رواية بين نبضتين الفصل الخامس 5 - بقلم ايه طه

 رواية بين نبضتين الفصل الخامس 5 - بقلم ايه طه

بالليل. أوضة آدم في المستشفى، بس الجو هادي. ليلى قاعدة على الكرسي جنب السرير، موبايلها في إيدها بتراجع شغل. فجأة صوت خبط خفيف على الباب. ليلى ترفع راسها.)
ليلى:
اتفضل.
(الممرضة تدخل، معاها ورقة صغيرة.)
الممرضة:
دكتورة… لقيت الورقة دي تحت باب القسم. باسم المريض آدم.
(تمدها لليلى وتمشي. ليلى تمسك الورقة، تفتحها بسرعة. مكتوب بخط غير منتظم: "هو لسه عايش…؟" ليلى تتجمد، تبص لآدم اللي نايم نص صاحي.)
ليلى (بهدوء، لكنها متوترة):
استاذ آدم… في حاجة عايز تقولها ليا؟ مقولتش عليها امبارح...
آدم (يفتح عينه نص فتحة، بنبرة ساخرة):
قصدك عن إيه؟ عن الورق ؟ ولا عن اللي بيرن من غير ما يتكلم؟ وانتى ليه مهتمه مش بتنجزي شغلك وبس...
ليلى (بحزم):
أنا بتكلم بصفتي الدكتورة المسؤولة. أي تهديد ليك لازم يتبلغ بيه.... علشان سلامتك الصحيه امبارح نفد من ازمه باعجوبه وانا كدكتورة مش حابه يتكرر دا تاني....
آدم (يضحك بخفة باهتة):
والله انا مستغربك متاكده انك بتتكلمي علشان انتى الدكتورة المسؤولة… ولا الست الفضولية؟
ليلى (تتنفس بعمق، تحاول تسيطر على أعصابها):
مش هسمحلك تستهتر. أي ضغط عصبي ممكن يدمرك دلوقتي.... وانت محتاج تفهم النقطه دي كويس وبعدين نبقى نشوف دكتوره ولا فضول..... وانا مش مضطره استحمل اسلوبك وطريقتك دي معايا...
(آدم يرفع راسه شوية من على المخدة، يبص لها بعينين فيها تعب وحاجة أعمق.)
آدم:
إنتي فاكرة التهديد بيخوفني؟ أنا متعود. الخوف عندي بقى زي أي دقة ناقصة في رسم القلب. وبالنسبه للمعامله والاسلوب هو دا اللى عندي اذا كان عجبك....
ليلى (بتحاول تقرأ في عينيه):
بس التهديد مش عادي. اللي يكتب جملة زي دي… يبقى قريب منك.... وعلى العموم انا هحاول اطلب من المستشفى توفر دكتور تاني لحالتك لانى مش عجبني يا استاذ ادم..
آدم (ساخر):
ممكن يكون بعيد… بس حافظني أكتر من اللازم.... متتعبيش نفسك حتى لو مستشفى وفرت دكتور تاني مش هقبل بيه انا عايزك. انتى واتعامل باللى انا عايزه وانتى مش من حقك تعترضي اصلا متعرفيش كدا ولا ايه..... يلا يا دكتورة شوفي شغلك ومتزعجنيش اكتر من كدا...
( ليلى تمسك الورقة، تطبقها وتحطها في جيب البالطو. بعدها بصوت ثابت:)
من دلوقتي، كل اللي يوصلني بيتسجل رسمي. ومفيش حاجة هتتخبى.... شئت ام ابيت...
آدم (بابتسامة مرة):
جربي… بس لما تدخلي الدوامة دي، مفيش رجوع... ومتقوليش انى محذرتكيش..
(ليلى ترد بسرعة، لأول مرة بصوت فيه تحدي واضح:)
أنا دخلت خلاص. مش لسه هدخل وهخرج منها وانت معايا وهتشوف...
(آدم يسكت، يفضل يبصلها فترة طويلة. فجأة الموبايل اللي على الكومودينو يرن تاني. ليلى تمد إيدها بسرعة وترد قبل ما يلحق.)
ليلى:
ألو؟ مين معايا؟
(صوت راجل غامض، واطي، كأنه متعمد يشوش صوته.)
الصوت:
قوليله… النوم مش أمان.... وقريب اوى هيكون كمان مش امان وهو صاحي...
(الخط يتقطع فجأة. ليلى تفضل ماسكة الموبايل، قلبها بيدق بسرعة. تبص لآدم، تلاقيه بيبتسم ابتسامة باهتة وكأنه عارف مين ورا الصوت.)
آدم (بهدوء غامض):
قلتلك… الماضي ما بينامش.... واشباحه بتفضل تطاردك...
ليلى (بحزم):
واللي بيرن ده… من الماضي؟ زى سلمى من الماضي؟! وانت عملت ايه فى ماضيك مخليه يطاردك بالشكل دا....
(آدم يتنهد، يلف يمسك دراعها بقوة صوته يطلع واطي، متكسر بين الجد والوجع.)
اللى عملته فى الماضي وليه بيطاردني دى حاجه متخصكيش يا دكتورة ومن هنا ورايح تهليكي فى حدود شغلك وبس علشان متشوفيش منى الوش التاني انتى سامعه..... يلا اطلعي برا مش عايز اشوف وشك دلوقتى لما اعوز اتسلى هبقى ابعتلك.... غوووري
