رواية نبضات لا تعرف المستحيل الفصل الخامس والثلاثون 35 - بقلم اميرة احمد

 رواية نبضات لا تعرف المستحيل الفصل الخامس والثلاثون 35 - بقلم اميرة احمد

نبضات لاتعرف المستحيل

الفصل الخامس والثلاثون:

عاد مالك من عمله كالمعتاد... لكنه في الأونة الأخيرة شارد الذهن، لا يتحدث الا قليلا حتي جميلة لا تعرف عنه شيء... تستنكر تصرفاته بشدة، لكنها لا تتحدث معه حيث أنها مؤخرا تشعر بتوعك بسيط.

حين دخل مالك عليها غرفة المعيشة، لم تسرع لاستقباله كالمعتاد، فاقترب هو منها مال ليضع قبلة فوق وجنتها لكنها أبتعدت عنه كرد فعل تلقائي ووضعت يدها فوق فمها.

اعتدل في وقفته ينظر إليها باستغراب وقال: في ايه يا جميلة؟ أول مرة تبعدي عني بالمنظر ده.

قالت جميلة وهي تتدارك الأمر: مش عارفة بس ريحة البرفيوم بتاعك قالبة معدتي.

رفع حاجبة وقال: بس أنا باستخدم نفس البرفيوم من يوم ما عرفتيني.... 

ابتسمت جميلة وهي تربت على وجنته: مش عارفة يا حبيبي يمكن عندي برد في معدتي... بطني على طول مقلوبة بقالي كام يوم.

مالك: طيب مقولتيش ليه نروح لدكتور.

جميلة: مش مستاهلة يعني أكيد شوية برد... هابقي كويسة بعد كام يوم.

اقترب منها مالك يضمها إلي صدره وقال: جميلة متجيش على نفسك يا حبيبتي... لو تعبانة بلاش تكابري وتعالي....

قبل أن يكمل جملته دفعته جميلة في صدره واتجهت ناحية الحمام تفرغ ما في معدتها.

وقف مالك يشاهدها في ذهول، لكنه قال بحنان وهو يقف امام باب الحمام: خلاص لو البرفيوم بتاعي مضايقك أوي كده هادخل أخد دوش حالا... بس أوعديني لو فضلتي كده نروح لدكتور يشوفك.

ابتسمت جميلة في ضعف: خلاص لو فضلت تعبانة نروح لدكتور.

تركته جميلة وتوجهت ناحية المطبخ، بينما ظل مالك يشعر بالحزن من نفور جميلة منه.

في المساء، جلس كلاهما امام التليفزيون، كل منهما على طرف من الأريكة، كلاهما شارد، عيناه معلقتين على التليفزيون، لكن ذهنه في مكان أخر.

جميلة تشعر بالقلق من تصرفات مالك المريبة مؤخرا... أحيانا يتأخر خارج المنزل، واحيان أخري يتحدث على الهاتف بهمس.

بينما مالك حزين من نفور جميلة منه، لم يعتاد منها على هذه التصرفات، خصوصا في أكثر وقت يحتاجها أن تكون بجواره.

أخرجهم من شرودهم انقطاع الكهرباء المفاجئ، قامت جميلة من مكانها بهدوء وقالت: أنا هنام.

هتف مالك بنبرة حزينة: بقيتي بتنامي بدري أوي.

جميلة: مرهقة شوية.

تنهد مالك وقال: طيب انا هادخل البلكونة شوية الجو هنا حر أوي.

كانت حرارة الجو عالية، وجميلة تتقلب في سريرها لا تستطيع ان تنام من الحر وانقطاع الكهرباء، قامت لتفتح نافذة الغرفة علها تأتيها بنسمة هواء، لكنها صدمت حين سمعت صوت مالك يتحدث على الهاتف بهمس، لكن الصوت كان واضح لها.

" لو مناسب يا شيماء هاجي بكرة الساعة 6، ثم أردف بهمس: الساعه 6 مش عايز اتأخر."

كانت مكالمة وجيزة لكنها كانت كفيلة لتشعل النار بداخل جميلة.

عادت جميلة تستلقي على سريرها بشردو... تفكر فيما سمعته لتوها من مالك، من هي شيماء، ولماذا سيلاقيها.

