رواية اقدار لا ترحم الفصل الرابع والعشرون 24 - بقلم سيليا البحيري
فصل 24
أوضة النوم – فيلا سيف
نص الليل
النور خافت، جاي من أباجورة صغيرة جنب السرير.
الدنيا ساكتة، مفيش غير صوت الهوا اللي بيعدّي بهدوء من الشباك.
سيلين قاعدة على طرف السرير، لابسة روب قُطني بسيط، شعرها سايب، وعينيها شاردة ناحية الشباك.
سيف بيخرج من الحمام لابس بيجامة، بيبصّ لها لحظة من غير ما يتكلم، وبعدين يقرّب منها بالراحة
سيف (بصوت هادي):
"لسّه صاحية؟ مش من عادتك تسهري كده…"
سيلين (من غير ما تبصّله):
"في حاجات كتير بتلف في دماغي… مش عارفة أنام."
سيف (بيقعد جنبها):
"تاليا ووليد نايمين زي الفل، وريان ماسك الدبدوب ومش سايبه…
بس شكلك إنتِ اللي محتاجة تطمني."
سيلين (بتبص له بهدوء):
"أنا كويسة يا سيف…
بس يمكن لأول مرة من زمان أوي، أحس إني في أمان… وده لوحده بيخوّفني أكتر من الخطر."
سيف بيبتسم ابتسامة بسيطة، وبيبصلها في عنيها
سيف:
"الأمان مش مرعب… المرعب إنك تعيشي طول عمرك خايفة توصلي له.
إنتِ عملتي حاجات كبيرة، حاجات أنا نفسي معرفتش أعملها.
أنا حتى… معرفتش أحميك زي ما كنتِ تستحقي."
سيلين (بصوت واطي):
"إنت الوحيد اللي فضّل جمبي…
حتى لما كل الناس شكوا فيّ، إنت ما شكّيتش لحظة."
سيف (بصوت دافي):
"وأنا فخور إني جنبك… مش بس علشان العيال…
علشانك إنتِ، علشان سيلين اللي عرفتها من زمان."
(طلحظة صمت تمرّ، سيلين تهمس بصوت هادي، من غير ما تبص له
سيلين:
"أوقات بنسى إننا متجوزين…
بس هو كده فعلاً؟ متجوزين على الورق بس…"
سيف (بهداوة، وعنيه مثبتة عليها):
"الورق عمره ما كان هو اللي بيحدد القرب…
ولا بيمنعه."
سيلين تتردد لحظة، وبعدين ترفع عينيها له، نظرة كلها شكر وخجل بسيط.
سيف يمدّ إيده ويمسك إيدها بهدوء
سيف (بصوت واطي):
"أنا مش هضغط عليكي، ولا هستعجل أي حاجة…
بس لو في يوم حسيتي إنك عايزة تبقي قريبة…
أنا هنا، ومش ناوي أبعد."
سيلين تحس برجفة صغيرة جواها، وتبتسم ابتسامة خفيفة،
وبعدين تميل برأسها على كتفه في سكون.
سيف يلفّ دراعه حواليها بلُطف
سيلين (بهمس):
"أنا تعبت أوي يا سيف…
بس وأنا جنبك… بحس بالأمان."
سيف (بابتسامة فيها حنية):
"وهتفضلي حاسة بالأمان…
طول ما أنا جمبك."
يقعدوا سوا في هدوء وسكون…
لأول مرة كإنهم فعلاً جوزين مش بس على الورق…
ورغم الوجع، كان فيه دفء بيتولد جوا الضلمة
********************
غرفة إيهاب وياسمين – الساعة العاشرة مساءً
غرفة هادئة يغمرها نور أصفر ناعم ينبعث من أباجورة جانبية. ياسمين ترتدي منامة قطنية مزركشة وتجلس على السرير وهي تسرّح شعرها الطويل، بينما إيهاب يجلس بجانبها، يحمل كوبًا من شاي النعناع، وعيناه تتابعان ملامحها بابتسامة ناعمة.
إيهاب (بصوت دافئ):
عارفة إنك لما تسرّحي شعرك كده... بتحسيّني إني في بيت دافئ حقيقي.
يميل ليقبّل جبينها بحنان.
ياسمين (تضحك بخجل):
ما تبالغش يا إيهاب... ده بس شعر مش نار مدفأة!
