رواية نار الحب والحرب الفصل السادس 6 - بقلم ايمان حجازي

 رواية نار الحب والحرب الفصل السادس 6 - بقلم ايمان حجازي

حلقه ((6))

"""""""""""""""""""""""""""""""""

بداخل قسم الشرطه ..

كان يقبع علي الكرسي أمام المقدم رفعت الذي تمركز في موضعه بكل غرور وبجانبه ذلك المدون الذي شرع في كتابه المحضر ، ظل ثابتا، مصدوما ، وكأنه عقله في عالم أخر غير ملبي لسؤال رفعت الذي كاد أن يفقد أعصابه إلي أن يتكلم :

- ما تنطق يالااا !!؟ ازاي قدرت تدخل شحنه المخدرات ؟

بينما هو يصرخ به لكن حسام لم يتزحزح قيد أنمله وظل باردا الي حد الجمود ، كانت تلك أخر محاولات رفعت في الحديث إليه من علي المكتب ، لم يشعر بنفسه من فرط عصبيته إلا وهو ينهض فجأه ويتجه الي حسام ممسكا من تلابيبه صارخا بوجهه :

- ما تتكلم يا أبن الش**** ...

ولم يكن يكمل كلامه حتي أتاه صوتا من الخلف في نفس اللحظه حينما فتح الباب بقوه ليثبت بحضوره الطاغي الذي الجم المقدم رفعت وهو يجيبه :

- الش**** دي تبقي أمك ،عارفها !؟

تركه رفعت في ربكه خفيفه استطاع إخفائها جيدا ليظهر بغروره وثقته الطفيفه بنفسه ، وقف بجمود زائف أمامه وهو ينظر لعينيه متحدثا بعصبيه :

- أنت ازاي تقتحم مكتبي وتعطل شغلي يا سياده المقدم؟

لوي شفتيه في أمتعاض وسخريه شديده مع تلك الأبتسامه السمجه اسفل شاربيه ، تقدم خطوتين الي الأمام وأمسك بكرسي في يديه وجلس عليه واضعا قدمه فوق الأخري يجيبه :

- الكلام ده مياكلش مع داغر الجبالي انت عارف كده كويس !؟

علي الرغم من معرفته لداغر وأنه لديه تصريحات كثيره لم تمنح لغيره ، ولكنه تصنع عدم الأهتمام بها ، أخرج هاتف العمل وهو يردد بعصبيه مفرطه :

- أنا هوقفك عند حدك ، انت مفكرها سايبه !؟

أخرج داغر سيجاره من علبته وهو يرمقه بنظرات بارده وكأنه لا يعنيه أي شئ مما يفعله ، بل بات مستمتعا أيضا وذلك الذي كان يزيد من أنفعاله أكثر وأكثر ..

لم يلبث بضع دقائق حتي راقب داغر تغيرات تعابير وجهه التي تحولت للصدمه الشديده ثم الهدوء والأنصياغ لما تم الأملاء عليه ، انهي تلك المكالمه وهو ينظر الي داغر بحنق شديد والدماء تغلي أسفل جلده وهو غير قادر علي التحدث ، لم يمهله داغر التفهوه بكلمه أخري حتي زفر دخان سيجارته في برود مستفز وهو يمليه أمره :

- بره ..

ثم نهض من كرسيه ناظرا إليه بأستفزاز:

- واقفل الباب وراك ..

لم يكن علي رفعت سوي تنفيذ الأوامر حينما وجد أنه لا جدوي من الأعتراض علي ما يحدث ، ولكن لا بأس من التفوه بكلمه ولو بسيطه للثور لكرامته فنطق وهو خارجا بثقه :

- بس وشرفي الواد ده ما أنا سايبه غير علي حبل المشنقه ..

استمع كل من يتواجد بالخارج الي صوت ضحكه داغر بصوته الأجش وهو يردد :

- انت بتحلف بشرفك ! ، علي كده حسام هيطع براءه

اغلق رفعت الباب بعصبيه شديده وهو يتوعد له بالأنتقام والفتك به حينما تتيح له الفرصه ، وأخذ يفكر في الأمر من ناحيه اخري ، هو أكثر من يعرف داغر وقوته وكذلك انصياغ بعض القيادات له ، فماذا لو فعل شيئا يحول ضد حكم الاعدام الذي ينتظره تهامي ابو الدهب !؟ ولكنه أخذ يطمن نفسه بكلمات هو أكثر من يشك بصدقها :

- وانا هخاف من ايه ، الواد مضي علي الورق وبكره النيابه والقضيه تتقفل والحكم يتنفذ

أما بداخل المكتب ، بعدما انهي داغر من اتصاله بعمار واخبره أن يأتي إليه ليري حسام وكذلك ليفهم هو أيضا تلك القضيه من كافه الجوانب ، فبعد رؤيته لحاله حسام أدرك أنه في حاجه الي أخيه وصديقه عمار أكثر منه ..

كان حسام مازال علي حالته صامتا ناظرا أمامه ، الحزن يقطع من نياط قلبه ، والألم يعتصر فؤاده ، حاول داغر جاهدا التهوين علي أمره إلي أن يصل عمار الذي اخبره أنه سيأتي في غصون دقائق ، ردد ممسكا بكتفه بصوته الأجش:

- أنا مش عايزك تخاف من حاجه يا حسام ، عمار هنا ومرضاش يرجع عشانك ، مش هنسيبك بس تقولي ايه اللي حصل !! ..

لم يجدي حديثه نفعا معه حيثما ظل علي حالته ، فأدرك داغر أنه عليه الأنتظار قليلا ،، ريثما تنفك عقده لسانه بوصول صديقه ..

*****************************************

وبعد بضع دقائق قليله وصل عمار الي قسم الشرطه حيثما يتواجد داغر وحسام ، كان متلهفا ، يجتاح رأسه فضول كبير حول وصوله الي هذا الوضع وتراكمت عشرات من الأسئله في رأسه لحين لقائه بأبن عمته وصديقه ، عدي بخطوات سريعه إلي أن وصل للمكتب المنشود ، ولكن استوقفه ذلك الذي كان ينتظر بالخارج ويتطلع له بنظرات مريبه ..

