رواية اقدار لا ترحم الفصل الخامس والعشرون 25 - بقلم سيليا البحيري

 رواية اقدار لا ترحم الفصل الخامس والعشرون 25 - بقلم سيليا البحيري

صل 25
بعد كام يوم – شركة العيلة – الدور التالت – مكتب المحاسبة
بعد الضهر – المكان هادي والجو ساكن
لارين قاعدة على مكتبها، بتقلب في شوية ملفات مالية، ومازن قاعد قدامها ورا مكتبه، وشه شاحب وعينيه سرحانة، ماسك قلم بس مش بيكتب حاجة
لارين (بهدوء وهي تبصله):
ـ مازن… إنت كويس؟ من ساعة وأنا شايفة نظراتك مش هنا خالص.
مازن (بيرتعش شوية، وبيحاول يرسم ابتسامة باهتة):
ـ لا لا، تمام، يمكن صداع بسيط كده وخلاص.
لارين (تحط الملف جنبها وتقرّب كرسيها ناحيته):
ـ مازن، أنا مش هايدي، ومش هاتظاهر إني مصدقة الكذبة دي… وشك بيحكي حكاية تانية خالص.
مازن (ينزل راسه وصوته واطي):
ـ أنا… تعبت يا لارين، بجد تعبت.
لارين (بهدوء):
ـ من الشغل؟ ولا في حاجة تانية؟
يسكت شوية، بيحاول يتحكم في مشاعره، وبعدين يتكلم
مازن:
ـ من كل حاجة… من الوجع اللي جوايا… من المرض اللي كل ما أفتكر إني غلبته يرجعلي تاني… ومن هايدي… أكتر وجع عندي هو هي.
لارين (بصوت هادي وهي تميل لقدّامه):
ـ بتوجعك؟
مازن (يهز راسه):
ـ كل يوم… بكلمة، بنظرة، بسكوتها… هي مش بتحبني يا لارين.
وأنا… كل يوم بضحّي عشانها، بس هي مش شايفة فيا غير إني ظل سيف، أو عبء هي مضطرة تتحمله.
لارين (بغضب خفيف):
ـ هايدي ما تستاهلكش… إنت إنسان طيب ونضيف من جوا، وهي…
تسكت لحظة عشان تمسك نفسها، وبعدين تكمل
لارين:
ـ بتستهلك روحك على حد مش شايفك… وبتنسى نفسك وصحتك، اللي هم أهم من أي حاجة تانية.
مازن (يغمض عينه):
ـ يمكن عشان هي حلوة وأنا… نص راجل… مريض وضعيف…
لارين (بحدة مكتومة):
ـ مازن! ما تقولش الكلمة دي تاني، لو سمحت!
المرض مش ضعف، وطيبتك مش ضعف.
ولو في حد ضعيف، فهو اللي يستغل طيبة حد زيك.
بينهم لحظة صمت، نظراتهم كلها وجع وسكون، لحد ما يبتسم مازن ابتسامة باهتة
مازن:
ـ شكرًا يا لارين… أنا ماكنتش محتاج غير كلمة حقيقية… وسط الزيف اللي عايشه.
لارين (برقة):
ـ أنا موجودة… مش بس بنت عم مرات أخوك… موجودة كإنسانة حاسة بيك وبتفهمك.
الساعة تدق أربعة، مازن يقوم ببطء، يجمع شوية ورق، باين عليه التعب
لارين (بقلق):
ـ رايح فين؟ شكلك تعبان، اقعد ارتاح شوية.
مازن:
ـ لازم أكمّل اللي ورايا…
التعب الحقيقي مش في الجسم، التعب في القلب…
وأنا قلبي خلاص… كإنه بيقع حتة حتة.
