رواية ألفة ووصال الفصل الحادي عشر 11 - بقلم ايه شاكر
- إنتي هنا من امتى؟ وازاي محدش قالي؟
كنت عايزة أسأله امتى رجع من السفر، بس خوفت… يمكن أكون بيتهيألي، فقفلت عيني تاني...
نادى حاتم على التمريض وبدأ يفحصني، وأنا فاكرة إني يا إما بتخيل اللي بيحصل… يا إما ده دكتور تاني وأنا بس اللي بتخيل صوت حاتم.
- حرارتها عالية أوي…
- أنا حطيتلها كمادات، وكمان علقتلها خافض الحرارة، شوية وهتنزل إن شاء الله.
قالتها ومشيت، فتنهد حاتم وقال:
- ربنا يعافيها هي وكل المرضى يا رب…
********
فضل حاتم واقف شوية في مكانه، وإيمان بتأن بصوت واطي وتهذي باسمه وسط أسامي أهلها.
بص لها بنظرة سريعة وهي نايمة ووشها شاحب زي باقي المرضى. ولما نادت اسمه تاني، انحنى وهمس لها:
- أنا هنا يا إيمان.
رجع وقف وسحب كرسي وقعد قدامها.
دقيقة كاملة وهو متابعها، لحد ما نادوه باقي الطاقم على حالة تانية بتحتضر. شاور للممرضة تتابع حالة إيمان وجرى يكمل شغله…
وبعد ما أنعش قلب مريض ورجع تنفسه واستقر على الأجهزة، تنهد حاتم براحة… وفجأة سمع حد من التمريض وقع وراه على الأرض. جري ناحيته، ولما رفع الماسك من على وشه اتصدم:
- ميسره!!!
فحصه بسرعة وعلى صوته يطلب مساعدة.
وبعد ما اتطمن إنه إغماء، ملحقش يهدى لقى ممرضة تانية بتقع.
جري الطاقم عليها، واحدة قالت بخضة:
- مفيش تنفس ولا نبض يا دكتور…
اتلموا حواليها، حاولوا بكل طاقتهم يرجعو التنفس، وفي الآخر وصلوها على جهاز التنفس الصناعي…
- سكتة قلبية! كل زمايلنا اللي اتوصلوا على الجهاز ده ماتوا…
قالتها ممرضة، وقالت التانية بصوت مبحوح:
- دي صاحبة تسنيم… دي لو عرفت هتتجنن.
حاتم كان سامع كل حاجة.
بص لميسره اللي كان ماسك دماغه بعد ما فاق. قرب منه وقال:
- أنا مقدر الضغط النفسي العنيف اللي إحنا فيه… بس وإنت مع المرضى، متنساش نفسك يا ميسره.
بص له ميسره بطرف عينه ومردش.
حاتم كان عارف إنه مش طايق وجوده، فموقفش جنبه كتير وراح يقف قدام سرير إيمان.
وبعد ما بص للممرضة اللي وقعت بنظرة مكسورة، رفع عينه لفوق وقال بصوت مخنوق:
- يا رب نجينا… يا رب.
طلع من أوضة المرضى بخطوات مهـ.ـزومة.
اتوضى، وقبل ما يصلي كلم أخوه عشان يطمن على والدته وأخته، ولما طمنه… كبر وبدأ الفاتحة
.
ولأول مرة قلبه يخشع وهو بيقول:
- "الرحمن الرحيم…"
فعيط، وعليت شهقاته تعلى وهو بيكمل الفاتحه.
ولما سجد، دعا:
- يا رب يا رحمن يا رحيم ارحمنا… أسألك باسمك الرحمن إنك ترحمنا…
عدى أسبوع كامل… والممرضة زي ما هيا، ومفيش تحسن.
كان ميسره واقف جنب أخته، وهي واقفة قدام سرير الممرضة.
قال بعصبية:
- إنتِ إيه اللي رجعِك العزل تاني يا تسنيم؟
بصت له بسرعة ودموعها نازلة.
- رجعت عشانها.
-مينفعش اللي إنتِ بتعمليه في نفسك ده… إنتِ بقالك أسبوع على الحال ده؟!
مردتش، ومسحت على وش صاحبتها بحنان وقالت:
- بالله عليكي فوقي… عشان خاطري.
تنهد ميسره تنهيدة طويلة وقال:
- كفاية يا تسنيم… عشان خاطري، ادخلي أي أوضة ريحي شوية.
