رواية القرية الفصل الثالث والعشرون 23 - بقلم اسماعيل موسى

 رواية القرية الفصل الثالث والعشرون 23 - بقلم اسماعيل موسى 

كانت الساحة فوق قمة الجبل تضجّ بصوت الريح وحدها، لكنّ صوت صوفيا اخترق الهواء كالسيف:
"إن كنتَ ألفا بحق… قاتلنى! الآن!"
رفعت سيفها، انحنى النصل تحت ضوء القمر، ووقف قطيع الجبل كلّه يراقب… بين خوفٍ وذهولٍ من جرأة فتاة لم يتجاوز عمرها السابعة عشرة.
خطت صوفيا خطوة للأمام، تدوس الأرض بثبات ووقاحة، وقالت بصوتٍ كله تحدٍ:
"لا أريد وسيطة ولا وصيفة… أريد رأسك أنت يا عونى."
رافا انحنت على ركبة واحدة خلف سيدها، عيناها مشتعلة:
"سيدى… دعنى أقطع لسانها."
أما فاطيما فكانت تبتسم ابتسامة باردة تعرف معنى الصراع الأنثوى أكثر من غيرها، لكنها لم تتدخل.
رفع عونى وجهه… لم يتحرك، لم يرفع يديه، فقط نظر إلى الفتاة التى تتبجح أمامه.
ثم قال بصوت منخفض… لكن الساحة كلّها سمعته:
"تعرفين مصيرك إذا هُزمتِ… أليس كذلك يا صوفيا؟"
تجمدت لحظة قصيرة… لكنّ غرورها كان أثقل من خوفها.
صرخت:
"أنا؟ أُهزم؟ مستحيل."
اقترب منها خطوة، حتى صار بينهما ثلاثة أمتار فقط، وارتفع صدى صوته داخل عقلها قبل أن يدخل أذنيها:
"ستكونين من نسائى… طائعة… خاضعة… تركعين عند قدمى، هذا هو قانون الدم."
اهتز صدرها بنَفَس مضطرب، لكنها أخفت ذلك، رفعت ذقنها بوقاحة:
"لن يحدث هذا أبدًا… لن ألمس الأرض عند قدميك حتى لو تقطّعت عظامى."
ابتسم… تلك الابتسامة التى يعرف القطيع معناها جيدًا.
الابتسامة التى تسبق انحناء الأعناق.
---
تحركت صوفيا.
كانت سريعة… بسرعة لم يتوقعها أحد فى عمرها.
اندفعت كأن جسدها ريشة من نار.
جديلتها الذهبية انطلقت خلفها كألسنة ضوء، ودرعها الجلدى التصق على قوامها المتناسق، يُبرز كتفيها القويّتين وخصرها الضيق، وفخذين صُوّرتا كأنهما منحوتتان للقتال وحده.
عيناها… خضراوان كغابتين مشتعلة من الداخل.
مصاصة الدماء الصغيرة لم تكن جميلة فحسب… بل جميلة وهى تهاجم، جميلة وهى تتحدى ألفا، جميلة وهى ترفع سيفها كأنها ترسم قوسًا من ضوء فوق الهواء.
قفزت على صخرة مرتفعة، دارت حول نفسها نصف دورة، ثم هبطت على الأرض بكل رشاقة الذئاب، سيفها يلمع، وخصلة من شعرها تهتز على خدها.
هى لم تكن تقاتل… كانت تتدلل على المعركة.
ومع ذلك—
عونى لم يتحرك.
عيناه تتابعانها، لا ليردّ الضربة، بل ليقرأ الجمال وهو يشتعل بعناد أمامه.
كم كان سهلًا… وساحرًا… أن يعرف النهاية منذ البداية.
همس داخل عقله وهو يتابع خطواتها:
"ستركعين يا صوفيا…
سواء أردتِ أم لم تريدى…
كل من يقف أمام الألفا… يعرف مصيره."
ولم تكن صوفيا تسمع…
لكن جسدها… كان يعرف تمامًا ما ينتظر.
كان الهواء يثقل شيئًا فشيئًا…
ليس بالبرد، بل بشيء آخر.
شيء لا تراه صوفيا بعينيها… لكنها تشمه.
كانت تتحرك بعناد، تدور حول عونى، تلوّح بسيفها، تتبجّح، لكن شيئًا داخلها بدأ يختلّ.
