رواية اقدار لا ترحم الفصل الثامن 8 - بقلم سيليا البحيري

 رواية اقدار لا ترحم الفصل الثامن 8 - بقلم سيليا البحيري

فصل 8
مركز طبي فاخر – جناح الأعصاب والتأهيل – المساء
في أوضة فحص خاصة، النور هادي، والأثاث شيك.
الدكتور شاكر (في الستينات، رايق وبيفهم)، بيخلص الكشف على مها اللي قاعدة على كرسي متحرك، عينيها فيها رجاء صامت.
ليل ماسكة إيد أمها بإيد، وسيلين حاطة إيدها التانية على كتف ليل تشجعها، وسيف واقف قريب، ساكت… بس عينيه فيها دفء وتركيز.
د. شاكر (بعد ما خلع نضارته):
– حالة مدام مها صعبة… بس مش ميؤوس منها.
– الجلطة كانت قوية وسيبت أثر على أعصابها، بس فيه أمل نشتغل ونحسن حالتها.
ليل (بلهفة):
– يعني ممكن… تمشي؟ تتكلم؟ ترجع زي زمان؟
د. شاكر (بهداوة):
– مش بسرعة زي ما بتتخيلي، بس بالعلاج الطبيعي المنتظم والدعم النفسي، ممكن نشوف تحسّن.
– بس محتاجة صبر… وناس حواليها بيحبوها ويريحوها.
سيلين (بصوت هادي بس واثق):
– راحتها النفسية والعلاج… إحنا هنوفرهم لها، أنا وسيف.
سيف يبص لها، وهي تبص له… نظرة فيها تقدير ودفا. لحظة من غير كلام، بس مليانة إحساس.
سيف (بثبات):
– كل اللي مدام مها محتاجاه… هيبقى موجود.
– وهننقلها على أحسن مركز تأهيلي في القاهرة… وعلى حسابي.
ليل (عنيها بدموع):
– مش عارفة أقول إيه… أنا مش متعودة حد يقف جنبي… مش بالنية الطيبة دي.
سيلين (بابتسامة دافية):
– اتعودي… لأن ده مش تَفَضُّل، ده وعد.
الدكتور يسيبهم ويمشي بعد ما سلّمهم الملف… وسكون بسيط يملأ الأوضة.
سيف (يقرب من سيلين، بصوت واطي):
– مكنتش متخيل إنك بالشجاعة دي…
– جواكي نار… بس مش نار انتقام، دي نار بتحمي اللي بتحبيهم.
سيلين (تضحك ضحكة خفيفة بس فيها سخرية):
– وإنت كنت متوقع تلاقي إيه؟
– واحدة مكسورة؟ بتتوسل؟
– أنا خرجت من النار… ومش ناوية أدخلها تاني.
سيف (يبصلها بعنيه وبنبرة فيها إعجاب):
– وخرجتي منها… أحلى وأقوى من زمان.
سيلين تبص له بدهشة بسيطة… بس هو يغيّر الموضوع بابتسامة خفيفة.
سيف (يبص لليل):
– نبدأ الإجراءات من دلوقتي. أنا هكلم المركز بنفسي.
ليل (تبص عليهم، تهمس في نفسها):
– بتحبوا بعض… حتى لو لسه مش عارفين.
********************
🍽️ مطعم شيك في فندق فاخر – الساعة 8:30 مساءً
الجو رايق وأنيق، وموسيقى بيانو ناعمة شغّالة في الخلفية.
آسر الجندي قاعد لوحده على ترابيزة بتطلّ على الشباك، ماسك فنجان قهوة سادة، قدامه اللابتوب وبيقلّب في شوية ملفات… بس عينيه شاردة.
لا بيشرب، ولا بياكل… بس بيفكّر.
في حسام.
في اللي فات.
وفي الانتقام.
فجأة، ويتر داخل متوتر، وراه بنت شابة شيك، ملامحها بريئة وهادية، لابسة فستان عاجي بسيط، شعرها سايب، وعينيها فيها نعاس حلو… دي رهف.
الويتر يقرب من آسر:
الويتر:
– آسف يا فندم… حصل لخبطة في الحجز، والترابيزة بتاعة الآنسة ادوها بالغلط لحد تاني… ممكن تسمح تقعد مع حضرتك مؤقتًا لحد ما نفضي ترابيزة؟
آسر (يرفع عينه بهدوء، يبص للبنت، بعدين للويتر):
– مفيش مشكلة.
