Ads by Google X

رواية الداغر كاملة للكاتبة أسماء الأباصيري - جميع الفصول

الصفحة الرئيسية
رواية الداغر كاملة لأسماء الأباصيري الكاتبة المصرية، وهي رواية إلكترونية وسوف نشاركم جميع فصول الرواية، من الفصل الأول إلى الفصل الأخير كاملة عبر مدونة دليل الروايات (deliil.com)
رواية الداغر كاملة

رواية الداغر الفصل الأول 1 بقلم أسماء الأباصيري - تاج

يعدو ... يصرخ .... بلا مجيب .... ينقل انظاره القلقة بأرجاء المكان ... المكان ؟؟؟؟ هو ليس بمكان فكل ما يراه هو الفراغ ... الظلام الحالك ..... عاد يهتف منادياً اياها لكن ... هل يعلم من هى ؟... هل يدرك بما يناديها ؟ .. اسمها؟ .. صلتها به ؟ ........ لاشيء سوى زيارتها له كل ليلة ... تظل تتطلع نحوه بصمت مريب ... مخيف ... ثم ما تلبث أن تبتسم ابتسامتها الساحرة و كعادتها كل ليلة تعدو مبتعدة عنها ويظل هو يعدو خلفها منادياً اياها مطالباً اياها بالتوقف بلا جدوى

لكن تلك الليلة كانت تبكى ... تتألم من امر ما .... ازعجه بكاءها فهو لم يألفها حزينة .. لطالما رأي بسمتها و استمع لضحاتها تملأ المكان لذا .. مابالها اليوم حزينة ... نظراتها تطالبه بالمساعدة والعون تساءل بقلق

............... : مالك بتعيطي ليه ؟ .. ثم اردف بحدة و انزعاج ..... متعيطيش

استمرت ببكاءها الطفولى ليتململ بقلق و توتر

.......... : فى ايه احكيلي ؟ ..... طب بلاش تحكيلي قوليلي انتي مين و عايزة منى ايه ؟؟

توقفت عن بكائها فجأة لترفع انظارها نحوه تنظر اليه من بين اهدابها المبللة بدموعها ... ظلت هكذا لفترة قبل ان تحرك شفتاها برتابة .... تتحدث لكن لا يستطيع سماعها ... يشهد حركة شفتيها محاولاً ان يستشف كلامها لكن دون جدوى

............. بصراخ : بتقولي ايه ؟؟ مش سامعك

لاحظ حركة شفتيها والتى زادات سرعتها و انفراجها دليلاً على محاولتها لرفع نبرة صوتها لكن دون جدوى فهو لا يستطيع سماع حرف واحد من حديثها

حرك رأسه بيأس لتحتل وجهها ملامح الخيبة و اليأس.... توقفت عن الحديث و عادت لصمتها و تأملها له ....... ثم سرعان ما تحركت نحوهتمسك بيداه فجأة ليتحول جسدها دون اى سابق انذار الى نار مشتعلة تحرقها وتحرقه معها

................ : داااغر دااااغر انت يا ابنى اصحى بقى كفاية نوم

استيقظ هذا الاخير ليفتح حدقتاه عسلية اللون ببطء و يتأفف بعدها من صراخ صديقه

........... : يا برودك يا اخى حد يجيله نوم قبل المداهمة على طول ....... ايه .. اعصابك دى تلاجة ؟

اعتدل داغر بجلسته خلف مقود سيارته .. نظر حوله محاولاً استيعاب كونه قد غفى لفترة ليست بالقصيرة زارته فيها صغيرته ..... بقي للحظات حتى استعاد وعيه تماماً وادرك انهم على وشك مداهمة احدى اوكار تجار المخدرات المعروفين لديهم بالأمن الوطنى

رفع كفه ليضغط بأصابعه اعلى انفه مغمضاً عيناه بتعب ليردف

داغر ببرود : بطل رغي يا رامي مش عايز صداع ..... ايه الاخبار؟

رامي بمرح : كله تمام و الامن مستتب

نظر نحوه بسخرية ليردف بتهكم

داغر : مستتب ؟؟؟ .... الله يسامحه اللى دخلك الشرطة ........ ثم نظر الى ساعته ليكمل بجدية ........ يلا بينا .. بلغ قوة (أ) تستعد و (ج) تستنى و متأمرش بفتح النار الا لما اديك الاشارة

انهى حديثه ليومأ له رامي بهدوء تبع ذلك خروج داغر من السيارة بخفة راكضاً نحوه احد الفلل الفارهة يحتمى بجدار ما بجوار البوابة الحديدية قبل ان يشير بيده فى الهواء كأشارة منه لبدء الاقتحام

بدأت القوات بتتبعه ليقوم نصفهم بحماية ظهره فى حين توجه هو وباقي فريقه داخل الفيلا

مضى وقت ليس بالقصير و رامي يقف بالخارج مع قوته (ج) يراقب الجو بتوتر قبل ان يهتف به احد مساعديه

كرم : مش طولو يا باشا ؟؟؟؟

نظر رامي نحوه بقلق ليردف

رامي : بيتهيألي .. بس داغر أمر نستنى لغاية ما ناخد الاشارة منه

كرم بجدية : تمام يا افندم

طال انتظارهم و حاول رامي الحديث مع رفيقه عبر اللاسلكي الخاص بهم لكن دون رد .. اضطرب رامي بشدة فتشوش الاشارة سبب المزيد من التوتر و الذعر

رامي : لا بقى مبدهاش

و اشار لقوته بالتقدم و اقتحام الفيلا كما فعل صديقه منذ دقائق

فور اقتحامهم المكان وجدوا قائدهم يقف بثبات فى منتصف ردهة المنزل فى حين كان يوبخ كبير الفرقة و قائدها الاصغر

هز صراخه ارجاء القصر و قد وقف الجميع ينظرون ارضاً بقلق وندم

داغر : فاكر نفسك شغال فين عشان تغلط غلطة غبية زي دي ...... لتكون فاكرنا بنلعب هنا ..... حضرتك كنت فى اخر اختبار ليك عشان تقود بنفسك الفرقة بعد ما اسيبها انا .... هتكون مسئول عن ارواح ... غلطة صغيرة و يروحو ورا الشمس

القائد الاصغر : يا داغر باشا انا وصل ليا ان الصفقة هتتم هنا

اكفهر وجه الاخر غضباً من حديثه ليتقدم نحوه يقبض على مقدمة ملابسه

دارغر بصراخ : وصلك ؟؟ ...... مفيش حاجة اسمها وصل ليا .... فى حاجة اسمها متأكد و واثق

ثم لفظه من بين يديه ليرتد جسده للخلف و ينظر ارضاً ندماً على خطأه

القائد الاصغر : اوامرك مطاعة يا باشا .. شوف ايه العقاب اللى يناسبني

داغر برسمية : دى مش اوامري انا .. ده اللى المفروض يحصل ... ترقيه سعادتك هتتأجل و هتمر بكل الاختبارات تانى و هيتوصى عليك ........ فااااهم ؟؟ .... ولمعلوماتك فى عشرات غيرك بيتمنو يمسكو الفرقة دى من بعدى لانهم عارفين شغلى كويس فالأحسن تنتبه لنفسك و تشوف شغلك عِدل

القائد الاصغر بحزن و غضب من نفسه : تمام ياباشا

حدق داغر به بصمت للحظات ثم نقل انظاره لباقى الفريق قبل ان يهتف

داغر : القوات ترجع للمركز و العملية يُعاد تخطيطها .... ثم وجه انظاره نحو القائد المُعاقب ....... و انت مكلف بمعرفة الصفقة الجاية هتتم فين و لو محصلش اعتبر اختباراتك كمان اتلغت و انسى الترقية خالص....... ليصرخ بعدها ....... الكل انصرااااف

تحركت القوات بهدوء الى الخارج فى حين تقدم رامي من داغر

رامي : داغر هدي اللعب شوية ده انت غسلته

داغر بجمود : هو فاكرني هطبطب عليه بعد اللى هببه ده

رامي : بس برضو ...

داغر : رامي ده شغلي فمتدخلش بدل ما تتعامل زيك زيه .... يلا خلينا نمشي

ثم تحرك متجهاً الى الخارج فى حين نظر رامي فى اثره هاتفاً

رامي: مش بعيد عنك انك تعملها ماهو كان نفس دفعتك و لسة مهزقه قدام اللى اقل منه .... ملكش امان يا صاحبي

ثم تبع صديقه و رئيسه بالفرقة الى الخارج

باحدى القصورالفارهة يجلس رجل يبدو فى نهاية العقد الخامس من عمره بثبات و غرور خلف مكتبه يحادث شخصاً ما عبر هاتفه قائلاً

........... : انا قولت اللى عندى يا عز الدفعة الجاية كلها طازة و مطابقة للمواصفات المطلوبة لا فيها حاجة معيوبة ولا حاجة تعملنا مشكلة

- ...............

................ : لا اطمن الامانة فى الحفظ و الصون و بعدين هتوصيني على حاجة تهمنى اكتر منك ...... كله الا دي

- ...................

................ : ملكش دعوة بيها يا عز دى تبعي انا و لما افكر اتصرف فيها هبقى ابلغك ... يعنى لا هى ليك ولا لأبنك

- .................

.................. : متلفش و تدور كتير بضاعتك هتوصلك فى اقرب وقت .... خلص الكلام

ثم رفع انظاره ليجد خادمه و يده اليمنى يدلف للغرفة .... اشار له بصمت بالدخول ليمتثل الاخير لامره

........... : بعدين نكمل كلامنا لازم اقفل دولوقتى ..... سلام

الخادم : خير يا ظافر بيه شكلك متضايق ؟؟؟

ذفر سيده بضيق و عاد الى الخلف ليستند بظهره

ظافر : عز بيرغي كتير و عمال يزن على البضاعة و ..........