لارين تبصله وهو بيخرج من المكتب ببطء، عينيها مليانة حنية وقلق، وتهمس بصوت خافت:
ـ يا رب… افتحله باب نجاة قبل ما يغرق تمامًا…
*************************
بعد كام دقيقة من خروج مازن
إيهاب يدخل بسرعة نسبية، شايل شوية ملفات في إيده، بيبص حواليه، لحد ما يشوف مازن خارج من الدور، وشه شاحب وظهره محني من التعب. ملامح إيهاب تتغير، يقف في مكانه لحظة، عينيه بتراقب مازن بصمت، وبعدين يعض على شفايفه من الغيظ، ويدخل المكتب اللي فيه لارين
إيهاب (بصوت تقيل):
ـ السلام عليكم، يا لارين.
لارين (بتقوم فورًا):
ـ وعليكم السلام، يا إيهاب، اتفضل… لسه كان هنا مازن.
إيهاب (بحدة وقلق):
ـ شُفته… شكله مش عاجبني خالص، هو كده بجد؟ تعبان كده؟
لارين (بتتنهد، صوتها حزين):
ـ أوي… من كام يوم وهو بيخبّي تعبه، بس النهارده شكله واقع خلاص.
كان بيحاول يشتغل بالعافية، بس واضح إن المرض راجع له تاني…
وهايدي؟ كل يوم بتكسره بكلمة، بنظرة، بسكوتها.
إيهاب (يضرب الترابيزة براحة إيده بعصبية):
ـ هايدي! أنا ساكت بقالّي سنين عشان خاطره، عشان نراعي نفسيته…
بس كفاية بقى! البنت دي سمّ… بتنهش فيه كل يوم، وهو لسه ماسك فيها كإنها طوق نجاة!
لارين (تهز راسها بأسف):
ـ هو بيحبها بصدق… وده اللي مدمّره.
مش شايف حقيقتها، أو يمكن مش قادر يصدق إن اللي بيحبه هو سبب وجعه.
إيهاب (بيمسح جبينه):
ـ لأ… شايف، بس خايف يواجه.
مازن أطيب واحد فينا، قلبه نضيف ومابيصدقش إن فيه أذى من اللي حواليه.
بس هايدي؟ دي عمرها ما كانت مننا، ولا كانت لينا.
(يسكت شوية، وبعدين يقول بمرارة)
ـ سيف مشغول، وأنا ساكت… بس ده مايعنيش إننا عُمي ولا أغبيا…
احنا كنا صابرين، بس مش هنسكت أكتر من كده.
لارين (بقلق):
ـ إيهاب… هو محتاجكم، بس بالراحة.
لو اتصدمتوا فيه بعنف، حالته هتسوء أكتر.
إيهاب (بحسم):
ـ أنا مش ناوي أزعق ولا أجرح…
بس لازم يعرف إننا شايفينه، وإنه مش لوحده…
ويمكن كمان لازم يفتح عينه ولو مرة على الحقيقة…
حتى لو وجعته.
يسكت لحظة، ويبص من الشباك كأنه بيدوّر على مازن اللي اختفى، وبعدين يهمس بصوت مكسور
إيهاب:
ـ مازن مايستاهلش يعيش بيموت كل يوم وهو ساكت…
لارين (بحزن):
ـ قلبه بيموت بالبطيء، يا إيهاب… وإحنا شايفين، بس مش قادرين نعمل حاجة.
إيهاب (بحسم):
ـ لأ… مش هنبقى عاجزين أكتر من كده.
أنا هاتصرّف. وهايدي؟ لأ، خلاص… وصلت لنهايتها.
(ياخد نفس عميق، يرمي الملفات عالترابيزة، ويتجه للباب بنظرة حاسمة وعينين مولعين بالغضب)
لارين (تنادي عليه):
ـ إيهاب… خليك جنبه، بحنان… هو مش ناقص وجع تاني.