رهف تبتسم بخجل:
رهف:
– لو فعلاً مش هتضايق… شكرًا قوي.
آسر (يقفل اللابتوب بهدوء):
– متشكرش… دي مش ترابيزتي أصلًا.
رهف تقعد برقة، تاخد نفس خفيف وتبص من الشباك.
رهف (بخجل وهي بتحاول تفتح كلام):
– بتحب الهدوء؟
آسر (يبصلها لحظة، ويرد بنبرة ساكتة):
– قد ما بيساعدني أفكّر… آه.
رهف (تضحك بخفة):
– وأنا العكس تمامًا… أول ما الدنيا تسكت، دماغي تسرح في حتت مخيفة.
– عشان كده دايمًا بحب الناس… خصوصًا اللي ساكتين كتير، زي حضرتك.
آسر (يرفع حواجبه، بنظرة فيها فضول وانجذاب):
– بتهتمي باللي ساكتين؟ مش المفروض الناس تفضل اللي بيتكلموا كتير؟
رهف (تبصله بثقة ناعمة):
– يمكن… بس أنا حاسة إن اللي ساكت… جواه حكايات كتير.
لحظة سكون بينهم، بعدين آسر يبتسم ابتسامة نادرة ويغيّر الموضوع:
آسر:
– بتحبي القهوة؟ ولا من جماعة الشاي؟
رهف (تبتسم):
– قهوتي… سكر قليل، بس مليانة أمل.
آسر يبصلها بدهشة خفيفة… ويضحك لأول مرة.
آسر:
– أول مرة أسمع التعبير ده.
رهف (تبصله في عينه):
– يمكن عشان أول مرة تسمعني.
الويتر يرجع:
– آنسة، الترابيزة الجديدة جاهزة.
رهف تقوم، تبص لآسر بابتسامة هادية:
رهف:
– شكرًا على الكرم… يارب نتقابل تاني.
آسر (يبصلها، وبنبرة ساكتة):
– أكيد… بالصدفة أو من غيرها.
رهف تمشي… وآسر يفضل يبصلها وهي ماشية، ملامحه بين الذهول… والانجذاب.
آسر (يهمس لنفسه):
– هي مين دي؟
********************
فيلا عيلة حسام – الساعة 11:00 بالليل
الدور الأرضي – أوضة المعيشة
الأنوار هادية، والدنيا ساكنة.
رهف بتدخل بهدوء بعد ما رجعت من العشا. شايلة شنطتها الصغيرة وبتقلع جزمتها على مهل…
بتتفاجئ بـحسام قاعد على الكنبة، لابس لبس بيتي، في إيده كباية شاي، وعينيه شاردة.
رهف تقف لحظة، تبتسم ابتسامة خفيفة:
رهف:
– لسه صاحي؟ مش متعودة أشوفك سهران.
حسام (يبص لها ببطء):
– كنت مستنيك… اتأخرتِ.
رهف (بتقعد قصاده):
– كنت في مطعم… وحصل موقف لطيف.
حسام (يبص لها بقلق واضح):
– خلي بالك من الناس اللي حواليك، خصوصًا الأيام دي.
– في ناس مش هتسكت… حتى لو فات سنين.
رهف (تبص له بثبات):
– تقصد سيلين؟
حسام يسكت شوية، مايردش… يبص للكباية اللي في إيده.
رهف (بهدوء):
– بصراحة؟ عندها حق.
– اللي عملتوه فيها… إنت ونوال… ماينسكتش عليه.
حسام (بصوت واطي وتقيل):
– متدخليش نفسك في حاجات ملهاش علاقة بيكي، يا رهف.
رهف (بصدق):
– أنا مش بدافع عنها…
بس كإنسانة، ماقدرش أشوف ظلم وأسكت.
– خصوصًا لما اللي ظالم… من دمي.
حسام ياخد نفس تقيل، يعدّي إيده على وشه، ويبصلها بعين تعبانة:
حسام:
– إنتِ أغلى حاجة عندي في الدنيا…
– ومش عايزك تدخلي في دايرة الانتقام اللي جاية.
رهف (وهي بتقوم بهدوء):
– متخافش عليّ… أنا مش لعبة في إيد حد.
– بس كمان… مش هكون شاهدة زور.
