Ads by Google X

رواية عشق كاملة من الفصل الأول إلى الأخير للكاتبة عفت بشندي

رواية عشق كاملة بقلم الكاتبة عفت بشندي من الفصل الأول إلى الفصل الأخير عبر مدونة دليل الروايات (deliil.com)
رواية عشق كاملة

رواية عشق الفصل الأول

رن جرس المنزل
فتحت راوية.. رأته امامها.. اتسعت عيونها وتوقف قلبها من المفاجأة.. هل هو حقا؟؟؟..
هو ايضا لا يصدق.. بعدما عاش اعواما يظن انها فارقت الحياة.. ها هى امامه بكل تفاصيلها..
تسمرا امام بعضهما .. وبدأت دموعها تهطل بصمت.. لم تتحرك .. ولكن كانت كل خلجة من خلجاتها تنتفض .. وهو ايضا.. كانا يتفرسان فى بعضهما بمشاعر قوية طاغية ..
حتى نطقت هى بصوت لا يكاد يسمع:
- انت بجد؟؟
- ايوة.. انا احمد... يا .... امى
وكأن مشاعرها انفجرت بعد سماعها هذه الكلمة .. اخذته ف حضنها بعشق سنين الفراق.. وهو ايضا كان يريد ان ينهل من دفء حضنها بشغف.. وسالت الدموع انهارا.. وهى تقبل كل نقطه فى وجهه.. وهو يغسل يديها بدموعه المختلطة بقبلاته..
ظلا فترة يحتضنان بعضهما حتى افاقت وادخلته المنزل
فوجىء بصوره تملأ الجدران.. فى جميع مراحل عمره.. وكأنه مقيم فى هذا المنزل منذ ولادته..
اخذته راوية واجلسته على اريكة وجلست بجانبه تتأمله.. وهو الآخر يريد ان يتشرب ملامحها ..
- احمد .. انت بجد ادامى .. انت بجد عرفتنى .. وبتقولى امى كمان؟؟؟
- اه يا امى.. عشت يتيم السنين دى كلها ومحروم من الكلمة دى .. كتير كنت محتاجك ومحتاج حضنك.. وكنت بقعد اقول كلمة ماما ودموعى تنزل وانا حاسس بحلاوتها على لسانى لكن معنديش اللى اقولهالها
- حبيبى يابنى .. لو تعرف انا تعبت اد ايه واتوجعت اد ايه بكل لحظة بعدتها عنى .. بس خلاص.. مش مهم المهم انك رجعتلى ومش هتفارقنى تانى.. صح يا احمد.. قولى اه واوعدنى
- مفيش حاجة ف الدنيا ممكن تبعدنى عنك ابدا تانى
- حبيبى يبنى .. انا كدة هبتدى اعيش تانى زى الناس.. كنت عايشة بنص روح ونص قلب ونص حياة..
قال بغصة..
- وطبعا النص التانى استاذ رمزى
- لا يا حبيبى.. مش عمك رمزى.. واكيد هنقعد ونتكلم وتفهم كل حاجة.. بس لما حضنى يشبع منك الاول
- امال مين النص التانى ..
- النص التانى يبقى......
ويرن جرس الباب فى هذه اللحظة.. لتقول راوية:
- النص التانى على الباب اهه
وذهبت لفتح الباب وهو يتساءل عمن القادم..
فتح الباب لتدخل قذيفة فى هجوم نارى .. طفلة فى العاشرة شديدة الجمال بضفيرتين باللون الكستنائى .. دخلت بعاصفة ..
- جعانة هموت م الجوع يللا اكلينى
لتتفاجأ باحمد يجلس على الاريكة.. تفتح عيناها الواسعتين على اخرهما ... وتندفع له صارخة:
- ابيه احمد.. اخيرا جيت
لتقول له راوية:
- هى دى النص التانى .. اختك إش إش.. عشق

فوجئ احمد بالصغيرة تتعلق بعنقه فرحة.. وهو لا يعلم ماذا يفعل.. لم يتوقع ابدا وهو ابن الـ٢٤ عاما ان له اخت فى العاشرة ..
اخذتها راوية من يدها وقالت:
- اش اش روحى غيرى هدومك اخوكى لسة جاى وتعبان
- لا هقعد معاه.. دانا مستنياه من زمان
الدهشة تسيطر على احمد من كلام الصغيرة .. ولكن نهرتها امها قائلة:
- الكلام يتسمع .. يللا على اوضتك غيرى ونحضر الاكل لاخوكى
- هو هيقعد معانا ولا هيمشى على طول ؟؟
- لا هيقعد.. يللا باه اسمعى الكلام
- حاضر يا ماما.. ابيه احمد اوعى تمشى انا فرحانة انك جيت
طبعت اش اش قبلة سريعة على وجنة اخيها وذهبت لغرفتها
نظرت راوية لاحمد بحنو وشوق
- تعالى حبيبى ادخلك تريح شوية
- اريح ايه انا حاجز ف فندق
- فندق وبيت امك موجود
- يا ماما دا بيت استاذ رمزى.. ومش عاوز اكون ضيف تقيل
- ضيف؟؟ انت مش فاهم حاجة.. نتغدى ونقعد سوا نقول كل حاجة.. ولو بعدها حبيت تمشي.. يبقى براحتك

لم تهدأ إش إش.. كانت تدور حول احمد كالفراشة.. تتحدث بصوت عال فى كل شئ واى شئ .. وحاولت الام إبعادها بلا جدوى.. واحمد صامت لا يعرف كيف يتعامل مع هذا الكائن الذى لا يهدأ وهو الذى لم يتعامل مع اطفال طوال حياته .. خاصة بهذا الضجيج الذى تصنعه حولها
بدأوا تناول الطعام وصممت إش إش ان تطعمه بنفسها وكان يتناول من يدها على مضض.. فوقع طبق الشوربة عليه.. فقام سريعا وهو يزجرها:
- ايه دا.. عاجبك اللى عملتيه ..
- معلش يا احمد فرحانة بيك ومش قصدها
صمتت إش إش تماما.. وترقرقت الدموع فى عينيها.. وذهبت الى غرفتها دون كلام
- كدة يا احمد.. زعلتها
- انا هدومى باظت وهى ما بتسكتش
- يا حبيبى دا من فرحتها بيك.. كنت بحكيلها كتير عنك
- هى اوفر كدة على طول؟؟
- هههههههههه.. لما تعرفها هتحب حتى الاوفر بتاعها.. تعالى خد جلابية من بتوع رمزى البسها لحد ما انضفلك هدومك
- لا يا ماما خلاص.. لما ارجع الفندق هبقى اغير
- شكلك واخد موقف من رمزى ..
- معلش يا ماما .. اعذرينى.. سيبينى براحتى
- طب دى جلابية جديدة .. غير عبال ما اشوف إش إش واراضيها .. ونقعد نتكلم
- طيب ما نتكلم برة .. عشان نكون براحتنا
- رمزى راجع بكرة .. ما تقلقش

ذهبت راوية وجدت إش إش صامتة وتنظر للا شئ.. أخذتها فى حضنها وقالت:
- حبيبى الصغنن زعلان ليه
- هو ابيه احمد مش بيحبنى
- ليه بتقولى كدة
- مش اتكلم معايا خالص وانا كلمته كتير.. وكمان زعقلى اوى وانا مش كان قصدى
- معلش حبيبتى .. هو بس عشان جاى تعبان .. وعشان لسة ما اخدش عليكى .. وانتى كنتى بتتنططى زيادة بردو
- كنت عاوزة العب معاه .. مش هو اخويا
- اه يا حبيبتى اخوكى.. اصبرى بس وبلاش تنطيط ولا دوشة وهتلاقيه هو بيكلمك ويضحك معاكى ويلاعبك
- طيب بصى.. انا هسكت.. بس قوليله إش إش زعلانة ومش هتكلمك لحد ما تصالحها
- هههههههههههههههه.. فى اخت تزعل من اخوها.. نامى دلوقتى عشان عندنا مذاكرة بليل .. وانا رايحة لاخوكى
- طيب بوسيهولى بوسات كتير بس مش تقوليله انها منى عشان انا مقموصة منه
- ههههههههههههههههههههه... حاضر