مردتش، فانفعل:
-اللي بتعمليه ده مش هيغير حاجة… اهتمي بنفسك شوية.
قالت بصوت متحشرج:
- كل اللي اتوصل على الجهاز ده مخرجش تاني… يا ميسره سيبني أشبع منها.
قال ميسره بهدوء فيه حزن:
- خليكي مؤمنة بالله… وثقي فيه… ادعيلها. مفيش حاجة بترد القدر غير الدعاء. ادعيلها يا تسنيم.
- والله بدعيلها… ومش هبطل أدعيلها.
قالتها وهي مخنوقة.
وكان غيث واقف بيسمع كلامهم وباصص عليهم من غير ما يتدخل…
ـــــــــــ
«لم يأتي ذلك الوباء إلا ليخبرنا أننا لاشيء! فالبشرية أجمع كنقطةٍ سوداء صغيرة في لوحة كبيرة بيضاء، سُلط عليها نقطة أخرى لا تُرى بالعين لشدة ضئالتها لكنها أهلكـ.ـتها، بيد أن اللوحة بأكملها لملكٍ واحدٍ قريب مجيب إذا قرعت بابه.»
ــــــــــــ
«إيمان»
اتحسنت حالتي وأخيرًا شوفت حاتم، بس كلامنا كان قليل… يسألني عاملِة إيه، أرد عليه على قد السؤال من غير ما أزود كلمة.
لحد ما جه يوم خروجي من المستشفى.
وصاني إني أعزل نفسي شوية عن أهلي. وقال من غير ما يبص لي:
- خلي بالك من نفسك.
- وإنت كمان.
قلتها من غير ما أبصله… وبصتله وسألته:
- هو إنت جيت من السفر امتى؟
سكت لحظة ورد:
- أنا… أنا كنت عند خالتي في الأقصر، ونسيت موبايلي… عشان كده حازم رد عليكِ.
مكنتش مقتنعة، وصدمني لما كمل بهدوء حسيت فيه سخرية:
- كنت بتقدم لبنت خالتي… على الأقل مش هتكون خايفة من أختي ولا من مرات أخويا… عقبالك.
- آآ… أنا…
حاولت أقول أي حاجة… أبرر له… بس لساني اتربط.
فهمت إنه مفيش فايدة.
بصيت للأرض وقلت:
- مبارك… ربنا يتمملك بخير.
قبل ما يرد، قاطعنا صوت صرخة عالية وبكاء… عرفنا إن الممرضة ماتت.
كنت عارفاها كويس…
حاتم جري على الأوضة، وشفت ميسره بيهدي أخته وهي بتقول:
- أنا كنت لسه بدعيلها يا ميسره… مـ.اتت!!
قالت آخر كلمة بصرخة…
فحط ميسره إيده على بقها وقال بعصبية مكتومة:
- اسكتي بقى! متنسيش إننا في مستشفى!
بصتلُه تسنيم كام ثانية، وعيونها مليانة صدمة وحيرة.
وسألته بوجع:
- هي ماتت بجد؟!
- ادعيلها بالرحمة.
أول ما قالها… دموعها نزلت، فحضنها ميسره… وبكى هو كمان.
ووراهم… غيث قعد على الأرض، حط راسه بين إيديه، وشكله تعبان ومقهور…
طلعت من المستشفى من غير ما أبص ورايا… ولقيت بابا وماما مستنيني.
كنت شايفاهم… بس وداني مش سامعة غير صوت الصرخة اللي كـ.ـسرت قلبي.
كنت بهز راسي على أي سؤال… من غير ما أركز ولا أفهم. مشيت جنبهم لحد ما وقفت قدام المستشفى… بصيت لها شوية قبل ما أركب العربية، كنت مخنوقه
مش عارفة زعلي كان على الممرضة اللي مـ.ـاتت؟
ولا على حاتم… اللي بكل صراحة قال إنه هيرتبط بحد غيري؟
خلاص كده انتهى؟!
أيوه… انتهى اللي أنا أصلاً استعجلت نهايته.
وأهو الندم بيأكل في قلبي…
بعدما خسرت راجل تعب عشان يوصلي… وأنا خذلته.