لم تستطع النوم من كثرة التفكير، كادت ان تخرج وتواجهه لكنها فضلت الصمت، لكن بعد دقائق وجدت مالك يدخل الغرفة ويستلقي إلي جوارها... في البداية ظن أنها نائمة، لكن حين ألتفت لتواجهه علم أنها لم تنم بعد، قررت جميلة ان تستدرجه لتعرف هل سيقول الحقيقة أم يكذب عليها، فقالت: مالك... أنا نسيت أقولك ماما عزمانا بكرة على العشا عندها.

مالك: معلش حبيبتي مش هينفع بكرة ممكن نخليها يوم تاني.

جميلة: ليه مش هينفع بكرة؟

مالك: عندي شغل.

جميلة: بعد الشغل.

قال مالك بنبرة مرتبكة من التوتر: بعد الشغل هاقابل يوسف.

كاد ان يخرج قلبها من صدرها لكنها تنهدت وقالت: متأكد؟

مالك: اه يا حبيبتي.... هو كلمني من شوية وقالي.

جميلة: ممم ماشي.

صمتت جميلة بألم... لم تنم طوال الليل تفكر في التغيير الذي طرأ على مالك، هل يعرف فتاة أخري؟ .... هل انتهي حبها بقلبه؟ وهل بعد كل هذا يتركها وحيدة.

-----------------------------------------

في ظهيرة اليوم التالي، خرج مالك من عمله باكرا... توجه إلي أحد المقاهي التي كان قد اعتاد ان يلاقي الأصدقاء فيها منذ أيام الجامعة، لكن مؤخرا بعد طلاق يوسف ولارا تقريبا انتهت لقائتهم وتجمعاتهم، واكتفي مالك بملاقاة يوسف على الأقل مرة كل أسبوع.

دخل مالك بذهن شارد ليحضر قهوته وينطلق في طريقه، لكن وقعت عينيه على يوسف الذي كان يجلس مع يارا.

لاحظه يوسف بدوره وارتبك، حيث إنه لم يكن قد أخبره من قبل عن علاقته بيارا.

اقترب مالك من يوسف وسلم عليه، ونظر ناحية يارا بتعجب فهتف يوسف: يارا كانت معانا في الجامعة بس بعدينا بكام دفعة، اتعرفت عليها لما كنت في الندوة.

نظر لها مالك شذرا ثم قال بحدة: اهلا.

ابتسمت يارا بخفة واومأت برأسها ولم تعقب، جذب مالك يوسف من ذراعه وابتعد قليلا عن يارا وقال بحدة بصوت هامس: أنت بتعمل ايه يا يوسف؟

يوسف ببرود: باعمل ايه؟

قال مالك بحدة: اللي بتعمله ده غلط يا يوسف... مين دي؟ حتى لو أنت عايز تعرف واحدة جديدة أدي نفسك فرصة مينفعش كده انت معداش كام شهر على طلاقك أنت ولارا... أكيد مش بالسهولة دي نسيتها.

يوسف: عادي... أصلا تلاقيها معاه دلوقتي... مش قاعدة مستنية أني أرجعلها يعني.

تنهد مالك بألم وقال: يوسف أنت محتاج تكلم لارا.

يوسف: مفيش بيني وبينها حاجة علشان أكلمها.

قال مالك بسرعة: لأ في... ثم زفر تنهيدة حارة وقال: والله لولا ان جميلة ولارا محلفني أني مقولكش كنت قولتلك.... بس أنت محتاج تكلمها وتعرف منها.

ثم نظر مالك ناحية يارا وقال: هو انت واخد بالك أنك بتظلم واحدة معاك ملهاش أي ذنب، وواضح أنها معجبة بيك بجد... هي عارفة أنك بتنسي بيها واحدة تانية؟ مش واخد بالك أنها عاملة في نفسها كل حاجة علشان تبقي شبه لارا وتعجبك.... يعني حتي لوأنت معجب بيها فانت مش معجب بيها هي... فاهم ده؟

قال يوسف بحدة: وانت بقي سايب شغلك وجاي هنا علشان تقولي الكلمتين دول؟

قال مالك بألم بدى واضح على نبرة صوته: انا كنت معدي عادي قولت أدخل أجيب قهوة، بس يمكن ربنا كان بعتني علشان أفوقك... بس أنا مش هابقي هنا دايما يا يوسف علشان افوقك.