الخادم : الامانة ؟

اومأ بهدوء ليحرك رأسه يميناً و يساراً بعدم رضا

ظافر : مش قادر يفهم انها متخصهوش .... فاكرني هسلمهاله بنفسي .. ثم اردف بسخرية ..... غبي .... مش كده يا نضال ؟

نضال بتهكم : مش فاهمك يا باشا ... عز لسة مش فاهم اسلوبك و لا طريقتك .... مش عارف انك مستحيل تستغنى عن حاجة تخصك

اومأ الاخر بهدوء ليشرد بأفكاره بعيداً ثم ردد بهدوء

ظافر : مسيره يفهم يا اما ....... نفهمه احنا بنفسنا

بأحد المنازل الراقية بالقاهرة

داغر بانزعاج : كفاية يا امي .... ايه بتزغطيني ؟

هتف بها داغر بصعوبة وسط اطعام والدته له بالاجبار فهو كالعادة يكتفي بالقدر القليل من الطعام

والدته (حنان ) : كل يا حبيبي انا عارفة انك يا حبة عيني بيطلع عينك فى الشغل ومش بتتغذي كويس ... لو سيبتك تاكل بنفسك الاكل هيتشال زى ما هو

داغر : يا امى نفسي تفهمى ان دى طبيعتي ... انا كده .. اكلتي قليلة

تحركت حنان الواقفة بجانب مقعده لتجلس على احد المقاعد الخاصة بطاولة الطعام فتصبح بالمقابل له

حنان بعتاب : مفيش حاجة اسمها طبيعتي كده .... انت شغلك مش على مكتب .. انت ظابط و بتروح بنفسك و تدخل فى اشتباكات

فهم هو عتاب والدته عليه فمنذ اخر مهمة له اصيب فيها اصابة ليست بالخطيرة لكن كانت كفيلة بإثارة الرعب بداخلها .. و فى لحظة ضعف و تأثر من حزنها عليه اعطاها وعد بعدم الاشتراك فى اية مداهمات او اشتباكات بل سيكتفي بالاعمال المكتبية

تنحنح بتوتر ليجيب

داغر : انا عارف يا ست الكل انك زعلانة و ليا حساب مع اللي بلغك باللى حصل النهاردة بس هى كلها كام شهر و هترقى و ساعتها هنفذلك اللى عايزاه

حنان بصرامة مصطنعة : خطر لا ؟

نهض من جلسته و تقدم نحوها يقبل رأسها بحنو ليهمس بإبتسامة

داغر : خطر لا

انتهى من تناول طعامه ليستأذن ولدته فى الذهاب الى غرفته لينال قسطاً من الراحة بعد يوم طويل بالعمل

دلف الى غرفته و بعد تبديل ملابسه وقف امام المراة يطالع صورته بشرود ...... هو داغر الأسيوطي ابن حامد الاسيوطى لواء سابق بالشرطة العسكرية ... توفى منذ سبع سنوات اثناء تأدية عمله باحدى المحافظات الحدودية عند ايقافه لشحنة كبيرة من المخدرات قبل دخولها للبلاد ...... شحنة كان صاحبها " تامر الحسيني" ........ او المرحوم تامر الحسيني و الذي اصبح عدو لداغر منذ وفاة والده وتوليه منصبه بالأمن الوطنى ......... تحرك نحو فراشه يستلقي عليه بانهاك .. شارد بنظراته للاعلى ..... يتذكر احداث مر عليها ثلاثة سنوات .. يذكُر اثناء ايقافه لاحدى الصفقات المشبوهة الخاصة بالحسيني و محاولته للهرب لكن اوقفه اطلاق النار الذي انتشر بفيلته لتستقر رصاصة مجهولة المصدر برأس تامر فيسقط صريعاً بلحظتها ......... جز على اسنانه فلولا تلك الرصاصة الخائنة لاستطاع اخذ ثأر والده بنفسه .... اغمض عيناه بقوة يفكر .... لن يترك القطب الآخر لتامر الحسيني طليقاً سيظل يبحث عن اي خيط قد يرشده اليه و سيقتص منه هو الاخر

بعد فترة نجده قد غلبه النعاس ليدخل الى عالمه الاخر ...... عالم يلتقي فيه بساحرته الصغيرة الصامتة ........ ابتسامة ارتسمت على محياه فجأة عند رؤيته للموقع لهذا اليوم والذي قد تبدل من الظلام الحالك الى شاطيء بديع برماله الصفراء الممتدة اسفل قدماه و المياة النقية امامه

تلفت نحوه يبحث عنها فمثل هذا الجمال لابد ان يرتبط بها بشكل او باخر ........ فترة من البحث نتجت عنها رؤيته لها تجلس بعيداً مفترشة الرمال .. تلعب بها كالاطفال .. تقدم نحوها ببطيء حتى صار على بُعد خطوات قليلة منها لتشعر اخيراً بوجوده فترفع حدقتاها الرمادية اللون نحوه و من ثم رسمت ابتسامة واسعة على محياها .. سعيدة بحضوره فها هو قد اتى بموعده كما يفعل كل ليلة ..... لم يستطع فعل شيء سوى مبادلتها ابتسامتها بأخرى ومن ثم تقدم نحوها اكثر ليخر جالساً بجانبها يراقب استمتاعها باللعب بالرمال

ظلو فترة على هذا الوضع ... يحيطهم صمت لم يستغيسه هو فيقطعه فجأة قائلاً

داغر : مش هتقوليلي اسمك بقى

رفعت انظارها نحوه لتبتسم بصمت ومن ثم عاودت النظر نحو الرمال تلعب بها بهدوء

تنهد بيأس عندما لم يحصل منها على اى جواب ليردف بعدها

داغر : طب على الاقل قوليلي بتجيلي ليه كل يوم ؟ .. عايزة منى ايه ؟؟؟

نظرت نحوه مرة اخرى لكن تلك المرة بحزن و اوشكت على البكاء ليردف سريعاً

داغر : خلاص خلاص متعيطيش .. مش عايز اعرف حاجة

سرعان ما تبدلت ملامحها من الحزن الى الفرح لتبتسم له ابتسامة ذات معنى و من ثم غرست اصابعها بالرمال محاولة رسم شيء ما

ظلت ثوان ترسم و ترسم لتنتهى اخيرا مما تفعله ... رفعت رأسها نحوه لتجده يراقبها باهتمام .... اشارت لما رسمته ليوجه انظاره نحوه و يردف دون فهم

داغر : تاج ؟؟؟؟؟

حنان : داغر ... يا داغر قوم يا ابنى تليفونك مبطلش رن ........ قوم شوف فى ايه

استيقظ من سباته يهمس ب " تاج " ليجد والدته تنظر نحوه بدهشة ..... تنحنح بهدوء

داغر : خير يا امى فى ايه ؟

حنان : معرفش بس تليفونك عمال يرن من بدرى واحنا ساعة فجرية .... معقول مسمعتوش ده انا سمعاه من اوضتى

نهض جالساً على فراشه ومن ثم التقط هاتفه فيجده احد اصدقائه من النيابة العامة ..... زوى حاجبيه بدهشة ليجيب سريعاً

داغر : خير يا سامر ؟ فى ايه ؟

- ....................

داغر بعصبية : انت بتستهبل يا سامر يعنى ايه يتحول لمصحة نفسية ده قتل مع سبق الاصرار

- .................

داغر : يعنى ايه مليش دخل .. ماانت عارف انه طلع عين اهلى عشان يتمسك بعد تعب و شغل خمس شهور

- ....................

داغر : انا مينفعنيش الكلام ده ........ الصبح يطلع و هتلاقيني عندك .... ولا اقولك هو فى انهى مصحة ؟

- .........................

داغر بسخرية : و ازاى ان شاء الله يبقى فى مصحة خاصة دى مقصودة بقى

- ................

داغر : تيجي معايا ولا لا انا كده كده رايح ........... سلام

ثم اغلق هاتفه ليلقيه بعصبية على الفراش بجانبه ... رفع انظاره ليجد والدته ما زالت بغرفته تطالعه بقلق

حنان : خير يا ابنى مالك بس حصل ايه ؟

مسح على وجهه بضيق محاولاً الهدوء

داغر : واحد يا امى .... قاتل مأجور .. طلع عيني عشان امسكه .. فضلنا وراه احنا و فريق التحقيقات خمس شهور لغاية ما نجحنا ودلوقتى ناس كبار ظبطو موضوع انه مريض نفسي و بالتالى هيقضي مدته فى مصحة

حنان : حسبي الله و نعم الوكيل .... طب ما يمكن هو فعلاً مريض يا ابني

داغر بتهكم : مريض ؟ انتى طيبة اوى يا امي .... اللى زي ده عارف كويس هو بيعمل ايه لا و بيختار العُملا بتوعه كمان ... انا بكرة هروحله بنفسي و هفضل وراه لغاية لما اشوف اخره ايه معايا

حنان بقلق : خد بالك يا بنى ولاد الحرام دول ملهمش امان و انا مليش غيرك

داغر بثقة : ربنا كبير يا امى ..... هو الحامي

رواية الداغر الفصل الثاني 2 للكاتبة أسماء الأباصيري - طلق ناري

فى صباح اليوم التالى نجده امام مصحة نفسية خاصة يبدو عليها الترف و البزخ

داغر بسخرية : بقى ده مكان يتحط فيه شخص المفروض اقل حكم فى حقه هو الاعدام

سامر بهدوء : العصبية مش هى الحل و اظن ان ده مش من طبعك

داغر : معلش ما هو مش كل يوم واحد يتدخل فى شغلي و يخلى حيوان زي ده يفلت من ايدي

حرك سامر رأسه بيأس ليردف بتساؤل

سامر : و ناوي على ايه ؟ هتقابله ؟

داغر بتركيز : مش دلوقتى

سامر بدهشة : امال جاى ليه ؟

داغر : عايز اشوف الجو هنا ايه ..... لازم اطمن انه مستحيل يهرب

اومأ الاخر بصمت ليتجها معاً نحو مدخل المشفى

دلفا الى الداخل ليجدوا ان الهدوء هو سيد المكان ...... فقط مجموعة من الممرضين و الممرضات يمارسون عملهم بإهتمام

لوى شفتيه لمرأى المشفي بهذا الانضباط ثم سرعان ما اتجه نحو مركز الاستقبال

الموظف بابتسامة روتينية : ازاى اقدر اساعد حضرتك يا افندم ؟

داغر بجدية : العقيد داغر الاسيوطى ... امن وطنى

الموظف بتوتر : اؤمر يا باشا

داغر : طارق حمدي اللى تحت الحراسة ...... جالكم امبارح ............ عايز اعرف كل حاجة حصلت بخصوص الاجرءات من ساعة ما جه

الموظف : ده حضرتك تقدر تعرفه عند الطبيب الخاص بيه و امن المستشفى فى الدور الثانى

اومأ له ومن ثم حول انظاره ناحية صديقه

داغر : استناني هنا

سامر : تمام

تحرك بهدوء نحو الطابق الثانى يسير ببطء يرمي انظاره ناحية اللافتات الخاصة بكل غرفة والمدون بها اسم المريض ليقف عاقداً حاجبيه بدهشة امام غرفة ما ........ ليست بغرفة طارق بل دون عليها اسم اخر .....