يقف لحظة، يومي براسه بهدوء، وبعدين يخرج من المكتب بخطوات ثابتة
لارين (تهمس وهي تبص في الأرض):
ـ يا رب… خلص قلبه من اللي بيأذيه باسم الحب
**********************
في شاليه شيك عالبحر في الغردقة
المغرب قرب، ضوء الشمس داخل برقة من الشبابيك، وصوت الموج بيهمس في الخلفية، ريحة البحر مالية الجو… جوا، سيلين قاعدة على الكنبة، حضنة تاليا اللي نايمة في حجرها، وسيف واقف قدام الشباك بيتأمل الغروب.
سيف (بصوت هادي ولسه عينه عالبحر):
كنت دايمًا بحلم بلحظة هدوء زي دي…
بس ماكنتش متخيل إنها تيجي بالسرعة دي… ومعاكم.
سيلين (بتلمس شعر تاليا بحنان وبتبتسم بخفّة):
ساعات اللحظات اللي ما بنستناهاش…
هي اللي بتنقذنا فعلًا.
سيف (بيبص لهم، وبعدين يقرب بهدوء ويقعد قدامها):
تاليا… نايمة؟
سيلين (بصوت واطي وحنين):
أيوه… اتعبت من كتر اللعب، كانت بتجري ورانا طول اليوم.
(تبصله بابتسامة خفيفة)
بتحبها؟
سيف (يبص لتاليا وبعدين لسيلين بنظرة صادقة):
بحبها كإنها بنتي من أول لحظة نادتني "بابا"…
حسّيت وقتها إني مش بس جوزك عالورق…
بقيت حد حقيقي في حياتكم.
سيلين (عنّيها بتتلألأ، وبصوت مليان امتنان):
وأنا حسّيت إنك أمانها… وأماني أنا كمان.
لحظة سكون دافية بين الاتنين
سيف (بيبصلها في عينيها):
سيلين…
إحنا عايشين في دوامة خطط وانتقام ومواجهات…
بس إنتِ…
ماعدتش شايفك جزء من الخطة وبس…
فيكي حاجة بتهديني… بتريحني.
سيلين (بهمس):
وأنا كمان… معاك بحس إنّي مش لوحدي…
لأول مرة من سنين.
تاليا بتتحرك شوية، بتشّد حضنها على مامتها أكتر، وتهمس وهي نص نايمة:
ماما… بابا… ماتبعدوش…
سيف (يضحك بصوت هادي، ويقرب أكتر ويمسك إيد سيلين برقة):
مش هنبعد…
إحنا هنا… معاكي… دايمًا.
سيلين (بتقفل عنيها للحظة، والمشاعر مغرقاها، وتهمس):
شكرًا… على كل حاجة يا سيف.
سكون تاني، صوت البحر بيزيد، والشفق بيظهر من ورا الشباك، وجو الشاليه بقى دافي… دفا يشبه حضن البيت… البيت اللي بدأ يتبني بحب لسه ما اتقالش… بس موجود… وحيّ جدًا
**********************
على الشط، قدّام الشاليه – قرب نص الليل
السماء صافية، القمر بدر، والهوا عليل، وصوت البحر بيتناغم مع خطوات سيلين وسيف وهما ماشيين حافيين على الرمل… تاليا نايمة جوا.
سيف (بيبص على الموج وبيبتسم بخفة):
تعرفي…
كنت فاكر إن الانتقام هو النهاية…
بس النهارده حسيت إنه ممكن يبقى بداية… لحاجة مختلفة خالص.
سيلين (بصتله، وبعدها للبحر):
الانتقام زيه زي الجرح… بيفتح حاجة قديمة ويدمّيها…
بس الإحساس اللي جالي وأنا معاكي…
شبه الشفا.
سكون دافي، وصوت البحر بس اللي مسموع
سيف (بيبصلها):
بتخافي مني؟
سيلين (تضحك ضحكة خفيفة):
كنت بخاف من كل الرجالة… حتى من ظلهم.
بس معاك…
يمكن لأول مرة في حياتي أحس إني مش لوحدي.
