رواية تقاطع طرق الفصل السابع والعشرون 27 - بقلم اميرة احمد
الفصل السابع والعشرون
وفي المدينة الخالدة التي كل الطرق تؤدي إليها، في ساحة تريلوسا، كان علي وسارة يرقصان في مرح وسط المجاميع علي انغام
Sarà perché ti amo
كانت سارة تقفز من السعادة والحماس في نفس الوقت، و علي ينظر إليها بحب.
وضع علي يديه حول كتف سارة وهم يتجولان في المدينة العريقة، وتحيط بهم السعادة
همس لها علي: مبسوطة يا مجنونة؟
هتفت سارة بسعادة : اوووووي... انت حققتلي حلم النهاردة
علي: عاوزة تروحي فين بكرة؟
سارة: نافورة تريفي.
عقد علي حاجبيه: تعملي ايه هناك؟ دي بيروحوها البنات اللي عاوزة تتجوز يا حبيبي.
سارة: مش شرط على فكرة، الأسطورة بتقول إن الأزواج اللي بيشربوا من النافورة يفضلوا في حالة حب وإخلاص إلى الأبد.... عارف انا قريت زمان عن الأسطورة دي ان كان الجنود بيروحوا الحرب و يسيبوا حبيباتهم في البلد، فكانوا ييجوا لنافورة تريفي الليلة اللي قبلها، و حبيبته تجيب كاس جديد و تملاه من النافورة و تديه لحبيبها، و بعدين تكسر الكاس علشان تتأكد انه مش هيسيبها ابدا.
نظر علي لعينيها وهمس: وهتكسري الكاس؟
صاحت سارة: ده انا اكسر روما كلها بس متبعدش عني.
ضمها علي إلى صدره وهمس: و انا مش هاسيبك ابدا.... عارفة هاغطسك كلك في النافورة علشان متسيبنيش.
جرت سارة بعيدا عنه في مرح وهي تهتف: لأ يا علي ارجوك، انا عارفاك مجنون وتعملها.
جري علي خلفها: استني بس يا مجنونة هاقولك.
كانت أصوات ضحكاتهما تملأ الجو سعادة ومرح وحب.
----------------------------------------------
اتصل أدم ب ندي كعادته يطمئن عليها، لكنه وجدها متوترة وفي حالة من الحزن تحاول تخفيه لكنه واضح في صوتها المختنق
ادم: طمنيني عليكي رجعتي من الجامعة؟
قالت ندي بتوتر: لا ،انا منزلتش النهاردة
تسأل أدم باستغراب: ليه؟!
ندي: تعبانة شوية
أدم: انتي مخبية عليا حاجة يا ندي؟
توترت ندي أكثر و قالت: لا ابداااا
شعر أدم بتغير في نبرة صوت وطريقة ندي، فتسرب الخوف إلى قلبه: ندي صوتك فيه حاجة، مالك يا حبيبتي؟ حد ضايقك؟
همست ندي بقلق: اقولك بس توعدني إنك تتصرف بعقل؟
قال أدم غاضبا: اللي اسمه حسن ده اتعرضلك؟!
انفجرت ندي في البكاء: أدم... انا مش عاوزة اروح الجامعة تاني.
قال أدم بهدوء: طيب ممكن تحكيلي ايه اللي حصل.
قالت ندي من وسط دموعها: هو كل اما يشوفني في الجامعة يرمي كلام ملوش لازمة، وانا بقيت حاسة الناس كلها بتتكلم عليا، ويفضلوا يتوشوشوا اول ما اعدي.
صمت أدم للحظات حاول ان يتمالك فيها اعصابه ثم قال بحدة: محاضراتك بكرة تبتدي الساعة كام؟
ندي: أدم اوعدني تتصرف بعقل، انا مش عايزة فضايح، كلها كام شهر و الجامعة هتخلص.
قال أدم بغضب: محاضراااتك بكررة الساعة كااام؟
همست ندي بضعف: ٩ الصبح.
قال أدم بحزم: الساعة ٨ هاكون تحت البيت، انا اللي هاوديكي الجامعة بكرة.
ندي: هتعمل ايه يا أدم؟!
ادم: انا سكت المرة اللي فاتت واكتفيت أنى احذره علشان خاطرك، بس هو مصمم اني اوريه الوش التاني.
همست ندي: أدم انا خايفة عليك.
