رواية تقاطع طرق الفصل السادس والعشرون 26 - بقلم اميرة احمد
الفصل السادس والعشرون
وفي يوم الزفاف... تلألأت قاعة الاحتفال بالأنوار والإضاءة في كل مكان، كانت القاعة حين تدخلها تشعر وكأنك دخلت قصر في عصر من العصور القديمة من فخامته... لم يتبق على موعد الحفل سوي بضع ساعات، و الكل في حالة انشغال بتجهيزات الفرح، حالة طوارئ بثتها سارة في الجميع ليكون الحفل كما تتمني و أكثر، و في غرفة علي كان الشباب يضحكون و يمرحون و لا يعبئون بتلك الحالة التي فرضتها سارة على الجميع.
دخل دكتور عمر غرفة سارة بعد ان تجهزت لتكون عروس الليلة، فستانها الأبيض الضخم المزين باللؤلؤة والألماس، طرحة العروس التي امتدت خلفها بضع مترات، وتاجها المتلألئ الذي جعلها تبدو كأميرة... ما ان وقعت عيني دكتور عمر عليها حتى انهمرت الدموع من عينيه، اقترب منها وضمها إلى صدره.
همس دكتور عمر بالقرب من أذنها: محظوظ الواد علي ده.
هتفت سارة بتأثر: بابي متعيطش بليز، انا ممكن أقول مش هاتجوز واروح معاك عادي.
د عمر: انتي جميلة اوي يا سارة، انا مش عارف العمر عدي بسرعة ازاي كده.
سارة: بابي و الله هاعيط و الميكاب كله هيبوظ.
د عمر: لأ بلاش، علي لازم يشوفك و انتي حلوة و بتضحكي كده مش وانتي معيطة.
سارة: طيب يلا نطلع علشان بجد حاسة انه هيتجنن او هيجراله حاجة، بيتصل بيا كل 3 دقايق يقولي يلا.
د عمر: حاضر هاروح اشوف لو القاعة جهزت.
كان يستعد كل من الأصدقاء لدخول القاعة مع امرأته.. وقفت هدي على باب القاعة متأبطة زراع أحمد. ورفضت الدخول.
قالت هدي بضيق واصح على نبرة صوتها: أحمد انا مش هادخل الفرح بشكلي ده.
أحمد: ماله بس شكلك يا حبيبتي ما انتي قمر.
هدي: والكورة اللي قدامي متر دي.
ضحك أحمد: هنسيبها في البيت يعني؟
هدي: لأ شكلي وحش اوي... انا اتكسف ادخل الفرح بكرشي ده.
مرر أحمد يده على انتفاخ بطنها وقال: حبيبتي دي حاجة تدعو للفخر مش للاحراج.
قالت هدي بحنق: انت لو كرشك قدامك كده هتحس باللي انا حاسة بيه.
أحمد: حبيبتي انتي حلوة في كل حالاتك، والحمل خلي شكلك كيوت أكتر.
وقف أدم امام ندي وهمس لها: شكلك حلو اوي يا ندي، الفستان طلع عليكي أحلي ما كنت متخيل.
احمرت وجنتي ندي وقالت: علشان ده ذوقك يا حبيبي، انت كمان البدلة عليك حلوة اوي.
غمز أدم لها: المرة الجاية ننزل نشتري مع بعض فستان أبيض.
ندي: لأ ده بالذات مش هينفع تشوفني بيه قبل الفرح، فال وحش.
أدم: طيب ولا حتى أقول رأيي؟
ابتسمت ندي: اوعدك انه هيعجبك.
أدم: أي حاجة عليكي هتعجبني.
قالت يارا بضيق وهي تحاول ان تهدهد ياسمينا: بجد يا خالد انا مش عارفة انت ليه صمتت اننا نجيب الولاد معانا الفرح.. ياسمينا مبطلتش عياط و مش هتبطل، و الناني محتاسة بالاتنين.
