Ads by Google X

رواية نبضات لا تعرف المستحيل الفصل الخامس عشر 15 - بقلم اميرة احمد

الصفحة الرئيسية

 رواية نبضات لا تعرف المستحيل الفصل الخامس عشر 15 - بقلم اميرة احمد

نبضات لاتعرف المستحيل
الفصل الخامس عشر:

في المساء، جلست نور بجوار زياد يشاهدون التلفزيون، حين بدأ زياد يشعر بوخزة قوية بقلبه، بوجه شاحب وصوت ضعيف أشار لنور أن تعطيه كوب من الماء، بوجه قلق ناولته نور الكوب، لكنه قبل ان يصل إلي فمه، سقط الكوب ارضا و تناثرت قطع الزجاج في كل مكان.

كان زياد يجاهد من أجل ان يلتقط أنفاسه، ممسكا صدره بألم ويتصبب العرق من جبينه، صرخت نور بذعر: مالك يا زياد؟ في ايه؟

لم يستطع ان يجيبها، فقط أشار لها بانه لا يستطيع ان يلتقط أنفاسه.

صرخت نور: يوسف.. ألحق بابا.

خرج يوسف من غرفته مسرعا، وقعت عينيه على والده و هو يجاهد من أجل الحصول علي أنفاسه و ممسكا بصدره، تجمدت الدماء في عروقه، لكنه ركض على والده و بنبرة هادئة قال: بابا قوم هنروح المستشفى دلوقتي.

خرجت حياة من غرفتها مذعورة، بدأت الدموع تتساقط من عينيها قبل أن تدرك ما يحدث حولها، وفعلا في لحظات كان الجميع في السيارة متجهين نحو المستشفى.

أخرج يوسف هاتفه واتصل بفارس وما ان أجاب صاح يوسف بقلق: فارس ألحق بابا تعبان أوي.

فارس: أهدي طيب يا يوسف، هو ايه الاعراض اللي عنده؟

يوسف وهو ينظر إلي والده في مرآة السيارة ووجهه شاحب و لا يزال يمسك بصدره: مش قادر ياخد نفسه كويس و ماسك صدره.

فارس: طيب انا في المستشفى مستنيك.

حياة الجالسة بجوار يوسف كانت تنظر إلى والدها والدموع تتساقط من عينيها و لا تستطيع ان تقول شيء، كل ما تتمناه ان تكون في حلم و تستيقظ منه.

زاد يوسف الضغط علي دواسة البنزين و أسرع حتي وصل إلي المستشفى، علي الباب كان فارس و طاقمه الطبي في انتظارهما.

ساعد فارس زياد أن يجلس علي الكرسي الطبي، و بسرعة أنطلق به داخل غرفة الطوارئ.

وقف الجميع علي الباب بقلق، بينما نور خانتها قواها، لم تستطع قدماها ان تحملاها أكثر من ذلك، جلست إلي إحدى المقاعد القريبة و هي تتلو آيات القرآن و تدعو الله ان ينجي زياد.

دقائق وخرج فارس بوجه هادئ، وبنبرة صوت حاول ان يخفي بها قلقه قال: متقلقوش يا جماعة... الحمد لله جبتوه المستشفى في الوقت المناسب.

قالت نور بخوف: زياد عنده ايه يا فارس؟

ربت فارس علي كتفها: متقلقيش هو عنده ضيق في شرايين القلب، هيحتاج قسطرة و هيبقي كويس ان شاء الله....

نظرت حياة إلي فارس ومن بين دموعها همست برجاء: بابا يا فارس

نظر فارس إلي عيني حياة التي كانت تبكي بلا توقف: هيبقي كويس ان شاء الله، ده اجراء طبي بسيط.... متخافيش انا معاه.

لم تجبه حياة، بل حركت رأسها والدموع تتساقط من عينيها. 

يوسف: طيب هتعمله القسطرة أمتي يا فارس؟

فارس: انا منتظر يجهزوا غرفة العمليات و هاعملهاله بنفسي.

بينما يتحدث فارس مع يوسف جاءت إحدي افراد التمريض وأخبرته أنهم بانتظاره في غرفة العمليات.

ذهب فارس، وبينما يوسف ضم حياة إلى صدره وحاول ان يبث الطمأنينة في قلبها، بالرغم من القلق الذي يعتصر قلبه. اما نور، فأخرجت من حقيبتها مصحفا صغيرا واخذت تقرأ فيه، جلس يوسف إلي جوارها ووضع قبلة فوق رأسها.

