رواية اقدار لا ترحم الفصل العشرون 20 - بقلم سيليا البحيري

 رواية اقدار لا ترحم الفصل العشرون 20 - بقلم سيليا البحيري


فصل 20
فأوضة نوم حسام ونوال – فيلا فخمة – الساعة ٢:٤٠ الصبح
النور مطفي، ضيّ خفيف طالع من الأباجورة اللي على الكومود. حسام نايم نوم عميق، نفسه هادي.
نوال قاعدة على الكنبة جنب الشباك، ماسكة موبايلها بعد ما خلصت المكالمة مع هايدي.
نوال (وهي بتهمس وبتضحك بخفة وسخرية):
هايدي… العقربة الطموحة.
فاكرة نفسها أذكى وحدة وهي بتيجي لي تِحفّر وتزحف بمعلومات غبية.
بس يا غبية… إنتي اديتيني اللي كنت بدور عليه من غير ما تحسي.
بصّت على حسام وهو نايم، وابتسامة كلها شماتة مرسومة على وشها
نوال (بسخرية):
ياللا يا سيلين…
فاكرة إن جوازك من سيف…
وإنك تجيبي "لارين" المدلّعة من برّا…
هيوقعوا بيه؟ حسام؟!
مشيت بهدوء ناحيته، وقفت قدام السرير وبصّت له كأنها بتكلم نفسها
نوال (بنبرة فيها ثقة واحتقار):
لو كانوا يعرفوك بجد…
كان زمانهم هربوا من أول لحظة قبل ما يحاولوا حتى يفكروا يقربوا.
بس سيلين؟
لسه عايشة في وهم… ولا تعرف مين حسام أصلًا.
راحت تمشي على مهل ناحيه الكومود، صبت لنفسها كباية مية، وبتهمس وهي بتشرب:
نوال (ببرود):
اللي هما ما يعرفهوش…
إني أنا اللي رجعتك من تاني.
أنا اللي خرجتك من ضعفك…
وأنا اللي هخليك واقف على رجلك لحد آخر نفس.
ضحكت بسخرية وهي راجعة على السرير، بصّت له نظرة أخيرة
نوال (بهمس بارد):
يجرّبوا…
هيتحرقوا بنارهم قبل ما حتى يلمسوا خيالك.
تمدّت جنبه في السرير، غمّضت عينيها بهدوء، ولسه الضحكة الساخرة مرسومة على شفايفها
********************
أوضة نوم سيف وسيلين – فيلا عيلة البحيري
سيلين قاعدة على طرف السرير، قدّامها شوية ملفات وكشكول صغير، لابسة روب نوم حرير لونه غامق وشيك.
سيف بيخرج من الحمّام وهو بينشف شعره بالمنشفة، يقرب منها ويقعد جنبها.
سيف (بصوت هادي ومنخفض):
واضح إنك مش ناوية تنامي النهارده، صح؟
سيلين (وهي مركّزة في الورق):
دماغي مشغولة… بفكر في كل الاحتمالات.
بُكرة مهم يا سيف.
ظهور ياسر حيّ… ممكن يقلب الدنيا فوق تحت.
سيف (بياخد الدفتر منها وبيقفله برقة):
إحنا خطتنا ماشية زي ما اتفقنا.
هو حيّ… وصورته بُكرة في المؤتمر هتنتشر في كل حتة.
والناس هتبتدي تشك… في اللي حصل من ست سنين.
سيلين (بتتنهد وبتسند راسها على كتفه):
عارف إيه اللي وجعني؟
إن السنين اللي فاتت… الناس كانت بتبصلي كإني مجرمة.
وفي الآخر… المجرم الحقيقي عايش وبيضحك وبيكمّل وبيأذي اللي حواليه.
سيف (بيبص لها بحزم):
بس دلوقتي معاكي سيف.
ومعاكي ياسر…
ومعاكي خطة محكمة.
الانتقام مش لازم يكون دوشة…
ساعات بيكون خطوة ساكتة… زي نقطة سمّ بتنقط في الهوا.
سيلين (بتضحك بسخرية خفيفة):
كلامك بقى يخوّف.
سيف (بيضحك بهدوء):
ما تخافيش…
أنا واقف مع الحق.
بس الحق أوقات بيحتاج يتقدّم بعقل… مش بعصبية.