خالد: علي اللي صمم ان هما ييجوا واكيد مش هارفضله طلب في يوم فرحه.
يارا: هو يمكن مش عارف، بس بجد عياط ياسمينا هيكون أعلي من صوت الأغاني، كان المفروض تقوله.
خالد: حبيبتي، انبسطي الساعتين بتوع الفرح وحاولي متفكريش، عادي لو عيطت معاها الناني هتسكتها.
هتفت يارا بضيق: انت لو كسبت الولاد دول في بنك الحظ مش هتعمل كده، يعني ايه اسيب بنتي للناني تسكتها.
قال خالد بهدوء: حاولي تهدي اعصابك وتفصلي الكام ساعة بتوع الفرح، وانا عايش علي أمل ان فرهدة الفرح تخلي الاتنين يناموا بالليل فا اعرف انااام.
هتفت يارا بحماس: تفتكر ممكن يناموا طول الليل؟
رفع خالد كفيه بالدعاء: كله على الله، بس حاولي متخليش الناني تنيمهم طول الفرح.
يارا: فكرة برضه.
تعجب خالد من علي المقبل عليه بابتسامة وصاح: ايه ده ايه اللي جابك يا عريس؟
علي: جيت اشوف عروستي الصغننة بتعيط ليه؟
ابتسمت يارا وقالت ساخرة: زعلانه انك هتتجوز و تسيبها، و عمالة تعيط.
ضحك علي: انا ممكن اغير رأيي واتجوزها هي.
قال كلمته الأخيرة وهو ينحني ليحمل بين ذراعيه ياسمينا الصغيرة، التي ارتدت فستان ابيض يشبه فستان العروس، فكانت تبدو كملاك في السماء، كانت الصغيرة تبكي، لكنها توقفت عن البكاء حين حملها، وابتسمت حين طبع قبلة صغيرة على جبينها.
همس لها علي: وحشتيني... فقهقهت الصغيرة .
صاحت يارا: ألحق يا خالد دي بتضحك... اول مرة تضحك.
قال خالد بضيق و هو يحمل ياسمينا من بين ذراعي علي : انت تبعد عن بنتي أحسنلك، انت بتعملها ايه بجد بتسكت اول ما تشيلها، و دلوقتي بتضحك علشان بوستها.
ابتسم علي وهو يفتعل ملامح العشق على وجهه و صاح: بحبها يا خالد.
هتفت يارا مازحة: طيب وسارة عارفة الكلام ده؟
علي: عارفة وموافقة.
صاح خالد: انا مش موافق، ابعد عن بنتي.
ضحكت يارا: كل البنات بتحبك حرفيا يا علي.
رفع علي كتفيه ببراءة : طيب انا اعمل ايه؟ بيحبوني من غير ما أعمل حاجة.
اشاح له خالد بيديه: ابعد عن بنتي يا عريس، وروح شوف عروستك.
شرعت ياسمينا في البكاء فورا بعد كلمات خالد.
هتف علي متصنعا البراءة: شوف انا معملتش حاجة اهو.
خالد: انا شايف اقطع علاقتي بيك احسن علشان اعرف أربي بنتي.
ضحك علي: خلاص يا عم انا هاسيبلك بنتك واروح اشوف عروستي الكبيرة.
--------------------
وقف علي في صدر القاعة متنظرا ان تفتح الأبواب وتطل عليه عروسه، انفتح الباب وظهرت سارة في فستانها الأبيض المتلألئ كأميرة متأبطة ذراع والدها، نظر لها علي و رجف قلبه... تأكد لحظتها انه لم يكن لينجو لو تركها تضيع من يديه، و ان جل ما يريده قلبه في هذه اللحظة ان يقضي عمره بجوارها... لم يستطع ان يمنع دمعة فرحة فرت من عينيه المليئة بالحب و هي مقبلة تجاهه بابتسامتها الساحرة، سلمها والدها إليه بكل سعادة و فرح، و هو يربت على كتفه و يقول: خلي بالك منها يا علي... لم يعقب على كلماته، فقد كان غارقا في أفكاره، استأمنه دكتور عمر على ابنته الوحيدة، عليه ان يفعل المستحيل ليكون على قدر المسؤولية التي القاها للتو على عاتقيه.... نظر علي إلي سارة التي كانت في غاية الجمال، وتأكد ان بسمتها هذه ستضيئ عتمة دربه إلى الأبد.... فطبع قبلة حانيه على جبينها.