قال مالك كلماته وأخذ قهوته وانصرف، عاد يوسف يجلس مع يارا بذهن شارد، لاحظت هي شروده فقالت: في ايه يا يوسف؟ اتضايقت ان صاحبك شافنا سوا؟

ابتسم يوسف نصف ابتسامة وقال: ليه هو احنا بنعمل حاجة غلط علشان اضايق ان حد يشوفنا.

اتسعت ابتسامتها وقالت: انا قولت كده برضه... طيب قولي سرحان في ايه؟

لاحظ يوسف تسريحة شعرها التي كانت هي تماما نفس تسريحة شعر لارا، فقال بتلقائية: يارا هو أنتي بتحاولي تبقي شبه حد؟

عقد حاجبها لثانية، ثم فهمت ما يرمي إليه فرفعت حاجبها وقالت بحدة: مش يمكن أنت اللي عايز تشوفني شبه حد؟

تنهد يوسف بألم ثم صمت، أخرجت يارا هاتفها ووضعته امام يوسف وقد فتحته على صورة لها وهي صغيرة قالت وهي تشير إلي صورتها: انا باعمل نفس التسريحة دي من وانا في تانية اعدادي.

تنهد يوسف وقال: انا أسف.

مدت يارا يدها وأمسكت بيده الموضوعة على الطاولة وقالت: متعتذرش... أنا مقدرة اللي أنت فيه... ومعاك لحد أما تعدي كل ده.

ابتسم يوسف ولم يعقب، فهتفت: يلا نمشي من هنا... المود مبقاش حلو هنا.

قامت يارا واتجهت ناحية الباب وتبعها يوسف بلا كلمات، لكن الصخب داخل عقله كان أقوي من أن يسكته، كلمات مالك عبثت براحة قلبه الذي كان يخدره منذ فتره.

----------------------------------------

جلست جميلة مع ليلي في شقة الأخيرة، قالت ليلي وهى تضع أكواب العصير أمامهما: مش كفاية أكل بقي ولا ايه يا جميلة.

قالت جميلة وهي تضع قطعة من الساندويتش بفمها: انتي عارفة انا بقالي كام يوم مباكلش، ما بصدق مالك مش في البيت علشان أكل... لما بيبقي جنبي معدتي بتتقلب ومش طايقة حتي ريحة نفسه.

نظرت لها ليلي مليا، ثم قالت: جميلة أنتي ممكن تكوني حامل على فكرة.

 اتسعت عين جميلة وهتفت: تفتكري؟

قالت ليلي وهي ترتشف رشفة من العصير: طبعا ممكن، انا كنت كده وانا حامل في سليم.... كنت على طول قرفانة من أنس.

شردت جميلة قليلا، فهتفت ليلي: بصي انا عندي جوه اختبار حمل كنت جايباه من وقت الحمل، هاقوم أجيبهولك وابقي اعمليه واتأكدي.

قامت ليلي من مكانها وبعد دقائق عادت تحمل الاختبار في يدها، ناولته لجميلة وهتفت: بس أعمليه الصبح بلاش دلوقتي.

اومأت جميلة برأسها وهي تأخذه منها ، وقبل أن تجلس ليلي بجوارها مرة أخري سمعوا بكاء سليم... هتفت ليلي وهي تتجه نحو غرفته: بجد ملحقتش أقعد شوية ... مش متهنية على كوباية العصير.

عادت ليلي وهي تحمل الصغير وتهننه بين يديها، مدت جميلة يدها واخذت سليم بين ذراعيها بحنان تقبله وتلاعبه، ابتسمت ليلي وهي تنظر إليها وقالت: والله يا طولت بالك معاه يا جميلة... انا مبستحملش الزن والعياط بس أنتي بتعرفي تسكتيه... ياريتك تبقي موجودة بالليل وتنيميه كمان.

ضحكت جميلة بخفة وقالت: خلاص سيبيه يبات معايا النهاردة... ده مالك هيفرح أوي.

ليلي: ياريت.... بس انتي عارفة أنس مش هيرضي خالص... نفسي يوم واحد حياتنا ترجع زي قبل ما سيلم ييجي... أنا وأنس بس.... هو الحمدلله طبعا ، بس أحيانا بافتقد الهدوء.