سيلين:
أنا مش عايزة حسام يدخل السجن دلوقتي…
أنا عايزة الناس تشوفه وهو بيقع حتة حتة.
يفقد منصبه… فلوسه… سمعته…
زي ما هو رمّاني، يتعرّى قدام الكل.
سيف (بياخد إيديها):
وهنوصّل لده.
بس بكرة البداية…
ظهور ياسر هيكسر الصورة اللي هو رسمها لنفسه سنين.
والناس هتسأل:
لو ياسر ما ماتش… يبقى مين اللي كدب؟
ومين اللي اتظلم ودفع التمن؟
سيلين (بتغمض عينيها لحظة):
وأنا جاهزة أجاوبهم… بهدوء شديد.
لحظة صمت… صوت تاليا الناعم بيطلع من أوضتها. سيلين بتبتسم وبتقوم
سيف (يمسك إيدها بلُطف علشان يمنعها):
أنا هاروح لها.
إنتي خليكي وارتاحي النهارده…
بُكرة عندنا معركة، ولازم نكون فايقين ومتينين.
سيلين (بنظرة امتنان):
شكرًا يا سيف…
مش عارفة لو أقدر أوفيك حقك.
سيف (بابتسامة دافية):
وفّيتي…
اللي محتاجاه دلوقتي إنك تسيبي اللي فات…
وتركزي على اللي جاي.
وبكرة… أول خطوة
******************
تاني يوم – شركة البحيري – القاعة الرئيسية للاجتماعات
الساعة عشرة الصبح – الجو مشحون بتوتر غريب ومريب
سيلين واقفة جنب سيف عند الشباك الزجاجي الكبير، عينيها على العربيات اللي بتدخل ساحة الشركة، وإيديها متشابكة كأنها بتكتم عاصفة
إيهاب (بهمس لمازن):
هو إحنا بنصوّر فيلم أكشن وأنا مش واخد بالي؟
أنا بجد تايه!
سيف من الصبح ساكت وسيلين بتضحك ضحكة… تخوّف أكتر من أي خناقة!
مازن (وهو بصّص على سيف):
وأنا كنت فاكر إن في مؤتمر عن صفقة جديدة…
بس واضح إن الموضوع أعمق من كده بكتير!
لارين (بهمس وهي تميل على سيف):
أنا مش فاهمة ليه الناس كلها مشدودة كده؟
وإنت وسيلين… عاملين كأنكم بتجهزوا لقنبلة!
سيف (بصوت واطي ومليان غموض):
جهّزي نفسك يا لارين…
هتشوفي فصل جديد من مسرحية اسمها "العدالة الصامتة".
لارين (باندهاش):
يعني إيه الكلام ده؟!
سيلين (بتدخل بابتسامة بردة):
هتشوفي وشوش بتتغير…
حقايق بتطلع للنور…
وسقوط بيبدأ من أول صفقة.
سليم (بيحط الكوباية على الترابيزة وبيبص لهم):
أنا شوفت كتير في حياتي… بس النظرات اللي في عنيكم غريبة.
في إيه يا ولادي؟
أنا ما بحبش الألاعيب… بتخبّوا عليا حاجة؟
سيف (بهدوء محترم وهو بيبص لأبوه):
صدقني يا بابا… حتى لو حكيتلك، مش هتصدق.
بس أوعدك… النهاردة هتفهم كل حاجة.
إيهاب (بيضحك بس باين عليه التوتر):
يا جماعة أنا تعبت من الغموض ده!
فين الشخص المهم اللي مستنينه؟ الصحفيين على نار برّه!
سيلين (بتاخد نفس عميق وبترد من غير ما تبص لحد):
هييجي… ده وقته بالظبط.
لحظة صمت تقيلة…
الباب بيتفتح، واحد من الأمن بيدخل وبيهمس في ودن سيف
الحارس:
أ. ياسر وصل.
سيف (بيقوم بهدوء وكأنه مستني الجملة دي بقاله عمر):
خلاص… العرض هيبدأ.
سيلين (بتبص للارين وبتبتسم):
ربنا خلق ناس علشان يسكتوا…
وناس علشان يقولوا الحقيقة… بس في وقتها الصح.
لارين (بصوت مصدوم):
ياسر؟! تقصدوا… ياسر اللي مات؟!