بيبصوا لبعض شوية… كأن الزمن وقف
سيف (بصوت واطي):
عنيكي بتحكي حاجات إنتي ما قولتيهاش…
وقلبي… ابتدى يسمعها.
سيلين (تنزل عينيها وتهمس):
وأنا قلبي… بقى بيخاف يدق بصوت عالي…
بيخاف تسمعه… وتجري.
سيف (يقرب منها أكتر):
أنا مش هاجري، يا سيلين…
أنا تعبت من الهروب… أنا عايز أفضل.
لحظة صمت… وبعدين يمد إيده ويمسك إيدها برقة
سيلين (تبص لإيده اللي ماسكة إيدها، وبعدين ترفع عينيها له):
ليه بتعمل كده؟
ليه بتعاملني كإني أستاهل كل الحنية دي؟
سيف (بيبصلها بعينين مليانين دفء):
علشان إنتِ فعلًا تستاهلي…
علشان واجهتي الدنيا لوحدك وما وقعتيش…
علشانك بنت قوية، وأم عظيمة… وستّ… ساحرة.
سيلين (دموعها بتلمع، وتهمس):
سيف…
سيف (يمسح دمعتها بإيده بلطافة):
لو سمحتيلي…
أخلي الليلة دي بداية…
مش للانتقام…
بداية "إحنا".
يقرب أكتر، ويبوسها على جبينها بقبلة خفيفة…
قبلة مش زي أي حاجة قبل كده…
قبلة فيها أمان… مش وجع
سيلين (بهمس وهي بتبتسم):
بداية "إحنا"…
يمكن تبقى أحلى حاجة حصلتلي.
سيف يضمّها برفق، على الشط، تحت نور القمر…
وصوت البحر بيغني لقلوب لقَت أخيرًا حضنها وسكنها…
*****************
على سُفرة العشا – فيلا عيلة سليم
ليل هادي… بس الجو مكهرب.
الدنيا ساكتة، وصوت المعالق ع الصحون هو اللي مالي المكان… مازن بياكل ببطء، ووشه باين عليه التعب
هدى (بقلق وهي باصة لمازن):
مازن… يا ابني، ما أكلتش لقمتين ع بعض!
قلب أمك مش مطمنلك خالص.
مازن (بصوت واطي):
شوية صداع يا ماما… متقلقيش.
هايدي (رافعه حاجبها وبتضحك ببرود):
دايمًا بيهوّل المواضيع…
شوية تعب، يعني لازم نعيشها فيلم درامي؟
سكون مفاجئ على الترابيزة… الكل باصص لها
ياسمين (بصوت هادي):
يمكن بس محتاج راحة أكتر…
وشوية حنية… مش كده؟
إيهاب (باصص لهايدي بحدة):
الراحة بتبدأ من البيت…
من الكلمة الحلوة… من الاهتمام، مش من التجاهل والبرود.
سليم (بيرفع عينه من طبقه، بنظرة تقيلة):
في ناس بتعيش وسطينا… بس مش معانا بجد.
واللي بيتعب… مش محتاج صوت عالي، محتاج حضن دافي وكلمة تطيب قلبه.
هايدي بتتجمد، بتحاول تبتسم، بس بطن شفايفها بيرتعش
هدى (ببص لهايدي بنظرة حادة):
في ناس فاكرة نفسها أذكى من الكل…
بس الذكاء الحقيقي إنك تحافظي على اللي بيحبك.
مازن ابننا، ولما بيتعب… احنا كلنا بنتعب وراه.
أمينة (بحنية):
عشت مع سيلين سنين،
بس عمري ما شفت حد طيب زي مازن…
لو كان حد تاني مكانه، كان زمانه انهار من بدري.
مازن (بيبص لهم، وعنيه فيها لمعة دمعة، بس بيبتسم بهدوء):
كلكم غاليين عليا…
بس ياريت التعب كان بيخف بكلمتين حلوين.
