رواية سلطان الهوى الفصل السادس 6 - بقلم سمر رشاد

 رواية سلطان الهوى الفصل السادس 6 - بقلم سمر رشاد

سلطان الهوى
الفصل السادس
ظل سلطان يجوب بسيارته لا يعلم إلى أين يذهب، كان متخبطًا شاردًا، وقلبه يحترق وقف على جانب الطريق وظل يبكي بشدة؛ سلطان الذي لم تكن تهمه الدنيا، تأتي وجد وتقلب كل كيانه
سلطان الذي كان بعيدًا كل البعد عن ربه، وما زال يغويه شيطانه
قال سلطان بصوت عالٍ:
– "ياااااااااارب!"
استمع سلطان إلى صوت أذان الفجر يصدح من المسجد المقابل له نظر إلى المسجد وذهب إليه بقلب يرتجف رهبة؛ لم يدخل سلطان المسجد منذ أن كان في الثانوية كيف ابتعد كل هذا عن ربه؟ كيف ترك نفسه لأصدقاء السوء؟
رغم ذكاء سلطان وتقدمه في عالم التجارة منذ صغره، فهو يعمل منذ رحيل والده في المرحلة الثانوية، حين قرر أن يتحمل مسؤولية إعالة أمه وأخته كانت والدته تمنعه كثيرًا، لكن سلطان أصرّ، فمعاش والده لم يكن يكفيهم عمل سلطان بجانب دراسته، وابتُلي ابتلاءات كثيرة كان كلما ضاقت به الدنيا لجأ إلى ربه، وكلما ضحكت له الدنيا ابتعد عن ربه
قال الله تعالى في مثل هذا:
﴿فَإِذَا مَسَّ الإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِّنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍۭ بَلْ هِىَ فِتْنَةٌۭ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾
ظل هكذا حتى دخل الجامعة، وكبرت تجارته معه أيضًا، فكان بعده عن ربه أكبر، وقربه من المعاصي أكثر، حتى لُقِّبَ بـ "سلطان الهوى"
دخل سلطان المسجد، توضأ وذهب إلى الصلاة سمع الإمام يقرأ:
﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ ٱلَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ يَغْفِرُ ٱلذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُۥ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ﴾
ظل الإمام يقرأ، وسلطان يبكي بصوت مسموع حتى بكى المصلون لبكائه
انتهت الصلاة وخرج الجميع إلا سلطان، ظل جالسًا يبكي ويدعو الله أن يغفر له ذنوبه
جاء إمام المسجد، وكان شابًا في عمر سلطان أو أصغر قليلًا، ربت على كتفه وقال:
– أدام جيت هنا يبقى إنت لبيت نداء رب العالمين، ودي في حد ذاتها خطوة عظيمة لا تحزن يا أخي أنا أخوك في الله محمد، وانت؟
مسح سلطان دموعه وقال بصوت مختنق:
– سلطان
ابتسم محمد بأدب وقال:
– إزيك يا سلطان، إن شاء الله أمورك هتتحل طول ما لجأت لرب العباد وما رحتش للعباد يبقى بإذن الله هتتحل
قال سلطان بحزن يفطر القلوب
– أنا تعبان يا شيخ محمد
ضحك محمد قائلًا:
– حتى إنت كمان هتقول لي شيخ؟! أنا أتمنى أبقى شيخ أنا عبد ضعيف من عباد الله، مريت بأزمات كتير… وكنت عاصي
نظر إليه سلطان باستغراب، فأكمل محمد:
– "أيوه، كنت عاصي أذنبت كتير، لدرجة إني في يوم كنت هقتل أمي… اللي معاك ده كان مدمن بس الحمد لله ربنا بعتلي واحد ابن حلال وقف جنبي، ساعدني وأنقذني، ما سبنيش زي الباقيين اللي كنت فاكرهم صحابي، لكن كانوا أصحاب سوء
ملقتش حد فيهم وقف جنبي لحد ماجه ال يوم اللي كنت هقتل فيه أمي بس الحمد لله جه واحد معرفش ظهر منين، أنقذني وفضل معايا لحد ما مشيت رحلة علاج سنة كاملة، شفت فيها أشد أنواع العذاب النفسي والجسدي لكن بفضل الله، هو ما سبنيش، كان دايمًا يفكرني إن ربنا معايا، وطول ما أنا بلجأ لربنا مش هيرجعني مكسور الخاطر أبدًا
دلوقتي بقيت زي ما إنت شايف، وأمي راضية عني وبدعواتها أنا واقف هنا
تعرف صاحبي ده فين دلوقتي؟
انتبه سلطان وقال:
– فين؟
أخرج محمد تنهيده حزينه وقال:
– مات راح للي خلقه… لكن راح بسيرته الطيبة وعمله الصالح مات وهو مطمئن القلب… مات وهو بيصلي كانت حسن الخاتمة من نصيبه ربنا يجعلنا زيه، ويحسن خواتيم أعمالنا
فكّر يا سلطان… شوف لو متّ على معصية هيكون إيه الحال لدرجة إنك ممكن ما تلحقش تندم ربنا يهدينا جميعًا
بعد فترة من الحديث استأذن محمد
ثم تركه وذهب، بينما ظل سلطان في المسجد يقرأ كتاب الله ولم يخرج
....................................
أما عند وجد، فقد روت لوالدة سلطان كل ما حدث
نظرت لها حنان بنظرة عتاب:
– عارفة يا ماما… عارفة إنك هتقوليلي أنا غلطانه
– لا يا بنتي، إنتي مش غلطانة… بس كان المفروض تاخدي بإيده سلطان ابني طيب قوي، بس معرفش إيه اللي حصل له بعد عن ربنا أوي كنت بنصحه كتير، لكن نفسه وشيطانه وأصحاب السوء غيروه ربنا يهديه… أنا قلبي موجوع عليه أوي
بقينا الصبح وهو لسه مجاش
– والله ما أنا عارفة يا ماما… طيب مش ممكن يكون راح لسعد؟
– جايز يا بنتي خدي تليفوني واتصلي عليه
وبالفعل أخذت وجد الهاتف، ورد عليها سعد قائلًا:
– لا والله يا مدام وجد، سلطان مجاش عندي خالص، ما شفتوش من امبارح من ساعة…
ثم صمت قليلًا.
قالت وجد بتوتر
– أنا عارفة هو كان فين يا سعد… رجع سكران، بس اتخانقنا ومشي، ومن ساعتها ما رجعش دلوقتي بقينا الساعة ٩ الصبح!
– طيب يا مدام وجد، ما تقلقيش أنا هروح الشركة يمكن يكون هناك، وأطمنك
– ماشي يا سعد، متشكرة
ظلّت وجد جالسة بجانب حماتها حتى سمعوا طرقات على الباب جرت لتفتح، لعلّه يكون هو، لكنها فوجئت بـ أماني بوجه مليء بالكدمات وحين همّت بالكلام، وقعت أماني مغشيًا عليها

•تابع الفصل التالي "رواية سلطان الهوى" اضغط على اسم الرواية

تعليقات