في غرفة العمليات، وقبل أن يتم تخدير زياد، وقف فارس بالقرب منه يحاول طمأنته بروح مرحه فقال: شكلك عاوز تعرف غلاوتك عندنا يا أونكل... بس متخافش قلبك في أيد أمينه.

لم يضحك زياد، بل نظر إلى عمق عيني فارس وهمس: خلي بالك منها يا فارس.

اقترب فارس وربت علي كتفه، بدأ الطبيب المختص في ضخ المخدر في ذراع زياد، فغاب عن الوعي، و بدأ فارس بإجراء العملية.

بعد مضي حوالي الساعة، خرج فارس من غرفة العمليات، التف حوله الجميع، فقال بنبرة هادئة: الحمد لله العملية تمام و أونكل بخير.

تنفس يوسف الصعداء وهمس: الحمد لله.

بينما صاحت نور: انا عاوزة اشوفه.

ابتسم فارس بوقار: هو دلوقتي في الافاقة، نص ساعة بالظبط ويكون في اوضته وتقدروا تشوفوه.

اقترب فارس من حياة بحنان وهمس لها: ممكن كفاية عياط، والله باباكي بقي كويس وبخير.

رفعت حياة عينيها وتلاقت مع عيني فارس الذي شعر بوخزة في قلبه حين رأي الدموع والألم بعينيها، لكنها تمتمت بصوت بالكاد مسموع: بابا كل حاجة في حياتي يا فارس... مقدرش اشوفه تعبان كده.

بعد ما يقرب من الساعة، سمح لهم بالدخول لغرفة زياد، وقفت نور علي باب الغرفة تنظر لزياد المستلقي علي السرير بوجه شاحب، و صدر عاري متصل بالأجهزة، اقتربت منه ببطء و لهفة امتزجت بالدموع ملأة صوتها و هي تمسك يديه و تهمس: خضتني عليك يا زياد.

بصعوبة رفع يده وربت علي رأسها: متخافيش يا حبيبتي انا كويس الحمد لله.

وقف يوسف و حياة بجانب سرير زياد أمسك يوسف بيديه: حمدالله علي سلامتك يا بابا.

ابتسم زياد بوجه شاحب: الله يسلمك يا حبيبي.

بينما حياة وقفت تنظر إليه بعينين دامعتين، لكن زياد أراد ان يخرجهم من الأجواء المشحونة بالتوتر المحيطة بهما فقال بمرح: ايه يا جماعة... انا بادلعكوا كلكوا في البيت، حبيت انكوا تدلعوني شوية، مش تقلبوها دراما.

ابتسمت حياة وهي تميل تقبل يديه: انا اكتر واحدة بتدلعك يا بابا.... مش محتاج تقلقنا عليك علشان ندلعك.

بينما وقف طارق علي باب الغرفة يشاهدهم بابتسامة ومن خلفه فارس، لم يلحظ أحد وجوده في البداية الا حين صاح وهو يضحك: لولا أبني حبيبي اللي أنقذك مكنتش عارف كان زمانك فين دلوقتي يا زياد.

ابتسم زياد: فعلا.. لولا دكتور فارس كان زماني في خبر كان.

ضحك طارق: ايه خبر كان والكلام القديم ده، قول الحقيقة كان زمانك موت.

انتفضت نور لوقع الكلمة على اذنها: اخس عليك يا طارق، بعد الشر عنه متقولش كده.

خفتت ابتسامة طارق و قال معتذرا: انا مقصدش و الله، انا بهزر معاه.

ابتسم زياد: سيبيه يا نور... انتي عارفة طارق طول عمره مش بيقول كلمتين جد، انا كنت خايف فارس يكون طالع زيه، بس الحمدلله طلع بيبقي جد وقت الجد.

اقترب منه فارس بوجهه البشوش وابتسامته التي تملأ وجهه: حمدالله علي السلامة، اهم حاجة بس إنك تخلي بالك من أكلك الفترة الجاية، و تبعد عن أي حاجة تزعلك.

قالت حياة و هي تربت علي كتف والدها: انا هاخد إجازة من الشغل و أخلي بالي منك يا بابا.