توسط المأذون المجلس بين دكتور عمر و علي اللذان جلسا يد بيد بعض لعقد القران، بدأ دكتور عمر يردد خلف المأذون، لكنه لم يستطع ان يسيطر على دموعه حين قال، زوجتك أبنتي وغرق في نوبة من البكاء، كان علي يحكم قبضته على يديه من تحت المنديل محاولا طمأنته، لكن دموعه كانت مزيح من الفرحة والحب و الفخر والألم.... لم تجد معها محاولات علي نفعا.
انتهي عقد القران
وبدأت مراسم الحفل... وامتلأت القاعة بصوت الاحتفالات والزغاريد... ضم علي سارة إلي ذراعيه وهم يتمايلا على أغنية.
Can't take my eyes off you
You're just too good to be true
Can't take my eyes off of you
You'd be like Heaven to touch
I wanna hold you so much
At long last love has arrived
And I thank God I'm alive
You're just too good to be true
Can't take my eyes off you
Pardon the way that I stare
There's nothing else to compare
The sight of you leaves me weak
There are no words left to speak
But if you feel like I feel
Please let me know that it's real
You're just too good to be true
Can't take my eyes off you
كانا يشعران انها يرقصان وحيدين فوق غيمة في السماء.. ضمها علي الي صدره أكثر ووضع قبلة طويلة على شفاهها وهو يهمس لها:
You're just too good to be true
وكزته سارة بخفة وهمست: بابي لو خد باله هيعمل منك بطاطس محمرة.
ضحك علي بخفة: ده كان زماان خلاااص.
بدأ الجميع في الاحتفال.... كانت الموسيقي والأغاني في كل مكان، والجميع يرقص في سعادة، حتي دخلت الراقصة.
كان دكتور عمر يرقص باستمتاع مع الراقصة وكأنها ترقص له وحده.
وقف الشباب الأربعة يشاهدون مواهب دكتور عمر.
ضحك أحمد و هو يقول: بس حماك طلع عنده كبت يا واد يا علي.
أدم: اللي يشوفوا دلوقتي ميقولش ده اللي كان بيعيط من شوية.
ضحك علي بشدة: حد فيكوا يعمل حسابه ياخد دكتور عمر يبات معاه، علشان انا عارف الدكتورة مش هتخليه يبات في البيت النهاردة.
خالد: شايف واقفة بتبصله ازاي والشرار طالع من عنيها... يعني انت تتجوز ويتطلقوا هما.
ضحك علي: انا قولت بلاش مسمعش كلامي.
أحمد: بس شكله مبسوط اوي.
اقتربت سارة من علي وهمست في ضيق: انت عاجبك الفضايح دي؟
ضحك علي: وانا مالي.
اتسعت عيناها وصاحت: مش انت اللي طلبت الرقاصة؟
اشار لها علي إلي والدها والراقصة وقال ضاحكا: طيب بالمنظر ده انتي شايفة اني انا اللي طلبتها، انا برئ و واقف مع اصحابي اهو، كلهم رجالة.
سارة: امال مين اللي طلبها؟
علي: اللي طالبها بيرقص معاها هناك اهو.
اتسعت حدقتي سارة: عليييييييي بابا اللي طلبها؟ طيب ليه قال قدامنا ان انت اللي عاوزها.
علي: بصي كده على وش مامتك يا حبيبتي و انتي تعرفي.