سيف (هو رايح ناحية الباب بخطوات واثقة):
أهو… اللي "مات" جاي يصحي الناس كلها
******************
قاعة الاجتماعات – شركة البحيري
الباب الكبير بيتفتح، وياسر بيظهر بكامل أناقته… لابس بدلة رمادي شيك، ونضارة شمس شيك أكتر، بيشلها أول ما يدخل. وشه فيه ابتسامة كلها ثقة وغرور وغموض
ياسر (بصوت عالي وهو داخل بخطوات بطيئة): صباح الفل… ولا يمكن نقول:
"صباح الرجوع من القبر؟"
القاعة تسكت تمامًا… الناس مصدومين.
مازن بالعافية مسك الكوباية، إيهاب فتح بقه كأنه شاف شبح، وسليم بيبصله في صمت.
بس سيلين وسيف واقفين بكل هدوء… وكأنهم شايفين حلم اتحقق
لارين (بهمس وهي مذهولة):
مستحيــــل…!
ياسر (بيفتح دراعاته ويضحك بسخرية):
لا والله، موجود أهو… من لحم ودم، وكمان بذوق عالي زي ما أنتو شايفين.
مازن (بهمس لإيهاب):
هو دا… ياسر؟! مش دا اللي قالوا مات من زمان؟!
إيهاب (مشدوه):
إحنا في فيلم؟ ولا الزمن بيضحك علينا؟!
سليم (بيقوم بهدوء ونبرة كلها قوة):
أنت… ياسر؟
معقول تكون هو فعلاً؟
ياسر (بيقرب من سليم بابتسامة مهذبة):
الشرف ليا يا عم سليم…
أنا هو… الشخص اللي "دفنوه" ظلم وسط كلام الناس.
لارين (بتحاول تستوعب):
بس… إزاي؟ وليه؟ كنت فين السنين دي كلها؟
ياسر (بياخد نفس طويل وببص لسيلين بنظرة فيها وجع وسخرية):
قصة طويلة… كلها خيانة، ودم، وكدب… وغباء.
بس لو عايزة الخلاصة؟
كنت بحضّر نفسي… للعرض الكبير.
سيلين (بابتسامة هادية بتكسر الصمت):
والعرض… بدأ النهارده.
سيف (بصوت ساكت لكن وراه نار):
خطوتنا الجاية… تبدأ بالمؤتمر الصحفي.
ياسر (بيبصله ويرفع حواجبه بانبهار ساخر):
عجبني لقب "العرض المسرحي"، يا سيف…
بس اسمحلي أزود عليه: "عرض دموي… البطل فيه عارف الضحية، والقاتل… نفس الشخص".
وعلى فكرة… الصحفيين جايين كمان ساعة.
وأنا قررت أرجع للعالم… وأتكلم لأول مرة.
إيهاب (بضحكة متوترة):
أنا محتاج شاي، وقهوة… وبدلة مضادة للرصاص كمان!
مازن (بصوت مذهول):
هو إحنا هنعيش لبكره ولا نكتب وصيتنا من دلوقتي؟!
ياسر (بيغمز لهم):
عيشوا… واستمتعوا…
وشوفوا بعينيكم وهو بيقع… ببطء… خطوة بخطوة
******************
بعد ساعة – قاعة مؤتمرات فخمة في فندق كبير في وسط القاهرة
العشرات من الصحفيين والمراسلين قاعدين، كاميرات، ميكروفونات، شاشات بتنقل الحدث مباشر.
على المنصّة: ياسر قاعد واثق، وراه لافتة مكتوب عليها:
"رجوع رجل الأعمال ياسر الطحاوي… الحقيقة الكاملة بعد 6 سنين غياب"
القاعة كلها دوشة، الصحفيين بيتخانقوا على الكراسي اللي قدّام، والكاميرات بتصور كل زاوية، والهمسات شغالة:
"مش دا اللي كان مات؟!" "إزاي؟!" "إحنا بنحلم؟"
ياسر بيرفع إيده بهدوء… وسكون غريب بيعم القاعة
ياسر (بصوته العميق والواثق، بيكلم بالراحة بس كل كلمة تقيلة):
"عارف إن وجودي هنا بيخلّي الناس تسأل…
سؤال بسيط: رجعت إزاي؟
بس الأهم من إزاي… هو ليه؟"
الصحفيين يبصول بعض، وواحد منهم بيرفع إيده
صحفي 1 (بحماس):
أستاذ ياسر… آسف على السؤال، بس… ما حضرتك اتعملك جنازة واتقال إنك مت؟!
