Ads by Google X

رواية ابتليت بعشقك الفصل السادس والعشرون 26

الصفحة الرئيسية

 رواية ابتليت بعشقك الفصل السادس والعشرون 26 بقلم بسنت علاء

رواية ابتليت بعشقك الفصل السادس والعشرون 26

اليوم التالي..
صباحًا..
شركة الهاشمي الفرع الرئيسي..
دخل إلى مكتبه يوزع الابتسامات المجاملة هنا وهناك ! يستقبل نظراتهم المستنكرة ، المتعجبة و ... المشفقة لمن تسرب لهم خبر توتر العلاقات بينه و بين شغف بصدر رحب ! 
فماذ ستفعل بضع نظرات فيه ... فهو ميت ! 
جلس على مكتبه الذي اشتاق رغم كل شيء ، لتسري رعدة على طول عموده الفقري فور جلوسه و كأن شعاع من البرق قد صعقه فهب واقفًا !! 
هنا طردها وناظرها بازدراء ، هنا هددته ونفذت تهديدها ! 
نهض بسرعة ليجلس على أحد الكراسي أمام مكتبه ليثب من عليه فور جلوسه !! 
هنا كانت تجلس ياسمين ، هنا ... قبلها و تظاهر بمشاعر زائفة !! 
هنا تيقن من حقيقة كان يدفن رأسه في التراب كي لا يراها !! 
غرز كفه بين خصلات شعره بقوة وهو يقف في المنتصف بعجز يكاد يبكي ! 
فكل شبر من المكتب يحمل وجعًا!
كل زاوية تذكره بغبائه ! 
ينظر إلى تلك الزاوية فيرى حيوانًا يحبسها فيها ، يقبلها بغير آدمية كالبدائيين ! 
يتلفظ بكلام كسر قلبها لتكسر به هي ظهره وتحنيه ! 
لكن ... أولم يكن هو السبب حقًا ! 
أنة عميقة أصدرها وهو يميل واقفًا مسندًا كفيه إلى ركبتيه و دموعه تكاد تطفر من عينيه ! 
من صاحب اقتراح فكرة المجيء للعمل اللعينة ! 
هو !! خرج بقوة كالإعصار يسب ذاته بأفظع الألفاظ 
ألا يكفيه وجعه حتى يجلب لقلبه وجعًا مضاعفًا !! 
أبات لهذه الدرجة يستلذ بالألم !!!
**
شركة الهواري الهاشمي......
بعد قليل.....
دخل بدون استئذان دخولا صاخبا كعادته القديمة جاذبا نظر ذاك الجالس على المكتب يناظر الأوراق بذهن شارد في عالم آخر 
-: مرحبا يا صديق
عقد زياد حاجبيه لرؤية غيث ... بهيئته تلك !
فقد كان مهندم الملبس ، مشذب اللحية ، وقد هذب شعره الطويل وقصه قليلا
يبتسم بانطلاق وكأن لا هم له في الحياة !!
نهض و جلس في المقعد الذي أمامه ومازال مقطبا إزاء تصرفات صديقه ليسأله 
-: ما بك يا غيث؟!
فابتسم غيث بلا اكتراث وهو يرجع بظهره للخلف هاتفا 
-: ما بي ؟ أنا بخير حال ، وكأن جبلا كان يجثم فوق صدري وانزاح أخيرا 
حاول زياد أن يستوعب أي شيء إلا ما يرمي إليه غيث بكلامه فقال بتوجس وهو يميل نحوه 
-: ماذا تعني ؟ أنت لا تقصد أنك....
وترك جملته معلقة في الهواء ليكملها غيث بابتسامة أوسع وهو يزيل ذرة غبار وهمية عن ملابسه
-: تركت شغف!
صعق زياد من الخبر !
أبعد كل هذا يأتي ويخبره أنه تركها !! بكل تلك البساطة !
و كأنه لم يكن شبه يحتضر من الألم منذ بضعة أيام قلائل !!