صاح أدم بحدة: انا لو مش هاعرف اجيبلك حقك من عيل زي ده يبقي انا مستاهلكيش.
في الصباح قبل الثامنة صباحاً كانت سيارة أدم تقف امام منزل ندي ينتظرها.... جلست ندي بجواره وحاولت بشتى الطرق ان تثنيه عن ما هو مقدم عليه، رغم انها لا تعلم ماذا ستكون ردة فعله بعد، لكن كان يبدو على ملامحه الغضب... و يطق الشرار من بين عينيه..
أوقف أدم السيارة امام بوابة الجامعة، همت ندي ان تترجل من السيارة، لكنه استوقفها.
قال أدم بحدة: لا خليكي في العربية متنزليش دلوقتي.
كان أدم يجلس في السيارة يترقب الوافدين الي الجامعة حتى ظهر حسن في الأفق، نظر إلى ندي و قال : متنزليش من العربية مهما حصل غير لما اقولك.
ترجل أدم من السيارة مسرعا وانقض على حسن قبل ان يدخل الجامعة وأرداه ارضا، وناوله بقبضته على وجهه عدة مرات.
صاح أدم بغضب: قولتلك قبل كده متجبش سيرتها على لسانك.
كان الأخير يلفظ أنفاسه بصعوبة ويتألم تحت قبضة أدم المحكمة على عنقه، ويديه لازالت تسدد له اللكمات.
كانت ندي تصرخ في السيارة خوفا على أدم، واحتشد الناس يشاهدون ما يحدث.
جذبه أدم من ياقة قميصه سحلا على الأرض حتى وصل إلي سيارته، الباب المجاور لندي و هتف بحدة موجها كلامه لندي: انزلي.
ألقي بحسن تحت قدميها، الذي كان يحاول ان يلتقط أنفاسه بصعوبة.
صرخ به أدم بغضب: اعتذر لها.
لم يعقب حسن. ... ركله أدم بعنف وهو يصرخ ويضغط على كلماته: قولت اعتذر لها.
تمتم حسن بصوت منهك: انا اسف.
أشار أدم لندي ان تركب السيارة مرة أخري، ولف هو بدوره ليستقر على مقعد القيادة و ينطلق مسرعا بسيارته... تاركا حسن يتألم على الرصيف.
كانت ندي تهتف بخوف حقيقي: أدم انت كويس؟ قميصك عليه دم.
تنهد أدم: انا دلوقتي بقيت كويس لما جبتلك حقك، و محدش هيفكر يقول عليكي نص كلمة تاني.
ندي: طيب وريني كده تكون اتعورت.
أدم: ده دم الحيوان اللي ضربته، حبيبتي انا ضربت متضربتش هيبقي دمي ازاي.
هتفت ندي بقلق: هو انت ضربته بعقل، انا كنت خايفة يموت في ايدك وتبقي روحت في داهية بسببي.
أدم: متخافيش انا عارف ازاي اوجعه و مأذيهوش... و اعتقد الرسالة كده وصلت للجامعة كلها، بكرة تروحي الجامعة و انتي رافعة راسك.
همست ندي بصوت يملؤه الحب: ربنا يخليك ليا... بس احنا هنروح على فين دلوقتي؟
أدم: هاروح البيت اغير هدومي، و انتي استنيني في العربية، و بعد كده نروح نفطر سوا، ثم اردف والابتسامة تعلو شفتيه: مش عايزة تشربي قهوة؟؟
ابتسمت ندي: لو من فنجانك بس.
ابتسم لها أدم بحب: متخليش حاجة في الدنيا تزعلك لدرجة إنك تعيطي يا ندي، أي حد يزعلك قوليلي و انا هاجيبلك حقك
ثم أردف بغضب:كل ما افتكر انك كنتي بتعيطي امبارح بسبب الكلام اللي قاله عليكي الحيوان ده بابقي عاوز اروح اضربه تاني.
ندي: خلاص بقي انت جبتلي حقي وزيادة.
لمس أدم وجنتها بكفه وهمس: انا مبحبش اشوف دموعك ابدا، اقولك علي سر؟ دموعك دي نقطة ضعفي.
ابتسمت ندي وهي تنظر إليه بعينين مليئتين بالحب.
أدم: طيب تحبي نشرب قهوة ايه النهاردة سوا؟
هتفت ندي: قهوة فرنساوي.