بقلم آيه شاكر
صلوا على خير الأنام
★★★★★★
«كنت أمقته وكان يركض خلفي فاتحًا ذراعيه وحين التفتُ إليه وقبل أن أرنو إليه عقد ذراعيه ثم ولى مدبرًا»
بعد فترة مش قصيرة، بس كانت كفاية إننا نتأقلم مع الوباء اللي قلب حياتنا، صحيت من النوم على صوت أمي:
- يا إيمان اصحي… أبوكي هيتأخر.
- يا ماما سيبيني بقى… خليه يروح مواصلات.
- مواصلات! إنتِ عايزاه يقعد جنب واحد يكح ولا يعطس في وشه يقوم يجيله كورونا!
هـ.ـزتني أمي بقـ.ـوة، فقمت من النوم متضايقه:
- كل يوم تصحوني من النجمة عشان نزق أبويا! إيه ده؟!
- انجزي يا بت، أبوكي بيزعق تحت… وبعدين احنا مخلفينكم ليه؟ ما هو عشان كده.
وقفت أفرك عيني وأنا بهمس:
- مخلفينا عشان نزق سوسو؟!
- لأ، عشان تساعدونا يا ظريفة!
قالتها أمي وطلعت.
لبست نقابي وطلعت من أوضتي، قابلت أيمن واقف مكشر، شكله لسه صاحي من النوم. بصينا لبعض ثانية، لحد ما أمي نادت من تحت:
- يا إيمــــان… يا أيمــــن… يلا!
نزلنا زقينا العربية مع عيال الشارع… نفس المشهد اللي بيتعاد كل يوم الصبح، ومعاه الجملة اللي كلنا حافظينها:
- يلا يلا… زق سوسو!
طلع أبويا بالعربية، وأمي تنفست الصعداء ورفعت إيدها تدعيله:
- ربنا يكفيك شرها… ويحميك من العين… ويبعد عنك الكورونا… نستودعك الله.
ابتسمت وأنا ببصلها… إد ايه بتحبه وهو بيحبها.
بصتلي فجأة من فوق لتحت وقالت بحدة:
- إيه اللي إنتِ لابساه ده؟!
بصيت على إسدال الصلاة اللي كش بعد ما غسلته أمي، بقى قصير وبيبان تحته العباية اللي بنام بيها.
- ده إسدالي… وانا قولتلك متغسليهُوش وإنتِ صممتي.
سحبتني من إيدي بسرعة وقالت:
- ادخلي قبل ما حد يشوفك بالمنظر ده.
- ماله منظري… عادي.
وأنا معدية قدام باب شقة حاتم اللي كان ساكن فيها، قلبي وجعني فجأة… يمكن اشتقت!
خرجني من سرحاني صوت أمي وهي بتقول:
- بيقولوا الشقة دي اتباعت…
- بجد؟! بس مش شايفة حد ساكن فيها يعني.
بصت في الفراغ لحظه وقالت:
- معرفش.
دخلنا الشقة، وفجأة أمي صرخت:
- نمل!! تاني!
- طيب أسيبك تتكلمي معاهم وأدخل أكمل نوم…
- نوم تاني! إنتِ مبتشبعيش؟
- أنا ممكن أشبع من أي حاجة… إلا النوم.
قفلت باب أوضتي، ورميت جسمي على السرير… وبعد شوية سمعت أمي بتقول:
- أهلًا يا حاتم… اتفضل… عاش من شافك… إيمان نايمة جوه، ادخل صحيها.
انتفضت… قعدت بسرعة واسمه بيتكرر جوايا!
وبسأل نفسي: إزاي هو هنا؟! وليه يدخل يصحيني؟!
قمت جريا على الدولاب ألبس… وأمي لسه صوتها عمال يلح على "حاتم" يدخل!
فتحت باب الأوضة بسرعة… لقيتها قاعدة لوحدها… بتضحك!
- ادخل يا حاتم صحيها.
قلت بغيظ:
- والله يا ماما إنتِ بتهزري… وعلى فكرة د**مك مش خفيف خالص.
قلعت النقاب وقلت:
- هرجع أنام… ومتصحينيش إلا العصر… عشان أروح أزور تيتة وخالو… وبالمرة أحضر خطوبة تسنيم.
قالت وهي رافعة صوتها:
-بالله عليكِ مش مكسوفة وإنتِ بتقوليها؟! يا بايرة يا أم مناخير!
رجعت واقفت قدامها وقلت:
- يــــــــوه… يا ماما يا حبيبتي… الجواز ده رزق… ربنا قال: ﴿وفي السماء رزقكم وما توعدون﴾ و…
قاطعتني بعدم فهم:
- يعني إنتِ مش ناوية تتجوزي غير في الآخرة؟! ليــــه؟!
