رواية نبضات لا تعرف المستحيل الفصل الثامن والثلاثون 38 - بقلم اميرة احمد
نبضات لاتعرف المستحيل
الفصل الثامن والثلاثون:
أنصرف سامر وبقيت لارا تبكي بلا توقف... بعد عدة دقائق دخل يوسف وحين وجدها على هذه الحالة أسرع إليها ضمها إلي صدره وقال بقلق: ايه اللي حصل؟ الحيوان ده عملك حاجة؟
رفعت عينيها إليه وقالت بنبرة ضعيفة: انا أسفة يا يوسف... أنا غلطت فعلا.... انت كان عندك حق كان المفروض مصدقش كلامه وأجي احكيلك كل حاجة مش اطاوعه واخاف منه.... ده عايز يوديك في داهية.
ربت يوسف على ظهرها بحنان وقال: المهم دلوقتي نعرف ناخد حقنا منه، قوليلي أنتي سجلتي اللي حصل بينكوا؟ عرفتي تخليه يعترف؟
اومأت لارا برأسها بضعف، أخرج يوسف هاتفه واجري مكالمة لأنس.
يوسف: أنس انا خلاص معايا فيديو لاعترافة، واسكرين شوت بكل التهديدات.
أنس: طيب حلو جدا... هابعتلك رقم واحد صاحبي في مباحث الأنترنت... روحله الصبح وهو هيعمل اللازم.
يوسف: شكرا يا أنس... انا مش هاوصيك مش عايزه يشوف النور تاني.
أنس: باللي أنت بتقول عليه ده مش هياخد اقل من 7 سنين سجن.
يوسف: حلو جدا......خلاص هاروح مباحث الانترنت وأكلمك وانا هناك.
أنهي يوسف المكالمة وتوجه إلي لارا وأمسك يدها وقال: ايه يا حبيبتي.... مش تشدي حيلك بقي عشان نخرج من هنا ونرجع بيتنا.
ابتسمت لارا ولم تعقب، فأقترب منها يوسف أكثر وقال: عايزين نروح للمأذون نكتب الكتاب تاني.
ضحكت لارا بطفولة وقالت: على فكرة أنت رجعتني خلاص... قولتلي تتجوزيني وأنا وافقت واصلا انا لسة في شهور العدة علشان حامل.
اطرق يوسف برأسه وقال بخزي: بس انا طلقتك على الورق كمان يا لارا، فلازم نكتب من جديد.
تغيرت ملامح لارا وقالت بضيق: للدرجة دي مكنتش عايزني؟
ضغط يوسف على كفيها بين كفيه أكثر وقال: بالعكس... ده للدرجة دي كنت موجوع منك.... مهما قولت مش هتفهمي أحساس الراجل بيبقي أيه لما يلاقي مراته بتعرف راجل غيره.... جرحتي كرامتي أوي.
همست لارا من بين دموعها: انا محبتش راجل غيرك يا يوسف.... ولو تعرف بعدك عني عمل فيا ايه، كنت عرفت ان كل اللي عمله سامر ده كان كذب.
ابتسم يوسف بحنان وقال: خلاص هننسي اللي فات وهنبتدي من جديد... قوليلي يا عروسة عايزة ايه؟ مهر جديد؟ شبكة جديد؟
ضحكت لارا وهتفت: فرح جديد!!
ضحك يوسف: طيب فرح جديد وكرشك قدامك كده ده ينفع، بس ممكن نعمل حفلة صغيرة نعزم فيها أهلنا وأصحابنا ونحتفل معاهم برجوعنا.
ثم نظر يوسف حوله وكأنه تذكر شيء وقال: هي طنط سارة فين؟
لارا: ماما روحت البيت وهتيجي الصبح.... بقالها كام يوم تعبانة معايا ومحتاجة تشوف طلبات أخواتي الصغيرين.
ابتسم يوسف بحنان: طيب كلميها قوليلها متجيش الصبح، أنا هاقعد معاكي لحد أما تخرجي من هنا.
ابتسمت لارا له بحنان وهمست: بحبك يا يوسف.
ضمها إلي صدره وهمس: وانا كمان يا قلب يوسف.
نسي يوسف الوجود ولارا بين أحضانه مجددا، لكن أعاده إلي الواقع صوت اهتزاز هاتفه معلنا مكالمة من نور.