تاج ؟؟؟؟

عاد بذاكرته الى حلمه ليلة امس ......... تاج ....... هذا ما رسمته بعد اسئلته اليومية المعتادة ....... أيمكن ان يكون ......... ؟؟

قاده فضوله الى فكرة الدخول لتلك الغرفة ومعرفة هوية المريضة ......... و بالفعل وضع يداه على مقبض الباب و دلف الى الداخل يوزع انظاره بأرجاء الغرفة ليجد فراش ابيض واسع يرقد عليه جسد صغير هزيل لم يتضح ملامحه له من هذا البعد ..... اقترب نحوه اكثر بخطوات حذرة ليشهق فور رؤيته لها

فتاة تبدو كحد اقصى فى السابعة عشر من عمرها ذو شعر غجري اسود اللون يفترش الوسادة .. لا يدرى طوله فهو يختبئ خلف ظهرها المستلقيه عليه........ عيناها مغلقتان ..... تبدو فى سبات عميق ...... انف صغير و شفاه كحبة التوت .... تبدو كالملاك النائم ...... ظل يحدق بها بذهول ........ هى نفسها فتاة احلامه ...... اذاً ....... تُدعى تاج ... تاجه لها وجود و ليست فقط نتاج احلامه ....... استمر بتأمله لها فترة ليست بالقصيرة و قد نسي تماماً سبب حضوره الى المشفي ........ كل تفكيره انحصر بها وحدها

استيقظ على صوت الممرضة تهتف به فى انزعاج

الممرضة بحدة : انت مين ؟ و ازاى دخلت هنا ؟ مين سمحلك بالدخول ؟

تنحنح بقوة قبل ان يعود الى جموده قائلاً

داغر : العقيد داغر الاسيوطى ... امن وطني ........ ثم اردف بقوة ....... وجيت هنا ليه و ازاى مش شغلك ..... فاهمة ؟

اومأت الممرضة بخوف ليستغل هو الفرصة

داغر : حالتها ايه بالظبط ؟

الممرضة بجهل : معرفش

داغر بحدة : هنستعبط بقى يعنى انتى الممرضة بتاعتها و متعرفيش حالتها ؟؟

الممرضة بخوف : دى مش بتصحى ........ غيبوبة باين

اتسعت حدقتاه لوهلة و احتلت رأسه العديد من الاحتمالات قبل ان يتدارك نفسه فيومأ لها بهدوء و من ثم يلقى نظرة اخيرة نحو تلك الجميلة النائمة قبل ان يتحرك ببطيء نحو باب الغرفة ينوى الخروج ومتابعة ما جاء لأجله

توقف بمكانه على عتبة الباب ليطالعها مرة اخرى بتوتر ..... أيذهب حقاً دون معرفة حقيقتها ..... دون ادراك سبب رؤيته لها دوماً بأحلامه ...... مضت سنة كاملة على ملازمتها لأحلامه كل ليلة .. حتى انه ارتبط بها و أصبح يغفو كل مرة بحثاً عنها و شوقاً لها ...... ظل يراقب الوضع حتى رأى الممرضة تغير لها المحاليل الموصولة بوريدها ... عقد حاجبيه مضيقاً عيناه بتفكير .... غيبوبة و مصحى نفسي .... ما العلاقة ؟؟؟

هتف بصوت جامد اجفل الممرضة

داغر بتساؤل : ايه اللى يخلى واحدة فى غيبوبة تتحجز فى مصحي نفسي ؟

انتفضت إثر صوته لتلتفت نحوه بخوف مبتلعة ريقها

الممرضة بتلعثم : مم .. معرفش يا باشا والله انا لسة جديدة هنا

طالعها بتركيز ليعتدل بوقفته واضعاً يداه بجيوب بنطاله

داغر : اسمه ايه الدكتور اللى متابع حالتها

الممرضة : آآ .. شرف الدين ..... دكتور شرف الدين

اومأ بهدوء ليرمي نظرة اخيرة على تلك الصغيرة النائمة

داغر بجدية : تمام ..... شوفي شغلك

اومأت بخوف ليتحرك هو اخيراً مكملاً طريقه الى الخارج فى حين همست الممرضة بإرتياح فور خروجه

الممرضة بتنهيدة : ده ايه ده .. يخربيته وقف قلبي ... ثم طالعت الفتاة النائمة بغيظ ..... شكلك زي ما بيقولو عليكي ... دايما جايبلنا مصايب

فور خروجه من الغرفة اكمل طريقه باحثاً عن غرفة هذا المجرم اولاً محاولاً تشفي الوضع الخاص به ومن ثم سيبحث عن الطبيب المُشِرف على حالتها .. لكنه وجد صديقه سامر يتقدم سريعاً نحوه ليقف اخيراً امامه يلهث

داغر بإنزعاج : انا مش قولتلك تستناني تحت ... و بعدين مالك مش قادر تاخد نفسك ليه ؟

سامر بتقطيع : رئيس المباحث ... هنا ... و .. و جه عشان يشوف المخفى اللي اسمه طارق ده ( القاتل ) .... لو شافك هنا هتعملي مشاكل

داغر بلامبالاة : مش مشكلتى

حاول اكمال طريقه لكن يد سامر اوقفته ممسكاً بذراعه بقوة

سامر : لا مشكلتك و مشكلتى ...... داغر بلاش عند ... متودنيش فى داهية ... دي اسرار شغل و انا قولتهالك لانى معجبنيش الوضع و اللى بيحصل من تحت الترابيزة ... قولت انت سلطتك اعلى و هتتصرف لكن يبقى جزاتى بعد كل ده انى اتجازى و اتحول للتحقيق ... ده يبقى ظلم و انتى مترضاش بده ليا و لا ايه

ذفر داغر بضيق متأففاً من صديقه ثم و بعد صمت قصير اومأ على مضض هاتفاً

داغر : ماشي ....... بس هفضل ورا الموضوع لغاية ما ارجع الحيوان ده مكانه

سامر بإبتسامة : و انا معاك يا صاحبي بس خلينا نمشي من هنا قبل ما حد يلمحنا

و من ثم سحبه بتعجل مغادراً المشفي فى حين نسى تماماً امر تلك الفتاة و التحري بشأنها

بعد اسبوع بالمشفى النفسي

طارق بغضب و صراخ: انت بتستهبل يا مصطفى ... يعنى ايه اثبتو انى سليم .... امال تقرير ايه ده اللى طلعتوه من يومين و اثبتو فيه انى المفروض اقضي المدة بتاعتى هنا ............. لا يا مصطفى انا مينفعنيش الكلام ده ..... الباشا بتاعك وعد انه يساعدني و انا قصاد وعده عملت اللى عملته و خدمته خدمة عمره لكن يخلف بكلمته هخليه يعيش فى جحيم ....و صل له الكلمتين دول و قوله انت اللى ابتديت و البادي اظلم

ثم اغلق الهاتف ليلقي به ارضاً بقوة فيتحطم الى اشلاء ثم سرعان ما تحرك بغرفته مخرجاً اجزاء من سلاحه الخاص ... عمل على تركيبه و تجهيزه للدفاع عن نفسه امام القوة القادمة لترحيله مرة اخرى الى السجن

بالاسفل فى ردهة المشفي كانت قوة من الشرطة ليست بالكبيرة تستعد لترحيل احدى مرضى المشفي الى السجن

سامر بغيظ : طب افهم بس ايه اللى جابك ..... يابني مش كفاية اللى انت عملته ده انا كنت هروح فى داهية بسببك

داغر بهدوء : و مروحتش

سامر بغضب : رايح تقول لرئيسي انى بلغتك باللى حصل

داغر : و فى ايدي التانية اثبات انه مش مريض نفسي ... اهدى بقى ماانت زي القرد اهو و هتترقى كمان على قفايا

سامر بمرح : الصراحة يعنى ..... انت عملت الواجب معايا بزيادة ... ثم اردف بغيظ .... بس برضو مش فاهم ايه اللى جابك ما انا جاي بقوة معايا و الموضوع اصلاً كله عبارة عن شوية ورق و روتين ممل

داغر بغضب : طارق مش سهل و اكيد الخبر وصله

سامر : المستشفى كلها متأمنة و مفيش حد هيخرج ولا يدخل الا بعد ترحيله

تنهد الاخر بقلق قبل ان يسمع الجميع صوت صرخات تأتي من احدى طوابق المشفى

لينظر داغر الي صديقه بقلق هاتفاً

داغر : مش قولتلك

استل كلاً من داغر و سامر سلاحه ليتقدما بخفة نحو الدرج يتبعهم افراد فريقهم من الشرطة بعد اشارة من قائدهم للحاق به

ظلت الصرخات تتعالى بأرجاء المشفى و كلما وصلو الى طابق اشار لهم الممرضين و العاملين للطابق الاعلى حتى وصلو جميعاً الى السطح ليجدوا التالى

طارق ( هدفهم ) يمسك بإحدى الممرضات بين يده يكبلها بذراعه و يسلط فوهة سلاحه على رأسها فى حين بعضاً من الاطباء يحاولون تهدئته لكن دون جدوى

فور رؤيته لداغر و قوات الشرطة يسلطون اسلحتهم نحوه هتف صارخاً

طارق بصراخ : خطوة كمان و دماغها هتطير ........ ثم اكمل بتهكم موجهاً حديثه لداغر ...... لا و كمان داغر باشا جاي بنفسه ... كتير عليا والله ... تصدق ليك وحشة يا راجل

داغر ومازال موجهاً سلاحه نحوه : سيبها و خليك راجل ... مش متعود عليك جبان

طارق : الغاية تبرر الوسيلة يا باشا ...... لو مستغنيين عنها قربو كمان خطوة

داغر : فكرك هيهمني حياة شخص واحد قدام انى احطك فى القفص بنفسي

سامر بدهشة : داغر انت اتجننت

طارق بسخرية : الظاهر صاحبك خلاص دماغه فوتت

داغر بغضب و صراخ افزع الجميع : سيبها و خليك راجل

طارق : سلاحك ينزل ... و ممكن افكر ... ثم هتف بالجميع ....... كله ينزل سلاحه

نظر الجميع الى بعضهم البعض ليشير سامر لهم بإنزال اسلحتهم فى حين ظل داغر كما هو

طارق : ايه ياباشا ... مسمعتنيش .... سلاحك على الارض و تحدفه لعندي برجلك ..... يلا

جز على اسنانه بغيظ .... يقلب انظاره بينه و بين الفتاة الرهينة قبل ان يخفض يده بتردد تاركاً سلاحه ارضاً ومن ثم دفعه بقدمه بقوة نحو طارق ليتعداه الى الخلف

داغر : سيبها بقى

طارق : اظن المفروض تقلق على نفسك واللى معاك ... مفيش حاجة تمنعنى اخلص على كل اللى هنا دلوقتى

اثناء حديثه و تهديداته التقطت عينا داغر طيف ما خلف هذا الطارق .... لفتت حركة عيناه انتباه الاخير ليشد على الفتاة الممسك بها ملتفتاً للخلف .. فيراها تقف قريبه منه .. تُعد اقربهم له

..... فتاة صغيرة .. يمكن نعتها بالطفلة لصغر جسدها و قامتها القصيرة ... ترتدي فستان ابيض قصير بالكاد يصل الى ركبتيها ..ذو شعر غجري اسود طويل يغطى كامل ظهرها ... تطالعه بعيون ميتة ...... وجد فيها لامبالاة غريبة .. ترمش ببطيء .. ثابتة بمكانها دون حراك

طارق بذهول : انتي ..........

