رواية ألفة ووصال الفصل السادس عشر 16 - بقلم ايه شاكر

 رواية ألفة ووصال الفصل السادس عشر 16 - بقلم ايه شاكر

- هي مالها بتعيط كده ليه؟
ارتبك حاتم وقال:
- على فكره هي لسه مش في وعيها يا عمي... متاخدش على كلامها. شويه بس وهتفوق متقلقوش.

قالت والدة ايمان:
- أيوه دي بتخترف... هي هتفضل كده كتير يا دكتور حاتم ولا إيه؟

قاطعهم صوت ايمان:
- يا بــــابـــــا... كان عاوز يبوسني.

وبخطوات مرتبكه، اتجه حاتم يقف جنب والد إيمان وبرر:
- بتخترف يا عمي.

هز والد إيمان راسه وانحنى جنب بنته وقال:
- هو مين ده يا إيمان؟ مين يا حبيبتي؟

تأوهت إيمان نطقت مرة تانيه بحشرجة، ووالدها بيكرر سؤاله وحاتم رامي ودنه معاها، فقالت وهي بتبكي:
- حاتم...
- أنا!!!
قالها حاتم بصدمة وهو بيشاور على نفسه، فبصله والد ايمان بشك، قال حاتم بنبرة مرتعشة:
- والله العظيم أبدًا يا عمي محصلش...

- أنا عارف يابني إنك محترم وابن ناس بس هي أكيد مش هتكذب وهي في البنج.

- والله يا عمي ما حصل حاجه؟ هو أنا لحقت! دا أنا لسه مسلمتش عليها أصلًا.

ضحكت خالة إيمان وقالت:
- والله هم يبكي وهم يضحك!

ضحكوا كلهم، وقاطعهم صوت إيمان:
- عايزه نجمه....

حاول حاتم يهرب من المكان فقال:
- حـ... حاضر... أنا هروح أكلم كريم يجيبها...

راح ناحية الباب وقبل ما يخرج ، نادت إيمان اسمه بصوت عالي وهي بتعيط، فرجعلها وقال:
- نعم... أنا هنا أهوه... إنتِ بتعيطي ليه؟

بلعت ريقها وسألته:
- إنت حاتم؟!
- أيوه أنا حاتم...
- احلف؟
- والله العظيم أنا حاتم... عايزه إيه بس؟

من ناحية تانيه همس والدها لوالدتها وهو بيضحك:
- هي مش شايفه ولا ايه؟!

ردت والدتها بنفس الهمس وباستغراب:
- هو إنت بتضحك على إيه!

حط ايده على بوقع يخفي ضحكاته، وانتبوا من صوت بنتهم العالي:
- حـــــــــــاتـــــم.

قال حاتم بارتباك:
- ايوه يا إيمان أنا جنبك أهوه... بالله عليكِ بلاش فضـ ـايح أكتر من كده.

قالت بحشرجة:
- أنا بحبك يا حاتم.

صدمة تانيه، خلت وش حاتم يحتقن بالد*,ماء من إحراجه.
طبطب والدها على ظهر حاتم وهو بيقول بابتسامة ماكرة:
- يلا ابسط يا عم.

طلع حاتم من بؤرة الإحرج دي لما رن موبايله فأجاب بسرعة واستأذن وخرج من الأوضة وهو في قمة الارتباك، وفضلت إيمان تنادي اسمه بصوت واطي...

بدل والدها النظر بين والدتها وخالتها وهو بيقول مبتسم بسخرية:
-شوفتوا بنت الـ.... إلا ما قالتلي بحبك يا بابا... يعني قاعده في بيتي واكله نايمه شاربه ببلاش وفي الأخر بحبك يا حاتم.

سكت وتنهد بعمق فقالت والدتها:
- ولما إنتِ بتحبيع، رفضتيه ليه من البداية يا إيمان؟

قالت خالتها بضحك:
- طالعه عنيده لأمها.

نادت إيمان إسم حاتم مره تانيه، فانحنت خالتها جوارها وقالت:
- كفايه بقا يا ايمان... أحرجتي الراجل يا شيخه.