دخلت راوية الغرفة تحمل صينية عليها كوبان من القهوة.. كان احمد يصلى العصر.. ظلت تتامله بجلباب ابيض ناصع زاده وسامة.. فاحمد يحمل لون بشرة والدته الابيض مع شعر اسود مموج وعينان واسعتان تبعثان الطمأنينة .. مع جسم طويل رياضى .. جعلها تشعر بالفخر ان هذا الشاب الرائع هو ابنها.. لكنها تنهدت بأسى عندما تذكرت انها لم تعش معه معظم سنوات عمره.. لم تعش معه جزءا من سنوات طفولته وجميع سنوات مراهقته وشبابه..
لكنها نفضت عن نفسها تلك الذكريات .. يكفيها انه عاد اليها ولن يفارق حضنها الدافئ مرة اخرى
انهى صلاته وجدها تتأمله بابتسامة حانية وعيون دامعة.. اخذ يديها وقبلهما.. وقال:
- ممكن ماشوفش ف عنيكى اى دموع
- غصب عنى .. فرحانة بيك يا نور عينى .. بس زعلانة انى ما عشتش معاك السنين اللى فاتت.. كان نفسي افرح بايامك يوم يوم
- المهم اللى جاى يا امى .. واللى جاى مش عاوز ابدا يكون فيه دموع
- حاضر.. اعذرنى .. بس قولى الاول عرفت ازاى انى عايشة .. وكمان عرفت انى هنا ومش ف مصر
تنهد بحزن .. وقال:
- للاسف عرفت متأخر اوى .. وللاسف كمان مش هعرف اجيب حقى وحقك
- حقى اخدته بدخلتك عليا .. بس فهمنى
- جدى مجدى.. تعب اوى .. وتقريبا بيموت.. طلبنى وقالى...

فلااااااااااش
الحد مرتمى على فراشه .. يوحى لمن يشاهده انه بالفعل لفظ انفاسه الاخيرة .. جاء احمد وجلس بجواره..
- نعم يا جدى .. فرحانة قالتلى انك عاوزنى
- اااه يا احمد.. عاوزك .. عاوز اشيل حمل تقيل من على قلبى قبل ما افارق الدنيا دى..
- بعد الشر عليك يا جدى ربنا يديك العمر
- يا احمد يبنى مهما ادانى بردو هفارق.. المهم انى عاوزك توعدنى وعد قبل ما اقولك اللى هحكيهولك
- اوعدك بايه
- انك ما تبعدش عنى زى ابوك.. من يوم ما صارحته وهو تقريبا مقاطعنى.. بيجيلى لمجرد صلة الرحم او صعبان عليه مش اكتر.. لكن محمد ابنى حبيبى بعد عنى وكرهنى
- بابا روحه فيك يا جدى.. هو اه اليومين دول مش طبيعى .. بس اكيد ظروف شغل
- لا يبنى .. عمر الشغل ما بعد ابوك عنى .. مفيش غير حاجة واحدة بعدته زمان .. وبعدته دلوقتى
- وايه هى
- اوعدنى الاول انك ما تعاملنيش زى ابوك
- اوعدك يا جدى
- واوعدنى تسامح الكل .. عاهدنى يا احمد
- ولو انى مش فاهم حاجة بس اوعدك واعاهدك يا جدى
- اللى بعد ابوك عنى زمان ودلوقتى هو... امك
- امى؟؟؟ الله يرحمها.. بعدتكم ازاى
- امك ما ماتتش يا احمد.. امك عايشة
- نعععععم.. امى انا عايشة
- ايوة .. عايشة .. وانا اللى بعدتها عنك وعن محمد ابنى .. كنت فاكر دا الصح .. واتعذبت وانا شايل ذنبها وذنبك.. وذنب محمد اللى عايش من يومها بيعانى وكله بسببى
- جدى.. براحة عليا .. انا مش فاهم حاجة.. اللى اعرفه ان امى ماتت وانا عندى خمس سنين
- لا يبنى .. انا اللى بعدتها عنك وهددتها كمان.. وكنت سبب موت ابوها وطلاقها من ابوك وطردها من بيتها
- يعنى امى عايشة؟؟ طب هى فين .. وماجاتش وحاولت تشوفنى ليه
- لانى قلتلها لو قربتلك هسفرك ومش هتعرفلك طريق.. وانى هلفقلها قضية اداب لو قربت منك وكدة هتعيش بعارها
- قضية اداب.. هى وصلت لكدة
- احمد انت عاهدتنى
- طب هى فين.. اوصلها ازاى
- عنوانها معايا.. هى وجوزها
-هى متجوزة كمان
- اه متجوزة رمزى اقرب اصحاب ابوك زمان
- اقرب صاحب لبابا؟؟!!!
- قلتلك روحلها وهتحكيلك.. وعاوزك توصلها امانة
- امانة ايه
- عقد القصر دا.. كتبته باسمها.. تعويض عن طردها منه زمان.. يمكن اكون كدة كفرت عن جزء من ذنبى
- انا مش فاهم حاجة.. عملت كدة ليه .. ومين اللى ساعدوك واللى خلتنى اعاهدك انى اسامحهم
- روحلها وهى هتحكيلك.. وقولها تسامحنى.. انا عارف انى ظلمتها كتير بس هى قلبها هيسامح.. هى قلبها كبير وطيب.. وخصوصا كمان لما تدخل عليها وانت شاب طول بعرض كدة
- طيب بابا ايه وضعه
- ابوك ضحية زيك وزيها.. ولما صارحته كرهنى عشان كدة.. روحلها وانت هتفهم كل حاجة

باااااااك
بكت راوية دموعا ساخنة وهى تسمع كلام الجد.. ولكن احمد مسح دموعها بانامله.. وقال:
- احنا قلنا بلاش دموع.. ونفسي اقولك انسي.. بس انا محتاج افهم .. انا حاسس انى تايه ومش فاهم حاجة
- هفهمك يا احمد.. انا اصلا عاوزة اشيل الحمل دا من على قلبى

الفصل الثاني

وبدأت تحكى:
- من سنين طويلة اشتغل ابويا ف مصنع جدك واخوه.. وكان شاطر اوى ف شغله وعشان كدة جدك حبه.. ولما جم يفتتحوا الشركة وطلب انى اشتغل وانا لسة داخلة الكلية جدك وافق على طول.. واشتغلت فترة واثبت كفاءة.. جدك خلانى مسكت ادارة مكتبه.. وكان بيحبنى ويعزنى جدا.. باباك كان وقتها مسافر .. رجع وشافنى.. عارف الافلام العربى؟؟ كنا اكتر من كدة.. من اول لحظة.. ما كنتش اعرف انه متجوز.. حبيته حب رهيب بس بدون ما اصرح.. انا فين وهو فين .. وكانت عينيه بتقول كلام كتير اوى وفيها حب الدنيا كله.. وبردو ما صرحليش
لحد ما جه يوم ولقيته داخل المكتب عليا وقالى..