وقفت ساكتة وبتأملها، بدأت تتظاهر بالعياط:
- أنا ذنبي إيه… نفسي أفرح زي كل الأمهات! مكتوب عليا الحزن بس…
- ماما! كفاية… والله مش قصدي… أنا قصدي إن كل واحد ليه رزقه… وأنا نصيبي لسه مجاش… وأوعدك أول عريس محترم يتقدملي… هاقبل… وهفرحك.
تنهدت أمي وقالت من غير عياط:
- معرفش… معدش حد بيخبط على بابك ليه؟ يا حسرة قلبي عليك يا حاتم…
وسابتني ومشت…
وسابت قلبي غرقان في الندم.
رجعت أوضتي بعدما النوم طار من عيني…
فتحت دفتري… كتبت:
«سأكتب إليك يا مجهولي… حتى أراك.»
مش عارفه ليه بتخيل المجهول ده دايمًا حاتم؟
زفرت بضيق، وقفلت الدفتر، وهمست:
- أنا تعبت… والله تعبت.
قمت أنضف الشقة… وآخر حاجة طلعت للبلكونة.
بصيت على بلكونته.
افتكرت اللحظة اللي وقعت فيها الهدية بين إيديه… وابتسامته…
دخلت أدور على الهدية… الساعة والوردة الحمرا البلاستك…
مسكتها… ودموعي نزلت
وقلت لنفسي:
"خلاص… خلّص… ومفيش رجوع."
ليه قلبي… رافض يصدق.
افتكرت جملة قالها حازم مسبقًا وكنت كتبتها؛ مفيش حد من الشعراء اتجوز اللي بيحبه، قيس متجوزش ليلى وعنتر متجوزش عبله وحازم متجوزش نجمه وأنا... مالي أنا! انا محبتش حاتم، صح؟ ما هو اللي يحب شخص يتقبل عيوبه قبل ميزاته، وهو يستحق واحده تانيه فعلًا.
استغفروا.
بقلم آيه شاكر
★★★★★
وفي مكان تاني، كانت أسماء قاعدة وسط عيلة جوزها بيفطروا، وحاتم بيتهرب من النظر لها، وكل ما تتكلم بيعض على سنانه بغيظ.
قالت:
- أنا كلمت أكرم وقال إنه هيحاول ينزل قريب يا شوشو عشان فرحكوا.
رفعت شروق عينها وقالت:
- براحته عادي، أنا مش مستعجلة.
- بس هو مستعجل.
قالتها أسماء بضحكة، فبلعت شروق ريقها بقلق، وقامت واقفة وقالت:
- أنا شبعت... حد هيشرب قهوة معايا؟
وافق حاتم، وقامت أسماء وهي بتبص لحازم بابتسامة:
- اعملي لحاتم بس، وأنا هعمل لجوزي بإيديا.
حازم رد لها ابتسامة باينة إنها مجاملة، وده فطنه حاتم.
قالت شروق، وشكلها عايزة تزوغ من وجود أسماء:
- طيب اعملي لجوزك يا ستي، على ما أدخل الحمام وأرجع.
ودخلت أسماء المطبخ، شروق بصت مكانها الفاضي باشمئزاز قبل ما تدخل الحمام...
قامت أمهم وهي بتقول:
- هلم أنا بقى الأكل.
وبعد ما قامت، بص حاتم لوش أخوه المتضايق وسأله:
- إنت كويس؟
هز حازم راسه بالنفي، فسأله حاتم:
- مالك؟
- أسماء حامل تاني!
حاتم اتصدم لكنه أخفى ده، وقال بتعحب:
- ودي حاجة تزعل يابني؟
- أيوه تزعل... لما تكون علاقتنا مش مستقرة يبقى تزعل وتخوف يا حاتم.
معلقش حاتم… مع إنه مقالش لأخوه على اللي عرفه عن مراته، لكنه حاسس إن جواز أخوه مُـ ـهدد والعلاقة على وشك الفـ.ـشل.
بعد شوية
حطت أسماء القهوة قدام جوزها، وبعدها شروق ادت فنجان القهوة لأخوها.
قعدت أسماء جنبهم ومعاها ابنها اللي ماسك موبايلها وبيلعب.
حاولت تاخده بالحسنى، ما نفعش، فخطـ.ـفته منه بالعافية وهي متعصبه.