ما أن رآه رفعت حتي تمكن القلق والتوتر منه أكثر فأكثر ، هو بالفعل ارتاب الأمر فور تدخل داغر الجبالي ، فماذا أذا اجتمع الأثنين سويا !؟

أبتلع ريقه في توتر ملحوظ وارتسمت الدهشه علي محياه وهو ينظر الي عمار بتسائل وحيره تملأها الغضب :

- عمار باشا المصري !!؟ .. وايه اللي دخل الشرطه العسكريه مع المدنيه !؟ ..

رمقه عمار بأحتقار وتابع طريقه دون التوقف لأجابه سؤاله الذي ردده وهو يفتح الباب :

- حاجه متخصكش ..

ثم صفعه بوجهه دون سابق إنذار ليزيد من رجفته أكثر ، في حين دلف الي الداخل ليري حسام ..

ما أن نظر إليه حتي أسرع وقام بأحتضانه بشده وحزن شديد وهو يتطلع الي حالته ، في حين أطلق حسام العنان لدموعه فأنطلق يبكي بقهر وكسره شديدان لما وصل إليه وهو بين يدي توأم زوجته ورفيقه روحه حيث ما وجد لنفسه الراحه والأمان ، أخذ عمار يربت علي ظهره وهو يطمئنه :

- أهدي ، أهدي .. كل حاجه هتتحل ، وهترجع زي الأول ..

خرج صوت حسام متحشرجا من شده الحنق والبكاء:

- مفيش حاجه هترجع يا عمار ! اخدو مني مراتي ، وهياخدوا حياتي ..

تحمدت نظرات عمار وبرزت عروقه وهو يسأله :

- حصل إيه يا حسام !

ولكن قبل أن يجيبه انتبها لصوت داغر ناظرا للأعلي في كافه الاتجاهات :

- استنوا ..

توقفت ناظرين إليه ففهم عمار عن ما يبحث عليه فرفع عينيه هو أيضا ليدقق النظر باحثا عن كاميرات المراقبه وما أن عثر عليها حتي اتجه ممسكا بحسام الي ركن بعيد عنها ، التفت عمار الي حسام مره اخري قائلا :

- اتكلم

ردد حسام بخفوت وألم :

- أنا مضيت علي ورق هيوديني في داهيه ، في مقابل أني انقذ نور من أيديهم ..

ثم تسللت دمعه مريره الي عينيه وهو يكمل :

- بس مكنتش اعرف اني هلبسها عشان يخلصوا مني ويخلصوا نفسهم ، وأنهم كانوا بيضحكوا عليا وقتلوا مراتي ..

تكورت يد عمار في غضب شديد وتغيرت ملامحه فور ذكر اسم أخته وما قد حدث لها فأسرع يسأله وهو يكز علي أسنانه :

- ايه حصل لنور !؟

ابتلع حسام العلقم المرير بداخل حلقه وهو يحاول استجماع نفسه وترتيب أفكاره ليبدأ بالسرد عليهم كل ما حدث له ، بدايه من اكتشافه لتلك الشحنه عن طريق الصدفه واخبار زوجته بالأمر ، ثم تابع الحديث وقص عليه كيف هاجموه ليلا بداخل منزله واختطفوه هو وزوجته معه وفصلا زوجته عنه كي يضغطوا عليه في أمر توقيع الأوراق ، أكمل حسام قاصصا عليهم الذي حدث بعد ذلك تفصيلا إلي أن انتهي به المطاف الي هنا ..

كان عمار يستمع إليه والدماء تغلي بعروقه من فرط الغضب والعصبيه ، جذب أنتباهه أنه لم يتحدث بشأن موت أخته فنظر إليه مرددا:

- نور ماتت ازاي !؟ ..

اجهش قلب حسام وأصبح يدق بألم شديد وهو يعتصر مجيبا:

- معرفش ، قالولي ازمه قلبيه .. انت عارف أن نور كان عندها عضله القلب ضعيفه و..

بتر حديثه وهو يتذكر خبر حملها ليتألم فؤاده أكثر فتابع:

- وكانت حامل والدكتوره حذرتها من أي مجهود أو انفعال ، لأنه أي ضغط ممكن يكون خطر عليها وعلي الجنين .. وحصل اللي حصل ..

أغمض عمار عينيه في مراره شديده متألما لما حدث بفقيدته ، ولكنه أخذ يتذكر جسدها حينما وقعت عينيه عليه ليهز رأسه نافيا ، ولكن سرعان ما وضع داغر يديه علي كتفه وهو يضغط عليه مانعه من الحديث ..

تنهد عمار بحزن وظل شاردا بضع دقائق وكذلك الجميع ، نظر عمار الي داغر بجمود مرددا بلهجه أمره :

- حسام لازم يطلع يا داغر ،،

زفر داغر في تنهد مطرقا في تفكير وردد :

- هيطلع ..

برقت عينيه بلمعه خبيثه ، تطلع الي عمار وأرتسمت أبتسامه علي ثغره في شر ، ثم نظر إلي حسام سائلا :

- المحضر اللي اتعمل لك ، انت اعترفت فيه بحاجه !؟

هز حسام رأسه في نفي قائلا :

- متكلمتش ، وتقريبا مفيش فايده سواء اتكلمت أو لأ ، كده كده أنا مضيت علي اللي هيوصلني لحبل المشنقه ..

اسرع داغر يستوقفه مشيرا إليه بيديه :

- لأ ، انت هتقول الحقيقه ...

كانت نظرات حسام إليه حائره ، بينما تطلع إليه عمار في فضول ، تابع داغر حديثه في شرود :

- وتبقي ضربه معلم ، عصفورين بحجر واحد

تسائل عمار ناظرا إليه :

- هتعمل ايه !؟

داغر بثقه وتفكير:

- مش هخلي في قضيه ..

لم تتعدي بضع لحظات علي أدرك عمار مقصده مبتسما بمكر وهتف بتساؤل:

- ومين هينفذ !؟ ..