إيهاب (يضحك):
لا والله... إنتِ كل حاجة فيك بتطمني. و... بتهيألي الوقت جه.
ياسمين (ترمقه باستغراب لطيف):
وقت إيه؟
إيهاب (ينظر في عينيها بجدية ممزوجة بشغف):
عايز أكون أب، يا ياسمين.
يسكت لحظة ثم يكمل بصوت أكثر رقة:
نخلي ضحكتك تترسم في طفل صغير... يشبهك.
ياسمين (تضع يدها على صدره بتأثر):
بجد يا إيهاب؟... كنت مستنية اليوم اللي تقول فيه كده.
أنا كمان عايزة... طفل يشبهك، بنفس طيبتك وروحك الجميلة.
إيهاب (يضمها برفق):
يبقى نبدأ من النهاردة نحلم سوا.
(لحظة صمت دافئة، ثم تنتقل ياسمين للحديث بصوت خافت)
ياسمين:
تحس سيف مرتاح مع سيلين؟ حسّيت في نظراته ليها حاجة متغيّرة.
إيهاب (يبتسم بخبث خفيف):
هو مش بيعترف بسهولة، بس أنا أخوه... وبشوف.
سيف من النوع اللي لو دخل حد قلبه، بيحارب الدنيا عشانه.
ياسمين (تفكر قليلاً):
وسيلين... تحسيها جبل.
عدّت على اللي محدش يتحمله ولسه واقفة.
إيهاب (بثقة):
هي ما بتنكسرش، ياسمين. سيلين أقوى من الناس كلهم... حتى سيف نفسه بيخاف عليها مش منها.
ثم ينظر لها بشيء من الفخر:
هي مش بس قوية... هي ذكية، ومخلصة، و... لو سيف فاق فعلاً، هيكون أسعد رجل في الدنيا.
ياسمين (تضحك برقة):
ربنا يكتب لهم الخير... زي ما كتبه لنا.
ثم تهمس:
ونكتب اسم البيبي من دلوقتي؟
إيهاب (يمسك يدها ويقبّلها):
نبدأ نكتب الحلم... من الليلة.
تُطفأ الأباجورة، وتستمر الهمسات بينهما في ظلال المحبة والدفء
*********************
أوضة نوم مازن وهايدي – بالليل – نور خافت
مازن قاعد على السرير، لابس بيجامته، ماسك كتاب في إيده بس مش قادر يركز. نظرته شاردة، وشه باهت وتعبان، آثار المرض باينة عليه… بس في عينيه فيه نقطة أمل في حب ما عرفش يكتمل
هايدي بتدخل الأوضة، لابسة فستان شيك، متعطرة، وبتبص في المراية وهي بتظبط شعرها برقة فيها دلال
مازن (بصوت واطي ومتردد):
"اتأخرتي يا هايدي… كنت قلقان عليكي."
هايدي (ببرود):
"كنت مع صحابي. لازم آخد نَفَس… مش كل حياتي تبقى دوشة ومرض وهمّ."
مازن (يحاول يبتسم):
"أنا آسف لو دايقتك… بس وجودك جمبي بيريّحني.
النهارده كنت تعبان شوية… والدكتور قال لازم أرتاح أكتر."
هايدي (بتلفّ تبصله بنظرة استهزاء):
"دايمًا تعبان… دايمًا ضعيف.
أنا اتجوزتكش عشان أتحبس في بيت أراعى مريض طول عمري."
مازن (صوته بيكسر):
"بس أنا بحبك يا هايدي…
وكل اللي بطلبه بس، تبقي جنبي.
عارف إني مش زي الناس التانيين…
بس قلبي ليكي، وانتي دنيتي."
هايدي (تضحك بسخرية وهي رايحة ناحية الدولاب):
"قلبك؟!
أعمل بإيه بقلبك؟
أنا محتاجة راجل يحركني، يعيّشني… مش يوقفلي الزمن!
تتوقع إني أدفن شبابي في أربع حيطان عشانك؟
أنا خسرت كتير في الجوازة دي… بس الحمد لله، لسه فيه حاجة تعوّضني."
مازن (بصوت منخفض):
"هايدي… تعبتِ مني؟ من مرضي؟ من حياتنا؟"
هايدي (بضحكة باردة وهي بتبص على ضوافرها):
"وأخيرًا فهمت!