أول ما خدته، الولد انفـ.ـجر في العياط. كانت هتديهوله تاني، بس لمحت إشعار رسالة على ماسنجر…
فتحتها… وعيونها وسعت بصدمة، وكتمت شهقتها،
محدش خد باله من رد فعلها عشان صوت ابنها وهو بيعيط، كان بيشد في هدومها.
فصرخت فيه بعصبية قدام الكل:
- اسكت شوية زهقتني يخرب بيتك!
قام حازم بسرعة، شال الطفل، وبصلها بغضب وقال وهو بيكز على سنانه:
- بتقولي يخرب بيتك؟! إيه الكلمة دي يا أسماء؟!
مردتش أسماء ورمته بنظرة حادة كإنها صاحبة حق، ومشيت متضايقة.
فضِل حازم يبص وراها بغيظ.
وبص لأهله وقال:
- شفتوا طريقتها؟!
أمه قامت تطبطب على ضهره وتهديه:
- معلش يا ابني، روحلها… يمكن من الحمل.
- لأ يا أمي… هي كده قبل الحمل أصلاً. تصدقوا بالله… أنا بتمنى الحمل ده ميكملش.
- بس يا حازم، ما تقولش كده.
قالها حاتم، وتنهد وبص لشروق اللي هزت راسها مستنكرة. غيرت شروق الموضوع سالت حاتم:
- وإنت مش ناوي تفتح شقتك بقى يا حاتم؟
- إن شاء الله قريب يا شوشو.
قال حازم:
- ربنا يجعل نصيبك أحسن من نصيبي يا حاتم.
- ربنا يهديهالك يا رب… معلش عشان خاطر ابنكم.
ومن ناحية تانيه
دخلت أسماء شقتها، ودخلت الحمام قفلت بابه عليها وقعدت تتأمل الصور اللي اتبعتت لها وهي بتردد بصدمة وبكاء:
- إيه ده! إيه الصور دي! مين باعت الصور دي... دي فضـ ـيحه.
حطت ايديها على بوقها تكتم شهقتها.
من شوية كانت في قمة سعادتها بعدما عرفت بخبر حملها ودلوقتي مخنوقه ومرعوبه من الصدمه دي.
بقلم آيه شاكر
استغفروا
★★★★★
«إيمان»
وفي عصر اليوم…
دخلت بيت جدتي، لقيت خالتي وبودي قاعدين عندها.
خالتي كانت بتقنع خالي بعروسة عجبتها، وأخيرًا وافق إنه يقابلها.
بصت لي خالتي وقالت:
- الدور عليكِ بقى...
قمت وقفت وقلت:
- إن شاء الله… وألف ألف مبروك. أنا رايحة عند واحدة صاحبتي في البلد هنا.
قالت جدتي:
- ربنا يهديكِ يا إيمان.
- يــــــا رب… ادعيلي يا تيته.
خرجت، فمسك بودي في هدومي وقال:
- أجي معاكي.
- مينفعش… خليك، أنا راجعة على طول.
- لأ، أجي معاكي...
قالها بحزن طفولي، بصيت لخالتي، فزت راسها بالموافقة.
مسكت إيده وطلعنا وهو بيهز إيدي بحمــ.ـاس، وابتسامه اتنقلتلي.
اتصلت بتسنيم علشان تستقبلني، ودخلت بيتهم.
مكنش فيه احتفال جامد، الجو كان هادي.
قعدت قدامها وهي بتتجهز ولبست فستانها، وبودي جنبي.
قلت وأنا ببتسم:
- كنت متوقعة إنك هتتخطبي لغيث.
- اشمعنى بقى؟
- أنا عندي موهبة في تحليل النظرات والحركات، ومن أول يوم اتقابلتوا فيه حسيت إنكم لبعض.
ضحكت تسنيم بخجل، وافتكرت أول لقاء، وقالت بمرح:
- التعفف، والتوكل على الله، والدعاء… هما السر في جلب الحبيب.
- معنى كده إنك كنتِ بتحبيه؟
- مش بالظبط… بس أول ما شوفته اتخطـ.ـفت كده، مع إنه كان رخم أوي، بس كنت معجبة برخامته! وأنا أصلاً مبيعجبنيش حد… بس إني أعجب بعيوبة قبل مميزاته… ده كان غريب جدًا.
قالتها وضحكت، فقلت لها:
- ربنا يسعدك يا توتو.