سأله وهو يهز رأسه باستفهام ومازال مقطبا  
-:لماذا تركتها ... أقصد كيف؟ 
فأجاب غيث بنفس نبرته الأولى و إن تلونت بالحرقة باطنا رغما عنه معددا على أصابعه
-: مللت ، ضجرت ، كرامتي آلمتني وهي لا تغفر يا زياد ، لا تغفر يا صديقي 
قال تلك الأخيرة بسخرية تحمل في طياتها إجهادا و ألما ينخر في عظامه كالسم ... يسري ببطء ... يقتله ببطء مذيقا إياه لذة ما بين الحياة والموت 
لذة !! نعم لذة متشربة من الوجع و اﻷلم حد الثماله مما يجعل السم قوي المفعول كالمخدر فبات لا يشعر بشيء سوى ... اﻷلم!!
استشعر زياد ما وراء مظهر صديقه ، قناع يرتديه ليواري به ألمه عن ذاته أولا...
يكاد يرى الدموع ستطفر من عينيه إن أسهب في الحديث قليلا عنها !!
فسأله بهدوء باسطا كفيه
-: و لَِم تتظاهر؟
شيعه غيث بنظرة مستنكرة لكن قبل أن يهم بالحديث كان زياد قد نهض متكئا بجسده على المكتب وهو يشوح بيده قائلا ببديهية 
-: تبدو كطفل في مرحلته الابتدائية يتمرن على دور في مسرحية ما ، لكن للأسف طفل فاشل في التمثيل ، فتمثيلك يا صديقي لا يقنع أحد التقاك بضع مرات فهل ستأتي بغية إقناعي ؟
اهتزت حدقتيه وهو يناظر صديقه الذي و كأنه يتكلم عن إحدى المشكلات السياسية ، بكل بساطة !!
و كأنه لا يتحدث عن وجعه ، عن كم معاناته ليرتدي هذا القناع ويمثل هذا التمثيل الرخيص لعله يقنع نفس لا الناس !!
أسند مرفقيه إلى ركبتيه منكسا رأسه ليسدل الصمت ستاره كما أسدل وجعه ستارهعلى وجهه ، فماذا سيقول ! كيف سيشرح ألمه !! 
شعر بخطوات زياد تقترب منه لتحط يده على كتفه شادا عليه بمساندة حقيقية ودعم ، فلا يعرف الوجع مثله ، فقد عاش به ومعه سنينا حتى آلفه وبات رفيقه الدائم... 
صديقا وفيا ﻷبعد حد !!
هه ! فحتى عندما أبصر الفرحة والسعادة و خيل له أن الدنيا ستبتسم له و  القلب سيعود للخفقان
جاء الوجع .... متمثلا في الماضي يخبره "أنا هنا ، لن أتركك!!" 
نفض رأسه بقوة نافضا أفكاره لينتبه لغيث قائلا بهدوء
-: احك يا صديقي و افض لي بما يقضي مضجعك !! 
فانطلق ما يشبه الأنين من غيث الذي نكس رأسه أكثر بتهدل كتهدل كتفيه قائلا بصوت متهدج
-: لِمَ لم تتركني أتظاهر وتظاهرت بالمثل أنك صدقتني ؟ كنت أحتاج ذلك يا زياد ، احتاج أن أنكر أني أتوجع لعل الوجع ... يقل !!
تغضن جبين زياد وجعا لأجل صديقه فذهب يجلس قبالته قائلا 
-: سيقل بالبوح يا صديقي ، فرغك همك هنا لعلك تستطيع التظاهر خارجا !
آه متوجعة شقت صدر غيث خرجت كتنهيدة محملة بكل قهر الدنيا ، ليبتسم بألم بات يحفظ خطوطه على وجعه و الوجع يتراقص على أحباله الصوتية فيخرج صوته كنغمة ناي حزينة في لحن الفراق 
-: ماذا سأخبرك ؟ كيف سأشرح لك يا زياد الوجع الذي يمزق أحشائي كل دقيقة ، بل كل ثانية ، لا يتركني حتى أضحى جزء مني ، تنهشني رغباتي المتفاوتة بين الوصال والبعاد ، يقتلني الحنين ، ينخر في قلبي كالسم ، اشتاق لساني التغزل بها ، اشتاقت شفتاي الابتسام لابتسامتها التي اشتاقت عيناي رؤيتها حد البكاء كل ليلة كالأطفال ، كيف أخبرك عن كرامتي التي دهستها في كل مرة كنت أرجوها حرفيا القرب والسماح لتقابلني برفضها الذي في كل مرة يأخذ بعض من دقات قلبي ويهرب !
