاء التي تشوح بها لتصيب وجهه وصدره وذراعيه !
لف ذراعيه حولها بإحكام حتى لا تتملص منه حتى هدأت ثورتها لتبقى أثار البكاء المخالطة لشهقاتها ، شدد من احتضانها لا إراديًا فتأوهت باعتراض متوجع ليجفل هامسًا
 -: آسف !!
صمتت ولم ترد ومازلت دموعها تنهمر على وجنتيها فتنحنح وأخذ يفتح فاه ويغلقه عدة مرات ، يصارع لخروج الكلمات من فمه حتى هتف أخيرًا بصوت مبحوح 
-: آسف سنابل ...لم أكن أدري ماذا ... أفعل ! 
في لحظات ... لم أشعر بشيء سوى ... نيران ، نيران تسري في جسدي ... تحرقني حرقًا ، مجرد التخيل أنك تـ...ـكلمين ذلك الأبله كان كافيًا أن يحيلني لـ....وحش !!
كانت تنظر لملامح الندم الصادقة على محياه ودموعها لا تتوقف ، لا تعرف أتبكي حالها أم حاله !
لكن كلماته لا تبرر ما فعله ، زمت شفتيها برفض وهي تهز رأسها يمينًا وشمالًا فيتأرجح شعرها ويسرح عبيره ليتخلل أنفه مسكرًا قبل أن تقول بتقطع 
-: لـ..ا ، لا .. يبرر هـ...ـذا أي مما ... فعلته ، أنت ... شككت بي ، شكـ..ـكت بي يا سيف قلت أنني خائـ.....
وضع يده على فمها يثنيها عن قولها كما أثنته ، ليسند جبينه على جبينها مغمض العينين وسط تعجبها ، إلا أنها آثرت الصمت وقد فعلت فقال بصوت رجولي متحشرج وملامح متغضنة و كأنه ... يتألم !!!
-: أنا ... أغـ.... أغار ي سنابل
انفرجت شفتاها بدهشة وقد عراها ذهول كاد يفقدها تماسكها ووجهه قريب إلى هذا الحد لكنه أكمل بصوت أكثر قوة وعنفًا غير موجه لها و كأن الكلمة تحررت أخيرًا
-: أغار ، أغار بجنون ، أغار عليك منه بالذات ، أغار عليك حتى من ذاتي ، ولا تعرفين ماذا تفعل الغيرة بقلب رجل حار الدماء مثلي يا صغيرة ، لا تعرفين !!
فتح عينيه فوجدها تناظره بانبهار و أدرك متأخرًا أن قلبه الأخرق أرسل لفمه الأحمق ما لا يجب التفوه به ، إلا أنه تفوه وما حدث قد حدث !!....
رآها تهم بالكلام فسارع للإمساك بكفها المجروح يتفحصه هامسًا بتساؤل
-: كيف هو الآن ؟
فانطلق الكلمات من فمها بجرأة جعلتها تطبق عينيها و تكاد تلكم نفسها فور تلفظها بها
-: ليس .. بـ...ـخير ، يحتاج لـ...قبلة !! 
حدق فيها لثوان مبهوتًا قبل أن يبتسم بجذل لشكلها ، يبدو أنها ندمت... لكن بعد فوات الأوان 
فرفعه لفمه يلثمه بقوة 
-: أفضل؟
هزت رأسها بالإيجاب سريعًا ومازالت مطبقة العينين فشعر بتضخم صدره ، شعر أنه سيتهور خلصة بقربها المهلك ذاك  ، فسارع لوضعها على الفراش وهو يحاول تنظيم أنفاسه عبثًا ....
انحنى يلملم الشوكولاتة من على الأض ليضعها في حجرها متمتمًا بكلمات معتذرة لا يدري كنهها قبل أن يهرب ليحتمي بغرفته ... يهرب من تأثيرها عليه الذي لا يستطيع إنكاره بعد الآن !!
تاركًا إياها تحدق في الشوكولاتة وصدى كلماته يتردد في قلبها قبل عقلها ...