كنت مستغربة إزاي ما أخدتش بالك لحد دلوقتي.
الحياة معاك؟ خانقة…
كأنها سجن، من غير شباك ولا نفس."
مازن (بيحاول يلم نفسه):
"أنا بحاول…
بحاول أكون جوز كويس، رغم كل حاجة.
بس…
عمرك حبيتينى، صح؟"
هايدي (ترفع حاجبها وتقعد قدامه على الكرسي، ونظرتها باردة):
"أحبك؟
أنا ما اتجوزتكش عشان الحب يا مازن.
اتجوزتك عشان إنت من عيلة الغريب…
الاسم بتاعك لوحده كنز.
بس للأسف… طلعت المفتاح المكسور."
مازن (ينزل عينيه، وبيبلع غصته):
"حتى لو ما بتحبينيش…
ما كانش لازم تجرحيني بالشكل ده."
هايدي (بضحكة ملسوعة):
"إيهاب؟ حتى وهو طيب وبريء… فيه رجولة.
وسيف؟ آه سيف… ده الراجل بجد.
قوي، واثق، عارف هو مين.
أما إنت؟
إنت مجرد ظل باهت لإخواتك."
مازن (يمسح دمعة خفيفة):
"أنا أخوهم… وجوزك… وشريكك في البيت.
ليه المقارنة؟"
هايدي (بتقف وتلف ضهرها):
"علشان المقارنة هي اللي بتكشف الحقيقة.
وخليني أقولك… لا سيف، ولا إيهاب، ينفع يتقارنوا بيك.
حتى لو حاولت."
مازن (صوته بيتهدج):
"كنت فاكر إن المرض هو أسوأ حاجة حصلتلي…
بس شكلك إنتي أسوأ ابتلاء في حياتي."
هايدي (تلف تبص له بابتسامة باردة):
"والأسوأ؟
إنك لسه ماسك فيا…
مع إني من أول يوم، ما حسيتش بيك ولا لحظة."
مازن (بيقوم بصعوبة، ويقرب منها):
"مش هطلب حبك تاني…
بس بلاش تكمّلي في إهانتي.
أنا مريض… مش ميت من جوا."
هايدي (تبتعد بخطوة، ببرود):
"واضح…
بس قريب."
مازن (يهمس وهو رايح ناحية الشباك):
"ربنا يسامحك يا هايدي…
عارف إنك ما تستاهليش حتى دمعة،
بس قلبي… ما سمعش الكلام."
******************
غرفة نوم فخمة في فيلا راقية – في المساء
الإضاءة خافتة، أضواء المدينة تتسلل من خلف الستائر الشفافة
جوليانا تقف أمام المرآة ترتدي روب حريري أسود وشعرها منسدل بعناية. في يدها كأس نبيذ أحمر، وفي عينيها لمعة انتصار شيطانية.
تشغّل موسيقى كلاسيكية خفيفة من هاتفها، ثم تتحدث مع نفسها بصوت واثق وبارد:
جوليانا (تبتسم بخبث وهي تنظر لانعكاسها):
"وأخيراً يا سيلين… رجعت اللعبة تشتغل، بس هالمرة أنا اللي حاطّة القوانين."
(ترتشف من كأسها وتجلس على الكرسي أمام مرآة الزينة)
جوليانا (بتهكم):
"كل ما بشوف وجهك الناشف بالصور، بتذكّر الجامعة… وبتذكّر كيف كنتي دايماً الأولى… دايماً المتفوّقة… دايماً الكل حواليكي!"
(تضحك بسخرية)
"بس مش هالمرة، لا يا ست سيلين! لبنان مش مثل هون، وهون... أنا جاي آخد كل شي. شركتك، اسمك، حتى رجالك!"
تسحب من على الطاولة ملفّاً أصفر يحمل شعار شركة حسام، تقلبه ببطء وهي تتابع
جوليانا (بثقة):
"حسام لعبته واضحة، بيموت بالسلطة وبيكره الخسارة… وأنا؟ أنا بعرف كيف أزرع الكراهية صح. تحالفي معه خطوة أولى بس…"
تنهض وتمشي نحو النافذة، تحدّق في الأفق
جوليانا (بنبرة منخفضة حاقدة):
"رح أخليكي تركعي يا سيلين… رح أخليكي تتمنّي لو ما رجعتي أبداً… ولو كانت عندك نصف ذرة ذكاء، كنتي فهمتي من أول لحظة إنو جوليانا ما بتنسى، وما بتسامح."