تيا (بتمسك نفسها، وبصوت واطي):
لو الكلام بيخفف التعب…
كنت اتكلمت أنا كمان.
هدى (تلفّ ليها بسرعة):
تيا؟
مالك يا حبيبتي؟
تيا (بتبتسم ابتسامة باهتة):مفيش… بفكر بس في حاجة.
إيهاب (بصوت فيه حنية أخ كبيرة): حد مضايقك يا تيا؟
تيا (تضحك بهدوء): لأ… هو بس مش حاسس إني موجودة أصلاً.
الكل بيتبادل نظرات غريبة… هايدي بتدور عنيها، بتحاول تتجاهل الكلام، وتحط الشوكة على الطبق بصوت عالي
هايدي (ببرود): طالما كلكم شايفني أنا سبب مرض مازن…
فأهو، خليني أقول إني عملت اللي أقدر عليه…
بس واضح إنه برضو مش كفاية!
سليم (بصوت واطي بس نبرته مرعبة): اللي مزعلنا… إنك فعلاً مصدقة إنك عملتي حاجة من أساسه.
هدى تحط إيدها على إيد مازن… تيا تمسك إيد أخوها تحت الترابيزة… ياسمين تهمس لإيهاب حاجة، وهو يومئ براسه بحزن
صمت تقيل…
أكل ما اكتملش…
وقلوب مليانة بكلام مكبوت.
بس الكل على السفرة… فهم إن الهدوء ده مش هيستمر،
وإن هايدي وصلت لآخر حدودها
*******************
أوضة مازن وهايدي – بعد العشا
النور خافت، ومازن داخل الأوضة تعبان، جسمه مرهق وروحه أكتر.
يقعد على طرف السرير، يمسك دماغه من الألم… وهايدي واقفة قدام المراية، بتشيل حلقها وبتكشر
هايدي (بتلف ناحيته فجأة، بعصبية):
قلتلك مليون مرة…
وإحنا مع أهلك، خليك ساكت!
بس طبعك الضعيف دا دايمًا بيفضحك!
مازن (بيرفع عينه ليها، مستغرب):
ضعيف؟… عشان قلت إني تعبان؟
هايدي (بتقرب وتحط إيديها في وسطها):
لأ! عشان مش بتعرف تحافظ على صورتي قدامهم!
كل شوية تتنهد وتتأوه كأنك عيل صغير!
مش قادر تستحمل شوية صداع؟!
مازن (بصوت مهزوز):
أنا مش بتدلع…
أنا فعلاً تعبان يا هايدي…
وكنت فاكرك هتفهميني أكتر من أي حد.
هايدي (بتضحك بسخرية):
أفهمك؟
يا حبيبي أنا اتعبت من "تفهمك"!
على طول مريض… مكتئب… مكسور!
أنا مش ممرضة! أنا مراتك!
مازن (يقوم بصعوبة، وبيتهز):
وكنت أتمنى تكوني ضهري…
مش اللي يوجعني كل ليلة!
هايدي (بجفاف وقسوة):
بلاش بقى تمثيل دور الضحية!
إنت السبب في كل حاجة!
حتى أهلك… شكلك رحت اشتكيتني ليهم؟
أكيد ورا كل النظرات اللي كانت بتترمي عليّ على السفرة!
مازن (عينيه بتدمع وهو بيهز راسه):
ما قلتش ولا كلمة…
بس هم شافوا، حسّوا…
من معاملتك، من برودك، من نظرتك اللي كأنك قرفانة مني!
هايدي (تقرب منه وتهمس ببرود قاتل):
طيب اسمعني كويس…
أنا ما حبتكش يوم!
وافقت عليك لأسباب… والأسباب خلصت!
مازن (بيبص لها كأنها سحبت منه آخر نفس):
ما حبتينيش؟
ولا حتى لحظة؟… وأنا بين إيدك منهار؟
هايدي (بتبعد وبتلوّح بإيديها):
بلاش تمثيل بقى!