ضربتها نور علي كفها لتبعد يدها عن زياد وقالت: بس يا بت مش هتاخدي أجازه ولا حاجة، انا قاعدة مع زيزو حبيبي في البيت و هاخلي بالي منه.

ضحك طارق: انت كده يا زياد تخرج من المستشفى وانت مطمن، تعبك جاب نتيجة أهو و ماشاء الله مراتك و بنتك بيتخانقوا مين فيهم يدلعك أكتر.

تأوه زياد و هو يضحك، بينما قال فارس بمرح: واضح فعلا يا بابا انه كان عاوز يعرف غلاوته عندهم.

نظر طارق إلي فارس بتمعن وقال وهو مفتعل الجدية: تفتكر يا واد يا دكتور انت لو عملت كده ممكن يجيب مع أمك و أشوف منها حبة دلع من اللي مانعاه عني بقالها 30 سنة؟

كتم فارس ضحكته: بعد الشر عليك يا بابا، بس لأ مش هيجيب نتيجة معاها فا متحاولش.

ضحك الجميع، بينما نظرة حياة بامتنان لفارس وحركت شفاها دون صوت: شكرا.

ابتسم لها بحنان، بينما كانت عيني زياد تتابعهما في صمت.

--------------------

في المساء، جلست حياة في غرفتها تكاد لا تصدق ما مر بها في الليلة الماضية، واحدة من أقسي الليالي التي مرت عليها، أكبر مخاوفها تتجسد أمامها، والدها مريض... دائما كانت تخشي عليه، تهتم بصحته، لا تريد ان تري فيه مكروه.

سقطت دمعة من عينيها، اخرجها من شرودها رنين الهاتف بجوارها، نظرت إلى الشاشة المضيئة باسم فارس و انقبض قلبها، اجابت بلهفة: فارس.... بابا بخير؟

اتاها صوته الدافئ حنونا: متخافيش يا حياة... اونكل زياد بخير انا كنت عنده من شوية وهو بقي أحسن كتير...هيخرج بكرة ان شاء الله.

تنهدت حياة بارتياح: الحمد لله.

أردف فارس بنفس النبرة الدافئة: حياة.... طمنيني عليكي... انتي كويسة؟

همست بصوت ضعيف: لأ.... انت مش عارف بابا عندي ايه يا فارس.

بدأت تبكي، سمع فارس صوت شهقاتها الضعيفة عبر الهاتف فهمس: ممكن متعيطيش.... لما شوفتك بتعيطي النهاردة كان نفسي اخدك في حضني واقولك متعيطيش بس مقدرتش.

لم تجب حياة، فقط ابتسمت من خلف دموعها... ابتسامة استطاع ان يشعر بها فارس عبر الهاتف.. فهتف بمرح: يا بخت اونكل زياد علشان بتخافي عليه كده.

هتفت حياة: طبعا بخاف علي بابا جدا... أهم انسان عندي في الدنيا... انت متتصورش انا بحب بابا قد ايه.

بنبرة هادئة قال فارس: ربنا يخليهولك.

همست: يارب.

ضحك فارس وهتف بمرح: انتي مش بتثقي فيا ولا ايه؟ مش واثقة أني عالجت باباكي كويس؟

أخيرا ابتسمت حياة: لأ واثقة طبعا، بس انا لما بابا بيبقي تعبان انا بحس ان روحي بتوجعني.

تنهد فارس وقال بصوت هادئ: متقلقيش يا حياة... انا جنبك... وبابا بكرة ان شاء الله هيبقي في البيت.

همست بضعف: حاضر يا فارس.

لم تستطع ان تجمح ضيقتها أكثر من ذلك فهمست: فارس انا زعلانة منك؟

جاءها صوته الهادئ بنفس الدفء: ليه؟

ارتبكت نبرتها وقالت: علشان... عاملتي كأني حد غريب في المستشفى... مش زي ما بنتكلم.

تنهد فارس وقال بصوت واثق: حياة... المستشفى مكان شغلي، مينفعش إني اظهر أي مشاعر فيه.... غصب عني يا حياة متزعليش.

همست بصوت ضعيف: بس انا كنت محتجا لك وقتها... كنت محتاجاك تطمني كصديق وكطبيب.

اتاها صوته الهادئ بعد لحظات مطمئنا: انا معاكي يا حياة... مستعد أفضل معاكي علي التليفون للصبح علشان اطمنك.

فلتت منها ضحكة صغيرة: شكرا يا فارس.