أدم: ماشي يا نوني
مضي أدم و ندي في طريقهما... و هي تشعر انها ملكت الدنيا و ما عليها بوجود أدم في حياتها.
--------------------
كان التوتر يحيط بأحمد من رسائل مريم غير المنقطعة التي تحثه على ان يأتي ليري الصغيرة ورد، التي تسأل عنه باستمرار منذ ان تعلمت ان تنطق باسمه، لكنه انشغل عنها في الاسابيع الماضية لترتيبات حفل زفاف علي، واقتراب موعد ولادة هدي، فأصبحت حالتها الصحية غير مستقرة.
ارتدي أحمد ملابسه سريعا، وقفت هدي تسأله: انت رايح فين؟
يساورها القلق كثيرا هذه الأيام من تصرفات أحمد غير المفهومة، والمتضاربة.
توتر أحمد من سؤالها ونظراتها الفاحصة له، فقال بنبرة مرتبكة: رايح مشوار مع أدم.
قالت هدي بريبة: بس أدم خرج مع ندي، هي كلمتني قبل ما تنزل.
ازداد توتر أحمد.... وبدأ الشك يساور هدي، فقالت له: طيب كلمه شوفهم فين.
امسك أحمد الهاتف وهم بالاتصال ب أدم، لكن هدي هتفت له بحدة: افتح الاسبيكر.
صاح أحمد: في ايه يا هدي، من امتي بتعملي الحركات دي.
نظرت له هدي مليا، ثم قالت بابتسامة مفتعلة: هو مش انت خارج مع أدم، خايف من ايه؟
اتصل أحمد بأدم وفتح مكبر الصوت ومجرد ان اتاه صوت أدم حتى قال بنبرة مرتبكة: انت فين؟
أدم: انا خلاص قربت على البيت عندك... متأخرناش متخافش.
تنفس أحمد الصعداء واغلق الهاتف، لكن نظرات هدي الثاقبة له لم تنتهى .. اقترب أحمد منها وضمها إلي صدره و همس لها: اللي عملتيه ده انا عديته بمزاجي، بس انا مبحبش الأسلوب ده، انتي بتشكي فيا؟
تنهدت هدي وقالت والقلق يساورها: تصرفاتك فيها حاجة مش مظبوطة يا أحمد، انت مخبي عليا حاجة ومن فترة، انا حاسة وساكتة.
أحمد: هاخبي عليكي ايه بس.... ادخلي انتي ارتاحي وانا هانزل علشان اشوف أدم عايز ايه.
لم يترك أحمد مجال لهدي للجدال معه، تركها وترجل سريعا يبحث عن أدم.
صاح أدم مجرد ان رأي أحمد يقف عند مدخل المنزل: في ايه يا أحمد مستنينا تحت البيت ليه؟
تنفس أحمد الصعداء وقال: انت انقذتني من غير ما تعرف، عاوز اروح اشوف ورد ومش عارف من هدي، قولتلها اني خارج معاك مصدقتش غير لما كلمتك.
أدم: طيب اركب علشان لو شايفانا، هاوديك... اطلعي انتي يا ندي.
همست ندي: حاضر.. باي.
استقر أحمد بجوار أدم في السيارة وقال ضاحكا: والله وندي بقت بتقول طيب وحاضر.
ضحك أدم وقال على استحياء: هو انا ممكن أجي معاك اشوف ورد؟ انت بتحكي عنها كتير وخلتني متشوق اني اشوفها.
أحمد: اه طبعا، ممكن بس في طريقنا نعدي على أي محل لعب أطفال، هي اكيد زعلانة مني اوي علشان مروحتلهاش بقالي كتير.... انت عارف دي بقت بتتكلم، هتحب طريقة كلامها اوي نص كلامها مكسر.
أدم: الأطفال في السن ده بيبقوا كيوت اوي... بص اعتقد المول ده فيه محلات لعب أطفال.
توقف أدم عند أحد المولات التجارية، دلف الاثنان إلى متجر لعب الأطفال... أخذ أحمد يتجول بين الصفوف يبحث عن لعبة مناسبة يراضي بها الصغيرة كي يعوضها عن أيام الغياب، بينما أدم أختفي للحظات، وعاد يحمل دميتان، واحدة كبيرة ترتدي فستان زفاف أبيض، و الأخرى صغيرة ترتدي فستان وردي اللون.