من ناحية تانيه.
أنهى «حاتم» المكالمة وهو مرتبك بعدما حكى لحازم اللي حصل، وطلب رقم عمته عشان تقول لنجمه تيجي...

وبعدما انتهى وقف يفكر شويه، وقال لنفسه:
- حازم جاي! ونجمه جايه؟ إيه العك اللي أنا عملته ده.

حاوط رأسه بايديه لفترة.
نفخ بضيق وبص ناحية أوضة إيمان.
افتكرت اللي قالته هي كمان، ومدخلش مرة أخرى وفضل مكانه لحد ما خرج والد إيمان وأخذه من ايده عشان يدخل وهو يقول:
- تعالي يا غالي متتحرجش... تعالى.

بقلم آيه شاكر
صلوا على خير الأنام

*******
وبعد فترة
وبمدخل المستشفى، تقاطعت طرقهم، كانت نجمه ماشيه جنب كريم وهو ماسك ايظيها.
وأسماء ماشيه ورا جوزها، تاقت نظرات أسماء ونجمه،فابتسمت أسماء وجريت على نجمة تحضنها بحرارة وفرحة مزيـ ـفة...

معملتش نجمة أي رد فعل.
ووقف كريم وحازم يتبادلوا النظرات، لحد ما نطق حازم السلام في رتابة مغلفة بإحباط ظهر بنبرته، فرد كريم بجمود وجذب يد نجمة وومشي معها وسألوا أسماء تهمس لزوجها:
- قلة ذوق مفيش بعد كده، دا أنا مخوفتش على نفسي من الكرونا وحضنتها.

- ليه يا أسماء؟! بتحبيها أوي؟ وحشاكِ!!!
قالها حازم بسخرية، فقالت أسماء بتغير الموضوع:
- طريقتك معايا بقت لا تُطاق يا حازم... شايف جوزها ماسك ايديها ازاي! إنت ليه مش بتعمل معايا كده؟!

بص حازم على كريم ونجمه وهو ساكت.
وبص لزوجته بنظرة جامدة باردة قبل ما يتحرك ويسيبها من دون كلمة.
اتشنج بوقها ومشيت ولما تساوت خطواتهم قالت بشك:
- إنت لسه بتحبها صح؟
- ارحميني يا أسماء... ارحميني.

قالها وهو ضاغط على أسنانه، فقالت بانفعال:
- جاوب على سؤالي، بتحبها؟!

كاد هيرد عليها ولكن ظهور حاتم قدامه، خلاه يتحرك ناحيته وهو رافع ايده بيشاور له وبينادي باسمه، ولما وقف قصاده، سأله:
- إيه اللي حصل يا حاتم؟

بص حاتم لاسماء بنظرة سريعة، وقال:
- إيمان تعبت شويه و... وعملت عمليه الزايده.

تدخلت أسماء بضحكة ساخرة حاولت إظهارها كمزاح كان ثقيل:
- من أول يوم عملية يا حاتم! دا إنت شكلك هتشوف معاها أيام بيضه.

مردش حاتم، فقال حازم:
- وهي عامله ايه دلوقتي؟!

- خرجت من العمليات والحمد لله بخير دخلت غرفة عاديه من شويه... يلا أنا رايحلها تعالوا.

قالها حاتم ومشي، فانحنى حازم على أسماء هامسًا:
-متخلنيش أندم إني جيبتك معايا، وبطلي كلام غـ ـبي وتصرفات عبيـ ـطه.

قالها ومشي ورا حاتم، وهمست أسماء في إستياء:
- عبيـ ـطه! ماشي يا سي حازم.

ومشيت ورا حازم بخطوات ثابتة وكأنها معملتش أي حاجه زمان تستحي منها!

مجلس مع زوجها إلا عشان تشوف اللي بيحصل، تمنت لو ترى نجمه وتمنت حضورها وقد كان، وقررت أن تتفرس ملامحها أو ممكن تواجهها بما يشغلها من صور ورسائل، أكيد هتعرضها عليها وتشوف رد فعلها.