كانت العيون تطالعها بخوف ... قلق .... تردد ... و لهفة .... التقطتها عيناه بلهفة و اشتياق سرعان ما تحول الى خوف و قلق .... هى نفسها فتاته النائمة ... فتاة احلامه .. و ها هى تقف امام اخطر رجل قد تواجهه بحياتها ... و سرعان ما تدراك امره ليهتف بقوة

داغر محاولاً صرف اهتمامه عنها : دي مريضة مش هتاخد اى رد فعل ..... ملهاش دعوة بأي حاجة و مش هتشكل خطر عليك .. بصلي هنا و ركز معايا ... قولى ايه طلباتك عشان نخلص

ظلت هي على وضعها تطالع طارق بعيون و نظرات غريبة لتنظر فجأة اسفل قدماها فتراه ... سلاح داغر و الذي قذفه اتجاه طارق ... نقلت انظارها ما بين طارق و ما بين السلاح مرة اخرى .... لتنحنى ببطيء ملتقطة اياه

دب الذعر بأنفسهم جميعاً قبل ان ترفع يدها حاملة السلاح .. موجهة اياه نحوه .... اتسعت اعينهم بفزع و تعالت الصرخات و قبل اى رد فعل من اياً منهم كانت قد ضغطت على الزناد لتنطلق الرصاصة و تستقر بمنتصف رأس طارق فيخر جسده ارضاً جثة هامدة وسط ذهول الجمع بأكمله و من ثم صدع بالمكان صوت هتاف بإسمها جعلها هى الاخرى تُحاط بالظلام من كل جانب لتسقط ارضاً مغشياً عليها

رواية الداغر الفصل الثالث 3 - لقاء

بعد يوم من الحادث

بغرفة الطبيب يجلس فى انتظار انتهائه من جولته المعتادة لفحص مرضاه .... و بعد مرور فترة ليست بالطويلة دلف احدهم الى الغرفة ليلتفت داغر نحوه فيجده رجل فى الثلاين من عمره يرتدي معطفه الابيض و الذي استنتج منه انه الطبيب شرف الدين ... نهض من مجلسه ليواجه الطبيب ماداً كفه ناحيته ليفعل الاخر المثل

شرف الدين : العقيد داغر مش كده؟

اومأ الاخر قائلاً

داغر : دكتور شرف الدين ؟

شرف الدين بإبتسامة : ايوة انا ... اتفضل يا افندم

ومن ثم اتجه شرف الدين نحو مكتبه ليجلس خلفه ... يشبك يداه موجهاً نظراته نحو داغر بالاهتمام

شرف الدين: بلغوني ان حضرتك طالب تشوفنى .... ازاى اقدر اساعدك ؟

تنحنح داغر بجمود ليردف

داغر : تاج ال ......... صمت لحظات يحاول تذكر اسم عائلتها او والدها ليقاطعه صوت الطبيب بإبتسامة متفهمة

شرف الدين: تاج ...... هى تاج بس

داغر : حضرتك عارف انا اقصد مين !!!

اومأ الاخر ليردف

شرف الدين: ايوة هى تاج واحدة بس فى المستشفى و اظن بعد اللى حصل امبارح فمش هتسأل غير عنها

داغر بشرود : بالظبط ... هى تاج ...... ثم اردف بإهتمام ...... حابب اعرف كل شيء يخصها

شرف الدين: بصفتك ؟

داغر : آآ ........

شرف الدين مقاطعاً : متحاولش تستخدم سلطتك معايا ... احنا مستشفى خاص و انا معروف عنى التزامى فياريت تقولى السبب الحقيقي لاهتمامك ... تاج مش معروف لها اى اهل او صحاب فمتحاوش تكدب و تقول انك تعرفها شخصياً

حدق به بغيظ فى حين بادله الاخر بنظرات تحدى و استفزاز ليردف بإستسلام بعد حرب من النظرات

داغر بتنهيدة : ممكن تقول عنى مجنون او مش طبيبعي بس انا و هى كل اللي يربطنا احلام

شرف الدين: افندم ؟

ذفر الاخر فى ضيق قبل ان يجيبه

داغر : من سنة تقريباً و هى بتجيلي يومياً فى احلامي ... بدون كلام .... بتظهر بس ... مرة تضحك مرة تعيط ... زعلانة فرحانة بس دايماً تجيلي كل يوم و عمرها ما غابت .... فى الاول محطتش الموضوع فى دماغي ... قولت ضغط شغل لكن كوني اجي هنا و اشوفها ..... يعنى هي موجودة فى الحقيقة ده اللى مش لاقي له تفسير

كان شرف الدين يستمع اليه بإهتمام و تلك الابتسامة مرسومة على ثغره ..... عيناه تلمع بإعجاب و لهفة و فرح .... و كأنه شهد على امر تاريخي لم يسبق حدوث مثيل له

تنحنح بقوة ليردف بعدها

شرف الدين بدهشة : لو اللى بتقوله ده صحيح فهو ملوش غير تشخيص واحد و هو تخاطر الاحلام

داغر بدهشة : تخاطر احلام ؟

شرف الدين : حالة بتحصل نادراً و بيبقى فيها الشخص بيحلم بحد معين لفترة ما و ده بيكون ناتج عن تفكيره فى الحد ده كتير او تفكير الشخص التانى فيه
انما فى حالتك انت و تاج و كونك انك متعرفهاش فده الغريب فعلاً ... بس الاكيد هو ان في شيء بيربطكم ببعض

داغر : مش فاهم .... يعنى ايه ممكن يربطنى بيها

شرف الدين بحيرة : مش عارف بس اللي اقدر اعملهولك انى احكيلك كل شيء خاص بحالة تاج يمكن تقدر تساعدها

داغر : اساعدها ؟ انا ؟

اومأ الاخر ليردف مفسراً

شرف الدين : من 3 سنين بالظبط وصلت حالة ما لمستشفى خاص .... بنت عندها 17 سنة مصابة بنزيف فى الرأس لقاها شخص فى مكان مهجور ونقلها فوراً للمستشفى ... بعد تحاليل و اشعة اكتشفو اصابتها بطلق نارى فى الرأس

اتسعت حدقتا داغر بذعر ليردف بتساؤل

داغر : انت .. انت بتتكلم عنها

اومأ الطبيب بهدوء

شرف الدين : لما وصلت كانت فاقدة الوعي و التحاليل اظهرت ان الرصاصة استقرت فى مكان صعب استئصالها منه بعملية جراحية .... طبعاً فى الحالات دى موت المريض بيبقى هو الشيء المتوقع

ابتلع الاخر ريقه بتوتر غير ملحوظ ليومأ يحثه على اكمال حديثه

شرف الدين : بما ان مكنش معاها اى اثبات شخصية لصغر سنها فالمستشفى قررت وضعها على الاجهزة لمدة يوم على اعتبار انها دخلت فى غيبوبة و بعد كده بيشيلو الاجهزة لو مظهرش اى حد من اهلها ... المهم .... تنهد بعمق ليردف ...... قبل ما يعدى اليوم ده كانت هى فاقت بدون اى اثار جانبية من اصابتها باستثناء فقدان الذاكرة و صداع بسيط اتداوى بمسكنات ...... طبعاً دى كانت معجزة ..... بتحصل بس نادراً جداً

قاطعه داغر متسائلاً بدهشة لم يقوى على اخفائها

داغر : لحظة واحدة .. حضرتك بتقول رصاصة فى الراس و صحت فى نفس اليوم ؟

اومأ شرف الدين بابتسامة

شرف الدين : فى حالات اصخم من كده .... مش بيكتشفوا اصابتهم اصلاً الا بعد فترة ..... المهم ان مش دى هى المفاجأة .... الشيء المدهش فعلاً انها رجعت تانى للغيبوبة او اللى افتكروها هما غيبوبة

داغر : اللى افتكروها؟

شرف الدين بضحك : الاخت كانت نايمة ........ مجرد نوم عادى جداً باستثناء شوية حاجات ....... عقد حاجبيه متسائلاً ليردف الاخر موضحاً حديثه ....... كل الموضوع انها مصابة بمرض نفسي نادر واللى اكتشف اصابتها بيه دكتور زميلي شغال هناك.... مرض النوم المتواصل وده اللى خلاها تنام فترة طويلة بعد كده وكانو فاكرينها فى غيبوبة فعلاً

داغر : فترة كبيرة ... انت مش قولت انهم مش بيسمحو يوجودها لو اهلها مظهروش ... وهى كانت فاقدة الذاكرة .. يبقى ازاى ؟؟؟؟؟؟

اومأ الاخر ليردف

شرف الدين : كلامك صح ... لو اهلها مظهروش ... بس لو ظهر فاعل خير اهتم بتكاليف المستشفى فأكيد هيستقبلوها و يعاملوها احسن معاملة..... وده اللى حصل

داغر : فاعل خير ؟

شرف الدين : بالظبط .. فاعل خير غير معروف ... اهتم بالتكاليف الخاصة بيها لغاية ما اتحولت على هنا و لغاية الان بيتكفل بيها

داغر : و ده يبقى مين ؟

شرف الدين : محدش عارف ... البوليس حاول يدور وراه يمكن يكون له دخل بإصابتها او على الاقل على علاقة بيها بس مفيش فايدة ... موصلوش لحاجة ويبقى الوضع على ما هو عليه