تِرَبّت على كتفُه بخفة وتمشي ناحيه أوضتها،
وحسام يفضل قاعد مكانه… عينيه لسه تايهة.
حسام (يهمس لنفسه):
– حتى إنتِ يا رهف؟… حتى إنتِ شايفة إني ظلمتها؟
  وشه… ملامحه خليط بين الوجع، والندم…
لكن مش كفاية علشان يتوب
********************
شركة البحيري القابضة – الدور الأخير (قاعة الاجتماعات الخاصة)
الساعة ٩:٤٥ بالليل
المكان شيك جدًا، النور دافي، والستاير الغالية مغطية الشبابيك.
الترابيزة الزجاج الطويلة بتلمع تحت الإضاءة، وفي هدوء مهيب مالي الجو.
سيف واقف جنب سيلين، واثق وهادي،
وعند رأس الترابيزة قاعد سليم البحيري، أبو سيف،
وجنبه ولاده:
إيهاب (الرزين اللي ملامحه جد طول الوقت)،
ومازن (الهادي الطيب اللي بيكسف بسرعة).
سيلين لابسة بدلة رمادي غامق شيك جدًا، شعرها مرفوع، ملامحها ساكنة، بس قوية.
بتنحني شوية باحترام وهي بتسلم.
سيف (بابتسامة خفيفة وهو بيبص لعيلته):
– اسمحولي أقدملكم شريكتي الجديدة… الأستاذة سيلين المغربي.
الكل يبصلها، وهي ترد بابتسامة فيها احترام:
سيلين:
– الشرف ليا… مبسوطة إننا اتقابلنا.
سليم (يبصلها بنظرة فيها فِهم وهدوء):
– إحنا اللي نرحب بيكي… بيتنا مفتوح لأي حد بيكافح.
– وشكلك ست ما بتتهزش بسهولة.
سيلين تتفاجئ شوية من كلامه، بس تحافظ على ابتسامتها الهادية:
سيلين:
– البني آدم مش بيعرف قوته غير لما يضطر يستخدمها.
إيهاب يقرب ويسلم عليها:
إيهاب:
– سمعت عن شراكتك مع سيف… خطوة فيها جرأة.
سيلين (بثقة هادية):
– حياتي كلها مبنية على قرارات جريئة، أستاذ إيهاب.
مازن يقرب كمان، متوتر شوية بس بيضحك بلطافة:
مازن:
– إحنا مش متعودين ناس تدخل بينا بسرعة…
بس حضورك مريح.
سيلين (بابتسامة صادقة):
– شكرًا… كلامك على راسي. ويا رب أكون خفيفة عليكم.
سليم بيراقبها في صمت…
عينه شايفة وبتقرا تفاصيل كتير…
شايف الحزن اللي مستخبي ورا الثبات.
سليم (وهو بيشرب قهوته بهدوء):
– في عينيكي وجع قديم…
بس معرفش إزاي فضلتي واقفة.
– ودي حاجة مش الكل يعرف يعملها.
سيلين تبصله لحظة، مش كانت متوقعة الملاحظة دي…
بس ترد بابتسامة فيها صلابة:
سيلين:
– الوجع بيروح…
بس لو الكرامة اتكسرت، ما بتتصلحش.
لحظة صمت محترم تعم القاعة…
سيف يلاحظ التجاوب الهادي بين أبوه وسيلين،
يبتسم لنفسه وهو مطمّن.
سيف (يقطع الصمت):
– أظن البداية مبشرة.
سليم (يبص لسيف، وبعدها لسيلين):
– طول عمري واثق في اختياراتك…
لو اخترتها تبقى شريكتك، أكيد شايف فيها حاجات إحنا لسه ما شفناهاش.
سيلين تبص لسيف نظرة فيها شكر ساكت…
وسيف يرد بابتسامة بسيطة، فيها دعم كبير.
سيلين تودعهم وتخرج من القاعة…
وفي الممر برة، تاخد نفس عميق…
عارفة إن الحرب لسه في أولها…
بس في المكان ده… لأول مرة من سنين…
ما حدش حاكمها، بل قدّرها
**********************
أوضة هايدي – فيلا البحيري
الساعة ١٠:٣٠ بالليل
هايدي واقفة قدام المراية، بتمشط شعرها بتركيز، وحاطة ماسك ليلي على وشها…
فجأة موبايلها بيرن.
