رواية نار الحب والحرب الفصل الثامن 8 - بقلم ايمان حجازي
نار الحب والحرب
بقلم / ايمان حجازي
حلقه ((8))
علي الرغم من تكراره لذلك الأمر مرتين ولكنها مازالت لم تفهم الذي سيفعله خلال ذلك اليومين ، ولكن من نظراته وتلك الاسلحه متعدده الأحجام والأشكال الذي اخافتها نوعا ما وكذلك تلك المكالمات الذي يجريها مع بعض الجهات امامها أدركت أن الأمر بمنتهي الخطوره وكذلك من الممكن أن يؤدي بحياته بعد أن يفقد عمله الذي بدي واضحا أمام نصب أعينها أنه لا يكترث له حينما يقارن بما قد تعرضت له أخته
لاحظت أيضا عينيه التي تقع علي صوره أخته بين الحين والآخر في اسي وكأنه يخبرها أنه سيفعل كل ذلك من أجلها ، استنتجت زينه بذكائها كل ذلك فتكون بداخلها فجوه عميقه من الخوف عليه ، علي الرغم من إقناع نفسها أنها تكرهه ولم تكن له أي مشاعر ولكن أيضا لم ترد أن تنتهي القصه بتلك السهولة ! تريد ثأر والدها والفتك بذلك الذي فعل به وبأخته هكذا ولكن بطرق مشروعه لا تؤدي بحياته ..
كانت كلما تري مهمه للجيش المصري علي التلفاز أو الانترنت وتحديدا الكتيبه الخاصه به قلبها يكاد أن يفقد نبضاته وهي تراه لا يهاب الموت ويتصدي له بكل جداره ، وكذلك اخر مهمه له والتي تحاكي بها الشعب بأكمله هي من كانت تضع يديها علي قلبها وهي تراه يقاتل دون النظر أمامه ، يدمر كل من يقف بطريقه ولا يدري أن كان سيخرج منها أم لا ..
أنتشلها من شرودها ألم بطنها حينما ازداد عليها فأمسكت بها وهي تدعو ربها أن لا يحدث ذلك الأمر أمامه ، يكفي ما تعرضت له من اهانه علي يديه
- أنا هخرج ساعتين بالكتير وهرجع تاني ، حاولي انتي تنامي عشان بطنك ترتاح
ثم القي لها بأقراص مرددا :
- خدي الحبوب دي مسكن هتريحك ، مش عايزك تتحركي من مكانك ولا حتي تفتحي الشباك سامعه ، فاضل كام ساعه والنهار يطلع لو بطنك مخفتش هجيبلك الدكتوره
ارتسمت علي محياها خطه خبيثه وأومأت له بمكر متصنعه الطاعه :
- حاضر ، شوف انت رايح فين واتطمن ، هاخد المسكن وهنام وان شاء الله هبقي كويسه
نظر اليها متعجبا حيث أنها سمعت لم تعترض أو تعاند معه ولكن لم يعط للأمر أهميه ، حمل تلك الاسلحه متجها بها الي أسفل واغلق باب المنزل خلفه
تنفست زينه الصعداء وكأنها وجدت منفذ لمخططها ، نهضت مسرعه علي أطراف أقدامها متناسيه ألم بطنها وكأن القوه تولدت بها من حيث لا تدري وأخذت تردد بتوتر :
- الوقت اتأخر ومفيش صيدليات فاتحه دلوقت والمنطقه كلها تلاقيها نايمه ، بس في دكان عمي سعيد اللي علي أول المنطقه ده بيقفل متأخر شويه هروح اجيب اللي أنا عايزاه وارجع قبل ما هو يرجع
تذكرت أنها كان بحوزتها مال في جيب بنطالها واخرجته مع الهاتف ، فوجدته وأمسكت بالنسخه الأخري من المفاتيح حيثما رأت عمار يضعها فتناولته بيد مرتعشه وخوف شديد واتجهت ناحيه الباب وقبل أن تخرج وضعت (الزونط) علي رأسها كي يخفي رأسها وكذلك وجهها الي حد ما ثم خرجت من الباب واغلقته ببطئ شديد
ما أن وقفت أمام مدخل العماره حتي نظرت حولها بخوف فوجدت المكان خاليا تماما ، كانت دقات قلبها أشبه بطبول الحرب فأخذت تعدو شارعا يليه الآخر وبين كل حين تنظر حولها لتري أن كان احدا يراها أم لا وهي تجر قدميها ببطئ شديد وتدعو ربها أن تنتهي من ذلك الأمر وتعود قبل أن يحدث شيئا لها
كانت تعدو وهي تتذكر عمار حينما أخبرها بأن هؤلاءك الذين فتكوا بوالدها يتربصون لها بين الحين والآخر منتظرين قدومها ، لم تشعر بقدميها الا وهي تقف أمام بيتها والمحل الخاص بها ولكن علي بعد مسافه معينه