أدم: اعتقد كل البنات بتحب العرايس صح؟
أحمد: اه صح، ورد بتحب باربي اوي.
أدم: طيب انا هاجيبلها دي، وأشار بيده للدمية الصغيرة التي يحملها.
أحمد: رجع الكبيرة مكانها ملهاش لازمة.
تنحنح أدم وقال بحرج: لأ الكبيرة انا هاجيبها لندي، هتعجبها صح؟
ضحك أحمد: اتنين مجانين لايقين على بعض، اه يا حنين هتعجبها.
أدم: طيب هاروح احاسب انا على ما انت تخلص وتشوف هتجيب ايه.
امام منزل مريم، وقف الاثنان، رن أحمد جرس الباب، كانت علامات السعادة والحماس تبدو على وجهه، لحظات وفتحت مريم الباب، ومن خلفها ورد تركض بخطوات صغيرة مترنحة وهي تهتف: بابي،
فورا انحني أحمد أرضا وفتح لها ذراعيه و حملها في خفة و ضمها إلي صدره بحنان.
قال أحمد وهو يضع قبلة على خدها: وحشتي بابي.
دلف أحمد إلي الداخل ومن خلفه أدم، استقبلتهم مريم في حفاوة وتركتهم مع ورد بغرفتها.
كانت ورد متعلقة بعنق أحمد، وتقبله من الحين للأخر وهو كذلك يضمها إلى صدره في حنان وحب واضح.... كانت ورد بين الحين للأخر تنظر لأدم الذي يشاهدها هي ووالدها عن كثب وابتسامته مرسومة على وجهه.
جميلة هي ورد، تشبه أبيها كثيرا بلون بشرتها الفاتح، والغمازة التي على جانب خدها الايسر التي تظهر حين تبتسم، شعرها الكستنائي الناعم الذي ورثته من مريم يزيدها جمالا.
قال أحمد لورد: انتي عارفة يا دودي ده مين؟ وأشار إلى أدم، هزت ورد رأسها بالنفي.
أحمد: ده صاحب بابي، اسمه أدم... وهنجوزه لنودي وامرنا لله.
هتفت ورد باستغراب بعد ان عقدت حاجبيها: أتم!!
ضحك الاثنان على طريقة لفظها الطفولية لأسم أدم.
أحمد: انتي عارفة أدم جابلك ايه؟ هو اللي جابلك العروسة الحلوة دي، مش تقوليله شكرا.
اقتربت ورد من أدم، ووضعت قبلة صغيرة على خده الأيسر وهي تهتف: ثكلن (شكرا).
أحمد: بتحبي أدم؟
هزت ورد رأسها بالنفي، تعجب أحمد وسألها: ليه؟
ورد: عنده تقن بتثوك، مش زي بابي (عنده دقن بتشوك)
ضحك أدم: لو مضايقكي احلقها.... همس أدم محدثا نفسه: بس ندي هتزعل اوي.
لم يستمع أحمد لكلمات أدم جيدا فتسأل: ايه؟
ادعي أدم عدم الفهم: ايه؟
أحمد: طيب ادي بابي بوسة بقي.
وضعت ورد قبلة حانية على خده.
نظر أدم لأحمد في عتاب وقال: انت حرام عليك اللي بتعملوا في نفسك ده، مفروض تقولها يا أحمد، هتفضل مخبي لحد امتي؟
أحمد: ما انت عارف الظروف، كل اما اجي اقولها تحصل حاجة والدنيا تتلخبط... الدكتور بيقول الانفعال غلط عليها، ممكن أي وقت تدخل في ولادة مبكرة لو انفعلت.
أدم: ايوه يا أحمد بس ورد من حقها تعرفنا كلنا مش تعرفك انت بس، تشوف ندي بانتظام، انت كلها كام يوم وهيبقي ليها أخ... مش هينفع تفضل فاصلها في دنيا لوحدها كده، واعتقد هدي لما تعرف رد فعلها مش هيكون زي ما انت فاكر، هدي عاقلة وانت كل ما بتأخر الموضوع اكتر بتعقده أكتر.
انفعل أحمد وقال بحدة: يوووووه خلاص بقي يا أدم، قولتلك هابقي اقولها بس لما تولد.... الموضوع مش سهل عليا، انا باتقطع وانا حاسس إني مقصر في حق ورد، وإني اشوفها ساعتين تلاتة كل أسبوع بالعافية دي حاجة مضايقاني.