همس بحنان: مش زعلانه؟

حركت رأسها بصمت وكأنه يراها، لكنه كان يشعر بصوت أنفاسها التي بدأت تهدأ و تنتظم علي الطرف الأخر فقال: حياة... نامي دلوقتي علشان انتي محتاجة ترتاحي، و اشوفك بكرة الصبح ان شاء الله.

همست: تصبح علي خير.

ابتسم صوته وقال: تصبحي علي خير يا حياة.

-------------------------------------------------

في المساء كانت جميلة تجلس وحيدة في غرفتها ،تتصفح هاتفها بملل واضح حين اضاء هاتفها بمكالمة فيديو من مالك، اجابت علي الفور وظهرت علي الشاشة صورة مالك بابتسامته التي تسحر قلبها، مجرد ان وقعت عيناها عليه همست: وحشتني اوي يا مالك.
اتسعت ابتسامته وقال: و انتي اكتر.
بنبرة هادئة دافئة أردف: انتي لسة صاحية؟
هتفت ممازحة: انت منمتش ليه لحد دلوقتي، عندك شغل الصبح.
اراح رأسه علي قائم السرير و همس بنبرة ممازحة: حسيت انك عاوزة تسمعي صوتي قبل ما تنامي فمرضيتش انام.
ضحكت جميلة: انت بتخمني، انت اللي اتصلت، اعترف انك اتصلت علشان انت اللي مكنتش عارف تنام من غير ما تسمع صوتي.
ضحك مالك: مش فارقة كتير، المهم اني اشوفك قبل ما انام.
نظرت جميلة الي الغرفة من حول مالك: انت خلاص في السرير هتنام؟
همس بصوت ناعس: اه خلاص...
لاحظت جميلة وجود شيء خلف مالك و هو يتحرك براحة علي السرير فصاحت: مالك... رجع الكاميرا تاني كده، ايه اللي جنب السرير ده؟
بدي التوتر واضح علي صوته: مفيش حاجة.
صاحت جميلة بسعادة: مالك ،انا شفتها مش هتخبي عليا.
ابتسم و هو يوجه كاميرا الموبايل ناحية الطاولة المجاورة لسريره ليظهر إطار ذهبي يحمل صورتهما معا يوم ان تبادلا الاعتراف بالحب، ابتسمت جميلة بحنان و همست: انت حاطت صورتنا جنب سريرك ؟
نظر مالك الي عمق عينيها و قال بحنان: علشان تبقي اول حاجة افتح عيني عليها.
مالت جميلة علي الوسادة اكتر و هى تضع كفها علي عينيها وتبتسم بخجل، شاهدها مالك بصمت و بنفس الابتسامة، لحظات ثم همس :جميلة.. مش المفروض تنامي بقي علشان عندك شغل الصبح؟
بصوت ناعس همست: انا مش عايزة اقفل واسيبك.... خلينا نتكلم شوية.
اومأ رأسه: ماشي خلينا نتكلم شوية، ما تيجي نتقابل بكرة،بقالي كتير مشفتكيش.
قالت جميلة وهي تتململ في السرير: بكرة بعد الشغل هاروح مع ماما عند خالتو مامت ليلي.
تغيرت ملامح مالك و أصبح الضيق واضح عليه: هو لازم يعني تروحي عند خالتك؟
اجابت جميلة ببراءة: ماما عاوزاني معاها.
بنبرة حادة هتف مالك: و ابن خالتك هيكون موجود؟
رفعت كتفيها باستكار: معرفش..... ولو موجود انت متضايق ليه؟
صاح مالك بحدة: هو ايه اللي متضايق ليه؟ مش انتي قولتيلي ابن خالتك ده كان عاوز يتجوزك و باباكي كان موافق، عاوزاني أكون مبسوط و انتي رايحة عندهم البيت بنفسك.
ضحكت جميلة و همست بدلال و هي تضع خصلة من شعرها خلف اذنها: انت بتغير يا حبيبي؟
بملامح عابسة ونبرة هادئة لكنها حادة: جميلة انت مش هتروحي.
اقتربت جميلة للهاتف و همست: مالك... ابن خالتي عنده ١٥سنة.
عقد مالك حاجبيه: و اللي عنده ١٥ سنة ده كان عاوز يتجوزك؟ و لا انتي بتضحكي عليا؟
اخفضت جميلة رأسها، فسقطت خصلات شعرها تغطي وجهها و همست كما لو كانت تحدث مالك بسر: محدش كان عاوز يتجوزني، انا قولت كده بس علشان اضايقك لما عرفت أنك كنت عاوز تتجوز حنين.
صمت مالك قليلا ثم همس: ارفعي شعرك من علي وشك و بصيلي.
ببطء رفعت عينيها لتتلاقي مع عينيه العميقتين التي تحملان كم من المشاعر لم تراه جميلة من قبل، نظر لها مالك طويلا قبل ان يقول :انتي عارفة انا كان هيجرالي ايه لما انتي قولتيلي كده؟
ارتبكت جميلة وخفضت عينيها و همست: انا اسفة يا حبيبي.
ابتسم مالك: اعتقد محتاجة تصالحيني باكتر من انا اسفة.
رفعت جميلة عينيها، و التقت بعيني مالك و همست: بحبك.
ابتسم مالك: و انا كمان.
رفعت جميلة حاجبها: انت عارف اني انا دايما اللي بقولك كلام حلو و انت بتقولي و انا كمان، ثم قالت بدلال: قولي كلام حلو يا مالك.
ضحك وقال: كلام حلو يا مالك.
عقدت جميلة حاجبيها: بجد يا مالك، مش بتقعد تقولي كلام حب و الحاجات دي.
خفتت ابتسامته و نظر الي عمق عينيها و قال بهدوء و دفيء:علشان الكلام ملوش معني، كل كلام الدنيا مش هيوصل اللي انا حاسس بيه.
اراحت جميلة راسها علي الوسادة و اسبلت جفونها و قالت بنبرة ناعسة: بس ده ميمنعش اني احب اسمع الكلام ده منك.
همس مالك بصوت دافيء كما لو كان يتلو تهويدة: بحبك با جميلة،حياتي كلها اتغيرت من يوم ما شفتك، انا من غيرك معرفش أعيش... و لو في سبب واحد مخليني عايش لحد دلوقتي فهو حبك.
بجفون مسبلة وصوت ناعس همست: انا كمان بحبك.
ابتسم مالك و هو ينظر لوجهها الملائكي البرئ و ملامحها المستكينة و همس: تصبحي علي خير يا جميلة.
راحت جميلة في ثبات عميق بينما مالك ظل يشاهد صورتها في صمت و يستمع لصوت أنفاسها الهادئة حتي غلبه النعاس هو الأخر.