من ناحية تانيع
كان حاتم بيضغط على أسنانه غيظ من حضور أسماء، مشافش من حازم أنه صدق اللي قاله كريم عنها وإلا ليه هي معاه لحد الآن!

وقفوا قدام الأوضة اللي اتنقلت ليها إيمان قبل قليل ودخلهت حاتم...

كانت أسماء تبدل النظرات بين حازم ونجمه، بينما كان حازم يزحف ببصره بين لحظة والتانيه يبص لملابس نجمه المحتشمة ويرجع يبص لزوجته وملابسها اللي بتحدد وتبرز مفاتن جسمها، وسأل نفسه ازاي سمح ليعا تخرج كدا؟!

ولما لاحظ كريم اختلاسه النظر لنجمة خلاها تغير مكانها ووقف قدامها متكأ بإحدى ذراعيه على الحائط وكأنه بيحاول يخفيها عن أنظار حازم… حتى حازم لاحظ اللي عمله فدير ظهره.
وأسماء قالت له:
- بطل تبص عليها من تحت لتحت أصل جوزها خد باله... واضح أوي إنه بيحبها وإنها بتحبه... مش زينا؟!

أثارت كلماتها غضبه، فزعق:
- أنا إزاي مأخدتش بالي من القرف اللي إنتِ لبساه ده؟
- قرف!! أنا لابسه قرف؟!
- اللبس ضيق أوي يا مدام.
- هو فين اللي ضيق؟ وبعدين ما أنا طول عمري بلبس كده ولا إنت عاجبك لبس الست نجمه وعاوزني أقلدهالك؟ لا سوري يا حازم أنا مبقلدش حد.

سكت حازم شوية وقال بهدوء:
- عارفه يا أسماء إنتِ مش وحشه، لأ، إنتِ أسوأ مما تخيل عقلي... وأنا مبقتش قادر أستحمل.

قال أخر جملة وهو بيضغط على كل حرف، فقالت أسماء:
- تصدق ولا أنا بقيت قادره أستحمل...

رشقها بنظرة حاده، واتجه ناحية حاتم اللي خرج من الأوضه، وطلب من نجمه تدخل لإيمان أولًا. فهرولت أسماء وهي بتقول لنجمه:
- استني يا نجمه هدخل معاكِ أتطمن عليها.

وقفت نجمه مكانها للحظة تنظر لكريم الذي أومأ لها بعينه أنها تدخل، فتنفست الصعداء ودخلت ووراها أسماء.

بدل حاتم النظر بين كريم وحازم واستأذن ودخل للأوضة. كان خايف تنطق أسماء بكلمات تزعج إيمان وهي في حالتها دي.

وقف حازم يبص لكريم اللي ديرله ظهره ووقف يلعب في موبايله.
تنفس حازم بعمق واتجه ناحيته، وقف وراه للحظه، وانتبه له كريم وبص له لما قال:
- إنت أخويا يا كريم، ابن عمي يعني أخويا، والمفروض الأخ يلتمس العذر لأخوه، لكن إنت عملت شبه اللي خبط شخص بالغلط ولما صرخ من الوجع روحت ضـ ـاربه.

كان حازم بيفرك صوابهه بارتباك.
سكت للحظه وهو باصص لإيديه، وكان كريم باصصله بعمق، لحد ما ىفع حازم بصره،بصزا لبعض للحظات، وابتسم كريم وحضنه، وكمل حازم:
- ورغم كل حاجه يا كريم أنا آسف ليك... متزعلش مني إنت أخويا يا عم.

نطق كريم بأحرف ثقيله:
- أنا اللي آسف ليك يا حازم.

فك حازم عناقه لكريم وسأله:
- من امته يا كريم؟ انتوا عارفين من امته عن مراتي وساكتين؟

- من أيام ما قولنا إن شروق بريئه... ونجمه قررت تسكت عشان خاطر ابنك و... وعشان خاطرك.

- نجمه أخلاقها عاليه وحقيقي ربنا يباركلك فيها ويحفظكم.

