رواية ألفة ووصال الفصل الثالث 3 - بقلم ايه شاكر

 رواية ألفة ووصال الفصل الثالث 3 - بقلم ايه شاكر

- أنا عرفت مين اللي فـ.ـبرك صور نجمه وكريم ولا الحوجه ليكِ.

قريت الرسالة أكتر من مره وأنا مستنيه منه رسالة تانيه، حركت الموبايل وأنا بقول:
- عرفت إزاي؟ ابعت بقا تفاصيل... يلا مستنياك... ابعت بقا.
واستنيت كتير يمكن ساعه كاملة وهو مبعتش ولا كلمة إضافية! حتى مش معايا رصيد أكلمه، فرميت الموبايل ونفخت بضيق. قفلت عيني وبدأت أتخيل سيناريوهات مختلفه، ولما حاول يسحبني حبل النوم فتحت عيني على وسعها، ما أنا لازم أصلي الفجر.
ومع ذلك سحبني النوم من غير ما أحس.
صحيت الصبح على صوت ضحكات أولاد خالتي، قال واحد منهم:
- الأميرة النائمة استيقظت.
والثاني وهو بيضحك:
- الأميره كانت عامله بيبي على نفسها بالليل.

وقال الثالث «بودي» ببراءة ونبرة طفولية:
- دي غرقتني... عـ... عملت بيبي عليا.

قلت وأنا بتعدل:
- أنا اللي غرفتك ولا إنت اللي غرقتني؟! صحيح ضـ ـربني وبكى وسبقني واشتكى.

نفخت بضيق وقمت وهما بيتهامسوا ويبصولي ويضحكوا، هديت نفسي وقلت عيال بقا ما احنا كنا عيال!
بصيت في الساعه لقيتها ٩ الصبح! و مسمعتش الفجر!

وعشان أواسي نفسي رددت بصوت مسموع حديث رسول الله ﷺ: «رُفع القلم عن ثلاثة، عن النائم حتى يستيقظ، والمجنون حتى يفيق، والصغير حتى يبلغ»

قلت أخر كلمة وأنا ببص للأطفال، وكلماتهم الساخرة وصلالي، فقلت:
- أنا إيه اللي جابني معاكم الرحله دي!

بصلي الثلاث أطفال وأنا بكلم نفسي وقال أكبرهم:
- إنتِ كويسه يا إيمان؟!

افتكرت رسالة حاتم امبارح وقلت بالفصحى:
- لا أعتقد، فروحي مُنهكة والأفكار أطاحت بها.
- ودي حاجه حلوه ولا وحشه؟
قالها الطفل باستغراب، فقلت:
- مش مهم... إذا كان الكُبار مش فاهمني إنت يا صغير هتفهمني؟!
-أنا مش صغير أنا عندي ١٢ سنه.
وقال الثاني:
- وأنا عندي سبعه سنين يعني كبير برده.
لوحت بايدي وقلت:
- بقولكم ايه أنا عايزه أصلي وأفطر.

وخرجت من الأوضة.
اتمنيت يكون اليوم أفضل من اللي قبله.
فطرنا وروحنا حمام السباحة، وقفت أتفرج على ابن خالتي الكبير وأنا مبتسمة. كان بيسبح بخفه ومرونه، اتمنيت لو كنت أقدر أعمل كده… لكن لا حيائي يمنعني أنزل المايه قدام الناس.
والتفت حوليا أدور على حاتم، كنت عايزه اتكلم معاه، لكن عشان عايزاه النهارده مظهرش!
وكملنا اليوم بين فسح ونوم وأخر حاجه روحناها الملاهي وأنا بتلفت حوليا أدور على حاتم وكأني تايه مني حاجه، وبرده مظهرش حاتم.
- متدوريش عليه، حاتم مشي مع أهله من العصر.
قالها عمي أشرف الي قاعد قصادي على الكرسي. فاصل بينا ترابيزة، وواضح إنه كان بيراقب نظراتي، قلت باندفاع:
- مشي راح فين؟
- سابلك الغردقه كلها ورجع بلده.
بصيت للأرض بزعل، مش لأن حاتم مشي لكن لأني مش هتلاقي إجابة لسؤالي، فكرت أطلب رقمه، أو أبعتله رساله، لكن قررت حل تالت خالص وهو إني أتجاهل الموضوع.

