Ads by Google X

رواية بنت البئر الفصل الثالث 3 - بقلم حور طه

الصفحة الرئيسية

 رواية بنت البئر الفصل الثالث 3 - بقلم حور طه

«البارت 3 من روايه بــنت البئـــر»
«الكـــاتبه حـــور طـــه» 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
داخل خيمة رئيسة/ بليل
ضوء خافت من نار الفتيل
جابر واقف قدامها،صوته خشن مليان تهديد:
ــ اللي في بطنك ده ينزل... عتفهمي يا رئيسة؟!
رئيسة وقفت، صدرها بيعلو وينزل
وعينيها متسمره فيه بجرأة:
ــ لع يا جابر...
اللي في بطني ده ولدك
وهييجي للنور ويتربى ف عز أبوه...
وهتكتب عليا، وهبجى مرتك... غصب عنك!
جابر ضحك، ضحكة كلها سخرية وسم:
ــ الملكة حادها طلبات،تاني؟
تحبي أفرشلك قمان سجادة حمرا؟ ولا خلصنا اكدا؟!
رئيسة بصوت حاد:
ــ ده كان اتفجنا... وعدتني تتجوزني
ودي كانت كلمتك.
جابر عيونه لمعت بالغدر
شدها من شعرها بقوة لحد ما وشها بقى قدام وشه:
ــ اتفجنا؟!
جابر العرباوي ما عيتفجش مع الغجر...
اللي في بطنك ده عار
لازم يدفن جبل ما يجي للدنيا ويتنفس!
رئيسة تفلت من إيده بصعوبة
تتراجع ودموعها تنزل، لكنها ما بتنكسرش:
ــ مش هجتل ولدي يا جابر...
هيجي، غصب عنك... ولو على رجبتي!
جابر يقرب منها زي الذئب:
ــ هتخلصي من الواد...
وإن ما خلصتيش منه، هخلص عليكم إنتوا الاتنين!
ثم فجأة، يزقها بقوة فتقع على الأرض
يتلفت بنظرة قذرة ويرمي كلماته الأخيرة:
ــ جابر العرباوي ما يخليش دمه يتلوث،بدم الغجر!
يخرج من الخيمة، والطين تحت رجله بيتناثر.
رئيسة تمسك طرف شعرها
دموعها بتنزل لكنها بتمسحها بسرعة
وبصوت غاضب تهز الجمر في النار:
ــ وحياة مقاصيصي اللي بيرجصوا في نار الغجر...
ما هيكون يومي جبل يومك! يا ابن العرباوي!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
«صباح اليوم التالي / سراية صالح العرباوي»
صوت طرق على الباب الحديدي الكبير.
فتح البواب، ودخلت أربع نسوان من حريم الغفر لابسين عبايات سودة وطرح ملفوفة
وأصواتهم تعلو وهم بيجروا أدوات التنفيض
أم عزيز وهي تبص حوالين السراية:
ــ يا ساتر يا رب...
دي مقفوله من أيام المرحوم الكبير!
وسي جابر يجول لنا عايزها بتلمع النهارده
دي عايزه اسبوع تنضيف
الزينبيه تضحك وهي تبص على السلم المغبر:
ــ سي جابر؟! ده مش فاضي غير يلم بلاوي أهله!
مرته فاجره وطفشت مع عشيجها وهملت له العار 
ربنا يستر وما يعطرش عليها!هيجــ ــتلها
أم زيدان بتغمز للباقي:
ــ إيوه والله يا خيتي، جال يعني كانت ملاك!
ما هو اللي تجابله وتهرب معاه دي تستاهل اللي يجرالها.
الزينبيه:
ــ ده لولا جابر طلجها كان زمانه مرمطها في كل نجوع الصعيد!أنا سمعت إنه... كاد يجتــ ــلها! بس جلبه رق
النسوة يضحكون بخبث وهم يجروا السجاجيد ويفتحوا الشبابيك.
لكن صوتهم كان واصل...