أدم: انت عارف انا بتكلم لمصلحتك وخايف عليك.
كانت مريم تستمع لحديثهما دون ان يدركا، لكن اغضبها كثيرا ان أحمد لا يزال يخفي وجود ورد في حياته.... قررت مريم في لحظتها ان تضع حدا لذلك، همت ان تدخل وتتشاجر مع أحمد، لكنها فضلت ان تهدأ وتفكر في حل.
--------------------------------------
اما في باريس، كان العروسان العاشقان، يتمشيان فوق "جسر الفنون"، حارس قصص الحب ومقصد العشاق، يتطوقان لوضع قفل حبهما بسور الجسر وإلقاء المفتاح في نهر السين تبعا للأسطورة الشهيرة.
انحنت سارة تلقي بالمفتاح، وعلي يطوقها بذراعيه من الخلف، سرحت سارة في الأفق الممتد أمامها و برج أيفيل يلوح في الأفق، همس لها علي بالقرب من اذنيها و هو يضمها من الخلف: نفسك في ايه دلوقتي؟
صمتت سارة قليلا ثم قالت: نفسي نفضل في اللحظة دي العمر كله، نفضل نحب بعض زي دلوقتي، نفس اللهفة والشوق، ميتغيرش احساسنا ابدا.
علي: اوعدك لو في يوم احساسي اتغير من ناحيتك، فهيكون إني بقيت احبك أكتر مش أقل... بس يا حبيبتي زهوة البدايات بتروح مع الوقت دي حاجة مش هنقدر نغيرها، بس مكانها بييجي إحساس تاني اسمه العشرة، بتبقي أحلي و اقوي من لهفة البدايات.
ابتسمت له سارة: بحبك يا علي وهافضل أحبك طول العمر.
ضمها علي إلي صدره أكثر و هو يضع قبلة علي خدها: انتي اخدتي قلب علي و اللي كان كان خلاص، عاوزة ايه اكتر من كده يثبتلك اني بحبك.
ضحكت سارة بدلال وهي تنظر حولها للمناظر الخلابة وتتمني ان تدوم هذه السعادة للأبد..
---------------------------------------------
اتصل أدم بندي وما ان اجابته قال لها متعجلا: انا تحت البسي وانزلي.
صاحت ندي: ايه المفاجأة دي، طيب استني هاستأذن من أحمد.
أدم: انا كلمته انزلي بقي.
ندي: حاضر هاجهز وانزل.
أدم: 10 دقايق لو مكنتيش تحت البيت هامشي وانتي الخسرانة.
بالفعل بعد دقائق كانت ندي تستقر على المقعد المجاور لأدم في السيارة.
هتفر ندي بسعادة: ايه المفاجأة الحلوة دي؟
همس أدم: وحشتيني.
ابتسمت ندي وتمتمت: وانت.
وضع أدم يده على اذنه: ايه؟ مسمعتش؟
همست ندي: وانت كمان.
أدم: ايوه كده، غمضي عينيك
ندي: ليه؟
أدم: يلا بقي
قالت ندي بنبرة مرتبكة: اوعي تعمل حاجة مجنونة
ضحك أدم: يعني يوم ما أحب اعمل حاجة هاعملها في الشارع تحت بيتكوا؟
وضعت ندي يدها على عينيها بطريقة طفولية..... ابتسم أدم لما رأها.. يعشق تصرفاتها الطفولية، يشعر أحيانا انها ابنته وليست حبيبته فقط..... مد يده خلف مقعدها، واخرج علبة الدمية وضعها أمامها وهو يقول: فتحي.
أزالت ندي يدها من على عينيها، وحين رأت الدمية العروسة شهقت بسعادة: علشاني؟
كانت سعادة أدم عارمة بالفرحة المرسومة في عينيها، اومأ رأسه بالإيجاب.
ضمت ندي العروسة إلى صدرها في فرحة كالأطفال: انت عرفت منين اني بحب العرايس؟
رفع أدم كتفيه: توقعت..... عجبتك؟
ندي: حلوة اوي، وفستانها حلو.
أدم: انتي أحلي.
أدار أدم محرك السيارة وتحرك.... كان ذهنه شاردا فسألته ندي: مالك؟ كأن في حاجة مضايقاك.
أدم: فعلا في حاجة شغلاني ومش عارف اقولك عليها ازاي.