ضحك العم أشرف وأضاف ساخرًا:
- أصل الإنسان ده ربنا كرمه بالعقل لكنه مش بيستخدم ١٪ منه، طول ما الحاجه بتجري وراه بيجري قدامها عشان يهرب منها ولما تجري بعيد عنه بيجري هو وراها!

فهمت إللي يقصده، لكن… هو فاهم غلط أنا مش بجري ورا حاتم، أنا بس عاوزه أفهم معنى رسالة امبارح!

سكتنا شوية، وقال العم أشرف بحمـ ـاس:
- بس لو رجعتِ في كلامك أنا ممكن أكلمه ولما نرجع من الغردقه أجيبه وأجيلكم.

سندت ظهري للكرسي وقلت بحسم:
- لأ طبعًا كلامي مش هرجع فيه، هو أنا ناقصه! ما إنتوا لو عارفين اللي أنا عارفاه كنتوا هترفضوا حاتم ده.

بصيت للسماء وكملت برتمٍ سريع ونبرةٍ حزينة:
- لو تعلمون كم حاولتُ أن أحكي لكم عما يجول بخاطري لكني في اللحظة الأخيرة أعود أدراجي وابتلع كلماتي فتتردد في حلقي وأتألم... فهناك وعد ما قطعته لنجمه.

بص عمي أشرف مكان ما ببص لنجمة في السما وقال معاتبًا:
- إنتِ بتسمعي كرتون كتير يا إيمان ودا مش كويس لصحتك العقلية والنفسية... وضحي كلامك بقا عشان أنا ثقافتي لغة مصرية.

- لغه مصريه!! طيب الحمد لله إن حضرتك مفهمتش.
قلت جملتي تزامنًا مع جلوس خالتي ومعها بودي..

بصتلي بنظرة سريعة وبصت لجوزها بنظرة طويله وكأن بينهم حوار صامت وغامض، فبصيت للناحية التانيه، والتفت لما قالت خالتي:
- بت يا ايمان! لازم توافقي على حاتم أنا وعدت أمك إنك هتقعدي معاه بعد ما ترجعي من السفر.
- دا في المشمش.

«وفي المشمش» أعزائي هي جملة نستخدمها _نحن المصرين _ تعبيرًا عن المستحيل، همست خالتي بتوبيخات مسمعتهاش، بينما قال بودي:
- ماما أنا عايز مشمش.
- مشمش ايه يا بودي دا مش موسمه...
- مليش دعوه... عايز مشمش.
- أحيبلك مشمش منين؟!
- عايز مشمش.

واشتد الحوار وأصر بودي إنه ياكل مشمش، عيط ودبدب في الأرض وصرخ، فبصتلي خالتي بعتاب…
وانتهى بنا المطاف وجوز خالتي شايل «بودي» على كتفه والطفل بيبكي ويتلوى يصرخ:
- عايـــــــــز مشــــمش.

مشيت وراهم في صمت وكنا كل ما يشوفنا طفل، يبص لأهله ويقول:
- ماما عايز مشمش.

وطلعنا من الحديقة وأصوات الأطفال تتداخل:
- عايز مشمش.
فضحكت، يا ريتني قلت مستحيل وانتهى الموضوع!

رجعنا البيت، وطلع عمي أشرف يشوف مشمش، ورجع وبايده كيس فيه مشمش، إديتني خالتي المشمش أغسله وهي بتقول بابتسامة:
- أعتقد كدا ملكيش عذر أدي المشمش!

وقال عمي أشرف:
- فاكهة المشمش الليلة عليها اقبال رهيب، وأنا في السوبر ماركت لقيت ٣ عائلات بيشتروا لعيالهم مشمش...

قالها وضحك فضحكنا جميعًا...
مر يومان وحاتم مش موجود، حسيت إني مفتقداه! مش عارفه ليه الغردقة ضلمت فجأة!

وأخيرًا انتهت رحلة الغردقة ورجعت بيتي وأوضتي وبلكونتي وهواها النقي.

حكيت لأمي تفاصيل الرحلة، فقالت:
- طيب ريحي قلبي يابنتي واقعدي مع حاتم... اتكلمي معاه مش يمكن ترتاحي!

مردتش، فأضافت:
- طيب صلي استخاره مره كمان عشان خاطري.
- عارفه أنا صليت كم مره؟ ٧٩ مره يا ماما!
- كمليهم ٨٠ عشان خاطري واقعدي معاه! يا حبيبتي أنا عايزه مصلحتك.