انهى الطبيب حديثه ليعم الصمت ارجاء الغرفة قبل ان يقطعه داغر

داغر : عايز اقابلها ..... محتاج اشوفها

تنهد شرف الدين بعمق

شرف الدين : ماشي بس فى شوية حاجات لازم تعرفها قبل ما تقابلها

بعد فترة كان يقف امام غرفتها يتأمل اللافتة المدون عليها الاسم " تاج " و اخيراً حان الوقت للمواجهة .... ظل على وقفته للحظات يسترجع اخر كلمات طبيبها الخاص

فلاش باك

شرف الدين : تاج اتصابت و هى عندها 17 سنة .... ساعة ما فاقت و اكتشفت انها مش فاكرة اى حاجة غير اسمها جالها انهيار عصبي و كانت مصابة برهاب اجتماعى لفترة.. بقت بتهرب من ده بالنوم واللى ساعدها مرضها..... النوم المتواصل لفترات طويلة .... ممكن يوصل لكذا يوم او اسبوع او شهر وساعات سنين ... حسب الحالة النفسية للمريض ... بيبقى عبارة عن نوبات بتيجى على فترات ...... بالنسبة لحالتها ووجودها هنا فالنوبات كترت و نتيجة لده امتنعت عن الاختلاط بأى حد او الكلام معاهم .. فياريت تراعى ده لما تقابلها و متضغطش عليها عشان ده ممكن يأثر عليها بالسلب

نهاية الفلاش باك

استيقظ من شروده ليجد نفسه مازال يقف امام غرفتها ... تنهد بقوة قبل ان يرفع كفه و يدير مقبض الباب و من ثم دلف بهدوء الى الداخل ....فور دخوله انتقلت نظراته بلا ارادة نحو الفراش ليجده خالى تماماً من وجودها .... دارت عيناه بأرجاء الغرفة بحثاً عنها ليراها اخيراً بإحدى زوايا الغرفة تتناول الطعام بهدوء .... ظل يراقبها للحظات قبل ان يتحرك نحوها حتى وصل امام الطاولة الصغيرة الموضوع عليها الطعام .... تنحنح بقوة ليلفت انتباهها لوجوده و مشاركة احدهم لها بالغرفة لكن دون جدوى مازالت منكبة على الطعام تتناوله بشراهة ملحوظة ... عقد حاجبيه بدهشة ليتوجه بحدقتاه محدقاً بطعامها ليجدها قد انهت وجبة كاملة و بدأت بالاخرى بل و اوشكت على انهائها .... طعام كثير بالنسبة لطفلة بحجمها ..... ارتسمت ابتسامة صغيرة على ثغره قبل ان يتحرك ليجلس بالمقعد المقابل لها ليتنحنح مرة اخرى لكن ايضاً دون اى رد فعل من جهتها

داغر : مش كفاية ؟؟؟؟

لاحظ اجفالها و توقفها عن تناول الطعام لثوان قليلة ثم سرعان ما عادت لاستكمال ما تفعله ليردف مرة اخرى

داغر : هتتعبي كده .. كفاية اكل

لا رد

داغر : بالمنظر ده هتتخني مش كفاية انك قصيرة اصلاً

ها هي تتوقف عن طعامها لترفع عيناها نحوه لأول مرة تحدجه بنظرة مغتاظة زادت من اتساع ابتسامته فقد حقق مراده اخيراً و حصل على استجابة منها

استغل تحديقها نحوه ليمد يده نحوها قائلاً بثبات

داغر : العقيد داغر الاسيوطى ..... ثم شملها بنظرة سريعة ليكمل بإبتسامة جانبية ..... او داغر بس بالنسبالك

امالت رأسها لليمين تحدق به بثبات و قد اختفت اخيراً نظراتها المغتاظة لتحل محلها نظرات اخرى لم ينجح فى معرفة كينونتها تلك المرة .. ظلت يداه معلقة بالهواء ليعيد النظر اليها و من ثم اعادها بجانبه مرة اخرى ... استرسل بحديثه

داغر : تاج ؟؟؟

حصل على استجابة اخرى منها لكنها كانت تتلخص فى تجاهلها له و نهوضها متجهة نحو الفراش لتجلس عليه نصف جلسة و قد ضمت قدماها الى صدها مستندة بوجنتاها على ركبيتها .. تامل جلستها تلك للحظات قبل ان يتحرك هو الاخر مقترباً نحوها بهدوء ليجلس على طرف الفراش يتأملها بإهتمام

بدت كآية من الجمال ،كلوحة من زمن سحيق .. خاصة بأشعة الشمس اللامعة علي بشرتها يكاد يقسم لو أن داڤينشي رآها لاستبدلها بالموناليزا ولتكون هي " تاج " ثامن عجائب الدنيا السبع .... نظر اليها ليرى رماديتها ساهمة النظر من النافذة ،حاول لفت انتباهها اليه بشتى الطرق لكن لا شئ ..... لم يرف لها جفن

اعاد سؤاله مرة اخرى

داغر : اسمك تاج مش كده ؟

تفاجأ برأسها ترتفع نحوه تطالعه باهتمام ... لم تحيد بأنظارها عنه لكن وجهها مازال يخلو من اية تعابيرمفهومة ،علي الرغم من ذلك ظن داغر أنه أحرز تقدماً ... حاول أن يسألها

داغر : فاكرة اي حاجة عن طفولتك ؟

خُيل لع رؤية لمعة حزن في عينيها لكنه ظن أنها مخيلته ، جلس برهة دون أي استجابة منها يحاول أن يفكر فيما يجب أن يتحدث فهو لا يعرفها لكنها تزوره كل ليلة بأحلامه ... يحفظ ابتسامتها ... شاركها اللعب علي الرمال ذات حلم .... رائحتها وضحكاتها محفورة داخل ذاكرته ، حاول أن يستغل ذلك لصالحه ليردف فجأة

داغر :بتحبي البحر؟

نظرت له نظرة متسآلة او هكذا ظن ،جلس يحاول أن يحرك شفتيه ببطئ متناسياً انها ليست مريضة بمرض عقلي

داغر بضياع :بحر، موج .. رملة اي حاجة ؟

خطرت فكرة بباله .. ليخرج هاتفه المحمول ومن ثم فتح صور لشواطئ و بحار واقترب منها اكثر ليعرض الصور عليها و لشدة دهشته اتسعت عينيها بلهفة ولاح شبح ابتسامة علي شفتيها ولأول مرة قامت برفع يدها اليمني تتلمس شاشة الهاتف كأنها تسترجع ذكري قديمة أو مجرد حلم ؟؟

داغر بلهفة : بحر ..... يعنى فاكرة صح ؟ احنا اتقابلنا و .......

نقلت عيناها من الهاتف اليه تطالعه بأعين متسائلة حائرة

داغر : ايوة اتقابلنا ... ثم اكمل باحباط ...... فى الحلم

شعر و كأنه عاد لنقطة الصفر لكن سرعان ما عاد لدهشتة عند رؤيته لابتسامتها الواسعة و تمسكها بذراعه بشدة و من ثم تحركت سريعاً تلتقط من الطاولة بجانب الفراش دفتر للرسم لم يلحظه منذ دخولها لتشرع بعدها برسم شيئاً ما شهق هو لرؤيته فور انتهائها

داغربتقطع اثر دهشته : ده ..... ده تاج .... ثم استرجع ذكرياته على الشاطيء مردفاً ... الرسم على الرملة

نظر نحوها بتساؤل ليجدها تومأ بابتسامة واسعة و اعين دامعة

بعد عدة ايام

كان بمكتبه يسترجع ذكرى زيارته الاولى لها و ما تلى تعارفهم من حديث شيق .. بالطبع من جهته هو فلقد التزمت الصمت كما هى فقط كانت تتفاعل معه بحركاتها و قد اخبره طبيبها انه تقدم ملحوظ و مبشر نظراً لحالتها

استيقظ من افكاره على صوت صديقه رامي يدلف بمزاحه المعتاد

رامي بمرح : الجميل سرحان في ايه ؟

داغر بتعب : خير يا زفت فى ايه ؟

رامي : اقوله الجميل يقولى يا زفت يا اخي حس بيا شوية و كلمني عدل

داغر : رامي و حياة خالتك تسيبني فى حالى انا دماغي مشغولة بمليون حاجة

رامي بمرح : ما هى خالتي دي تبقى امك ..... طالعه داغر بغضب ليتنحنح بتوتر محاولاً تدارك الامر ..... المهم ... مالك يا سيدي مشغول بإيه ؟

داغر بتنهيدة : طارق مات

رامي بفرح : يا فرج الله ... طب و انت مزعل نفسك كده ليه

داغر متأففاً : لأن اللى عملها لازم له حماية .... انت عارف اللى كانو ورا طارق

رامي بتذكر : قصدك البت دي ..... سامر قالي عليها ... دي عيلة يا ابني

تنهد بضيق

داغر : لا ومش كده وبس لا دي كمان مريضة فى المصحة .... طب دي تتأمن ازاى قولى انت

رامي : و انت مالك ؟

داغر بإندفاع : انت بتستهبل بقولك فى خطر و مينفعش اسيبها .... ثم تدارك نفسه ليردف متحججاً ..... و بعدين عماد باشا كلفنى بيها

رامي بخبث : بقى كل ده عشان عماد باشا .... الا قولى يا داغر هى البت دي كام سنة

داغر و قد فهم ما يقصد : و انت مال اهلك .... قوم قوم خلينا نمشي .. خالتك قالت انها عزماك على الغدا معانا النهاردة .... قوم يلا

رامي : حبيبتي يا خالتى دايماً حاسة بيا ... يلا يلا خلينا نلحق صينيه الرقاق باللحمة المفرومة

رفع الاخر احدى حاجبيه بدهشة

داغر : و انت عرفت منين هى عاملة ايه ؟

رامي بتلعثم : اصل آآآ........

داغر بوعيد : بتكلمها و توصلها اخباري مش كده ........ و بالمرة تسأل عاملة اكل ايه .... ها اشجيني .. انت اللى عازم نفسك النهاردة مش كده

رامي : ياعم فكها بقى يعنى مستخسر فيا صينية الرقاق ... فينك يا خالتى تيجي تشوفي ابنك المفجوع

داغر : بقى انا مفجوع يا ابن ال ............