نظر داغر إليه مجيبا من خلال تلك النظرات علي سؤاله ، هز عمار له رأسه في إيماء مؤكدا له بموافقته علي ما يريد ، فجريمه مثل تلك لم يستطع أي أحد الخوض بداخلها والخروج دون أذي ، ولكن للأسود مهابه خاصه وقدره فتاكه للتغلب علي مكر الثعالب ..

اتفقوا ثلاثتهم علي ما يتم تنفيذه في تلك الليله وحفظ كل منهم دوره بأتقان أملين أن يتم ما يسعون إليه كما تم التخطيط له ..

بعد دقائق خرج كل من عمار وداغر من المكتب فوجدا رفعت مازال بالخارج ، والذي هب واقفا ما أن رأهم سويا ، وقف قبالتهم متسائلا بتوتر سري بعروقه :

- هو انا ممكن اعرف المقدم عمار بيعمل إيه هنا !؟

قبل أن يجيبه عمار استوقفه داغر بذراعه ناظرا الي رفعت بأحتقار شديد قبل أن يجيبه بثقه وجمود :

- فكك من الجو الحمضان ده وملكش دعوه ، وحسام لو اتمس منه شعره واحده لحد جلسه المحكمه صدقني انت كده هتكون بتتحداني شخصيا ، فنفذ اللي بقوله عشان أريحك مني

أبتلع رفعت ريقه بخوف أدرك جيدا كيف يخفيه عن ناظرهم ليرد بأبتسامه سمجه متهكما :

- تريحني ازاي!؟

اجابه داغر بلكنه يفهمها جيدا :

- زي أمك ما ارتاحت كده في ليله دخلتها ،،

تمكن الغيظ والغضب ذروته بداخله ، ذلك الفظ عديم الأحترام الذي يلقي ما يلقيه دون الأكتراث لأحد .. خرج صوته محذرا وهو يشير بيديه أمامه في شجاعه ظاهريه:

- أنا مسمحلكش !!!

رمقه داغر بنظره بارده وكأنه لا يعنيه الأمر ، ثم تحرك من أمامه غير مباليا بما يحدث بداخله من عصبيه قد تؤدي إلي تحطيم الأخضر واليابس ، ولكنه علي ثقه مطلقه بأنه سينفذما ألقاه عليه خوفا من بطشه ، فكانت هذه تأديبه صغيره له إلي أن يتلقي الكبري كما ينوي له داغر ..

*****************************************

لم تغفل عينيها عن تلك الصوره أو تحيد وهي ممسكه بها في اسي شديد ضاعف علي حزنها الكثير ، لتتراكم بداخلها رغبه الانتقام والفتك بذلك الشخص الذي ذهب بوالدها وبتلك البريئه الجميله ، عرفت العبرات طريقها الي عينيها واعتصر الألم فؤادها متسائله ،، أيعقل أن يكون هناك أناس كهؤلاء !؟ الذي انعدمت الرحمه من قلوبهم واذهب الشر بعقولهم ؟

لم تحتاج لدليل قاطع أو إثبات لتدرك أن صاحبه تلك الصوره هي اخت عمار التوأم "نوران" فقد رأتها كثير علي الفيس بوك حينما كانت تراقب الحساب الخاص به وتأكدت أنها أخته ، غير أنها تعتبر نسخه طبق الأصل من عمار ولكن بجمالها الأنثوي ، انزوي قلبها وهي تتخيل كم الحزن والاسي الذي شعر به عمار لفقدها ، فهي لم تقل عنه بشئ ، أيضا فقدت اغلي ما تملك بالحياه وهو والدها ، وما أن جال بخلدها أمر والدها حتي نغص قلبها واجفل حلقها في بكاء أكبر ،، لم تلبث بضع دقائق حتي تذكرت أمر الهاتف وبسرعه شديده لامست يديها جيبها لتتأكد أفقدته أم لا ؟ ، ولكن تلاشي ذلك القلق حينما وجدته مازال بموضعه ..

لم تكد تخرجه من مخرجه حتي استمعت الي مزلاج الباب وهو يفتح بهدوء ، التفتت بعينيها ومسحت عبراتها وهي تنظر اليه فوجدت عمار يدلف الي المنزل مره اخري ..

تصارعت دقات قلبها فجأه ما أن حضر أمامها ، وحاولت ضبط أنفعالاتها لتبدو أكثر صلابه حتي وأن كانت ظاهريه فقط ..

في حين تقدم عمار دون النظر إليها وجلس قبالتها علي الاريكه المجاوره للسرير مطرق التفكير في ما قصه عليه حسام ، متناسيا تماما تلك التي أحضرها لمنزله وكذلك حجمها الصغير الذي لم يساعده أيضا في رؤيتها ..

اغتطاظت زينه من فعلته تلك ولم تدرك أنها عفويه منه لا اكثر بسبب انشغاله بأمور اخري ، لم تشعر بنفسها الا وهي تردد بلهجه خاطئه غير مناسبه تماما في تلك اللحظه :

- هو انت اختك ماتت ازاي !؟

التفت عمار إليها بتلقائيه عصيبه ناظرا إليها في غضب متذكرا أمرها ، والذي ضاعف الحمم ليشتعل الغضب أكثر هو رؤيتها ممسكه بصوره أخته بين يديها ، نهض من مكانه سريعا خاطفا تلك الصوره بعنف أرعبها ، تحول فجأه الي كومه من النار التي ستحرقها مرددا حيث هتف بأنفعال شديد :

- انتي ازاي تمدي ايدك علي حاجه هنا ؟ هو كان بيت أبوكي !