تبتسم بتشفٍ، ترشف آخر قطرة من كأسها، وتطفئ الموسيقى
جوليانا (بهدوء قاتل):
"اللعبة بلّشت… والله يعينك عالنهاية."
*******************
فيلا حسام – بالليل – أوضة المعيشة الواسعة
الجو متكهّر، والسكوت مالي المكان، مفيش صوت غير النفس التقيل، ونظرات كلها غضب وصدمة.
حسام واقف عند الشباك بيتنفس بسرعة، نوال قاعدة على الكنبة ووشّها بيولّع، رهف باصة بقلق، وليلى متجمّدة في مكانها، وجمال واقف في النص، عينيه مليانة غِلّ وهو باصص على ابنه.
نوال (بتزعق بصوت عالي):
يعني إزاي؟! إزاي تاخده وهي أصلًا ما تعرفش عنه حاجه؟!
إزاي المحكمة تدّيها وليد؟! ده ابني! ابني أنا يا حسام!!
حسام (بصوت غاضب ومخنوق):
أنا نفسي مش فاهم!
المحامي كلّمني وقال الحكم طالع من أسبوع وإحنا ما نعرفش!
سيلين لعبتها صح… استغلت كل حاجه!
جمال (ينفجر بصوت مخنوق):
لعبتها صح؟!
يعني إنت واقف تتفرج؟!
كنت فين وهي بتحضّر لكل ده؟
خدت تاليا وسكتنا… دلوقتي تاخد وليد كمان؟!
ليلى (بحزن وانكسار):
مش قادرة أصدق إن سيلين…
اللي كنا بنقول عليها بنتنا… تعمل فينا كده...
رهف (بتحاول تهديهم):
ماما… بابا… يمكن في حاجه مش واضحة…
يمكن كانت شايفة إن معاملة ماما لوليد…
نوال (بتقوم وتزعق فيها):
أنا اللي ربيته!
أنا اللي شايلة همه!
تيجي هي كده، تاخده منّي؟!
مستحيـــــل!!
جمال (يبُص لحسام بصوت حاد):
إنت السبب!
إنت ونوال!
إنتو اللي خلّيتونا نكرهها، تزرعوا فينا شك وكره…
تقولوا خاينة، تقولوا ملهاش ضمير…
وهي؟ بهدوء… وبلا ولا صوت… كسبت!
حسام (يضرب بإيده على الحيطة):
كنت فاكرها خلصت…
إنها انتهت خلاص!
ما توقعتش ترجع بالقوة دي…
ليلى (بهمس ودموعها على خدها):
هي ما رجعتش…
هي انتقمت… وبأذكى طريقة…
نوال (بتقف وتزعق):
مش هسكت!
هستأنف وهارفع قضية، وهقلب الدنيا فوق دماغها!
عايزة حرب؟ أنا قدّ الحرب!
جمال (بغضب قاسي):
ما تعيطيش بقى لما تخسري كل حاجه…
سيلين مش أي واحدة…
وإنت يا حسام؟
لو عندك نقطة رجولة، كنت وقفتها من زمان.
رهف (بهمس وهي سرحانة):
كانت دايمًا تقول… الظلم عمره ما بيطول...
الكل واقف مصدوم...
سيلين عملتها...
وخدت وليد…
وابتدت تقلب الترابيزة على الكل، واحدة واحدة...
*********************
بعد لحظات من السكوت والتوتر… الكل بيغلي من الغضب، وحسام بيهرش راسه بعصبية، وفجأة عينيه بتتفتح على الآخر كإنه افتكر حاجة مهمة.
حسام (بيوشوش نفسه):
جوليانا… المحامية اللبنانية… كانت بتقول تقدر تقلب أي ترابيزة… وقالت جاية مخصوص علشان سيلين…
يمسك تليفونه بسرعة، إيده بترتعش شوية وهو بيدوّر على رقمها
ليلى (بتبص له باستغراب):
بتكلم مين دلوقتي؟ مش لسه مصدومين كفاية؟!