انفلتت منها دمعه مريره وهي تنظر إلي ذلك المكان وتتذكر اخر يوم رأت به والدها وهاجمتها ذكريات طفولتها وصباها وكأنها تري كل ما مرت به هنا ، اعتصر قلبها متألما في اسي وهي تجوب بعينيها المنطقه جيدا
ولكن سرعان ما ارتفع الادرينالين بجسدها هلعا ، وارتفعت دقات قلبها ذعرا حينما وقعت عينيها علي ذلك الشخص الذي خرج لها كالشبح من خلف المنزل ، وقعت عيناها عليه كما تدرك جيدا أنه رآها
لم تكن تدري ماذا تفعل وكأنها صلبت بموضعها لم تستطع الحراك ولكن قدميها تحركت لا إراديا حينما رأت شخصا آخر يظهر من خلفه يليه واحد اخرا أيضا
نظرت زينه خلفها واستدارت في هلع تمكن من كل أنش بجسدها ، لم تشعر بقدميها التي تفتحت جروحها كلها مره اخري وانبثقت دمائها بغزاره وهي تدب الأرض بها هروبا من تلك الذئاب الضاريه
اخذت تجري وتجري وقلبها يكاد يخرج من بين ضلوعه وهي تسمع خطواتهم خلفها ولكن لم تضع بعقلها سوي الفرار منهم والنفاذ بجلدها
لم يكن ذلك البيت بعيدا عن بيتها كثيرا ، فقط بضعه شوارع متقاربه ، ومن فرط سرعتها وجدت نفسها أمام العماره مره أخري وقبل أن تلج بداخلها انقطعت انوار كل تلك المنطقه لتتحول الي ظلام حالك زاد من رعبها أكثر وبالكاد كانت تلتقط أنفاسها ، ولكن صوت أولئك الذين خلفها تغلب علي خوفها من الظلام فوطئت بقدميها ودخلت العماره مره أخري صاعده الي المنزل بالطابق الثالث ، ولكن الظلام منعها من رؤيه شيئا فأخذت تتحسس موضع المزلاج بيد مرتعشه وجسد يتصبب عرقا وخوفا وهي تردد بلا وعي هامسه :
- يارب ، يارب احميني يارب ، يارب ، يارب
تسلل لأذنها اصوات كثيره أسفل المبني وبدأت تصعد شيئا فشيئا خلفها علي الدرج فأدركت انهم لحقوا بها الي هنا أيضا ، وجدت الباب فتح بيديها دون أن تشعر ولكن قبل أن تضع قدمها بداخلها وجد من يقبض علي جسدها بقوه واضعا يديه علي علي فمها ليكتم أنفاسها ويشل حركتها ..
*****************************************
شعرت بقدميها ترفع أرضا فأخذت تركلها يمينا ويسارا في محاوله للفرار ولكن كانت تلك القوه أكبر من تفعل ذلك بمراحل ، وبعد ثانيتين أو ثلاث أستمعت لهمسه بداخل أذنيها ، صوت ما أن تسلل أليها حتي ألقي علي قلبها السكينه :
- ششششششش ، أنا عمار ، مش عايز اسمع نفسك
ما أن قالها حتي ألقت بنفسها بين ذراعيه بتلقائيه شديده وتعلقت برقبته في خوف وهي تحتمي به ، لم يكن عليه سوي أن شدها إليه أكثر وأكثر وهو يغلق بابا بجواره وعاد ليضع ذراعه حول ظهرها قائلا بهمس مره اخري:
- اهدي ، مش عايز عياط هما هيدخلو دلوقت الشقه يدورو علينا ، احنا في مكان سري مش هيعرفو يوصلوله ، لو سمعوا نفسك حتي هيكشفونا ...
أومأت له زينه وهي متعلقه بيه حتي شعر بأنفاسها تداعب رقبته وكذلك لم تعد تستطيع الوقوف علي قدميها ، من شده الألم، كان المكان ضيقا للغايه بالكاد يدخلهم الاثنين معا فكانت ملتصقه به ، أنزل عمار يديه أسفلها فرفعها اليه وكأنه يحمل طفله صغيره ، حاوطت زينه ظهره بذراعيها ووضعت رأسها علي كتفه لتلفح أنفاسها رقبته وذهبت في ثبات عميق ، حيث لم يقوي جسدها الضعيف علي كل ذلك الألم والوهن ..
لحظات بعدها واستمع عمار الي صوتهم بالمنزل يبحثون بداخله في كل شبر به ولكن لم يجدوا شيئا حتي سمعهم يخرجون مره أخري ، تنهد عمار بأطمئنان وهمس لزينه :
- زينه ! يلا عشان نمشي من هنا المكان خطر عليكي
لم يتلقي منها ردا وشعر بأرتجاف جسدها وهي مثبته به ، أخرج هاتفه وفتح كشافه فرأها مغمضه العينين وتنحب بخوف من شده البكاء ، سرت قشعريره بجسده وضمها إليه يبثها الأمان قائلا بعتاب المحبين :
- كان هيحصل إيه لو كنتي سمعتي كلامي ! ، لازم تعاندي !