انتفضت زينه لاشعوريا علي نبرته تلك ولكن لم تستلم أمامه فردت مدافعه عن نفسها بشجاعه ظاهريه صارخه بوجهه:

- هو أنت مفكر نفسك مين هااه ؟ ولا انت شايفني ايه اصلا ! الخدامه اللي جابهالك ابوك هتتحكم فيها زي ما انت عايز؟ انت جبتني لهنا ومش عايز تخرجني ، يبقي تحترمني وتعرف وتتأكد أني زيي زيك وانت مش أقل مني في حاجه ! الحق عليا اني كنت عايزه اساعدك في موضوع اختك لكن انت متستاهلش أن حد يعبرك أصلا ،، خرجني من هنا والا هعملك فضيحه لأمه لا اله الا الله

زفر عمار بضيق من تلك المزعوره ، لم يبدو وكأنه مكترثا لم تقوله حيث يشغل باله أمرا اكبر منها كثيرا ، ولكن ذلك لم يمنعه من تأديبها لها والزامها حدها لتعرف هي مع من تتحدث !؟ ..

وقف أمامه بوجه جامد التعابير وبحركه خاطفه منه بيد واحده رفعها لتقف أمام وجهه ، ألمتها فعلته تلك فهي لا تمثل شيئا أمام ضخامه جسده وقوته ولكنها أظهرت عكس ذلك لتكمل شجاعتها وكأنه لم يفعل شيئا ، في حين نظر عمار الي عينيها مباشره حيث قربها منه بشكل كبير فلم تفصل بينهم سوي بضع سنتيمترات صغيره ، لفحت أنفاسه الحاره وجهها لتشعر بارتباك الشديد من شده قربهم لتلك الدرجه ، بينما عمار لم يدري ما الذي شعر به أمامها ، للمره الثالثه التي تلتقي عيناهم وكأن هناك رساله يتلقاها منها ، نفض ذلك الشعور من عقله ليسيطر علي انفعاله مرددا بلهجه مهدده أشبه بالهمس:

- أنا مبمدش أيدي علي واحده ، انتي مش فارقه معايا غير أنك كائن حي أنا انقذته من الموت ، لو هتتمادي أو تفكري نفسك حاجه معنديش مانع أبدا أني اخلص عليكي بكف واحد من ايدي ...

ثم استدار بجسده ناحيه الباب وجرها رغما عنها من ذراعها غير مبالي بألمها ولا بقدمها التي انفتحت جروحها مره أخري وانينها المكتوم من شده الألم الذي كسا جسدها بأكمله وتحديدا قدميها التي غرقت بالدماء، فلم يكن يري سوي غرورها حتي وان كان زائفا وكذلك تحديها له ومقارنه نفسها به ، لم يكن هينا في التعامل مع الأناث ولم تلفت أنتباهه أي واحده منهم من قبل ، فمن تلك التي تصرخ بوجهه بتلك الجرأه ؟ وقف أمام الباب وفتحه بعنف وهو يتابع صريخه بوجهه دافعا أياها خارج المنزل بقوه :

- وحتة اني حابسك هنا اللي كل شويه تقوليهالي دي ، اتفضلي غوري من هنا روحي لهم خليهم يقتلوكي اهم بيدوروا عليكي في كل حته ، خليهم يقضوا عليكي زي ما عملوا في ابوكي .. أنا مش ناقص قرف وزن النسوان ده

زجها خارجا صافعا الباب بوجهها بقوه ، أمسكت زينه بالدرابزين مسرعه كي تمنع نفسها من السقوط من علي الدرج بعدما خانتها قدماها ، جلست زينه موضعها ممسكه بقدميها التي كست عليها الدماء والتورم والوهن لتفقد الكثير من دمائها ، شعرت زينه بالأنكسار الشديد ولم تكن تشعر بنفسها الإ والدموع تعتريها كالشلال ، لم تدري أي سبب جعلها تبكي بهذه الشده ، أفقدها لوالدها؟ أم شعورها بالوحده والخوف؟ أم ذلك الألم الذي يفتك خلاياها وعجزها عن الحركه ؟ أم مشاعر كثيره مختلطه اجتاحت قلبها معا ..

وبالداخل جلس عمار مطرق التفكير ممسكا رأسه بين يديه ، لا يستوعب كيف فعل ذلك ، احزنه علي ما فقد سببا لتحوله أم خوفا من نظره عينيها الذي لم يجد لها تفسيرا الي الأن ؟ ، يبرر لنفسه أنها فتاه وما أشد كرهه لهم معتقدا أن كل منهم تقترب منك لأغراضها الخاصه فقط ولتنل ما تنال منك ،، علي الرغم من تبريره لنفسه ما حدث وأنه فعل الصواب بطردها ولكن لم يستطع منع نفسه من العتاب وهو يطرد كائنا ضعيفا مريضا ويتركه في الخطر بعدما كان حصنه الأمن ، هو وظيفه أنقاذ البلد بأكلمها والدفاع عنها بروحه ، فماذا بتلك المسكينه الضعيفه ! رفع رأسه من بين يديه لينظر أمامه وتقع عينيه علي الدماء التي غطت الأرض اثر خطواتها فأنتفض قلبه خوفا عليها مع تلك الدقات التي أسرعت بفؤاده ، تذكر نظرات التحدي والعناد الذي رآها بعينيها وأنها من الممكن أن تذهب بالفعل الي منزلها مره اخري ، ما أن جالت تلك الفكره بخاطره حتي فز مسرعا من مكانه ليهوي قلبه من شده الخوف حينما خيل له انها من الممكن أن يتم قتلها كما فعل بوالدها رافضا تلك الفكره مطلقا وكأنها شيئا خاصا به ..

*****************************************

وكلاء الدم ، لا يجب تسميتهم إلا بهذا الاسم نسبه لما يرتكبونه من جرائم تذهب بالكثير والكثير من الشباب الوردي، وتدمير المجتمعات ، ونهب الدول وإسقاطها ...