رامي بمرح و قد استعد للفرار من امامه : ما هي خالتك ... هتشتم خالتك يا دودو

اتسعت عينا الاخير قبل ان يجز على اسنانه بغيظ ليعدو خلفه هامساً

داغر : دودو .... ماشي يا ابن امك اتلايم عليك بس

ومن ثم تبع الاخر الى خارج المبني متوعداً له عند وصولهم للمنزل

رواية الداغر الفصل الرابع 4 - أمنية

يتناولون الطعام بهدوء لم يخلو بالطبع من مشاكسات رامى مع خالته والدة داغر فى حين كان هو شارداً بحديث سابق دار بينه و بين قائده بالمركز

فلاش باك

بمديرية امن القاهرة

داغر بدهشة : حماية ؟؟؟؟

اومأ قائده الاعلى و الذي استدعاه خصيصاً اليوم بعد وصول خبر فشل الاطباء فى انقاذ طارق

عماد ( قائده ) : ايوة ..طارق مات ... حاولو معاه بس ربنا اراد .... و انت عارف انه كان متوصي عليه من ناس كبيرة اوي و مش هيسيبو اللى عملها ينفد منها .... طارق كان مهم اوي ليهم و هى خسرتهم كتير

داغر : بس ياباشا دي .........

عماد : عارف انها مريضة نفسية و ده اللى خلاها تتعفي من اى اجراء ممكن ناخده ضدها .... ده غير انه يعتبر دفاع عن النفس

داغر بجدية : و المطلوب ؟

عماد : حمايتها ... و بأي طريقة .. دي خلاص بقت مسئوليتك... اكيد مش هنسيبهم يئذوها و كله هيبقى بسببنا

شرد الاخر عدة لحظات قبل ان يومأ ومن ثم ادى تحيته لسيده منصرفاً بعدها الى مكتبه .

نهاية الفلاش باك

استيقظ على هتاف والدته به ليكمل طعامه و الذى توقف عن تناوله نظراً لشروده

اومأ لها بابتسامة قبل ان ينهض فجأة هاتفاً

داغر : الحمد لله شبعت يا امى و ارجوكي متضعطيش عليا .......... هتف بجملته الاخيرة ليقطع احتجاجها و من ثم وجه حديثه لرامي .............. وانت خلص و حصلنى على اوضتى عايزك فى موضوع مهم

اومأ رامى بهدوء ليردف وسط تناوله للطعام

رامى : هتلاقيني فى ديلك

ليتجه هو ببطئ نحو غرفته ......... فور دخوله للغرفة تحرك ليجلس على الفراش يفكر بأمر ما ليقطع تفكيره بعد عدة دقائق دخول صديقه يهتف بمرح

رامي : خير يا ابن خالتى ......... منظرك ميطمنش و شكلك ناويلى على نية زى الزفت .......... اشجيني

تنهد داغر بضيق ليمسح على وجهه بكفه و من ثم اردف بثبات

داغر : تاج .............. عايز اعرف اصلها و فصلها ........ وانت اللى هتساعدني

حدق به رامي بعدم استيعاب ليردف

رامى: تاج مين ؟ و اصل و فصل ايه؟

ذفر الاخر بنفاذ صبر

داغربتحذير: فوق معايا شوية .... تاج اللى قتلت طارق .. المستشفى ...... هااا فاكرولا عايزنى افكرك بنفسي

رامي وقد استوعب عن من يتحدث صديقه

رامي: طب مين و فهمناها ... عايز تعرف عنها كل حاجة ليه؟

تحرك داغر من مكانه بعصبية ليردف

داغر : واحدة مكلف بحمايتها يعنى طبيعي استفسر عن كل حاجة تخصها و هى زي ما قولتلك فاقدة الذاكرة

حك الاخر ذقنه بأنامله ليردف

رامي : ايوة برضو هعملها ازاى دي ..... يعنى واحدة فاقدة الذاكرة ومش فاكرة غير اسمها ... معهاش اي اثبات شخصية ولا حتى بطاقة يعنى مش هتبقى متسجلة فى قاعدة البيانات ...... قولى بذكاءك كده هعرف اى حاجة عنها ازاى؟

داغر بتفكير : هقولك .... فى فكرة فى دماغى كده لو نفعت ... احتمال كبير نعرف منها حاجة

رامى بانتباه : فكرة .... فكرة ايه دى ؟

بفيلا ظافر البشري

كان يجلس خلف مكتبه يحدق بالفراغ ليهتف بضيق

ظافر بانزعاج : وبعدين يا نضال مع اللى اسمه داغر ده ... مش سايبنا فى حالنا و عمال يدور و يدعبس ورانا ...... اخرتها ايه ؟

نضال بثقة : يا باشا ما انا اقترحت عليك اكتر من مرة نخلص منه و حضرتك اللى رفضت ...... مش فاهم ايه سر رفضك ده ؟

ظافر : هنفتح العيون علينا

نضال : مين قال كده ... كله هيبقى فى السليم ومحدش هيجيب سيرة معاليك فى الحوار كله

ظافر : مش بالسهولة دى يا نضال .... لو كان الموضوع سهل كده كان تامر الحسيني نجى بعمره

نضال باعتراض : ما انت عارف يا باشا انه مش هو ال.............

ظافر : بس وقع فى ايده و مش هيهداله بال الا لما يوقعني انا كمان ........ هو عارف انى كنت الشريك الاساسي لتامر وانى كنت السبب فى موت ابوه ... و اللى زي داغر دول مش بيرحمو ولا هيهدو الا لما ياخدو بتارهم

نضال : طب و العمل ؟

ظافر بوعيد و مكر : هو اتخطى حدوده فى الفترة الاخيرة وفاكر نفسه سبقنا بخطوة ...... انا بقى هرجعه بدل الخطوة دى ألف

بعد اسبوع بالمشفى

داغر بسخرية : هو انا كل ما اجيلك الاقيكي بتاكلى ؟ ........ نفسي افهم بتودى كل الاكل ده فين وانتى بالحجم ده

قاطع تناولها وجبتها بسلام صوته الساخر لتجفل اثر المفاجأة ومن ثم ترفع حدقتاها سريعاً عن الطعام باحثة عن مصدر صوت ألفته فى الفترة الاخيرة وسرعان ما انفرجت شفتاها و كشفت عن ابتسامة واسعة فرحاً بقدومه لزيارتها

وقف للحظات يتأمل استجابة اعتادها منها بالفترة الاخيرة والتى تكررت خلال زياراته المتعددة لها لتعتاد هى على وجوده فى حين ازداد هو تعلقاً بها فمنذ مقابلتها بالواقع بعيداً عن احلامه اصبح لا يكتفى برؤيتها فى منامه كما كان فى السابق .... تنهد بهدوء ومن ثم سحب كرسي واقترب منها بجلستها على الفراش فى حين تعلقت عيناها بكل حركة وصوت يصدر منه

داغر بابتسامة : عاملة ايه النهاردة ؟..... كويسة ؟

ظلت تحدق به بابتسامة بلهاء ثم وبعد ثوان قليلة اومأت على استحياء ليتنهد هو بتعب

داغر بحزن : لسة برضو مش هتتكلمي .... الدكتور بتاعك قالى انك معندكيش اي مشكلة فى النطق وان انتى اللى مش عايزة تتكلمي ......... عايز اسمع صوتك .... ممكن ؟؟

ابتسامتها اختفت ليحتل محلها ملامح العبوس والحزن .. تقلب شفتاها الى الخارج بصعوبة هاربة بعيناها الى اللامكان ليتنهد مرة اخرى بيأس ويردف محاولاً تخفيف حدة الجو

داغر : تاج

عادت بأنظارها نحوه تطالعه باهتمام و شغف طفولى رسم البسمة على محياه

داغر : انا مش هغصب عليكي دلوقتى انك تتكلمى لكن وعد منى انه لو حصل و حاولتى ..... هنفذلك اي حاجة تتمنيها مهما كانت

تعلقت عيناها به بحماس لتتسع ابتسماتها تنظر نحوه بشك ومن ثم التقطت دفترها تسجل به شيء ما ثم قدمته نحوه

" أى حاجة مهما كانت؟ "

هذا ما خطته بقلمها لينظر نحوها بدهشة

داغر : ايوة اى حاجة ... ثم اردف بغيظ .... بس واضح انك معندكيش اى نية للكلام و الدليل انك لقيتي وسيلة للتواصل اهو

ملوحاً بدفترها فى الهواء لتلتقطه منه فجأة و تعيد كتابة شيء ما مرة اخرى

" هحاول ... أوعدك .. لان عندى امنية نفسي احققها "

قرأ ما دونته لينظر نحوها بحنو

داغر : وانا عند وعدى لو حصل و اتكلمتى ... اطلبي و اتمنى وانا عليا انى انفذ ... ثم اكمل بمرح .... ها بقى يا بيكاسو ... رسمتى حاجة النهاردة ؟؟؟

اومأت له بسعادة ومن ثم امسكت بدفترها تقلب به بسرعة لتأتى برسمة اليوم لكن اوقفتها يده على احدى الصفحات ليتأملها بدهشة

وجه رجل يبدو فى اواخر العشرينات ملامحه ليست مرسومة بإتقان نظراً لكونها هاوية لا اكثر لكن يمكن التعرف على الشخص من الرسمة

داغر : انتى اللى رسمتي دي؟

اومأت بهدوء ليكمل متسائلاً

داغر : مين ده ؟

ظلت تحدق به للحظات قبل ان تدون اجابتها

" معرفش فجأة لقيت نفسي برسمه "

تعجب لجوابها ذاك لكن بعد تفكير بسيط ادرك انه ربما يكون شخص ما قد تعاملت معه بالماضي .... نظر نحوها ليجدها تحدق به بتوتر فرسم ابتسامة هادئة و اردف

داغر : مورتنيش بقى رسمتي ايه ؟

قاطع حديثهم رنين هاتفه لتنتفض فزعاً من صوت غير معتادة عليه ..... احاط كفها بكفه كرد فعل على فزعها مطمئناً اياها

داغر بحنان : اهدى اهدى ده صوت موبايلي

هدأت قليلاً تنظر نحو كفه بتوتر لم يلحظه ليسحب يده و يجيب الهاتف بجدية مفاجئة

داغر : الو

رامى : داغر ... انت فين ؟

داغر : مشوار .. خير ؟

رامى : ليك عندى اخبار انما ايه ..... هتبهرك

داغر : بخصوص ؟

رامى بتهكم : البرنسيس تاج

حول انظاره نحوها ليجدها تطالعه بابتسامة بادلها بأخرى بعدها نهض من جلسته مودعاً اياها على وعد بلقاء قريب

خرج من الغرفة مغلقاً بابها خلفه ومن ثم القى بأوامره على افراد حراستها و الذين امر بتواجدهم بالفترة الاخيرة على باب غرفتها لحمايتها ... انتهى من سرد اوامره ومازال رامى ينتظره على الجهة الاخرى من الهاتف ....... رفعه لاذنه و اردف بثبات