حتى بات قلبي يكاد ينبض ليعيش ، وعندما انتفضت ، ثرت لكرامتي و رفضت الوضع ، أهديتها قلبي ورحلت دونه فبت أتهاوى شيئا فشيئا يا صديقي ، أتظاهر أنني أعيش حتى أعيش !! 
أتظاهر الآن أنني بخير على قيد الحياة ، أنني اتنفس ، اتنفس هواء لا يعبق برائحتها القريبة التي ما إن خطوت إلى الشركة حتى ملأت كياني وبعثرته فبت لا أعرف هل أحيتني أم ضربتني في مقتل تلك المرة فمت من فرط الحياة!!
أغروقت عيناه بالدموع وتهدج صوته أكثر وذكرى صفعتها ، ونظراتها وقتها تجتاحه فتبعث لكيانه برعدة زلزلته لتسيل دمعة محترقة على خده سارع بمسحها قبل أن يراه زياد الجالس أمامه يتوجع لوجع صديقه الغير عالم بذنبه الذي يعاقب عليه من قبل حبيبته بتلك الدرجة من القسوة التي تجعل رجل مثل غيث الهاشمي يكاد ينتحب كالأطفال وهو يتكلم بكل تلك الحرقة !!
لم يعرف ماذا يقول أو بماذا يواسيه فتنحنح قليلا وهو يناظره في جلسته قبل أن يقول بحيادية 
-: يا صديقي ، حبكم كبير و أنا أثق أنه سيتخطى كل شيء ، حتى و إن لم يتخطى صدقني لقد فعلت الصواب ، الوجع طبيعي فالمدمن يعاني أعراض الانسحاب و أنت أدمنتها بشراهة ، حتى باتت تسري في عروقك دما خاصا بك وحدك
رفع غيث نظراته إليه ، كان و كأنه يحتضر ويترجاه أن يخلصه برصاصة رحمه لعله يلقى الراحة في فراق روحه عن جسده ! 
ثم ابتسم !!
ابتسامة انعصر لها قلب زياد لما تحمله بين جنباتها من حرقة ، ألم ، و أنين استغاثة صامت يصرخ في جوف الهاوية!... 
لينهض وبكل هدوء ، مع ازدياد اتساع ابتسامته قائلا بذات نبرته الأولى المتصنعة
-: لا تكترث يا رجل ، هذا أفضل لكلينا !
ثم ألقى ببضعة كلمات عن العمل استوعبها زياد بصوبة وسط طوفان الأفكار الذي يجتاح عقله ليهز رأسه بشرود مراقبا إياه وهو يفتح الباب بحيوية ويخرج !!
مفكرا ... كم هو موجع التظاهر !!
حقا !! كالسم يقضي على الروح شيئا فشيئا !!....
**
ما إن رحل غيث حتى دق هاتفه بتلك النغمة التي يخصصها لها فتنهد بقوة ! 
فهو مذ ذاك الحلم اللعين وهو تقريبًا يتحاشى لقياها ! 
لا يرد على مكالماتها سوى للضرورة ولا يلتقي بها سوى وقت جلسات العلاج التي يكون فيها صامتًا جامدًا كالصنم! 
لا يعرف لِمَ يفعل ذلك ولا بأي شيء سيفيده ! 
لكنه على الأقل يتجنب أي حديث ستفتحه معه عن ذاك الموضوع ... بعد فعلته الغبية يوم اتصل بها فجرًا ليسألها إن كانت بخير فقط !!
انتهى الرنين في خضم أفكاره الشاردة ليتنهد ثانية براحة وخيبة أمل ... لكن ما إن هم بالعودة إلى عمله حتى دق الهاتف مجددًا فلم يجد بدًا أن يرد....
-: مرحبًا ملاك ! 
لتصله نبرتها الجافة 
-: أهلًا 
ابتسامة صغيرة أفرجت عنها شفتيه وقلبه يهدر لتلك الـ "أهلًا" الغاضبة التي تخفي بين جنباتها اشتياقًا يخفي أضعافه في صدره
-: هل هناك شيء ؟ 
سأل مقطبًا عندما طال صمتها لترد بنفسة النبرة الجافة
-: أريد أن أراك ، في المنزل وبعد ساعة من الآن ! 