جلس تهامي أبو الدهب في مقر وكاله عالميه في امريكا يتناول كأسا من افضل انواع النبيذ ، بصحبته بعض الرؤساء من مختلف الديانات ومختلف البلدان والبعض منهم لا ينتمي لأي ديانه ، كانوا يتبادلون أطراف الحديث حول أخر عملياتهم وتأثيرها علي الدول الذين هم بصددها ،، تحدث أحدهم ذو شارب رفيع وذقن اشبه بالقرطاس بالانجليزيه :

- منفذ عملياتنا الأخير تم بنجاح ، وتمت السيطره علي كافه الخطوط المطلوبه لوكالتنا وقريبا سنسمع اخبار نجاح الاستيلاء علي تلك البلد فقد أصبحت كومه حطام تريد من ينتشلها من ذلك الوحل الذي أوقعت به بعد اغتيال رئيسها ،،

قهقه بعض القاده المتواجدين وهم يخبطون كؤوس المشروب بيديهم في انتصار حافل ، تسائل كبير الجلسه موجها نظر لتهامي يسأله :

- وماذا عن داعش مسيو أبو الدهب !؟

تبلدت نظرات تهامي اليه فوضع الكأس من يديه مجيبا :

- أسف سيدي ، علينا التأجيل الأن فالقوات متأهبه لأدق هجوم ، ولكن لدينا خطه بديله ستنجح بالتأكيد وسيتم الاستيلاء علي ما نريد بضربه واحده فجائيه ..

علي الرغم من استياء بعضهم مما القي والذي سيؤجل خططتهم الدوليه ، ولكنهم جميعا يعدون قبضه يد واحده ، لا يجب أن ينحل أصبع واحدا منهم حيث لا يعود مره اخري بل يتم قطعه وإزالته ، تكاثرت الأسئله والأجوبه وكل وكيل لبلده يجوب عما احدثه ليتم القضاء عليها وتنفيذ مخطط السطوه الدوليه .. فتلك الأجتماعات لا تقام الا كل وقت محدد وبتدابير معينه ..
( خليكوا فاكرين المشهد ده عشان هيفيدنا قدام شويه)

بعد أنتهاء جلسه اليوم وعودته الي مقر أقامته ، كان لا يريد سوي الاسترخاء فقد حضر الأجتماع بنفس اليوم الذي وصل فيه الي تلك البلده ، ما أن وضع رأسه علي وسادته حتي انزعج بشده من ذلك الرنين المتواصل من هاتفه ،، ما أن نظر إلي شاشته حتي وجده رفعت ، زمجر بضيق وهو يجيبه مضطرا علي مضض :

- أيوه يا رفعت ، أنا مش قايلك متتصلش بيا تاني خلال الأسبوع ده !

- ا.............

هز تهامي رأسه بغضب يجيبه :

- يعني ايه الكلام ده !؟ أنا سايب المسؤوليه كلها عليك ، وانت اللي هتكون في الوجهه لو حصل أي حاجه غير اللي احنا متفقين عليها ، مفهوم !؟

أتاه رده بخضوع وهو يملي عليه ما سيتم تنفيذه اتباعا لرغباته ، اغلق تهامي الهاتف بوجهه ووسد رأسه للخلف طالبا لقسط من الراحه كي يستعد لما اتي من أجله ، مغمغما ببعض الكلمات وهو يغفو بأمتعاض:

- كان ناقصني ده كمان ..

*****************************************

تنفس الصعداء حينما وقعت عينه عليها قابعه علي الدرج أمام المنزل ، ولكن ما أن رأي تلك العبرات تنساب من مقلتيها حتي اعترته غصه مريره بما فعله معها وازادت لتشعره بالندم حينما وجدها ممسكه بقدمها التي فقدت الكثير من الدماء أسفلها ، تقدم ببطئ ليقف أمامها وعلي الرغم من شعوره بالندم بداخله إلي أن وجهه كان جامدا وهو يقف أمامها خالي من التعابير ، رفعت بعينيها إليه وهي تكفكف دموعها وتتمسك ببقايا كرامتها التي أهدرها بالداخل ،، لم يدر عمار بما يقول أو يبرر ما فعله فمن سابع المستحيلات أن يتنازل ولو بقدر انمله ويعتذر منها ، ضاعت الكلمات من لسانه واختل عقله غير قادرا علي التفكير ، فلم يشعر بنفسه إلا وهو يمد إليه يديها ، نظرت إليه زينه بتساؤل وحيره فأومأ لها برأسه كي تنهض معه وتمسك به ..

علي الرغم منها لم تستطع الرفض حتي ولو لفتره مؤقته فهي لديها الكثير لأخبارها به ، غير ذلك شعورها بالخوف بعدما خرجت من ذلك المنزل بعدما كانت بأمان حضرته ، فعلي أيه حال هي غير قادره لمجابهه تلك الذئاب التي تعوي متربصه لها أن خرجت من هنا ..

انصاغت ليده الممدوده وتمسكت بيديه مطبقه عليها بقوه في محاوله منها للنهوض معه ، ولكن ما أن وضعت قدميها علي الأرض وضغطت عليها حتي صرخت في ألم حقيقي :

- اااااه ..

نظرت إليه فوجدته يقترب منها أثر تلك الصرخه ، نظرت لعينيه في ألم وتمتمت بهمس أنفاسها :

- مش قااادره

لم يجد عمار بدا من حملها فأقترب منها ووضع يديه أسفل ذراعيها والاخري أسفل ركبتيها وحملها متجها بها الي الداخل ، تطلعت زينه لقسمات وجهه التي تحفظها ظهرا عن قلب ، وجال بخلدها مشهد ليوم عرسها وهي ترتدي الأبيض وعمار يحملها مثلها يفعل الأن ليضعها علي السرير الخاص بهم متنعمين ببعض اللحظات الحميميه التي دوما ما تحلم بها معه ، نظر اليها عمار فأرتبكت بشده وتوترت ملامحها ظنا منها أنه كشف أمرها وما فكرت به فتوردت وجنتاها واخفضت بصرها عنه ، انتشله صوتها وهو يضعها علي السرير مره أخري :

- مش عايز حركه خليني اصلح اللي انتي عملتيه ..

اومأت إليه زينه في هدوء وأخذت تراقبه وهو يعيد تنظيف البيت من بقعات الدماء التي سببتها قدمها واخذ يهندم بعض الاشياء المبعثره ، جذب انتباهها ترتيب ذلك البيت شديد النظام وكأن أحدا يعتني به يوميا ، ما أن انتهي بكل ما يفعله حتي عاد إليها مره اخري ممسكا ببعض المطهر والقطن وهو يردد ناظرا إليها في ضيق:

- انتي منظرك ده كده مينفعش ، هدومك كلها مش نضيفه ، رجلك كمان عايزه تتنضف كويس وانا مش الشغال عند جنابك هنا ..