ضحكت سارة: مش هتعديهاله دي.
علي: المهم انه مبسوط.
نظرت له سارة بحنان و ابتسمت، لم يستطع علي سوى ان يبتسم بدوره و همس لها: ده الفرح اللي كان نفسك فيه يا حبيبي؟
سارة: لأ ده أحلي.
علي: يبقي انا كده مبسوط.
--------------------
همست ندي ل أدم بغيظ: بطل تتفرج على الرقاصة.
أدم: حبيبتي، الرقاصة بترقص علشان الناس تتفرج عليها.
ضربا الأرض بقدميها وصاحت: و الله هازعل منك...
ابتسم أدم لأثارة غيرتها وقال: ده انا بافكر أجيب رقاصة في فرحنا.
قالت ندي بحدة: انا مش موافقة.
أدم: ليه بس؟ مش عايزة تبسطيني.
ندي: وانت مش هتنبسط غير بالرقاصة؟
أدم: لأ، بس بالرقاصة هانبسط اكسترا.
ندي: برضه لأ
اقترب منهما أحمد فجأة
صاح أحمد: انتوا بتتكلموا في ايه؟
ندي: شايف يا أحمد، أدم عاوز يجيب رقاصة في فرحنا.
رفع أدم حاجبه: انتي بتشتكيني لأحمد؟
أحمد: ايه مش عاجبك؟
أدم: طيب الرقاصة هتيجي غصب عنكوا انتوا الاتنين.
أحمد: بلاش أنا، بدل ما اقولك مفيش فرح من الأساس.
هتف أدم متداركا الموقف: معرفش انت بتقفش ليه كده، هو انا قولت حاجة.
صاح أحمد: هو انت عاوز تقول كمان؟
ضحت ندي بشماته: شوفت بقي يا أدم، هاعمل اللي انا عاوزاه في الأخر.
هتف أدم متوعدا : بكرة نتجوز و هاوريكوا انتوا الاتنين.
رفع أحمد حاجبه وقال بحدة: انا مستني اليوم ده، وأعلي ما في خيلك اركبه.
أدم: بكرة تشوف.
ندي: خلاص انتوا هتتخانقوا ولا ايه؟
أدم: لا يا حبيبتي، انتي عارفة أحمد بيحب يغلس عليا.
صاح أحمد: حبيبتي!! انت بتقولها حبيبتي وانا واقف كمان.
زفر أدم بضيق: استغفر الله العظيم.
هتف أحمد محذرا: اوعي تقولها الكلام ده تاني، انت فاهم.
أدم: انت مش طبيعي.
أحمد: ان كان عاجبك.
أدم: عاجبني، ان غدا لناظره قريب، وهاوريك.
جذب أدم ندي من يدها، وذهبا إلى ساحة الرقص، ورقصا معا في تناغم وسعادة.
همس خالد ليارا: شايفة أدم وندي شكلهم حلو مع بعض ازاي.
يارا: لايقين على بعض اوي.
خالد: بصراحة مكنتش متوقع ان يبقي في انسجام بينهم كده، انتي عارفة فرق السن بينهم كبير.
يارا: بس الحب بينهم واضح.
خالد: لو مكنتش اعرفهم كويس، كنت قولت دول على علاقة ببعض سنين قبل ما يتخطبوا.
يارا: ربنا يسعدهم.... ندي كمان شكلها حلو اوي النهاردة.
نظر لها خالد وهتف متغزلا بها: مفيش أحلي منك انتي يا ام العيال.
صاحت يارا: ايه ام العيال دي.
جذبها خالد من خصرها: طيب تعالي نرقص.
يارا: لأ خليني علشان لو الولاد احتاجوا حاجة.
خالد: حبيبتي احنا هنا بعيد عنهم بمتر.
لم ينتظر منها رد فجذبها إلي ساحة الرقص، و اشتغلت اغنيتهما المفضلة.
قال خالد وهو يراقص يارا: فاكرة الاغنية دي.
