رواية تقاطع طرق الفصل السادس 6 - بقلم اميرة احمد
تقاطع طرق
الفصل السادس
بعد انتهاء اجتماع علي.... توجه إلى منزله ومن ثم توجه للقاء سارة
وقف بسيارته الفارهة امام الشركة التي تعمل بها.. وقف يرقبها تخرج من الباب وتتجه إلى سيارته بعينين مبتسمتين.... كانت هذه اللحظة التي أيقن فيها انه قد وقع في شباك الحب... فتلك الدقة في قلبه لم يشعر بها من قبل طوال اعوامه التي تخطت الثلاثين وعلاقاته المتعددة التي لم تتعدي كونها علاقات سطحية.
- ابتسمت سارة وهي تستقر على المقعد المجاور له وهتفت: سرحان في ايه؟ اتاخرت عليك؟
حرك رأسه بالنفي وقال: لا يا حبيبتي متأخرتيش....
ثم نظر إلي عينيها وهمس: وحشتيني.
عقدت سارة ذراعيها امام صدرها وهتفت: ازاي يعني وحشتك... انا شفتك الصبح مكملناش 8 ساعات.
ابتسم علي وهمس: طول ما انتي بعيدة عني وحشاني.
ابتسمت سارة بخجل وقالت لتغير دفة الحوار: هنروح ناكل فين انا جعانة جدااا.
ضحك علي: يا ساتر يارب هتاكليني؟
هتفت سارة في مرح: لأ مش للدرجادي
علي: تحبي تاكلي ايه؟
سارة: تشيز برجر وعليه مشروم وفرايز كتييييير.
علي: ما شاء الله محددة وعارفة هتاكلي ايه كمان... ماشي يا ستي يلا بينا...
انطلق علي بسيارته، نظر إليها نظرة جانبيه وهتف: احكيلي يومك كان عامل ازاي؟
سارة: عادي.. كنت زهقانة اوي طول اليوم في الشغل ونفسي اليوم يخلص... وانت يومك كان حلو؟
نظر لها علي بعينين تشتعل بالعاطفة وهمس: يومي احلو دلوقتي بس...
ثم عاد ينظر إلي الطريق امامه وهتف: على فكرة انا كلمت أدم وبعتله السي في بتاعك وقالي انه هيكلم كذا حد من اللي شغال معاهم وممكن تبتدي تعملي انترفيو الأسبوع الجاي خليكي جاهزة.
هتفت سارة بامتنان: بجد.. شكرا جداا.
ظهرت ابتسامة على جانب شفتي علي وقال بخبث: انا اخدت بالي في السي في ان عيد ميلادك كمان أسبوعين.
سارة: ايوه فعلا... بعدين انت بقرأ السي في بتاعي ليه؟
علي: ممكن تاخدي اليوم ده إجازة.. واستعدي من الصبح.
سارة: ليه هنروح فين؟
علي: لأ دي مفاجأة يا حبيبتي.. خليها لوقتها.
سارة: طيب على الأقل قولي هنروح فين علشان اعرف هالبس ايه وأقول لبابي هانزل امتي و ارجع امتي.
علي: البسي أي حاجة بس أحسن خليكي في حاجة مريحة وبابا قوليله انك هتنزلي من 8 الصبح.
سارة: وارجع امتي ان شاء الله؟ بعدين ايه 8 دي انا رايحة ابيع لبن.
علي: اخرك في البيت ترجعي الساعة كام يا لمضة.
سارة: 9
علي: خلاص قولي لبابا هترجعي 9 بالليل.
سارة: هنروح فين كل الوقت ده.
ضحك علي بخفة: ايه مفيش ثقة فيا خالص.. ايه التحقيق ده كله قولتلك مفاجأة خلاص متبوظيش المفاجأة.
نظرت له سارة كطفلة صغيرة وقالت تستجديه: علشان خاطري يا علي الفضول هيموتني.
أمسك علي وجنتها بإبهامه وسبابته وهتف: كلها أسبوعين يا صغنن وتعرفي خلاص بقي.. يلا علشان وصلنا.. ولا مبقتيش جعانة دلوقتي.
ضحكت سارة: لأ جعانة أكتر.
علي: طيب يلا بينا.