شعر بألم شديد يجتاح رأسه ولكنه ظن أنها كدمه أو ما شبه لأشتباكه معهم بألاسفل فأخذ يتذكر
فلاش باگ»»
كان عمار بألاسفل داخل سيارته يرتب الاسلحه بمواضع معينه استغرقته بعض الوقت حتي انتهي منها ، ثم انتقل الي الكرسي الأمامي وبدأ في تشغيلها ولكنها لم تستجيب له فأدرك أنها نفذت من البنزين ، تذكر أنه معه صفيحه مليئه به بالأعلي فصعد مره أخري إلي المنزل وأخذ يبحث عنه ولكن انتقلت عيناه الي السرير فلم يجد زينه ، هوي قلبه بين قدميه وشعر بخوف شديد وبسرعه شديده جاب المنزل بأكمله فوجده فارغا ردد بغيظ وحنق شديد :
- اقسم بالله كنت حاسس ، حته غبيه لو سمعت الكلام ونفذته ممكن تموت
هرول مسرعا يخفي صوره أخته وكذلك كل ما يدل علي هويته بالمنزل وخرج يعدو بسرعه شديده بحثا عليها ، ولأنه يدرك أنهم يبحثون عنها فبالتأكيد سيكون هناك بلبله ما أو أصوات ولم يكن ليتقدم كثيرا حتي رأها تأتي من شارع أخر بأتجاهه فعلم أنها تعود مره أخري إلي المنزل بعدما اكتشف أمرها ، ابتعد بمسافه معينه عن المدخل حتي فصل أنوار المنطقه ليجعلهم يتأخرون فتره كي يشعلو انوارا ويكملون بحثهم مما يعطي زينه بعض الوقت للوصول إلي المنزل ولكنه فوجئ بتوقفها أمامه فأخذ يلعن غبائها ، وما أن تحرك كي يمسك بها ويجبرها علي الصعود حتي استمع لأصواتهم اقتربو منها فتحركت هي وصعدت فأسرع يغلق باب المدخل للعماره وما أن استدار حتي شعر بضربه قويه علي رأسه ولكنه تدارك الموقف مسرعا فوجدهم ثلاثه رجال فأخذ يضرب بهم بكل قوته دون النظر أمامه ، فقط تحول لوحش كاسر لمجرد تذكره بأن هؤلاء الرجال كانو سببا بموت أخته بتلك الوحشيه والمهانه ، تعجب الرجال من تلك القوه فطرح اثنين منهم أرضا وفر الثالث خوفا من ذلك الذي يقاتل بتلك الشراسه ، نظر عمار إليه ولكن لم يطارده فأدرك أنه سيحضر البقيه الي هنا فصعد مسرعا الي الأعلي ليلحق بها ..
بااگ««
حملها عمار بتلك الوضعيه وأخذ بعض المتعلقات من المنزل واغلقه بهدوء كي لا يجلب صوتا ، فهو يدرك أنهم مازالوا يبحثون عنها ، ولكن الظلام الذي احدثه كان له دورا في مساعدته للهروب، خلال دقيقتين كان اغلق باب المنزل بالقفل ووصل الي سيارته ، وضعها بالمقعد الخلفي ووضع البنزين بالسياره ثم أنطلق بها مسرعا من تلك المنطقه قبل أن يتم افتضاح أمره
أدرك من شده الألم برأسه وكذلك الدماء التي وجدها تغرق رأسه وهو يجففها بمناديل من سيارته أنه فتحت رأسه وتحتاج لخياطه وكذلك قدم زينه والدماء التي خرجت منها وكانت سببا في تتبعهم لأثارها ومعرفه المنزل ، فوجهته كانت محدده فادار سيارته متجها الي منزلها متضطرا ..
*****************************************
كان صوته الغاضب يصل الي كل من في القصر فزعا وهو يقول :
- أغبيييييييه ، كلكم شوييييه أغبييييييييه .. هتدفعوا التمن كلكم ، حته بت كل مره تضحك عليكم يا كلاااااااب
ثم هبد الهاتف بالأرض في عنف ليتحول الي قطع غير صالحه للاستعمال ، تناول كأسا من الخمر وشربه دفعه واحده لعله يبرد النار التي اقتحمت صدره ولكن دون جدوى ، ما أن استدار خلفه حتي وجد أخته (شريهان) تهبط من علي الدرج وهي ترتدي فستان يلتصق بجسدها بالكاد يصل الي ركبيتها :
-ايه يا بيبي ايه اللي عصبك أوي كده ؟
ثم اقتربت منه تحتضنه في حنان مردده :
- ما عاش ولا كان اللي يعصب عزت باشا أبو الدهب
علي الرغم منه هدأ روعه قليلا وهو يتطلع إليها في حب أخوي قائلا :
- يا بت يا بكاشه ! رايحه فين دلوقت كده ؟
وضعت يديها حول رقبته في دلال قائله :
- ملانه شويه قلت أخرج مع صحابي ساعه ولا حاجه وهرجع علي طول
I just want to change my mood (عايزه اغير مزاجي )
احتضنها عزت في حب قائلا :
- والمود بتاعك ده مش بيتغير غير الساعه واحده بالليل يا شري ؟
شريهان بمراوغه وهي تحاول إقناعه :
- حبيبي انا اخت عزت ابو الدهب ، مين يقدر يقربلي ، وكمان انا بعرف احافظ علي نفسي كويس ، عمرك شفت حد اشتكي مني ؟
ثم أضافت برقه شديده :
- don't worry, baby
عزت بحذر وهو يشير إليها :
- تمام بس هتاخدي حد من الحراسه معاكي يوصلك ويجيبك ومفيش شرب كتير أوك !
هزت رأسها بإيماء مردده :
- اوك اللي انت عايزه
قبلها عزت علي خدها في حنان قائلا :
- يلا enjoy ..
نظرت إليه شري بدلال ومكر وهي تراوغ قائله :
- أمشي عادي يعني مش عايز تقولي حاجه أو تديني حاجه ؟
نظر اليها عزت قائلا بخبث :
- إمممم ، خلصتي مصروفك الشهري صح !
نظرت إليه بطرف عينيها مجيبه :
- هو اللي بيخلص لوحده
ضحك عزت علي طريقتها وهي تقول له ذلك ، فأخرج الكريديت الخاص به قائلا :
- اسحبي من ده دلوقت وبكره هملأ الكريديت بتاعك
اخدته منه وقبلته مره اخري علي خده في حب ومرح قائله :
- يسلملي هالحلو
تركته وخرجت مسرعه من القصر في سعاده تغمرها ، فنادرا ما يوافق اخويها علي خروجها في تلك الأوقات المتأخره ، هي تدرك جيدا خوفهم عليها ولكنها أيضا مقتنعه أنها لا تفعل شيئا خطئا أو ما يدعي للقلق
شخصيتها مرحه ، طيبه ، ولكن لم ينجح أحدا الي الان في أن يخترق حصونها أو يجذبها ، فدائما ما تنظر إليهم بغرور وكذلك لم ترد فعل شيئا يغضب أخويها فهي طفلتهم المدلله ، تحب السهر والخروج مع صديقاتها البنات وكذلك الشرب كما تعودت في أمريكا حيثما تلقت تعليمها الجامعي وأصبح ذلك اسلوب حياتها
كأي فتاه تسعد برؤيه الشباب ينجذبون إليها منهم من يريدها لجمالها ومنهم لنسبها ومنهم لثقافتها وتعليمها ولكنها لم تكترث لأي منهم ، فدائما ما يرضي غرورها أنها ليست مثل تلك الفتايات المنحله التي تنجذب لكل شاب ، هي تعرف جيدا كيف تحافظ علي نفسها ..