نظر يوسف إلي الهاتف بغضب، وأجاب بحدة قبل ان تجد نور فرصة للحديث صاح يوسف: انت ليه مقولتليش ان لارا حامل؟
تنهدت نور وقالت بهدوء: لو كنت عرفت أنها حامل من الأول كنت هترجعلها علشان البيبي بس، وعمرك ما كنت هتقتنع ان الخطوة دي صح..... لكن دلوقتي أنت رجعت علشانها هي ... علشان عرفت أنك عايزها هي.
تنهد يوسف وصمت قليلا، يعلم ان والدته على صواب، لكنه يتمني لو علم بحمل لارا منذ البداية فيخوض معها الرحلة من بدايتها.
هتفت نور على الجانب الأخر من الهاتف: تيجي تاخد هدومك من هنا وترجع بيتك، ومتجيش تاني غير وأنت معاك مراتك.
ثم أردفت بحنان: ربنا يسعدكوا يا أبني ويبعد عنكوا الشر.
أنهت نور مكالمتها معه، وبقي يوسف مع لارا حتى خرجت من المستشفى بسلام.
---------------------------------------
في عيادة الطبيب، جلس كلا من مالك وأنس في انتظار دورهما.... أمسك أنس يد مالك بقوة وقال: متخافش... ان شاء الله هيطلع مفيش حاجة.
خرج مالك من شروده واومأ برأسه دون كلمات، عاد مرة أخري أنس وقال: مش كنت جبت جميلة معاك.... ليه مقولتلهاش أنك جاي للدكتور دي هتموت من القلق عليك.
رد مالك بنبرة ضعيفة: علشان اللي الدكتور هيقوله ده هيكون مصيري لوحدي.... أنا قررت لو الدكتور قال ان في ورم هاطلق جميلة.
نظر له أنس بحدة وقال: أنت اتجننت؟ تطلقها ليه؟
مالك: انا لوحدى اللي عارف رحلة العلاج صعبة قد ايه.... خضتها قبل كده، وهي مش هتستحمل تمشيها معايا... بالأخص وهي حامل.... صعب عليا أشوفها بتتألم علشاني.
فتح أنس فمه ليتكلم ويخبر مالك انه مخطيء، فالألم اقل. بوجود من نحبهم إلي جوارنا، لكن قبل أن يجيب عليه أنس، صاحت الممرضة: مالك المصرى.
قام مالك بفتور من مكانه واتجه ناحية غرفة الطبيب ومعه أنس... جلس مالك أمام الطبيب بقلب وجل، كانت قدماه تتحرك بتوتر دون توقف والطبيب يطالع في تقارير التحاليل والأشعة بين يديه، لكن هدأ كل شيء وعم الصمت حين رفع الطبيب عينه عن التقارير وقال: زي ما توقعت بالظبط.... الجهاز بتاع الأشعة كان فيه مشكلة... والأشعة دي مفيهاش أي ورم.
حرك مالك رأسه بعدم فهم وقال: يعني ايه يا دكتور؟
ابتسم الطبيب: يعني حضرتك صحتك كويسة جدا يا بشمهندس ومعندكش أي حاجة.
ضحك أنس بقوة وشكر الطبيب، بينما قال الطبيب: بس هنفضل برضه نعمل الأشعة الدورية كل 6 شهور علشان نطمن عليك.
أخيرا ابتسم مالك، خرج من عند الطبيب بقلب يدق بالحب والحياة يختلف تماما عن ذلك القلب الذابل اليأس الذي دخل به إلي الطبيب.
عاد مالك إلي المنزل بسعادة، دخل فوجد جميلة تجلس وعلامات الضيق على وجهها وصاحت بمجرد أن وقعت عينيها عليه: كنت فين يا مالك أنا قلقت عليك جدا، ومش بترد عليا ليه؟
ابتسم مالك وقال بهدوء: كنت عند الدكتور.
نظرت جميلة له بعتاب وقالت: طيب ومقولتليش ليه؟
ابتسم مالك، واقترب منها وضمها إلي صدره دون كلمات... دائما لا حاجة للكلمات بينهما.
