رواية رحله غير سارة الفصل الثاني 2 - بقلم منة سلطان
_احنا شكلنا كده توهنا!!.
_إيــــــــــــــه؟؟؟!
رد بغضب وهو بيفتح شنطته وبيخرج منها كتاب تاني خدناه للإرشاد:
_زي ما سمعتي.
حسيت زي ما تكون الدينا بدأت تلف بيا، فبصيت على المكان اللي وصلناله واللي كان شبه القمة بتاعة الجبل بس مش القمة وأنا حاسة إن قلبي هيقف، وفي اللحظة دي حاولت افكر فمجاش في بالي غير حاجة واحدة بس:
_أنا هتصل على حد ييجي يساعدنا.
رفع نظره ليا وهو بيرد بضجر:
_شكلك ناسية إن التليفونات مفيهاش تغطية!!.
رجعت ورا بصدمة وأنا براقب المكان بخوف قوي جوايا وبقوله:
_يعني إيه؟؟! يعني إيه تُهنا وازاي ده حصل؟، أنتَ مش معاك الخريطة وكتاب إرشادي ازاي تُهنا كده!!
سألته في آخر كلامي بإتهام وجنون وأنا حاسة إنه السبب في اللي احنا وصلناله، فرد هو بغضب وعصبية:
_يعني ده اللي حصل، ممكن تهدي بقى عشان أعرف أفكر.
عيوني دمعت وبقيت على تكة وأعيط في ركن بعد ما حسيت ان الدنيا فجأة اتقفلت:
_بعد إيه بقى ما إحنا توهنا وخلاص واللي حصل حصل، إحنا لو هنعمل حاجة دلوقتي فهي أننا نستنى موتنا بالتصوير البطيء.
_تعرفي تريحي لسانك وتسكتي شوية!؟،إيه متعبتيش!
_أنتَ عبيط يا ابني ولا مش مدرك الكارثة اللي احنا فيها، فوق انت وركز، احنا لوحدنا في مكان مش عارفينه على جبل ملوش اول من آخر!!، يعني خلاص احنا رسميًا بقينا في عداد الوفيات دلوقتي .
كنت بتكلم بصوت عالي وده خلاه يرد عليا بإنفعال:
_ممكن تبطلي سذاجة شوية، أنتِ مش غاوية وطلعتي لوحدك، أنتِ طالعة مع تيم كامل كبير في كامب وأكيد عاملين حسابهم لو حاجة زي دي حصلت يعني.
بصيتله بصدمة وبصعوبة تمالكت نفسي ورديت بجنون:
_أنتَ ازاي بالبرود ده!، احنا تايهين في غابة والدنيا بدأت تضلم وأنت بتتكلم بالبساطة دي ازاي!، ثم مين اللي هياخد باله من وسط العدد ده كله أن فيه اتنين تايهين!
سكت وأنا ببصله وبتنفس بغضب وجسمي كله بينتفض من كتر العصبية وهو لا حياة لمن تنادي مستمر يبص في الكتاب فسألته بغضب:
_أنتَ مبتردش عليا ليه؟؟!
غمض عينه بنفاذ صبر وفتح عينه واتنهد وقال:
_تعبت ولساني وجعني زي أي إنسان طبيعي.
بروده خلاني أوصل لمرحلة اني نفسي أو.لع فيا يمكن ارتاح بعيد عن لوح التلج ده:
_كل الحق عليا أنا من البداية، أنا اللي وافقت إنك تكون المرافق بتاعي في الرحلة دي مع إن كان شكلك من البداية واضح وباين عليه أنك غبي ومبتفهمش .
وهنا كان جاب اخره مني ومن كلامي وبرغم أنه هادي أغلب الوقت الا إن طريقتي نجحت تخرجه عن طور هدوئه فإتفاجئت بيه بينتفض في مكانه وهو بيقرب من مكاني وبيزعق:
_دلوقتي بقيت أنا الغبي اللي مبفهمش!!!، وأنتِ الذكية المظلومة اللي اتحطت تحت الأمر الواقع مش كده؟؟!
انتفضت بسبب صوته بس هو مسكتش ورجع يكمل بنفس الطريقة:
_أنا بقى عايز أفهم، أنتِ دورك إيه من البداية خالص؟؟، عملتي إيه ولا شاركتي بإيه يديكي الحق إنك تقفي تحاسبيني بسبب إننا توهنا عن باقي الكامب!
نزلت رأسي في الأرض وأنا مقتنعة جدا بكلامه ومصدقاه عشان أنا فعلا مساهمتش بأي حاجة، بس مُصطفى مسكتش واستمر في عصبيته عليا:
_أقولك أنا ولا أي حاجة، أنتِ مبتعمليش حاجة غير إنك تفضلي تتكلمي وتماطلي بس ومش مهم أي حاجة تانية، أنتِ أكتر إنسانة مُستفزة وجبانة أنا قابلتها في حياتي .