فلااااااش
- تتجوزينى
- نعم.. بتقول ايه حضرتك
- بقولك تتجوزينى .. واضحة اهه
ارتعشت راوية وتورد وجهها بحمرة الخجل حتى كأن خديها ثمرتى طماطم ناضجة.. ونظرت للارض بخجل ولم تتكلم
- راوية انا من اول لحظة شفتك حبيتك.. وحاسس انى اعرفك من سنين وكنت مستنيكى
- من اول لحظة؟؟ طب...
- ماقدرتش اكلمك وقتها لظروف.. لكن الظروف دلوقتى راحت.. لو موافقة نروح دلوقتى نقعد ف اى جنينة واحكيلك.. ولو مش موافقة هفضل وراكى لحد ما توافقى.. انا حاسس ان روحى معاكى ولازم ترجعلى
لم تستطع راوية الرد.. وجاء الوالد فى هذه اللحظة ليمنع استرسالهما فى الحديث.. حيث كان غاضبا وامر محمد بعنف ان يدخل معه مكتبه الخاص
سمعت راوية صياحا وجلبة كبيرة.. لكنها لم تستطع التركيز بسبب اختلاج ضربات قلبها.. فها هو حبيبها يطلب منها الزواج ويعبر عن حب كبير لها لم تحلم به يوما
خرج محمد مع والده والغضب يتجلى على وجهيهما .. ولم يوجه محمد لها اى كلمة او نظرة
اكملت هى يوم عملها وخرجت وهى لا تزال فى حالة النشوة والسعادة.. والتساؤل والخوف ايضا..
لتجد محمد ينتظرها فى طريق بيتها..
تفاجأت به ورقصت ضربات قلبها لرؤياه..
- ماكملناش كلامنا يا راوية
- كلام ايه ...
كانت تنظر للارض بحياء وتورد خداها مجددا
- راوية تعالى نقعد ف جروبى نتكلم شوية.. محتاجك ضرورى
- بسسسس..
- ما تقلقيش .. هنخرج من هناك عليكم ف البيت لو وافقتى
ذهبت معه راوية وقلبها ينبض بحب.. وعقلها منشغل بما يريد توضيحه لها واصراره عليه
جلسا معا .. لم ترفع ناظريها عن الارض ثانية واحدة.. وكان محمد يتأملها بحب.. حتى اتى النادل وطلب لهما عصير البرتقال
- عرفت منين انى بحب عصير البرتقان
- انا اعرف كل حاجة عنك
- اكيد سألت الساعى
- لا.. انا مراقبك ف كل خطواتك من اول يوم شفتك
- مراقبنى؟؟
- اه مراقبك.. كنت عاوز اعرف مين دى اللى جننتنى من اول نظرة
تخضب وجهها وانزلت ناظريها مرة اخرى.. انى النادل ووضع العصير .. ليكمل محمد:
- راوية.. انا عاوز احكيلك مشكلة هى السبب ف تأخير مصارحتى ليكى
- مشكلة ايه
- انا متجوز

ترقرقت الدموع فى عينيها ونظرت له بألم:
- متجوز.. ازاى .. و...
- استنى بس..
- استنى ايه.. انا استحالة اقبل اكون زوجة تانية او انى امشى مع واحد بدون جواز
- ومين طلب منك كدة
- امال...
- استنى وافهمى .. انا متجوز بنت عمى.. من وانا عندى ١٨ سنة.. جواز قهرى عشان المصالح المشتركة بين بابا وعمى.. تقريبا ما قعدناش شهر على بعضه سوا.. احنا اتنين عكس بعض خالص .. بس كل همهم عاوزين حفيد منى .. لان امى خلفت ٥ مرات وكلهم ماتوا .. وما فضلش غيرى .. وعمى مخلف ماجدة ونادية وجاب بنتين توءم تانى واتوفوا.. عشان كدة انا الامل بالنسبالهم انى اخلف طفل يشيل اسمهم،
بس الحمل اتاخر.. مكدبش عليكى انا مش مضايق لانى مش عاوز حاجة تربطنى بماجدة.. لكن بابا وعمى مصممين.. ودونا لدكاترة مصر كلهم.. انا معنديش مشكلة .. والمشكلة عندها هى.. ومش لاقيين علاج.. ودا اللى خلانى استمر.. صعبت عليا .. تبقى بنت عمى وصعب تخلف ومطلقة كمان..
حاولت راوية مقاطعته .. ولكنه منعها قائلا:
- سيبينى اكملك .. منها تفهمى ومنها فضفضة .. لانى ما بتكلمش مع حد ف حكايتى دى عشان اولا واخيرا هى بنت عمى .. عدا بس رمزى صاحبى ودا اكتر من اخويا
واسترسل:
- ماجدة طبعها صعب اوى.. عصبية وعندية وعنجهية .. مش عارف اعيش ولا اتأقلم معاها.. والظاهر سكوتى وكونها صعبانة عليها خلاها تفتكر انى ضعيف ادامها
اول امبارح مسكت بنت عندنا ضربتها بالكرباج.. ولما جيت امنعها زعقت وتطاولت عليا ادام الخدامين.. ولما جيت ازعق رفعت ايدها عليا
- نعم؟؟؟
- انا السبب .. عشان كنت بعدى .. بس كدة كفاية.. ما حستش بنفسى غير وانا بضربها بالقلم واطلقها
- طلقتها؟؟ طب وباباك.. وعمك
- عمى عارف طبعها .. بس ابوها مهما كان .. وبابا عارف معاناتى معاها.. لكن بيقول لحمنا ودمنا .. واتخانق معايا انى طلقتها بدون ما ارجعله بس
- طب وانت ناوى على ايه
- اتجوزك
- انت بتقول ايه
- بقولك اللى هيحصل.. انا فقت انى من حقى اعيش واكون مبسوط لما شفتك.. نظرتى ليكى من بعيد سعادة .. مابالك لو اتجوزتك كمان
- دا صعب.. مستحيل .. باباك صعب يقبل بينا نسب ليه.. وكمان بعد ما عرفت حكاية جوازك دى الموضوع مستحيل تماما
امسك يدها لترتعش كل ذرة فى كيانها.. وقال:
- راوية.. قولى انك معايا وجنبى وبس.. وسيبى الباقى عليا
- بس مش....
- راوية.. ثقى فيا .. سؤال واحد عاوز اجابته.. انتى عاوزانى زى مانا عاوزك؟؟
اجابته عيناها والتهاب وجنتيها دون حديث

الفصل الثالث

باااااك

تنهدت راوية واسترسلت وكأنها تحاكى نفسها:
- جه معايا وقابل بابا الله يرحمه.. وقاله بنتك هتكون من نصيبى.. وقبل ما بابا يعترض قاله ادينى شهر بالظبط وبعدين تقولى رأيك موافق او لا.. وسابنا ومشى.. ابويا طبعا منعنى من انى اروح الشغل.. وكنت هتجنن واشوفه .. وعدت ايام وافتكرت انه نسينى .. خصوصا لما عرفت انه زعل مع ابوه زعلة جامدة اوى وساب المصنع والشركة.. وايامها انا دبلت وخسيت النص وكل الناس كانوا فاكرينى عيانة.. وابويا اللى كان روحه فيا كان بيبصلى وعنيه بتقولى انا عارف سبب تعبك بس مش ف ايدى اداويكى
وابتسمت مكملة:
- بعد شهر باليوم كان عندنا.. جاب لبابا شغل احسن بمرتب اكبر ف مكان بعيد عن والده.. وكمان ورقة طلاق ماجدة قبل كلامه معايا بيوم.. وعقد شقة ف مكان قريب من بيتنا .. وقاله....