حاوطت راسي بايدي وقلت:
-طيب سيبيني أنام وبكره ان شاء الله هصلي الاستخاره ٨٠.
ومرت الأيام دون جديد، والدتي بتحاول تقنعني وأنت بطلب وقت أفكر. ورسالة حاتم لسه غامضه ملهاش تفسير لأني مقابلتهوش تاني.
استغفروا.
بقلم آيه شاكر

*******
وفي يوم
دخلت لدرس القرآن في دار التحفيظ في بلدي، وكانت المعلمة بتبصلي بابتسامة واسعة وبتتأملني، ومراقب كل أفعالي! مفهمتش نظراتها إلا لما أخدتني على جنب وقالت:
- هو إنتِ عايزه تتجوزي أخ ولا شخص عادي؟
- مش فاهمه يعني إيه أخ؟
- يعني شخص شيخ وملتحي وحافظ القرآن وكده.
- لأ أنا مش عايزاه أتجوز واحد تبع جماعات والكلام دا.
- لأ متقلقيش هو مش تبع أي حاجه هو مدرس ومحترم وإبن ناس وإنتِ جيتِ في وقتك لأنه بيدور على عروسه تكون بنت حلال ومنتقبه.
- بس أنا مش ناويه اتجوز دلوقتي.
- طيب بس اقعدي معاه وبعدين قرري.

ومسابتليش فرصه أعترض، لأنها كلمت والدتي وحطتني قدام الأمر الواقع وبدأت رحله جديده مع عريس جديد… ومقارنات بين الشيخ المدرس والدكتور حاتم، قالت والداتي:
- قرري بقا يا حاتم يا الشيخ اللي متقدملك.

وبعد يومين صليتُ استخارة وقررت أخيرًا أن أقابل حاتم، لأني بكره المشايخ والمدرسين والمهندسين والأطباء كمان، فقررت أصرف حاتم بطريقتي. قعدت جنب أمي اللي بتشاهد التلفزيون، عشان أقولها قراري، كنت بقرض ضوافري بتوتر، بصتلي أمي بحدة وقالت بضيق:
- مبروك ياختي موضوع حاتم اتقفل للأبد أتمنى ترتاحي.
في الوقت ده حسيت ومأن كان فيه سكينه في قلبي وانسحبت منه فجأة.

سألتها بتوتر:
- واتقفل ازاي بقا؟!
- باباكي قابل حاتم النهارده صدفه مع واحد صاحبه وعرف إنه خد منه ميعاد عشان هيقابل بنت صاحب باباكي ودكتوره زيه مش زيك فاشله وبمناخير! دا ربنا بيحبه ورحمه منك.

اتجمدت مكاني خاصة لما أضافت والدتي بصرامة:
- مبقاش قدامك إلا الشيخ اللي متقدملك وهتقابليه لما يحدد هو... يا أم مناخير.
قالت أخر كلمة بسخرية فقومت ودخلت أوضتي وقفلت الباب وانفجـ ـرت بالبكاء، كنتُ بقنع نفسي إني بعيط عشان كلام والدتي «فاشلة وبمناخير» لكني كنتُ حزينه لأن موضوع حاتم انتهى! دا أنا كنت بفكر، وممكن كنت أوافق!

وبعد أيامٍ قليلة بدأتُ سنتي التدريبية بمستشفى حكومي «سنة الإمتياز».
كنت لما أقابل شروق صدفة تدير وشها وتعمل نفسها مش شيفاني وبقيت أعمل شكلها وبتصرفاتها دي أقنعت نفسي إني عملت الصح لما رفضت حاتم.

افتكرت بداية مشاكلي مع شروق لما افتكرت إني على علاقة بحبيبها «أكرم» شقيق أسماء، ولكن مفيش أي علاقه بتربطنا إلا إن هو وأسماء عيال خالة أمي ولا شيء أخر.

وتطايرت الأيام حتى نسيت أمر العريس وفي يوم ظهر مره تانيه وأخذ ميعاد للرؤية الشرعية، ومعرفتش أعتراض.
صلوا على خير الأنام.
بقلم آيه شاكر

*********
في صباح يوم الرؤية الشرعية

دخلت المستشفى أمشي بخطواتٍ أقرب للجري عشان ألحق ميعاد البصمة، فعّلتُ بصمتي وتنهدت بارتياح، وقبل ما أتحرك وقف شاب يُفعل بصمته على الجهاز الثاني ولما بصيت ناحيته اتفاجئت إنه حاتم! الدكتور حاتم!