ومع كل ذلك كانت الي حد ما نقيه بعيده كل البعد عن أفعال اخويها ، فهل ستظل بعيده هكذا أم ستخترقها سهام شرهم !؟
*****************************************
استمعت لأصوات طرق شديده علي الباب ، فظنت أنها قد كشف أمرها أو أحد ما قام بالبلاغ عنها ، نهضت مسرعه في خوف من علي السرير ولبست روبا طويل غطي كل جسدها العاري وخبأت ذلك الشخص الذي كان معها بالدولاب وهرولت تفتح الباب محاوله ضبط أنفعالاتها لتبدو طبيعيه :
- عماااار !!!؟
صرخت بحده بسيطه وخضه أكبر حينما وجدته يقف أمامها والذي زاد من دهشتها تلك التي كان يحملها بين ذراعيه وكميه الدماء التي غرقت ثيابه ووجهه ، ردد عمار بحده :
- وسعي يا بثينه دخليني انتي لسه هتتصدمي ..
زجها عمار ودخل إلي المنزل ووضع زينه علي أقرب فوتي وجده ثم نظر اليها مره اخري فشعر بتوترها وبلمحه واحده منه أدرك ما تفعله ، لا يدري لما شعر بالضيق هكذا فردد :
- طلعي اللي معاكي بره ، وبعدين تجيني
رددت بتلعثم شديد وهي تزيل بعض خصلات شعرها :
- ممعايا ، مم مفيش حد اصلا .. وبعدين ايه موضوع البنت دي تاني ؟
قالت ذلك في محاوله منها لعدم افتضاح أمرها إلا أن عمار فاجئها وهو ينهض باحثا عن ذلك الشخص بكل الغرف حتي وجده بداخل الدولاب ، رفس له ملابسه بقدميه وزجه خارج المنزل وسط أنفعال بثينه وخوفها وهي تلهث خلفه ،اغلق الباب بعصبيه ونظر إليها ممسكا بيديها بعنف :
- كنت حاسس انها هتوصل بيكي لكده في يوم من الايام ، بس برضه كنت بكدب نفسي واقول انك متربيه وطالعه من بيت محترم وهتقدري تتغلبي علي شهوتك ..
فرت دمعه من عينيها وهي تشعر بالعار والخجل مردده :
- عمار انااا .....
قاطعها عمار في صرامه :
- مليش إني اعرف ولا عايز اعرف اصلا ، انتي لا تعنيلي في شئ غير اني اعتبرتك اخت بس كنت غلطان ، انتي حتي أقل من كده بكتير ، ودلوقت اتفضلي ياريت تقومي حتي بواجبك كدكتوره وشوفي البنت دي مالها بتطلع دم من كل حته
نظرت إليه في أسي وردد بخفوت :
- طب اشوفك انت الأول انت دماغك بتنزف
وقبل أن تقترب منه حتي منعها بيديها قائلا :
- ملكيش دعوه بيا ، شوفي زينه الأول وبعدين أنا اتفضلي
تقدمت بثينه واحضرت عدتها الطبيه ، وشرعت في تبديل ثياب زينه وما أن رأها عمار تفعل ذلك حتي استوقفها :
- استني انتي بتعملي ايه ؟
- هشوف جسمها فيه حاجه ولا لا عشان أوقف الدم ده
- طيب لحظه !
واتجه عمار الي زينه وحملها مره اخري وادخلها الي احدي الغرف ثم وضعها علي السرير قائلا :
- هي هتحتاج تغير هدوها ، أياكي تلبسيها حاجه من عندك انا هنزل اجيبلها هدوم واللي هي عايزاه وشوفي هتحتاجي ايه تاني أنا مستني بره
رددت بثينه بغضب وغل :
- ليه يعني هي احسن مني في ايه مش فاهمه ؟
نظر اليها عمار بإحتقار مرددا :
- انتي متجيش حاجه اصلا جنبها ، ولا انتي مفكره أن كل البنات زيك جسمها ده معروض للي يسوي واللي ميسواش؟
ثم خرج من الغرفه واغلق بابها كي لا يري جسدها مما زاد من غضب بثينه وهي تنظر إليها فأخذت تفعل ما أمرها به خوفا منه ومن بطشه
في حين غسل عمار وجهه بالماء فأرتسمت علي شفتيه أبتسامه علي الرغم منه وهو يتذكرها حينما كانت بالمغطس وتداري جسدها خوفا منه ..
نظر بالمرآه فوجد سيل الدماء لم يتوقف وكذلك الألم ولكنه لم يبالي به ، تناول مناديل وأخذ يكتم بها الدماء كي تتوقف قليلا الي ان يراها أحد ما لخياطتتها ..