ارتسمت ابتسامة بلهاء على ثغرها لتهمس بذهول ضاحك 
-: يغار !! يا الله إنه يغار !!....
** 
بعد بضعة ايام...... 
شركة الهاشمي *الفرع الرئيسي*
يستند بظهره إلى كرسيه مرجعًا رأسه للخلف ، مغمض العينين بإرهاق ، آآه كم يود النوم الآن!!
يعاني منذ مدة من ذلك السهاد ، فيقضي ليله كله ساهرًا ، لا يستطيع النوم وكأنه يتقلب على سرير من أشواك ، ويقضي نهاره يعاني قلة النوم و التشتت بالإضافة لعدم التركيز الرهيب بالطبع !!
بات يعيش على المنبهات ، لا يأكل و لا يشرب غيرها !
فتح عينيه و نقل نظره بابتسامة متهكمة بين كوب القهوة الموضوع أمامه و بين انعكاس صورته على شاشة حاسوبه !
لقد حفر السواد تحت عينيه ونحل وجهه بشدة ، بل نحل جسده كله ... و فوق كل هذا يتحتم عليه ... العيش بشكل ... طبيعي !!
يتوجب عليه التعامل مع هذا و ذاك ، تحية هذا ، الابتسام لرجل الآمن ، القيام باجتماعات مهمة يكاد لا يفقه منها شيئًا لذا لا يتركه زياد في أي منهم....
زياد !!
زياد الصديق ، زياد الأخ ، زياد الصهر !
بأي صفة كانت زياد في ظهره دائمًا ، يراه أو لا يراه ، في الخفاء و العلن يسانده دائمًا ....
لا يعلم بأي حال كان سيكون لولا زياد ، المضحك في الأمر أن زياد نفسه لا يشعر بمقدار ما يقدمه له ، يعتبر كل ما يفعله كـ "رد جميل" لما فعله معه بالماضي ، كما يهذر دائمًا بأنه دين لن يوفيه مهما حيا !!
و ها هو يقتحم المكتب كعادته كل يوم ، في موعده تمامًا ، يتكلم ويشوح بصخب يفتعل معظمه لعله يؤثر في صديقه الذي يناظره بأعين نصف مفتوحة مثقال ذرة ! تنهد بقوة داخليًا وهو يرتمي على المقعد أمام المكتب قائلًا 
-: يا فتاح يا عليم يا رزاق يا كريم ، يا بني ، يا حبيبي ألن تقر عيني برؤية ابتسامتك ، انظر إلي و قلدني هيا الأمر ليس صعبًا ، ابسط عضلات فمك المنقبضة تلك ، اظهر صف أسنان اللامعة و ها نحن !!
كان منظر زياد مضحكًا حقًا وهو يبتسم بتخشب ويرفع سبابتيه مشيرًا إلى جانبي فمه ، إلا أن غيث كالعادة لم يستجب ، بل رفع كوب قهوته بكل برودي يرتشف منه بتأنِ 
نفخ زياد بقوة وهو يقول مدعيًا الحنق 
-: بت لا تطاق أيها الثور ذو الذقن الطويل والشعر  البوهيمي الغير مشذب ، افتح عينيك و كلمني يا رجل ، أهواء أنا يجلس أمامك ؟ ، واحسرتاه .. ضاعت هيبتك يا زياد ضاعت !
كان زياد يهذر بالتفاهات وهو يكاد يرسم على وجهه بالألوان ويرتدي كالمهرج  ليرسم فقط البسمة على محيا صديقه لكن يبدو أن لا أمل حقًا ، فكل ما حصل عليه هو جملة مقتضبة من غيث 
-: لمعلوماتك فقط ، حس الدعابة لديك منعدم إلى درجة لا استطيع وصفها !!
فيرقص زياد حاجبيه قائلًا بشقاوة وهو ينهض
-: لا يهمني رأيك البتة ، يكفي أن أحدهم أو لنقل "إحداهن" ترى أنني أتمتع بحس دعابة عالي !