ثم أغلقت الخط !! في وجهه ! 
لتزفر بحنق منه ذاك الذي يتجاهلها خائفًا من الحوار !!
إنما كيف !! ستجعله يتكلم !! 
ابتسامة دهاء ارتسمت على وجهها ريثما تتجه لتحضر نفسها في تلك الساعة !! 
بينما كان هو يحدق في الهاتف ببعض الدهشة الممزوجة بالرهبة ! 
فنبرتها لا تنذر بالخير وهو اليوم لن يحتمل ! 
إنما ابتسامة عاشقة شقت فمه رغمًا عنه وهو يتأمل صورتها التي تحتل خلفية شاشته بعينان ينضح منهما العشق ! 
بعد ساعة يا مالكة القلب و من له الحق في الرفض!!
**
نفس الوقت..... 
في مكتب آخر.....
-: ما هذا الغباء !!
قالتها زافرة بحنق مطبقة العينين وهي تضع كفها على جبهتها في يأس ! 
لقد أخطأت خطأً غبيًا في العمل دمر كل ما عملته من ساعات منذ الصباح ! 
وسرعان ما تحول حنقها إلى طاقة غضب فراحت تضرب براحتها المفرودة على المكتب بغيظ وهي تهز قدمها بعصبية مفرطة ساحقة ورقة بين يدها الأخرى لعلها تخفف من توترها !! 
هو السبب ! فمنذ أن رأته يدلف إلى الشركة بهيئته التي خلبت لبها من نافذتها وقد اختلج قلبها وتسارعت دقاته ! 
وجعل يرقص بين حنايا صدرها غير مستجيبًا لأمرها المتكرر بالتوقف ! 
بينما أخذت تنظم أنفاسها عبثًا وهي تختلق الأحاديث الوهمية في رأسها ! 
ترتب كلماتها ... فلا هي سترفضه ثانية ولا سترضى الرجوع أيضًا !
لكنها ستوارب الباب تلك المرة ، ستسمح له أن يلج للداخل إنما ببطء ! 
ستجعله معلقًا قليلًا بين رفضها وقبولها ! 
لكنها انتظرت وانتظرت ولم يأت ! 
فاتصلت بموظف الاستقبال بعد حين تسأله عنه بطريقة غير مباشرة مستخدمة زياد ليصلها الخبر أنه رحل ! 
ببساطة هكذا ! رخل دون أن يلقي عليها نظرة واحدة ! 
دون أن يمر لإلقاء السلام على ابنة خاله حتى ! 
لتلك الدرجة كانت حملًا ثقيلًا فوق صدره أخذ أنفاسه وحريته فور التخلص منه ! 
هل شُبِه عليها كل تلك الفترة و كان تمسكه بها واهيًا !
أم هي من أمعنت في جرحه ! 
أولم يفعل المثل ... يشهد مكتبه و جدرانه على ما حصل ! 
شهقة متألمة شقت صدرها وقد قوى ميلها إلى البكاء ففرغت رغبتها أن سمحت لدمعة واحدة أن تنسل على طول وجنتها متدحرجة ببطء ، غير مكلفة نفسها عناء كفكفتها مفكرة ... يبدو أن كل شيء انتهى بالفعل ! 
لم تأخذ كلامه على محمل الجد قبلًا لكن تلك المرة .. يبدو أنه باع ولا يلوي على شيء آخر !!
**
منزل الهاشمي.....
بعد ساعة.... 
يقرع الباب بهدوء لتطل بعد دقيقة من ورائه بمظهر .. خلب لبه !! 
جعله واقفًا على الباب يحدق بها كالأبله ! 
كانت ترتدي فستانًا عاري الكتفين ، أبيض بنقوش وردية رقيقة ، و ... تضع أحمر شفاه أحمر قاني !! 
لم تكن ملاكه البريئة ! بل كانت آية في الإغراء ! 
آية في الجمال أكثر مما يحتمل قلبه العليل بالعشق ! 
