رواية اقدار لا ترحم الفصل الثاني والعشرون 22 - بقلم سيليا البحيري

 رواية اقدار لا ترحم الفصل الثاني والعشرون 22 - بقلم سيليا البحيري

فصل 22
بعد كام يوم – قاعة الاجتماعات الرئيسية في شركة العيلة
سيلين: لابسة بدلة بيچ شيك، شكلها واثق وجاد، شعرها ملموم بأناقة.
سيف: قاعد بيراقب كل حاجة بعين صقر، هادي وواثق.
خوان كارلوس: راجل إسباني في الأربعينات، شريك محتمل، بيتكلم إنجليزي بلكنة واضحة.
معاه وفد من رجال أعمال إسبان.
فيه كمان عدد من موظفين الشركة.
باب القاعة بيتفتح، وسيلين داخلة بشياكة، شايلة ملف العرض في إيدها، وسيف جنبها بيبص بسرعة ع الوفد
سيف (بابتسامة رسمية):
أهلاً وسهلاً بيكم تاني في شركتنا، مستر كارلوس.
يا رب العرض الأولي يكون عجبكم.
كارلوس (وهو بيقوم يسلم):
بصراحة… كان ممتاز. متحمس أسمع من مدام سيلين التفاصيل الفنية.
سيلين (بثقة وصوت هادي لكن حازم):
أكيد. هعرض عليكم دلوقتي خطة العمل لسنة الشراكة الأولى، واللي مبنية على دراسة السوق هناك في مدريد وبرشلونة.
سيلين بتفتح اللابتوب وتشغّل البروجيكتور، وبتبدأ العرض، بتشرح الشرائح واحدة واحدة بدقة
سيلين (بتركيز):
الخطة دي متقسّمة على 3 مراحل رئيسية، كل مرحلة واخدة في اعتبارها اختلاف السوق الإسباني عن المصري.
بصوا هنا…
[بتشاور على الجرافيك]
نسبة المخاطر بتقل تدريجيًا خلال أول 9 شهور، وده بيسمح نرفع حجم الاستثمار 15٪ مع نهاية المرحلة التانية.
كارلوس بيهمس حاجة لمساعده، وبعدين يبص لسيلين بنظرة إعجاب مهني
كارلوس:
واضح إنكم عملتوا تحليل معمّق جدًا.
بصراحة ماكنتش متوقع المستوى ده من الدقة.
سيف (بيبص لسيلين وبيبتسم بخفة):
سيلين ما بتقدّمش أقل من الكمال.
سيلين (من غير ما تبص له، وبنبرة فيها حزم):
احنا ما بنحطش توقعات… احنا بنحقّقها.
ضحكة خفيفة من شوية ناس من الوفد. كارلوس يبص لسيف بنظرة جدية
كارلوس:
تمام… أنا جاهز أناقش البنود الأولية للعقد معاكم حالًا.
سيلين:
ممتاز. إحنا محضّرين نسخة جاهزة للمراجعة، وهجهّز نقاط التفاوض أثناء الغدا.
سيف (بيقوم من مكانه):
يبقى ننتقل للمكتب التنفيذي.
سيلين تقفل اللابتوب وتاخد الملف بإيدها، وتتحرك بثقة جنب الوفد، وسيف وراها بيراقب كل لمحة وسكنة بين كارلوس والناس اللي معاه
********************
قاعة الاجتماعات – شركة البحيري
الحضور: سيف، سيلين، كارلوس (الشريك الإسباني)، إلينا (البنت الإسبانية)، أعضاء من الفريقين.
كارلوس (وهو بيبص لسيلين بإعجاب وبعدين يبتسم بلُطف):
ـ آنسة سيلين، باين عليكي إنك متعودة تتعاملي مع ملفات معقدة، بس فعلاً بتعرفي تبسّطيها بشكل ممتاز. قليل أوي لما نقابل ستات أذكياء وجميلات زيّك في المجال ده.
سيلين (بنبرة احترافية من غير أي ابتسامة):
ـ شكرًا يا مستر كارلوس. أنا بحب شغلي هو اللي يتكلم عني.