ثم ابتعد عنها مالك وهتف بسعادة: قولتيلي بقي أنك حامل؟
بملامح جامدة اومأت رأسها بالإيجاب، فعاد يسأل بنفس السعادة التي كانت واضحة علي عينيه وصوته: ولد؟
أومأت رأسها مجددا بالايجاب.
قبل وجهها وهو يقول بسعادة: يعني انا هابقي بابا وانتي يا حبيبتي هتبقي ماما؟
سقطت دمعة سعادة على وجنتها وقالت: هتبقي أحن بابا في الدنيا يا حبيبي.
ضمها إلي صدره بسعادة، فهمست: وحشتني يا مالك.
أسند ذقنه فوق قمة رأسها وقال: انا أسف يا حبيبتي على اللي عيشتك فيه الأسابيع اللي فاتت.... حقك عليا يا جميلة.
همست جميلة بضعف: الدكتور قالك ايه يا مالك؟
ضحك مالك وقال: قالي ان مفيش ورم.... انا كويس يا جميلة.
احكمت يديها حوله أكثر وصاحت بسعادة: الحمدلله يا حبيبي.
قال بنبرة ضعيف: كان عندك حق متسمعيش كلامي ومتنزليش البيبي.
ابتعد عنها قليلا، مد يده يتحسس بطنها التي بدأ يظهر انتفاخ بسيط عليها، ثم أنحني على ركبتيه يقبل بطنها برقة وهمس: انا أسف.
مررت جميلة يدها بين خصلات شعره الناعمة وهمست: المهم اننا هنا دلوقتي ومع بعض.
نزلت جميلة على الأرض بجواره، تلقى بنفسها بين ذراعيه وتلقي بحمول الأسابيع الماضية التي عاشتها بخوف أن تفقده، أما مالك فكانت سعادته بالطفل وكأنه أدرك وجوده للتو...
———————-
دخل يوسف بغضب حاول السيطرة عليه إلي غرفة النيابة، حيث يجلس امامه سامر مكبل اليدين
حين دخل يرسف مع أنس ابتسم سامر ليوسف ابتسامة مستفزة ، كادت ان تفلت اعصاب يوسف لولا ان أنس ضغط على يده وهمس بأذنه: اهدي يا يوسف مش كده.
بدأ سامر بالكلام وهتف بنفس الابتسامة المستفزة: ايه يا يوسف جاي ليه؟
يوسف: جاي اشوف وشك قبل ما تتسجن ومتشوفش نور تاني.
ضحك سامر ببرود وهمس ليوسف: ابقي سلملي على لارا، ثم مال على أذن يوسف وهمس بصوت كالفحيح: اصلها هتوحشني أوي، اوعي تصدق ان الكلام ده كله كان متفبرك، كانت بتيجي تعيط في حضني وتشتكيلي منك.
لم يستطع يوسف ان يكبح جماح نفسه، فأخد يسدد اللكمات المتتالية لسامر دون توقف وهو يصيح: كنت بتبتزها يا واطي، كانت خايفة منك.
أمسك أنس بيوسف يمنعه عن سامر وهتف: خلاص يا يوسف مش كده.
صاح وكيل النيابة: أنس باشا، انا ساكت علشان خاطرك بس حضرتك عارف وجوده هنا ممنوع اصلا.
ابتسم سامر باستفزاز ليوسف، بينما قال يوسف بحدة: أنا هاسيب القانون ياخد مجراه، بس اوعي تفتكر الضربة دي علشانك، دي علشان كل ليلة باتت فيها مراتي وهي خايفة منك، علشان كل مرة كنت باشوف التوتر والخوف في عينيها ومش فاهم ليه، ودلوقتي فهمت.
نظر له سامر بعينين يملئهم الشر وهتف: انت فاكر انك كده كسبت؟ مراتك كانت بتجري ورايا.
ابتسم يوسف بثقة وقال: ودلوقتي في بيتي مستنياني اروحلها، وأنت! في السجن بتتحاسب على كل اللي عملته.
على الرغم من الثقة في كلام يوسف، الا ان انفاسه المتلاحقة احمرار عينيه كانا كفيلان ليشعر أنس بتوتره، فسحبه إلي خارج الغرفة وهتف: خلاص يا يوسف اظن كده اخدت حقك.