ابتسمت جميلة بألم: تعالي خدي شوية هدوء من اللي أنا ومالك عايشين فيهم...

أمسكت ليلي يد جميلة فقد استشعرت شيء مختلف في جميلة وقالت: في ايه يا جميلة حاسة ان في حاجة مضيقاكي.

تنهدت جميلة بألم وقالت: انا حاسة في حاجة متغيرة في مالك ومش عارفة ايه هي.... حاسة أنه بطل يحبني.

ليلي: انتي مجنونة؟ انا عمري ما شفت حد بيحب زي ما مالك بيحبك.

جميلة: معرفش، بس هو متغير... يمكن زهق.

قالت ليلي باستنكار: منك؟

رفعت جميلة كتفيها وقالت: جايز.

ضحكت ليلي وقالت: وحتى لو زهق منك، جددي من نفسك يا جميلة... أعمليله حاجة جديدة، أشتري لبس جديد... ارقصي له يا جميلة

ضحكت جميلة: أنتي فايقة والله العظيم.

شعروا بمفتاح أنس يدور في الباب، رفعت جميلة حجابها فوق رأسها... دخل أنس عليهما و مجرد أن وقعت عينيه على سليم حمله وظل يقبله ويلاعبه بسعادة، ضحكت جميلة وهتفت: طيب مش تقولي حتي ازيك يا جميلة؟

ذمت ليلي شفتيها وقالت: هو كده أول ما بيشوف سليم بينسي الدنيا، حتي أنا مبقاش يهتم بيا زي الأول.

ضحكت جميلة بشدة وقالت لأثارة حنقت ليلي: غيري من نفسك يا ليلي.

ضحكت ليلي بدورها، بينما أنس ظل يراقبهم ولم يفهم مزحتهم...

اتتجهت جميلة ناحية الباب وهتفت: يلا انا هاطلع شقتي بقي ، مالك زمانه على وصول.

انطلقت جميلة إلي شقتها وهي تنظر على اختبار الحمل الذي بين يديها بأمل.

----------------------------------------

عاد مالك إلي المنزل بقلب وجل، متردد وعلامات الحزن بادية على وجهه لا يستطيع أن يداريها... دخل بقلب مثقل بالهموم، لكنه وجه جميلة تستقبله بحفاوة ومرح، كان في عينيها لمعة لم يلمحها منذ وقت طويل، وعلى عكس قلبه المثقل بالهموم كان قلبها ممتلئ بالسعادة.. كان مظهر جميلة مختلفا، ترتدي قميص باللون الأسود شفاف ، وأحمر شفاه باللون الأحمر، وتركت شعرها منسدل خلف ظهرها تماما كما يحبه مالك ، اقتربت منه مجرد أن دخل إلي المنزل وهتفت بدلال: مالك انا في حاجة مهمة لازم أقولك عليها.

نظر إليها بألم وقال: وانا كمان في حاجة لازم أقولك عليها.

صاحت جميلة بسعادة: موافقة بس أنا هاقول الأول علشان مهما تكون الحاجة اللي هتقولها مش أهم من اللي هاقوله.

اومأ مالك برأسه وصمت، لكن قبل ان تتفوه جميلة بكلمة سمعوا طرقات على الباب وصوت أنس وليلي يبدو عاليا.

ابتسم مالك نصف ابتسامة لجميلة، وقال: أدخلي أنتي جوه دلوقتي واضح ان أنس وليلي في حوار معاهم ونكمل كلامنا بعدين.

شعرت جميلة بالضيق، حيث أنها لم تستطع ان تخبر مالك بالخبر الذي سيقلب حياته رأسا على عقب، دخلت غرفة نومها وأغلقت الباب خلفها.

حين فتح مالك باب الشقة، وجد ليلي تقف على الباب وتحمل سليم بين يديها، ومن خلفها أنس وكانوا في حالة شجار، ومجرد أن فتح مالك الباب، وضعت ليلي سليم بين ذراعيه والتفت إلي أنس وقالت بحدة وصوت عالي: بطل أسلوبك الهمجي ده.