إلى أوضة هنادي، اللي كانت واقفة عند الباب
وكل كلمة كانت بتغرس في روحها زي السكين.
عنيها وسعت، وكأنها بتنهار من جوا، شفايفها بتترعش، جسمها بيتهز.
وقعت على الأرض، ضهرها للحائط، ووشها مدفون في كفوفها، ثم ترفع وشها المغطى بالدموع وتلطم على خدودها وهي بتقول بصوت بيترعش من الوجع:
ــ يا مرارك يا هنادي...
يا مرارك يا بت الشيخ زكريا...
أبوك وخيك هيجتــ ـلوك لما يسمعوا الحديد ده!
هيجتــ ــلوك... وهما فاكرينك فاجره!
تقوم، تمشي خطوتين، تحط إيدها على بطنها
وتتكلم كأنها بتحاكي الجنين:
ابوك يا ولدي ما نجحش انه يجتــ ـلنا لكن نجح انه يشوه سمعه امك يا ولدي
ــ أنا غلطت لما سكت...
غلطت لما خفت...
غلطت لما صدجتك يا جابر... منك لله!
تلف وشها للحيط وتضرب راسها فيه بخفه وهي بتقول بصوت بيكسر الحجر:
ــ منك لله يا جابر...
شوهت سمعتي، ليه؟
ما كفاكش كنت عايز تجتــ ـلني؟
ما كفاكش رميتني في البير وهملتني لجدري؟
يا مرارك يا بت الشيخ زكريا! يا مرارك
صالح فتح الباب بهدوء، لكن أول ما سمع صوت النحيب واللطم، اندفع جوه الأوضة بسرعة، ولقى هنادي مرمية على الأرض، وشها في الأرض وجسمها بيتهز من البكا.
انحنى عليها، صوته مليان قلق:
ــ ملك! مالك حصل ايه ؟ فيك ايه؟
مد إيده بس ما لمسهاش
كان محتار يطبطب ولا يحافظ على المسافة:
ــ قوليلي، يا بنت الناس،فيك إيه؟
عينه بتمسح أوضاع الأوضة بسرعة، قلبه بيتخبط في صدره من منظرها، شعرها مبعثر،خدودها حمراء من اللطم صوتها مش طالع من كتر البكا.
هنادي رفعت وشها بصعوبة
عيونها حمرا ودموعها مغرقاها، وتحاول تتكلم:
ــ أنا... أنا...؟!!
نوبة بكا جديدة تقطع كلامها
وتغطي وشها بكفوفها وهي بتتهز!
صالح يقرب شويه، صوته أهدى بس لسه فيه توتر:
ــ طيب طيب، اهدي... أنا جنبك... أنا مش هسيبك 
قوليلي بس... إيه اللي وجعك؟
يقعد جنبها، على مسافة صغيرة
يحاول يطمنها من غير ما يضغط عليها.
هنادي تنهار أكتر، صوتها بيتخنق في صدرها
ثم تهمس بصوت مكسور:
ــ أنا... أنا حبله...
صالح يتجمد، عنيه تتسع
بس قبل ما يلحق يقول حاجه...
هنادي تهمس بآخر أنفاسها:
ــ ج؟…جابر العرباوي...
ثم تسقط في حضنه وتغيب عن الوعي بين ايديه!
صالح اتجمد، صوته اختفى، وكل شيء حواليه بقى ساكن...الاسم اللي خرج من شفايفها خبط ف ودنه زي طلقة...جابر العرباوي؟!
إيده لسه شايلها، لكن قلبه هو اللي وقع.
لسه بيحاول يستوعب، وفجأة... 
صوت باب السرايا بيتفتح
وصوت جابر بيعلو من تحت وهو طالع على السلم:
ــ انا جيت يا اخوي! وينك يا صالح؟
صالح بص للباب... ورجع بص على هنادي اللي بين ايديه وهمس لنفسه:
ــ جابر... انت عملت إيه؟!