يوسف: حقي هاخده لما اشوف حبل المشنقة حوالين رقبته.
أنس: خلاص قولتلك مش هياخد اقل من ٧ سنين ومش هيقدر يتعرضلك انت او لارا تاني.... اهدي بقي.
صاح يوسف بحدة: الانسان ده دمر حياتي.... خلاني طلقت مراتي، وحرمني من اني اكون معاها في شهور حملها، خلاني كرهت نفسي، وبعدت عنها .... وكمان كان عايز يأذيني في شغلي.
ربت أنس على كتفه: الشر في النفوس موجود كتير... بس الأهم دلوقتي انك تروح تشوف مراتك وتهتم بحياتك وامسح الصفحة دي من حياتك نهائي.
صمت يوسف واغمض عينيه للحظة، يتمني ان يرجع بالزمن إلي للوراء ليصلح اخطاء الماضي.
—————-
أمسكت حياة بيد فارس ونادين تجلس خلف مكتبها تنظر في صور التحاليل والأشعة الخاصة بحياة، رفعت عيناها وابتسمت بألم وقالت: للاسف يا فارس زي ما توقعت، مش هينفع يحصل حمل.
تشبثت حياة بيد فارس أكثر وبدأت تترقرق دمعة في عينيها، بينما قال فارس بصوت ثابت: مستحيل ولا صعب؟
ابتسمت نادين بثقة : انت عارف انا مبؤمنش بالمستحيل، كل شيء ممكن.
لم تستطع حياة ان تمنع دمعة فرا من عينيها، بينما قامت نادين من مكانها، واقتربت من حياة وربتت علي ذراعيها حنان وكأنهم اصدقاء منذ الأذل وقالت: مش لازم تبقي زعلانة كده يا حياة.... ممكن نجرب نعمل IVF وممكن يجيب نتيجة، هو نسبة نجاحه ضعيفة اه بس ممكن نجرب.
رفعت حياة عينيها الباكيتين إلي فارس وهمست: نجرب؟؟
ابتسم فارس بحب : اللي انتي عايزاه.
نظرت حياة الي نادين و أومأت رأسها، قامت نادين وجلست خلف مكتبها بحماس وقالت وهي تكتب في دفتر امامها: خلاص يبقي نبتدي ناخد الادوية دي يا حياة وتجيلي الاسبوع الجاي ان شاء الله.
اخذت حياة الورقة منها وانصرفت، وحين دخلت إلي سيارة فارس انفجرت في البكاء.
ضمها فارس إلي صدره وقال بصوت ضعيف: حياة.... انتي بتعيطي ليه دلوقتي؟
قالت حياة من بين دموعها: لو فشل الحقن المجهري انت هتسيبني يا فارس؟ هتتجوز واحدة تانية علشان تجيب ولاد؟
ثم رفعت عينيها لتواجه عيني فارس وهمست: لو عايز تتجوز قولي وطلقني بس متتجوزش عليا.
ضحك فارس حتي ظهرت غمازتيه وقال وهو يربت على ظهرها بحنان: اتجوز تاني ايه بس، انا كفاية عليا مرة واحدة مستحملش انا جنان تاني.
وكزته حياة بخفة في كتفه، فأردف بجدية: انا بحبك يا حياة وانتي عارفة ومتأكدة من ده، موضوع الاطفال انا مش فارق معايا، ومش عايز حتي نمشي في المحاولات اللي بتقول عليها نادين، انا هاعمل ده بس علشان انتي تكوني مبسوطة.
رفعت عينيها الدامعتين تنظر إليه وقالت: يعني مش هتتجوز عليا.
ضحك فارس وقبل عينيها الدامعتين وقال بمرح: مقدرش اتجوز عليك يا جميل.
ابتسمت حياة من بين دموعها وقالت: ولا هتطلقني علشان مبخلفش؟
حرك رأسه بالنفي وهو يضع قبلة فوق جبينها وقال بنبرة دافئة: ولو كنت انا اللي مبخلفش كنتي هتسيبيني؟؟
نفت حياة على الفور وقالت: خالص والله
ابتسم فارس وهمس: وانا مقدرش ابعد عنك يا حياتي.
•تابع الفصل التالي "رواية نبضات لا تعرف المستحيل" اضغط على اسم الرواية