تسرب القلق لنفس ندي فهمست: في ايه يا أدم قلقتني.
تردد أدم فيما هو على وشك قوله، لكنه ابتلع ريقه وقال: انا جالي عرض شغل من شركة كبيرة في أمريكا، انا بفكر فيه بقالي شوية، بس قررت اني أوافق، هو عقد لمدة سنة مبدئيا لو تمام ممكن يتجدد بعد كده.
انهمرت دموع ندي وقالت بحزن: انت عايز تسيبني وتسافر يا أدم؟
أدم: انا مش عايز ابعد عنك بس مفيش حل تاني
صاحت ندي من بين دموعها: حل لايه؟ هو في مشكلة من الأساس؟
قال أدم بارتباك: ندي.... انا مكنتش عايز اقولك، انا الفلوس اللي معايا خلصت كلها على الشقة، و لسة في حاجات كتير ناقصة علشان نقدر نتجوز، و لسة في الفرح و الهاني مون.
ندي: لو المشكلة في الفلوس انا معايا فلوس اللي ورثتها من بابا.
قاطعها أدم بحزم: لا طبعا مستحيل أخد منك فلوس.... فلوسك ليكي انتي مش هتدفعي أي حاجة في البيت انتي فاهمة و لا لأ، ده انا مش راضي أخد من بابا تقوليلي أخد منك.
ندي: خلاص انا مش عايزة فرح ولا هاني مون ونتجوز في الشقة زي ما هي كده.
ابتسم لها أدم : انتي بتقولي كده بس يا حبيبتي علشان بتحبيني ومش عاوزاني اسافر... بس انا مش هاقبل غير إنك تاخدي أحسن حاجة... وشقتنا تبقي زي ما انتي بتحلمي... ونسافر المكان اللي انتي عايزاه.
ندي: انا عايزاك انت يا أدم مش عايزة كل ده.... انت فاهم يعني ايه سنة مشوفكش... وفرق توقيت فوق ال 14 ساعة، يعني ليلي هيكون نهارك وليلك نهاري، يعني مش هنعرف حتى نتكلم.
تنهد أدم في ضيق وضح على نبرة صوته: ارجوكي يا ندي متصعبيهاش عليا اكتر ما هي صعبة.... انا مش سهل عليا اسيبك انتي وماما و بابا هنا و اسافر حتى لو سنة واحدة.
ندي: طيب لو هي صعبة عليك وعليا هتسافر ليه؟
تنهد أدم مجددا: الشغل الجديد هيوفرلي سكن في أمريكا... ممكن نكتب الكتاب ونسافر سوا لو تحبي.
ندي: مش هينفع، انت عارف أحمد مش هيوافق.... كمان انا لسة فاضلي كام شهر على الامتحانات.
صمت أدم والأفكار تعصف بذهنه.. بينما ندي كانت تتساقط دموعها على خدها في صمت.
زفر أدم: طيب ممكن تبطلي عياط... انتي عارفة مبستحملش اشوف دموعك.
ندي: انا هافضل اعيط لحد اما تشيل الفكرة دي من دماغك.
صمت أدم محاولا التفكير في حل، ثم أردف: طيب انا لو مسافرتش وأجلنا جوازنا سنة كمان او اكتر؟
قالت ندي بلهفة: موافقة... أي حاجة بس متسافرش.... أدم انت مش عارف انت بقيت بالنسبالي ايه.
ابتسم أدم لها بحنان: خلاص بطلي عياط بقي وانا أوعدك هافكر تاني ويمكن الاقي حل... قولتلك قبل كده مبحبش اشوف دموعك.
ابتسمت ندي رغم دموعها.
أدم: انا عرفت ايه هيصالحك و يخليكي تبطلي عياط.
زاد أدم الضغط على داعس البنزين فأسرعت السيارة... كان أدم يتجول في الشوارع حتى وصل إلى منطقة غير مأهولة بالسكان و أوقف السيارة.
نظر أدم إلى ندي بابتسامة وقال: انزلي.
توترت ندي وهمست باستغراب: انزل ايه يا أدم... احنا فين أصلا.... وليه جايبنا في مكان فاضي كده؟
غمز لها أدم: هصالحك.
ابتلعت ريقها وقال بتحفظ: هتعمل ايه يا أدم؟
ضحك أدم: ايه ده انتي خايفة مني... طيب تعرفي عني أنى باعمل الحاجات دي برضه... انزلي و بطلي عبط بدل ما اغير رأيي.