صاح أنس بدوره: قولتلك قبل كده يا ليلي متستفزيش غيرتي.

ليلي بحدة: انت اللي بقيت مجنون رسمي.

كان مالك يقف يشاهدهما في عدم فهم، أخيرا صاح: هو في ايه يا جماعة؟

نظرت ليلي إلي مالك وكأنها للتو أدركت وجوده وقالت بحدة: أخوك يا بشمهندس شافني واقفة مع مديري القديم قابلته صدفة وانا خارجة من السوبر ماركت، جه بمنتهي العصبية ومن غير ما يفهم راح ضربه علشان واقف بيتكلم معايا.

صاح أنس بحدة: وهو أنا لما أشوفك واقفة بتضحكي وتهزري مع واحد مفروض مني أجي أعمله كشف هيئة... ما طبيعي هاضربه وأكسر عضمه كمان.

أبتسم مالك رغما عنه وقال بهدوء: طيب أدخلي يا ليلي لجميلة، هي جوه.

دقت ليلي باب غرفة النوم، ودخلت على جميلة وهي تتمتم: أنسان مستفز، بيضرب قبل ما يفكر.

نظرت ليلي إلي جميلة التي كانت تربط مئزرها حول خصرها، وعلامات الضيق مرتسمة على وجها وقال بخفة: واضح أننا جينا في وقت مش مناسب.

كانت علامات الضيق على وجه جميلة ردا كافيا على ليلي، لكنها قالت بفتور: لا عادي.

حاولت ليلي أن تخفف من حدة عبوس جميلة فقالت مازحة وهي تمسك طرف مئزر جميلة: عادي أيه، قوليلي يا جوجو مش تحت الروب ده قميص نوم ساخن برضه.

بدأت دموع جميلة تنزل على وجنتيها ولم تعقب، قالت ليلي بقلق: أكيد يعني اليوم مكنش فارق معاكي أوي كده لدرجة أنك تعيطي.

نظرت ليلي حولها على غرفة النوم، فلم تلحظ حين دخلت ....الورود والبالونات المعلقة في كل مكان بالغرفة، نظرت لها ونظرت إلي جميلة مرة أخري، وضعت يدها على فمها وصاحت: جميلة انتي حامل؟

ازداد بكاء جميلة وهي تومئ برأسها بالإيجاب، ضمتها ليلي إلي صدرها وقالت بحنان: مبروك.. والله انا أسفه حقك عليا... أنا هاخد أنس وننزل حالا.

مسحت جميلة دموعها وقالت: انا مش زعلانة منك، انا لسة مقولتش لمالك أصلا... بس مش عارفة بعيط ليه دلوقتي.

ضحكت ليلي بخفة وقالت: دي الهرمونات يا جوجو.

ضحكت جميلة من بين دموعها، بينما قامت ليلي من مكانها وقالت: انا هاخد أنس و نزل دلوقتي.

جميلة: استني بس أنتوا مش زعلانين؟

ليلي: انا هاعرف أصالحه أزاي.

خرجت ليلي من الغرفة وتركت جميلة تقف في مكانها، اسرعت ليلي إلي أنس الذي كان لا يزال يهتف بحدة مع مالك، لكنه تسمر في مكانه حين مالت عليه ليلي ووضعت قبلة فوق خده وقالت: أنا اسفة يا حبيبي انت عندك حق.

نظر إليها أنس بريبة وعدم فهم، لكنها لم تعيره اهتمام، التفتت إلي مالك وأخذت سليم من بين ذراعيه وأمسكت بيد أنس وقالت: يلا يا حبيبي ننزل بيتنا نكمل كلامنا تحت.

قام أنس معها ومشي خلفها بنظرات ذهول مرسومة على وجهه، وكذلك مالك كان يشاهدهما في ذهول، لكن على باب الشقة ألتف أنس إلي مالك من خلف ظهر ليلي وأشار له بيده علامة على الجنون، فانفجر مالك ضاحكا.

أغلق مالك الباب خلفهما وتنهد بألم... خرجت جميلة من الغرفة وهي تهتف بدلال: ها نكمل كلامنا؟

نظر لها مالك نظرة مكسورة كلها ألم وقال: أقعدي يا جميلة علشان اقولك اللي عايز أقوله.