في الصباح، استيقظت جميلة علي صوت دافئ يهمس باسمها: كل ده نوم، هتتاخري علي الشغل.
فتحت جميلة جفونها بكسل، وجدت انها لاتزال تمسك بالهاتف بين يديها، ادركت ان غلبها النوم و لم تغلق المكالمة، وجدت مالك يبتسم لها بنشاط وهو يحمل بين يديه كوب القهوة و ينظر الي الهاتف باستمتاع: هتفضلي تبصيلي كده مش هتقوليلي صباح الخير؟
ابتسمت جميلة و هي تتمدد بكسل: صباح الخير يا حبيبي، ثم اعتدلت و هي تنظر للهاتف و صاحت: انت عارف انك مجنون صح؟ مقفلتش من امبارح؟
نظر مالك لعينيها لحظات ثم قال: مقدرتش اقاوم ان وشك يبقي اخر حاجة اشوفها قبل ما انام وأول حاجة اصحي عليها.... حاجة مؤقته لحد اما تبقيهنا جنبي بجد.
سرت قشعريرة بجسد جميلة و احمرت وجنتاها و صاحت بخجل:مالك.
ابتسم مالك: بس انتي عارفة ان شكلك حلو اوي و انتي لسة صاحية من النوم.
فلتت ضحكة صغيرة من جميلة: انت واضح انك بتبقي رومانسي الصبح اكتر.
ارتشف من كوب القهوة في يديه و قال: لما تبقي انتي اخر حاجة اشوفها قبل ما انام و اول حاجة اشوفها لما اصحي يبقي لازم اصحي مزاجي رايق.
ابتسمت بخجل و هي تضع خصلة من شعرها خلف اذنها: انا مش هاقدر علي الدلع و الحب ده كله.
ضحك و هو يضع كوب القهوة من يديه: كفاية عليكي دلع كده علشان انا لازم انزل الشغل، و انتي كمان عندك شغل.
همست بدلال: مالك، انا بفكر اسيب الشغل.
لمعت عيني مالك و هتف: يبقي احسن برضه..... انا مش عايز حد يشوفك غيري.
بتوتر وهي تعقد اصابعها قالت: طيب و ممكن اروح النهاردةمع ماما عند خالتو؟
ابتسم بهدوء: ماشي يا جميلة...
صاحت جميلة بسعادة: بحبك يا مالك قلبي.
ابتسم و صمت قليلا قبل ان يتمتم: و انا كمان.