يارا: رقصنا عليها في فرحنا.
نظر خالد الي عمق عينيها وهمس: محتاجين نرجع نفتكر الحاجات الحلوة اللي كانت بينا زمان؟
يارا: عندك حق، كل حاجة معاك حلوة يا حبيبي.
رقص الجميع في سعادة حتى بعد منتصف الليل، لم يكن أحد يرغب لهذه الليلة الأسطورية ان تنقضي..
---------------------
دخلت سارة الي المنزل ومن خلفها علي الذي قال لها
بحب: انتي عارفة انا بقالي كام سنه عايش هنا لوحدي؟! عمري ما تخيلت ان في يوم من الأيام انا اللي هاجري ورا واحدة واتحايل عليها أنى اتجوزها كمان... انتي غيرتي حياتي من يوم ما شفتك.. غيرتيها بصورة انا مكنتش اتخيلها.. خطفتي قلبي من يوم ما شفتك وشقلبتي حياتي.
اقترب ببطء منها لفح وجهها بالقبلات و هو ممسكا بخصرها كان يشعر بلهيب أنفاسها يلحف وجهه و هي تهتف بتلك الحروف الثلاثة في دلال التي تعصف بكيانه كلما سمعها من بين شفتيها في دلال "علي" .
هم ان يحملها لكنه توقف وسألها باستغراب: سارة حبيبتي انتي مكملتيش ال ٦٠ كيلو، ايه ده كله؟؟؟
همست سارة ببراءة: ده الفستان.
علي: كام كيلو الفستان؟!
سارة: حوالي ٤٠ كيلو من غير الديل
علي: اممم من غير الديل، طيب حبيبتي اتفضلي اطلعي لوحدك و انا هاحصلك... قالها علي و هو يشير لها نحو الدرج.
نظرت له سارة بدلال: علي .....بس انا كان نفسي تشيلني لحد فوق.
حرك رأسه بالنفي وقال: مش هاقدر والله صعب، اطلعي وانا جاي وراكي.
استمرت في دلالها وهمست: علشان خاطري يا علي.
علي: حبيبي عاوزاني اشيلك اقلعي الفستان... قال كلمته الأخيرة وهو يغمز لها في دهاء
قالت سارة بحنقة و هي متجهة نحو الدرج: خلاص يا علي براحتك هاطلع لوحدي.
لملمت الفستان بين ذراعيها، وصعدت الي غرفة نومهما بالطابق العلوي وتبعها علي ... اقترب منها أكثر وراح ينهل من رحيق شفتيها... ساد الصمت للحظات كانت قلوبهما فيه تتعانق وارواحهم فيها تتراقص، لكن قبل ان ينغمسا معا في بحر العشق، استوقفته سارة وقالت بنبرة مرتبكة: علي ...ممكن... ممكن أكلم بابي
علي: بابي ايه دلوقتي بس ...الصبح يا حبيبي.
همست سارة بدلال: من فضلك...
قبل علي خدها وهمس: اكيد الدكتور بيحتفل دلوقتي مع الدكتورة انهم خلصوا منك... يمكن يفكروا يجيبولك اخ او اخت.
سارة: علشان خاطري ....... انا حاسة إني باعمل حاجة غلط
صاح علي: غلط ايه بس انا جوزك على فكرة، و باباكي سلمك ليا بنفسه و كان مبسوط، بس لو دي حاجة هتطمنك كلميه يا حبيبتي.
امسكت سارة الهاتف بسعادة وما هي الا ثوان حتى جاءها صوت دكتور عمر متلهفا.
هتف دكتور عمر بنبرة قلقة: سارة حبيبتي انتي كويسة؟
فضل علي ان يتركها تتحدث على راحتها مع والدها وانصرف يحضر كوب من الماء من الطابق السفلي و حين عاد و جدها تشير اليه بالهاتف.
سارة: بابي عايز يكلمك.