- بما انك بقه مش عايزها تاخد حاجه من عندي فأنت هتضطر تجيبلها حاجات داخليه ، داخليه أوي كمان
نظر اليها عمار بتحدي وبرود يقتلها :
- زي إيه يعني ؟
بثينه بتحدي :
- زي مثلا أنها في عدتها الشهريه ، وهتحتاح ملابس داخليه وحاجات من الصيدليه ، هتقدر تجيب لها الحاجات دي يا عمار باشا ولا تاخد من اللي عندي ؟
عمار بنفس التحدي وكأنه يخبرها أن كل ذلك لا يعنيه شيئا :
- وأكتر من كده كمان لو عايزه ، المهم متلمسش حاجه من حاجتك
بثينه بعصبيه وغيره :
- وده من أمته أن شاء الله ؟ من أمته اصلا وانت تعرف بنات وتهتم بيهم بالشكل ده ؟
عمار ببرود وثقه :
- دي تقدري تقولي أنها حاله استثنائية بالنسبه لي
لم يتركها لتسترسل معه بالحديث أكثر من ذلك فكان يشعر بالضيق منها الي أقصي حد ..
ولكن سرعان ما تلاشي ذلك الغضب وهو يتذكر زينه بالأمس حينما اعترضت بشده علي أن يحضر هو ما تحتاجه من الصيدليه فأخذ يضحك علي الرغم من ألمه قائلا :
- بقي هو الموضوع كده يعني ! ، مجنونه أقسم بالله هههههه
*****************************************
ذهب عمار الي صيدليه كبيره لتضميد جرحه فنظرت إليه الطبيبه في اعجاب فهمست لها مساعدتها :
- الحمدلله اني استنيت معاكي ومروحتش ، ده الليل طلع بيحدف حلويات
لكزتها الطبيبه وذهبت مسرعه إليه قائله في لهفه :
- خير يا فندم ! ايه النزيف ده ؟
عمار ببرود بعد أن استمع لهمسهم :
- والله زي ما انتي شايفه ، هتخيطي الجرح ولا هتفضلي تبصي للحلويات بتاعتي
اخفضت المساعده رأسها في حرج وكذلك الطبيبه فرددت :
- اتفضل حضرتك من هنا ..
ثم وجهت حديثها الي مساعدتها :
- هاتي الابره والخيط والمعقم والبنج يا دعاء
عمار بنفاذ صبر :
- انجزي من غير بنج مش لسه هستني
الطبيبه وهي تنظر لعينيه تاره والجرح تاره قائله بدلال :
- يا فندم الجرح كبير ، مش هتستحمل .. خليني اطهره و....
لم تكمل حديثها حيثما قطعه عمار حينما وضعت يديها علي كتفه فأمسك بها ينزلها بغضب وهو ينظر لوجهها :
- مش هقولك غير اني مقدم في الجيش ، وتحديدا الصاعقه، لكي بقه أن تتخيلي تفاهه الجرح ده مقارنه باللي بشوفه ، فشوفي أنتي كمان شغلك بدل ما اطربق الصيديله دي فوق دماغك ..
كانت نبرته تحمل تهديدا صريحا لها فأرتعدت اثر كلماته ومركزته واسرعت تفعل ما قاله لها دون الأعتراض علي شئ ، أخذ المتعلقات الأخري أيضا وخرج من ذلك المكان متمتما بضيق :
- هي البنات جرالها إيه ! اخلص من بثينه يطلعولي دول لولا حافظت علي نفسي كانو اغتصبوني ..
ثم ضحك مره أخري وهو يتذكر عناد زينه لها مضيفا:
- ده علي كده زينه ارحم بكتير ..
ما أن وصل الي سيارته حتي وجد أتصالا من اللواء نزيه فتعجب قليلا ولكن سرعان ما اعتقد أنه يتصل به من أجل العوده مره اخري ، فكر لحظات قبل أن يحزم أمره ويجيبه :
- مساء الخير يا باشا !
- مساء النور يا سيدي ؟ قلت اطمن عليك بما انك مش معبرني ولا معبر شغلك وسايب الدنيا تضرب تقلب هنا
عمار بحده ممزوجه بالغضب :
- يا باشا أرجوك احنا اتكلمنا في الموضوع ده قبل كده وقلت لك ...
قاطعه اللواء نزيه :
- كمل اجازتك براحتك ، كل حاجه وقفت ومفيش حرب لحين اشعار اخر والدنيا بأمان حاليا
تعجب عمار بشده متسائلا :
- يعني إيه يا فندم ! والتهديدات اللي اتبعتت والتصريحات واللي حصل في سيناء و....
قاطعه مره أخري :
- اكيد مش هشرحلك حاجه زي دي في الموبايل ، هبقي ازورك قريب وافهمك الوضع ماشي ازاي
عمار بتفكير وخوف مبهم :
- بس يا فندم مش عارف ليه مش متطمن للقرار ده وحاسس أن الوضع فيه إن
أكد له اللواء نزيه قائلا :
- وانا زيك برضه ، بس انت عارف اذا وجبت علينا الحرب هنحارب وده اللي كنا بنعمله ، واهي موجبتش أيا كان السبب لكن برضه واخدين احتياطتنا وياريت تنجز اجازتك دي وترجع مش هقولك أن الشغل محتاجلك ، أنا اللي محتاجلك يا عمار وبالنسبه لي معتز ومحمد مش كفايه
شرد عمار قليلا فيما ينوي فعله بأسم أبو الدهب ولا يدري أن كان سيخرج من تلك المهمه ام لا ، انتبه مره أخري علي صوت اللواء نزيه :
- عمااار ؟ رحت فين وانا بكلمك
- معاك يا فندم
اللواء نزيه :
- أنا سايبك براحتك ومضيت علي اجازتك بنفسي عشان بعتبرك ابني وواثق فيك وفي دماغك وانك ممكن تضحي بنفسك عشان بلدك وانت عارف انها في اشد الحاجه للي زيك، فياريت يا عمار مسمعش اي حاجه تغير وجه نظري فيك أو تخليني اندم علي الثقه والامتيازات اللي أنا بديهالك
هز عمار رأسه قائلا :
- متقلقش يا فندم ، وان شاء الله هرجع قريب ..