أدركت من نظرته اللي طالت لثانية كاملة أنه عرفني، افتكرت جملته:
«أنا أعرفك من بين ألف منتقبه، عندي الحاسه السادسه بيكِ.»

مش عارفه ليه تحرك شيء في داخلي، آلآن؟! متكلمش حاتم معايا فزعلت، وروحت أستلم تدريبي وأعصابي بتترعش.

واللي زاد الأمر سوء أنه كان بيشتغل في نفس القسم اللي بتدرب فيه، لكنه تجاهل وجودي تمامًا رغم اني على يقين أنه عرفني من أول نظرة، لكنه كان بيتعامل مع من اللي حوليا برتابة وجمود متعودتش عليه منه.

رن موبايلي برقم والدتي فروحت أرد عليها في جنب، قالت والدتي بضيق:
- عرفتي أخر الأخبار؟ حاتم هيخطب بنت صاحب باباكي.

حاولت أخفي صدمتي، قلت:
- طيب كويس...
- منك لله ضيعتِ من ايدك عريس لُقطه بغـ.ـباءك...
وأضافت والدتي بحزم:
- النهارده هتوافقي على العريس اللي هتقابليه غـ ـصب عنك، على الله هو اللي يرضى بمناخيرك دي!

قفلت أمي الخط دون انتظار سماع ردي، فدخلت للحمام وبكيت وأنا بقول لنفسي مش مهم، هقابل العريس وهوافق عليه.

جه الليل وخرجت من المستشفى وأنا روحي مطفية، وقلبي مليان بالمشاعر السلبية، واللي ضغط زر دموعي إني شوفت حاتم بيركب عربية حازم، وجنبه بالمقعد الخلفي شروق وأسماء جنب زوجها بالأمام، الحرباية اللي تعمدت رفع صوتها عشان أسمعه وهي بتقول لحاتم:
- أهلًا بالعريس.

مشيت لوحدي والدموع بتفر من عيني. مش عارفه بعدت عن المستشفى أد إيه وأنا على الحالة دي ومش عارفه أنا بعيط ليه!
جوايا ألف سؤال وعتاب، بلوم نجمة، فينها نجمه تشوف وتسمع صوت أسماء السعيد، أهي رغم الغل اللي جواها وأذيتها للي حواليها سعيده، وأنا حاسه إنها متابتش وقلبها مليان سواد.

وسألت نفسي سؤال تاني ليه ربنا منتقمش منها، أنا عايشه بس على أمل إني أشوفها بتتعا.قب.
نجمه وحشتني أوي، سافرت مع زوجها وأجلت سنة الإمتياز، وحتى مبقيناش نتكلم على النت إلا قليل.
فوقفت من سرحاني على صوت القارئ في الراديو يخرج من أحد المحلات، بقول الله تعالى:
{ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون}

حسيت إن الآية دي ليا، بتخاطبني، فبكيت ومنتبهتش لما اصطدمت في بنت واعتذرت هي:
- آسفه والله...

بصيت للأرض ومسحت عيني، عشان متشوفش دموعي لكنها شافتها وسألتني:
- إنتِ كويسه؟!

وقبل أن أرد بكلمة سمعت صوت شاب بيناديها:
- تسنيم...

رفعت عيني وشوفت الشاب، رفعت بصري وعرفته. دا «ميسرة» اللي شاع عنه بالجامعة أنه على علاقة بصديقتي نجمه! ودي بقا «تسنيم» أخته اللي حكت لي نجمه عنها واللي اتقدم «أكرم» أخو أسماء لخطبتها فرفضت.

كنت ببص لتسنيم وسرحانه، وفوقت على صوت ميسرة:
- إيمان!
استغربت إنه عرفني بالنقاب فسألته:
- حضرتك عرفتني ازاي بالنقاب؟
تابـ.ـعوني كتابات آيه شاكر
اتأخرت عليكم، كان يوم كله ضغط ولسه ماسكه الموبايل من نص ساعه أعدل البارت وأنزله. متنسوش الـتــــــ.ـــفاعـــــل

•تابع الفصل التالي "رواية ألفة ووصال" اضغط على اسم الرواية

تعليقات