حسام (وهو بيقف بسرعة ومتوتر):
بكلم الوحيدة اللي ممكن ترجع لي وليد… جوليانا.
جمال (ساخر وبيضحك بسُم):
آه، هتجيب المرتزقة بقى؟
سيلين لعبتها قانونية ونضيفة… مش زي ألاعيبك.
نوال (بعصبية):
بس لو جوليانا دي محامية جامدة بجد، يمكن تلاقي لنا ثغرة في الحكم!
حسام يبعد شوية عنهم وهو بيدوس على زر الاتصال، الكاميرا تروح مع صوته في المكالمة...
جوليانا (بصوت هادي وواثق):
حسااام… ما كنتش متوقعة تكلم بسرعة كده.
واضح إنك ولعت نارك خلاص.
حسام (مستعجل):
الدنيا اتقلبت يا جوليانا!
سيلين خطفت وليد! إزاي عملت كده؟!
لازم ترجعيه لي بأي طريقة!
جوليانا (بضحكة خفيفة مستفزة):
ما أنا قلت لك… هي قوية، بس أنا أقوى.
قوليلي، إمتى نتقابل؟ أنا محتاجة كل ورق قضية الحضانة، وكل حاجة تخص وليد.
حسام (بحماسة):
النهاردة! هبعتلك كل حاجة الليلة… بس بالله عليكي… خلينا نكسر غرورها.
جوليانا (ببرود وقسوة):
أنا هعمل أكتر من كده، حسام…
سيلين هتندم على اليوم اللي قررت فيه تتحداني مرتين.
أول مرة في الجامعة… والتانية دلوقتي.
بس خلي بالك… ده مش هيكون ببلاش.
حسام (من غير تردد):
ادفعيها التمن اللي يعجبك…
بس رجعي لي ابني… وخلّيها تنهار.
جوليانا (بهمسة مرعبة):
تمّ… جهّز نفسك، الحرب بدأت يا حسام.
المكالمة تخلص… حسام يرجع للصالة ووشّه كله غضب وعيونه مولّعة شر
حسام (بصوت منتصر):
جوليانا هتتكفل بالموضوع… سيلين انتهت.
نوال (بانفعال):
يا رب تطلع قد كلمتها…
أنا مش قادرة أستوعب إن وليد مش معايا!
جمال (بيتنهد بقوة وبيحذر):
خد بالك يا حسام… اللعب بالقانون مش لعب عيال…
ولو خسرت، هتدفع التمن غالي أوي.
المشهد ينتهي على لقطة قريبة من وشّ حسام… قلق وشر باينين في ملامحه،
وصوت نوال وهي بتبكي وراهم بهدوء بيملأ الخلفية...
**********************
بعد كام يوم – مطار القاهرة الدولي – صالة كبار الزوار
الساعة حوالي 12 الظهر – الجو معتدل، وشمس هادية داخلة من الإزاز العالي
سيلين وسيف واقفين جنب الكراسي الجلد الفخمة، ولارين واقفة معاهم ماسكة إيد ابنها ريان، وتاليا الصغيرة بتلف حوالينهم بحماس وشايلة شنطتها الزهرية.
ياسر وأمير واقفين على جنب، بيبصوا لبعض بنظرات متحفزة.
تاليا (وهي بتنط من الفرحة):
مامااا، هو جدو إياد اتأخّر ليه؟! قالّي هيجيبلي مفاجأة كبيييرة!
سيلين (بتبتسم وتنزل على ركبتها تعدّل التوكة في شعر بنتها):
قرب يوصل يا قلبي... الطيارة نزلت خلاص، بس يمكن واقف في الجمارك شوية.
ريان (يجري لتاليا):
جدو قال هيجيبلي عربية بوليس جبببيرة! أكبر من اللي عندي!
لارين (بتضحك وهى بتبص عليهم):
لو جابلكم لعب أكتر من كده، مش هنعرف نحطهم في البيت أصلًا!
سيف (يبص لسيلين وهمس):
بصراحة… متوتر شوية. مش عارف هقوله إيه لما أشوفه.
سيلين (تحط إيدها على كدفه تطمّنه):
خليك طبيعي… إياد راجل طيب جدًا، وبيحب الناس اللي بتحبني. هيحبك من أول لحظة، صدقني.