أنا زهقت!
وجودك نفسه بقى يخنقني!
مريض… ضعيف… عايش عالة على الكل!
مازن (يقعد تاني على السرير، يدفن وشه في إيديه):
ليه؟
ليه بتعملي فيا كده؟
والله… ما استاهل منك دا كله.
هايدي (بتروح ناحية الباب):
تستاهل أو ما تستاهل، مش فارقة معايا خلاص!
نام لوحدك الليلة… زي كل ليلة!
تخرج وتخبط الباب وراها… مازن يفضل قاعد لوحده… بينهار في صمت، ودموعه تنزل على كفه المرتعش
**********************
في ممر الفيلا – بعد ما هايدي خرجت من أوضة مازن
هايدي خارجة من الأوضة، ملامحها متجهمة، لابسة قميص نوم أنيق وعليه روب حرير، ماشية بخطوات غاضبة ناحية السلم… وفجأة، الزمن بيقف.
إيهاب واقف قدامها في نص الممر، هادي بشكل مرعب، إيديه في جيوب بنطلونه، وعينه مولعة غضب
إيهاب (بصوت هادي بس نبرته حادة زي السكينة):
خلصتي المسرحية اليومية بتاعتك، يا مدام هايدي؟
هايدي (بتتجمد في مكانها، بتحاول تمثل إنها متماسكة):
مساء الخير… يا إيهاب.
إيهاب (بيقرب منها خطوة، وبصص لها من فوق لتحت باحتقار باين):
بلاش تمثلي البراءة…
أنا واقف قدام واحدة ما تستاهلش حتى تكنس البلاط في بيت البحيري.
هايدي (تحاول تهدي نفسها، بس وشها بيحمر):
مش فاهمة قصدك…
إيهاب (ببرود قاتل):
ما تتعبيش نفسك…
عشان ببساطة، إنتِ "ولا حاجة".
وجودك هنا كان بس عشان شفقة… من مازن… ومننا… مش عشانك.
هايدي (بتتحرك خطوة ورا، والاهانة بدأت تغلي جواها):
مازن جوزي… وأنا…
إيهاب (بيقاطعها بقسوة):
لأ، بلاش تقولي "جوزي"!
مازن أطهر منك بمراحل…
ولو ما كان تعبان، كنت أنا أول واحد يطردك من البيت ده من غير حتى ما تبصي وراكي.
بيسكت لحظة، وبعدين يبص في عينيها من غير أي تعبير
عارفة إيه المؤلم؟
إنك كل يوم بتكسري قلب إنسان بيحبك بجد… بيعيش عشانك…
وإنتي؟ بتعاملينه كأنه عبء.
بس صدقيني… يومك جاي.
هايدي (تحاول تسيطر على نفسها، صوتها واطي):
إيهاب… أنا ما عملتش حاجة غلط…
إيهاب (بيقرب منها أكتر، صوته بيبقى أهدى بس نظرته بتقطع):
اسكتي!
متتكلميش قدامي بكدبك.
إنتِ نقطة سودة في صفحة العيلة دي…
وهتيجي اللحظة اللي نمسحك فيها تمامًا.
بيلف علشان يمشي، وبعدين يرجع يبص لها نظرة أخيرة وهو بيرمي كلمته الأخيرة بنبرة حادة
وافتكري دايمًا:
إنتي مرات مازن البحيري…
ومن غيره؟
ولا حاجة.
يسيبها واقفة، بتتنفس بعصبية، عينيها بتلمع من القهر… بس ما بتقدرش ترد.
تفضل واقفة تبص في الفراغ، وشها بيشحب من الغيظ… وبعدين تلف بسرعة وتنزل على السلم كأنها بتجري من ظله
*☆يتبــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع☆☆*

•تابع الفصل التالي "رواية اقدار لا ترحم " اضغط على اسم الرواية

تعليقات