اغلق الهاتف وهو يسترجع كلمات اللواء نزيه ويشعر بتيه شديد ودوامه بداخله ، من ناحيه عمله الذي يفني بحياته لأجله والذي طالما عشقه ، ومن ناحيه اخري توأمه التي لم تفارقه منذ طفولتها كلما تذكر جسدها حينما رآه وذلك المقطع حيثما كانت تعذب وتستنجد بأحد ما يغيثها من بين أيديهم تتولد بداخله نار مشتعله تحرق الأخضر واليابس للفتك بما فعلو بها ذلك .. ادار سيارته في غضب متجها الي منزل بثينه مره أخري وعقله مازال يفكر بألامر من كافه الجوانب ..
*****************************************
عاد عمار مره أخري الي زينه واعطي ما أحضره لبثينه والذي تناولته علي مضض ناظره إليه :
-هو انت خيطت الجرح ؟
- ايوه ، وفكك مني أنا حاليا وروحي شوفي البنت واتعاملي معاها كويس مش لمجرد انك متغاظه منها هتتخنقي عليها تمام ..
زفرت بحنق وهي تجيبه :
- هي اصلا مش فارقه معايا زيها زي اي مريضه عندي
نطق عمار بإستفزاز :
- بس فارقه معايا انا
تركها عمار وذهب الي الحمام وترك المياه تنساب علي جسده في تفكير عميق لكل ما حدث له وما سيحدث ، غير قادرا علي تحديد ما يريد ، ولكن الذي متأكد منه أنه لن يترك ثأر أخته مطلقا ..
بعد نصف ساعه خرجت بثينه من الغرفه فأسرع إليها عمار يطمئن علي زينه ، دلف الغرفه فوجدها نائمه بعمق فشعر بالقلق قليلا فردد سائلا بثينه التي دلفت خلفه :
- هي كويسه ؟
بثينه بضيق وسخريه :
- اه كويسه ؟ والاغماء ده السبب الرئيسي فيه قله الاكل ، عايزه اعرف طالما مهتم بيها أوي كده ليه مش بتأكلها ؟
لم يجيبها عمار أو لم يكترث لها مرددا مره اخري وهو مازال ينظر لزينه :
- فيها حاجه تانيه غير رجليها ، كانت بتقول أن بطنها بتوجعها جامد
بثينه :
- دي حاجه طبيعية لظروفها متقلقش ..
تذكر عمار حينما كانت بين ذراعيه تحتضنه من شده الخوف ، لا يدري لما يشعر بذلك الاحساس كلما كان بالقرب منها ، أو ناظرا لعينيها ، ترجم ذلك لنفسه بأنها وحيده مكسوره فقدت الشخص الوحيد الذي كان لها بالحياه وهو أكثر من يدرك شعور الفقد ومرارته ، وكذلك شعر بالندم حينما أخرج غضبه عليها ، حينما فقد أعصابه وضربها وهو يدرك براءتها ولكن أراد فقط أن يخرج تلك الشحنات السلبيه بجسده علي من يقف أمامه فلم تكن سوي تلك المسكينه ..
شرد قليلا وهو ينظر إليها فوجد بعض الخصلات تغطي وجهها فأزاحها بيديه وهو يلمس رأسها لا شعوريا وهو يفكر بأخته وبرائتها أيضا وكيف كانت تشاكسه مثل تلك العنيده ..
أخرجت زينه بعض الآهات فأمسك عمار بيديها في قلق وهو يسأل بثينه :
- هي بتتوجع من إيه ؟ هي فيها حاجه
كانت بثينه تنظر إليه بتعجب شديد وصدمه اكبر فصرخ بها عمار :
- انتي متنحه كده ليه ما تنطقي ؟
أجابت مسرعه في انتفاضه لاشعوريه :
- هي مفيهاش حاجه اصلا ما طبيعي تتألم ، جروح رجليها فتحت تاني بعد ما كانت قربت تخف وده مؤلم اكبر ، ودا غير وجع بطنها الفتره دي وهي اصلا ضعيفه ..
- طب ما تديها مسكن ، اعملي اي حاجه مش عايزها تتوجع كده ؟
- هي نايمه متقلقش لما تصحي تبقي تاخد ، سيبها أنت بس ترتاح وهتبقي كويسه ..
تركها عمار بالفعل وذهب الي الشرفه ، ذهبت خلفه بثينه حيث لم تستطيع كتمان الحديث أكثر من ذلك :
- هو انا ممكن اعرف مين البنت دي ؟ وبتعمل ايه معاك ! وارجوك جاوبني متقوليش انتي مالك
أجابها بإقتضاب :
- حد يخصني وخلاص
- ايوه يعني إيه برضه ؟ ما انت اللي يخصك كتير ، اللي يشوف اهتمامك بيها وخوفك عليها يقول إنك بتحبها بس عشان أنا عارفاك كويس وعارفه انك مش بتاع حب بسألك مين دي ؟
التفت عمار إليها قائلا :
- ليه مش بتاع حب ! مش راجل أنا مثلا ومعرفش احب ولا إيه ؟
أسرعت بثينه :
- لا لا طبعا مش قصدي ، بس انت حياتك كلها ناشفه زي ما قلتلي قبل كده مفيهاش المشاعر والحاجات دي انت راجل عسكري ، مش ده كلامك ؟
عمار بإستفزاز :
- مش يمكن مكنتش مثلا لاقي اللي تغيرلي تفكيري واللي تستاهل اني احبها
بثينه بتلقائيه :
- لا طبعا مش ده الموضوع ، لأنه لو كده كنت علي الاقل حبيتني أنا ..