تأفف غيث بقوة وهو يشوح بيده هاتفًا بضجر 
-: لو ستبدأ بسرد كيف تراك أختي أمامي فارحل يا زياد إلا لو كنت تريد لكمة تزين وجهك فتلهف قلب "إحداهن" عليك !!
يقهقه زياد بقوة وكله ينتعش لذكرها فقط ، ما إن خفتت ضحكاته حتى اتجه لغيث ليقف بجوار كرسيه ويقلب في الملفات على المكتب هاتفًا بفكاهة لا تخلو من الجدية 
-: أخبرني يا آخرة صبري و مصيري المقدر ، يا ولدي الذي أنجبته ونسيته سهوًا ماذا لدينا من الأعمال اليوم ؟
بسط غيث كفه مشيرًا إلى الأوراق و المستندات أمامه قائلًا 
-: اطلع بنفسك ، أنا اكاد لا أرى أمامي من شدة حاجتي للنوم !!
فيعبس زياد وهو يقلب في الأوراق قائلًا بنبرة حاول جعلها عادية 
-: الأرق مجددًا ؟
اكتفى غيث بإيماءة بسيطة وهو يغلق عينيه بالكامل فيردف زياد
-: ألم أخبرك ، أنجبتك ونسيتك ، اذهب إلى منزلك و نم يا بني و أنا ... سلمت أمري إلى الله ، سأنجز ما يمكنني إنجازه من الأعمال و أذهب لمنزلي أنا الآخر !
اكتفى غيث بهز رأسه نفيًا علامة الرفض فلم يجادله زياد كثيرًا وقد بدأ بالفعل في قراءة إحدى العقود مدققًا في البنود جيدًا ، لكن عينه لا تغفل عن كل خلجة تصدر من صديقه ، فقال بعد هنيهة من الصمت بهدوء وتعقل يناقض كل الصخب الذي يحدثه منذ مجيئه
-: غيث ، ألا ترى أن فترة الرثاء قد طالت قليلًا ؟ هناك أناس يحتاجونك ، ملاك و أنا ، العمل يفقتدك بشكل كبير و أنت تلاحظ ذاك ، بينما أين أنت ؟؟
أنت تغرق في لجة أحزانك ، قاربت على الوصول للقاع الذي لن تخرج منه أبدًا ، يا صديقي صدقني ما حدث ليس نهاية العالم ، دائمًا يوجد الأمل ، فلتستفق و تبحث عنه ، حدد ما تريد يا رجل حتى تصل إليه !!
أخيرًا ارتسمت ابتسامة على وجه غيث ، ويا ليتها لم تزر شفتيه ، فقد كانت متهكمة مريرة ، تحمل كل معاني الوجع وهو يقول بنبرة مشابهة
-: أنظروا من يتكلم عن المضي قدمًا ، زياد القاضي الذي حقق الرقم القياسي في سنوات الرثاء ! اصمت بالله عليك يا زياد أنا لا احتمل ....
صمت زياد وقد انسحب اللون من وجهه فأخذ يناظر الأوراق بتعبير حيادي لا يفضح دواخله ليتنهد غيث بقوة ويسارع بالاعتذار
-: آسف يا صديقي ، اعذرني أنا...أنا حقًا لا أردي بماذا يتفوه فمي اللعين
ابتسامة صغيرة لم تخل من الوجع ارتسمت على شفتي زياد وهو يقول بهدوء 
-:لا عليك
فرجع غيث للتنهد مجددًا بينما عيناه تشخصان في الفراغ مبتسمًا بوجع والكلمات تتسرب من فمه بمرارة
 -: أتعلم ! يومًا ما قرأت ، أو شاهدت .. لا أذكر في الحقيقة ، شيئًا عن قهر الرجال ...! 
ازدادت ابتسامته تهكمًا ومرارة بينما زياد يرفع رأسه يحدق به بوجع لوجع صديقه
-: وقتها كنت فتى غر ، لا يلوي على شيء من الدنيا سوى بعض متع واهية !
سخرت ، وضحكت ملء شدقتي ، أخذت أضحك على معاناة هؤلاء الرجال ... تمثيل رخيص !