سيف (بشوية تقطيبة وهو بيبص لكارلوس):
ـ أيوه، وسيلين مش بس شاطرة... دي كمان ملتزمة جدًا… في كل حاجة.
كارلوس (بيضحك بخفة، مش فاهم التلميح):
ـ يبقى اللي هيتجوزها يبقى محظوظ جدًا…
إلينا (وهي بتروح نحية سيف وبتبتسم له بجرأة):
ـ والسيد سيف… شكلك كأنك لسه خارج من إعلان برفيوم! إنت بتشتغل موديل جنب الإدارة ولا إيه؟
سيف (بابتسامة مشدودة وهو حاسس إن سيلين بتراقبه):
ـ أظن إني أفضل أعمل ديل كبير… على إني أكون تحت الأضواء.
سيلين (بتبص لإلينا بابتسامة باردة، وبعدين تبص لسيف بنظرة جانبية):
ـ بس هو بيعرف يظهر… وقت ما يكون لازم.
كارلوس (بيقرب شوية من سيلين):
ـ ممكن أعزمك على قهوة بعد الاجتماع؟ كزمايل شغل طبعًا. حابب أسمع أكتر عن مشاريعك اللي فاتت… لو ماعندكيش مانع.
سيف (بصوت هادي لكن نبرته فيها حدّة):
ـ للأسف، سيلين عندها شوية التزامات بعد الاجتماع.
سيلين (بتبص له بدهشة خفيفة):
ـ أول مرة أسمع إن…
سيف (يقطع كلامها وبيبتسم ابتسامة مصطنعة):
ـ كنت مرتّب اجتماع داخلي بخصوص المشروع الأخير… فاكرة يا حبيبتي؟
كارلوس (بيتلج شوية):
ـ حبيبتي؟
سيلين (بتلم الموقف بسرعة، وتبتسم لسيف ببرود):
ـ أيوه… مديرنا العام بيهتم بكل التفاصيل الصغيرة.
إلينا (بتضحك بتوتر):
ـ أوووه… ماكناش نعرف إنكم…
سيف (بهدوء قاتل):
ـ متجوزين… بقالنا شوية كده.
كارلوس (بيحاول يفضل متماسك):
ـ ألف مبروك… باين عليكم… لايقين على بعض.
سيلين (بهمس لسيف من غير ما حد يسمعهم):
ـ إيه اللي انت عملته ده؟
سيف (بيرد بنفس الهمس):
ـ بأكد بس إن الناس تعرف حدودها.
سيلين (بغضب هادي):
ـ ولا علشان مش قادر تستحمل حد يوصفني بالجميلة؟
سيف (بيقرب منها شوية وبيهمس):
ـ لأ… مش قادر أستحمل حد يبصلك كإنك ملك مشاع.
سيلين (نفسها بيتسارع، وهمسها غاضب):
ـ وانت؟ إلينا دي كانت هتكتب اسمها على قميصك من كتر ما لازقاك!
سيف (يبتسم بمكر):
ـ ما تقلقيش… أنا ما بشوفش غير مراتي
******************
شركة حسام – الساعة 10:45 صباحًا
الموظفين بيجروا في طرقات الشركة، الكل عارف إن المدير العام حسام وصل دلوقتي... صوته العالي ووشّه المكشّر كفاية يخلوا الشركة كلها تعلن حالة الطوارئ.
ندى سكرتيرته بتجري وراه وهي شايلة شوية ملفات، وإيدها بترتعش:
ندى (بصوت واطي): حضرتك عندك اجتماع مع مجلس الإدارة بعد نص ساعة، وبعدين—
حسام (بيقاطعها من غير ما يبصّ لها): لغّي كل حاجة! أي حد عنده دماغ هيعرف إن مافيش اجتماع هيتم وأنا في الحالة دي.
ندى (بتوتر): حاضر، يا فندم…
يدخل حسام مكتبه بعصبية، يرمي الشنطة الجلد على المكتب، ويصرّخ في التليفون الداخلي:
حسام: وليد! إدخل حالًا!