ضحك عمار بتهكم :
- وانتي شايفه نفسك تستاهلي انك تتحبي اصلا قبل ما تستاهليني أنا !؟
اخفضت رأسها في خجل بينما تابع :
- ده انا لسه مطلع واحد من الشقه من شويه ، ويا عالم كان في مين غيره قبله
بثينه بضيق :
- يا عمار أنا مش كده ولسه محافظه علي نفسي
عمار :
- الكلام ده متقوليهوش ليا أنا ، قوليله للي هيتجوزك في يوم من الايام من اني اشك أن ممكن حد يبصلك لو عرف عمايلك دي ، وقلتهالك قبل كده يا بثينه وهقولهالك تاني انتي لا تعنيني في شئ سوي انك اخت واحد صاحبي استشهد ووصاني عليكي ، ولولاه اني عامل حسابه لحد ذات اللحظه كنت طردتك بره الشقه دي ومن مهنه الطب كلها وخليتك عبره للي يسوي واللي ميسواش ..
أبتلعت بثينه ريقها في توتر وخوف بينما هو اقترب خطوه منها أكثر مضيفا في تهديد :
- معرفش إذا كان الواد ده اول واحد يدخل الشقه دي ولا لا ، لكن متأكد أنه خلاص اخر واحد .. صح ولا لأ ؟
لم تجيبه بينما ارتفع صوته بحده :
- صح ولا لأ ؟
انتفضت لاشعوريا قائله:
- صح صح .. حاضر صدقني مش هيحصل تاني والله عرفت غلطي والحاجه دي مش هكررها تاني
- يكون احسن لمصلحتك
بثينه :
- بس برضه عايزه اعرف ايه طبيعه علاقتك باللي اسمها زينه دي وليه هي معاك ؟
- خليكي في نفسك يكون افضل ، عن اذنك ..
ثم تركها ودلف الي غرفه زينه مره أخري ، لم يكن ليتناقش مع بثينه في ذلك الأمر إلا لكي لا تفكر به مطلقا كحبيب أو أنه من الممكن في يوم من الايام سوف ينظر إليها كزوجه مهما فعلت ، هي كانت ومازالت اخت صديقه ولولا أنه لا يرد أحدا طلب مساعدته لكان القي بها خارج حياته ، نظر بتلقائيه الي زينه فوجدها مازالت نائمه وجهها يكسوه العرق والألم ، مد يديه إليها ومسح حبات العرق بيديه من علي جبهتها ، وأخذه التفكير فيما يود فعله للأنتقام ..
لم يشعر بنفسه إلا وهو يغمض عينيه في ضعف وأستسلام فوضع رأسه علي الوساده بجانبها وغط في نوم عميق ..
*****************************************
في اليوم التالي فتحت زينه عينيها ببطئ وهي تتثائب بكسل كعادتها ، شعرت بأشياء غريبه بها فنهضت في موضعها وكشفت الغطاء لتجد ثيابها قد تم تبديلهم وكذلك قدمها ، خفق قلبها بخوف شديد حينما اشاحت بوجهها لتقع عينيها علي عمار الذي أيضا وجدته بثياب غير التي كان يرتديها بالأمس ، ضمت قدميها برهبه شديده وهي تحاول الابتعاد عنه وعرفت دموعها طريقها الي عينيها ..
حركتها البسيطه تلك كانت كفيله بأن توقظه من نومه لينظر إليها بصدمه غير مستوعبا تلك الحاله فتسائل :
- مالك ؟ بتعيطي ليه ؟
لم يستطع تفسير نظراتها لها ولا سبب بكائها فنهض مسرعا وهو يقترب منها فوجدها تصرخ في انفعال شديد :
- أبعد عني ، أوعي تقربلي انت فاهم !
لم يستغرق الأمر معه لحظات حتي تفهم حالتها تلك ، ثياب جديده ، وهو كذلك ، فتحت عينيها فوجدته نائم بجوارها ، كل ذلك ترجم خطأ لديها فأسرع يردد :
- متخافيش متخافيش ، أنا مقربتلكيش ، مش أنا اللي عملت كل ده ؟ دي دكتوره
نظرت إليه بشك قليلا وهي تجفف عبراتها فأضاف ساخرا كي يستفزها :
- انتي بجد فكرتي اني ممكن اقربلك ، ليه يعني من قله النسوان ؟
ارتفع صوتها قليلا وهي تشير بيديها :
- وانت تقدر أصلا تقربلي ، أنا أبعد من خيالك ليك ، أنا بس خفت علي نفسي ليكون علي اخر الزمن جرالي حاجه بسببك ، أنا محتفظه بنفسي للأنسان اللي هيحبني ويقدرني مش لواحد بيستقوي علي اللي أضعف منه
لا يعلم مصدر الغيظ والضيق الذي اجتاحوا صدره لمجرد أنها نسبت نفسها لشخصا أخر ، فردد :
- أنا لو عايز اعمل كده مش انتي اللي هتمنعيني يا بتاعه انتي ! ، لكن أنا مش شايف فيكي حاجه اصلا ممكن تغري الواحد ، وبما اني بستقوي علي اللي أضعف مني فأنا لو حابب اموتك دلوقت هيحصل مش بس ألمسك ، فمتعاندنيش أو تفكري لمجرد التفكير انك تتحديني مفهوم ..