فلاااااااش
- بص يا عم صلاح.. انا جايلك بطولى.. لا اب ولا خال ولا عم ولا اخ.. بس شاريك وشارى بنتك .. انا جبتلك الشغل دا عشان ما تبقاش تحت رحمة ابويا ولا تقول انك شغال عنده.. وانا كمان سبت الشغل والفلوس والعربيات وكله.. ودا ما يساويش ضافر راوية عندى .. وجبت شقة نبتدى فيها .. اه كان نفسي تكون كبيرة وف مكان احسن بس اعذرنى ظروفى جت كدة .. هفرشها اللى اقدر عليه.. ونكمل الباقى سوا.. واوعدك قبل اى حاجة ان راوية هتكون ف عنيا
- يبنى بس انت كدة بتبيع اهلك و...
- لا يا عم صلاح.. ابويا وعمى على راسى من فوق.. بس حياتى ضيعت جزء منها عشان ارضيهم وكنت ساكت.. لكن راوية تضيع منى لا
- انا مش عارف اقولك ايه.. الناس دى بردو لحم كتافى من خيرهم.. وهيقولوا بنتى اشتغلت عشان تاخدك من مراتك وانى خنت العيش والملح
- يا عم صلاح انا عمرى ما كنت مع مراتى ابدا.. ولا هينفع اكمل معاها تانى حتى لو رفضتنى.. انا كنت رافضها ومش قادر اعيش معاها من قبل ما اعرف راوية .. ودلوقتى بعد ما بنتك دخلت قلبى ما ينفعش حد يدخله بعدها.. وانا عفيتك من الحرج بانى جبتلك شغل تانى .. انا وراوية عاوزين بعض.. ومعتقدش انك هتكون مبسوط وانت شايف بنتك تعيسة لمجرد ترضى ناس كنت بتشتغل معاهم وبتاخد تمن تعبك.. ومحدش فيهم خيره عليك.. ارجوك فكر بقلبك يا عم صلاح
احتار الاب ولم يستطع اخذ القرار.. فاستأذن محمد ودخل لراوية غرفتها.. ليجد مراسم الفرحة على وجهها وكأنها انسانة اخرى غير تلك الذابلة الحزينة الباكية
- راوية.. انتى عاوزاه يا بنتى
- اللى تشوفه يا بابا
- لا انا عاوز رد .. وعاوز اعرف انتى مقدرة اللى بيحصل دا
- يا بابا محمد راجل.. وموقف انهاردة كبره اوى ف عنيا.. لو حضرتك هترفض مقدرش اكسر كلامك.. بس مش هقدر افكر ف راجل تانى بعده ولا يمكن حد غيره يملا عينى
سكت الاب والحيرة تنهشه.. ونظر الى ابنته وجدها كالغارقة تنتظر كلمة منه تنقذها .. فقال:
- وانا اعمل اى حاجة ولا انى اوجع قلبك.. مبروك يا بنتى
وانطلقت ام راوية بالزغاريد ليعرف محمد جواب طلبه وقلبه يرقص فرحا.. ويدخل له عم صلاح فيرتمى فى حضنه ويقول:
- مش هتندم ابدا يا عمى .. انا معاك وف ضهرك وهبقى ابنك التالت
- اهم حاجة يا محمد بيه يبنى تعاهدنى تخلى راوية ف عنيك.. ومفيش سوء يمسها ابدا
- عهد عليا ادام ربنا ان راوية تكون ف قلبى وروحى وعينى ولا اى حد يهوب ناحيتها.. بس ليا طلب يا عمى..
- طلب ايه تانى
- نكتب الكتاب انهاردة
- نكتب الكتاب؟؟ بالسرعة دى؟؟ ازاى بس...
- الجواز حضرتك حدد معاده زى ما يعجبك.. بس عشان اكون مطمن عاوز ابات انهاردة وراوية على ذمتى
نظر صلاح وجد ابنته خلف الستار تنتظر موافقته والفرحة تتراقص فى ملامحها.. فقال:
- خلاص يا محمد يبنى .. انا موافق.. انزل هات المأذون