-----------------------------------------------------------------

بعد يوم طويل في العمل، كانت جميلة تشعر بالإرهاق و هي في طريقها للخروج من باب الشركة، وجدت هاتفها يضيئ باسم مالك، امسكت الهاتف وفتحت الخط، لكنها قبل ان تتفوه بكلمة واحدة اتاها صوت مالك يهمس بدفء: بصي قدامك كده.

تلفتت جميلة حولها قبل ان تصيح: مش معقول يا مالك انت هنا... انا مش شايفاك.

أطلق مالك بوق السيارة، فانتبهت جميلة له و اسرعت إليه بسعادة كطفلة صغيرة أتي والدها يقلها من المدرسة، فتحت باب السيارة و وجدت علي المقعد المجاور لمالك باقة من الورود البيضاء، نظرت إليه جميلة بعينين لامعتين و بهدوء أمسكته و ضمته إلي صدرها و جلست علي المقعد بجوار مالك الذي كان يراقبها بعينين مبتسمتين، لكن جميلة نظرت إلي باقة الورود و إلي مالك بعدم فهمت و همست: ليا انا؟

ابتسم مالك وهو يومئ برأسه بالإيجاب، بنفس النظرة الحائرة همست: بمناسبة أيه؟

رفع مالك حاجبه و قال بنبرة دافئة: هو انا محتاج مناسبة علشان اجيب لحبيبتي ورد؟ بعدين مش انتي بتحبي الورد الأبيض؟

ضمت جميلة باقة الورد إلي صدرها، استنشقت عبيرها و رفعت رأسها ونظرت إلي مالك: بحب الورد الأبيض، بس بحبك انت أكتر.

ابتسم وهو يعبث بخصلة من شعرها المنسدل على كتفيها وهمس: جميلة.... ممكن تبقي تربطي شعرك وانتي في الشغل؟

بخضوع اومأت رأسها ، أدار مالك محرك السيارة و انطلق و هو يقول: معلش يا جميلة انا هاوصلك البيت لأني لأزم أروح ليوسف، باباه تعبان و عمل قسطرة في القلب امبارح ... بس أوعدك نخرج بكرة بعد الشغل لوحدنا.

بهدوء ردت جميلة: ألف سلامة عليه، أنا كمان رايحة مع ماما النهاردة ، و لا أنت نسيت؟

افتعل مالك الانشغال بالطريق وقال بسخرية: لأ انا فاكر... بس أبقي سلميلي على أبن خالتك.

مالت عليه جميلة وهمست بدلال: أنت لسة زعلان.

نظر إليها بنظرة ثاقبة سريعة وقال: متضايق... بس مش زعلان.

أخرجت جميلة وردة من الباقة، و داعبت بها وجه مالك بمرح طفولي: خلاص متزعلش ، 

صمتت جميلة لحظات ثم أردفت بجدية: وقتها أنا كنت خايفة يا مالك، فعلشان كده كذبت عليك.

قال و عينيه علي الطريق: انا مبحبش الكذب، لما حسيت أنك ممكن تروحي لراجل تاني يا جميلة انا يومها بس حسيت بالعجز، حسيت قد ايه انا ضعيف... الوجع كان كأن قلبي بيخرج من ضلوعي.

همست جميلة بحنان: بعد الشر علي قلبك.

ابتسم مالك وهو يقف بالسيارة امام منزل جميلة، فتحت جميلة باب السيارة و نظرت إليه بحب و همست: شكرا علي الورد... و علي التوصيلة.

نظر إليها بابتسامة وقال بصوت رخيم: خلي بالك علي نفسك يا جميلة، ابتسمت و هي تتجه نحو المنزل لكنه أردف بصوت بالكاد مسموع: وعلى قلبي.

