رواية تقاطع طرق الفصل العشرون 20 - بقلم اميرة احمد

 رواية تقاطع طرق الفصل العشرون 20 - بقلم اميرة احمد

تقاطع طرق
الفصل العشرون
وبالفعل ما هي إلا دقائق و كانت سيارة علي تقف تحت منزل ذلك المدعو محمود ، يقطن في منطقة شعبية نسبيا.. سأل أدم عنه و عرف انه يقطن بالدور الثاني... صعد سريعا علي و أدم.. و بقي د عمر و أخيه في السيارة.. وقبل ان يطرقا الباب تأكد علي ان هاتفه على وضع التسجيل الصوتي.
دق علي الباب.. فتحته طفلة صغيرة عمرها لا يتجاوز الستة أعوام... سألها علي في هدوء عن محمود فاجابته: بابا جوا يا عمو اتفضل.. و صاحت باعلي صوتها: بابااااا في حد علي الباب عايزك...
توتر محمود كثيرا حين رأي علي بنفسه يقف امام الباب .. افسح له المجال للمرور في تردد و ادخله لغرفة الاستقبال هو و أدم و دلف خلفهما و أغلق الباب...
غرفة استقبال بسيطة.. اثاثها جديد نسبيا.. يغلب عليها الطابع الشعبي البسيط.. جلس علي و أدم.. حاول علي ان يتحكم في غضبه و يتكلم بهدوء مصطنع.
هتف علي: ليه عملت كده يا محمود؟ ده انا كنت مأمنك على حسابات الشركة كلها.
محمود: انا عملت ايه يا بشمهندس مش فاهمك.
قال علي بخبث: بس حسين المحامي اعترف عليك النهاردة الصبح في القسم.
ازداد توتر محمود وتعرق جبينه: حسين اعترف عليا انا بايه يا بشمهندس؟؟
علي: فلوس الضرايب اللي كنت بتحولها لحسابك.
هتف محمود مدعيا البراءة: فلوس ايه يا بشمهندس هي دي اخرتها تيجي تتهمني في بيتي.
فقد علي صبره وعلت نبرت صوته و هو يهجم على محمود و يمسك بتلابيبه: انت هتعملي فيها عبيط؟ بقولك البوليس عرف و كلها كام ساعة و هييجوا يقبضوا عليك هنا.. اخلص .. مين تاني معاكوا و بيساعدكوا.
بلغ التوتر من محمود مبلغا حيث انه لم يستطع ان يخفي جريمته أكثر وقال بنبرة متوترة وهو يتصبب عرقا: و الله يا بشمهندس انا معملتش حاجة.. حسين هو اللي دبر كل حاجة.. انا هاقولك كل حاجة بس ارجوك مراتي وولادي في البيت ممكن توطي صوتك.
رفع أدم حاجبه وقال بحدة: انت كان المفروض تعمل حساب لمراتك وولادك قبل ما تعمل عملة زي دي.
صاح علي بحدة واضحة على ملامحه و صوته: اخلص ايه اللي حصل.
اخفض محمود رأسه وقال بنبرة نادمة: اول اما اشتغلت في الشركة يا بشمهندس الحال مكنش احسن حاجة و ابني اتولد تعبان.. كان محتاج رعاية و يتحجز في المستشفى.. و انا مكنش معايا فلوس... جالي حسين المحامي و عرض عليا اننا نحول فلوس الضرايب على حساب تاني.. في الأول و الله يا بشمهندس انا رفضت حد الله بيني و بين الحرام.. بس الحال فضل يضيق عليا اكتر واكتر و هو كان بيزن على وداني أكتر و اكتر.... سكت محمود و انفجر في البكاء.
صاح علي بحدة: مش هتصعب عليا لما تعيط... احكيلي كل حاجة علشان اساعدك.
هتف محمود بصوت منتحب: حسين قالي افتح حساب و نحول الفلوس عليه بدل ما نحولها لمصلحة الضرايب و هو كان بيغير اسم المستفيد في التحويل كل شهر.. اتفق معايا اننا هنقسم الفلوس بالنص.. فهمني ان الحاجات دي الضرايب مبتطالبش بيها غير بعد سنين كتير 10 و20 سنة و ان حضرتك يعني يا بشمهندس عندك ملايين و الفلوس دي مش هتفرق معاك.. و مع اول تحويل قبل حتي ما اسحب الفلوس ابني اتوفي.. عرفت انه ذنبك يا بيه... قولت لحسين اني مش هاعمل كده تاني بس هو هددني انه هيقولك و يقطع عيشي و دي فيها سجن.. مين هيصرف على مراتي و ولادي لو اتسجنت.