زينه بدفاع :
- أنا مش بعاند ، أنا بعمل اللي المفروض يتعمل ، انت بقه شايفه عند يبقي دي مشكلتك
رمقته زينه بنظرات احتقار شديده ولم اجيبه في حين اقترب منها عمار أكثر وهو يضيق عينيه :
- ولما تخرجي امبارح نص الليل وتروحي قدام بيتك وانا محذرك من انك حتي تفتحي الشباك ده يبقي إيه غير أنه عند ؟ لتاني مره بتعرضي حياتك للخطر لولا أني كنت موجود
زينه بخجل ممزوج بالبكاء :
- أنا معملتش كده غير لسبب مهم مش عشان اعاندك ولا حاجه
عمار بحده :
- كنتي قوليلي ، مش تخرجي لوحدك كده في نص الليل وانتي عارفه أن في كلاب بتجري وراكي
نظرت إليه بطرف عينيها مردده بخفوت :
- مكنش ينفع أقولك .. متعرفش اصلا أنا كنت عامله إيه عشان اكون هاديه كده
عمار بخبث :
- عامله إيه ؟
زينه بضحك لم تستطع كتمانه :
- الحمدلله وانت ايه اخبارك ؟
أبتسم قليلا وهو يهدئ من روعه علي فكاهتها، ابتعد عنها قائلا :
- طيب خلاص الموضوع عدي ، بس تاني مره أياكي تكرريها والا أنا فعلا هستقوي عليكي واقتلك المره دي بجد
بينما هو يتحدث نظرت زينه خلفه لتلك التي كانت تراقب ما يحدث بحنق شديد وعلي وجهها علامات الغضب وهي تراه مقتربا منها هكذا ، رددت زينه بخفوت وهمس وهي تنظر إليها :
- ده مين انثي البورص دي ؟
التفت عمار خلفه حيثما تنظر فوجد بثينه تنظر إليهم ، انفلتت ضحكه منه تلقائيه علي المسمي الذي أطلقته زينه عليها فهمس لها أيضا :
- دي الدكتوره اللي غيرت لك ..
زينه مره اخري :
- أيوه يعني بتطلع نار من ودانها ليه ؟
كتم عمار ضحكاته مما زاد من حنق بثينه بعدما أدركت أنهم يتهامسون عليها ، فرددت بغيظ :
- حمدالله علي سلامتك يا شاطره
زينه ببرود :
- للدرجه دي شايفاني صغيره وانتي عجوزه ، علي كده بقه أنا يمكن اكون قد بنتك صح ؟
بثينه بغيظ وغضب :
- بت انتي اتلمي واحترمي نفسك
زينه بحده :
- مين دي اللي بت ! بت أما تبتك علي قرعه ستك
نظرت بثينه الي عمار تستنجد به كي يخرسها ، ولكنه رفع يديه مستسلما في ضحك مكتوم ، صاحت بها بثينه :
- لمي لسانك اللي اطول منك ده بدل ما اقصهولك واتكلمي معايا عدل !
زينه بعناد ولماضه :
- بالراحه بس علي نفسك يا حاجه ليجيلك شوجر وانتي لسه موصلتيش الخمسين
ثم نظرت إلي عمار قائله :
- ده مين دي يا عمار ! خالتك ؟
لم يعد يستطيع كبح ضحكاته أكثر من ذلك فأنفجر بشده وهو يتجه ناحيه بثينه قائلا :
- خليكي انتي الكبيره يا دكتوره مش المفروض تروحي شغلك ولا أيه ؟
رقمت زينه بضجر وغيظ وقالت :
كنت خارجه اهوه بس سمعت صوتكم كان جايب أخر الشارع
اخرجها عمار من تلك الغرفه وهو ينظر الي زينه قائلا قبل أن يخرج :
- ده انتي نمره
قالت زينه مسرعه :
- نمره واحد وأربعين وساكنه في عابدين
خرج وهو مازال يضحك عليها بينما كانت بثينه تشتطاط غضبا ولكن لم تستطيع التفوه بشئ طالما هو لم يتحدث عن ذلك الأمر أو يعترض ، خرجت من المنزل وبداخلها فضول شديد لمعرفه من تلك الفتاه وما علاقتها به ..
احضر لها عمار طعاما وتناولته بشراهه شديده من شده الجوع فنظر إليها عمار مصدوما :
- وكنتي بتقولي مش جعانه ؟
رددت زينه والطعام يملأ فمها :
- أنا كده طول عمري اكلتي ضعيفه
تطلع إليها شذرا :
- واضح واضح ، انتي كمان شويه هتبلعيني بس ..
- مبحبش حد يقاطعني وانا باكل
ضحك عمار علي منظرها قائلا :
- كلي يا اختي كلي
*****************************************
تعدت الساعه الثانيه عشر منتصف الليل ، وسط ظلام الليل واختفاء القمر بمرحله المحاق ، كان جالسا بسيارته متلثما وبيده جهاز غريب الشكل أشبه بالمفجر ، أخذ يركبه بتقنيه معينه وهو ينظر الي المقر الموجود أمامه بغضب شديد وأسفل حزامه سلاح من نوع خاص ..
ما أن انتهي مما يفعله حتي حسم أمره وأمسك بمقبض باب السياره مستعدا للهبوط ، ولكنه تسمر موضعه حينما وجد من يفتح الباب الآخر لسيارته ويجلس بجواره ناظرا إليه :
- انت مفكر نفسك هتعمل إيه ..
تطلع إليه ذلك المثلثم قائلا بصدمه شديده :
- انت ؟؟؟؟؟؟ .........................................
٠ولحد هنا والحلقه خلصت :))
تفتكروا إيه اللي حصل ؟ عرض أقل
•تابع الفصل التالي "رواية نار الحب والحرب" اضغط على اسم الرواية