خبط بكفيه في عصبيه متمتما :

- استغفر الله العظيم

إجابته زينه بمراره وهي تتطلع إليه :

- هو انت بتعاملني كده ليه ؟ لو أنا مضايقاك أوي كده رجعني بيتي وريحني وريح نفسك ..

ضم شفتيه في اعتراض وهو ينظر إليها مرددا بأنفعال :

- مش هتمشي من هنا ، واهدي بقه ..

اطرق مفكرا لبضع لحظات حتي عاد ببصره إليها مره اخري وكأنه وجد حلا ما ، لم يكن يريد للجوء إليها خاصه وهو يعرف مشاعرها تجاهه ولكنه مضطرا ..ردد بلهجه أمره :

- تدخلي تاخدي شاور وتنضفي نفسك كويس من البهدله دي ، وانا هجيب لك حد يشوف اللي فيكي ده

اومأت له برأسها ، واستدارت بجسدها لتضع قدميها أرضا ولكن ما أن لامست الأرض حتي انفلتت منها صرخه مره اخري التفت عمار إليها لاشعوريا بقلق ، لا يدري لما يخفق قلبه حزنا علي ألمها ! ، نظر اليها متفهما في ضيق يردد :

- المفروض اشيلك صح ! ، اللهم طولك يا روح !!

وقبل أن تجيبه بالاعتراض أو القبول كان اسرع منها وحملها بخفه متجها بها الي الحمام ليضعها بالمغطس الفارغ من المياه قائلا بسخريه :

- مش عايزاني احميكي بالمره !؟

ابتعدت زينه عنه بخوف قليل وخجل ترمقه بنظره غاضبه وشدت ثيابها عليها ، ما أن رآها عمار تنزوي علي نفسها بتلك الطريقه خوفا منه حتي انفلتت منه ضحكه ساخره وهو يتطلع إليها مرددا :

- علي فكره انا جايبك معايا هنا بقالك يومين وفي شقتي ! ، بس للأسف انتي في أمان مني أنا تحديدا ..

ثم رمقها بنظره جريئه لتفحص عينيه مفاتنها ليضيف بأمتعاض وتهكم :

- مش شايف فيكي أي حاجه تقول انك انثي اساسا ، علي كده بقه انتي كام سنه يا شاطره !؟

شعرت زينه بالغضب من التقليل منها واهانه الأنثي بداخلها لتضيف كقطه شرسه وهي تشير بأصبعها إليه في تحذير:

- أنا مسمحلكش !! ، وبعدين إيه شاطره دي انت بتكلم بنت اختك !؟ أنا مخلصه جامعه وعندي 22 سنه ..

لم تضيف كلماتها سوي ضحكاته الساخره أكثر فأقترب منها وأمسك بشعرها التي تربطه بتوكتين واحده من كل جانب وشدها منهما في سخريه:

- 22 سنه !! ومخلصه جامعه !! بالذعرورتين دول ؟

ثارت زينه تردد مدافعه عن نفسها :

- هو أنا لازم احط اتنين كيلوا مكياج عشان واعمل وشي خريطه عشان اعجب ! ، أنا حلوه بطبيعتي سواء كان عاجبك أو لأ

نهض بعيدا عنها واضاف من بين ضحكاته خارجا :

- يلا يا نغه انجزي خلصي

ثم اغلق الباب خلفه ليتركهها تغمغم ببعض كلمات الاعتراض والتوبيخ لها نتيجه لتقليله منها ..

في حين أخرج هاتفه وقام بالاتصال علي رقم معين وطلب منها القدوم الي ذلك العنوان ، فرحبت بشده علي ذلك فلم تكن لترفض له طلبا أبدا ، انهي ذلك الاتصال زافرا بحنق ولكنه أجبر علي فعل ذلك ، فلم يستطع الخروج بزينه في الوقت الراهن كي لا يراها أحدا من قاطني تلك المنطقه وتندلع النيران من السنتهم وتجعلها في مأزق ..

*****************************************

أسند ظهره ورأسه علي الاريكه خلفه مغمضا عيناه قليلا وهو يفكر في كيفيه تنفيذ الخطه التي سيبدأ بتنفيذها بعد الثانيه عشر منتصف الليل ،،

بعد بضع دقائق اخري فتح عينه وبنظره عفويه منها وقعت علي شئ غريب بجانب الوساده علي السرير ، نهض من مكانه متجها إليها ليري ماهيته ، ما أن اقترب منه حتي وجده هاتف محمول غريب الصنع قليلا فأدرك أنه لتلك الفتاه ، ولكن قبل أن يمد يده ليلمسه استمع لصوت انفتاح مزلاج باب الحمام ، تطلع خلفه لا إراديا ناظرا اليها ، ولكنه ما أن وقعت عينيه عليها حتي انفجر فمه بالضحك مره أخري مما زاد شعورها بالحنق والضجر علي الرغم من إعجابها بتلك الضحكه التي تأسر فؤادها لتزيد من وسامته الجذابه ، تمتمت زينه بغيظ وهي تقف علي أطراف قدميها من الجانبين :

- ما أنا ملقتش حاجه ألبسها غير دي أعمل ايه يعني !!