أدم: طيب و الفلوس دي كلها فين ؟
محمود: حسين ناصح ... كان بيحولهم علي حساب باسمي انا.. وكان بيخليني اكتبله شيكات بنصيبه كل شهر بس عمره ما صرفهم... كان مستني يصرفهم كلهم مرة واحدة ويهاجر بره البلد.
صمت علي من هول ما سمعه ثم أردف بغضب: ده انا مشغل عصابة عندي بقي... عمتا اللي انت أمنتله اعترف عليك و قال انك انت اللي عملت كل حاجة لوحدك.
صاح محمود: لا و الله يا بشمهندس هو اللي دبر و خطط لكل حاجة و كل مرة كنت بقوله كفاية الفلوس اللي معانا كان بيطمع أكتر.
علي: انت لو عايز تخرج نفسك منها مفيش قدامك الا حل واحد.
اقترب محمود وامسك يديه: ابوس ايدك يا بشمهندس انا مش حمل بهدلة وسجن مش علشاني انا علشان مراتي و ولادي.
نفض علي يده منه وصاح: هتنزل معايا دلوقتي تعملي تحويل بكل الفلوس اللي أخدتها مني في السنين اللي فاتت انت وحسين... و تيجي معايا القسم تعترف و انا مقابل ده هاقف معاك و مش هاخليك تتسجن.
محمود: انا هارجع كل الفلوس يا بشمهندس.. هاكتبلك بيهم شيك دلوقتي البنك أكيد قفل، بس ابوس رجلك بلاش القسم.
بدأ علي يثور من جديد لكنه لاحظ ابنة محمود الصغيرة تقف بجوار الباب و تبتسم له في حنان.. هدأة ثورته قليلا.. نظر لها محمود فقالت بصوت طفولي: ماما بتقولك الشاي جاهز يا بابا....و انصرفت مسرعة.
هتف أدم: بص يا محمود علشان نخلص من الحوار ده ... هتكتبلنا دلوقتي شيكين بنفس المبلغ اللي اختلسته من الشركة.. واحد هنروح نصرفه الساعه 9 الصبح و التاني هنقدمه ضدك في القسم الساعه 10 لو مقابلتناش قدام القسم و اعترفت... بشمهندس علي علشان خاطر ولادك بس مش هيعملك قضية اختلاس.. بس انت لازم تعترف قدام الظابط ان أصحاب الشركة مكنوش على علم انك مبتوردش الضرايب و ابقي قول أي حجة وقتها.. ساعتها هتخرج منها زي الشعرة من العجين و هترسي علي غرامة و بشمهندس علي مستعد يدفعها.
محمود: انا تحت امرك يا بشمهندس بس ارجوك بلاش حبس.
صاح علي: قوم هات دفتر الشيكات... اه ومتنساش اللاب توب بتاع الشركة ومفتاح الخزنة.. انت من النهاردة ملكش مكان في الشركة... و10 الصبح الاقيك واقف قدام قسم 6 أكتوبر لو مجيتش انت عارف انا هاعمل ايه بالشيك التاني.
قام محمود في انكسار أحضر ما طلبه منه علي وكتب الشيكات كما أمره أدم... كان يرتجف من الخوف و هو يمضي على الشيكات خشية ان يزج به علي في السجن.
أخذ علي الشيكات وانصرف إلي دكتور عمر وأستاذ عادل المحامي المنتظرينه في السيارة... قص عليهم ما حدث و اسمعهم اعتراف محمود.
أ عادل: حلو قوي كده يا علي اهم حاجة الصبح نصرف الشيك.. علشان حتي لو مجاش و اعترف يبقي معاك المبلغ تدفعه هي الغرامة هتكون مبلغ كبير برضه.. بس على الأقل ممكن تدفعه انت و شريكك... بس اهم حاجة دلوقتي حسين المحامي انت لازم تلغي التوكيل بتاعه في اسرع وقت.. انت متعرفش هو ممكن يعمل ايه.
أخفض علي رأسه وقال بحزن: للأسف علشان الغي التوكيل لازم انا وأحمد مع بعض.. مفيش حد فينا ليه حق انه يبطل او يلغي عقد لوحده.
د عمر: علي يا ابني الموضوع كبير و فيه حبس و قضية و انت لازم تعرفه.