أمير (بيبصلهم بنظرة مستفزة):
بس خليك فاكر… مش أي حد بياخد ثقة إياد باشا كده بالساهل.
ياسر (يحذر أخوه):
أمير، بلاش كلام مالوش لازمة دلوقتي.
لارين (بهدوء):
أمير، إياد بيعتبرك وسيف زي ولاده. إحنا عيلة… بلاش عداوة.
تاليا (تصرخ وتشاور ناحية البوابة):
مااااماااااا!! جدوووو إياد جيييه!! شوفتووو!!
سيلين (تلف بسرعة وعينيها تدمع):
إياد...
تدخل نهال – ست شيك وعنيها كلها حنية – ومعاها راجل كبير في السن ببدلة شيك، شعره أبيض بس ضحكته دافية… ده إياد
إياد (فاتح دراعه وبيضحك):
بناتي الحلوين… تعالوا لحضني!
تاليا و ريان (يجروا عليه ويحضنوه):
جدوووو!! جدو إياد!!
نهال (تقرّب من سيلين وتحضنها):
وحشتيني يا بنتي… ما شاء الله، كبرتي وبقيتي أقوى من الكل.
سيلين (بدموع في عينيها):
إنتي نورنا يا خالتي نهال… وحشتوني أوي.
إياد (يبص لسيف ويمد إيده):
إنت سيف؟
سمعت عنك كتير… يوسف لو كان عايش، كان فخور ببنته وباللي واقف معاها.
سيف (يمد إيده بثقة):
الشرف ليا يا باشا… وإن شاء الله أكون قد الثقة دي.
إياد (بابتسامة):
أنا مش بسهولة أدي ثقتي… بس أنا شايف في عنيك صدق وإخلاص… وده كفاية كبداية.
أمير (يبصله بخجل):
أهلاً بيك يا بابا…
إياد (بصرامة حنينة):
تعال هنا يا أمير. (ويحضنه جامد)
مش عايز خلافات بينكم… عايزين نرجّع لمّة زمان… عيلة واحدة، قلب واحد.
لارين (بهمس لياسر):
الدفا رجع… كأن الزمن رجع ورا.
فجأة إياد يبص على ياسر اللي واقف ساكت، عينيه كلها لهفة وندم، وإياد يوشوش باسم ابنه:
إياد (بصوت مكسور):
…ياسر؟
ياسر (بصوت خافت):
بابا…
الحاجز يقع، إياد يفتح دراعه وياسر يجرى عليه، حضن طويل كله شوق ودموع بعد سبع سنين فُراق
إياد (بيبكي زي الطفل):
ابني… حي… ابني رجعلي… كنت فاكرني فقدتك للأبد… يا رب رحمتك…
نهال (تقرّب وهي بتحط إيدها على بُقها):
يااااسر… حبيبي… ولدي!
ياسر يفتح دراعه ويحضن أمه كمان، الكل بيعيط، حتى سيلين حطت إيدها على قلبها، ودمعة نزلت على خدها.
ياسر (يهمس):
سامحوني… سامحوني إني بعدت… غصب عني… بس قلبي كان معاكو طول الوقت.
إياد (يشد على دراعه):
ولا كلمة… المهم إنك رجعت… والباقي نصلّحه سوا… مش هسيبك تاني أبدًا.
أمير (واقف على جنب، بيحاول يتمالك نفسه، بس عينيه فضحاه):
رجوعك رجّع القلب للبيت يا ياسر…
سيف (واقف بيتفرج بتأثر، يقرب بعد لحظة):
حضرتك إياد باشا… أنا سيف، جوز سيلين. شرف كبير إني قابلتك.
إياد (بيبتسم وهو بيتمسح دموعه):
أهلاً بيك يا سيف… سمعت عنك كتير… وسعيد إني شفتك أخيرًا.
تاليا (تشُد إيده بحماس):
جدووو… إحنا هنروح بيتنا الكبير دلوقتي صح؟ هتناموا معانا؟!
إياد (يضحك):
طبعًا يا حبيبتي، البيت هينور بيكم كلكم.
الأسرة كلها متجمعة… حضن، دموع، شوق، حب…
ووراهم بوابة الوصول بتفتح لذكريات ولسيناريوهات جاية…
*☆يتبــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع☆☆*
•تابع الفصل التالي "رواية اقدار لا ترحم " اضغط على اسم الرواية