ظهرت دمعة محبوسه في عين حازم.
مسح وشه وهو بيتنفس بعمق وقال بقلة حيلة:
- طيب ليه أسماء عملت كده؟ وأنا المفروض أعمل ايه دلوقتي؟ أروح أطلقها؟

- الأول تهدى... ومتاخدش اي قرار دلوقتي، فكر كويس يا حازم لازم تفكر كويس جدًا.

بص حازم للأرض وسكت، فطبطب كريم على كتفه وقال:
- أنا آسف إني قولتلك... لكن يا عم نجمه شدت وداني جامد أوي من يوم ما قولتلك وهي قاعده عند أهلها وزعلانه مني.

تنهد حازم وابتسم بحزن وهو يقول:
- نجمه أختي اللي متربيه في بيتنا يا كريم... زيها زي شروق اوعى تزعلها، فاهم؟

- أكيد مش هزعلها.
قالها كريم، فحضنه حازم والدموع سألت على وشه المره دي، فقال كريم:
- معلش يا حازم... اصبر...

من ناحيه تانيه
كانت إيمان بتبكي وبتتألم من جرحها، ونجمة بصالها بشفقة.
مأظهرتش أسماء أي شفقه، كانت ترفع رأسها لفوف وبتراقب اللي بيحصل وهي عاقده ذراعيها أمام صدرها بجمود.

قالت إيمان:
- عايزه مُسكن مش قادره.

أمسكت نجمه يد إيمان وقالت:
- الممرضه بتجيبه... اهدي وخدي نفس عميق.

نظرت إيمان نحو حاتم وقالت بحشرجة:
- خليها تيجي بسرعه بالله عليك أنا مش قادره.
- حاضر... حاضر...
قالها حاتم وكان هيمشي لولا قول أسماء الساخرة:
- انشفي كده يا بت يا إيمان دا لسه فيه حمل وولاده وبلاوي زرقه.

ضحكت ثم أضافت:
- هو حاتم وشه وحش عليكِ ولا ايه؟!

زهقت إيمان وهي يتكتم وجهها:
- خليها تمشي... خليها تطلع بره مش طايقه أشوفها ولا أسمع صوتها.

- بس يا ايمان عيب كده.
قالتها والدتها، فقالت إيمان بإصرار:
- خليها تمشي... مش طيقاها.

قالت خالة إيمان:
- معلش يا أسماء دي لسه تحت تأثير البنج وبتخترف...

- مش بخترف لأ... هي السبب في كل حاجه وحشه خليها تمشي.
قالتها إيمان والدموع بتخرج من عينيها، فقالت أسماء بضحكات مستفزة لتخفيف احراجها:
- الله! مش همشي أنا واقفه في ملك الحكومة يا ستي.
بصت إيمان لنجمه وقالت:
- خليها تمشي.

هزت نجمه رأسها واتجهت ناحية أسماء وقالت:
- تعالي بره يا أسماء عايزاكِ في موضوع.
- أنا كمان عايزاكِ.

خرجوا، فرجع حاتم لإيمان وقال:
- اهدي بقا خلاص خرجت.

قالت ببكاء:
- هاتلي مسكن بالله عليك مش قادره.
- حاضر حالًا.

خرج حاتم وهو يسمع صوت تأوهات إيمان وبكائها وهو على يقين أن أثر المخدر خلص وأنها دلوقتي في كامل وعيها.

وبعدما قال للممرضة تدي لإيمان علاجها، قرب من حازم اللي كان بيتكلم مع كريم وقال:
- اتصالحتوا؟ حمد الله على السلامه.

ابتسموا، وبصوا ناحية أسماء ونجمه اللي بيتكلموا في جنب ومش واصلهم صوتهم.

وقال حاتم:
- معلش يا حازم ابقى خد أسماء وامشي.
- هي عملت حاجه جوه؟
قالها حازم، فاتوتر حاتم:
- لـ... لأ... بس لو سمحت متخليهاش تدخل جوه تاني.