مين اللي اتدفن وقتها؟!
ياسر (بيبتسم ابتسامة جانبية كلها سخرية وبرود):
قبر فاضي… زي اللي خططوا لكل ده بالظبط.
صحفية 2 (بصوت عالي من ورا):
إنت كنت ضحية لمحاولة قتل؟ تهديدات؟
مين اللي ورا اللي حصل ده؟!
ياسر (بيبص للكاميرا بثبات ونظرة نارية):
كنت ضحية لـ"ثقة عمياء"…
وثقة زي دي، كلفتني إني أعيش في الضل…
وكل اللي حصل بعد كده؟
علّمني أراقب… لحد ما ييجي وقت الرد.
الصحفيين بيصوتوا ويسجلوا بجنون، والميديا كلها شغالة تنقل، والسوشيال ميديا مولعة
صحفي 3 (بصوت عالي):
هو الكلام ده ليه علاقة بقضية سيلين؟
اللي اتقال إنها قتلتك من 6 سنين؟
يعني… كانت بريئة؟!
ياسر (بيبص للكاميرا وبيقول بصوت حازم):
سيلين…
مش بس بريئة…
دي من أكتر الناس اللي اتظلموا في حياتهم…
ومن النهارده…
أنا مش هسكت.
وكل اللي ظلمني… لازم يعرف إن وقته خلص.
سكون تام… ذهول على وشوش الناس… الكاميرات بتسجل كل حاجة
مراسل (بيهمس لزميله):
لو أنا مكان اللي عمل فيه كل ده…
كنت حزّمت شنطتي وهرّبت النهاردة قبل بكره!
ياسر بيقوم بهدوء، بيزرّر الجاكت، ويبص للحضور كله وبيقول:
ياسر:
اللقاء ده…
مش علشان أحكي عن اللي فات…
ده علشان أقول للي راهنوا على موتي…
يجهّزوا نفسهم للي جاي.
يسيب الميكروفون، ويمشي براحة، وسط فلاشات الكاميرات، وهتافات الصحفيين، ووجوه كلها مش مصدّقة اللي شافته
******************
فيلا حسام – أوضة المعيشة بعد دقائق من نهاية المؤتمر
النور خافت، شاشة التليفزيون منورة الأوضة كلها، وسكون ثقيل خنّاق…
الصوت طالع من التليفزيون، صوت المذيع بيعلى:
> "في ظهور صادم وغير متوقّع… رجل الأعمال ياسر الطحاوي، اللي الكل افتكر إنه مات من ست سنين، بيظهر فجأة ويكشف حقايق مرعبة…!"
الكاميرا بتعرض صورة ياسر وهو نازل من على المنصّة، مبتسم بثقة، والفلاشات وراه مولّعة
حسام واقف قدّام الشاشة، عينه مفتوحة على الآخر، وشه مصفرّ، إيده بترتعش، وأنفاسه متقطّعة
حسام (بصوت مبحوح مش طالع من زوره):
مش… مستحيــل…
دا كان ميت… أنا شُفت… شُفت الدم!!
أنا… أنا دفنته بإيدي!!!
نوال قاعدة على الكنبة، بُصّتها مصدومة، بس بتحاول تلم نفسها
نوال (بجفاف):
لأ… دي أكيد خدعة… فوتوشوب؟ تمثيلية؟!
CG يمكن؟ حاجة مزيفة؟!
لا يمكن يكون…
حسام بيتأرجح، بيحط إيده على دماغه، بيتنفّس بسرعة وبنبرة هستيرية
حسام (بصوت مكتوم ومرعوب):
أنا خلّصت عليه…
أنا متأكد…
دا المفروض يكون راح… راح للأبد!!
فجأة بينهار، بيقعد على الأرض، بيلطّش الأرض بإيده، وبصرخة مدوية:
حسام:
يااااااااااه!!!
سيلين كانت عارفة!!!
كانت بتمثّل عليّا…
وسيف معاها…
وأنا كنت واقف أتفرّج زي العبيط!!!
نوال تقوم بسرعة، تمسكه من كتافه، بتحاول تهديه
نوال (بحدة وهمس):
ششش!! اهدى!
لو حد سمعك كده، هتفضح نفسك…
إحنا لازم نفكر بهدوء! نفكر بعقل مش بانفعال!