باااااك
ظهرت ابتسامة رائعة على وجه راوية وهى تسرد قصتها.. ولم تعد واعية لوجود احمد .. المنصت بكل حواسه لها.. واكملت:
- كتبنا الكتاب.. وعشت حلم جميل اوى .. رغم منغصات ابو محمد .. ومحاولته عمل مشاكل.. لكن محمد كان اقوى من اى مواقف.. وقدر يتغلب عليها كلها.. كان محسسنى انى ملكة متوجة .. ونزلت اختارت عفشى.. وفرشت الشقة.. وعملنا فرح على الاد.. واخيرا بقينا ف بيتنا
اى حاجة بتحصل ف الافلام او ف الاحلام محمد عملها ليا .. كان بيحبنى حب فوق الوصف وانا بعشق التراب اللى بيمشى عليه.. مرينا بظروف وحشة بسبب والده.. اللى كان بيقفله ف كل شغلة يشتغلها.. بس كان يرجع يترمى ف حضنى ينسي كل حاجة وترجع ابتسامته تنور الدنيا كلها
وانا كمان .. ممكن كنت ابقى جعانة ومفيش لقمة ف البيت .. بس اول ما يرجع وابص ف وشه احس انى شبعت من كل حاجة حلوة ف الدنيا بوجوده
تنهدت واكملت:
- كانوا احلى شهرين ف حياتى بجد.. ما تتخيلش عشناهم ازاى.. كان الناس بيضربوا بينا المثل ف عشقنا لبعض.. لحد ما ف يوم تعبت .. وعرفنا انى حامل
وكأنها افاقت لوجود احمد فنظرت له وتلمست وجهه واكملت:
- كانت فرحة ابوك يومها فوق الوصف .. اتجنن واتنطط وقلب الدنيا .. واستلف فلوس عشان يوزع شربات على اهل الشارع كلهم.. واخدت الحمل تعب وكنت هموت.. بس ابوك كان فاضل يشيلنى على دماغه.. وجيت يا احمد.. نورت الدنيا كلها يا حبيبى .. كنا حاسين ان السعادة اتخلقت لينا بسببك.. فى ايه احلى من اتنين بيحبوا بعض ويرزقهم ربنا بابن جميل زيك كدة
وادارت وجهها ومرت سحابة حزن على صفحته.. واكملت:
- جدك مجدى عرف.. بعت لمحمد ناس كتير اوى.. بس محمد خاف يروحله او يعرفه مكانه عشانك.. لحد ما راحله شغله وصمم يشوفك.. باباك ماقدرش يقوله لا.. جابه وجه
شردت واكملت:
- وكأن جدك اتحول لانسان تانى.. اتحول لجد..ملامحه نفسها اتغيرت لما شافك.. خدك ف حضنة ولاول مرة مجدى الغمرى بكل سلطانه.. دموعه تنزل.. وقعد يترجانى انا ومحمد نروح القصر ونعيش معاه.. ووافقنا لنا شوفنا حالته واد ايه فرحان بيك.. وانا وافقت لسبب كمان.. ان ابوك كان تعب من التنطيط من شغل لشغل وهو اللى اتعود يكون كبير وصاحب شغل.. قلتله هجرب
واستطردت:
- جدك كان طاير بيك السما.. لدرجة انا وابوك همشنا خالص وكنا بنشوفك بالعافية.. وساب الشغل لابوك وفضى نفسه ليك.. انا اصلا ما كانش متقبلنى واضطر عشانك انت.. بس الايام وسفر جدك حمدى وماجدة ونادية بناته وتصفيته الشغل معاه عشان يعاقبه على موافقته اننا نروح نعيش معاه.. وانشغال باباك بالشغل عشان الشركة ما تقعش بسبب انسحابهم.. دا كله قرب بينى وبينه.. كان متعالى وعصبى بس خلاص اتقبلنى.. صحيح دا خد سنين بس مش مهم.. وانا كنت بخدمه بعنيا .. ومرة تعب اوى واتفاجئ انى بعيط عشانه.. اتصدم وبصلى بصة مش ممكن انساها.. وقالى طلعتى احسن منى يا بنت صلاح
واغمق وجهها وهى تكمل:
- لحد ما حمدى فلس ونزل مصر ببناته.. وجه مكسور لجدك.. جدك كان زعلان بس ابوك صمم يكرمهم وجابلهم شقة كبيرة وفرشها وجابلهم خدامة وصرف عليهم من كله.. ماجدة اتفاجئت من غنى جدك وباباك .. اصل محمد شاطر اوى وعرف ازاى يخلى الشركة بتاعتهم اكبر شركة ف مصر.. والمصنع باه مصانع.. وطبعا حست انها خسرت وبدأت تلعب على تقيل
ابتلعت ريقها بمرارة .. واستطردت:
- طلبت تشتغل ف الشركة.. على اساس ما يعيشوش عالة.. باباك رفض لكن هى صممت.. وعشان هو راجل ماقبلش تشتغل مع حد وخلاها سكرتيرته .. وبقت تعرف مواعيده وكل اخباره
قاطعها احمد:
- غريبة.. وانتى قبلتى رغم انها كانت مراته
ابتسمت راوية بحنو وقالت:
- لو كنت تعرف اللى كنت عايشاه انا وابوك ما كنتش سالت السؤال دا.. احنا كنا بنتنفس بعض.. كأننا واحد.. نفهم بعض من نظراتنا.. لو تعب ف شغله احس بيه وانا ف البيت.. ولو حلمت بحاجة الاقيه حققها قبل ما حلمى يوصل للسانى .. وكمان ابوك راجل اوى ومحترم ما ينفعش حد ما يثقش فيه..
واكملت بسخرية:
- دا غير ان ماجدة قربت منى وقتها وبقت صاحبتى
- صاحبتك؟؟ ازاى؟؟
- قربت منى وعاشت دور المقهورة .. وصعبت عليا .. وبقت تكلمتى وتجيلى كتير .. وتلاعبك وتجيبلك هدايا عشان تعلقك بيها.. واتارى دا كله خطة
- خطة ازاى؟؟
- عرفت كل تفاصيل حياتى .. وعرفت ان باباك رجع والدى الشغل.. واخواتى كمان شغلهم معاه
- اخواتك؟؟
- اه يا احمد.. انا عندى اخين رجالة كانوا مسافرين لما اتجوزت.. وباباك خلاهم يشتغلوا معاه بدل الغربة ..
- كملى
- حاولت ماجدة كتير تقرب لحسن اخويا الكبير .. بس هو ملتزم اوى ومحترم.. قربت من حسين.. وبدأت مشاعره تتحرك ناحيتها.. ف نفس الوقت اللى جدك حمدى بيعيط ويندب حظه انه اتنصب عليه واتسرقت شركته.. باباك عمل اتصالاته وعرف مين اللى عمل كدة .. كانت الخطة بدأت تكمل..
انتبه احمد بكل حواسه.. لتكمل راوية:
- كانت ماجدة زى الشيطان بتوسوس لجدك انها المفروض تكون امك .. وانى خطفت باباك منها.. وف نفس الوقت خلت حمدى يعمل نفسه تعبان ويعمل توكيل لباباك يسافر هو عشان يخلص شركتهم من اللى سرقوها.. عشان يخلالها الجو..
وسافر باباك .. واتغيرت ماجدة معايا وبقت تعاملنى كأنى خدامة عندها.. وف نفس الوقت تفتعل مشاكل وتقوم جدك عليا
وتدمع عيناها وهى تكمل:
- كان حسين وقتها تحت ايده عهده.. طبت عليه ف مكان الشغل على اساس وحشها ويتكلموا.. وشربوا شاى سوا .. بعدها حسين ماحسش بالدنيا وفاق والفلوس العهدة دى مش موجودة.. جدك اتجنن وطبعا ماصدقش انها اتسرقت.. واتقبض على حسين اخويا .. وماكانش فى اى اثبات على كلامه .. مفيش حتى كوبايات يتاخد منها البصمات او تتحلل.. بابا عرف كدة طب ساكت.. جرينا على المستشفى كانت جلطة وشلل.. وجدك طلع عليا وعليه قهرته من جوازى من باباك غصب عنه خصوصا مع وسوسة ماجدة انى كنت بلعب عليه وخطفته.. وبسببه ابويا اتبهدل.. ينطرد من مستشفى لمستشفى وهو اصلا بيموت...
ونزلت الدموع انهارا..
- كنت رجعت الشقة بتاعتى انا وابوك القديمة.. ومش عارفة اوصله .. وف يوم طلبنى جدك عشان نحل الموضوع.. روحت وكانت ماجدة هناك.. ساومونى انهم يطلعوا اخويا ويعالجوا ابويا مقابل انى اطلق من ابوك.. كنت منهارة ولوحدى .. وافقت وقلت لما يرجع افهمه.. وكتبتله ورقة انى كرهته ومش عاوزة اعيش معاه.. وسابونى اخرج على وعد انهم يخلصوهم.. روحت كان رمزى بيدور عليا ف شقتى القديمة لما باباك اداله عنوانها من قلقه عليا .. حكيتله كل حاجة وانفعل جدا عشانى.. كان بيحب ابوك وبيحبك اوى .. وجه معايا دخل ابويا مستشفى بتاعت واحد صاحبه .. وقالى هيجيب محامى لحسين وبدأ يراعينى انا وانت.. بس للاسف...
- ايه اللى حصل
- ابوك من قلقه عليا نزل.. كان هيموت ويعرف فيا ايه وانا اللى كنت بستنى مواعيد تليفونه بالثانية .. اتارى ماجدة كانت زودت ف الجواب انى عاوزة اتطلق ومش عاوزاه عشان ف حياتى واحد تانى
- ايه
- ابوك شاف الجواب اتجنن وماصدقش.. كانوا طبعا مراقبنى وعارفين خطواتى .. وسوستله ماجدة ان بينى وبين رمزى علاقة .. وبردو ما صدقش.. راحت معاه بيتى وسألتك وانت كنت صغير.. هو انكل رمزى بييجى كتير.. قلت اه وبيجيبلى حاجات وبيخرج مع ماما.. وبعدها قالتله هثبتلك ان فى حاجة بينهم.. وكلمتنى قالتلى تعالى خدى اثبات براءة اخوكى .. قلتلها جاية .. قالتلى لا البيت دا مش هتدخليه تانى .. قابلينى ف جنينة الاورمان عشان قريبة منى
تنهدت بحسرة واكملت:
- هى كانت واثقة ان رمزى هييجى معايا.. وهو فعلا صمم لانه عارف الاعيبها.. جه وقعدنا نستناها لقينا ابوك اللى داخل علينا
ارتسمت الصدمة والالم على ملامح احمد.. واكملت راوية:
- ضرب رمزى.. وشتمنى وضربنى .. ورمى عليا يمين الطلاق بدون ما يسمع منى حرف.. ومشى .. ولقيتها جاية وجايبالى ظرف وبتضحك وتقولى: تنازل عمى عن القضية اهه كدة اخوكى يطلع .. وانتى تطلعى من حياتنا
كانت دموعها تنزل كالشلال:
- كنت مش عارفة مين يصعب عليا.. اهانتى وظلمى واهانة اهلى وشك ابوك فيا.. ولا ابوك اللى شفت على وشه الم الدنيا كلها.. رجعت البيت لقيت باباك خدك.. جريت على القصر عاوزة افهمه واشوفك.. رفض وضربنى .. والله القلم ما وجعنى اد ما وجعنى المه هو.. قلتله طب ابنى .. قالى ابنى امه ماتت..
شهقت من البكاء .. اخذها احمد فى حضنه وقال:
- خلاص كفاية كدة مش عاوز اعرف حاجة
- لا.. انا مستنياك سنين احكيلك وافهمك واخرج كل المى ووجعى واحساسى بالظلم
حاول تهدئتها كثيرا .. ولكنها اصرت ان تكمل:
- روحت لبابا المستشفى .. كانت ماجدة راحتله رمتله فلوس وقالتله عشان ما تتعداش حدودك وتعرف مقامك.. دا تمن الايام اللى قضاها محمد مع بنتك وتمن احمد.. والمرة الجاية ولادك الاتنين هيكونوا التمن لو راوية قربت تانى لمحمد.. طبعا بابا ماستحملش .. دخل ف ساعتها العناية المركزة .. وتانى يوم مات
اخذت تبكى بحرقة عند هذه اللحظة.. ولكنها اكملت:
- كان حسن خرج حسين.. بس طبعا من حق مجدى يحرك الدعوى الجنائية ضده.. وحسن مالوش شغل.. وبابا اتوفى .. وانت رافضين انى اقرب منك.. وانا هموت عليك.. رمزى وقف جنبنا وفضل يحاول يقابل محمد.. جدك عمله مشكلة كبيرة وكان هيخسر كل فلوسه
هدأت قليلا واكملت:
- جه لحسن وحسين شغل هنا ف دبى.. قالولى تيجى معانا.. كان صعب اسيبك .. روحت القصر وزقيت الحراس عشان اشوفك.. واترميت على رجل جدك.. بوستها وغرقتها بدموعى عشان اشوفك.. فهمنى انى صعبت عليه.. وقالى ان محمد خدك وسافر الامارات.. قلت كويس اروح مع اخواتى واقابل محمد وافهمه بعيد عنهم واشوفك واخدك منهم.. ف نفس الوقت ظهر واحد طلب يشارك رمزى ف شركة كبيرة ف ابو ظبى.. وسافرنا كل واحد لهدف.. حسن وحسين لشغلهم.. وانا عشانك انت ومحمد.. ورمزى عشان الشركة الجديدة
ضحكت بسخرية..
- اتارى دا كله تخطيط من جدك ومن ماجدة.. عشان يبان ادام محمد اننا سافرنا سوا.. ولا كان محمد جه دبى ولا حاجة.. ولا فى شغل لحسن وحسين.. ولا فى شركة لرمزى.. وبعتلنا انه حرك الدعوى ضد حسين وصعب ينزل مصر وللا هيتقبض عليه.. ورمزى كان خسر كل حاجة.. واضطرينا نعيش هنا
تكمل بمرارة:
- عرفت بعدها ان ماجدة رجعت لمحمد.. وهو سافر يعمل شركة برة وخدك معاه.. وعرفت انها خلفت.. بعت لجدك قلتله باه عندك حفيد من دمكم .. ادينى ابنى .. عارف رد قال ايه
- ايه
- قالى انا عندى حفيدين دلوقتى .. لو قربتى ناحية احمد هكتفى بواحد.. وهحرق قلبك على ابنك واخوكى كمان.. وممكن اخلي احمد يعيش بعارك بحتة قضية اداب صغيرة
نزلت دموع احمد ساخنة..
- يااااااااه.. ايه الجبروت دا
- مش مهم يا احمد.. المهم انك جيتلى .. واصلا انت ما فارقتنيش لحظة .. كنت دايما بعرف اوصلك واجيب صورك واخبارك.. كنت عايش ف قلبى وروحى وعينى يا حبيبى
مسح دموعه بانامله.. وقال:
- امال اتجوزتى استاذ رمزى ازاى
- اخوالك اشتغلوا هنا والحمد لله.. لكن بعد فترة ربنا كرمهم بشغل فى الصحرا بمرتب كبير ومستقبل حلو اوى وكان مستحيل اروح معاهم.. طلبنى رمزى منهم حل للوضع.. مش اكتر
كانت عيون احمد زائغة تائهة .. بعد كم المفاجآت التى سردتها امه له.. دموعه تهطل بغزارة دون توقف.. اخذته راوية فى حضنها وقالت:
- انسى يا احمد وسامحهم زى ما عاهدت جدك.. انا نسيت كل وجع السنين دى بمجرد دخولك عليا انهاردة .. انا مسامحاهم ومسامحة الدنيا كلها
كلامها وطيبتها جعلته يشهق بالبكاء ويدفن دموعه فى حضنها اكثر.. واعتدل ونظر لها وامسك يديها يغرقهما دموعا وتقبيلا.. وهو يقول:
- حبيبتى يا امى .. كل دا اتحملتيه.. انا مش متخيل ازاى .. ولسة جواكى النقاء والطيبة دول
وسط بكائه فتح باب الغرفة.. ليجدا إش إش تقف تنظر لهما بدهشة وتقول:
- ماما.. انتى ضربتى ابيه احمد عشان زعقلى.. خلاص انا مسامحاه
لينظرا لبعضهما ويبتسمان سويا