انشغلنا في الكلام، وغفلت عن بودي.
وفجأه ملقتهوش جنبي.
قلت بقلق:
- بودي راح فين؟
- متقلقيش هتلاقيه بيلعب مع العيال بره.
- طيب هروح أشوفه.
خرجت أدور عليه، لحد ما سمعت ضحكته طالعة من أوضه قدامي.
وقفت مترددة أنادي ولا لأ…
وفجأة سمعت صوت ميسره من المطبخ:
- يا ماما إحنا اتنين بس… حاطة أربع كبايات ليه؟!
- خبط على أختك واديها كوبايتين… معاها صاحبتها.
- صاحبتها مين؟
- إيمان.
- إيمان هنا؟!
حاولت أهرب لكن قبل ما أتحرك من مكاني، كال لمحني.
ألقى السلام بابتسامة خفيفة وقال:
- معلش بقى… خدي الكوبايتين دول.
خدتهم منه، وبصيت على صوابعه أشوف لابس دبلة ولا لأ… فشفت الدبلة في إيده اليمين.
ابتسمت، وقبل ما يدخل قلت:
- معلش… ممكن تنادي بودي ابن خالتي من جوه؟
- حاضر.
وقفت قدام أوضة تسنيم، فخرج بودي.
دخلنا، وحطت تسنيم الكوبايتين على الترابيزة.
قعدت أتأمل الفرحة اللي ماليه وشها، وعقلي سرح في أيام راحت… وأهي كلها ذكريات.
******
وفي الأوضه التانيه…
دخل ميسره، حط الكوبايتين، وقعد قدام حاتم وقال:
- حضرتك منورنا يا دكتور… مين كان يصدق إني أقعد معاك بعد ما كنت مش بطيقك!
حاتم ضحك:
- وأنا يعني اللي كنت بطيقك… بس قلبي كان حاسس إن هيبقى بينا ود ومعروف في يوم.
شرب ميسره من العصير وقال:
- أيوه… صحيح احكيلي بقى أنا حصلي إيه اليوم اللي أغمى عليا فيه.
- لأ يا عم… كل ما أشوفك هفضل أعيد نفس الحكاية؟!
ضحكوا، وقال ميسره بمكر:
- عارف مين هنا؟!
- مين؟
غمز ميسره وقال:
- يعني الطفل اللي كان هنا… معرفكش مين؟
وطى حاتم راسه ومعلقش. فقال ميسره بمرح:
- أنا فاكر يوم ما قطعت طريقي وثبّتني وقولتلي: “واد هتبعد عن إيمان، وتشيلها من دماغك بما يرضي الله، ولا أخليك تشيلها بما يرضي الله برده ”.
قال آخر جملة مقلد صوت حاتم، فضحك حاتم:
- ما إنت خوفت… وبعدت.
- لأ يا دكتور… أنا بعدت بمزاجي… بس الحقيقة إنت صعبت عليا فوسعتلك الطريق.
تنهد حاتم:
- محدش عارف نصيبه فين.
-.فعلاً.
قام حاتم وقال:
- أنا هستأذن… ودي حاجة بسيطة. بارك للعروسة والعريس.
وإدى حاتم ميسره ظرف فيه فلوس.
قال ميسره:
- عقبال ما أرجعهالك في فرحك يا دكتور.
خرج حاتم، ووقف يلبس الجزمة، وفي نفس اللحظة قالت والدة تسنيم:
- مستعجلة ليه يا إيمان؟!
- هلحق أمشي قبل ما الكورونا تاخد بالها مني.
قالتها بمرح فسمع حاتم صوتها… وضحكتها… ولما قربت من الباب، لوح لميسره ومشي بسرعة قبل ما إيمان تشوفه.
ولما مشيوا وقفت تسنيم جنب أخوها وسألته:
- تفتكر دكتور حاتم هيستناها ويتكلم معاها؟
هز ميسره راسه بالنفي:
- لأ… حاتم اتغير… ورزين. ومعتقدش إنه هيكلمها… حتى لو شافها.
*******
«ايمان»
حاتم كان واقف يشتري مية. عديت جنبه وأنا بكلم بودي، وببتسم، أول ما رفعت عيني وشوفته… ابتسامتي اختفت.
هو كمان شافني… وتجاهلني تمامًا، ودير بصره بسرعة، كإنه مش عارفني.
عديت من جنبه ساكتة… وبودي لف ولوح له.