كانت زينه ترتدي ترنج خاص بعمار وجدته علي المنشفه بداخل الحمام ، لبسته مضطره بعدما نزعت عنها ثيابها الغير نظيفه ووضعتهم بالغساله .. فبدأ واسعا عليه بشده حتي كادت أن تسبح بداخله لتبدو كالمهرج

اقترب عمار منها ما أن رأي حركتها الغير متزنه وهي واقفه فأدرك أنه بسبب الألم بقدمها ، اسرع ليحملها بين ذراعيه قبل أن تتفوه بكلمه واحده ، ولكن كعادتها خانها لسانها وقالت :

- انت استحليت الموضوع بقه كل شويه تشيلني !؟

توقف عمار مكانه بعدما كاد أن يصل الي السرير ليضعها ، ولكنه نظر اليها بأستحقار وردد بتبرم :

- امم ، هو زي ما بيقولو كده خيرا تعمل شرا تلقي ، استحملي بقه طولة لسانك

نطق كلمته الأخيره وهو يفرد ذراعيه لأسفل تاركا إياها تسقط علي الأرض كعقابا علي ما هتفت به ثم مضي من امامها ، لتصرخ متأوهه حينما اصتدمت بالأرض :

- ااااااه،، جك ضربه في ايدك

التفت اليها عمار بسرعه إليها مرددا بتحذير:

- انتي بتقولي ايه !!؟

هتفت زينه بخوف مدركه ما نطقت به وقالت :

- بقولك تسلم ايدك

استدار عمار مره أخري وهو يبتسم بداخله علي رده فعلها التلقائيه ،، انتشله من تلك الحاله رنين هاتفه فأسرع يجيبه :

- ايه لحقتي توصلي !

ما أن استمعت زينه الي تلك المكالمه التي بدت من لهجته أنها انثي حتي شعرت بالضيق وارهفت السمع وهو يحادثها :

- يعني ايه الكلام ده مينفعش تستأذني ساعه واحده !!

لمجرد أن انثي اخري تستمع لصوته وهو يهاتفها بتلك الاريحيه جعلها منزعجه للغايه فأكمل :

- تمام معنديش مانع ، بس الساعه اتنين بالليل ده هيبقي خطر عليكي ..

أمتعض وجهها وهي تراه خائفا عليها ليكمل:

- اوك هعدي عليكي ، خلي بالك من نفسك

انذر قلبها حزنه علي حالها ، فهناك أحتماليه أرتباطه أو وجود علاقه لها بأحداهن ، رددت بغيط غير واعيه :

- انت كنت بتكلم مين !؟

انتبه إليها عمار في استنكار شديد :

- افندم !؟

همست زينه بخفوت ، بينما استشعر عمار غيره من حديثها فتعجب بشده ولكنه لم يعطي للأمر أهميه في حين إجابته زينه بخفوت شارده :

- لا ولا حاجه ..

أبتلعت ريقها واتكزت بيديها علي الأرض في محاوله منها علي النهوض ولكن خانتها قدميها وكذلك جسدها لتشعر بدوار مفاجئ وتنغلق عينيها

ما أن رأها عمار حتي كانت يديه اسرع إليها مرددا بلهفه حقيقيه :

- حاسبي يا مجنونه

ثم تلقاها بين يديه وحملها واضعا إياها علي السرير مره اخري ، تطلع الي قدميها ليجد حالتها تزداد سوءا ولم تكف عن سيل الدماء ، حاول بخبرته القليله كتم مجري تلك الدماء ووضع بعض المواد المطهره عليها حتي وجد أنه نجح بذلك إلي أن تصل تلك الطبيبه التي هاتفته واعتذرت عن القدوم لسبب طارئ بالمشفي التي تعمل بها ..

*****************************************

بعدما تجاوزت الساعه الواحده منتصف الليل ،وبخفه متناهيه واحترافيه شديده قفز من علي ذلك السور بعدما تأكد من نجاح ما فعله وبيديه ذلك الذي جازف بحياته من أجله ، فكان شديد الحرص علي أن لا يكشف أمره ولكن بدأ ذلك الأمر شيئا بسيطا أمام تاريخه الذي بناه بذلك السن الصغير ، هاتف داغر الذي كان ينتظره بمكتبه علي احر من الجمر ولكن كان لديه ثقه مطلقه بصديقه ، فما أن رأي هاتفه يصدع بأسمه حتي انفجرت اساريره ، والذي زاده سعاده أكثر هو تلقيه خبر نجاحها ، أغلق هاتفه وهو ينظر أمامه ويرسم سيناريو الصدمه التي سيتلقاها رفعت حينما يكتشف الأمر ..

تنهد عمار بأرتياح وهو يقف بسيارته أمام ذلك المشفي الخاص ، اخذ نفسا عميقا ليثلج به رأتيه بعد ذلك المجهود الذي بذله وسرعان ما زفره حينما وقعت عينيه علي تلك الطبيبه ( بثينه ) وهي تخرج من المشفي ..

هبط من سيارته يستقبلها ، انفرجت اساريرها بأبتسامه عريضه ما أن رأته أمامها وسرعان ما مدت يدها مرحبه به :

- اهلا يا عمار ، والله وحشتني

أبتسم عمار ابتسامه لم تصل لعينيه مجامله لها وهو يمد يديه :

- اهلا يا دكتوره ! يلا عشان الحاله تعبانه ومش عايزها تسوء

أبتلعت بثينه باقي كلماتها من اشتياق له كما تفعل دائما ولكن كعادته لم تجد منه سوي الجمود ، شعرت بالإحراج من طريقته معها فظنت أنه ربما سيسترسل معها بالحديث قليلا تلك المره ، فلم تكن تصدق عينيها حينما وجدته يتصل بها ويطلب مساعدتها ، حاولت الحديث معه أثناء الطريق الذي لم يتعدي الثلث ساعه ولكن لم تجد منه سوي الأقتضاب ، فأكملت الطريق صامته ..

ما أن وصلا الي المنزل وشاهدت بثينه زينه ترقد بالفراش حتي شعرت بالغيرة الشديده والغضب ناظره الي عمار الذي كان يغلق الباب خلفه ورددت :

- هي بنت ! مين دي يا عمار ؟

نظر اليها بطرف عينيه متعجبا فأجابها بجمود:

- نعم،، وانتي يفرق معاكي في ايه بنت ولا ولد ! انتي في المستشفي لما بتجيلك حاله مبتكشفيش غير علي رجاله بس ولا ايه ؟

شعرت بثينه بالتوتر وكذلك بفداحه خطئها ، فلم يكن عليها أن تسأل سؤالا كهذا ، حيث انقلب السحر علي الساحر فأسرعت تردد بأرتباك :

- لا يعني ،، اقصد .. بنت ،،وبتعمل معاك ايه هنا لوحدها !؟

أجابها عمار بنظرات لا تبشر بالخير :

- شئ ميخصكيش ،، ولو رافضه تعالجيها لمجرد أنها بنت ممكن عادي تتفضلي تعالجي الرجاله بتوعك ،انا ممكن اجيب دكتور تاني

أسرعت تجيبه بتلعثم :

- يا عمار أنا مقصدش .. أنا ...