بالنهاية تبقى فكرة في خيال مؤلف والخيال لا يقف عند حد معين !
كان الرجل يبكي ، يتمزق ، كان يموت في اللحظة ألف مرة ... فقلت في عقلي ساخرا وهل الرجال يبكون ؟ لا رجل يبكي ... ولا امرأة تستحق أن يبكيها رجل
لا امرأة تستطيع أن تُدمِع عيني رجل !
لم أكن أعرف أن القهر سيكون صديقي والدمع رفيقي !
لم أكن أدري معنى الموت حيًا وقد فهمته
وكل ما أريده الآن حقًا هو الاعتذار لذاك المؤلف المكلوم كحالي و الممثل الذي تنبأ بمستقبل قلبي !!
كل ما أريده أن أموت يا زياد أو يقل الوجع فجد لي حلًا يا صديقي فحقًا بات العيش أسوأ كوابيسي !!
تغضن جبين زياد بقوة للقهر الذي يقطر من كلمات صديقه فنهض بسرعة وهو يذهب ليقف جانبه ، يشد على كتفه بمؤازرة حقيقية قائلًا بعزيمة
-: انس يا غيث و تابع حياتك ، لا تقف عند تلك النقطة فربما تجد خيرًا وراحة في تخطيها
لكن و كأن غيث لم يسمعه ليكمل بنفس الحرقة وهو يغمض عينيه 
-: أتعلم ما يحرفني حرقا ؟ أنها نسيت ... نسيت ما كان بيننا وتابعت حياتها بينما مازلت أنا محبوسًا في ذاك اليوم اللعين ، أنها تبتسم وتضحك في وجهي !!
تجاهلها يقتلني حيًا !
أريدها أن تتجهم عندما تراني ، أن تبصق في الأرض حتى !
أن تناظرني بعتب ممزوج باللوم ، لن أمانع حتى الازدراء ، أريد الشعور أنني مازلت بداخلها كما لم تتحرك هي إنشًا من داخلي !!
دمعة كادت تشق جفنيه فسارع لفرك عينيه بقوة ليزيلها دون أن يلحظ زياد الذي مازال على وقفته ليقول بإقناع
-: أؤكد لك أنها لم تنس ، ما بينكم لا ينسى بطرفة عين يا غيث إنما هي أقوى منك ، هي تخطت ما حدث وتابعت حياتها ، بالتأكيد مازالت موجوعة إلا أنها تتعايش مع الوجع ، على عكسك ... أنت تعيش بداخل الوجع ، تتشربه بنهم وكأنك صائم الدهر حتى كاد يقتلك ، بل إنه قتلك فهذا الماثل أمامي ليس صديقي ، انه حتى لا يرتقي أن يكون شبحًا له !!
كان يعلم أن كلماته صعبا و موجعة ، لكن حالة صديقه تحتاج لا للمهادنة ، إنما لقليل من القسوة مع عرض الواقع بصوته الحقيقية لعله يستفيق مما هو فيه !
كلام صديقه أضرم النيران بداخله ، بل نفخ بقوة قي النيران المشتعلة من الأساس ليؤججها زيادة ، كل كلمة كانت كجذوة ملتهبة تكويه كيًا بصدقها وحقيقتها ، لكن لا يعلم ما بالقلب سوى الله ، و والله ما بقلبه من أوجاع لا يحتمله بشر ، أو على الأقل هو لا يحتمل ، لا يحتمل البتة 
أسبل أهدابه وهو يأخذ نفسًا عميقًا عازمًا على الخروج من حالته .... ولو قليلًا فقط
-: حسنًا يا زياد ، سأحاول ، سأذهب الآن لأنام قليلًا لعلي استطيع أن أنجز أي من الأعمال على الحاسوب الليلة !
تنهد زياد براحة ضمنية لاستجابة صديقه لكلماته لكته استوقفه قبل أن يفتح الباب قائلًا بابتسامة لم يستطع دحرها
-: أنا .. آت إلى منزلكم اليوم ، أريدك أنت و ... ملاك بأمر هام !!