افتكرت جملته اللي قالها قبل كده…
"أنا أعرفك من بين ألف منتقبة."
وحسيت بطعنة… بتوجع قلبي مهما حاولت أتظاهر إني كويسه.
********
رجعت بيت جدتي، وقعدت قدامها ساكتة.
خالتي كانت بتتكلم مع بودي.
جدتي سألتني:
- مش هتكمليلي حكاية البت اللي مكنتش عايزة تتجوز الواد؟
- نهايتها حزينة يا تيته… فضلت تبعد عنه وهو يجري وراها… ولما اقتنعت تديله فرصة… كان الوقت خلاص… وخطب واحدة تانية.
- تستاهل… عشان غبـ.ـية… طيب وسلفتها الحرباية حصلها إيه؟
- مش عارفة.
- مش عارفة؟!
اخدت بالي وقلت:
- قصدي لسه مش عارفة أكتب إيه.
قالت جدتي:
- ربنا اسمه العدل… ومهما طال الزمن… هتشرب من نفس الكاس.
- عندِك حق يا تيته.
بصيت لها وقلت:
- بالله عليكِ ادعيلي.
بدأت تدعي لي ولولادها… وأنا ببص لها بحب.
*******
وفي اليوم التالي…
صحيت على صوت ماما بتنده عليّ علشان أزّق العربية. ساعدتها، ورجعت أنام.
صحيت تاني على صوتها:
- إزيك يا دكتور حاتم؟! معقول الغياب دا كله؟ عاش من شافك!
نطيت من على السرير وأنا في قمة الغيظ من أمي.
فتحت باب أوضتي وقلت بصوت عالي:
- نسيتي تقولي له يدخل يصحي إيمان يا حاتم! دخّليه بقى يصحيني… أهو أي إزعاج وخلاص المهم أصحى من النوم!
نفخت بضيق، وكنت هقفل الباب…
لولا أخويا اللي كان واقف قدامي، ومبرق عينه وهو بيقول:
- إنتِ قلتِ إيه ده!! الراجل بره بجد!
-زامشي ياااد…
قلتها مش مصدقه، وبمجرد ما جيت أقفل الباب… سمعت صوت أمي، اللي واضح على وشها إنها محرجة وهي بتقول:
- لأ مؤاخذة يا ابني… هي إيمان كده بتحب الهزار.
وسمعت صوت ضحك حاتم، وقال:
- أنا اللي اشتريت الشقة اللي تحت… وهقعد فيها من النهاردة. هبدأ أجهزها… عشان هتجوز فيها إن شاء الله.
ما أرهقنيش إحراجي…
قد ما هد قلبي كلمة: هتجوز!!
هيتجوز… ويسكن جنبي! عشان يقطـع قلبي ندم؟!
أمي سألته بصدمة:
- هـ… هتتجوز! مين بقى صاحبة النصيب؟
كان في حسرة في صوتها… وهو تنحنح وقال:
- هو عمي مقالش لحضرتك؟
- هو عمك يعرفها؟! مين؟ بنت صاحب عمك، صح؟
- لأ… مش صح.
قالها وهو مبتسم…
فهمست أنا:
- أكيد بنت خالته…
سمعته بيغير الموضوع فجأة:
- لسه عندكم نعناع يا طنط؟
- أكيد… ده إيمان بتراعِيه بنفسها.
وكأن أمي رمت اسمي قدامه علشان تفكره إني هنا!
فقال:
- طيب بعد إذنك… ممكن تنزلي السبت بعودين؟ هاخدهم من البلكونة…
- بس كده؟ من عنيا…
قالتها أمي وهو مشي.
وقفت لحظة تبص لي وهي بتكز على سنانها من الغيظ.
فرجعت خطوة لورا، خايفه منها، قالت:
- لو مش عايزاني أمد إيدي عليكِ… اطلعي اديه النعناع بنفسك.
بلعت ريقي وقلت:
- مـ… مينفعش…
قاطعتني بعصبية:
- لو ماعملتيش اللي بقولك عليه… والله يا إيمان لأكون ضـ.ـرباكِ! ومش بس كده… هكون غضبانة عليكِ ليوم الدين!
يتبع
متنسوش التفـ.ـاعل ❤️🩹
معتقدش هنزل تاني الليله🙈
الحلقه ١١
•تابع الفصل التالي "رواية ألفة ووصال" اضغط على اسم الرواية