قاطعها عمار بحده ونفاذ صبر:

- انجزي !!! ، البنت تعبانه واستنت وقت طويل علي الحال ده ..

نفضت بثينه يديها وتقدمت بأتجاهها بغضب وهي تنظر إليها لتفحصها فوجدتها متعرقه بشده وجسدها ينتفض اثر ارتفاع درجه حرارتها ، قامت بالنظر لكافه العلامات الحيويه بجسدها لتدرك أنها بالفعل في حاله خطره ، كانت تفعل ذلك علي مضض والفضول يأكل خلاياها عن ماهيه تلك الفتاه وماذا تفعل في منزلهم القديم ، والأكثر من ذلك هو ما سر اهتمام عمار بها الي تلك الدرجه ، فلم يكن يوما ذلك الشخص المهتم لأمرهم أو الأعجاب بأحداهن ،،

انتشلها من تفكيرها صوت عمار يسألها بقلق:

- هي حالتها ايه !!

اجابه وهي تطهر قدميها بخبره :

- الضغط واطي ، والسكر واطي ، تقريبا مكلتش بقالها كتير وكمان فقدت دم كتير ، وعندها سخنيه دي يمكن بسبب تلوث الجرح لفتره كبيره ..

ثم أملته بعض ادويه والمحاليل فأحضرهم عمار سريعا وهو يشعر بالخوف الحقيقي عليها ، ولم يجد شخصيا أي تفسير منطقي لذلك الشعور ..

أنهت بثينه من تثبيت المحلول وتضميد الجروح بعد معالجتها جيدا وأملته ما يجب عليه فعله في الفتره القادمه من تناول طعام صحي وعدم بذل مجهود علي قدميها ..

قام عمار بإيصالها الي المشفي مره اخري لتكمل ورديتها شاكرا إياها بمجامله علي الرغم من إدراكه لما تفكر وتشعر به بعدما رأت تلك الفتاه ، ولكنه لم يكترث لأمرها ..

*****************************************

عاد الي منزله مره اخري ناظرا الي ساعته ليجدها تعدت الثالثه صباحا ، القي مفاتيح سيارته علي الكومود بأهمال ، وانزوت عينيه تلقائيه علي تلك الفتاه التي تحتل سريره ، لم يشعر بقدميه إلا وهو يجلس بجوارها علي طرف السرير ناظرا إليها بشرود ، انتقلت عينيه الي المحلول الطبي وراقب اخر قطره تنزل منه لجسدها حتي أسرع وحرره من تلك الأبره الموصله به كما أخبرته الطبيبه ، تطلع عمار لقسمات وجهها ليري بعض قطرات العرق تتصبب علي جبهتها ، مد يديه وازالها بلطف شديد واخذ يلاطف بيديه بشرتها الناعمه ليتأكد بالفعل أنها جميله بفطرتها كما أخبرته ، بشرتها التي تمتزج بين البياض والقمحيه وذلك النمش حول أنفها الذي أضاف لجمالها جمال اخر ، لامست يديه شعرها ليشعر بنعومته الشديده أسفل يديه ..

شعر عمار بحركه جسدها بخفه وهي تهز رأسها يمينا ويسارا علي الوساده وازداد تصبب العرق أكثر ، ولم تلبث ثواني حتي انتفضت زينه من نومها تبكي بلاوعي وهي تنظر لعمار الذي كان يجلس أمامها مباشره ، تطلعت لعينيه وانفرجت شفتيها حين ذبل وجهها وهي تغط في بكاء ناظره إليه بنظرات لم يستطع عمار تفسيرها ..

ألقت زينه بجسدها بين ذراعيه وهي تتشبث به بخوف شديد وتردد في هذيان :

- هيقتلني ،، هيقتلني زي ما قتل بابا ،، احميني منهم أرجوك ..

خفق عمار قلبه بشده وشعر بخوفها ، وسرعان ما ضم ذراعيه حولها بقوه شديده وكأنه يريد إدخالها بصدره كي يبثها الأمان وينتزع منها تلك الذكري التي مرت بها ، انفلت لسانه يردد وهو يزيد من ضمها إليه :

- متخافيش ،، محدش هيأذيكي ،، مش هسمح لحد يقربلك

رددت مره أخري وهي تنحب وتشهق اثر بكائها :

- خليك جنبي ،، أنا مليش غيرك دلوقت ..

أمتدت يديه لتلامس شعرها وأخذ يمسد بيديه عليه في حنان شديد وهو يطمئنها :

- أنا موجود ،، اهدي ،، ده كابوس يا زينه ...

مرت بضع دقائق وهما علي تلك الحاله حتي شعر عمار بأستكانه أنفاسها مره أخري وتوقفها عن البكاء ، برفق شديد أفلتها من بين يديه ليضعها علي الوساده مره أخري ، وما أن رأي ارتعاش جسدها حتي نهض سريعا واحضر بطانيه من الدولاب ووضعها عليها ..

ما أن ذهبت الي نومها مره أخري ، حتي حرر عمار يديه من يديها التي أمسكت بها تلقائيه منها ، داعب النوم جفنيه فنظر حوله باحثا عن مكان أخر ينام به بنفس الغرفه كي لا تغيب عن عينيه ، ولكن وقعت عينيه علي ذلك الهاتف مره أخري ..

مد يديه بأستغراب شديد وهو ينظر إليه فألتقطه وهو يضغط علي زر التشغيل لتضئ شاشته قائلا بتعجب :

- ده إيه الموبايل ده !! ............................................................

ولحد هنا والحلقه خلصت )):
تفتكروا ايه كانت الخطه اللي عملها داغر وعمار !!؟

•تابع الفصل التالي "رواية نار الحب والحرب" اضغط على اسم الرواية

تعليقات