اخذ علي الهاتف منها بحنقه وقال متأففا: مساء الخير يا دكتور.
د عمر: انا اسف يا علي على تصرفات سارة.. هي بس متوترة.. حاول تحتويها و تطمنها.
همس علي بهدوء: حاضر... متقلقش.
قاطعه دكتور عمر: انا عارف أنك حنين معاها و مش هتضايقها بس معلش علشان خاطري استحملها... ممكن تفتح الاسبيكر عاوز اقولها حاجة قدامك.
انساق علي لاوامر دكتور عمر وفتح مكبر الصوت ف أتى صوت دكتور عمر الرخيم.
د عمر: حبيبتي انا مش عايزة تتصلي بيا تاني.. ثم أردف مازحا: انتي مسؤولة من علي دلوقتي انا خلصت من مسؤوليتك و ارتحت... باي.
لم ينتظر دكتور عمر رد، بل اغلق الخط. كانت سارة تنظر ل علي بحرج شديد لكنه أزال عنها الحرج بمزاحه كالعادة.
علي: شوفتي جبتهالك بأوامر عليا اهو.
اقترب منها مجددا ،فهتفت في دلال بتلك الثلاث حروف التي تعصف بوجدانه "علي" مشددة على الياء، ففقد رباط نفسه وغاص معها في بحر من العشق ... كانت بين ذراعيه كفراشة بين افرع الشجر و يضمها هو عليها كطفل حاز للتو على لعبته المفضلة.
استيقظ علي في الصباح على تلك الضربات الخفيفة على باب شقته.. كان يشعر ان ما كان بالأمس حلم لذيذ لكن حين فتح عينيه في تباطؤ وكسل ووجد سارة بين ذراعيه و شعرها منسدل على صدره العاري تيقن انه لم يكن حلم بل حقيقة، حياته الجديدة التي سيعيشها معها من الأن .. لم يخرجه من ظنونه سوي طرقات الباب التي جاءت على استحياء مرة اخري.
حاول علي ان يبعد سارة عن ذراعيه في خفة دون ان يوقظها.. ودلف الي الاسفل يستطلع من هو فاقد الذوق والتمييز الذي يجيئهما في الصباح رغم انه نظر الي الساعة في طريقه الي أسفل و وجد انها تخطت الظهيرة بنصف الساعة.
فتح علي الباب ووجد دكتور عمر يقف امامه في تردد على نفس هيئته التي تركه عليها بالأمس.
صاح علي في قلق: دكتور عمر اتفضل... انت كويس؟ دكتورة سهام بخير؟!
شعر دكتور عمر بالحرج فطأطأ رأسه و قال: انا اسف.... مكنش المفروض إني اجي، انا هامشي.
استوقف علي: استني بس يا دكتور اتفضل... ده بيتك تيجي في أي وقت.
جذبه علي الي الداخل واغلق الباب.. مضي دكتور عمر بخجل وأرخي جسده على أحد المقاعد و علي جلس الي جواره.
سرح دكتور عمر لثواني و قال كأنما يحدث نفسه: ٢٧ سنه يا علي ما في يوم عرفت انام في البيت وسارة مش فيه.. مقدرتش ارجع البيت وانا عارف انها مش موجودة.. فضلت ألف بالعربية لحد اما لقيت نفسي تحت.. وحشتني ومش عارف هاعيش وهي بعيدة عني ازاي.. دي بنت قلبي معنديش غيرها... مهما الراجل حب ستات في حياته، بس حبه لبنته نوع مختلف من الحب مفيش زيه ولا اقوي منه.
ربت علي على كتفه وقال بهدوء: تيجي في أي وقت يا دكتور ده بيتك.. انا طبعا مقدر احساسك.... عن اذنك هاطلع اصحي سارة.
صعد علي الي غرفة النوم فوجد سارة استيقظت وجلست على الفراش، همست بدلال ما ان دخل عليها الغرفة : سبتني وروحت فين وبتكلم مين تحت؟
علي: ده باباكي تحت.