دخل ببطء ونظراته مسلطة عليها يتبعها كالمغيب ولو قادته إلى آخر بقاع الأرض ! 
تتزاحم في رأسه أفكار غير بريئة بالمرة فينفض رأسه مرة بعد مرة ليخرجها إلا أن ذاك الصوت يتردد بداخل عقله مذكرًا ... بل معذبًا "إنها زوجتك!!"
جلس في تلك الغرفة المعتادة التي آلفها وبات يحبها "غرفتهما" 
فجلست بعيدًا عنه بملامح مغلقة ليقول مناجيًا بخفوت متحشرج
-: اقتربي يا مالكة القلب فالروح تهفو إلى القرب ، والقلب يهدر بين جنبات الصدر من فرط ما يشعر فارحميه و سكني من جأشه!
ابتسمت داخليًا فقد رمت عليه بالتأثير المطلوب ! 
تحافظ على نظراتها في بقعة بعيدة عن عينيه وتختلس النظر له بين الفينة و الأخرى بينما هو صامتًا ينتظرها أن تتكلم ، ليقول متسائلا بذات الصوت وهو يزدرد ريقه بعد دقائق خيم بها الصمت الخانق لكلاهما 
-: مالكة القلب أمرت بإحضاري فلم أقدر إلا أن ألبي النداء ، خير سيدتي ؟ 
يتخبط قلبها داخل صدرها وقد أسكرته كلماته المعسولة لتأخذ نفسًا عميقًا تزيل تأثيره عليها لتقول بحزم زامة شفتيها بغيظ 
-: أريد أن أفهم يا زياد ! ما الذي تفعله بالضبط ! 
تتصل ذات يوم لتزعق بي في الهاتف لتطمئن أنني بخير وتغلق المكالمة بعدها ، لتفاجئني بتصرفاتك وانعزالك عني و كأنني أخطأت في حقك ! 
تنعزل و كأن كل قصائد الحب و العشق التي تتغنى بها و ترددها على مسامعي دومًا ليس لها وجود من الأساس ، مجرد كلام واهي ! 
لكني الآن أريد أن أفهم ! 
صاحت بتلك الأخيرة بصوت مهزوز ينذر ببكاء وشيك وهي تشيح ببصرها عن ملامحه المتألمة حتى لا يرى دموعها التي التمعت في عينيها ! 
بينما هو كان يناظرها صامتًا ولا يعرف أي الشعورين بداخله ينتصر !..
الفتنة أم الوجع ! 
الحب أم الألم ! 
الرغبة في البوح أم التكتم ! 
وجد نفسه دون إرادة ينهض ويذهب ليجلي بجانبها بينما يحتوي بين كفاه كفيها الصغيرين ويرفعها لفمه لاثمًا باطنهما بقوة و كأنه ... يعتذر ! 
وقد همس بها بالفعل داخل كفيها 
-: آسف يا ملاكي ! أدخلت للجة السواد بيدي ، نقيتني إلا أن السواد لازال يزحف نحوي فأحاربه بك ! 
الحرب قوية علي و الماضي يستخدم كل مهاراته في قتلي ... فأتشبث بك كالغريق بقشة النجاة 
طفلك أنا و أطمع في سعة صدر الأم لديك أن تحتمليني وتقلباتي إلى أن ننتصر ! أتقبلين رجائي مولاتي ؟ 
قال تلك الأخيرة وهو يلثم كفها من جديد فنظرت له وقد استعبرت ليتأوه هاتفًا 
-: يا مالكة القلب والله الدموع تكويني حيًا و أنا لن أحتمل ! 
فنهض بسرعة وهو يكفكف عبراتها بحنان مبتسمًا ليحرك شفاهه بـ "أحبك" صامتة جعلتها تبتسم فمال على أذنها وهمس باحتراق
-:منذ متى تضعين أحمر شفاه بهذا .. الـ...لون !! 