أدم: دكتور عمر عنده حق يا علي، دي برضه شركته زي ما هي شركتك.
علي: انا بس مش عايز اشيله الهم و هو لسة عريس جديد.. خصوصا ان محدش فينا في ايديه حاجة يعملها.
أ عادل: هو عمتا لازم تبلغه علشان لو محمود ده معترفش القضية هتبقي ضدكوا انتوا الاتنين.
علي: انا بس كنت عايز استني لبكرة لما الموضوع يخلص وأقوله بدل ما اقلقه على الفاضي.. و ان شاء الله بكرة كله يتحل.
د عمر: خلاص يا جماعة علي فعلا عنده حق لو عرف دلوقتي مفيش حاجة تتعمل خلينا نروح دلوقتي والصبح ان شاء الله نتقابل عند البنك.
أ عادل: انا هاجيلكوا على القسم على طول يا عمر علشان عندي محكمة الصبح بدري.
د عمر: ماشي تمام.. يلا يا ولاد نروح البيت نتغدي احنا كلنا في الشارع من الصبح ماكلناش حاجة... يلا يا أدم.. يلا يا علي.
أدم: معلش اعفيني يا دكتور، انا كنت متفق مع أحمد اني هاعدي عليه النهاردة علشان هانزل انا و ندي نشتري حاجات للشقة و لو مروحتش هو ممكن يشك في حاجة.....استاذنكم انا والصبح ان شاء الله يا علي هاستناك عند البنك.
علي: ماشي تمام.
د عمر: يلا يا علي.
همس علي بخزي: انا اسف يا دكتور بس انا مش حابب سارة تشوفي في المنظر ده.
د عمر: منظر ايه يا ابني انت زي الفل اهو.. انا هاجي معاك البيت تاخد دوش وتغير هدومك و نتحرك... انت شوفت هي كلمتك كام مرة و مش هاتسكت الا لما تطمن عليك.. كمان انا مش هاسيبك تروح لوحدك وانت في الحالة دي.
رضخ علي لطلب دكتور عمر في خضوع فلم يكن به طاقة للجدال او حتي الرفض... توجه معه بعد ان بدل ثيابه و حاول بكل الطرق ان يبدو على ما يرام حتي لا تلاحظ سارة ذلك الحزن الكامن بين عينيه.. كان يحاول ان يستجمع كل الأكاذيب في مخيلته كي يجد كذبة واهية تستطيع ان تصدق بها سارة ما جمعه مع دكتور عمر.. لكن وفر عليه دكتور عمر الحرج حين هتف في مرح بمجرد دخوله من المنزل.
د عمر: سارة حبيبتي عندي ليكي مفاجأة حلوة.. خلي بالك انا مش لوحدي معايا حد.
ارتدت سارة غطاء رأسها سريعا واسرعت تركض حيث صوت والدها وما ان رأت علي حتي هتفت في سعادة: علي .....مش معقولة.
د عمر: اتقابلت معاه في البنك فقلت لازم ييجي يتغدي معانا.
حاول علي جاهدا ان يرسم ابتسامة على وجهه، لكن سارة لاحظت ذلك الحزن بين مقلتيه التي لم تراه من قبل فهتفت في قلق: مالك يا علي؟ انت كويس؟
حاول علي ان يستجمع شتات نفسه وأردف بصوت متهدج: كان يوم طويل وتقيل في الشغل النهاردة وكان عندي مشاوير كتير.
هتفت سارة بدلال: علشان كده مكنتش بترد عليا؟
حاول دكتور عمر ان يخلص علي من استجواب سارة الذي لا ينتهي، فقال: مش تروحي تشوفي الغدا فاضله قد ايه... الراجل بيقولك مرهق طول اليوم متصدعيهوش باسألتك دي.
هتفت سارة بطفولة: كده يا بابي.. حاضر هاروح.
انصرفت سارة وبقي د عمر و علي يجلسان في غرفة الاستقبال ، و بمجرد ما انصرفت سارة اقترب دكتور عمر من علي و ربت على ظهره في حنان ابوي: متشيلش هم .... كل حاجه و ليه حل ان شاء الله.
ابتسم علي له نصف ابتسامة واومأ رأسه، ولازالت تعصف الأفكار بذهنه.. كيف سيكون الغد؟ وماذا يخبئ له.