أما أدم فما ان حان اللقاء بليلاه حتى كان قد عزم على ان يخبرها بكل ما يختلج داخل صدره من مشاعر
جلسا في أحد المطاعم، نظر أدم إلي ليلي بعينين ممتلئتين بالحب وهمس: بصي يا ليلي انا من ساعة ما شفتك صدفة و احنا تقريبا بنتكلم كل يوم.. وبصراحة انا في حاجة عايز اقولهالك .. كنت مخبيها عليكي من وقت ما كنا في الجامعة... وسكوتي وقتها ضيعك مني ل 8 سنين.. بس انا مش هاسكت تاني...
تنهد أدم وأردف:ليلي انا بحبك.... بحبك من اول يوم شفتك فيه في الجامعة.. كنت قررت اقولك لما نتخرج بس انتي اختفيتي.... انا فعلا متلخبط ومش عارف أقول ايه.
ابتسمت ليلي بخجل وهمست بارتباك وملامح متجهمة: أدم أنا..... في حاجات كتير حصلت في السنين دي... مش هاقدر اقولك عليها دلوقتي .. بس اللي أقدر أقوله اني انا كمان معجبة بيك من أيام الجامعة و يمكن اكتر شوية.
أبتسم أدم وهمس بنبرة مليئة بالمشاعر: انا عمري ما ندمت على حاجة في حياتي وطول عمري راجل عملي بس الحاجة الوحيدة اللي ندمت عليها دلوقتي أنى مقولتلكيش أني بحبك من زمان.
ابتسمت ليلي بمرارة: كل شيء بوقته يا أدم...
ضحك أدم بخفة: كان زمانا معانا أسر وعليا
ضحكت ليلي بدورها: يااااه انت لسة فاكر
نظر أدم إلي عمق عينيها وهمس: لما كنت بحس أنك وحشاني أوي كنت بافتكر كل لحظة حلوة بنا وكل حوار دار ما بينا....... بصي انا عمري ما كنت شخص رومانسي ولا عمر كان ليا في الحاجات دي .. حتى الفترة اللي فاتت دي انا عمري ما عرفت واحدة تانية ولا كنت عايز أصلا.
لمعت دمعة في عين ليلي وهمست: انا عارفة كل حاجة يا أدم مش لازم تقول حاجة.. يمكن ربنا ليه حكمة اننا نتقابل في الوقت ده بالذات.... يمكن ربنا بعتك ليا تعوضي عن اللي شفته السنين اللي فاتت... كان وقت صعب عليا اوي... يمكن لو كنا مع بعض من زمان مكنتش هاعرف قيمتك زي دلوقتي.
- ابتسم أدم بحنان: المهم اننا مع بعض دلوقتي.
مرت الأيام سريعا واجتازت والدة أحمد العملية الجراحية بنجاح.. وعادت إلى منزلها وبدأت في إجراء الجلسات الاشعاعية.. كان خالد لايزال يقيم في منزل أحمد بحجة الاعتناء بصديقة وينضم إليه أدم في أيام الاجازات وعطلة نهاية الأسبوع... و علي يذهب إليهم حين يستطيع.
وفي منزل أحمد اجتمع الأربعة يلعبون الألعاب الالكترونية.
نظر أدم إلي خالد الذي كان يبدو عليه الإرهاق والتعب وهتف: مالك يا خالد؟
حرك خالد رأسه: مش عارف بس حاسس اني تعبان شوية .. جنبي واجعني.
هتف أحمد: على فكرة يا خالد انت بقالك شوية بتشتكي من جنبك ده و كمان خسيت اوي محتاج تروح لدكتور.
اشاح خالد بيديه وهتف ساخرا: يا عم سيبها علي الله هابقي كويس ان شاء الله ممكن شوية برد او ارهاق من الشغل.
ضحك علي: يا عم ده بيتهرب علشان اتغلب.
أحمد: تصدق ممكن.
وكزه علي بكتفه وهو يقوم من مكانه: افرد وشك يا عم خلاص مش هاغلبك تاني.. انا أصلا هانزل.
أدم: رايح فين؟ ما تبات معانا النهاردة.. ولا انت اللي خايف من الهزيمة؟
علي:رايح النادي، تمرين الاسكواش بتاعي معاده اتغير علشان بكرة الكوتش مسافر.
غمز أحمد: تلاقيه يا عم بيتهرب علشان نازل يقابل سارة بس مش عايز يقول.