الفصل الرابع

فى صبيحة اليوم التالى استيقظ احمد وتوضأ وصلى فرضه.. وخرج ليجد والدته تنهى صلاتها وتكملها بالدعاء.. وتذكر انها من علمته الصلاة قبل ان يتعلم الكلام.. وعودته ان يطلب ما يحتاج من الله بالدعاء منذ اكمل عامه الثانى.. لذا صارت الصلاة كالهواء بالنسبة له لا يستطيع البعد عنها.. كما تعود فى ايام يتمه الزائفة ان يرتمى على سجادة الصلاة بالساعات يلهج بالدعاء كلما احس بوحدته وشوقه لامه...
قامت راوية وخلعت خمارها وابتسمت ابتسامة مشرقة حين رأته يتأملها...
- صباح الخير يا حبيبى.. خمس دقايق واجهز الفطار.. تشرب شاى بلبن زى زمان مع السندوتش؟؟
ابتسم بحنان وقال:
- مفيش حاجة علميتهانى اتغيرت.. بس مش عاوز اتعبك
- تعبك راحة يا نور عينى
جهزت افطارا لهما مع الشاى باللبن وتناولاه سويا وهما يتجاذبان الحديث دون ذكر اى شئ بخصوص ما حدث فى الماضى.. كانت راوية تتأمل ملامحه وحديثه .. لا تصدق عينيها .. اما هو فكان يريد نقل كل لحظة فى حياته لها حتى يشعر انها لم تفارقه.. ولكن دون ذكر اهل بيته حتى لا يذكرها بما حدث قديما..
حكى عن طفولته وزملائه ودراسته .. ثم تنحنح بحرج..
- على فكرة .. فى حاجة تانى عاوز احكيها بس ..
- ايه.. قلبك دق يا حمادة
- تشربى قهوة؟؟.. جربيها من ايدى
وقام مسرعا لعمل القهوة.. وابتسمت هى بفرحة .. فصغيرها لم يعد صغيرا هكذا..
عاد بالقهوة .. وضعها على الطاولة .. وجد راوية تقوم وتقول له:
- اعترف بسرعة مين دى المجرمة اللى خطفت قلب ابنى
- مجرمة مرة واحدة؟؟
- طبعااا.. مانا لازم اقوم بدور الحما كما يجب ان يكون
ضحكا سويا وقال:
- هى معرفة اسرية .. بنت كويسة اوى ومحترمة .. وانا برتاح ليها.. كلمت بابا من فترة بس تعب جدى اخر الموضوع
- يعنى ايه .. لا بص.. انا من جوايا خلاص عشت دور الحما .. عاوزة اعيش دور الجدة بسرعة يلا
احتضنها احمد واحس انه عاد صغيرا.. فها هى امه الحنون المداعبة الصديقة التى كانت تحدثه وهو طفل وتعتبر تفاهاته امورا جسام تحتاج نقاشات لا تنتهى ..
قامت الام لعمل الغداء وقام معها وظلا يتجاذبان الحديث حتى سمعا باب الشقة يفتح .. نظرا لبعضهما بصمت.. وخرجت راوية لمقابلة زوجها..
- حمدلله ع السلامة.. ازيك يا رمزى.. مش هتصدق المفاجأة
- مفاجأة ايه..
- احمد جه يا رمزى.. عرف انى عايشة وجه
خرج احمد من المطبخ فى هذه اللحظة .. والتقيا.. عرف احمد من اين اتت إش إش بلون عينيها الزيتونى وشعرها الكستنائى..
كان ينظر لرمزى لا يعرف كيف يوجه مشاعره .. هل يضايقه انه زوج والدته.. ام يشعر بالخزى لما فعله به جده .. ام بالامتنان لوقفته مع امه..
انقذه رمزى من مشاعره المضطربة حينما اقترب منه وترقرقت عيناه بالدموع واخذه بين ذراعيه هاتفا:
- الغالى ابن الغالى .. ياااااااااه.. كان نفسي اشوفك اوى يا حبيبى .. نورت بيتك واخيرا رجعت بسمة امك الضايعة من سنين
كان اللقاء حميميا دافئا على غير المتوقع.. ظل رمزى يسأله عن ابيه ويتحدث معه فى شتى الموضوعات وكأنهما صديقين .. حتى عندما اتت إش إش سلمت من بعيد ودخلت لوالدتها المطبخ ولم تقطع حديثهما..
مضى خمسة ايام.. ترك فيها رمزى عمله لمرافقة احمد.. كانا يخرجان سويا كثيرا تاركين راوية وإش إش لقرب انتهاء امتحاناتها..
لم يفتح اي من الثلاثة الحديث عن الماضى.. كانوا يتجاهلونه عامدين حتى يستمتعوا بجو البهجة الذى عم البيت ..
وانجزت إش إش امتحاناتها.. واخذت الإجازة .. كانت تتجنب احمد بشكل عجيب.. ولم تشكل هى له اى اهتمام.. بل احس براحة لابتعادها حتى لا تظل تثرثر له مثل اول يوم رأته فيه .. ولكن فى آخر يوم فى الامتحانات وجدها تطرق الباب عليه..
- ممكن ادخل
كان منهمكا فى متابعة موضوع على الانترنت.. رفع رأسه مندهشا حين سمع صوتها.. لكنه سمح لها بالدخول..
دخلت بهدوء وجلست بجانبه على الاريكة .. وظلت صامتة..
- نعم يا إش إش.. فى حاجة
- ايوة .. بس لما تخلص
- لا لسة ادامى شوية .. قولى عاوزة ايه
- هو لازم اكون عاوزة حاجة
- اكيد.. امال جاية ليه
- طيب .. عاوزة اخويا
التفت لها مندهشا.. فقد احسها اكبر من كل مرة تحدثت فيها معه
- مش فاهم.. يعنى ايه عاوزة اخوكى.. مانا موجود اهه
- موجود ازاى
- موجود ازاى يعنى ايه.. مانا قاعد جنبك اهه
- لا انا عاوزة اخويا يكون موجود بجد.. مش قاعد جنبى بس
- مش فاهم
- يعنى المفروض لما اختك تكون معاك تقعد معاها
- مانا معاكى اهه
- طيب ممكن تسيب اللاب
لم تعطه فرصة للرد.. بل قامت واخذت الجهاز من يده وضعته على الطاولة .. واخذت احمد الغارق فى دهشته من يده واجلسته على السرير.. ثم ذهبت الى الناحية الاخرى واحتضنته ونامت على كتفه .. قائلة:
- الاخ لما يكون ماشافش اخته من زمان بيفرح وياخدها ف حضنه.. ويبقى عاوزها تقعد معاه على طول .. مش دا اللى بيحصل فى الافلام
ضحك احمد بشدة لجدية طريقتها ف الحديث وبساطة وتلقائية كلماتها
- طيب مش انتى كنتى مشغولة ف امتحاناتك
- لا كنت مقموصة منك
- مقموصة مرة واحدة .. ليه
- عشان انا مستنياك من زمان وانت مش حسيت منك انك مستنينى وكمان زعقتلى ...
بدأ احمد يستمتع بالحديث .. خاصة انه كان يظنها كالقطة المشاكسة ولكنه ولسبب لا يعرفه وجد فى مشاكستها متعة .. والمتعة الاكبر كانت فى وداعتها وهى بين يديه كقطة وديعة ..
- بس يا إش إش انا ما كنتش اعرف اصلا ان ليا اخت.. يبقى هستناكى ازاى ..
رفعت رأسها وقطبت حاجبيها فى تفكير .. وقالت:
- طيب اديك عرفت.. هتعمل ايه
- تحبى اعمل ايه
- اول حاجة تصالحنى
- ههههههههه ههههههههه.. حاضر يا ستى .. انا اسف.. بس مش انتى قلتى لماما انك مسامحانى
- انا قلت كدة عشان مش تعاقبك بس لما لقيتك بتعيط
- ههههههههه ههههههههه ههههههههه.. طيب ربنا يخليكى فعلا كانت هتعاقبنى وانتى انقذتينى.. وثانيا؟
- ثانيا باه تحكيلى عنك كل حاجة وانا احكيلك كل حاجة.. ماحنا اخوات ولازم نعرف كل حاجة عن بعض
تأملها مليا وهى تتحدث بجدية كذا.. انها جميلة رقيقة صادقة .. براءتها ونقاء عينيها اللتين تحتار فى لونهما جعلته يشعر باحساس غريب عليه.. وشعر انه فعلا يريد ان يحكى لها وتحكى له.. يريد ان يعيش معها طفولتها تلك.. فشاكسها قائلا:
- طيب مش احنا اخوات
- اه
- يبقى نتفق اتفاق
- ايه
- اننا نبقى اصحاب اوى.. ونحكى كل حاجة لبعض.. واى كلام بينا مش تقوليه لحد
- مااااشى .. بس انت كمان مش تقول.. اصل عندى اسرار كتير مش بحكيها لحد وكنت مستنية احكيهالك زى ما الاخوات بيعملوا ف الافلام
- بردو الافلام.. عموما اتفقنا.. عاوزة تعرفى ايه عنى
- كل حاجة .. عايش مع مين .. بتعمل ايه.. ف مدرسة ايه
- هههههههههه.. حيلك حيلك.. بصى يا ستى .. انا كبير خلصت مدرسة وكلية كمان .. وبشتغل دكتور وبساعد بابا ف تجارته على خفيف .. عايش مع بابايا ومراته وجدى واخويا
- اخوك؟؟؟ يعنى انا ليا اخ تانى
- لا دا اخويا انا .. من بابايا.. انتى اختى من مامتى
- خسارة.. كان نفسي يبقى ليا اخوات كتير
- يعنى انا مش كفاية .. امال ايه مستنياك وعاوزة احكيلك
- لا.. انا مستنياك وعاوزة احكيلك وبحبك اوى بس كان نفسي يكون عندى اخوات كتير يخرجونى ونقعد سوا ونحكى كل حاجة
- طب ما تجربينى يمكن اكون انا واحد بس اكفى كل الاسرار
- يعنى احكيلك واشوف
- اه جربى
- طيب عاوزة اسالك سؤال
- ايه
- انت بتحبنى ؟؟
- طبعا ..
خرجت الاجابة بتلقائية منه .. ووجد انه يشعرها حقا.. وغمره هذا الاحساس بفرحة عارمة.. لكن فرحته تحولت لدهشة حين قالت:
- امال بابا مش بيحبنى ليه