جلست جميلة على الأريكة، بينما مالك واقفا امامها يحاول أن يرتب كلماته، لا يعرف كيف يقول ما هو على وشك قوله، تنفس بعمق وقال: جميلة أنا....

قاطعته جميلة بحماس وقالت بنبرة سعيدة: أنا حامل.

اتسعت حدقتي مالك، ووقف ينظر إليها في ذهول وهو يحرك رأسه وقال: مش هينفع.

نظرت إليه جميلة بعدم فهم وقالت: هو ايه اللي مش هينفع.

تنهد مالك بألم وألقي بجسده على الأريكة بجوارها وقال: مش هينفع يبقي عندنا أطفال في الوقت ده... جميلة أنتي لازم تنزلي الطفل ده.

شهقت جميلة من الصدمة وقالت ودموعها بدأت تسيل على خديها: انت ازاي تقول كده؟ مالك أنت فاهم انا قولت أيه؟ سمعتني كويس؟؟ مالك أنا حامل... فاهم يعني أيه؟

همس مالك بألم: للأسف فاهم.

قالت جميلة من بين دموعها: لأ يا مالك....ده الطفل اللي أنا بستناه بقالي سنين... أنت جاي دلوقتي وبسهولة كده بتقولي نزليه أنا مش عايزه!!

قام مالك من مكانه وصاح بحده: جميلة أنا قولت اللي عندى... الطفل ده لازم ينزل.

تركها تبكي بحرقة وفتح الباب وخرج.

عاد مالك بعد عدة ساعات، وجد المنزل يعم بالهدوء، فعلم أن جميلة نائمة... دخل غرفة النوم وجدها مستلقة على السرير... غير ملابسه واستلقي بجوارها بصمت.

استلقت جميلة على السرير ودموعها تسيل فوق خديها.... كانت تبكي بصمت حتي لا يشعر بها مالك... لكن قلبه كان يشعر بدموعها.... اقترب منها أسند رأسه على كتفها.... مد كفه ومسح بأنامله دموعها في صمت..... لف ذراعه حول خصرها وهمس وهو يضع قبلة حانيه على وجنتها: متزعلىش... بس غصب عني.

امسكت بكفه الموضوع على خصرها ووضعته فوق بطنها وهمست له بصوت حزين: ابننا هنا يا مالك..... مش حاسس بيه؟ 

ابعد كفه من فوق بطنها وقال وهو يبتعد عنها: كنتي دايما بتفهميني يا جميلة من غير ما أقول ليه مش فاهماني المرة دي.

ألتفت اليه، وضعت رأسها فوق صدره... سقطت دمعة من عينيها فوق صدره، ساخنة تحرق قلبه وقالت: وانت دايما بتحس بيا... ليه مش حاسس بيا المرة دي..... ليه عاوز تقتل ابننا.

اشاح بوجهه عنها وهمس بنبرة ضعيفة: افهمي يا جميلة.... الوقت مش مناسب لطفل دلوقتي... احنا مش مستعدين .... نزلي الحمل دلوقتي وانا اوعدك اما يبقي الوقت مناسب نحاول تاني.

انهارت دموعها فوق صدره وقالت بنبرة متهدجة: عاوزني اقتل ابننا؟ 

لم يعقب.... لم يجد كلمات يجيبها بها... خانه صوته وهربت الكلمات من حلقه ففضل السكوت.

في الصباح استيقظت جميلة متعبة... وجهها مرهق وعيناها متورمتين من كثرة البكاء، لم تجد مالك الي جوارها، قامت بتباطؤ من السرير تبحث عنه في ارجاء المنزل فلم تجده.

في الظهيرة جمعت جميلة ملابسها في حقيبة سفر كبيرة.... وقفت تنظر حولها وتتذكر ذكرياتها الجميلة مع مالك في كل ركن من المنزل... ذرفت الدمع وهي تغلق الباب خلفها... نزلت السلالم بصعوبة وهي تحمل حقيبتها في يدها، وقرب شقة أنس وجدت مالك امامها... قال بحدة حين رأها: رايحة فين؟

تفادت النظر الي عينيه وقالت بصوت ضعيف: هامشي....

•تابع الفصل التالي "رواية نبضات لا تعرف المستحيل" اضغط على اسم الرواية

تعليقات