ضحك علي: و انا لو رايح اقابلها هخاف منك ليه هو انت مراتي؟ و لا علشان بيت عندك يومين فكرت انك ابويا.
خالد: يلا يا علي هتتأخر على تمرينك.
علي: ده انا باطرد بقي
أدم: انت بتتلكك.
علي: يلا سلام.
انصرف علي.. واستأذن أحمد ليجري مكالمة هاتفية.... انزوي في غرفة بعيدة عنهم، وامسك هاتفه واتصل بها
أحمد: هدي أزيك.
هدي: ازيك يا احمد عامل ايه؟ وطنط عاملة ايه دلوقتي؟
- أحمد: بتسلم عليكي كتير وبتشكرك على اللي عملتيه مع ندي و هي في المستشفى.... بصراحة وانا كمان كنت عايز اشكرك بس مجتش فرصة.. بس بجد اللي انتي عملتيه معايا انا وندي عمري ما هانساه.
هدي: لا شكر على واجب.. بعدين انا وندي خلاص بقينا صحاب.
أحمد: ايوه هي بتقولي دايما و بتحكيلي عنك...
هدي: ايوه انا بحبها اووي.
أحمد: سيبك من ندي دلوقتي...في فيلم نزل في السينما علي كان بيقولي انه حلو اوي، تيجي ندخله سوا بكرة؟
هتفت هدي في تردد: بكرة... طيب ماشي.
ابتسم أحمد خلف شاشة الهاتف وهتف: خلاص أعدي عليكي الساعه 3 نروح نتغدي بعدين نروح السينما
هدي: خلاص تمام.
أحمد: تصبحي علي خير.
أغلق أحمد الهاتف، وبقي يستعد للغد...
أما علي في الصباح تواصل مع سارة و هو في حالة من العصبية على غير عادته وطلب منها ملاقاته في إحدى المقاهي القريبة... كانت حالته غير ما اعتادت سارة عليه من هدوء ورقة... كانت حدة وشرر يظهر على عينيه أخافها كثيرا، لكنها تصنعت التماسك وجلست أمامه بهدوء....
صاح علي بضيق وحدة: سارة انتي مش قولتيلي إنك رايحة النادي مع اهلك امبارح؟
سارة: اه يا علي في ايه؟
نظر لها علي بحدة: على فكرة انا شفتك امبارح في النادي
ابتسمت سارة وهتفت بحماس: ايه ده بجد؟! .. طيب مكلمتنيش ليه.. مقولتليش ليه أصلا أنك هتيجي النادي؟
لايزال الضيق يظهر على ملامحه، لكنه قال بهدوء مدروس: ميعاد التمرين بتاعي اتغير... ولحسن الحظ روحت امبارح وشفتك ماشية مع واحد و حاطط ايده على كتفك وكنتي بتضحكي ومبسوطة اوي.
ابتسمت سارة: طيب و مندهتش عليا ليه؟
صاح علي بحدة: مين ده يا سارة وازاي تسمحيله يحط ايده عليكي كده؟؟
ابتسمت سارة وقال بهدوء وهي تحاول اثارة غيرته أكثر: ده اكتر حد انا بطمن بوجوده في الدنيا دي.. دكتور عمر عزالدين.. لو كنت جيت وسلمت علينا كنت عرفتك عليه.. هو كان هينبسط اوي لما يتعرف عليك... وانا كنت مفكرة أنك انت كمان تحب تتعرف عليه.
اشاح علي بوجهه عنها وصاح: لأ انا مش عاوز اتعرف على حد... ولما انتي بتطمني في وجوده انا ايه لازمتي في حياتك؟ ...
وقف علي فجأة وهم أن ينصرف، لكن سارة أمسكت بيديه تطلب منه أن يجلس وقالت وهي تثير غيرته أكثر فأكثر والابتسامة تعلو وجهها: انتوا الاتنين مهمين زي بعض في حياتي.
امتزج الحزن بالغضب في ملامحه، وصاح : لأ مينفعش اتنين انتي مفكرة نفسك راجل ولا انتي مع حرية المرأة والكلام ده.. لو كده ماسكة فيا ليه طالما هو مهم اوي في حياتك.. مكنتش أتوقع أنك انتي تعملي فيا كده يا سارة.