الفصل الخامس

نظر لها بدهشة .. وقال:
- بابا مش بيحبك؟؟
- ااااه.. خالص
- ليه بتقولى كدة
- عشان هو مش زى باباهات صاحباتى .. مش بيحب يكلمنى ولا بيطيق يشوفنى ف البيت.. ولا عمره رضى يخرجنى ولا يقعد معايا
- يمكن عشان شقية شوية
- لا والله.. لو زهقت من اوضتى وخرجت اذاكر برة معاهم يدخل اوضته ويقفل عليه.. ولو بيتفرج على التليفزيون وجه برنامج يعجبنى اخرج اتفرج يروح قافل.. ومش بيفرح حتى لما بنجح ولا عمره فكر يجيبلى هدية خالص.. ومرة حوشت وجبتله هدية سايبها بعلبتها لحد دلوقتى.. وبعدين اصلا لو حد جالنا بيعامل كل الناس كويس.. الا انا .. على طول بيكشر لما يشوفتى
كانت تتحدث بقوة وحماس يثبت احساسها.. مما اثار دهشة عظيمة فى نفس احمد.. الذى قارن بين كلامها ومقابلة والدها الحميمية له ومعاملته الطيبة طوال الايام الماضية.. ولكنه تذكر بالفعل ان إش إش تختفى فى غرفتها طيلة وجود والدها وانه لا يسأل عنها ابدا ..
اخرجته من تفكيره حين اقتربت من اذنه وقالت:
- اقولك سر ومش تقول لحد
- قولى
- انا سمعته هو وماما بيتكلموا مرة عن كدة .. بس والله غصب عنى عشان صوتهم عالى ..
- قالوا ايه

فلاااااش
- حرام عليك.. هى ذنبها ايه
- انا ما عملتلهاش حاجة ..
- فى اكتر من كدة تعمله يا رمزى.. دى البنت كأنها عدوتك.. لا بتطيق تشوفها ولا تقعد معاها ولا بتبص ف خلقتها..
- مش قادر.. مش قادر يا راوية .. كل ما بشوفها بفتكر وضميرى بيوجعنى وبيخنقنى
- اذا كنت انا قلتلك انى سامحتك.. وننسى
- انتى سامحتى عشان مش ادامك غير كدة .. وانا مش قادر اسامح نفسي ولا ابص لشكلى ف مراية
- يا رمزى لازم ننسي.. والبنت لازم تعيش زى اى حد
- حاولت كتير بس والله ما قادر
- طب والحل..
- لو عاوزانى اسيب البيت وتقوليلها انى مت انا مستعد لو دا هيريحك
- يااااااه.. للدرجادى .. عموما.. انا سامحتك يا رمزى على اللى فات.. لكن وجع قلب بنتى مش مسامحاك فيه ولا هسامحك ليوم الدين