وبسرعة، شال هنادي بهدوء
وحطها على السرير ونيمها، وغضاها كويس
وخرج قبل ما جابر يطلع السلم ويوصل.
صالح بصوت هادي بيحاول يخبي ارتباكه:
ــ أنا هنا يا جابر، تعال، أعملك شاي؟
جابر دخل وهو بيراقب عنين صالح
شاف فيه رعشة، لكن ضحك بخفة
كأن ما فيش حاجة،بصوت خبيث مغلف بالحنان:
ــ تسلم يا خوي، جيت أطمن...
لو محتاج أي حاجة، جول بس.
صالح مد إيده على كتفه وربت بهدوء...
ابتسامة خفيفة مرسومة بصعوبة:
ــ ربنا يخليك ليا يا خوي
لو احتجت، أكيد هبلغك
جابر:
ــ على فكرة، خالتك جبريه بعتتني
بتجولك إننا مستنينك على العشا
في الدوار... ما تتأخرش.
صالح بصوت هادئ... لكن عنيه غير مطمئنة:
ــ حاضر، هاجي... سلملي عليها وقولها
صالح ما يفوت عزومة خالته جبريه!
جابر ضحك بخفة، وهو بيولي يمشي:
ــ ماشي يا خوي... سلام عليكم.
صالح بص عليه وهو بيخرج
وكل عضلة في وشه مشدودة...
بس صوته طالع ثابت:
ــ وعليكم السلام... يا خوي.
خرج جابر، وصالح راقب الباب لحد ما اتقفل
ثم طلع لهنادي،ولما فاقت، سألها:
ــ انتي مين؟ وإيه علاقتك بجابر؟
ومين أبو الطفل اللي في بطنك؟
هنادي ترفع راسها بتقل
تتكلم بصوت مكسور من غير ما ترفع عينيها فيه:
ــ جابر... جابر أبو ولدي.
صالح يتجمد في مكانه، وشه يصفر:
ــ بتقولي إيه؟ جابر؟!
هنادي دمعة ساخنة تنزل من عينها
تحرق خدها وهي تتمتم بألم:
ــ أنا... أنا هنادي
مرات جابر العرباوي، خيك يا صالح.
صالح يرتجف، يقوم واقف
صدمته بتخبط جواه:
ــ هنادي؟... هنادي اللي هربت مع عشيقها؟!
هنادي تقف بتعب
تحط إيديها على بطنها وهي بتبكي:
ــ بالله عليك،ما تظلمنيش زيهم يا صالح...أرجوك.
صالح ينفجر بغضب، بيصرخ:
ــ أظلمك؟! إزاي؟
جابر وراني بعيني رسائل على تليفونك بينك وبين الزفت اللي كنتي هتهربي معاه!
قال إن الطفل اللي في بطنك مش ابنه!
عايزاني أصدقك! إزاي؟!
هنادي تبص له، مكسورة
بس عنيها فيها لهب الصدق:
ــ وانت تصدج إني أعمل إكده؟
ده انت اللي خرجتني من البير بإيدك
بعد ليلة كاملة وأنا متعلجة بين الحياة والموت!
صالح يتهز من جواه
صوته واطي بس متوحش:
ــ خد منك اللي هو عايزه... وبعدها رماكي.
كان لازم أسيبك تموتي...
مش أرجعك تاني.
هنادي تنهار قدامه، وتجري على رف فيه مصحف تمسكه بيدين بتترعش وترفعه وهي بتبكي:
ــ ورب المصحف ده، ما في راجل لمسني غير خيك اللي كان جوزي، على سنة الله ورسوله.
اللي في بطني ده... ولد جابر!
أنا شريفة، والله العظيم أنا مظلومة
ومش عارفة هو ليه عمل فيا إكده...
عايز يجتلني... ويجتل ولده! وما كفاهوش...
شوه سمعتي،بعد مرماني في البير!
صالح يحط إيده على راسه، يلف وراه
بيحاول يستوعب، كلامها بيهزه من جوه:
ــ لو الكلام ده صح... ليه؟
ليه يعمل معاكي كل ده؟
هنادي تنهار على السرير، وهي تبكي:
ــ والله ما أعرف، يا صالح...