وليد مدير الموارد البشرية يدخل وهو متردد:
وليد: صباح الخير يا أستاذ حسام، في حاجة—
حسام (مقاطع، وبيزعق): إنت بتعمل إيه في المنصب ده؟! بقالي أسبوع بقول عايز تقرير كامل عن الموظفين الجُدد، فين التقرير؟! أنا عايز أمشي الشركة على نظام، مش على مزاجك!
وليد (مرتبك): يا فندم كنت مستني توقيع حضرتك على اللوايح الجديدة علشان أقدر—
حسام (يضرب المكتب بإيده): مافيش حاجة اسمها "كنت"! لو التقرير ما كانش على مكتبي خلال نص ساعة، إنت مفصول، فاهم؟!
وليد (بصوت واطي): فاهم، يا فندم...
يخرج وليد ووشّه في الأرض، وتمر ندى تدي حسام فنجان القهوة، يزقه بعيد من غير ما يبصّله حتى:
حسام: قلتلك ألف مرة ما تعمليش القهوة دي بإيدك! ناديلي ريم!
ندى (بهمس وهي بتنسحب): ريم أصلاً قدّمت استقالتها من كتر ما حضرتك كنت بتزعقلها.
يقعد حسام ورا مكتبه، بياخد نفسه بعمق، عينه سرحانة على صورة صغيرة محطوطة جنب شاشة الكمبيوتر... صورة تاليا من كاميرات الحضانة، كان واخدها من وراهم.
حسام (بغضب مكتوم): دي بنتي... وأنا اللي دفعت عمري كله علشان أحميها... وهي دلوقتي بتكرهني!
يضرب الطرابيزة بقبضته، ويهمس:
حسام: مش هسيبها تفضل تكرهني... بس كمان مش هاسمح لحد ياخدها مني، حتى لو كانت أمها...
******************
بعد لحظات
السكرتيرة "نورا" بتدخل بخطى مترددة، شايلة شوية ملفات، وصوتها واطي علشان تحاول تتفادى نوبة عصبية جديدة من حسام:
نورا (بهدوء):
ـ أفندم... في ست مستنيا حضرتك في قاعة الاجتماعات، بتقول إنها عندها معاد مع حضرتك، بس الجدول ما فيهوش حاجة دلوقتي.
حسام (من غير ما يرفع راسه، بنبرة حادة):
ـ وده الجديد؟! كله بقى فاكر إنه يقدر يدخللي وقت ما يحب! مين المزعجة دي بقى؟
نورا (بحذر واضح):
ـ اسمها جوليانا مراد... محامية دولية مشهورة جدًا، جاية مخصوص من بيروت علشان تشوف حضرتك. بعتت كارتها، وبتقول إن الموضوع يخص... الآنسة سيلين البحيري.
(عنينا حسام بتتسع بشويّة بطء، وبعدين يبتسم ابتسامة باردة جدًا):
حسام (بهدوء خطير):
ـ جوليانا مراد...؟ آه، سمعت عنها. بيقولوا بتشيل خصومها من على وش الدنيا من غير ما تسيب لهم حتى أثر قانوني...
نورا (بتبلع ريقها من التوتر):
ـ تحب أدخلها لحضرتك؟
حسام (بيقف ورا مكتبه وبيعدّل الجاكيت):
ـ لأ... خديها على قاعة الاجتماعات على طول. يمكن النهاردة نبدأ تحالف يليق بالكمية اللي في قلبي من الكره للبنت اللي اسمها سيلين.
نورا:
ـ حاضر، يا فندم.
أبواب قاعة الاجتماعات الفخمة بتتفتح، وتدخل "جوليانا مراد" — في أواخر التلاتينات، طويلة، وشّها فيه قوة، لبسها رسمي شيك، سواد البدلة بيعكس برودها، عنيها مركّزة في حسام كأنها بتوزن الموقف بالميلي.
جوليانا (ببرود):
ـ كنت متوقعة ألاقيك منفعل أكتر... بس شكلك بتعرف تتحكم في غضبك، يا أستاذ حسام.
حسام (بنص ابتسامة):
ـ بتحكم فيه... لحد ما ألاقي اللي أطلّعه فيه. وشكلك جيتي في معادك.
جوليانا (وهي بتقعد وتفتح شنطتها):
ـ يلا بينا ندخل في الموضوع على طول... إنت بتكره سيلين البحيري، وأنا كمان... لأسباب مختلفة، بس الهدف واحد: نوقعها.