قفزت سارة من الفراش في فرح منطلقة نحو باب الغرفة: بجد ده وحشني اوي.
استوقفها علي قبل ان تخرج من الغرفة: استني هتنزلي كده ازاي؟ غيري هدومك و انا هاسبقك على تحت.
لم ينتظر علي منها إجابة.. انطلق الي الأسفل.
علي: سارة نازلة حالا يا دكتور على ما تنزل أكون عملتلك القهوة.
قال دكتور عمر بحرج: لا يا ابني شكرا، انا بس اشوف سارة وامشي على طول.
علي: لا مش هينفع هنفطر سوا.. انت كل ده مدوقتش اكلي على فكرة.
ضحك دكتور عمر: ربنا يستر.
لحظات وكانت سارة تنزل الدرج بخفة وهي تهتف: بابيييىىى
ضمها دكتور عمر لصدره وهمس: وحشتيني يا مفعوصة معرفتش انام و انتي مش في البيت.
وضعت سارة قبلة على خده وهمست: انت كمان وحشتني اوي يا بابي.
تركهم علي يتحدثان وذهب لتحضير الفطور.. وما هي الا دقائق و كان الفطور يتوسط المائده.
علي: يلا يا دكتور الفطار جاهز.
د عمر: لا انا هامشي يا حبيبي كفاية إني شفت سارة.
هتف علي مازحا: متقلقش على فكرة انا طباخ ماهر.
سارة: علشان خاطري يا بابي خليك معانا.. لو مشيت انا مش هاكل.
قال د عمر مستسلما: امري لله... انتي عارفة مامي لو عرفت هتعمل فيا ايه؟
علي: متخافش يا دكتور محدش هيقولها.... والله انا خفت تكون مرضيتش تبيتك في البيت بعد امبارح.
ضحك دكتور عمر: لأ ربنا ستر.
جلس الثلاثة على مائدة الطعام وشرعا في تناول الطعام...
د عمر: انتوا طيارتكم امتي يا علي؟
توتر علي من سؤاله واخذ يحاول ان يشير له بكل الإشارات ان يتوقف عن الاسترسال في الحديث لكن باءت محاولاته بالفشل.
صاحت سارة: ايه ده يا علي احنا هنسافر؟؟ هنروح فين؟؟ انت مش قولتلي مش هينفع نسافر علشان عندك شغل؟
ابتسم علي: شكراا يا دكتور.. طبعا انت دلوقتي عرفت انا مقولتش ليه ...علشان الزن ده.
هتف دكتور عمر بحرج: انا اسف ،انا فكرت انك قولتلها.
همس علي بحرج وهو يحك مؤخرة رأسه: مجتش فرصة.
صاحت سارة بحماس طفولي: هنروح فين يا علي؟؟
غمز لها علي: بعدين.
د عمر: تسلم ايدك يا علي الاكل حلو جداا.
علي: ألف هنا يا دكتور.. اهو على الأقل واحد فينا يبقي بيعرف يطبخ
ضحك دكتور عمر على علامات السخط المرسومة على وجه سارة: عندك حق.
قالت سارة بتهكم: انا كنت مفكرة إنك مش بيفرق معاك الحاجات دي.
اقترب منها علي وهمس: اقرب طريق لقلب الراجل معدته يا حبيبتي.
همست سارة في دلال متناسية ان والدها يقف لجوارها: هو انا لسة مخدتش قلبك؟
قال دكتور عمر بحرج: يادوب امشي انا علشان عندي حالة ولادة... مبروك يا ولاد.
علي: الله يبارك فيك يا دكتور.
هتف دكتور عمر مازحا: نفسي مرة تقولي يا عمي.
ضحك علي: مش قادر والله يا دكتور حاولت و مقدرتش.