الاسم على الشاشة:
رغدة (السكرتيرة)
هايدي (بترد وهي بتتثاوب):
– في إيه يا رغدة؟ مش شايفة الساعة كام؟
رغدة (بصوت واطي ومتحمس):
– آسفة يا مدام هايدي بس… الموضوع ما ينفعش يستنى للصبح.
هايدي (بتلف بسرعة):
– اتكلمي بقى… قلبي مش مستريح.
رغدة تبعت لها صورة على الواتس…
سيلين واقفة جنب سيف في قاعة الاجتماعات، وسليم وإيهاب وراهم.
رغدة:
– شراكة جديدة، يا مدام… أستاذ سيف جاب الست دي بنفسه النهارده.
– واللي أهم… إن سليم باشا وولاده وافقوا عليها فورًا.
هايدي (تبص للصورة، وعيونها تتجمد):
– ثانية واحدة… الست دي…
تكبر الصورة، تركّز أكتر…
وفجأة وشّها يتغير وتصرخ:
هايدي (بصدمة):
– دي هي!!
– نفس الست اللي كانت معاه امبارح في المطعم!!
رغدة (بتوتر):
– حضرتك متأكدة؟
هايدي (مغتاظة ومنفعلة):
– متأكدة؟! كنت هفجّر من الغيظ وأنا شايفاهم قاعدين سوا!
– والنهاردة؟! جايبها شركته؟ وواقف جنبها كأنها ملكة؟! لأااااااا!
تقف مرة واحدة، وتحدف المراية الصغيرة من على التسريحة…
المراية تتكسر على الأرض.
هايدي (بصوت هيتجنن):
– دي مش شراكة شغل!
– دي بداية حكاية جديدة!
– وهي طبعًا… فاهمة بتعمل إيه، وعارفة سيف ابن مين وثروته قد إيه!
رغدة (بصوت واطي):
– تحبي أبدأ أدوّر عنها؟ أفتح ملفاتها القديمة؟
هايدي (ببرود بيلسع):
– دوري… وارجعيلي بكل حاجة عنها.
– كل تفصيلة يا رغدة…
– وأنا هعرفها يعني إيه تلعب في منطقتي.
هايدي تقف قدام المراية المتكسّرة، تبص لنفسها فيها، وتهمس لنفسها:
هايدي:
– سيف… ما ينفعش يكون لحد غيري…
– حتى لو كانت "رماد ست محروقة" زيها.
الصورة لسه باينة على شاشة الموبايل…
وعينين هايدي بينعكسوا في الزجاج…
نار، غيرة، وشرّ بيغلي فيهم
*********************
شقة ليل الجديدة – حي راقٍ في القاهرة
الساعة ٨:١٥ مساءً
الشقة شيك بألوان هادية، مفروشة بذوق، وريحة النظافة والراحة مالية المكان…
ليل قاعدة على طرف سرير والدتها مها، اللي نايمة في هدوء تام، لا بتتكلم ولا بتتحرك… بس عنيها فيها أمل بيقاوم.
قدّام السرير، باقة ورد حطتها سيلين كترحيب، وعلى الكومود علبة دوا جديدة، وورقة أنيقة مكتوب فيها مواعيد العلاج الطبيعي.
ليل بتمسح جبين أمها بهدوء، وتبوس إيدها بحنية، وتهمس:
ليل (بصوت دافي وموجوع):
– شفتي يا ماما؟
– أخيرًا خرجنا من الضلمة…
– أخيرًا في حد مدّ لنا إيده من غير ما يحاسبنا على كل نفس بناخده.
تسحب كرسي صغير وتقعد جنبيها، ودموعها مالية عنيها.
ليل:
– سيلين وسيف… مش شبه باقي الناس اللي عرفناهم.
– هما عارفين يعني إيه الظلم… عشان كده صدقونا من غير ما نبرّر.
تبص ناحية الشباك، نور القاهرة باين من بعيد.
ليل (بنبرة غضب):
– بس ده ما بينسينيش يا ماما…
– ما بينسينيش اللي عمله حسام!
– لا أنا ولا إنتِ هننسى!
تمسك بإيد أمها وتضغط عليها بحنية:
ليل:
– هو اللي خلاكي كده…
– هو اللي سرق فلوس بابا… وهو اللي قتله…
– هو اللي رمانا في الشارع، وسبنا نموت كل يوم حتة!