قال أدم جملته الأخيرة وفتح باب سيارته و ترجل منها... تبعته ندي و ترجلت من السيارة، فأشار لها ان تأتي لتحتل مكانه خلف مقود السيارة.. واتجه هو ليحتل مكانه على الكرسي المجاور للسائق.
أدم: يلا اركبي.
قالت ندي بارتباك: أدم بس....
قاطعها أدم: يلا.... هاعلمك السواقة.
ندي: بس انا أخاف ابوظلك حاجة في العربية.
أدم: متخافيش انا معاكي.. و لو في حاجة باظت فداكي يا ستي.
جلست ندي في سعادة خلف المقود.
أدم: اول حاجة قربي الكرسي شوية علشان انتي أقصر مني بكتير... خليه مناسب لطولك بحيث أنك تبقي طايلة الدواسات و انتي قاعدة مرتاحة.
هزت ندي رأسها بايجاب وبدأت في اتباع تعليمات أدم.
أدم: بصي تحت كده ... الدواسة الي على اليمين دي بنزين و علي الشمال دي فرامل... و أشار إلي ناقل الحركة.... ده فيه 4 حاجات
P: Park لما تبقي العربية واقفة.
R: Reverse لما تبقي عاوزة ترجعي لورا.
N: neutral
D: Driveده اللي تستخدميه علشان تمشي لقدام.
بصي المرايات على يمين وشمال العربية علشان تشوفي اللي جنبك يمين و شمال ومن ورا، بصي و اتاكدي انك شايفة فيهم كويس.
ندي: اه شايفة كويس كده.
أدم: هتدوسي هنا علشان العربية تدور تمام، بس حطي رجلك على الفرامل و اتأكدي ان الفتيس على الP تمام؟
أشار بيديه على زر تشغيل السيارة، اتبعت ندي تعليماته وضغطت على الزر فانطلق صوت محرك السيارة معلنا بدء التشغيل.
أدم: دلوقتي هتفضلي دايسة على الفرامل وانقلي على ال
D علشان العربية تتحرك
وبالراحة اووي شيلي رجلك من على الفرامل ودوسي بنزين بالراحة.
اتبعت ندي كل تعليمات وشرح أدم وقلبها يدق بعنف.... لحظات وكانت السيارة تتحرك ببطء.
هتفت ندي بأسلوب طفولي: دي بتتحرك.
أدم: ايوه يا نوني
هتفت ندي بسعادة: انا سايقة العربية يا أدم.
أدم: بالراحة بس يا حبيبتي على مهلك... مبسوطة؟
ندي: ربنا يخليك ليا يا أدم... طبعا مبسوطة.
أدم: خلاص كل ما ننزل مع بعض هاخليكي تسوقي.
ندي: بجد.. بس انا خايفة.
أدم: متخافيش طول ما انا جنبك.
صمتت ندي قليلا ثم قالت بألم: بس انت عايز تسيبني وتسافر.
قال أدم بحزن وقلة حيلة: انا مش عايز اسافر..... وان شاء الله ربنا هيحلها من عنده.
ندي: ان شاء الله.
------------------------------------------
جلست ندي وهدي يتابعان مسلسلهما المفضل، تفضل ندي ان تقضي صباح يوم اجازتها من الجامعة مع هدي، حيث ينشغل أدم وأحمد في عملهما، وتقضي المساء مع أدم.
رن جرس الباب، ذهبت هدي لتفتح الباب في ثقل وبطنها ممتدة امامها، فتحت الباب فوجدت مريم و معها ورد، لم تكن هدي قد رأت مريم من قبل فلم تتعرف عليها.
قالت مريم بهدوء: أحمد موجود؟
هدي: لأ، انتي مين و عاوزاه في ايه؟
ابتسمت مريم ببرود وقالت: انا ابقي مريم، أم بنته.
ذهلت هدي من كلمات مريم فصرخا فيها: أم بنته يعني ايه؟
ردت عليها مريم بهدوء وبطريقة مستفزة: ايه ده هو مخبي عليكي، متعرفيش ان عندنا بنت.. واشارت إلي الصغيرة: مش قايلك على ورد، تؤتؤ اخس عليه.
......
بقلم أميرة أحمد
•تابع الفصل التالي "رواية تقاطع طرق " اضغط على اسم الرواية