باااااك

احتار احمد فى كلمات اخته.. ما هذا الذنب الذى جعل رمزى يبتعد عن ابنته ويعاقب نفسه الى هذا الحد..
- ابيه احمد.. انت زعلت منى
- زعلت ليه
- عشان انى سمعتهم.. والله ما قصدت .. انا كنت نايمة وصحيت على صوتهم
- مصدقك .. طيب بقولك ايه.. مادمنا اصحاب.. ما تحكيلى انتى باه عنك وعن اصحابك وبتعملى ايه ف المدرسة
وكأنه فتح باب ثرثرة لا تنتهى .. ظلت تحكى وتتحدث كثيرا .. عن كل شئ واى شئ.. وللعجب فقد استمتع احمد كثيرا بحديثها .. وتجاوب معها وظل يثرثر هو الاخر.. حتى دخلت عليهما راوية:
- إش إش .. مش كفاية كدة .. صدعتى اخوكى
- لا والله يا ماما داحنا بنتكلم وهو مبسوط .. حتى اسأليه
- لا يا ماما ابدا انا مبسوط اوى .. وبعدين اى اخ بيعمل كدة مع اخته زى الافلام مش كدة ولا ايه يا رورو
وضحكوا جميعا .. والقت عليهم راوية تحية المساء وذهبت لتنام..
- انت هتنام
- هى الساعة كام
- واحدة
- اوباااا .. انتى اتاخرتى يا ست إش إش .. وسهرتى كتير
- انا اخدت الاجازة يا سي الاستاذ احمد خلاص
- سى الاستاذ احمد مرة واحدة.. طيب انا عاوز انام
- خلاص نام
- طب وانتى
تمددت بجانبه واحتضنته واغمضت عينيها
- انتى بتعملى ايه؟؟
- ايه مش قلت هتنام.. انا كمان هنام مش هقعد لوحدى
- طب ما تروحى تنامى ف اوضتك انتى وماما
- لا هنام هنا ف حضنك
- حضنى؟؟؟
- اه .. الاخوات بيناموا ف حضن بعض.. هما ف الافلام بيعملوا كدة
- اه .. لا طالما بيعملوا كدة ف الافلام يبقى لازم نعمل زيهم
واخذها فى حضنه وراحا فى سبات عميق

استيقظت راوية باكرا تتحسس مكان ابنتها فلم تجدها.. قامت مسرعة تبحث عنها.. وجدتها تحتضن شقيقها تتشبث به بيديها وقدميها .. واحمد مستيقظ
- ايه نيمها هنا دى
- طلبت تنام جنبى زى الافلام
- ههههه طيب معلش حبيبى هصحيها واخدها
- لا تصحيها ايه.. خليها جنبى ..
- مش عاوزاها تضايقك وعشان تعرف تنام
- لا يا ماما سيبيها.. انا مبسوط اوى كدة...
- هى لحقت تاكل عقلك المجرمة دى
- ههههههههه اوووووى.. اول مرة احس انى ليا اخوات
- واخوك من باباك؟
- لا هو بعيد عنى اوى .. عايش ف النوادى والديسكوهات مع طنط ماجدة وطنط نادية وولادها
- ربنا يقربكم من بعض يا حبيبى .. كمل نومك
خرجت راوية .. فعدل إش إش واخذها فى حضنه سعيدا .. وحاول السيطرة على تشبثها القوى به.. حتى خارت قواه ونام .

استيقظت إش إش سعيدة وقامت ببطء تتسحب واحمد يصطنع النوم يريد ان يعرف الى اين ستذهب..
دخلت المطبخ وجدت والدتها..
- صباح الخير يا مامتى
- صباح العسل يا اشأوشتى .. كدة خليتى اخوكى ما ينامش
- اناااا.. دانا كنت نايمة ساكتة خالص
- هتقوليلى .. طيب روحى اتشطفى واتوضى وصلى عبال ماعملكم فطار
- لا.. انتى اخرجى .. وانا هعمل الفطار
- نععععم.. ودا من امتى باه
- من دلوقتى .. ابيه احمد اخويا مش اخوكى ولازم ياكل من ايدى انا
- باه كدة .. اخوكى مش اخويا.. طب اتفضلى برة باه انا هعمل فطار ابنى
كان احمد يتأملهما على باب المطبخ ضاحكا وهما يتشاجران بسببه
- صباح الخير
- صباح الخير يا حبيبى
- صباح الخير يا ابيه يا حبيبى انا
- ههههههههههه
- شايف البنت .. بتخانقنى عشانك
- بصراحة يا ماما معاها حق.. من حقها تعمل الاكل لاخوها
- باه كدةةة.. طب وانا
- انتى كمان من حقك تعملى اكل ابنك
- طب والحل
- الحل تخرجوا انتوا الاتنين وانا هعمل فطار ملوكى لامى واختى
- ههههههههههههههه
جهز احمد الافطار وتناولوه ثلاثتهم فى جو من الدعابة والمرح .. وعندما اذن لصلاة الظهر ذهب احمد ليتوضأ وحين خرج وجد اش اش امامه باسدال الصلاة ..
- ممكن اصلى معاك وتكون انت الامام..
- هما ف الافلام بيعملوا كدة
- لا.. بس ماما قالت صلاة الجماعة احسن .. عشان ناخد ثواب سوا
فرح بحديثها .. ان هذه الصغيرة بتلقائيتها تلك قادرة على سلب لب اى احد يتعامل معها.. وهنا دار فى رأسه تساؤل عن حديثها له امس.. كيف يستطيع رمزى الابتعاد عن كتلة الشقاوة والتلقائية والبراءة تلك.. انه لا يستطيع سؤاله.. ويخجل ان يطرح تساؤله على والدته.. ولكن فضوله وشفقته على احساس اخته يدفعانه للتساؤل
نفض عنه هذه الافكار وصلى بها.. ثم دخل حجرته واغلقها عليه عشر دقائق.. وخرج يرتدى ملابس الخروج
- انت خارج يا ابيه
- ايوة
- كدة .. دانا افتكرتك هتقعد معايا انهاردة
- معلش عندى معاد مهم
- مع مين
- مع بنت زى القمر .. صغننة وشقية وعسولة .. هتقوم دلوقتى اوضتها عشان تلبس وتخرج معايا.. بس لو اتأخرت هزعل وهتقمص قمصة كبيرة اوى زى الافلام
اتسعت عينا إش إش فرحا.. واحتضنته حضنا سريعا وقامت جارية الى غرفتها لترتدى ملابس الخروج
- ماما .. ما تلبسى ونخرج سوا
- لا يا حبيبى ورايا حاجات كتير اوى .. لما رمزى يسافر نبقى نخرج طول اليوم براحتنا مش هكون مرتبطة بغدا ولا توضيب
خرجت إش إش من غرفتها ترتدى فستانا ابيض به وردات على الاطراف بالازرق والاخضر والوردى .. فانحنى احمد وامسك يدها
- اميرتى الجميلة .. تختارى انتى مكان الخروج ولا اختار انا على ذوقى
- لا اختار انت ...
- اتفقنا
عند الباب اوقفته راوية قائلة:
- ربنا يباركلى فيك يا حبيبى

قضى احمد ايامه الباقية فى دبى مع إش إش.. سواء فى البيت او خارجه.. وكأن تلك الصغيرة سرقته من العالم بأسره.. وكان يكتشف فيها كل يوم شيئا جديدا.. فهى مبدعة فى الرسم.. والاشغال الفنية.. كما تعلمت الطهو فى ايام معدودة ليأكل احمد من يدها ..
لكن.. الايام الجميلة تمر سريعا.. فقد انقضت اجازته دون ان يشعر.. وتفاجأت كل من راوية وإش إش بانه حان الفراق..
نزلت دموع راوية ساخنة .. اما إش إش فاغلقت الباب عليها وحاول احمد ان يخرجها منها لكنه لم يستطع.. فقرر ان يتركها لليل وقت سمرهما الليلى ليتحدث معها..
ولكن .. جاء الليل ولم تأت .. فدخل لها دون استئذان وجدها نائمة .. وتعجب من ذلك فقد اعتادت النوم ف حضنه الايام الماضية .. اقترب ليقبلها وجد حرارتها عالية جدا .. نادى والدته اخبرها وطلب ان تأتيه بشنطته الطبية..
دخل رمزى لاول مرة غرفة اإش إش ووالدتها.. وجد احمد على وجهه امارات الذعر .. وتعجب من هذا واسره بداخله
وكشف على اخته لم يجد بها اى سبب عضوى ..اعطاها خافضا للحرارة وطلب من امه عمل كمادات لها .. وخرج من الغرفة وخرج رمزى وراءه..
- احمد.. إش إش عندها ايه
- يهمك تعرف
- اكيد .. مش بنتى
- معاك حق.. بنتك.. عشان كدة لازم اقولك التشخيص.. بنتك عندها نقص يا عمى
- نقص ايه يبنى
- نقص اب
google-playkhamsatmostaqltradent