أنطلق مالك بسيارته متجها نحو منزل يوسف، وقف في الإشارة و أخرج هاتفه و بعث رسالة إلي جميلة:" طمنيني عليكي، نزلتي؟"

لحظات و اضاء هاتفه برسالة من جميلة: " قربت أوصل عند ليلي".

ابتسم مالك و هو يدرك في قرارة نفسه أن جميلة سيطرت علي قلبه و مشاعره، للمرة الأولي التي يواجه فيها مالك نفسه بمشاعره، بضعفه امام عيني جميلة، و حبها الذي يملأ كل كيانه.

دخلت جميلة غرفة ليلي التي كانت مستلقية علي السرير تعبث بهاتفها، رفعت ليلي عينيها عن الهاتف حين دخلت جميلة، نظرت لها و صاحت: وشك منور يا جميلة.

اتسعت ابتسامة جميلة و هي تغلق الباب خلفها و صاحت بعيني لامعتين بالحب: مالك جالي عند الشغل النهاردة، و جابلي بوكيه ورد.

رفعت ليلي حاجبها وهتفت: ورد؟!... مش لسة بدري علي الفلانتين.

ضحكت جميلة بدلال وقالت: من غير مناسبة.

اعتدلت ليلي في جلستها وصاحت: مالك اللي مش بيقول كلمتين علي بعض جابلك ورد؟! ده لما كان بيجيبلك شكولاتة كان بيحطها قدامك ويقولك اهو جبتلك شكولاتة ، بيجيب ورد.... أنتي عملتي فيه ايه؟

ضحكت جميلة: هو تقريبا عمل كده في الورد برضه، سابهولي علي كرسي العربية.... بجد يا ليلي انا مبسوطة أول... أحلي أحساس في الدنيا ان الانسان اللي بحبه بيبادلني نفس الشعور.

ابتسمت ليلي: واضح ان مالك رومانسي بس مخبي.... كان خايف.... عليكي و علي نفسه، بس دلوقتي اتجرأ شوية.

همست جميلة: بس انا اللي بقيت أخاف عليه دلوقتي أكتر من أي حاجة في الدنيا... خايفة أي حاجة تبعدنا عن بعض.

رفعت ليلي حاجبها: يا بنتي الواد وقع خلاص مفيش حاجة هتبعدكوا عن بعض ان شاء الله، بس قوليلي أخوه فين من حياتنا؟ مش بيخرج معانا ولا أي حاجة.

ضحكت جميلة: أنس باشا في الغردقة، و بعدين اتلمي بقي، هو لو شافك بالأسلوب ده ممكن يحبسك.

غمزت ليلي: لو هيحبسني في بيته انا موافقة.

ضحكت جميلة: وبعدين معاكي بقي، بس أوعدك أول ما ينزل القاهرة هاقول لمالك يخليه يخرج معانا.

اضاء هاتف جميلة بمكالمة من مالك، رأت ليلي أسم مالك علي الهاتف فصاحت: أوووه واضح ان الحب مولع.. ورد و تليفونات.

ابتسمت جميلة بخجل و هي تبتعد عن ليلي لترد علي مالك، همست بصوت حاني: ألو.

جاءها صوت مالك من الطرف الأخر هادئ ورخيم: وصلتي؟

جميلة: أه وصلت... قاعدة مع ليلي.

مالك: طيب كويس... انا كنت باطمن عليكي... أنا تحت البيت عند يوسف، ابقي طمنيني عليكي لما تروحي.

همست جميلة: مالك... أنت أكيد مش زعلان مني؟

بنبرة واثقة أجاب: مبزعلش منك.

همست بصوت منخفض: أنا اسفة... بحبك.

مالك: وأنا كمان أسف لو زعلتك.

جميلة: كلمني لما تنزل من عند يوسف.

أغلق مالك الخط وعلى وجهه ابتسامة يعرف مصدرها جيدا، و صعد إلي منزل يوسف.

•تابع الفصل التالي "رواية نبضات لا تعرف المستحيل" اضغط على اسم الرواية

الروايات كاملة عبر التلجرام

ملحوظة

يرجى التنبية: حقوق الملكية محفوظة لدى المؤلفون ولم تسمح مدونة دليل الروايات pdf نسب الأعمال الروائية لها أو لشخص غير للكاتب الأصلي للرواية، وإذا نشرت رواية مخالفة لحقوق الملكية يرجى أبلغنا عبر صفحة الفيسبوك
google-playkhamsatmostaqltradent