قالها حاتم ودخل للأوضة، فزفر حازم بقوة وقال لكريم:
- متأكد إنها عملت حاجه بلسانها اللي زي السم ده.
- اتفقنا إنك هتصبر يا حازم وهتفكر بحكمه وعقل.

زفر حازم بقـ.ـوة وقال:
- حكمه وعقل! ادعيلي يا كريم.

قالها وهو بيبص لكريم الذي طبطب على كتفه وقال:
- ناديها وخدها وامشي... ربنا يهديك الحال يارب.

من ناحية تانيه
حكت أسماء لنجمه عن الصور والرسائل وعرضتها عليها ومسكتها من ذراعها بعنـ ـف وقالت:
- أكيد إنت عارفه مين؟ إنتِ أو جوزك أو إيمان! حد فيكم...

سحبت نجمه ذراعها من أسماء وقالت:
- أنا مش مضطره أبررلك حاجه ولا أرد على اتهاماتك.

- أســــــــمـــــاء...
كان صوت حازم اللي ناداها عشان يمشوا فرشقت نجمه بنظرة حادة وقالت:
- أنا مش مسمحاكِ أبدًا على اللي عملتيه فيا.

أطلقت نجمة ضحكة كالزفرة وقالت ساخرة:
- ولا أنا والله، مش قادره أسامحك.

ناداها حازم مرة ثانية وقبل ما تروح له قالت لنجمه:
- أكيد ربنا هينتقم من اللي بيعمل فيا كده...
- روحي لجوزك يا أسماء ربنا يعينك على نفسك.

قالتها نجمه وبعدت عن أسماء خطوتين، وهي بتشاور لكريم فراحلها.

سألها بفضول:
- كانت عايزه إيه؟
- هقولك بعدين بس هدخل أطمن على إيمان الأول...

هز رأسه ومشيت خطوتين ناحية أوضة إيمان وهي بتسأله:
- كنت بتقول إيه إنت وحازم؟!

اتسعت ابتسامته، وقال:
- طيب اطمني على صاحبتك وتعالي نتكلم براحتنا...

ابتسمت له ودخلت أوضة صديقتها والبسمة على وشها، وفي نفسها بتحمد ربنا على الألفة والمودة بينهم.
لما بصت ناحية حازم وأسماء شافت في ملامحهم أنها غارقانه في الحزن وخالية من المودة.
...

استغفروا
بقلم آيه شاكر
★★★★★★
«إيمان»
تاني يوم أُطلق سراحي من المستشفى، بعد ما قال حاتم انب بخير ومحتاجه شوية رعاية بسيطة هيقوم هو بها وأنا في بيتي...

وفي عربية حازم
كنت قاعده في المقعد الأمامي وحاتم سايق.
وفي المقعد الخلفي كانت والدتي وحازم بيتكلموا.
وكنت سرحانه في الطريق وبفكر في اللي حصل لي فجأة! بصيت ناحية حاتم اللي بصلي وابتسم، وتابع الطريق وهو بيسألني:
- مش حاسه بتحسن؟
- الحمد لله...
قلتها بوهنٍ، فقالت والدتي:
- الحمد لله عدت على خير...

تأوهت بخفوت لما حاولت اتعدل في قعدتي، فقال حاتم:
- معلش... فتره وتعدي وهتبقى أحسن من الأول إن شاء الله.
- يارب... كله بيعدي الحمد لله.

قلتها، وانغمست في أفكاري وأنا شايفه عربية والدي في المراية وهي ماشيه ورانا..

شعرت بغصةٍ في حلقي ومش عارفه امته حاوطت قلبي هالة من اليأس؟
ومره تانيه لقيتني حيرانه عشان حاتم.
حاسه إني أنا بقيت بجري في دائره قفلتها على نفسي بعدما اتجوزت حاتم.
بصيتله وهو بيسوق العىبية، وتسائلت هل الشاب ده ميستحقش إني أحبس نفس داخل دايرته؟ أن أكون له وأشاركه حياته وعائلته التي لم يختر أفرادها، ألا يجدر بي أن أمسك يده لنجد باب تلك الدائرة سويًا ونهتدي لطريقنا..
أحمد الله أن عقد قراننا قد تم وانتهى الأمر! فلا داعي للحيرة الآن سأدع القدر يمضي ويسوقني حيث شاء...