عيوني اتهزت وأنا ببصله بألم بسبب كلامه وطريقته اللي كانت عبارة عن جرح كرامتي وبس وكل اللي قدرت أقوله وقتها كان:
_أنتَ ملكش الحق تتكلم معايا بالأسلوب ده!
إبتسم إبتسامة جانبية ورد:
_وأنتِ ملكيش الحق تحطي كل اللوم عليا في حاجة أنتِ نفسك رفضتي من البداية تشاركي فيها.
بصعوبة حاولت امسك نفسي لأني شخص حساس بطبعه وأغلب الكلام بيأثر فيا:
_أنت بني آدم معندكش ذوق.
رجع قعد على الأرض وهو بيتكلم ببرود:
_متشكر جدًا للُطفك الجميل.
بصيتله بكره وحسيت اني مش قادرة أفضل مع انسان زي ده في مكان واضح حفاظًا على الباقي من كرامتي، وفعلًا لبست شنطتي وكنت همشي بس وقفني صوته لما سألني :
_أنتِ رايحة على فين؟؟!
_ملكش فيه وحاجة متخصكش، أنا اروح في المكان اللي أنا عايزاه وبمزاجي، وأنت ملكش دعوة بيا، إحنا من اللحظة دي منعرفش بعض، أنا فضيت الشراكة التوكسيك دي.
رديت بكل غل فوقفني وهو بيقول بملل:
_طب اقعدي وبطلي كلام كتير .
_وده كمان ملكش حق فيه دلوقتي إنك تقولي اعمل ايه ومعملش إيه!
_مش وقته عنادك دلوقتي يا آنسة شيماء، إحنا حاليًا مهم جدا نكون مع بعض عشان يلاقونا ويساعدونا بشكل أسرع.
رد بغيظ عليا وأنا كملت في عنادي قصاده حتى لو كان اللي بعمله غلط وبلا هدف:
_وأنا مش حكم عليا أقعد ما شخصية زي شخصيتك دي واحط ايدي على خدي واستنى حد ييجي يساعدنا، أنا بنفسي هثبتلك اني هقدر ارجع تاني واني مش محتاجة لمساعدة واحد زيك.
هز رأسه بخفة وشاورلي:
_واحد زيي اه، طب ربنا معاكي بقى ارجعي أنتِ..
رديت ببرود:
_ما أنا هرجع فعلًا، هو أنا هخاف.
ضحك قبل ما يعلق بإستخاف:
_حاشا لله يا آنسة شيماء هو أنا قولت كده برضه، أنا بس بقول كده عشان التفرعات اللي مشينا فيها لساعات كتير أوي بس أنتِ اكيد حفظتيها وده كويس عشان متضطريش تقعدي مع بني آدم زيي في مكان زي ده.
وكانت الصدمة، أنا لسة واخدة بالي إننا طول الرحلة تقريبا دخلنا في أكتر من تفرع بناءً على الخريطة وكتاب الإرشاد، وده يستحيل علميًا اني اكون حفظته.!
سألني بإبتسامته الجانبية وهو بيتصنع البراءة:
_وقفتي ليه؟؟، يدوب تلحقي قبل ما الشمس تغرب.
نفخت بضيق واضح ورديت عليه:
_هات كتاب الإرشاد والخريطة اللي معاك.
_على أساس إنك هتعرفي موقعنا فين بالظبط على الخريطة يعني؟!
زعقت بعصبية:
_هاتها وملكش دعوة.
ناولهالي وهو بيحاول ميضحكش وده كان باين عليه:
_اتفضلي.
سحبت منه الكتاب بعنف وأنا ببص فيه بس ما شاء الله عليا مفهمتش ولا حاجة والأهم من كل ده أنا مفهمتش احنا فين بالظبط أصلا عشان أعمل إيه وأرجع ازاي ، فنفخت بغيظ وأنا بسأله:
_أنا مش فاهمة حاجة؟!، ألاقي معاك بوصلة؟!
سألني بإستغراب:
_هتعملي إيه بالبصلة؟!
رجعت بصيت على الخريطة اللي في الكتاب وأنا برد عليه بحيرة:
_هشوف فين إتجاه الشمال ناحية النجوم وهمشي عليه.
_على أساس إنك تايهة في صحراء ولا بحر؟!
_ممكن تبطل تريقة وتفكر معايا شوية نلاقي حل في اللي احنا فيه ده !!