وعلى مائدة الطعام كان علي صامتا على غير عادته.. فقد اعتاد ان يتحدث مع دكتور عمر في السياسة والرياضة ويناكف في سارة بين الحين والاخر لكنه كان ساكنا لا ينبس ببنت شفة الا عندما يوجه له دكتور عمر الكلام بين الحين والاخر ليخرجه من دوامة أفكاره ويحثه على تناول الطعام الذي بالكاد يمد اليه يده.
وبعد تناول الطعام استأذنت سارة والدها ان تتناول الشاي مع علي في الحديقة الصغيرة الملحقة بالمنزل.. وافق دكتور عمر على الفور فقد كان القلق يساوره على علي وتمني لو تستطيع ان تخرجه سارة من دوامة أفكاره.
جلست سارة على تلك الارجوحة المتوسطة للحديقة، جلس علي الي جوار سارة في صمت... مال برأسه المثقل بالهموم على كتفها، شعر حينها كانه يدلو بهمومه عليها و زفر تنهيدة حارة كادت ان تحرق ما امامه من لهيبها... مررت سارة كفها الحاني على خده و سألته: مالك يا حبيبي اول مرة اشوفك كده؟!
همس علي بحزن: انا كويس مفيش حاجة
سارة: لا يا علي انت مش كويس. هتخبي عليا انا؟
تنهد علي بألم: معلش يا سارة سيبيني على راحتي.. لما ابقي قادر أتكلم هاتكلم.
همست سارة: انا دايما جنبك ومستعدة اسمعك يا علي، حتى لو هتتكلم في تفاهات انت ياما سمعتني وكنت جنبي.
همس علي بنبرة مليئة بالألم: انتي متعرفيش مجرد بس اني شايفك و قاعد معاكي ده فرق معايا ازاي، انا لازم امشي محتاج ارتاح وانام.
سارة: علي ....كلمني لما تروح.
علي: ممكن بكرة.. بجد مش قادر
صمتت سارة في حزن، فهي لم تعتاد ان يصمت علي هكذا و لا يتحدث معها يوما بطوله.. شعر علي بحزنها فمال يضع قبلة علي قمة رأسها وهمس: متزعليش علشان خاطري... مش هاقدر على زعلك في الوقت ده بالذات.
همست سارة بحزن: مش زعلانه... بس عايزة اعرف مالك.
علي: بكرة ان شاء الله هاقولك كل حاجة... خلي بالك من نفسك.
سارة: حاضر.
تسرب القلق لنفس سارة ف علي دائما من يأخذ باله منها.. كيف يوصيها ان تأخذ هي بالها من نفسها.... ايتركها علي مجددا؟
كانت تعصف الأفكار بذهنها لكن حاولت ان تخفيها عنه ، كانت تشعر ان والدها يعلم شيء لكنه يخبئه عنها... كانت تعلم جيدا ان ما يخفيه عنها أمر جلل.. ففضلت نعيم الجهل على جحيم المعرفة.
لم ينم علي ليلته... كان يفكر في مصيره وما يحمله له الصباح.... لا يعرف كيف غفي وكيف استيقظ وكيف انقضي الليل... لكنه وجد هاتف يرن معلنا الثامنة صباحا.
ارتدي ملابسه سريعا وكان يقف امام البنك قبل التاسعة صباحا.. وصل فوجد أدم في انتظار.. دلفا إلى أبواب البنك لصرف الشيك.. كان جل ما يخشاه ان يكون الشيك بدون رصيد... لكن اطمئن قلبه حين قال له موظف البنك في اريحيه.... للأسف المبلغ ده كبير مش هينفع نصرفه كاش دلوقتي ... بس ممكن اعملك إيداع بالمبلغ في حساب حضرتك.
زفر علي في راحة..: ممكن تعملي إيداع بالمبلغ في حساب الشركة؟
هتف أدم: الحمد لله... المال الحلال مبيروحش يا صاحبي.. وربنا عارف انت تعبت في الفلوس دي قد ايه.
علي: بس تفتكر هييجي يعترف؟
أدم: حتي لو معترفش... انت معاك تسجيل بصوته بيعترف فيه.. وزي ما قال أستاذ عادل امبارح انت كده مكن تدفع المبالغ و الغرامة و تعمل تصالح و القضية تسقط.
هتف علي بغضب: نفسي امسك الكلب اللي اسمه حسين.
أدم: متقلقش دوره جاي... ربنا مبيسيبش حق حد.... شكله هرب بره البلد بس هيرجع اكيد متقلقش.