حسام يبص لها بعين كلها جنون ودموع بيكسّر بيها الدنيا
حسام:
كل ده كان فخ؟
من البداية؟
وسيلين… كانت بتضحك عليا؟
أنا اللي رميتها في السجن… أنا اللي بهدلتها…
وهي؟ رجعتلي بكل حاجة…
حتى ياسر… رجّعته!!
نوال بتحاول تسيطر، بس صوتها بيكشف إنها هي كمان مخنوقة
نوال (بهمس مضغوط):
لو ياسر فتح بقه وقال حرف…
كل حاجة هتولع.
لازم نتحرك… قبل ما يتكلم!
حسام بيقوم فجأة، بيزق الترابيزة بأعصاب منفلتة، فتتكسر، وبيصرّخ بصوت عالي:
حسام:
مش هسيبهم!!!
سيلين… سيف… ياسر…
كلكم هتندموا!!!
واللي فات؟
هتشوفوا أضعافه مليون مرة!!!
نوال بسرعة تمسك تليفونها، بتدوس على اسم هايدي، وبتقرب الكاميرا من وشها المظلم وهي بتقول:
نوال (بحدة متوترة):
ألو، هايدي؟ حصلت الكارثة…
ياسر رجع.
والخطوة الجاية؟ لازم تبدأ النهارده… الليلة دي
*********************
شقة آسر – أوضة المعيشة – الموبايل في إيده
ليل قاعدة على الكنبة، ماسكة كباية شاي، وآسر بيتقلب في الموبايل بهدوء… فجأة بيقف، ووشه بيتحوّل للدهشة
آسر (بذهول وابتسامة باردة بتزحف على وشه):
لاااااااا… مش معقووول!
ليل (ترفع عينيها من على الكباية):
في إيه؟!
آسر (بيرفع الموبايل قدام وشها):
شايفة ده؟
ده مش فيديو قديم… ده لايڤ!
ياسر… ياسر يا ليل… عايش!
ليل (تكاد الكباية تقع من إيدها):
إيييييييه؟!
ياسر مين؟!
تقصد ياسر… صاحب حسام؟ اللي قالوا اتقتل؟!
آسر (يضحك جامد بس عينه كلها نار):
هو نفسه… عايش وبيتكلّم قدام الكاميرات كأنها حفلة انتقام!
رجع… قدام العالم كله!
والمقابلة دلوقتي معدّية ١٥ مليون مشاهدة!
ليل (بصوت مخنوق):
بس… إزاي؟
إزاي يكون لسه حي؟
يعني حسام… لبّس التهمة لسيلين؟!
وساعتها انت كنت دايمًا تقول إنها بريئة…
وأنا مش مصدقة إن فيه ناس بالقسوة دي!
آسر (يتكئ على الكنبة وهو بيضحك):
أنا مش مستغرب… حسام دا طول عمره جبان وغدار.
قتل بابا، سرق حقنا، ولخبط حياتنا كلها.
بس بصي… العدالة بترجعله النهاردة!
نفسي أشوف وشه دلوقتي…
متأكد إنه بيصرخ، بيكسر، يمكن قلع هدومه من الصدمة!
ليل (بهمس ودموعها على وشها):
يعني لسه فيه أمل؟
أخيرًا فيه أمل نفضحه… ونجيب حق بابا.
آسر (بصوت واطي وحاد):
أيوه… بس المرة دي مش هتبقى ضربة واحدة.
هتبقى موت بالبطيء.
ليل (بصة تاني على الشاشة):
ياسر… أنا عايزة أشوفه.
عايزة أعرف عاش إزاي؟
وسكت ليه السنين دي كلها؟
آسر (يقوم ويتمشّى قدامها وعينه بتلمع):
هنعرف… كل حاجة هنعرفها.
بس مش دلوقتي.
خلّينا نستمتع بالمشهد شوية…
ونسيب حسام يتخنق في صدمته.
لأن اللي جاي؟
هيكون أسوأ من اللي فات.
ليل تبتسم أخيرًا، ولأول مرة من سنين، عنيها بتنور بأمل حقيقي
*******************
– نيوزيلندا / بالليل – بيت الطحاوي
البيت دافي بنوره الهادي وسط الريف النيوزيلندي الجميل.