تسكت لحظة، بتحبس دموعها، وبتمشي شوية في القوضة…
تلمس الحيطة، تمسك كتاب من على الرف، تبص في المراية الطويلة:
ليل (بحزم):
– بس أنا مش هسكت يا ماما.
– والله العظيم… كل لحظة وجع عشتيها، هتدفع تمنها.
– كل دمعة نزلت من عنيكي، هيرجع يشتريها بندم!
ترجع تقف قدام أمها، وبتبتسم ابتسامة كلها مرارة:
ليل:
– وهتتعافي يا أمي… هتمشي تاني… وهتضحكي.
– وهتشوفيه بعنيكي وهو بيقع زي ما وقعنا.
تاخد نفس عميق، وتهمس:
ليل:
– بس في حاجة تانية…
– آسر…
– سابنا ومشي وقت ما كنت محتاجاه…
– رغم إني ترجّيته… هرب وسابنا نغرق!
تبص لتحت، ملامحها خليط بين الحزن واللوم:
ليل:
– مش هسامحه بسهولة… مهما رجع ومهما قال.
– هو سابنا لوحدنا وسط النار.
ترجع تبص لأمها تاني، بصوت أهدى وأحن:
ليل:
– بس إنتِ… إنتِ أهم من الدنيا كلها.
– خليكي قوية عشاني… زي ما أنا هفضل قوية علشانك.
تطفي النور، وتقعد جنبها في هدوء… تمسك إيدها وتحطها على صدرها.
ومن بره الشباك… نور القمر بينزل على الإزاز، وصوت المدينة بيهمس:
المواجهة قربت.
*********************
ليل لسه قاعدة جنب سرير أمها، بتهمس لها بكلام واجع القلب…
لكن فجأة…
يتسمع صوت خبط خفيف على الباب… تلات دقات ورا بعض.
ليل بتتجمد في مكانها، بتبص ناحية الباب بدهشة.
مين هييجي دلوقتي؟ ومين أصلًا يعرف العنوان؟
تقوم بحذر… قلبها بيدق بسرعة مش مفهومة…
تفتح الباب…
آسر واقف قدامها.
شكله متغير… أنيق كالعادة، بس ملامحه بقت أقسى شوية… رغم كده، نظرته لسه فيها ريحة الأخ اللي كان.
بجنبه شنطة سفر صغيرة، وإيديه مشدودة كأنه مش عارف يحضنها… ولا ينهار قدامها.
عنيين ليل بتتسع… مش مصدقة اللي شايفاه.
ليل (بهمس مخنوق):
– آسر...؟
آسر ما بيقولش ولا كلمة… بس بيبتسم ابتسامة مكسورة، كلها وجع وذكريات ضايعة.
الدموع بتلمع في عنين ليل…
ليل (بصوت بيرتعش):
– إنت… رجعت؟
– دلوقتي…؟ بعد كل ده؟
آسر أخيرًا يهمس، صوته مبحوح وتعبان:
آسر:
– أنا آسف يا ليل…
بس قبل ما يكمل… ليل تندفع ناحيته، مش بتحضنه…
بتضربه على صدره بإيديها اللي بترتعش من القهر:
ليل:
– ليه؟ ليه سبتنا؟
– ليه اختفيت وإحنا كنا بنموت كل يوم؟!!
آسر ما بيتحركش… سايبها تطلع كل اللي جواها، وبعدين يمد إيده بهدوء، يلمس كتفها بحنية:
آسر (بصوت واطي):
– جيت… علشان أصلّح كل حاجة.
ليل تبصله… عنيها مولعة دموع وحيرة وحنين…
وراه، … باين سرير الأم، نايمة في صمت موجع.
ليل تهمس بصوت مكسور:
ليل:
– أمي… كانت كل يوم بتسأل عنك من غير كلام… بس بعنيها.
– وأنا… كنت بكرهك كل يوم أكتر…
– بس برضه… كنت مستنياك.
آسر يحني راسه، كأن شيل خطايا عمر بحاله على ضهره…
وليل واقفة قدامه، ما بين حب قديم، ووجع جديد…
وما بينهم… سنين ضايعة ما حدش عارف يرجّعها
*☆يتبــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع☆☆*

•تابع الفصل التالي "رواية اقدار لا ترحم " اضغط على اسم الرواية

تعليقات