موظف البنك: كده الإيداع تمام هتجيلك رسالة بالمبلغ.
علي: شكرا.
انصرف علي وأدم و توجها إلي القسم في انتظار وصول محمود و بينما هما في انتظاره وجد علي"اتصال من أحمد... تردد علي في الرد في البداية.. لكن أقنعه أدم بضرورة الإفصاح لأحمد عن الحقيقة.
استجمع علي كل مرحه ومزاحه وحاول ان يبثه لأحمد في الهاتف حتي لا يثير قلقه.
.
هتف علي بنبرة حاول ان تبدو مرحة: صباح الخير يا عريس.
أحمد: صباح الخير
علي: ايه مصحيك بدري يا عريس؟
أحمد: جاتلي رسالة البنك هي اللي صحتني... ايه المبلغ الكبير اللي اتعمله إيداع ده جه منين؟ احنا عمرنا ما اشتغلنا على مشاريع بالمبالغ دي... ولا انت بتستغل اني مش موجود و بتشتغل من ورايا.
هتف علي بنبرة هادئة: انا اللي عملت الإيداع يا أحمد
أحمد: وانت جبت 170 مليون جنيه منين يا علي؟
علي: ده موضوع كبير يا أحمد.
قال أحمد بقلق: مالك يا علي؟ انت فين؟
تنهد علي وقال بأسف: قسم 6 أكتوبر.
صاح أحمد في قلق: علي ...ايه اللي حصل؟ انا جايلك حالا.
علي: الحمد لله يا أحمد الموضوع بيتحل.
أحمد: انا جايلك حالا.
علي: ماشي مستنيك.
وبالفعل ما هي الا دقائق معدودة وكان يجلس معهم أحمد على إحدي المقاهي امام القسم في انتظار محمود...
علي: بس هو ده اللي حصل من امبارح و ادينا مستنيين سي محمود ده يظهر علشان يعترف.
صاح أحمد بغضب وثورة: انت ازاي يا علي متقوليش حاجة زي دي.. امال احنا شركا ازاي... المفروض نتشارك في الوحش قبل الحلو.. واعتقد اننا اتفقنا قبل كده مع بعض على الخسارة قبل المكسب... اه انت المدير التنفيذي بس ده مش معناه إنك تتصرف لوحدك.
أدم: اهدي بس يا أحمد.. هو مرضيش يعرفك بس علشان انت لسة عريس و ...
قاطعه أحمد و لا يزال على تلك الحالة من الغضب: عريس ايه وزفت ايه يا أخي... انت كمان يا أدم حسابك معايا بعدين.. انت كنت في بيتي امبارح و متقوليش... و علي بيخبي عليا و شايل كل ده لوحده، عايز يبقي بطل... كنت مفكر اننا أهل و اخوات بس واضح اني كنت غلطان.
ثار علي في وجه أحمد وربما كانت هذه هي المرة الأولي التي يثور فيها عليه.
فهتف علي بحدة وغضب: كنت عايزني أعمل ايه؟؟ اكلمك اقولك تعالي اتحبس معايا؟ انت فاهم انا كنت في ايه؟ فاهم يعني ايه ييجي البوليس ياخدني من وسط الموظفين في الشركة واخرج و الكلابشات في ايدي.. متخيل هاقدر ابص في وشهم تاني ازاي؟ و لو كانوا حطوا أيديهم عليك كانوا هياخدوك انت كمان... انا عملت كده لمصلحتك على فكرة... على الأقل لو انا اتحبست تقدر تساعدني و انت بره.. لكن لو احنا الاتنين اتحبسنا هتبقي المصيبة مصيبتين... انا فكرت فينا كلنا يا أحمد مش في نفسي وبس... و كنت مستعد اتسجن أنا، مش علشان انا بطل.. بس علشان انا متأكد إنك تقدر تساعدني و إنك هتبقي في ضهري... متقولش كلام ملوش لازمة.
أدم: اهدوا يا جماعه احنا طول عمرنا اخوات.. الناس بتتفرج علينا ميصحش كده.
أشعل أحمد سيجارته في صمت... بينما علي قام من مكانه وفضل ان يتجول في الارجاء عسى ان تهدأ ثورته او يري محمود قادم.. فقد تجاوزت الساعة العاشرة والربع ولم يظهر له أثر.
رن هاتف علي الذي التقطه في سرعة عسى ان يكون المتصل هو ذلك المدعو محمود وليست به أي صفة يحمد عليها.. لكنه وجد المتصل دكتور عمر.