داغر : انت فين ؟ فى البيت ولا المكتب ؟

رامى بجدية : لا فى مصنع الحاج القديم

داغر : مصنع ابوك ؟ ...... خير؟

ألقى رامى نظره بأرجاء مصنع مهجور منذ زمن .. تحديداً نحو شخص مقيد بإحكام بكرسي خشبي .. يهمهم بكلام غير مفهوم اثر لصاقة وُضعت على فمه

رامى بغموض : معايا ضيف و عنده كلام مهم ليك .... مستنيك متتأخرش ... سلام

داغر بدهشة : سلام

وصل داغر بعد فترة الى المكان المنشود ليدلف بهدوء و يرى المشهد امامه ليصيبه الذهول

داغر : انت عملت ايه ؟ ومين ده ؟

حدق بالرجل بتركيز ..... يشعر ان ملامحه مألوفة الى حد ما .... ليدرك فجأة ان ملامحه هى نفسها ملامح الرجل برسمة تاج لتتوحش عيناه و يدرك وجود علاقة تربطه بها

رامى بابتسامة : اعرفك .... عمر

داغر بغضب و عصبية : هو انا هسحب منك الكلام ما تنطق يا زفت مين ده و هبب ايه عشان تربطه بالمنظر ده ؟

رامي بغيظ : زفت ؟ بقى ده جزاتى ...... ماشي انا كنت عارف انى دى هتبقى اخرتها

داغر : يوووه انطق و وقول مين ده لحسن و ربي ل...........

رمي : خلاص خلاص ...... ده يا سيدي يبقى اللى لقى تاج مصابة ونقلها المستشفى

داغر بدهشة : ايه ؟.... انت بتقول ايه ؟

رامي : لا وخد دى كمان ......ثم قطع حديثه ليردف ..... ولا اقولك خليه هو اللى يبلغك بنفسه .... اه انا مش مستغنى عن نفسي

توجه داغر بنفاذ صبر نحو الرجل المقيد ليزيل اللصاقة عن فمه

داغر : انطق قول لقيتها فين و تعرف ايه عنها

عمر بخوف : يا باشا انا معرفش حاجة .. كل الحكاية انى لقيتها و نقلتها المستشفى ... بس كده

رامي بعصبية و صراخ : ولا ... انطق و قول اللى قولتهولى من شوية بدل ما اعلقك مكانك هنا .... انطق

نفذ صبره ليستل سلاحه من مكانه موجههاً اياه نحو رأس عمر ليهتف بنفاذ صبر

داغر : هاااا هتنطق ولا اطيرلك نافوخك

عمر برعب : هنطق يا باشا ......... اااااااا .... هى .. تبقى تاج هانم بنت الباشا اللى كنت شغال عنده و اتصابت برصاصة طايشة وآ.....

داغر مقاطعاً : باشا .... باشا مين ؟ ...... اسمها تاج اييييه ؟ انطق بدل ما..............

بلع ريقه و بلل شفتاه بتوتر ليكمل مقاطعاً تهديد داغر

عمر : تاج ...... تاج تامر الحسيني ..... بنت تامر بيه الحسيني

رواية الداغر الفصل الخامس 5 - خطر

بمنزل داغر

حنان بقلق : قولى يا ابني ايه اللى حصل و خلاه بالمنظر ده .... من ساعة ما جيتو من برة و هو فى اوضته قافل على نفسه زي ما انت شايف ... ده بقاله تلات ساعات حابس نفسه فيها

وجهت حديثها نحو رامي القابع امامها يحاول طمأنتها على حال صديقه و ابن خالته لكن .... هل يهدأ باله هو نفسه ؟؟؟؟؟ ... يتذكر منذ تفوه ذاك الرجل بأن تاج تكون ابنة الحسيني و هو هاديء بشكل مريب ..... اطلق صراحه بعد ما حدث لينصرف الشاب فوراً فى حين بقى الاخر على صمته طوال الطريق الى هنا ........ بماذا يفكر و الى اين اهتدى بتفكيره ؟ لا يعلم

تنهد بقورة ليجيب خالته

رامي بهدوء مصطنع : متقلقيش يا خالتي مشكلة و هتتحل بس انتى عارفة ابنك بيكبر المواضيع

حنان : بس ياابني ده آ...........

قاطعها خروج داغر من غرفته لتتعلق الانظار به بقلق و توتر فى حين كانت ملامحه جامدة كالمعتاد .... توجه نحو والدته ليميل عليها مقبلاً رأسها بحنان

داغر : متقلقيش يا ست الكل ... كل حاجة تمام ..... مشكلة بس و كنت عايز اهدي عشان الاقي ليها حل و لقيته خلاص

ربتت على يده الموضوعة على كتفها لتردف بهدوء

حنان : ربنا يريح بالك يا ابنى .... ثم وجهت نظرها نحو رامي هاتفة بحب ..... انا هقوم احضرلكم الغدا .... ولا يا رامي خليك اتغدى معانا متمشيش

رامي بمرح : امشي و فى اكل ؟؟؟؟ انتى تعرفى عنى كده برضو

اجابته بإبتسامة ومن ثم نهضت لتتركهم بمفردهم

توجه داغر ليستلقي بتعب على احدى الارائك فى حين هتف رامي بقلق

رامي : نويت على ايه ؟

داغر بهدوء : فى ايه ؟

رامي : موضوع البت دي ؟؟

داغر : تاج ؟ مالها ؟

رامي بعصبية : داغر متجننيش ... انت عارف اقصد ايه .... اوعى .. اوعى يا داغر تكون بتفكر انك تأذيها عشان ابوها و اللى عمله

داغر بتهكم : أأذيها ؟ ......... شكلك بتتفرج على افلام كتير و جو الانتقام ده لاحس عقلك

رامي بقلق و خوف : امال ؟ ناوي تقتلها على طول ؟

اتسعت حدقتا داغر بدهشة قبل ان يحرك رأسه يميناً و يساراً بيأس

داغر : انت يا ابني الدراما مأثرة عليك جامد ... لازم تشوفلك حل فى الموضوع ده ... تنهد قبل ان يردف بهدوء ..... كل الحكاية انى هكمل حمايتي ليها و اهو تبقى تحت عيني يمكن توصلنى لحاجة بخصوص شريك ابوها

تنهد رامي براحة ليردف

رامي بتفكير : تفتكر ممكن ؟

داغر : ليه لأ .... طالما هى تبقى بنت الحسيني يبقى مش مستبعد انها تعرف شريكه .. المشكلة بس انها مش فاكرة حاجة للاسف

رامي : و لو افتكرت ؟

داغر بتفكير : يبقى وقعنا على كنز ..... و هتبقى الحكاية مفهومة

رامي بدهشة : حكاية ايه ؟

شرد الاخر لفترة قبل ان يجيب بغموض

داغر بشرود : حكاية الاحلام

مرت فترة امتنع فيها عن زيارتها لتظل شاردة وحيدة بغرفتها و يعود الحال كما كان فى السابق .... هدوء و ملل وتجاهل لما حولها ..... حتى الطعام اكتفت بالقليل منه على غير عادتها .. اسبوع كامل مر دون رؤيتها له ...... هل نساها ام يتهرب من وعده لها ....... هذا ما كانت تفكر به طوال فترة غيابه .......... قطع شرودها ذاك دلوف شخص ما الى حجرتها لتلتفت نحو الباب بلهفة ظناً منها انه هو .. لكن و كالعادة يخيب املها .....

تقدم شرف الدين نحو الفراش بخطوات بطيئة ليجلس امامها قائلاً بإبتسامة حنونة

شرف الدين: صباح الخير يا تاج ..... ايه الاخبار النهاردة ؟ لسة زعلانة برضو

تجاهلت حديثه و ظلت على شرودها ليتنهد بتعب

شرف الدين: و بعدين معاكي يا تاج هتفضلي كده لحد امتى ؟ عاجبك قعدتك هنا بالمنظر ده و انتى الحل فى ايدك ..... ثم اردف بمكر ....... فكرك هو فرحان بيكي كده

حركت بؤبؤ عينيها بإهتمام اثر ذكره لتلفت نحو شرف الدين تراقبه بإهتمام ليكمل هو قائلاً

شرف الدين: ايوة اقصد داغر ...... فكرك ايه اللى هيخليه يسيب شغله و حياته و يجي يزورك هنا ..... ليه متفكريش بذكاء و تشوفي ايه الحل اللى يخليكي تجذبي اهتمامه و تخليه يهتم بيكي و ميسبكيش بالمنظر ده

طالعته بتساؤل

شرف الدين: تتكلمى ..... تخرجى من المكان المريض ده .... انتى سليمة مش مريضة عشان تتحبسي هنا ... لازم تتكلمى و تخرجى و تعيشي حياتك ... لازم تخدي فرصتك يا تاج .... ده حقك ومش لازم ابداً تتنازلى عنه مهما حصل

لحظات امتدت لدقائق تليها اخرى ظلت على صمتها فى حين كان يطالعها بإهتمام ظناً منه انها ستمتثل لأمره لكن طال انتظاره دون جدوى ليتنهد بتعب و يتحرك متجهاً الى الخارج

بعد خروجه من الغرفة و توجهه للمرورعلى باقى مرضاه سمع صراخ يصدر من غرفتها....... تيبست قدماه دهشةً لسماعه هذا الصراخ و قلقاً من سببه .. ليتحرك سريعاً نحو مصدر الصوت و الذي ما كان سوى غرفتها .... قطع الممر بطوله ركضاً ليسمع صرختها التالية و تلك المرة هتفت إسمه بعذاب

تاج : داااااااااااغر

بعد ساعة نرى افراد حراستها يقفون منكسي الرأس فى حين كان هو فى اقصى حالات غضبه و سخطه ... يصرخ بهم

داغر : يعنى اييييييه اللى حصل ده ........... مشغل شوية بقر معايا ...... عايز افهم يعنى ايه مش لاقينها ..... سايبة هي ولا ايه

احد الحرس : يا باشا .. الدكتور كان عندها فقولنا الوضع امان مفيش دقيقتين روحنا ناكل اى حاجة تسندنا بقية اليوم لقينا اللى حصل ده .... قلبنا المستشفى عليها لكن مش باينلها اى اثر