ولما لاحظ حاتم نظراتي المسلطة عليه، رمقني بنظرة سريعة وابتسم، فبصيت الناحيه التانيه في حياء.

وبعد فترة
وقفنا وقفنا قدام البناية، نزل حاتم بسرعه يفتح لي الباب ويساعدني ووالدتي جنبه وخالتي ووالدي ظهروا.

بسط حاتم يده لأستند عليه لكنني بصيت لايده وباعت ريقي وناديت أمي، فقبض حاتم يده وأفسح لها الطريق، استحييت أن أمسك ايده دلوقتي وقدامهم.

وقف حاتم ساكت، متابعني ومنطقش لحد ما دخلت أوضتي...

ساعدتني خالتي أخلع نقابي واستلقيت على السرير بوهن، واتمنيت يدخل حاتم وإتكلم معاه واعتذرله.
لكنه مشي مع حازم ومقابلنيش، وخفت يكون زعل مني.

مرت أيام صعبه فكرتني برحلتي مع الكورونا ووقوف حاتم جنبي...

كنت بعيط من شدة ألمي أحيانًا، وكان حاتم بيجيلي كل ما يشتد ألمي ولو في منتصف الليل.
ومرت الأيام حتى تحسنتُ كليًا واستعدت نفسي تدريجيًا...

قرب فصل الشتاء
كنت قادرة أشم ريحته، مستمتعة بالقشعريرة اللطيفة اللي بتمسكني أول ما الهوا يلمس هدومي الخفيفة وأنا واقفة في بلكونتي، ماسكة كباية الشاي بالنعناع، وببص للسماء ونجومها المضية، وبهمس بكلمتين من أغاني رومانسية معرفش حفظهم منين ولا سمعتهم فين! وكنت باصة لبلكونة حاتم المقفولة…
وقفت غنا لما أمي قعدت قصادي بكباية الشاي بتاعتها، قلت:
- ما أجمل الشتاء! وما أجمل الليل! وما أجمل غرفتي وشرفتي! وما أجملك يا أمي!
قلت آخر جملة وأنا بغمز لها بابتسامة عذبة، فابتسمت وقالت:
-إ نتِ اللي جميلة وزي القمر…دا يا بخت الواد حاتم.

ضحكت وقلت:
- ده مكنش كلامك قبل كده… مش كنتي بتقولي إني وحشة ومناخيري كبيرة ومحدش هيرضى بيا!

قالت وهي بتهز دماغها بالنفي:
- كنت بقول كده عشان توافقي على حاتم… والحمد لله الهوا بيطير الكلام…
رديت بحزن:
- بس في كلمات مبتطيرش… بتغرس جوا القلب وتوجعه، وإنتي فعليًا أقنعتيني إن أنا وحشة يا ماما… وهزيتي ثقتي في نفسي… بس يلا ماشي، مسامحاكي… هسالك سؤال بقا وجاوبي بجد… هو أنا مناخيري كبيرة فعلًا؟
ضحكت جامد لحد ما مسكتها الكحة وقالت بجدية:
- بصي يا بنتي… الناس مش بتبص على المناخير ولا بتاخد بالها من التفاصيل دي… وإنتِ ما شاء الله ملامحك قمر… وليكِ طلة وقبول… والدليل خطيبك…
قلت وأنا بضحك:
- قولي بقى جوزك… مش خطيبك.