أنا نفسي مش فاهمة... 
بس أنا مظلومة، مظلومة!
صالح بيقرب منها، صوته أكثر هدوء لكنه مشحون:
ــ اهدي،يا هنادي... عايزك تحكيلي كل حاجة...
كل حاجة حصلت! ليلة سقوطك في البير؟!
هنادي تمسح دموعها وتبدأ تحكي
والصمت يسيطر... ما بين الحقيقة اللي بتنكشف
والانتقام اللي بيغلي في قلب صالح!
هنادي قاعدة على طرف السرير، ووشها شاحب
بس صوتها بيحاول يفضل ثابت وهي بتتكلم:
ــ يومها جال لي هوريكي مكان أول مرة عرفت فيه معنى الرجولة؟!...
ركبت معاه العربية، وسكت طول الطريج...
لجيت نفسي فوج جبل، ورا الجبل كهف...
دخلت وراه، كانت رجلي بتتهز من الخوف...
بس مشيت وراه... زي التايهه اللي مش جادرة تفهم حاجة!
صوتها بيتكسر، ودموعها بتنزل وهي بتكمل:
ــ فجأة لجيت نفسي واجفة جدام بير جديم...
جالي نهايتك عتكون في المكان ده يا هنادي.
سألته...ليه؟! عملت إيه؟!
بس مردش...
دفشني بإيده... بعد ما ربطني بالحبل
وجعت، في البير وجضيت الليل كله معلجه 
بين الحياة والموت... لحد ما جيت وطلعتني انت منيه
صالح قاعد قدامها، عيناه مبحلقة
نفسه بيتقل، ولسانه مربوط.
قبل ما يرد، صوت باب الأوضة بيتفتح بهدوء... وبدور تدخل...بصوت مرتعش:
ــ صدجها يا صالح...
هنادي ما عملتش حاجة من اللي اتجال عنها.
دي شريفة وعفيفة، وأنضف من كل اللي خاضوا في عرضها وشرفها
صالح يلتفت لها ببطء
لسه مش قادر يصدق أو يستوعب...
بدور تطلع تليفونها من جيبها، وتمده لصالح:
ــ خد... اسمع بنفسك.
دي تسجيلات جبريه وجابر... 
وهما بيتكلموا إزاي رتبوا لكل ده...
وإزاي لسه ناويين ينهوا علينا، واحد ورا التاني...
صالح سمع،واقف، والتليفون لسه فـ إيده
صوته الداخلي بيصرخ بصمت...
الحق اتكشف...
لكن النار لسه تحت الرماد...
والانتقام؟ قرب... قوي.
بعين فيها لهب، وملامح مشدودة
فتح الباب، وخرج بخطوات تقيلة...
كل خطوه فيها وعد...
وكل وعد فيها حساب.
هنادي، أول ما سمعت الباب يتفتح
قامت تنتفض من مكانها.
صوتها اتكسر بالبكاء وهي تنادي:
ــ صالــــح!
بدور... بدور، الحجيه!
روحي وراه... اكيد هيروح لجابر
الحجيه، جبل ما يعمل مصيبة!
بدور تبص لها باستغراب
عيونها متوسعة من الصدمة:
ــ أنتي... أنتي لسه بتخافي على جابر؟!
بعد ما عمل فيكي كل ده؟!
هنادي تهز راسها
دموعها تنزل وهي تحط إيدها على قلبها:
ــ أنا خاف على صالح!
جابر مش بني آدم يا بدور... ده مجرم!
ولو صالح راحله وهو بالشكل ده... مش هيرجع!
بدور سكتت لحظة، عيونها نزلت على الأرض كأنها بتوزن الكلام، وبعدين رفعت راسها بحسم:
ــ طيب ما تجلجيش...
أنا هروح وراه! وانتي خليكي إهنا!