ليلى وهي واقفة، عينها عليه وعلى الموبايل، كأنها محتاجة تختار: تسيب الموضوع يروح زي ما هو… ولا تدخل أعمق في حياة ادم اللي واضح إن وراه حكاية أكبر من مجرد مرض قلب فجأة الباب يتفتح، الممرضة تدخل.)
الممرضة:
دكتورة ليلى، الحالة مستقرة. المدير بيقول إننا ممكن نجهز أوراق الخروج بكرة لو كل حاجة تمام.
(آدم يرفع حاجبه، يبتسم بنص سخرية.)
آدم:
أخيراً… الحرية.
ليلى (بجدية):
الخروج مش حرية. معناها مسئولية أكبر. لازم تلتزم بالعلاج، والمتابعة.
آدم (ساخر):
يعني من سجن لسجن تاني.
ليلى (تضيق عينيها فيه):
الفرق إن ده السجن اللي ممكن ينقذ حياتك.
(الممرضة تخرج. ليلى تكمل كتابة الملاحظات، بس في توتر واضح. آدم يراقبها، وبعدين يقول فجأة:)
آدم:
لو خرجت بكرة… إنتي هتكوني موجوده؟
ليلى (تتظاهر بالانشغال بالملف):
حضرتك لسه طاردنى ومش عايز تشوف وشي وعنفتنى وطلبت التزم بحدود شغلي وانا دوري بينتهي عند المستشفى.
آدم (بابتسامة غامضة):
بس انتى دخلتى فى دوامتي وحياتى والدور اللي بدأ دا… مش هينتهي هنا.... وعلى فكره قولت بردو انى عايزك انتى مش دكتور تانى ومستعد ادفع اى مبلغ تطلبيه وكمان متنسيش انا مش بحب الرفض ولا انى اعيد كلامى..... برضاكى او غصب عنك هتكوني الدكتورة اللى بتابع معايا حتى بعد ما اخرج من هنا....
(ليلى ترفع عينيها، تحاول تقرأ قصده. بس قبل ما ترد، الموبايل يرن تاني. المرة دي الرقم ظاهر: "مخفي". ليلى بسرعة تاخده في إيدها، تبص لآدم.)
ليلى (بحزم):
انا هرد.
آدم (بصوت هادي لكنه فيه تحذير):
لو رديتي… هتتورطي.
(ليلى تضغط زر الإجابة، بصوت ثابت:)
كدا كدا متورطه معاك... ألو؟
(صوت نفس الراجل الغامض، أهدى من قبل، بس واضح إنه متعمد يخوف.)
الصوت:
هو لسه عندك… بس بكرة هيكون برة. قولي له… العيون مستنياه.... هو واللى معاه..
(الخط يتقطع تاني. ليلى تتجمد مكانها. آدم يضحك ضحكة قصيرة، كأن اللي سمعه متوقع.)
آدم:
شوفتي؟ حتى الحرية… مش ببلاش.
ليلى (بتشد نفسها):
أنا هبلغ الأمن فورا.... مينفعش نسكت اكتر من كدا... دا تهديد صريح ليك واللى معاك... هو اه صحيح يقصد مين باللى معاك؟!
آدم (بسرعة، بعينين حادة):
لامش هتبلغي حد وملكيش دعوة بقصده فى حاجات ملكيش تعرفيها احسنلك....
ليلى (بتتحداه):
بس ليه ممبلغش؟
آدم (بهدوء خطير):
لأن اللي بيتكلم… مش عايز الأمن. هو عايزني أنا. ولو دخل الأمن… هيدخل الناس الغلط.... ووقتها الموضوع هيكبر وناس ملهاش ذنب هتروح فى النص....
(ليلى تبصله بتوتر، مش عارفة تصدقه ولا لأ. تاخد نفس عميق.)
ليلى:
طيب قولي على الاقل… إيه اللي مستنيك برة؟
(آدم يسكت لحظة، بعدين يبتسم ابتسامة غامضة، صوته هادي جدا:)
اللي مستنيني برة… هو اللي خلاني هنا.... وبما انك هتطلعي معايا يبقى مش هرجع هنا تانى انا متاكد...
( ليلى تحس إنها بتدخل في حكاية أكبر من الطب. تحاول تغير الموضوع.)
ليلى:
المهم دلوقتي… تلتزم بالعلاج. أكتبلك كل التعليمات واضحة.
آدم (يضحك بخفة):
إنتي متأكدة إن اللي هيقتلني… هو القلب؟
(ليلى تتوقف لحظة، تبص له بنظرة مطولة. بعدها تقوم تقفل الملف وتقف.)
ليلى:
بكرة هتخرج. بس أنا مش هسيب الموضوع يعدي كده.
آدم (بهدوء، وهو يتابعها بعينيه):
إنتي خلاص… بقيتي جوا اللعبة.
(بعد يومين ليلى فى شقتها ومعاها قطتها وفجاة تسمع خبط على الباب)
ليلى: غريبه مين اللى هيجلي فى الوقت دا؟!
(تفتح الباب وتتفاجا)
ليلى: انتى؟؟؟؟

•تابع الفصل التالي "رواية بين نبضتين" اضغط على اسم الرواية

تعليقات