هز غيث رأسه بـ "نعم" ولم يستطع منع ابتسامة صغيرة أن تشق فمه فمن ابتسامة صديقه ونبرته يستطيع بكل سهولة التكهن بفحوى زيارته !!......
** 
ليلًا.......
-: لا يا زياد مستحيل ما تقول ، أ... أنا لست مهيئة نفسيًا ولا .. جـ..سديًا للزواج الآن ، لا ... بالطبع لا !!!
يقف ويده في خصره ، يرفع رأسه للسماء بتوتر وحنق وهو يسمع كلماتها المرتبكة إنما المصرة على موقفها 
تنهد بقوة وهو يحاول تهدئة نفسه ليذهب ويجلس بجانبها قائلًا بمهادنة وهو يرسم ابتسامة مشجعة على وجهه
-: يا مالكة القلب ، لِمَ التردد و التأجيل ؟
أنا لا أرى سببًا وجيهًا للتأجيل ، كل ما أدريه هو أنني أعشقك يا ملاك و أريدك في بيتي اليوم قبل غدًا ، أريدك زوجة و شريكة و .. معشوقة !
قال تلك الأخيرة بهمس مؤثر وهو يرفع كفها لفمه يلثم باطنه برقة ، لكن ملاك أيضًا هزت رأسه بـ "لا" فنفخ زياد بقوة وهو يهب واقفًا غارزًا كفه في خصلات شعره ليقول بانفعال صادق
-: ملاك ، أنا احتاجك في حياتي ، ألم تقولي لي يجب أن أمضي قدمًا ؟؟
حسنًا !! أنا لن استطيع فعل هذا إن لم تكوني معي ، ملاك ،أنا أُحارَب بك والحرب صعبة علي ، أرجوك افهمي !
قال الأخيرة بهمس مترجي وهو يمسح على وجهه بإرهاق فدخل غيث في تلك اللحظة قائلًا 
-: ماذا هناك يا ملاك ؟ لِمَ هذا الرفض المبالغ به حبيبتي ؟ انظري لحاله يكاد يرقص لك لتوافقي !!
ضحكت ملاك تفرغ توترها بينما ازداد عبوس زياد ليجلس غيث بجانبها يحتضنها لصدره وسط نظرات زياد المشتعلة هامسًا في أذنها 
-: حبيبتي ، هل هناك شيء تخجلين قوله لزياد وهو سبب رفضك ؟ أخبريني لا تخجلي يا روح أخيك !
أخفضت نظراتها ففهم غيث أن هناك شيء بالفعل ، أشار لزياد بالخروج فخرج الأخير وهو يزفر بحنق فسألها بحنو وهو يمسح على شعرها 
-: ها قد أخرجناه ، ماذا هناك؟
أسبلت أهدابها لتقول بوجع وتلعثم 
-: أنت ... تعلم يا غيث !! 
سـ... ساقي ، لم... تشـ...ـفى كليًا بعد ، ما..زلت عـ...رجاء ، لا أريد ... أن أحضر زفافي ... عرجاء يا غيث !
كانت عبراتها قد تساقطت في آخر حديثها فتأوه غيث وهو يضمها إلى صدره وقبل أن يتكلم كان زياد ملوع القلب قد اقتحم الغرفة هاتفًا بحنق متوجع لأجلها
-: أقسم بالله أنك معتوهة ، كم مرة تكلمنا في هذا الأمر ؟ بالله عليك كيف أقحم في رأسك أنك الكمال بذاته في عيني ؟ أخبريني كيف !!
همسة خجلانة معاتبة تحررت من بين شفتيها وقد تضجرت وجنتاها بالحمرة 
-: زياد !!
ليتدخل غيث وهو ينهض رافعًا سبابته في وجهه قائلًا بعبوس مضحك وهو يدعي الحزم 
-: أنت أيها المتنصت ! من سمح لك بالدخول ؟ 
مازال زياد على عبوسه ليقول لغيث وهو يدفعه خارجًا 
-: أنت أخرج الآن ، أنا سأتفاهم مع زوجتي !