أنفها—ذلك الأنف الحاد المصنوع من دماء الصيّادين الأوائل—التقط الرائحة التى لا تُخطئ:
رائحة الألفا.
رائحة الهيمنة.
رائحة السيادة المطلقة التى تُجبر الجسد على الطاعة قبل العقل.
توقّفت للحظة… لحظة قصيرة جدًّا، لكنها كانت كافية.
اتسعت حدقتاها.
اهتزّ صدرها بنَفَسٍ حاد.
انقبضت أصابعها على مقبض السيف.
غرورها ظل واقفًا،
لكن جسدها لم يعد ملكًا لها.
ركبتاها ارتختا بلا إرادة.
ظهرها انحنى نصف انحناءة لتستعيد توازنها.
قلبها خفق باعترافٍ لا تريد أن تسمعه:
“هذا… ليس مجرد ألفا.”
همس عونى بنبرة ناعمة، قاتلة كالحديدة الساخنة:
“شممتى قوتى… إذن أنتِ تعرفين.”
صرخت صوفيا محاولةً إنكار ما انكشف من ضعفها، وانقضّت بكل ما تملك من سرعة وغضب.
لكن ما إن وصلت إليه—
حتى ارتفعت قبضته.
قبضة واحدة.
ضربة واحدة.
لم يحتج لشيء آخر.
ضرب الهواء قبل جسدها، ثم ارتطم بكتفها بقوة لم تتخيلها، قوة كفيلة بإطفاء نار جيش كامل.
طارت الصبية من أثر الضربة، جسدها استدار فى الهواء كدمية من قش، ثم—
قبض عليها من حلقها قبل أن تسقط.
رفعها بيد واحدة.
ذراعها وساقاها تتأرجح فى الهواء، قدماها تبحثان عن أرضٍ لا تصل إليها.
كفه وحدها تحكم العالم من تحت ذقنها.
صوتها لم يخرج.
عيناها اتسعتا، خضارهما تلاشى وراء رعبٍ لم تعرفه من قبل.
اقترب وجهه من وجهها، صوته يصطدم بوجهها كما لو أنه يأمر الهواء نفسه:
“هذا هو مصير من يواجه ألفاه.”
ثم رماها أرضًا.
سقطت بقسوة، سيفها انزلق بعيدًا، وجديلتها الذهبية انتشرت فوق التراب.
كانت تحاول النهوض… ولم تستطع.
وقف عونى فوقها، ظلّه يغطيها كاملة.
“اخضعى.”
حاولت التحدّث…
لم يخرج سوى هواء منقطع.
“اخضعى… وإلا كسرتُ عنقك أمام القطيع.”
ارتجفت صوفيا.
ليس من الخوف…
بل من الحقيقة التى دهمت روحها وجسدها في اللحظة نفسها:
هي لا تستطيع مقاومته.
ولا جسدها يريد ذلك.
زحفت على مرفق واحد، جسدها يرفض الوقوف، رأسها منخفض دون إرادة، حتى وصلت إلى قدميه.
وضعت يدها المرتعشة على التراب أمامه.
ثم—ببطءٍ مذل، منكسرة كطفلة أُخمد نورها—انحنت.
قبّلت ظهر يده.
قبّلت التراب عند قدميه.
ثم وضعت جبينها عليه، مستسلمة تمامًا.
قالت بصوتٍ متقطع، محطم… لكنه صادق لأول مرة:
“سيدى…
أخضع.”
وبينما القطيع كله يحدّق فيها،
عرفت صوفيا—كما يعرف كل من رآها—أن تلك اللحظة
لم تكسرها فقط…
بل أَبقتْها حيّة.
انه يخضع كل الفتيات المتمردات فكرت فاطيما العرافه
ولن يهداء له بال حتى يخضع مليكه او تموت وهى تقاوم
رفع الالفا عونى يده، وزوعو الحراسه حول القصر ،شقو ااقنايا ونظفو الطرق
ثم اشار لحريمه ان يلحقو به ،ركضو خلفه خاضعين يخشون التأخر او التقدم
الالفا يملك كل شيء لكن عونى الفا غير عادى، الفا هجين
جحيمى القوة
لا اريد نزاعات همس عونى بأمر، ليرحل الجميع وتحضر صوفيا إلى غرفة الالفا.

 •تابع الفصل التالي "رواية القرية" اضغط على اسم الرواية 

تعليقات