بدور خرجت من السرايا 
وهي بتلف طرحتها بسرعة عينيها ما بتغمضش...
وقلبها بيجري أسرع من رجلها.
هنادي وقفت لوحدها...
تبص لباب السرايا اللي اتقفل
وتتمتم بصوت باكي:
ــ يا رب...
رجعهولي سالم!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
داخل دار جابر العرباوي/صباح اليوم التالي 
النهار بيشق أول خيوطه!
بس السواد لسه ساكن في القلوب!
صالح يتحرك فجأة فوق السرير...
أنفاسه متقطعة، كأن روحه راجعة من مكان بعيد.
يمد إيده على جبينه، ويفركه بقوة
يحس بدوخة تلفه...يفتح عينه ببطء...
والضوء الخافت يكشف له إنه مش لوحده.
بص حواليه ببطء، قلبه بيزيد ضرباته
حاسس بحاجة مش طبعية...
وفجأة عينه تقع على جسد نايم جنبه
متغطي بالحاف، بس الشعر باين... 
الشعر ده مش غريب عليه...
مد إيده برجفة وشال جزء من الحاف...
يوقف قلبه؟
وشه بيصفر؟
عيونه بتتسع؟
همس من بين شفايفه: 
ــ بـ... بدور؟!
يشد الحاف بسرعة يغطيها، ويقوم منتفض من السرير، يقع على الأرض ويفقد توازنه
يحاول يوقف... بيكتم شهقته، مش قادر يصدق.
صالح وهو بيمسك بطرف الكومود:
ــ استغفر الله العظيم... لا...
ده مش حقيقي! مش ممكن!
بدور تبدأ تتحرك، تفتح عينيها
أول ما تشوف صالح واقف 
بعيد ووشه مصدوم تبص حواليها وهي مش فاهمة
تبص لجسمها تلاقي نفسها بقميص نوم رقيق
بدور بدموع:
ــ إيه ده؟! انت عملت ايه يا صالح؟
تبص حواليها بتوتر، دمها بيتجمد
تصرخ وهي تمسك الحاف تلفه حواليها 
وتقفز من السرير.
بدور وهي بتقرب للجدار، دموعها بتنزل باندفاع: 
ــ صالح!!... إحنا إزاي؟! إحنا كنا؟! إيه اللي حصل؟!
صالح واقف، جسمه متشنج، عيونه فيها غضب ووجع، بس صوته مكسور:
ــ ما أعرفش... والله ما أعرف...
أنا آخر حاجة فاكرها...الــ؟! العشا!وبعدين...
مش قادره افتكر اي حاجه تاني!
في حاجة غلط!
بدور تهز راسها بذهول
تدفن وجهها في كفوفها وتصرخ:
ــ الناس مش هتصدق ؟!
أنت صاحي على سرير... وأنا...
ــ فضيحة يا صالح... فضيحة!
صالح يتقدم منها
يمد إيده وكأنه عايز يطمنها
بس يرجعها تاني، خايف من نظرها
من صدمتها، من نفسه:
ــ بدور...
أقسم بالله... أنا مستحيل أكون عملت فيك كده.
إنتي أختي... لحمي ودمي، مستحيل.
كلماته تخونه، يبلع ريقه
صوته ينخفض وهو بيلف وشه عنها
كأنه مش قادر يبص في عينيها:
ــ في حاجة غلط...
في حاجة مش مفهومة...
بس مين؟
مين يتجرأ...
ويعمل فينا كده؟!
بدور ترفع عينيها ببطء
نظرتها مهزوزة، دموعها متشبثة برموشها
وصوتها بيطلع من بين رعشة وقهر:
ــ مين...؟
وليييه يعمل فينا اكدا؟!
تشهق، وبصوت أقرب للأنين:
ــ أنا خيتك يا صالح...
أنا خيتك!
تضرب صدرها بقبضة إيدها وهي بتتكلم
كأنها بتحاول تصحي نفسها من كابوس
أو تثبت له إنها فعلا ما تستاهلش يحصل فيها كده:
ــ إحنا اتربينا مع بعض، أكلنا من صحن واحد
نمنا في دار واحدة...