رسم غيث تعابير الألم على وجهه وهو يقول بمسكنة
-: أتطردني يا صديقي ؟ حسنًا حسنًا شكرًا على ذوقك أيها الوغد !
ثم التفت لملاك قائلًا بجدية مضحكة 
-: أنا جالس بالخارج ، أي حركة نذالة يقوم بها فقط قولي يا غيث وستجدين قبضتي تزين وجهه !
ثم خرج وهو يصفر مواريًا أوجاعه ... عن ذاته أولًا !!
داخل الغرفة كان زياد قد ذهب ليجلس بجوار ملاك المسبلة الأهداب قائلًا وهو يحاول الهدوء 
-: ملاك ، أي عرج تتحدثين عنه ؟ 
مبدئيًا العرج السخيف الذي يؤرقك غير ظاهر للعيان حسب كلام الطبيب و ليس كلامي أنا ، و سيكون فستانك طويل حتى الكاحلين ، و إن أردتي يمكننا أن نضع جهاز تدعيم الساق حتى لا تتعبك عند الوقوف لمدة ! يا سيدتي يمكنني حملك طوال العرس و لا تتخيلين كيف سأكون أسعد انسان في هذا العالم !
ماذا أيضًا يخيفك يا مالكة القلب ؟ أتخافين على نفسك مني ؟
سارعت تتظر في عينيه بلهفة سرقت دقة وهربت من قلبه وهي تقول بصدق
-: ماذا تقول يا زياد ؟ أنا أخاف على نفسي بعيدًا عنك ، الأمر فقط أنني ....
صمتت والدموع تترقرق في عينيها ثانية فحثها بإيماءة من رأسه لتكمل ودموعها تسيل 
-: أنني ناقصة !!
قالتها وانفجرت في البكاء فنظر لها زياد بغير استيعاب لدقيقة قبل أن يقول مبهوتًا
-: أتمزحين ؟ حقًا أتمزحين ؟!!!
ازداد نحيبها فتنهد زياد بقوة قبل أن يزيل كفيها من على وجهها ويكفكف دموعها قائلًا بحنان
-: لولا أخيك الذي أجزم أنه يقف على باب الغرفة كغراب البين لكنت أوضحت لك عمليًا كيف أنك كاملة !
يا ملاك الروح إن كنت أنت ناقصة فمن الكامل إذًا !!
ملاك ، الفرح بعد أسبوعين وهذا آخر كلام !!
ليدخل غيث مع آخر كلماته قائلا 
-: على بركة الله  ، مبروك يا أولاد ، لو كنت أجيد إطلاق الزغاريد لم أكن لأتوقف !
ضحكت ملاك وزياد بقوة  قبل أن تقول ملاك بذات الترد متلجلجة 
-: لكن....
وضع زياد سريعًا كفه على شفتيها قائلًا بحزم
-: لا لكن ، أكثر ما أمقته في اللغة العربية هو حرف الاستدراك اللعين هذا فلا يأتي بعده خير أبدًا !!
صمتت وهي تهز رأسها بالموافقة فابتسم هاتفًا 
-: الحمد والشكر لك يارب !
ثم مال على أذنه هامسًا بهيام 
-: أعشقك
احمرت وهي تلكزه في كتفه ناظرة لغيث المبتسم بحنان ليقرر الانسحاب في تلك اللحظة هاتفًا بجذل
-: الآن أنا رجل أعزب و تلك الأشياء تسبب لي الحموضة ، سأكون في البهو أنجز بعض الأعمال ، و لا تسهب في الأحاديث يا عريس الهناء فنحن ننام باكرًا
ثم انسحب خارجًا لتنضب الابتسامة على وجهه فور تخطيه عتبة باب الغرفة مفكرًا بمرارة
"كل فرد يأخذ نصيبه من الألم ليذق بعدها السعادة ، لكن يبدو أن في حالته ... انقلبت الآية !!"
google-playkhamsatmostaqltradent