ضحك كلاهما.. توجه دكتور عمر الي الباب ومن خلفه علي الذي همس له: طيارتنا بكرة الساعه 10 بالليل ان شاء الله... هنعدي نسلم عليكوا قبل ما نروح للمطار.
هتف دكتور عمر بامتنان: شكرا يا علي.
علي: العفو يا عمي... لالا مش قادر والله يا دكتور.
زبت دكتور عمر على كتف علي وقال: خلي بالك منها يا علي.
انصرف د عمر، وعاد علي الي سارة مرة اخري.. التي ما ان رأته حتى طوقته بذراعيها بدلال وهمست: هنسافر فين؟!
غمز لها علي وهو يشير باصبعه لأعلي: هنطلع فوق.
سارة: بجد هنروح فين؟!
علي: فاكرة على اليخت انتي قولتيلي نفسك تروحي فين؟؟
شهقت سارة بسعادة: إيطاليا!!!!
ابتسم لها علي وهو يضمها إلي صدره وهمس: وممكن نعدي على باريس ولو اتبقي وقت ممكن نروح اسبانيا و اليونان... عندنا شهر نلف فيه أوروبا كلها.
وضعت سارة قبلة على خده وهي تهمس: بحبك... بس انت عملت كل ده امتي وازاي؟
علي: دكتور عمر ساعدني و جابلي جواز السفر بتاعك.
سارة: لئيم بابي برضه.
علي: مش مهم دلوقتي في حاجات تانية أهم.
همست له بدلال: عليييي
حملها بين ذراعيه وهم ان يتوجه بها الي الطابق العلوي، لكن رن هاتفها المحمول.
قال علي بضيق: تفتكري دكتور عمر نسي حاجة؟
ضحكت سارة: لأ دي مامي.
قال ضاحكا: بدأت اتخنق من عيلتك يا حبيبتي.
سارة: استني بس، يمكن عاوزة حاجة مهمة.
تنهد علي مستسلما: ردي لما نشوف اخرتها، عرفيها أنك هتقفلي التليفون بعد المكالمة علشان محدش تاني يتصل بيكي.
سارة: علييي..... لأ مش هاقفل حاجة.
تلقت سارة المكالمة لفترة وجيزة ثم عادت مبتسمة
سارة: شوفت بقي ان المكالمة كانت لمصلحتك... مامي بعتالنا السواق بأكل
علي: و مين قالك إني عاوز أكل.
سارة: هتعيش من غير أكل يعني؟
ضمها علي و هو يهمس: لأ هاكلك انتي يا بطة.
سارة: خلاص بقي يا حبيبي... هناخد الأكل و محدش هيكلمنا تاني لحد اما نسافر... هو احنا هنسافر امتي؟
علي: بكرة يا حبيبتي ان شاء الله.
سارة: طيب مش يادوب نحضر الشنط.
علي: لأ انا شنطي جاهزة... انتي جهزي شنطك، واعملي حسابك انا مش هاشيل أكتر من شنطتين.
سارة: ايه اللي شنطتين، مش هياخدوا حاجة أصلا.
علي: خلاص متاخديش، انا عامل حسابي نروح اكتر من مكان ومش هيبقي سهل نتنقل بكل الشنط دي، خدي بس الحاجات الأساسية اللي ممكن تحتاجيها، و انا عارف هتروحي تعملي شوبينج هناك فا ملوش لزوم اشيل من هنا.
همست سارة بأدب: حاضر يا حبيبي، انت جوزي وانا لازم اسمع كلامك.
قالت سارة كلماتها وهي تتوجه نحو الدرج... استوقفها علي.
علي: لا استني، قوليها تاني كده.
قالت في دلال: جوزي!
هز علي رأسه: مش عارف اسامح نفسي إني كنت هاضيعك مني.
لفت سارة يدها حول عنقه وهمست له: بس المهم اننا دلوقتي مع بعض يا حبيبي.
بقلم: أميرة أحمد
•تابع الفصل التالي "رواية تقاطع طرق " اضغط على اسم الرواية