ضحكت سارة: ايه يا علي الاوفر ده... ده بابي.
صاح علي بحدة: انتي كذابة.. وكذابة فاشلة كمان.. ازاي بابا!! ده شكله صغير جداا .. طيب حتى كنتي قولتي ده خالي.. عمي كان ممكن اصدقك.
ظهر الضيق على ملامح سارة وهتفت بحدة: أولا انا مسمحلكش تقول عليا كذابة.. ثانيا بابي خلفني وهو عنده 22 سنه.. يعني بابي حتى مكملش ال50 سنة.... ولو كنت ركزت شوية اعتقد إنك عارف ان اسمي سارة عمر عزالدين.
بدأ علي يدرك خطأه، وأن رد فعله كان أكبر من الحدث، كان عليه أن يتعامل مع الموقف بحكمة أكبر: انا اسف ... انتي عارفة انا قلت كده من غيرتي عليكي.
هتفت سارة بحدة: الغيرة بالأسلوب ده تخنق يا علي والاحسن بدل ما تقعد تعمل سيناريوهات في دماغك علشان تطلعني خاينه كنت لما شفتني مع واحد تاني زي ما نت بتقول كنت تيجي وتتكلم معايا في وقتها.. لو ده حصل كنت عرفتك عليه.
هدأت نبرة علي وهتف: انا اتجننت مجرد ما شفت راجل حاطط ايده على كتفك و انتي مبسوطة و بتضحكي اوي.
سارة: ايوه يا علي كنت مبسوطة و باضحك علشان كنت باحكي لبابي عنك.
عقد علي حاجبيه وقال: عني انا؟؟
سارة: مستغرب ليه يا علي... انا مبخبيش حاجة على بابي.. احنا أصحاب وهو معودني دايما أقوله على كل حاجة.. بعدين كان لازم استاذنه علشان بكرة ... انت عاوزنا نخرج سوا طول اليوم.
ابتسم علي وقال بنبرة هادئة: طيب وقالك ايه؟
سارة: سألني انا حاسة بإيه؟
لمعت عيني علي وهتف: و انتي قولتيله ايه؟
عقدت سارة ذراعيها امام صدرها وقالت بنبرة طفولية توحي بأنها تفتعل الضيق: انت مالك انا قلت لبابي ايه.. متدخلش بيني وبينه لو سمحت.
علي: مش بتتكلموا عني.
سارة: لا بنتكلم عن انا إحساسي... وقولت أنى مش باطيقك أصلا.
ذم علي شفتيه وهتف: بقي كده.. خلاص انا زعلت يا سو.
ابتسمت سارة: لأ وانا مقدرش على زعلك.
علي: طيب قولي قولتيله ايه؟
سارة: هاقولك لما تقولي هنروح فين بكرة.
علي: بقي كده.. خلاص مش عاوز اعرف.. انا كده كده هاعرف بطريقتي.
سارة: يبقي أحسن برضه.
انصرف علي وترك سارة في حيرتها.... بينما في مكان أخر كان أحمد يشعر بالتوتر لما هو مقبل عليه
استشعرت هدي التوتر الظاهر على وجه أحمد وهتفت: مالك يا أحمد حساك متوتر.
ابتسم أحمد بارتباك: لأ عادي... عجبك الفيلم؟
هدي: اه كان حلو اوي.. واضح ان علي ذوقه حلو في الأفلام.
أحمد: اه هو بيحب الأفلام والأغاني والحاجات دي.
نظرت إليه هدي بطرف عينيها وهي تسير إلي جواره وهتفت: وانت بتحب ايه؟
أحمد: انا بحب أقرأ اكتر... قبل الشغل والشركة كنت ب أقرأ كتير اوي.. المكتبة اللي عند ماما دي كلها كتب بتاعتي.
هتفت هدي بحرج: أحم .... انا اخدت منها كتاب لما كنت بايته مع ندي.. بس هي اللي قالتلي عادي أنى اخده و الله.. هابقي ارجعهولك.
أحمد: كتاب ايه؟
هدي: واحة الغروب.. انا كان نفسي اقراه اوي.
ابتسم أحمد: ده كتابي المفضل على فكرة.
هدي: انا عجبني اووي ... هاخلصه واجيبهولك.
•تابع الفصل التالي "رواية تقاطع طرق " اضغط على اسم الرواية