داغر موجهاً حديثه للامن الخاص بالمشفى: و كاميرات المراقبة ؟

افراد الامن : كانت متوقفة الفترة دي عن العمل بفعل فاعل

داغر بغضب مخيف و صراخ : لا دي متظبطة بقى ..... انا عايز افهم انتو ازاى مُكلفين بحمايا المرضى ...... بقى هى دي المستشفيات اللى بيتدفع فيها فلوس قد كده ..... ده انا هوديكو فى ستين داهية

احدى العمال بغيظ : اذا كان البوليس نفسه معرفش يحميها .. امن المستشفى هيعرف

داغر بسخط : مش شغلك يا روح امك .. تحب تشرف عندنا و تشوف شغلنا بنفسك ...... اتلم يلاااا .... ثم اردف بصراخ موجهاً حديثه للعاملين المتجمهرين حوله ....... وكل واحد يحط جزمة فى بوقه و يروح يشوف شغله ..... و اللى عنده اي حاجة يضيفها او شافها بالصدفة تخص المريضة اللى اتخطفت يحصلنى على الدكتور بتاعها ......... ظل الجميع بمكانهم ليعيد قائلاً ...... اتحركوا احسن و رحمة ابويا تشوفو منى ايام سودة

تحرك الجميع منصرفاً لاتمام عملهم فى حين القى هو نظرة اخيرة نحو افراد الحراسة

داغر : هتتحولو للتحقيق فوراً و اعتبرو نفسكم يا موقوفين عن العمل يا مفصولين .... و ياويلكو لو البت مظهرتش خلال النهاردة او بكرة بالكتير ... انا اللى هتصرف معاكم بمعرفتي

اومأوا جميعاً له ليذفر بضيق و من ثم تحرك متوجهاً نحو غرفة الطبيب

عند شرف الدين

دلف الى الداخل ليراه يجلس منكس الرأس حزين ..... تنحنح داغر ليلفت انتباهه لوجوده فرفع شرف الدين رأسه ناحية الصوت و نهض فجأة

شرف الدين بإهتمام : داغر باشا .... فيه جديد ؟

تنهد داغر بعمق قبل ان يومأ بالنفى ومن ثم تحرك نحو احد المقاعد امام المكتب يجلس عليه ليفعل شرف الدين المثل

داغر : ملهاش اى أثر .... انا مش فاهم حاجة زى دى ازاى تحصل فى عز النهار و عيني عينك كده ... والبقر اللى بيحرسوها كانو فين ساعتها مش فاهم

شرف الدين: كل حاجة بنعملها فيها نسبة خطأ و حاجة زى دى وارد انها تحصل ... انا بس كل قلقي عليها لأنى عارف ان اللى عمل كده و خطفها هيأذيها ... و اللى حصل من يومين يثبت ده

داغر بغموض : تقصد موضوع الدوا اياه ؟

اومأ الاخر ليردف

شرف الدين: البنت اللى انتحلت شخصية ممرضة هنا و دخلتلها كانت على وشك انها تديها دوا بيؤدي لاضطراب فى الذاكرة و فى حالة تاج كان هيمنع اى استعادة لذكرياتها السابقة وده حصل بعد ما بلغتنى انك لاحظت انها بدأت تتذكر بعض الاشخاص و الاحداث اللى مرت بيها

داغر بتفكير : قصدك اللى عمل كده من يومين و اللى خطفها النهاردة عايز انها متفتكرش حاجة .... يعنى وجودها خطر عليه

اومأ شرف الدين بهدوء ليكمل داغر متسائلاً

داغر : طب و هي حالتها ايه ؟ يعنى لو اللى خطفها لسة عايزها عايشة هل مرضها ممكن يأثر على حياتها

شرف الدين : لا ... و ده اللى مطمنى شوية ... العلاج اللى كانت بتاخده انتهى من فترة لأنها شبه اتعالجت من مرض النوم فمبقتش محتاجاه و كان انتظارنا بس انها تتكلم و بكده هيكون كورس العلاج انتهى .... ثم اردف بإبتسامة صغيرة يشوبها الحزن و الحسرة .... عارف ... اخر خطوة فى علاجها تمت خلاص ... ساعة ما حصل اللى حصل انا سمعت صوتها بتصرخ ... بإسمك

داغر بدهشة : تقصد انها .......

اومأ شرف الدين

شرف الدين بإبتسامة : ايوة اتكلمت خلاص ... يعنى مبقاش فى اى داعي لرجوعها هنا حتى لو حصل و وصلتلها

بفيلا ظافر البشري

هب ظافر من جلسته يضرب بكفيه على مكتبه صارخاً

ظافر بغضب : يعنى ايه اتخطفت ...... و بعدين مين اللى هيفكر يخطفها ولا يجي جنبها ... هو لعب عيال و لا ايه ... ثم فين الحمير اللى مُكلفين بمراقبتها ... ايه مشغل معايا شوية عيال

نضال بتوتر : يا باشا محدش توقع ان ده يحصل و بعدين هى مين اللى هيفكر يئذيها يعنى .... ده غير مراقبتنا ليها كان فيه حراسة تبع البوليس متمسمرين قدام اوضتها .... ده معناه ان اللى عملها مش سهل

ظافر بغضب و ثورة : سهل و لا صعب ميخصنيش ... البت ترجع احسن ما كلكو هتروحو ورا الشمس فااااهم ..... انا كنت عارف انها مكنش ينفع تفضل عايشة بس شورتك المهببة

نضال : يا باشا هى كانت مكسب لينا ساعة ما.......

ظافر مقاطعاً : كاااانت ... كانت ومن ساعة اللى حصل و هى ورقة محروقة خلاص و كان لازم نخلص منها ... بس ملحوقة

نضال بشك : قصدك ايه يا باشا ؟

ظافر بغموض : نلاقيها بس و هتعرف قصدي .... ثم عاود الجلوس مرة اخرى ليردف بعملية ..... الشحنة وصلت ؟

نضال بتوتر : وصلت ياباشا بس ......

ظافر : بس ايه ؟

نضال : فى بنتين هربو

ظافر بصراخ : نعم يا خويا ... يعنى ايه هربو .... هو يوم باين من اوله ... هربو فين و ازاى ؟

نضال : بنتين حاولو يهربو بس لحقناهم ياباشا لكن العيال الاغبية ضربوهم بالنار

ظافر بشراسة : موتوهم ... الاغبية ولاد ال***** ... كنت بلاقيهم فى الشارع انا و لا ايه ... وبعدين عز عمل ايه ؟

نضال : ولا حاجة ... هو يقدر يفتح بوقه معانا اصلاً .. وبعدين ما انت عارفو .. اهم حاجة عنده مزاجه و البنات المرة دى كانو متنقيين على الفرازة

ظافر بتنهيدة : حظنا حلو انهم تبع شحنة عز والا كنا روحنا فى سين و جيم ..... نهايته .. خلى بالك من الجو اليومين دول ... خطف تاج مش فى صالحنا ... لو البت دي افتكرت اى حاجة هنروح كلنا فى داهية

نضال بتوعد : تمام يا باشا .... انا مش هيغمضلى عين الا لما الاقيها و اجيبها تحت رجليك.. تطلب السماح و العفو منك

ظافر بتبرم و قلق : لما نشوف

بمنزل داغر

دلف الى المنزل لتستقبله والدته بقلق

حنان : اخيراً وصلت ... ممكن تفهمنى بقى ايه اللى بيحصل و فى ايه مخبيه عليا ؟

تحرك داغر متجاوزاً والدته ليرتمي بتعب على احدى الارائك

داغر : ايه اللى حصل يا امى ومالك قلقانة ليه ؟ قوليلى صحيح ايه الاحوال هنا ؟

حنان : الاحوال زي ما سبتها ... و قلقانة عشان حالك مش عاجبني و تصرفاتك الاخيرة تقلق .... والنهاردة ممكن افهم ايه اللى بيحصل و مش بترد على تليفونات ابن خالتك ليه ... ده مصدعنى ... " داغر وصل يا خالتى ؟" " داغر كلمك يا خالتى؟ " " امانة عليكي تخليه يكلمنى اول ما يوصل " .... وبعدهالك يا ابني اخرتها ايه

داغر بتصميم : اخرتها عدل و راحة يا امى ... اخرتها حق بيرجع لصحابه

حنان : يا ابنى ........

داغر مقاطعاً : متقلقيش يا امى ... انا ..........

قاطع حديثه رنين هاتفه و بنفس الوقت رنين جرس منزلهم لتتحرك والدته لفتح الباب فى حين هو كان يجيب هاتفه

داغر : الو ... ايوة ياباشا تحت امرك .... الوضع تحت السيطرة و احنا شغالين يا افندم ..... تمام تمام .. اى جديد هبلغ بيه حضرتك ... مع السلامة يا افندم

انهى الاتصال يذفر بضيق ليجد رامي يدلف حيث يجلس ... يهتف بغضب و قلق

رامي : تصدق انك بنى ادم معندكش ريحة الدم ... سايبنى داير على كعوب رجليا ادور عليك من المكتب للمستشفى لهنا ... ممكن افهم حضرتك مش معبرني و لا بترد على مكالماتى ليه ؟

تأفف داغر لينهض متجهاً نحو غرفته هاتفاً

داغر : مشغول

تحرك رامي يتبعه

رامي : مشغول ؟؟؟ يخربيت برودك يا اخى بس هقول ايه .... ها عملت ايه فى موضوع البت دى ... سمعت انها اتخطفت و .........

قطع حديثه دلوفه لغرفة داغر و رؤيته لها ... هى تستلقى بهدوء على الفراش تبدو مستغرقة فى النوم بشدة لتتسع حدقتاه و تخرج منه شهقة تنبه لها داغر ليقلب عيناه بتملل و من ثم اخذ ملابسه و سحب ابنة خالته معه الى خارج الغرفة نحو عرفة اخرى فارغة

ظل رامى على وضعه ليرفع يده بدهشة مشيراً الى غرفته و عيناه لا تحيد عن بابها المغلق

رامي بتلعثم: دي ... دي ................ دي هي

اومأ داغر بهدوء ومن ثم شرع بتبديل ملابسه

رامي : دي البت بتاعة المستشفى .. اللى اتخطفت

داغر : ايوة هي

نقل نظراته الحائرة نحو داغر ليردف بدهشة

رامي بحيرة : ايوة هي ؟؟؟؟ و دي بتعمل ايه فى اوضتك ان شاء الله .. لا و على سريرك كمان.... هى مش كانت مخطوفة

انتهى داغر من ارتداء التيشرت المنزلى خاصته ليردف بهدوء و ابتسامة واسعة

داغر : ايوة ما هو انا اللى خطفتها
google-playkhamsatmostaqltradent