وضعت يدها خلف عنقها وهي تضحك بخجل متسائلة
-: شكله سيء ؟ 
هتف بسرعة هامسًا في أذنها ولم يتحرك بل اقترب أكثر ... و أكثر
-: إياك أن تعيديها مجددًا ، يا سيدتي إنه خلاب لدرجة أنني بت لا أعرف موضع قلبي مذُ رأيته يحتل شفاهك ، هو غير مهم بالنسبة لك صحيح ؟ 
سأل سؤاله ولم يمهلها فرصة للرد أو السؤال فقد اقتنص شفتيها يتذوق أحمر الشفاه على راحته ، برقة و عذوبة يرتشف من رحيق شفتيها الحمراوتين اللتان أثارتا جنونه ولوعته...   
تركها لاهثة الأنفاس ينظر في عمق عينيها بينما يده تتخلل خلات شعرها بعشق وهو يهمس بعبث 
-: ضعيه في كل مرة ! 
ليقبلها قبلة سريعة على وجنتها ويخرج مسرعًا مستغلًا صدمتها قبل أن يلقى التقريع ماسحًا في طريقه أثار أحمر شفاهها عن شفتيه بابتسامة بلهاء مفكرًا 
كيف كان سيعيش إن لم تكن في حياته ! 
وهل كان يعيش قبلها أو في بعدها !!
الإجابة لا ... فهي سبب حياته الوحيد !
**
ليلًا...... 
فتح باب المنزل يحمل مثلجات الشوكولاتة وبعض ألواح الشوكولاتة لقطعة الشوكولاتة خاصته دون طلب منها مما يجعله متحمسًا لرؤية لمعة المفاجأة والفرحة في عينيها ! لقد أنهى عمله مبكرًا اليوم فأحب أن يراقبها وهي تأكلهم ، سيسمح لها بنصفهم قبل العشاء ونصفهم الآخر بعده !
لكن ما إن دلف إلى المنزل حتى توسعت حدقتيه وهو يقف متسمرًا محافظًا على توازنه بصعوبة فقد كانت .... ترقص !!!! 
يتمايل خصرها يمنة ويسرة على الأنغام الشرقية فتتمايل روحه خارج جسده معه ! 
بينما شعرها ... شلال الشوكولاتة خاصتها يشاركها الرقص متمايلًا بتموجاته الجامحة في الاتجاه المعاكس لخصرها ، لينزل بنظره يدقق في جسدها وما ترتديه !
لم تكن ترتدي شيئًا قليل الحياء ، إنما عباءة قصيرة إلى ما فوق الركبة ، ضيقة ، مهلكة .... فقط !!!
أطلق سراح أنفاسه التي كان يحبسها وقد قرر وضع حدًا لتلك المهزلة وذلك البركان الذي انفجر بداخله لتسير حممه بدلًا من الدم في عروقه مثيرة ما لا يريده أن يثار !! 
فنادى بصوت عال ضاعت بحته المتأثرة وسط أنغام الموسيقى 
-: سنابـــــل 
التفت له فزعة واضع يدها على صدرها بجزع تلهث بينما اتجه هو لمشغل الموسيقى يطفئه بعصبية كادت تكسره !! 
-: ما هذا الذي تفعلينه ؟
صاح بقوة يؤنبها بينما هي واقفة ترتجف في المنتصف كتلميذة معاقبة 
أخذت تحاول الكلام عبثًا ليصيح بها 
-:لا تتكلمي ! 
نفذت أمره ومازالت ترتجف من المفاجأة حتى اشفق عليها و بغتة يجد صورتها في أحضانه يهدئها كما يجب قفزت إلى عقله فرمى حقيبة الشوكلاتة الصغيرة على الأريكة وهو يزفر حانقًا بقوة ، مزمجرًا هاتفًا بكلمات غير مفهومة حتى له وهو يهرع لغرفته يحتمي بها تاركًا إياه تنظر في أثره بتعجب لاهثة 
وسرعان ما زال تعجبها وخوفها لتذهب مسرعة إلى الشوكولاتة لتأخذها لغرفتها بفرح تاركة إياه يحترق حتى فهي لم تفعل شيئًا خاطئًا وستخبره بذلك غدًا 
بينما هو كان يذرع غرفته جيئة وذهابًا بتوتر جم وحبات العرق الباردة تتفصد من جبينه ليقف فجأة مستوعبًا قليلًا من ثورته هامسًا لنفسه بإقرار 
-: أنت تسقط كالثور يابن الغمرواي !!..
google-playkhamsatmostaqltradent