مين يجرؤ يمحي كل ده، ويكسرنا بالشكل ده؟!
صالح يصرخ من جوه
يضرب الحيطة بإيده بكل غضبه: 
ــ جبريه... وجابر!
بدور بصوت مختنق: 
ــ ليه؟! ليه يا رب؟!
ثم تنهار جالسة على الأرض
وجهها مدفون في ركبتها
تبكي زي طفلة ضايعة.
صالح بيقرب ببطء، يركع قدامها
عينه فيها وجع وكسرة: 
ــ بدور... أنا أقسم بالله ما هسيب حقنا...
اللي عمل كده... هيدفع التمن... غالي قوي!
بس اللي حصل هنا...هنفهمه الأول.
هنفهمه... وبعدين نرد!!
تتلاقى عيونهم... لحظة ألم
فيها ألف وجع، بس جواها بداية نيران الانتقام.
وفجاه صوت خطوات بيقرب..وكل خطوه 
كأنها بتقربهم من المصيبة الأكبر.
صالح يشد الحاف على بدور
ويبص حواليه بسرعة...
عينيه تدور على مخرج أو مهرب.
بس الباب بيتفتح بهدوء... 
ووش جبريه يطل من وراه
وشها لابس قناع البراءة الخادعة.
جبريه، بصوتها الناعم اللي مخبي تحته السم: 
ــ اصباح الخير يا ولدي... انت صاحي؟
تبص جوه وتكمل بتمثيل متقن:
ــ الله! بدور معاك أهنا؟
خير يا ولدي... في حاجه حصلت؟
صالح واقف، ظهره مشدود
عينه مليانة شك... بس لسه مربط لسانه.
بدور بتلم نفسها بالحاف، وشها غرقان دموع وصدمتها أكبر من الكلام.
جبريه تخش خطوة... وتكمل كلامها 
وهي تبص على صالح وتقول بسخريه: 
ــ كنت طالعه أطمن عليكم...
بس الظاهر إنكم كنتوا مشغولين.
صالح بعينه اللي بتشتعل ببطء يهمس لنفسه: 
ــ إنتي!انتي ياجبريه!
جبريه وقفت على باب الأوضة
سكونها مرعب،عنيها بتسرح في ملامح 
صالح وبدور وهما منهارين في الأرض.
ترفع دقنها، وتبتسم... ابتسامة نصر مغموسة سم.
بصت في عينه هو، تحديدا...نظرة فيها:
ــ كسبت الجولة، يا ولد جوزي.
              «ونروح فلاش باك»
جبريه بصوت منخفض لجابر:
ــ الدور ده لازم يتلعب صوح
مفيش وجت للغلط. لو صالح فاج
جبل ما نصوره، كل حاجة هتبوظ.
جابر وهو بيحضر الكاميرا الصغيرة: 
ــ ماتخافيش... من يوم ما رجع وأنا خابر إنه مش هيهمل لنا حاجة،واصل، يبقى نأخدها غصب عنه... وبالطريقة اللي توجعه أكتر.
جبريه تفتح باب أوضة صالح بهدوء... 
لقيته نايم، من أثر المخدر. قربت منه وتأكدت إنه في غيبوبة تامة.
ثم أشارت لجابر:
ــ شيل بدور،دخلها على سريره... البت قمان اتخدرت ومش دريانه بحاجه واصل
جابر يشيل بدور اللي نايمة وفاقد الوعي
ويحطها جنب صالح في السرير
ويغطيهم باللحاف، ويزوق الوضع كأنهم في حالة فاضحة. ثم تمسك جبريه التليفون وتبدأ تصور...
جبريه تهمس والضحكة على شفايفها:
ــ اتصورت يا صالح... 
وبكره الصبح هتكون تحت رجلي.
يا إما تتنازل... يا إما أفضحك جدام النجع كله
وأجول إنك انتهكت عرض خيتك
«نرجع من الفلاش بـاك»
صالح عض على نابه، والدم بيغلي في عروقه...