حسام (بيقعد قدامها وبصّص فيها باهتمام):
ـ كمّلي...
جوليانا (بلهجة حاسمة):
ـ اللي هاقوله مش قانوني قوي... بس ذكي كفاية إنه يبان قانوني. عندي ناس جوا شركتها، وعارفة ثغرات هي نفسها مش واخدة بالها منها. هاسلمها لك... حتة حتة.
حسام (بيقفل عنيه لحظة ويفتحهم تاني ببطء):
ـ بحب الناس اللي بتفكر بالطريقة دي... نورتِ فريقي يا جوليانا.
جوليانا (بتبتسم من غير أي مشاعر):
ـ بس أوعى تخذلني
******************
فيلا حسام – صالة الجلوس الواسعة
المكان شكله رايق وفخم، بس جوّه فيه نار مولعة من الغِل والحقد.
نوال قاعدة على كنبة قطيفة حمرا، ماسكة فنجان القهوة وبتشربه بشويش، عنيها متسمرة في صورة سيلين اللي محطوطة على الترابيزة قدامها.
بتمسك الصورة، تقلبها بين إيديها، وتبتسم ابتسامة كلها سمّ.
نوال (بصوت واطي ومليان كره):
ـ كل مرّة تطلعي منها سليمة يا سيلين... زي التعبانة... بس المرة دي، لأ... مش هتفلتِ.
(الخدامة تدخل بهدوء وراسك محني باحترام):
الخدامة:
ـ مدام، الست رنا وصلت.
نوال (من غير مشاعر):
ـ دخليها.
(تدخل رنا، واحدة في التلاتينات، شكلها حاد وذكي، لبسها كله أسود أنيق، وبتقعد قصاد نوال بثقة):
رنا:
ـ سمعت إنك محتاجة مساعدة... بس من النوع اللي مش بالقانون؟
نوال (بخبث):
ـ لأ، محتاجة مساعدة من النوع اللي بيخلص... أنا زهقت من الخطط اللي ما بتوصلش لحتة.
أنا عايزاها وجهاً لوجه... عايزة أخلي سيلين تركع تحت رجلي... وتترجاني.
رنا (ببرود):
ـ وناوية تعملي إيه؟
نوال (تقرب منها وتهمس):
ـ بنتها... الصغيرة.
رنا (ترفع حواجبها وتهتم):
ـ تقصدي تاليا؟ البنت اللي محدش عارف أصلها إيه؟
نوال (بابتسامة باردة):
ـ بالظبط... محدش يعرف إنها بنت سيلين، ولا حتى هي بتقول.
اللي يعرفوا السر ده: سيف، وحسام... وأنا.
واللي الناس ما يعرفهوش... أقدر أستخدمه ضده.
رنا (تحك دقنها بتفكير):
ـ خطف طفلة... مخاطرة ومكلف.
بس لو اتنفذ صح... ممكن يكسرها فعلاً.
نوال (بثقة):
ـ أنا مش بخاف من الخطورة.
إنتِ نَفّذي... وأنا هدفع.
أنا عايزاها بأسرع ما يمكن... وعايزة أشوفها وهي بتتبهدل قدامي.
رنا:
ـ ومين هينفّذ؟ أنا ما بشتغلش مع هواة.
نوال:
ـ جبتلك ملف عن مربيتها... الست اللي بتاخدها وتجيبها من الحضانة.
ركّزي معاها، ضعّفيها، راقبيها، واعرفي كل حاجة...
بس أهم حاجة: البنت ما تتأذيش... مش دلوقتي.
رنا (تبتسم ابتسامة سامة):
ـ زي ما تحبي.
سيلين هتدفع التمن قريب.
نوال (بصوت تقيل وهي بتبص للصورة تاني):
ـ المرة دي... هتقعي يا سيلين.
وأنا هكون أول واحدة تتفرج عليكِ وإنتِ بتتحرقي
*☆يتبــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع☆☆*

•تابع الفصل التالي "رواية اقدار لا ترحم " اضغط على اسم الرواية

تعليقات