د عمر: انا اسف يا علي اتأخرت عليك.. بس كان عندي عمليات... انا وصلت و معايا عادل انتوا فين؟
علي: على القهوة اللي قدام القسم.
د عمر: طيب هاجيلك.. اللي اسمه محمود ده جه؟
همس علي بألم: لأ
د عمر: ان شاء الله يظهر دلوقتي.
لحظات و كان يقف عادل و دكتور عمر امام علي
اقترب دكتور عمر من علي وهتف بقلق: طمني يا علي صرفت الشيك؟
علي: الحمد لله عملتله إيداع.
هتف أستاذ عادل مطمئنا لهن: متخافش يا علي حتي لو مجاش الولد المحاسب ده بقي سهل نطلعك منها ان شاء الله
أحمد: ازاي بقي؟
أ عادل: هندفع المبالغ المتأخرة وغرامة التأخير و نعمل تصالح.. هما ميهمهمش في سجن علي حاجة غير انهم عايزين الفلوس... بس لو اعترف المحاسب والمحامي ده هيحسن موقفه و نقدر نخلص من الموضوع قبل ما يتحول قضية.
علي: احنا ممكن نعمل التصالح ده النهاردة؟
هتف أستاذ عادل: خلينا نستني يا علي نروح ندفع المبالغ في مصلحة الضرايب الأول.. بعدين نعمل التصالح.
هتف علي بتردد: بس.....
قاطعه عادل: انا عارف ان الكفالة لمدة 48 ساعة وانت خايف يتقبض عليك تاني.. متقلقش ان شاء الله هاكون اتصرفت قبل ما تعدي ال 48 ساعة.
صاح أحمد بقلق: يتقبض عليه!! لأ ارجوك خلينا نتصرف بسرعة.
قاطعهم أدم: هو مش اللي هناك ده محمود المحاسب.
تنفس علي الصعداء حين رأي محمود مقبل في اتجاه القسم بخطي ثقيلة.
أقبل أحمد تجاهه في ثورة.. منعه أدم قبل ان يصل إليه.
هتف أدم بهدوء: أعقل يا أحمد... هو الراجل جاي يعترف على نفسه.. اللي هتعمله ده ملوش لازمة.
أ عادل: خليكوا كلكوا هنا انا هادخل معاه... بس خليك جاهز يا علي ممكن احتاجك.
علي: استاذنك بس.. انا مش عايز محمود يتحبس بأي تهمة.. يعني لو تقدر تمشيها اهمال في العمل او خطأ جسيم وإننا أخدنا الاجراء اللازم كشركة وخلاص يبقي أحسن هو برضه عنده عيلة وولاد.. وأي غرامة انا مستعد اتحملها من حسابي الشخصي.
صاح أحمد في ثورة: ايه اللي انت بتقوله ده، هو أصلا مفكرش في بيته واولاده قبل ما يسرق مننا الملايين دي.. وغرامة ايه اللي انت هتدفعها.. أي فلوس هتدفع من فلوس الشركة.
د عمر: اهدي بس يا بشمهندس أحمد.. فكر بالعقل هتلاقي علي عنده حق... انت مش هتستفيد حاجة من
خراب بيته.
أ عادل: خليكوا هنا وان شاء الله خير.
كان الجميع يجلسون بتوتر بالغ... لا ينبث أحد بكلمة طوال الساعتين التي امضاهم عادل بداخل القسم ومعه محمود.. حتي بدأ يظهر طيف أستاذ عادل في الأفق، أسرع إليه الجميع.
أ عادل: الحمد لله اطمنوا.. وكيل النيابة اقتنع ببراءة علي ... هنروح الصبح انا وانت يا علي ان شاء الله مصلحة الضرايب ندفع المبلغ والغرامة 2 مليون جنيه.. وناخد تصالح ومخالصة.
همس علي بارتياح: الحمد لله.
ربت دكتور عمر على كتف علي بحنان: مبروك يا علي.
هم علي بالانصراف لكن استوقفه أحمد.
أحمد: استني يا علي انا عاوز أتكلم معاك.
علي: معلش يا أحمد انا مش قادر أتكلم مع أي حد.. خليها وقت تاني.. ياريت لو انت فاضي تروح الشركة وتشوف الشغل.
وتركه علي وانصرف.
-----------------
بقلم: أميرة أحمد

•تابع الفصل التالي "رواية تقاطع طرق " اضغط على اسم الرواية

تعليقات