عنـيه مش شايفه غير وش جبريه... 
الشر اللي بيمشي على رجلين.
بخطوة مفترسة، قرب منها
مد إيده وخنقها، صوته مرعب:
ــ هخلص عليكي دلوقتي،وهريح الناس من شرك
من كيدك، من سمك اللي هد الدار على اللي فيه!
جبريه عيونها اتسعت
وبدأت تخبط على إيده تحاول تخلص نفسها:
ــ بعد عني... انت اتجننت!
صالح بيضغط أكتر، وبيجز على سنانه:
ــ كنتي مرات أب، وعايشة وسطنا
بس كنتي مرض، مرض بينخر في ضلعنا... 
والنهارده يوم الحساب!
جبريه بصوت متقطع
وهي بتحاول تخرج أي حرف:
ــ الفيديو... مـ... مـع جابر…
لو جرالي حاجه... النجع كله هيعرف... 
هيشوف بعينه، فضيحتك انت وخيتك!
صالح اتجمد لحظه،إيده اترعشت... 
وبدأ يخفف قبضته وهو بياخد خطوة لورا.
جبريه وقعت على ركبتها، بتسعل بشدة
وبتتنفس كأنها كانت في بحر وغرقت
بس حتى وهي بتنهج… ضحكت
ضحكة خبيثة زي قرع الجرس وقت الجنازة:
ــ خابر؟! انا دايما سابجاك بخطوه يا صالح 
وخطوتك الجايه... هتحدد مصيرك انت وخيتك
ثم تقف وهي تقرب التليفون من وش صالح:
ــ شوف يا صالح...
أهي خيتك نايمة في حضنك
وانت في وضع ما حدش يرضى بيه...
وهملني أجولك، الكاميرا ما بتجذبش
واهل النجع ما بيرحموش، والفضيحة أسرع من الرصاصة.
صالح، بص للفيديو،ولون وشه بيتغير لحظة بعد لحظة. حس بدمه بيتجمد في عروقه. رفع عينه لجبريه وهو بيهمس بغضب مكتوم:
ــ أنتي... أنتي عملتي ليه كده؟!
جبريه بقسوة شيطانية: 
ــ أيوه... وخابر ليه؟
علشان ترجع لعجلك وتفوج من دور البطل...
إنت دلوج إما تتنازل عن كل الأملاك لجابر ولدي...
أو أبعت الفيديو،للنجع كله.وانت خابر
العار في بلدنا صاحبه ما بيعيش
ومفيش حد هيسمع صوتك بعد اكده.
صالح بيكتم أنفاسه، عينيه على أخته المدمرة
وعلى جبريه اللي واقفة قدامه زي عزرائيل بيضحك في وشه...
جبريه: 
ــ القرار عنديك... بس انا مش ههم لك كتير
تخرج وتقفل الباب وراه. وصالح يحط وشه في كفوفه... لحظة بترج الدنيا في صدره.
يبص لبدور، اللي لسه مش مستوعبة كل حاجة... وتنهيدة طويلة تطلع من صدره كأنها النهاية... 
لكن لا!صالح بيهمس لنفسه:
ــ لو دافعت عن اسمي... هتضيع هي.
ولو سكت... هننتهي كلنا تحت الاعيب جبريه
عيونه تلمع... مش بنور الاستسلام...
إنما بنار الانتقام!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

•تابع الفصل التالي "رواية بنت البئر " اضغط على اسم الرواية

الروايات كاملة عبر التلجرام

ملحوظة

يرجى التنبية: حقوق الملكية محفوظة لدى المؤلفون ولم تسمح مدونة دليل الروايات pdf نسب الأعمال الروائية لها أو لشخص غير للكاتب الأصلي للرواية، وإذا نشرت رواية مخالفة لحقوق الملكية يرجى أبلغنا عبر صفحة الفيسبوك
google-playkhamsatmostaqltradent