ضحكت هي كمان وقالت:
- الله يرحم زمان…
وقعدت تحكيلي للمرة المليون اللي قلته لحاتم تحت تأثير البنج، وهي بتسخر مني ونضحك سوا…

بعدها سرحت… بفكر في حاتم.
لسه في حاجر كبير بينا… كلامنا قليل جدًا، يمكن هو اللي متعمد يقلله… ويمكن أنا اللي مش بسيبه يقرب… بس حاسة إن فيه حاجة في نظرته الماكرة وكلماته المتخابثة بتقول إن الوضع ده مش هيدوم…
قطعت الشرود أمي وهي بتسأل:
- بس سؤال محيرني… لما بتحبيه قوي كده كنتي رافضاه ليه؟!
- تحلفي تكتمي السر؟
- اعتبريني حلفت… وقولي.
قلت بسرعة:
- بصي يا ستي… فاكرة الرواية اللي حكيتهالك عن البنت اللي نشروا صورها وكده؟
- أيوه الرواية اللي بطلتي تكتبي بعدها عشان حقيقية!
- بالظبط… واللي كان بينشر الصور طلعت مرات الشاب الست الطيبة اللي كنت بقولك عليها!
شهقت أمي:
- تصدقي كنت شاكة فيها! بس إيه دخل ده برفضك لحاتم؟!
- هفهمك… اشربي بس الشاي قبل ما يبرد.
بدأت أحكيلها من الأول… من ساعة ما أسماء نشرت صور لنجمة، لحد آخر حاجة عملتها في المستشفى، وكل كلامها اللي نجمة حكتولي…

أمي كانت ساكتة وبتشرب الشاي ومنتبهة جدًا…
ولما خلصت، فضلت تبصلي بعيون واسعة:
- وحاتم؟ عارف الكلام ده؟
- عارف… بس ما اتكلمتش معاه لسه… هو اليومين دول مشغول أوي…

وقبل ما أكمل… رن جرس الباب.
أمي نادت لأيمن يفتح…
سمعت صوته من جوه أوضتي… يا نهار… الواد أخويا كان بيسمعنا!
بصيت له بتهديد، بس منسيتش إنه بينقل لحاتم كل اللي بيحصل في البيت.
وبعدها قال:
- ده حاتم يا ماما… أدخله؟
- هو ده سؤال! ده بيته يا ابني.
قامت أمي بسرعة تستقبله… وأنا فضلت واقفة مكاني شوية كنت عايزه أغير هدومي لكن قلبي وقع!
خفت أمي تقول له حاجة… أو أيمن يسرب له اللي سمعه…
فخرجت بسرعة.
وقفت ورا الستارة أسمع… ولما سمعت أمي بتقول:
- ده إيمان لسه قايليلي أصل الحكاية وأنا اتفاجئت…
حاتم سأل:
- حكاية إيه؟
وقتها اندفعت لجوه…
ولما وقفِت قدامهم… اتصدموا من منظري!

حطيت إيدي ورا ظهري… وهما بيبصوا على شكلي:
بنطال أصفر… شبشب على شكل أرنب… وخمار أبيض عليه ورد أسود… يعني فضـ.ـيحة.
ابتسمت بتوتر:
- إزيك يا دكتور حاتم؟
- الحمد لله… إزيك يا إيمان؟
قالها بابتسامه، قلت بتوتر:
-كنت… كنت عايزاك في موضوع ضروري… ضروري أوي…
أمي بصلتلي بنظرة "ادخلي يا بت"… بس أنا أصريت أقعد.
قعدت قدامه… قامت أمي وخبطتني وهي خارجة من الأوضه.

سألني حاتم:
- خير يا إيمان… إيه الموضوع الضروري اللي مخرجِك بالشكل ده؟
- آه… موضوع مهم… أوي… أوي… الموضوع…

ما لقيتش كلام!
لساني اتربط للحظات…
وبعدين قلت فجأة:
- آه صح… موضوع الصور اللي بتتبعت لأسماء… تفتكر مين بيعمل كده؟ معقولة كريم؟ ولا نجمة؟

حاتم هز راسه:
-لأ… مش كريم ولا نجمة… ده شخص موبايله نوعه هواوي.
بلعت ريقي:
- هـ… هواوي؟!
بصلي حاتم بنظرات شك ورفع حاجبه:
- هو موبايلك نوعه إيه يا إيمان؟ مش هواوي برده؟
- إيه؟!
- إيمان… إنتِ اللي عملتِ كده؟!
يتبع

•تابع الفصل التالي "رواية ألفة ووصال" اضغط على اسم الرواية

تعليقات