"إياد الطحاوي" قاعد على كرسيه الخشبي اللي متعود عليه قدّام المدفأة، عينيه سابتة على شاشة التلفزيون اللي بتعرض إعادة لمقابلة ياسر… اللي رجع للحياة قدام الكل بعد ٦ سنين اختفاء.
"نهال"، مراته الطيبة، داخلة بصينية الشاي… لكن بتتجمّد مكانها أول ما تشوف وش ابنها مالي الشاشة… بيبتسم بثقة وهدوء.
نهال (بصوت بيرتعش):
ياسر… يا ربّي! دا بيبتسم…
إياد… دا رجع للنور… بقى قدّام الكل.
إياد (بابتسامة خفيفة وهو لسه باصص للشاشة):
كان قايلّي… قاللي ساعتها:
"هارجع يا بابا… بس وقت ما تبقى رجوعي صفعة، مش بس خبر في الجرنان."
نهال (بتقعد جنبه وتمسك إيده):
العاصفة هتبتدي دلوقتي…
وحسام مش هيطلع منها سهل.
إياد (بعينين حزينة بس فيها عزيمة):
كان ممكن ياسر يعيش حياته في سلام…
لو الخيانة مجتش من أقرب الناس ليه.
بس الخاين دا؟
ما اكتفاش…
رما كمان بنت يوسف – سيلين – في نار هو اللي ولّعها.
نهال (بصوت كله حنان):
سيلين… شبه أبوها قوي…
كانت بتيجي تزورنا وهي صغيرة…
كانت بتملّي البيت ضحك.
ما تستاهلش اللي حصلها.
إياد (بنبرة فيها إصرار):
أنا ما أنقذتش ياسر بس…
أنا رجّعت أمانة يوسف.
جِه الوقت نرد الجميل… ونقفل الحكاية دي.
ماينفعش نسيب حسام يدوس على كل حاجة حلوة… ويسيبها محطّمة من غير حساب.
نهال (بصوت ناعم لكن بيقوى):
وسيلين؟ تستحق تشوف النور في الآخر.
وياسر؟ يستاهل العدالة.
إياد (باصص تاني ع الشاشة وبيقول في سره):
العرض الحقيقي… لسه هيبدأ دلوقتي.
*****************
نيوزيلندا / بيت الطحاوي / بعد مقابلة ياسر
البيت ساكن بس السكون تقيل… بعد صدمة ظهور ياسر قدّام الكل.
إياد بيقوم من قدّام المدفأة، ويمشي ناحيّة الشباك اللي بيطلّ على الجنينة وراه، ملامحه كأنها بتقول: "أنا راجع من حرب… بس لسه في معركة أخيرة."
نهال بتبص عليه، وإيديها على صدرها كأنها حاسّة إن في لحظة جاية… هتغيّر كل حاجة.
إياد (بصوت عميق، وعينيه شاخصة للسماء):
ست سنين… ست سنين وأنا بستنى… بخطّط… وبراقب.
بس خلاص يا نهال… جه وقت الرجوع…
الرجوع لأرض البداية… والنهاية.
نهال (بهمس):
مصر…
إياد (بيبص لها والنار مولعة في عينه):
مش هسيب ياسر لوحده يواجه…
ولا هرضى إن سيلين تفضل تحارب في الضلمة.
الوقت جه… لازم نحطّ نهاية للكلب اللي دمّر بيوت… وقتل رجالة… وسرق مستقبل ولادنا.
نهال (تمسك إيده بحنية، وصوتها مليان مشاعر):
أنا جنبك يا إياد… زي ما كنت دايمًا.
هنرجع سوا… ونقفل صفحة المهزلة دي… اللي اسمها حسام الجمال.
إياد (بحسم، كأنه بيصدر أمر عسكري):
بكرا نحجز التذاكر.
وتعرف القاهرة إن إياد الطحاوي… رجع.
رجع عشان يشيل وصية يوسف…
ويرجّع الحق لأصحابه… حتى لو اتأخر.
نهال (بابتسامة فيها وجع وقوة):
حق يوسف… وحق سيلين… وحق ياسر.
إياد (يحط إيده على كتفها ويبتسم بحنان):
وإحنا سوا… عمرنا ما هنتكسر
*☆يتبــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع☆☆*

•تابع الفصل التالي "رواية اقدار لا ترحم " اضغط على اسم الرواية

تعليقات