كنت على آخر اعصابي وأنا بتعامل معاه وتقريبا كده مصطفى خد باله فلقيته بيكلمني المرة دي بهدوء وبدون زعيق:
_لو جربتي تقعدي هادية خمسة بس، صدقيني هلاقي حل، لكن طول ما أنتِ بتتكلمي عمرنا ما هنوصل لحل أبدًا.
سندت على شجرة وأنا بتكلم بصعوبة واختناق:
_أنا سكت ومش هتكلم تاني خالص بس اخرج من المكان ده عشان بدأت اتخنق.
رد بعد ما رجع مسك الخريطة تاني:
_حاولي تهدي والموضوع سهل بطلي تبصيله من منظور إنك تايهة، وبعدين دي مجرد مغامرة فيدل ما تخليها رخمة جربي تشوفيها حلوة بطريقتك.
بصيتله بصدمة:
_غريبة مع إن ده مكنش كلامك.
إبتسم بخفة وجاوبني:
_مفيش حاجة بتفضل على حالها كده كتير.
خلص كلامه ولقيته رجع يشيل شنطته على كتفه ويمشي، فإنتفضت من مكاني بخوف وأنا بسأله برعب:
_أنتَ رايح فين وساييني؟.
إلتفتلي وهو بيجاوبني بإيجاز:
_بحاول أدور على مكان مناسب نقعد فيه بعيد عن المكان ده قبل تضلم.
حسيت اني خُفت منه وقلقت فجأة من طلبه فوقفت مكاني بقلق ورديت بريبة:
_خلينا هنا أحسن.
فهم فقالي:
_متخافيش مبعضش .
مكنش قدامي حل غير إني أسمع كلامه وأهو نتوه سوا احسن ما اتوه لوحدي، نزل شنطته ولقيته بيخرج منها خيمة خدها من الفريق تقريبًا في حين اني نسيتها ومخدتهاش مش عارفة ازاي، بس يمكن عشان كنت شايفة إني مش هحتاجها وأنا بعيش اللحظة دي، لكني رغم ده سألته:
_هتعرف تعمل الخيمة دي ولا أساعدك؟!
بصلي بإهتمام:
_بتعرفي؟
_اه بابا كان علمني ازاي أعملها.
رديت بحزن واضح قبل ما أبدأ اساعده وتقريبا كده أنا اللي ركبتها كلها ولما خصلنا اتفاجأت بيه سبحان الله بيتكلم بجدعنة وبيقولي:
_لو عايزة تنامي تقدري ترتاحي جواها، وأنا هفضل هنا.
رديت بخوف من فكرة اني افضل في مكان لوحدي حتى لو كنت متأكدة أنه قاعد قدام الخيمة:
_لا أنا مش هنام قبل ما حد ييجي يساعدنا.
هز رأسه وسند على الشجرة وغمض عينه وأنا راقبته بصمت قبل ما احس بالجوع فجأة، فخرجت الأكل اللي جبته معايا وبدأت اكله وهو فتح عينه على الصوت وده خلاني أمدله سندوتش بحرج:
_خُد كُل، شكلك مكلتش حاجة من ساعة ما خرجنا.
كان واضح أنه مكنش حابب ياخده مني بس بسبب جوعه خده وهو بيقول بصوت شبه مسموع:
_شُكرًا.
بدأنا ناكل وتقريبا كده شاركته بنص أكلي وهو رغم حرجه الا أنه أكل مضطر بسبب جوعه، ولما خلصنا خرج عصير من شنطته واللي كان الحاجة الوحيدة اللي معاه واداني منه.
فضلنا على وضعنا وإحنا بنراقب الغروب اللي كان مُدهش بخوف يغلب عليه التأمل في ابداع الله لحد ما لمحت بعيني شجر جوز هند فإنتفضت وأنا بجري عليه بلهفة وبقول:
_اللي هناك ده جوز الهند صح؟؟!، أنا هروح أجيب منها.
اتفاجأت بيه ورايا وهو بيمنعني:
_خليكي هنا وأنا هطلع.
كان طلع خلاص على الشجرة ووصل تقريبا لنصها وهي كانت كبيرة ، بس سمعت صوت غريب وكان كأن حاجة بتقرب من مكاننا فسألته:
_أنتَ سمعت الصوت ده؟!!
وقف ورد بإستغراب:
_صوت إيه؟؟!
رجعت اسمع نفس الصوت واللي كان بيزيد بشكل أقوى وده خلاني أبلع ريقي برعب وأنا بتكلم بصعوبة:
_ده... ده زي ما تكون حاجة كبيرة بتقرب مننا!!
•تابع الفصل التالي "رواية رحله غير سارة" اضغط على اسم الرواية